المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خمسة سيناريوهات للأزمة الإيرانية



محمديوسف
18/09/2008, 02:17 AM
عنوان الدراسة: Five Scenarios for the Iranian Crises


خمسة سيناريوهات للأزمة الإيرانية


بالتعاون مع لجنة الطاقة الذرية


تأليف


جورج بركوفيتش


شتاء 2006


إدارة إفري للدراسات الأمنية


ترجمة: محمد يوسف محمد المحمودي (أبو مريم ويوسف)


















رغم كونه مصدر قلق وتخوف بالنسبة للخبراء الأمنيين منذ القديم، أصبح الانتشار النووي بحق قضية سياسية مهمة على مدار العقد الماضي. ذلك العقد الذي تميز بتحول جنوب آسيا إلى النشاط النووي، تزايد وتدافع القوانين والمعاهدات الدولية التي تحظر الانتشار واكتشاف التلاعب والاتجار، أدهش عدد وخطورة الانتشار المراقبين والمحللين على حد سواء (العراق في 1991، كوريا الشمالية والبرامج الإيرانية أو شبكات عبد القدير خان في الوقت الحاضر).
ولتوسيع نطاق الجدل بشأن القضايا المعقدة التي تشتمل على الجوانب الفنية، الإقليمية والاستراتيجية، تقوم إدارة إفري للدراسات الأمنية بتنظيم سلسلة من الجلسات المغلقة، بالاشتراك مع لجنة الطاقة الذرية، تتناول انتشار أسلحة الدمار الشامل، نزع السلاح وحظر الانتشار. وبوجه عام تعقد هذه الجلسات باللغة الإنجليزية وتأخذ شكل من التقديم من قبل خبير دولي. وتعتبر أوراق أو وثائق الانتشار هذه مجموعة، في النسخة الأصلية، من النصوص المختارة والمنتقاة لهذه التقديمات.








