المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما أسباب سمو الدولة العثمانية؟



Amerhannini
16/09/2008, 05:30 PM
ما الأسباب الكامنۀ وراء سموّ الدولۀ العثمانيۀ؟


ترجمه بتصرف: عامر الهنيني


لقد أصبح محتّما ًعلى ذوي الاختصاص البحث في أسباب بلوغ الدولة العثمانية ذروة المجد وسنامه، إضافة إلى سياسة الفتوحات التي انتهجتها، و أسباب صيرورتها دولة عالمية بشكل سريع، لذا وجب ذكر هذه السياسة و الأسباب التي جعلت تلك الإمارة الصغيرة ترتقي إلى مصاف الدول العظام في وقت قصير على أنها عين أسباب رفعة شأنها و علو كعبها، لكننا نرى من الأجدى أن يحاط بهذا الموضوع بشكل منفصل. و يمكننا تلخيص هذه الأسباب كالآتي:




1- إن أهم سبب يكمن وراء سمو الدولة العثمانية هو ارتباطها بالقيم المعنوية و الدين الإسلامي، أي الروح المتمثلة في إعلاء كلمة الله- تعالى-. إن مقياس قيمة المرء مقدار همته، فإذا بلغت نصاب أمة كان أمة بذاته، تحقيق هذا ينبغي وجود عرى متينة تربط الفرد بأمته، و أسباب مهمة تجعله يؤثرحياة أمته على حياته هو، و هذه الأسباب و العرى لا تعدو أن تكون إلا القيم المعنوية. و مما لاشك فيه أن الأمة التي لا تعد عدة جيشها رغم توافر القيم فيهاـ تبقى مستقبلا ً عرضة للأخطار المحدقة غير قادرة على تأمين ديمومتها.




إن ما ذكرناه آنفا ً يمثل لنا مثالا ً شاخصا ً في التاريخ؛ فقد كانت الدولة العثمانية ردحا ً طويلا ً تستمد حياتها و ديمومتها في وجه دول أوروبا الكبرى قاطبة، من فكرة مستوحاة من القرآن الكريم مطبقة في جيشها مفادها: " إن قُتِلت فأنا شهيد في سبيل الله، وإن قَتـَلت فأنا غاز في سبيل الله"، وقد تجسد هذا الفكر في ميدان معركة كوسوفا، حينما دعا السلطان مراد خداوندگار ربه:" إلهي! اجعلني في سبيل دينك شهيدا ً، وفي الآخرة سعيدا ً" فتحققت مُنيته. و بهذه الروح التي اعتلى بها أجدادنا العظام فروع السؤدد، نظروا في وجه المنايا بشغف و لهف ضاحكين مستبشرين فارتعدت لهم فرائص أوروبا دوما ً.


و من هنا أتساءل: أي شيء يجنّه جنود في ريعان الشباب على بساطة عقولهم و صفاء قلوبهم يؤدي بهم إلى بذل مهجهم بهكذا فداء سام ٍ؟ أي شعور أو حس يقوم مقام هذه القيم المعنوية؟ أمن دافع بهم حثيثا ً إلى التضحية بحياتهم ودنياهم بأسرها حبا ً وكرامة ً سوى إيمانهم بالله - سبحانه وتعالى- واليوم الآخر؟ إن التاريخ يرينا - نحن المسلمين الأتراك- أننا حينما نتشبث بقيمنا المعنوية نتقدم ونرقى، ولا نتخلف إلا بالتنحي عنها، فضربنا أعداؤنا في الصميم في زماننا هذا. واعلموا أنهم ما تمكنوا وما استطاعوا أن يهزمونا في حرب مفتوحة قط ، بل داوموا على طعننا بخناجرهم المسمومة من داخلنا موهميننا أنها وصفة التحرر و الحرية. إن الشحنات المادية لأمة ما لمحكومة بالفناء تدريجيا ً إن نفدت شحنتها المعنوية، حتى لو كانت مجهزة بأحدث الأسلحة، وعلا شأن دولتها وغدت في مصافّ الإمبراطوريات.

و في حادثة جرت في عهد السلطان عبد العزيز، جاء في رسالة وجهها غريگوريوس بطريرك حي الفنار في الآستانة للقيصر الروسي ألكسندر أدين على أثرها بالخيانة الوطنية، و شنق أمام الباب الأوسط لبطريركيته عام 1821م:

]" إن من المحال سحق الأتراك وتدميرهم بالوسائل المادية، فهم قوم أولو صبر،وشكيمة،وكبرياء، وعزة نفس. وهذه الخصال تنبع من قوة ارتباطهم بدينهم، وإبدائهم الرضا بالقضاء والقدر، وتأصل عاداتهم وتقاليدهم، وإخلاص الطاعة لأمرائهم. لذا، ينبغي تحطيم شعور الولاء فيهم، وفصم عراهم المعنوية من جذورها، ودبّ الوهن في مناعة العاطفة الدينية لديهم، وحينما تتخلخل معنوياتهم ستنتزع نواة قوتهم التي تقودهم إلى النصر، و ستتذلل أمامكم عقبة التغلب عليهم بالقوى المادية. إن الانتصار على الدولة العثمانية في ميدان حرب مجردة ليس كافيا ً لتصفيتها نهائيا ً، بل ما ستفعلونه إتمام عملية تخريب الأتراك دون وعيهم بها". هذه الرسالة عقب عليها الجنرال إيغناتييف سفير روسيا القيصرية في الآستانة قائلا ً : لقد أصابت هذه التشخيصات عين الصواب!!". أجل! مع الأسف، لقد كان فجر عهد التنظيمات الذي شهد هذه المؤامرات سيعقبه كما قال ذاك الجنرال " سيؤول حالهم إلى أعداء لموروثاتهم.. لا يساوون أنعل آبائهم"[/COLOR].

لقد بيّن العالم ابن كمال من ذي قبل أن الدولة العثمانية لم تعل لها راية من صراع مع دولة إسلامية كالدولة الغزنوية، أوالسلجوقية، أو الخوارزمية أو شق عصا الطاعة على أسيادها، بل لعلها الروح الجهادية و الهمم الشامخة كما أسلفنا مع ضرب الأمثلة، والتي لا مناص من ذكر بعض المناقب الحميدة للدولة في شرخ شبابها لتبيين هذه الروح جلية.

2- إن ثاني الأسباب التي أخذت بها الدولة العثمانية سبيلا ً لسموها كونها دولة خاضعة للقانون تماما ً -خاصة في عهد الترقي والصعود- ونعني هنا اعتمادها الشرع الشريف والقانون المنيف أساس الحكم والتشريع. وفي الواقع أن المتأمل بتمعن في مؤلفنا المنشور بعنوان " القوانين نامة العثمانية" حيث تناولنا 763 نموذجا ً للقوانين نامة يستطيع رؤية المنحنى البياني لمراحل الدولة المختلفة: الترقي،والجمود، والتراجع، والانهيار من خلال هذه الدساتير التي بلغت أوجها في عهد السلطان محمد الفاتح، واستمرت مهمة صياغتها وتطبيقها بأيد ٍأهل لها حتى نهاية عهد السلطان سليمان القانوني، وشرعت حقبة الركود منذ عهد السلطان سليم الثاني وانتهت في عهد السلطان مراد الثالث، وبعد هذه الحقبة بدأ التراجع ثم اتسعت الفجوة بدرجة كبيرة لم تستطع الدساتير المطلق عليها " عدالتنامة" أن تردمها و تعيد الأمور إلى نصابها. وكان القرن الثامن عشر الميلادي حقبة شهدت مخاطر تخرج الدولة عن كونها حقوقية تماما ً.