مقدمة

منذ أغسطس 2005، زاد تقدم إيران في حملتها لتخصيب اليورانيوم والحصول على التقنيات والخبرات العملية الأخرى. ويواصل الرئيس محمود أحمدي نجاد وعناصر مسلحة في دائرة الحكم الإيرانية التحدي للمطالب الدولية التي تهدف إلى وقف تخصيب اليورانيوم، بينما لا تزال شكوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن سلمية أنشطة الماضي النووية لإيران قائمة. وحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لم تقدم إيران تعاون كافي للمساعدة على تسوية وإزالة تلك الشكوك. وقد زاد هذا الموقف المتشدد، يصاحبه الموقف العدواني تجاه إسرائيل، من شعبية أحمدي نجاد في العالم العربي، حتى بين السنة. وبطريقة غير متوقعة ومثيرة للسخرية، أصبح الرئيس أحمدي نجاد ملهباً مجسداً للقومية العربية. وقد قوت شعبية الموقف المتحدي لإيران، بدورها، من مقاومة إيران ومعارضتها لأهداف السياسة الدولية المطالبة بتقييد البرنامج النووي.
على الرغم من ذلك، يصرح القادة الإيرانيون بأنهم لا يسعون إلى امتلاك أسلحة نووية. ويصفون تشددهم في أزمتهم النووية مع المجتمع الدولي بأنه مقاومة لاستعمار نووي جديد تقوده الولايات المتحدة. وتصاغ المسألة النووية، داخل إيران، على نطاق واسع بلغة من التقدم العلمي والتطوير. لذلك، عندما يقول المسئولون بأن الشعب الإيراني يدعم بشكل كبير البرنامج النووي الذي لا يعني تأييد الحصول على أسلحة نووية، لكن النتيجة التكتيكية والمخطط لها هي معارضة القيود المفروضة على التكنولوجيا النووية، حتى وإن كان المجتمع الدولي يقدم حوافز في الواقع لتوسيع وتعزيز، وليس حظر، دور التكنولوجيا النووية السلمية المتأصل في إيران.
من ناحية أخرى، يعتبر المجتمع الدولي ممثلاً في مفاوضات مع إيران من قبل فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، روسيا، الصين والولايات المتحدة. ويلعب أمين عام الاتحاد الأوروبي والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة خافير سولانا دوراً حيوياً في الوساطة. كما يطالب المجتمع الدولي إيران من خلال قرار مجلس الأمن رقم 1696 (الذي تم تبنيه في 31 يوليو 2006) بأن تعلق إيران كافة نشطة تخصيب اليورانيوم والمعالجة النووية. فإذا ما احترمت إيران قرار مجلس الأمن الملزم قانوناً، سيتم استئناف مفاوضات طويلة المدى مع أوروبا، الولايات المتحدة وروسيا ودول أخرى لدعم إيران في توسيع وتطوير برنامج سلمي للطاقة النووية، زيادة التجارة، إقامة حوار من أجل تعزيز الأمن الإقليمي وتطبيع العلاقات مع الجمهورية الإسلامية. وحسب ما هو الحال في مطلع ديسمبر 2006، تواصل إيران تحدي مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بينما يظل الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن غير راغبين بعد ثلاثة أشهر عن الاتفاق على إجراءات فرض عقوبات وتكبيد خسائر لإيران جراء هذا التحدي للقانون الدولي. وقد ضغطت الولايات المتحدة من أجل فرض عقوبات اقتصادية وسياسية صارمة نسبياً، لكن اقترحت كل من فرنسا والمملكة المتحدة بشكل أكثر اعتدالاً حظر تعاون نووي دولي وحظر صفقات مبيعات أسلحة تقليدية مع إيران. إلا أن روسيا تستبعد جدوى العقوبات على الإطلاق. وتبقى الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا والمملكة المتحدة عازمة على الحفاظ على وحدة مجلس الأمن من أجل زيادة إحساس إيران بالعزلة. لكن إيران تستغل التأخر الناتج عن الخلاف حول برنامجها النووي و، معتقدة أن أي عقوبات ستكون معتدلة، تواصل المضي في تخصيب اليورانيوم وتطوير قدرات إنتاج البلوتونيوم لديها. وتشجع الصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة في العراق ومعارضة روسيا لتبني عمل صارم ينطلق من مجلس الأمن العناصر الأكثر تشدداً في طهران على رفض أي محاولات تحظر على إيران تخصيب اليورانيوم على أراضيها. وقد مضى المفاوضون الإيرانيون بخداعهم ومراوغتهم، لكن قبلوا على نطاق واسع بحجج ومقترحات ليعارضوا كل من مجلس الأمن والمفاوضين الأوروبيين. وقد حول المفاوضون الأوروبيون الموضوع من عدم التزام إيران بالضوابط والالتزامات المفروضة عليها من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى التحقق من أن البرنامج النووي الإيراني هو للأغراض السلمية بشكل خاص. في المقابل، وصف الإيرانيون هذا الأمر بأن خطة مدبرة وقصة محبوكة من قبل الصليبيين الأمريكان ذوي التفكير الدموي لمنع إيران من حقوقها النووية. وبما أن العالم منزعج وناقم على إدارة بوش، فقد كان هناك تعاطف مع القصة الإيرانية. وهذه القصة في حاجة إلى تصويب وتصحيح.
إن إيران، مثل جميع الدول، لديها الحق في "تطوير أبحاث، إنتاج واستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية ... وفق المادتين الأولى والثانية من معاهدة حظر الانتشار النووي." وبموجب المادة الرابعة من المعاهدة، يمكن أن تتوقع إيران تعاوناً دولياً في ممارسة مثل هذه الحقوق للاستفادة من الطاقة النووية السلمية. على الرغم من هذا كله، لا يوجد هناك حق واضح في معاهدة حظر الانتشار لأية دولة في امتلاك تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم أو فصل البلوتونيوم، تماماً كما أنه لا يوجد هناك حظر واضح على امتلاك مثل هذه التكنولوجيا. ومن ثم فإن القواعد والضوابط المحددة التي توجه الإدارة الدولية للتكنولوجيا النووية تظهر من خلال التفاوض والعرف. وفي جميع الحالات، تكون الحقوق المنصوص عليها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي معلقة أو مشروطة بالتزام "عدم تصنيع أو اكتساب أسلحة نووية؛ وعدم السعي وراء أو تلقي أي مساعدة في تصنيع الأسلحة النووية". وبموجب (المادة الثانية) إذا لم تلتزم دولة ما بالتزاماتها المتعلقة بعدم تلقي أو السعي وراء أي مساعدة في الحصول على أسلحة نووية، واستخدام التكنولوجيا والخبرة النووية فقط للأغراض السلمية؛ عندئذ تفقد حقوقها المنصوص عليها في ظل معاهدة حظر الانتشار النووي. ولنقارن الأمر بقيادة السيارة، على سبيل المثال، حتى نوضح مسألة "الحقوق" النووية: للمواطن "الحق" في قيادة السيارة، لكن ما من تكنولوجيا سيارات محددة يتم تحديدها كمسألة حق. وتتطرق القواعد والقوانين إلى تحديد ما هي تكنولوجيا السيارات المشروعة أو المحظورة في وقت ما، فيم يتعلق بأنظمة ضبط التلوث على سبيل المثال، استخدام الوقود غير المسبب للتلوث، التزام أحزمة المقاعد، الخ. ويكون "حق" القيادة مشروطاً بسلوك السائق: الشخص الذي يحصل على مخالفة لتجاوز السرعة المحددة أو يقود السيارة دون حذر يفقد رخصة القيادة. ويعتمد طول زمن ضمان وتحصين هذا الحق على كيفية كون سلوك السائق خطير. فبدايةً في عام 2003، توصل محققو الوكالة الدولية للطاقة الذرية (وليس الولايات المتحدة) إلى دليل يفيد أن إيران كانت غير ملتزمة بالتزاماتها المفروضة عليها. وقد كشفت الوكالة عن انتهاكات عديدة يرجع تاريخها إلى منتصف الثمانينات. ومن أجل التأكد من أن برامج وأنشطة إيران النووية تتفق وتتوافق مع التزامها الأساسي باستخدام التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية فقط؛ كانت الوكالة في حاجة لإجابات تزيل الشكوك القائلة بأن لدى إيران أنشطة مخفية لم تكن سلمية بشكل خاص. ويؤكد مناصرو إيران إلى أن الوكالة قد أبلغت أنه "ما من دليل على أن الأنشطة والمواد النووية المعلن عنها سابقاً ... كانت مرتبطة ببرنامج تسلح نووي." (تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، نوفمبر 2003، لكن من المهم كذلك (والمنسي غالباً) أن الوكالة "لا تزال غير قادرة على التأكيد على .. الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي،" ضمن كلمات تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في الحادي والثلاثين من أغسطس 2006. ولأن إيران كانت تعتبر غير قائمة بالتزاماتها ولم تمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من التحقق من التزامها بفحوى مطلب المادة الثانية التي تضمن وتشترط الالتزام لضمان كافة الحقوق في الطاقة النووية، لكن إيران فقدت وخسرت، ولو مؤقتاً، على الأقل الاستفادة الكاملة من حقوقها النووية التي كانت من حقها في الأصل. وتعتبر مشكلة إيران الآن هي مشكلة فرض وتنفيذ، ليست مشكلة حقوق. وجميع الدول الأخرى الأعضاء في الوقت الحالي في معاهدة حظر الانتشار ليست في وسط مشاكل التطبيق والفرض وفق المطلوب ومن ثم فهي غير مطالبة بالحد من أنشطتها النووية، لا يوجد هناك تمييز ضد إيران.
من ناحية أخرى، لم تحدد معاهدة حظر الانتشار كيف يتم تطبيقها أو فرضها. لكن الفهم العام هو أن مجلس الأمن مسئول عن التنفيذ والفرض. وقد أعيد التأكيد على هذا الأمر في عام 1992 عندما أعلن رئيس المجلس أن الانتشار كان تهديداً للأمن والسلام العالميين. كما يعتبر تشريع ولائحة الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكثر تحديداً. وتنص المادة السابعة فقرة 7-C على: " يتحتم على مفتشي الوكالة الإبلاغ عن أي عدم التزام للمدير العام للوكالة الذي سيقوم بدوره بنقل التقرير إلى مجلس المحافظين بالوكالة." وهنا يعمد من يقف إلى جانب إيران إلى ادعاء عدم تذكر الأمر. وفي 2003، وقد ضمنت نتائج الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأكدت على تقديم قضية إيران لمجلس الأمن، بينما طالبت إيران ببديل.وقد استجابت قيادات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ودول أوروبية عديدة بشكل متعاطف لعدة أسباب. ومن بين أمور أخرى، كانت هذه القيادات تخشى من رد القيادة الأمريكية وتعاطيها مع هذه المسألة، حيث كانت القيادة الأمريكية ميالة ومتحفزة لتكرار التجربة المأساوية في العراق. لذلك، كانت تميل حكومات فرنسا، ألمانيا والمملكة المتحدة إلى التفاوض على شروط يمكن لإيران من خلالها أن تعوض عن عدم التزامها وتتجنب تحويل ملفها لمجلس الأمن. وفي هذه المفاوضات وافقت إيران اختيارياً ومن جانب واحد على تعليق تخصيب اليورانيوم والأنشطة الأخرى المتعلقة بذلك، بما يسمح لإيران والدول الأوروبية بالتفاوض على إجراءات أطول مدى للتعاطي مع اهتمامات إيران بالطاقة النووية وحاجة المجتمع الدولي لضمانات موضوعية بأن أنشطة إيران النووية ستكون للأغراض السلمية بشكل خاص دون تدخل من مجلس الأمن. وبعد فترة قصيرة، فسرت إيران شروط التعليق المبدئي والأولي بشكل مختلف عن تأويل الأوروبيين واستأنفت أنشطة دورة الوقود الكاملة التي أزعجت بقية دول العالم. ومن ثم استعرت الأزمة، استؤنفت المفاوضات ووافقت إيران، في نوفمبر 2004 على تعليق محدد بشكل أكثر دقة. عقب ذلك، في أغسطس 2005، مع استعداد الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى تولي السلطة، قامت إيران مجدداً بخرق شروط وبنود التعليق من خلال تشغيل مصنع تحويل اليورانيوم في أصفهان. وقد قامت طهران بعمل ذلك دون