إن المواطن العثماني مسلما ً كان أو ذميا ً، في فترة الترقي والسمو، آمن بأن دولته حقوقية بحتة، وأن العدالة تجري عليه دون تفرقة، والدولة التي يحمل رعيتها هذا الشعور مقدر لها أن تسمو وترقى. لقد أصبح أمثال شيخ الإسلام أبي السعود أفندي، والسلطان محمد الفاتح، وشيخ الإسلام علي زنبيللي أفندي أركانا ً أساسية لدولة الحقوق والعدالة كما عملنا على إيضاحه آنفا ً. فالشيخ أبو السعود هوالذي اعترض على السلطان سليمان القانوني في مسألة إعفاء تجار من بدل الكراء في أرض وقفية قائلا ً: " إن الإعفاء من أمور كبدائل الأجرة بفرمان السلطان لا يجوز لأن الحرام لا يتصير حلالا ً بأمره، فالحرام لا يستحل. هذا أمر الشرع الشريف في هذا الخصوص، وما سواه ليس منه. ومن وقف على أحكام شرعية فكتمها فالقرآن الكريم يتوعده بآية"، والسلطان محمد الفاتح في أهل الذمة قال : " ولتكن كنائسهم بأيديهم، يرتلون كتبهم كما جرت مراسمهم، لكن لا يقرعون جرسا ً ولا ناقوسا ً، وأنا بدوري لن أستولي على بيعهم و أتخذها مسجدا ً"، و شيخ الإسلام زنبيللي علي أفندي هوالذي بيّن حقوق أهل الذمة و حرمتها، واحترام حريتهم الوجدانية شرط بقائهم ضمن الأطر الشرعية قائلا ً: " مادام هؤلاء قبلوا أن يكونوا من الرعايا، فبمقتضى ديننا نحن مكلفون بحفظ أرواحهم، وأموالهم، وأعراضهم، كما لنا، وعليه يكون جبرهم على اعتناق ديننا مخالفا ً له"

3- إن سبب بقاء الدولة واستمرارها كان التكامل في الناحيتين المالية والعسكرية. أما المال الذي كان أحد عوامل ترقي الدولة، فكان جباية من معمور البلاد، لا اغتصابا ً من جيوب العباد، ومصادر الجباية كانت مقصورة تماما ً على الضرائب ومصادر الدخل الشرعية، أما التكاليف العرفية فلا نظير لها مهما كانت. لقد كان السلطان ييلدرم بايزيد على قدر من الحساسية المفرطة في الأمورالمالية، تدفعه لإعدام القضاة الذين يلتمسون من أطراف القضايا خرجا ًعادا ً هذا رشوة.

أما العسكر فتمتعوا بالأهلية والكفاءة العالية في مجالهم، لأن الدولة أشرفت على تربية جند تعلموا الولع بالغزو مطلقا ً. لقد بلغ عدد الجند في وحدة الإنكشارية في عهد السلطان سليمان القانوني ما بين 10-12 ألفا ً، لكن صيت انتصاراتهم ذاع في أرجاء الدنيا، وأثناء حصار ويانة (فيينا) كانوا أكثر من ذلك بخمسين ألفا ً، لكن لم يشغلهم إلا جمع الخير. يشهد على ذلك قانون نامة الإنكشارية، والأهم أنهم في عهد السمو والتألق لم يزجوا بأنفسهم في أمور السياسة و الحكم، كما حصل لاحقا ً.

4- يحتل نظام القابي قولى أو نظام الغلمان الذي ينتقده بعض البحاثة مكانته المتقدمة كأحد أسباب وعوامل الصعود و السمو؛ لأن أغلب الدول العظيمة في التاريخ قد لقيت مصيرها على يد ثورات البكوات الأرستقراطيين كما حصل للدولة العباسية على يد عائلاتها الأرستقراطية، و للدولة السلجوقية على يد مواليها الخوارزميين، حتى في أيامنا هذه تتربص دوائر الأرستقراطيين بالدول المعاصرة. لذا سعت الدولة العثمانية لحط هم هذه الطبقة عن عاتقها، فقامت بتوظيف من كان من " الدوشيرمة" و الموالي ممن حرموا أسرهم وأهليهم في مكتب السراي الداخلي " اندرون" كرجال دولة مثقفين في عملهم، فحالفهم التوفيق و النجاح في البداية.