أن تنظر أو تفكر حتى في عرض الحوافز الذي قدمته حكومات الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت. كما لم تقدم إيران بعد للوكالة الدولية للطاقة الذرية التعاون الذي كانت في حاجة إليه لتتأكد وتتحقق من عدم وجود مواد أو أنشطة نووية غير معلن عنها في إيران. وقد رد المجتمع الدولي بحلم وخنوع. فقد كان ينظر لتحويل اليورانيوم (بشكل غير متعقل) على أنه أقل تهديداً من تخصيب اليورانيوم، وهنا أعيد الخط الأحمر للوراء. ومع استئناف تحويل اليورانيوم، نقضت أو عارضت إيران المبادرة في هذا السياق. وبدلاً من البقاء في الجانب الدفاعي لتجنب تبعات إخفاقها في إظهار أن أنشطتها السابقة التزمت بالتزاماتها المتعلقة بحظر الانتشار، قدمت إيران نفسها كضحية – الدولة النامية التي تم خرق حقوقها في امتلاك الطاقة النووية من قبل إدارة بوش المتعطشة للدماء. وقد تزايد تردد المجتمع الدولي لاتخاذ عمل أو الرد بمزاعم إيران الخاصة باضطهادها. أخيراً، في فبراير 2006، بدأت إيران تخصيب اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي بحقل نتانز، متخطية الخط الأحمر الذي كان كبيراً جداً في أن يتم تجاهله. ومن هذا المنطلق، كان على الدول المسئولة عن إبقاء تكامل نظام حظر الانتشار أن تتخذ عمل ملزم لفرض الانصياع. لقد كانت تعليقات إيران السابقة للأنشطة المتعلقة بالانتشار اختيارية، لكنها تم القيام بها لتعليق عملية نقل أو تحويل ملف إيران إلى هيئة الفرض والإلزام المناسبة، مجلس الأمن. وبعد أشهر عديدة من الدبلوماسية، فرض مجلس الأمن قرار 1696، استناداً على الحقائق القائلة بأن إيران خرقت التزاماتها لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولم تقدم التعاون والأجوبة الضرورية المطلوبة للوكالة للتحقق من أن إيران لا زالت تلتزم بتعهداتها الأساسية في تطبيق الطاقة النووية للأغراض السلمية فقط. إن إيران لا تلتزم أو تفي بالشروط التي يتم تقديم الحقوق العامة في التكنولوجية والتعاون النووي بموجبها، ونتيجة لذلك يطالب مجلس الأمن إيران بأن تعلق أنشطة دورة الوقود المحددة. وهو الأمر الذي تطوعت إيران أو قامت به طواعية من قبل، ومجلس الأمن يلزمها بذلك الآن.
إن مطلب مجلس الأمن لا يعتبر تمييزاً ضد إيران، كما أن إيران ليست في موقف اختيار. ومع كونه مطلب محدد لتعويض انتهاكات إيران للالتزامات التي توضع على أي دولة في حقوق استخدامها التكنولوجيا النووية. كما أن هذا الإجراء يأتي نتيجة مطلب تشريعي برفع قضايا عدم الالتزام لمجلس الأمن ونتيجة مسئولية مفروضة على مجلس الأمن تتمثل في تفعيل معاهدة حظر الانتشار النووي.
من ناحية أخرى، لا يطالب قرار مجلس الأمن رقم 1696 إيران بتعليق نشاط دورة الوقود بشكل كامل. إنه لا يصدر حكم أولي على نتيجة المفاوضات، التي تطالب إيران بتنفيذه. إن مفاوضي إيران (الصين، فرنسا، ألمانيا، روسيا، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة) لا يسعون إلى حرمان إيران من حقوقها في الاستفادة من الطاقة الذرية.
في الواقع، يشتمل العرض المقدم لإيران على التعاون في بناء منشآت ومعامل طاقة نووية جديدة في إيران. فإذا ما أو متى استعادت إيران الثقة في نواياها من خلال تعليق أنشطة دورة الوقود الكاملة، سترتكز المفاوضات، من بين الأمور الأخرى، على الظروف والشروط التي يمكن لإيران بموجبها أن تخصب اليورانيوم دون إثارة شكوك معقولة بشأن التزامها القائم بقصر أنشطتها النووية على التطبيقات السلمية بشكل خاص. وستتضمن مثل هذه الشروط والأوضاع على تأكد وتأكيد من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن كل الأنشطة النووية الإيرانية سلمية في طبيعتها. وهذا الأمر مستحيل بدون إجابات مرضية على تساؤلات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي لا تزال مطروحة بشأن أجهزة الطرد p-2، وجود نظائر حرارية لليورانيوم أو البلوتونيوم، وجود يورانيوم عالي الخصوبة في تجارب فصل البلوتونيوم ومدلولات رسومات الهندسة المعدنية الموجودة في إيران، إضافة إلى أمور أخرى. وينبغي أن يصمم المجتمع الدولي أيضاً على أنه لا يمكن أن يكون واثقاً في الغرض السلمي للقدرة النووية الإيرانية لإنتاج مواد انشطارية طالما أن إيران لا تقر بذلك، وتهدد في المقابل وجود أي دولة معترف بها كعضو في الأمم المتحدة.
عموماً، يشتمل هذا المقال على خمسة مسارات عريضة يمكن أن تجرب إيران والمجتمع الدولي من خلالها تسوية الأزمة النووية. ويؤكد المقال على أن إدارة بوش بعد سنوات من سوء اتخاذ القرار أو عدم اتخاذ قرار بشأن إيران قد استثمرت بشكل جاد في استراتيجية دبلوماسية لإقناع وحث إيران على عدم القيام بتخصيب اليورانيوم وإظهار استعداد الإدارة بمواصلة تغيير السلوك بدلاً من تغيير النظام في إيران. على الرغم من ذلك، تواصل المعارضة والرفض من قبل إيران زيادة احتمال أن يقوم المجتمع الدولي بتأييد وتفضيل المنهج التنافسي لتناول الأمر، الأمر الذي سيظهر من جديد احتمالات شن هجوم عسكري.
1- اعتراض إيران والترحيب بتخصيب يورانيوم محدود.
2- عرض عقوبات وحوافز إيجابية لإقناع إيران بعدم إنتاج الوقود النووي (لفترة كبيرة من الزمن يتم الاتفاق عليها).
3- مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية و/أو القواعد العسكرية.
4- الدفع باتجاه تغيير النظام في إيران.
5- تجريب الخيارين الأول والثاني، مع تعزيز الردع والاعتراض .





1- اعتراض ومنع تخصيب يورانيوم محدود في إيران

كلما زاد الإحساس بالأزمة، سيبحث الناس عن الراحة من خلال اقتراح أو عرض "تسوية"، حتى وإن لم يعد العبء على إيران بعد لتحييد تطلعاتها النووية الخطيرة. ومن الممكن أن تبدو التسوية جذابة ومغرية مقارنةً مع الحرب، التي تعتبر بديلاً يرى الكثير من المراقبين وأعضاء مجلس الأمن أن واشنطن ستسلكه (وهو ما ستتم مناقشته فيما بعد). لكن هناك بدائل بخلاف الحرب، وستؤدي التسوية الخاطئة اليوم إلى بناء أزمة مع إيران في الغد. إن مقترح التسوية الرائدة هو أن يوافق المجتمع الدولي على تشغيل إيران منشأة تطوير وبحث صغيرة لتخصيب اليورانيوم. فإيران ستقوم بتشغيل عدد متفق عليه من أجهزة الطرد المركزي – ربما 328، لكن أقل من 10.00 – بينما تقوم بتعليق تطبيقات أشمل نطاقاً لهذه التكنولوجيا حتى يمكن للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تسوي وتعالج الشكوك الخطيرة المتعلقة بسلمية البرنامج النووي الإيراني. ولا يوجد لدى إيران حاجة ضاغطة أو قدرة كبيرة على إنتاج أو صنع دورة مفاعل نووي قبل عشر سنوات على الأقل. وسيكون معمل طاقة بوشهر هو الأول والأداة الوحيدة للقيام بمثل هذا الأمر، إذا أو متى بدأ العمل. ويتطلب التعاقد على إنشاء المعمل أو المحول كي يكون سارياً استخدام الوقود الروسي. ولا يمكن لإيران أن تنشئ مفاعلات طاقة بذاتها. ومن المحتمل أن تصر جهات إمداد الطاقة الأجنبية المستقبلية على إمداد الوقود، بشكل مباشر أو عبر الشركاء. لذلك، لا توجد هناك حاجة مدركة بالنسبة لإيران لتنتج وقودها النووي ما لم تكن إيران تقيم وتنشئ مفاعلاتها الخاصة – تطلع يمتد لسنوات في المستقبل – أو أن ينسحب مقاولوها الدوليون وجهات إمدادها البديلة بالانسحاب من السوق. ويعتبر السماح لإيران بتشغيل مصنع تخصيب توجيهي النطاق (أو موجه النطاق) فكرة سيئة بحق. وسيعطي الأمر للمهندسين الإيرانيين الفرصة التي يحتاجونها للتفوق في هذه التكنولوجيا. وحالما يتم القيام بذلك، تكون إيران قد تخطت العقبة الكبرى على مسار اكتساب لأسلحة النووية، التطلع الذي لا ينبغي السماح به عندما تكون الدولة غير ملتزمة بقرارات مجلس الأمن والتزامات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومن يرون أن هذا الأمر يعتبر خياراً سيئاً على الأقل يفترضون أن إيران ليس لديها ولن يكون لديها منشآت سرية للقيام بالتخصيب إلى ما هو أبعد من المنشآت الإرشادية والتوجيهية المعلنة التي ستتم مراقبتها بشكل مكثف. ويوضح إخفاق وفشل إيران في إعطاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد ثلاث سنوات، تبرير كاف لما تم في تصميمات مفاعل الطرد المركز المتطورة التي اشترتها من السماسرة أن هناك، على الأقل في الماضي، منشآت غير معلن عنها كانت تعمل في البرنامج النووي. ومع كل، يقول المؤيدون لخيار النطاق التوجيهي أو الموجه بشكل معقول أنه ما من دليل على أن لدى إيران الآن منشآت سرية. ولأن إيران تبدو راغبة في خلق أزمة كبرى وحرمان مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا لم يتم السماح بتخصيب موجه النطاق من أمل أن إعطاء إيران ما تريد سيدفع طهران للسماح بعمليات التفتيش الاختراقية التي ستعرقل بدورها أي مسعى لاستخدام المنشآت السرية لتطبيق المعرفة المكتسبة في المصنع توجيهي النطاق. ولسوء الحظ، يقلص المصنع توجيهي النمط الموافق عليه دولياً من وسائل الكشف عن الأنشطة السرية بطرق متعددة. فإذا ما قام المفتشون أو الجواسيس بالكشف عن الجلب المشتبه فيه لأجزاء أو اتصالات أو أدلة أخرى مرتبطة بالتخصيب، يمكن أن تزعم إيران أن المصنع المشروع يوضح الأمر. وعندما لا يتم السماح بتخصيب، يكون أي دليل حاسم؛ عندما يتم السماح ببعض التخصيب، قد تكون كافة الأدلة فيها شبهة أو غموض.