5- إن من الفائدة بمكان التنويه بأن الحرية العلمية التامة التي عيشت في سني عز الدولة كان لها أثر بارز في الصعود والتألق. إن المصر والوطن بمثابة جسد عقله وروحه المعرفة، وقوامه السياسة والإدارة، وحينما تتأتى الموازنة بين هذين العنصرين لا تنفك تلوح تباشير المدنية، والرقي، والرفاه. وأكبر مثال على هذا الأ ُوَل من خلفاء بني العباس، و أمويي الأندلس، وبني عثمان؛ فالمولى الغوراني الذي رفض عرضا ً لمنصبي الوزارة وقضاء الجيش في عهد محمد الفاتح، ومن جهة أخرى أبى انضمام السلطان نفسه إلى تكيته، كان طيلة تواجده في السراي أو تكيته أومدرسته مدركا ً واعيا ً لقيمة الحفاظ على هذا التوازن. وقد ورد كذلك في أحد القوانين نامة العثمانية: " على القضاة تطبيق الأحكام الشرعية،أما النظام العام في البلاد و أحوال الرعية فستؤول إلى وكلاء الدولة أرباب السيف والسياسة"، ولهذا نعت الأقدمون رجال الدولة بـ " أرباب السيف"، و العلماء بـ " أرباب القلم". إن المسؤولية الكبرى في سلامة هذه الموازنة تقع على كاهل العلماء لذا توجب عليهم أن يعلموا أن أسمى منزلة مدركة رتبة العلم وشرفه ، والعالم الذي يعشق الحقيقة، ما وسعه إلا اتباع الحق، فمن عرف الحق ما فرط به لأي شيء. ولعل كلمات أبي السعود أفندي التي أجاب بها السلطان سليمان القانوني تعكس جليا ً ما بيناه : " الجواب: لا يجوز؛ فما لم يحله الشرع لا يستحله أمر السلطان لأن الحرام لا يصير حلالا ً".

6- إن إسناد المهام والوظائف إلى أهلها،علمية كانت، أوعسكرية، أوأدبية، لأحد الأسباب الدافعة إلى الرقي والرفعة، فالمهارة والصلاحية عاملان لا يمكن نكران أهميتهما البليغة في تشييد المدنيات أو هدمها، والناظر بعين الدراسة للتاريخ يلحظ تأسيس الأمم التي واءمت بين هذين العاملين مدنيات على أسس متينة مضت قدما ً في دروب الازدهار، و المتقصي للحقائق والأسباب ليشاهد أن المدنيات المنهارة قوض أركانها غياب أحد هذين العاملين أو كليهما.

أما المهارة فهي كون المرء أهلا ً لما امتهنه، و يتمتع بالخبرة والقابلية لاستيعاب المزيد، والصلاحية بلوغه منزلة عالية في الدين والأخلاق. وللأهمية أنوه بأن الصلاحية والمهارة مختلفتان عن بعضهما؛ لأن الأحاسيس العلوية كالحمية، والغيرة الوطنية، و الانتماء ثمرة الصلاحية ولا يعتنى بها إلا في جنانها، و الشغل و الفن و القابلية ومثيلاتها ثمارالمهارة تجنى من بساتينها. ومن ضاق قلبه ووجدانه بالمشاعر المعنوية فلا ينتظر منه حمية، أوولاء، أو عدالة حقيقية. ولكن لكي تصبح هذه الثمار شيئا ً آخر، يمكن لمن لم يصلح في عمل أن يحسن الرعي، و من عاقر الخمر يمكنه عند اجتنابها أن يحسن إصلاح ساعة. وهنا يتجلى لنا الفرق بين المهارة والصلاحية في مثالنا هذا.

لا ريب أن المتقدم لوظيفة ترجح كفته حين التعيين إن كان صالحا ً وماهرا ً؛ أي مزج فضيلته بحميته وكان فؤاده وفكره نيّرا ً، وإن لم يتوافر أشخاص كذلك أخذت الصلاحية أو المهارة بعين الاعتبار، والإسلام يرى أن المهارة أرجح في هذه الحال.