من ناحية أخرى، سيزداد احتمال خرق إيران لمعاهدة حظر الانتشار والتحول بشكل تام وسرعة كبيرة إلى تصنيع أسلحة نووية فور تفوق إيران في التكنولوجيا النووية. ومن جديد، يرى من يقولون بالمنشأة توجيهية النطاق، مع اعترافهم بما أشرنا، أنه ما من بديل أفضل. لكن هذا الخيار إنما يؤجل فقط الأمور قليلاً بينما تتشكل المشاكل والأخطار الكبرى من قبل طموحات إيران النووية. وقد تصرفت إيران وفقاً لمنطق واضح جداً منذ اكتشاف انتهاكات حظر الانتشار الكبرى في 2002. في الواقع، شرح كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي الإيراني من 2003 حتى 2005، حسن روحاني، أن استراتيجية إيران كانت تتمثل في تعليق فقط تلك الأنشطة التي لم تكن مستعدة للقيام بها. وحالما يكون المهندسون مستعدين لاتخاذ خطوة جديدة في الحصول على القدرات أو الإمكانيات لإنتاج مواد انشطارية، فإنهم سيتخذونها ولا يجرؤ المجتمع الدولي على إيقافهم. وقد حدث هذا في عام 2004، في أغسطس 2005 مع إعادة بدء العمل بمنشأة تحويل اليورانيوم في أصفهان وفي يناير 2006 مع انتهاء تعليق تخصيب اليورانيوم. ويبين السلوك والاستراتيجية المعلنة لإيران بشكل واضح أنه حالما تتفوق إيران في التخصيب موجه النطاق، ستسعى إيران إلى عمل المزيد وخرق أي اتفاق، وهو ما يأتي على نقيض المرجو من منحها تلك الفرصة. ومن ثم، ستنشأ بعد إذ أزمة جديدة، مع كون إيران أقرب إلى امتلاك القدرة والإمكانية على تصنيع وقود قنبلة بكثير عن وضعها اليوم. ولا يوجد دليل على أن القادة الإيرانيين مستعدون لاتخاذ قرارا استراتيجي بعدم اكتساب قدرات أو إمكانيات تصنيع
أسلحة نووية. ويمكن الخيار موجه النطاق طهران من تفادي وتجنب هذا القرار والتقدم كما تأمل، خرق الاتفاق والخروج على شروط الاتفاق في كل مرحلة يكون فيه المختصون الإيرانيون قادرين على القيام بذلك.
كذلك، ينبغي أن يقر المجتمع الدولي بأن التسوية لن تحل المشكلة الأصلية والمتأصلة لعدم التزام إيران غير الجاري تسويته بعدم الالتزام بشروط ومستحقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وسيبقى الملف النووي الإيراني مفتوحاً طالما لم تتلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيضاحات كافية لحوافز ومكتسبات إيران السابقة، التي تجعل من المستحيل الإقرار بأن البرنامج النووي الإيراني قد أقيم للأغراض السلمية فقط. فإذا ما واصلت إيران برنامج التخصيب بقبول دولي، لن يكون لدى طهران حافز للمساعدة على تسوية شكوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويبدو المجتمع الدولي غير راغب في تحمل عب مشكلة الحفاظ على قواعد حظر الانتشار في حالة الأهمية القصوى.
في النهاية، إذا ما واصلت إيران تخصيب اليورانيوم – باتفاق أو بدون اتفاق مع المفاوضين الدوليين – سيكون من السخيف بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة وأي شخص آخر أن يبقي على الطاولة العروض التي قدموها للحث على التعاون التجارة، المصالحة السياسية مع طهران. ويبدو بعض المعلقين (وربما المفاوضين) وكأنهم يفترضون أن التسوية الحساسة ستشتمل على قصر إيران نفسها على التخصيب موجه النطاق في ظل مراقبة لصيقة وحثيثة مقابل حزمة حوافز. لكن لماذا تحصل إيران على مكافأة إضافية لرفض الوفاء بالمطالب الدولية المعقولة، قيامها بتطوير قدرات إنتاج وقود ثنائي الاستخدام والإبقاء على ملفها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون حل أو تسوية؟ ينبغي أن تخبر إيران أنها إذا أرادت تخصيب اليورانيوم بشكل ملح جداً، سيكون ذلك مكافأة لها. ومن ثم ينبغي أن تزال كافة حوافز التعاون النووي، التجارة والحوافز السياسية الإضافية من على الطاولة وعندما تقوم إيران بالسيطرة على عمليات شلال الطرد المركزي. كما ينبغي أن تخبر إيران بأن جميع أنشطتها النووية لابد وأن تبقى في ظل إجراءات وقواعد ضامنة وتنظيمية كجزء من وضع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن لإثبات الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي، لكن المجتمع الدولي لا يمضي باتجاه دفع إيران إلى هذا. وقد تهدد إيران بترك معاهدة حظر الانتشار، لكن ينبغي على مجلس الأمن أن يذكرها أن القانون الاستهلاكي الدولي يحظر على أي دولة الانسحاب من معاهدة للتهرب من تبعات خرق لها من قبل. وباعتبار عدم انصياع إيران القائم وعدم التزامها بقواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقرا مجلس الأمن الملزم، فإن أية محاولة للانسحاب من المعاهدة تناسب وتوافق بشكل وضح وصف المجلس للانتشار على أنه "تهديد للأمن والسلام العالميين".






















2- ضغوط مستمرة وعقوبات إضافية عبر مجلس الأمن

يعتبر مجلس الأمن هو الجهة المعنية لتي يتم إبلاغها بقضايا عدم الالتزام بالقواعد والضوابط والمتطلبات، وينظر إليه على أنه المفعل الأكثر شرعية لمعاهدة حظر الانتشار. ولا تضمن سلطاته أو موافقته على القرارات أن يقوم مخترقو أو منتهكو القواعد بالالتزام بقراراته، لكن تفعيل القواعد والقوانين دون دعم مجلس الأمن أو دون دعم من الجهة الإقليمية في المنطقة لمعنية، يصعب الإبقاء عليه. وعندما تتحدى دولة مثل إيران مجلس الأمن، كما كانت تفعل ذلك بوضوح منذ 31 يوليو 2006، يمكن للمجلس أن يقبل بالهزيمة ويسمح للسلوك محل النظر والشك أن يستمر وأن تتضاءل مصداقية المجلس كذلك، أو يمكنه أن يتبنى أشكال متعددة من العقوبات أو حتى يجيز أو يرخص اتخاذ عمل عسكري لإجبار الدولة على الالتزام. ولا تتم تسوية المشاكل الصعبة بما يكفي لتتطلب عمل يتبناه مجلس الأمن بشكل عام في خطوة واحدة؛ وغالباً ما يحدث تقدم للتصريحات السياسية وعقوبات الكثافة المتزايدة. وكلما كانت الدولة غير الملتزمة أكثر قوة، كلما أصبحت أعمال مجلس الأمن أكثر حذراً.
عبرت إيران في 2003، وإلى حد ما لازالت تعبر في 2006، عن رغبة قوية لتجنب الخضوع القومي والرضوخ المحلي في أن يحكم عليها من قبل مجلس الأمن وأن تنصاع لهذا الحكم. لكن على مدار الوقت، انتهى القادة الإيرانيون إلى أن مجلس الأمن منقسم ولن يتخذ أعمال أو قرارات قوية ضد إيران، ومع تعاظم المواقف والأوضاع في كل من العراق، أفغانستان، لبنان وأسواق النفط الدولية، ستكون القوى العظمى والكبرى خائفة من إيران بشكل أكثر من خوف إيران منهم. ومن ثم تطورت عملية دوارة خطيرة: يسعى قادة إيران المعادون لتبني استراتيجية عدم الانصياع الدائم للمطالب الدولية، على أمل أن تتراجع الأطراف الدولية عن مطالبها؛ وتبدو الأطرف الدولية مروعة ولا تستجيب أو ترد على سلسلة من الأعمال التي تعتبر تحدياً، ومن هنا تزعم القيادة الإيرانية المعادية النجاح وتسكت المعارضة الداخلية التي تسعى إلى تعاون أكبر مع المجتمع الدولي ولا تزال تعمل بشكل أكثر جرأة، ويبلغ المجتمع الدولي أن مجلس الأمن منقسم، بينما توضح وتعلن روسيا أنها لن تدعم إجراءات تفعيل وتمكين قوية؛ تؤكد القيادة الإيرانية القوية على فعالية استراتيجيتها وتنتهي إلى أنها لا يمكنها التوقف. وباعتبار صلاحية النقض واستخدام حق الفيتو من قبل الأعضاء الخمس الدائمين بمجلس الأمن، يمكن أن تعارض الدولة غير الملتزمة التمكين والتفعيل إذا ما كانت واثقة أن ثمة دولة واحدة على الأقل ستحول دون الإجماع أو دون استخدام القوة، إلى حد بعيد. وتفيد الخبرة والتجربة من أغسطس 2005 إلى سبتمبر 2006 أنه حتى لو كان مجلس الأمن موحداً على استراتيجية ما لتطبيق عقوبات أشد صرامة يتم تضعيفها خطوة بخطوة، لن يقوم القادة الإيرانيون بتغيير عزمهم على التفوق في تخصيب اليورانيوم. لكن هذا لا ينفي أو يقصي فائدة وجدوى استراتيجية العقوبات/الحوافز؛ إنما يقلل هذا من طموح هذه الاستراتيجية. وسيكون الهدف في ذلك الوقت هو وقف تقدم المتشددين الإيرانيين وإعطاء الأطراف الدولية فرصة إعادة تشكيل جدل بشأن السياسة النووية داخل النخبة الإيرانية.
من ناحية أخرى، سيقوم مجلس الأمن صارم الرأي بإثارة الشكوك بشأن خسائر مقابل مكاسب السباق على تخصيب اليورانيوم وعدم استكشاف ما إذا كان ممكناً ضمان إمداد وقود نووي دولي والتعاون في هذا الأمر في طرق تجعل القادة الإيرانيين ترحب بها كصفقات جيدة. باختصار، يوجد لسياسة العقوبات والحوافز الآن استحسان معقول في أن تكون قادرة حسب ما هو متوقع على وقف المسير الإيراني تجاه إمكانيات وقدرات التسلح النووي، خلق ديناميكية صنع قرار جديدة في طهران وتجنيب العالم خسائر خوض حرب مع إيران.
كذلك، ستفضل الولايات المتحدة وأطراف أخرى قرار فاصل أكثر وضوحاً من قبل إيران بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم كليةً. لكن إدارة بوش قد ألزمت نفسها في الحقيقة بالسعي والبحث عن نهاية دبلوماسية، سلمية للأزمة النووية والقبول بتعليق أقل من دائم لنشاط دورة الوقود الإيرانية إذا ما تعاونت إيران في استغلال الوقت لتبني إطار عمل بشكل جاد لإجراءات بناء ثقة متبادلة ومشتركة ينظر إليها في مقترحات الاتحاد الأوروبي. ويعكس تحول الإدارة نقاط ضعف وعيوب أمنية تتمثل في القوات الأمريكية الموجودة في العراق، الالتزام الزائد للموارد العسكرية الأمريكية، تراجع شعبية الرئيس بوش في الداخل والخارج، الحاجة إلى التعاون مع أوروبا بشأن مجموعة من القضايا الدولية، زيادة نفوذ وزارة الخارجية في ظل كوندليزا رايس وتراجع قوة وسيطرة البنتاجون، تقوض طائفة وأسس المحافظين الجدد والاعتقاد أنه لا يزال هناك وقت لتجريب الدبلوماسية.