لقد أنزل الله -عز وجل- في كتابه آية مانعة جامعة في هذ الشأن رأى بعض علماء الإسلام ومفسريه أنها تخاطب رجال الدولة المتنفذين خاصة. قال -تعالى-: " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا" (النساء - 58). ويؤيد حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:" أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك".
إن المدققين في حقبة السمو العثماني يعرفون جيدا ً لماذا تصيّر حالها إلى دولة عالمية في زمن قصير ومقدار رعايتها لأمور الصلاحية والمهارة،و البحث في علة تفضيل مختلف الشعوب في الروم ايلي (البلقان) من صرب ومجر و خلافهم بمحض إرادتها الدخول تحت لواء الحاكمية العثمانية، و في سير أمثال زنبيللي علي أفندي لدى سلطان حقاني جسور مثل سليم الأول، و عالم حقوقي من طراز أبي السعود أفندي لدى السلطان سليمان القانوني يجيب كذلك عن هذه التساؤلات. و المشاهد لمدى العناية في انتقاء ممثلي الدولة في المحافل الدولية من قبل أناس مختصين في الشؤون الدبلوماسية و القضاء العسكري، و ناشد العبرة حين يقرأ كتاب " آصافنامة" الذي يصف فيه " آصف باشا" الصدر الأعظم للسلطان سليمان القانوني متطلبات وشروط منصبه، و المتعلم من القوانين نامة أن الديوان الهمايوني أي مجلس الوزراء لا يمكن تشكيله من غير ما يعرف بـ " خواجه گان ِ ديوان" (كتبة الديوان) ليزدادن إدراكا ً للكيفيات والأسباب الكامنات وراء قيادة سلاطين وخلفاء آل عثمان جيادهم من ظفر إلى ظفر في ميادين العز والسؤدد.

ويعبر السلطان العثماني المدرك جيدا ً أن تولي من ليس أهلا ً لمنصب بعينه أحد عوامل الجمود و التقهقر لدولته عن هذه الحقيقة الواقعة لوزيره الأعظم في أحد فرماناته: " أي وزيري، وجبت التذكرة بأن تفكر في انتقاء متطوعين أكفاء فتقدمهم بين يدينا قبل مباشرتهم مهامهم. إننا إن لم نقم بتربية رجالات دولتنا، وتنوع في كل منهم علل السلوك، فلن يبقى لنا وجه نربي به من سواهم. إني أعلم أنك لن تعرض أيا ً منهم علي، لكن لم لا تطلعني على من يرتكب شتى المساوىء أو من يتجرأ على الجشع و طلب الرشوة؟ لقد بلغ حال دولتنا مرحلة يجيب المشبوه فيها " أنى لي بهذا الفعل؟" فعليك إعلامي بكل من تصدر منه حركة مشينة ترصدها وتقف عليها. هأنذا أنبهك ".

7. إن تأثير هذه الأسباب مجتمعة، وانتفاء المساوىء و العيوب من لدن الإدارة العثمانية في حقبة السمو من رشوة، وإساءة تصرف، وسفاهة، وإسراف، وإنفاق بغير وجه شرعي، وظلم الرعية وما شابه كل هذا كان دافعا ً للدولة العثمانية إلى سمو الشان،و عظم السلطان.

المصدر:http://www.osmanli.org.tr/dosyaara.php?bolum=1&id=11

آداب عبد الهادي
16/09/2008, 08:24 PM
الاستاذ الكريم عامر الهنيني المحترم

إضافة إلى ما تم ذكره فهناك حدثان هامان يحسبان للإمبراطورية العثمانية ،ولا يجوز بأي حال من الأحوال نكرانهما أو التقليل من أهميتهما.
الحدث الأول :أتى بعد مؤتمر بال في سويسرا عام 1897 بقيادة هرتزل حيث زار في عام 1907 السلطان عبد الحميد الثاني الصهيوني (بيلنغ) وقدم له كتابا باسم يهود العالم يفاوضه ويطالبه فيه بتمليك قطعة من المنطقة العربية بما فيها فلسطين إلى اليهود مقابل ثلاثة ملايين ونصف مليون ليرة ذهبية،لكن السلطان حينها طردهم وقال كلمته الشهيرة (والله لو ملكت ملء الأرض ذهبا لن أتخلى عن ذرة تراب واحدة من أرض فلسطين.
وكانت النتيجة أن تم خلع السلطان عبد الحميد الثاني عن عرشه في العام التالي أي في عام 1908 وتقول الروايات أن من قرأ قرار خلع السلطان هو شخص يهودي.
الحدث الثاني: وهو إنشاء الخط الحديدي الحجازي الذي امتد من دمشق إلى المدينة المنورة ومن درعا إلى فلسطين العربية واصلا أقطار العالم العربي والإسلامي ببعضها البعض .
هذا الخط أصبح شاهدا مهما لتاريخ منطقتنا العربية رغما عن المخططات الصهيونية والغربية التي توجت باغتصاب فلسطين العربية مرورا بالاحتلال الفرنسي والإنكليزي للمنطقة وبالطبع قبلها انهيار الإمبراطورية العثمانية.
شكرا لجهودك الرائعة
احترامي وتقديري

حسان محمد السيد
16/09/2008, 10:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


لك الشكر ايها الاخ الفاضل على هذا المجهود.

الامبراطورية العثمانية سمت وعلت وشمخت يوم تمسكت بمبادئ الدين الحنيف وطبقته بأمانة وصدق وعدل واحسان,لكنه من غير المنطق ان تسمى بخلافة اسلامية,او تعتبر امتدادا للخلافة الراشدة.

- الخلافة الإسلامية لا توريث فيها ولا حصر للسلطة بعائلة او عرق.

- الخلافة الإسلامية لا تعامل عرقا دون آخر,بل تعتبر الجميع من ابناء التوحيد امة واحدة,وهذا ما لم يحصل في فترة كبيرة من الحكم العثماني.

- يوم سقطت آخر بقعة خاضعة للحكم الإسلامي,كان العرب رغم هشاشة وضعهم السياسي أعلاما في العلوم في كافة انواعها,بينما نرى أنه حين انتهاء الحكم العثماني كانوا أكثر الشعوب أمية وتخلفا وتقسيما.الحقيقة انه بهذا التمييز الذي حصل,ابتعد سلاطين بني عثمان عن جوهر الإسلام مما أدى الى انهيار السلطنة وهزيمتها.

أرجو ان لا تعتبر كلامي نقضا بل نقدا,ولا تعاليا او نزعة بل توضيحا وإبداء رأي وحقيقة تاريخية قرأتها,متمنيا ان تكون أخطاء السلف خير دليل على الصواب للخلف عسى ولعل يمن الله علينا بوحدة من جديد,التي هي مخرجنا الوحيد من النكد والكمد والجراح التي نحن فيها.

أما فيما يخص السلطان عبد الحميد رحمه الله تعالى,فالوثائق تثبت انه في عهده تم بناء ثلاث مستوطنات شهيرة وهي...

(زخرون يعقوب) في قرية زمارين,(بتاح تكفا) في قرية ملبس,(ريشون ليتسيون) في قرية قارة.عوضا على أنه في عهده سمح بالهجرة اليهودية الى فلسطين,الموجة الأولى سنة 1882,والموجة الثانية سنة 1895,وهناك وثائق أشارت الى مناشدة اهالي فلسطين للصدر الأعظم لإيقاف الهجرة وإعانتهم على الوقوف بوجه الغزو اليهودي بالأموال والإغراءات حينها,دون اي رد وجدوى من الباب العالي.

ولكم جزيل الشكر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عطية زاهدة
17/09/2008, 10:19 AM
التهاني لك أيها "الهنيني" على قلمك العامر؛ فقد وجدت لمقالك نكهة وجاذبية.

وليد الكبيسي
17/09/2008, 11:29 AM
الأخ حسان محمد السيدأردت التعليق بالضبط بما جاء في تعليقك. أمر غريب.

كما أنّ الأخت الكريمة آداب عبد الهادي
تشير الى نقطة في غاية الحساسية. فهي تعزي خلغ السلطان عبد الحميد عن عرشه الى رفضه بيع فلسطين. وهذه تزكية للسلطان وحسن خاتمة للعثمانيين. لكنّ في هذا الرأي الشائع عربيا وأسلاميا الكثير من المبالغة بدور اليهود والسلطة التي كانت بأيديهم في الدولة العثمانية...
هل من الممكن مراجعة هذا التحليل وأدراجه ضمن العقلية التآمرية عند العرب المعاصرين؟ أم أن لليهود فعلا ذلك الدور وذلك التأثير على سلاطين آل عثمان المتأخرين؟

بلاشك ان الدولة العثمانية كانت في بعض مراحل نفوذها قد مارست التسامح النسبي ورفعت راية الأسلام. لكن الأمر فيه الكثير من المبالغة. كما أن الدولة العثمانية في مراحل تدهورها أذاقتنا الويلات نحن العرب مسلمين ومسيحيين. وعلّقت احرارنا في بلاد الشام على اعواد المشانق. وركدت حركة العقل والأنسانية فيها كمثل باقي الدول في مراحل انحطاطها وتدهور عظمتها.