بالإضافة إلى ذلك، لا تزال إدارة بوش بالمناسبة تبث إشارات مختلطة: مع تبعية الصقور المتشددين لمنهج نائب الرئيس تشيني في الأخذ بقوة بمقاليد الأمور ومنهج الدبلوماسيين والحمائم المتمثل في إعطاء فرصة. وقد عكس وزير الدفاع روبرت جيتس الإجماع الجديد في شهادته التصديقية عندما أبرز مخاطر القيام بعمل عسكري ضد إيران، فالحقيقة أن إيران، إذا ما هوجمت، يمكن أن تقوم بأمور أشد سوءً في العراق مع الاعتقاد بأن إيران يمكن ردعها إذا ما عجزت الدبلوماسية عن منعها من الحصول عن قدرات التسلح النووي. لكن حتى الطموحات المعقولة والمتواضعة لاستراتيجية العقوبات/الحوافز لا يمكن تحقيقها إذا لن تقم كل من الصين وروسيا بالتعاون مع الولايات المتحدة، فرنسا والمملكة المتحدة. وهناك مجموعة من الاهتمامات المصالح المتصارعة التي تحول دون هذا التعاون. وحسب ما هو واضح، تتخوف كل من الصين وروسيا من بشأن القوة الاستثنائية للولايات المتحدة في النظام الدولي وترحب بفرص احتوائها أو إضعافها. وبينما لم ترحب الصين أو روسيا بانتشار السلاح النووي، تعترف كلا الدولتين بأن الأسلحة النووية ربما تعتبر الطريقة الوحيدة أن اللاعبين الآخرين يمكنهم ردع أو منع الولايات المتحدة من تطوير قوتها العسكرية التقليدية الكبرى. فإذا ما كانت قدرات التسلح النووي لدى كوريا الشمالية أو إيران تعقد حرية تطوير القوة الأمريكية، ربما لا تنظر كل من روسيا والصين إلى هذا على أنه أمر سيء. ويمكن أن يرى المنطق الجيواستراتيجي الصيني والروسي مع تعاونهما في تطوير منظمة شنغهاي للتعاون. وقد سعت كل منهما إلى معارضة الاختراق الأمريكي لآسيا الوسطى بعد 11 سبتمبر 2001. وتنظر كل دولة من الدولتين لنفسها كما لو كانت تتنافس مع الولايات المتحدة بشأن السيطرة على أوراسيا. وقد وجهت روسيا الدعوة لإيران لتشهد وتراقب منظمة شنغهاي للتعاون ومع تعاظم وبلوغ ذروة نقاشات مجلس الأمن بشأن القضية النووية الإيرانية في يونيو 2006، رحبت كل من روسيا والصين بأحمدي نجاد رئيس إيران لإلقاء كلمة في اجتماع بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لمنظمة شنغهاي للتعاون.
علاوة على ذلك، كان العراق هو المعقل الأخير للنفوذ السوفييتي/الروسي والاستثمار الكبير لدى روسيا/الاتحاد السوفييتي في الشرق الأوسط. وقد قامت الولايات المتحدة بخلع روسيا من المنطقة تماماً. والآن تعرض إيران على روسيا عودة الدخول وأن تجد شريك له موقع أفضل وأكثر غنى وأكبر من مصر، سوريا والعراق. ومن ثم، تعتبر مسائل التعاون النووي، مبيعات الأسلحة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بما في ذلك مسألة الشيشان، من المهم لموسكو عدم معاداة طهران. بمعنى آخر، يمكن أن تكون إيران مفيدة، خاصةً بالنسبة لروسيا، في موازنة القوة الأمريكية والتأثير في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. ومن هنا تجد روسيا إغراء في النظر للتعاون في المسألة الإيرانية كأمر تميز وسيادة تستخدمه ضد التدخل الأمريكي في قضايا أخرى ذات اهتمام أكبر لموسكو. وكما نصحت الولايات المتحدة (وفرنسا والمملكة المتحدة) موسكو في أكتوبر باتخاذ موقف أشد صرامة بشأن إيران، كان الرئيس بوتين مركزاً على النزاع المتزايد مع جورجيا. وقد توسلت قيادة جورجيا بدورها لدى كل من الولايات المتحدة وأوروبا لأجل مناصرة الديمقراطية، حقوق الإنسان والقواعد الغربية الأخرى التي تعتنقها قيادة جورجيا. وقد كان لهذا النزاع مدلولات أشمل وأوسع كان الرئيس الأمريكي منفتحاً عليها، مع سعي جورجيا في النهاية إلى الحصول على العضوية في الناتو. وتعتبر جورجيا أولوية كبرى كذلك لبوتين حتى أنه يصعب تخيل أنه لن يرى موقف روسيا بشأن إيران كطريقة للتأثير على موقف واشنطن تجاه جورجيا. لكن تبدو إدارة بوش غير مدركة للصفقة على أساس تلك الارتباطات: إن خرق روسيا الواسع والمتزايد للقواعد العربية يزيد تكاليف الصفقة السياسية الحقيقية معها.
من ناحية أخرى، تنبذ الحكومات غير الديمقراطية بروسيا والصين مساعي تعزيز الديمقراطية الأمريكية. فإذا ما كانت الولايات المتحدة تريد استخدام عقوبات مجلس الأمن كوسيلة لفرض تغيير النظام، عندها ستعارض كل من الصين وروسيا كمسألة تتعلق بمصلحة مباشرة ولمنع سابقة لأي عقوبات يمكن أن تستغل من قبل أي طرف ضد أي منهما. وفي هذا السياق، تصطدم الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة والتي تتعلق بتعزيز الديمقراطية حول العالم من خلال تغيير النظام إذا لزم الأمر مع الاهتمام بإقناع روسيا والصين دعم أي عقوبات تهدف إلى تغيير سلوك إيران النووي. وفي الواقع، طالما عرضت وكشفت الصين عن تحول عام مع العقوبات، الأمر الذي أدى بدوره لأن يكون أداة سعت من خلالها الولايات المتحدة وأوروبا إلى تعزيز القيم والأسس الغربية. وبأخذ الأمر مع كافة الاعتبار المذكورة سلفاً، يبدو أن مجلس الأمن المتعاون والموحد يمكن أن يضع قيود وعقوبات إضافية لتعزيز جدل أكثر حذراً وسياسة أكثر حيطة فيطهرن. ومن الممكن أن يوفر هذا الوقت لمحادثات حقيقية وجادة، مع المشاركة الأمريكية المباشرة، قبل أن تسيطر إيران على تخصيب اليورانيوم. وفي حين أن هذه الأهداف المتواضعة تستحق ابحث والتحري، إلا أن تحقيقها أمر مشكوك فيه لأن من الصعب تلبية مصالح كل من روسيا والصين وموافقتها مع المصالح الأمريكية أو مع مصالح فرنسا والمملكة المتحدة على أقل تقدير.








3- الضربات العسكرية

بين عام 2003 وبداية عام 2006، رأى الكثير من المراقبين المطلعين أن الدبلوماسية – الحوافز الإيجابية والتهديد بفرض عقوبات – ستنجح في إقناع إيران بالاعتماد على خدمات الوقود النووي الدولي إذا كان بمقدور إدارة بوش إقناع القيادة الإيرانية بأن واشنطن كانت مستعدة للتعايش معها والكف عن السعي إلى تغيير النظام. وبحلول نهاية العام 2006، أدى جمود الموقف الإيراني تشدده إلى اعتقاد كثير من المراقبين إلى القول بأن الدبلوماسية لن تجدي ما لم يرى القادة الإيرانيون أن الولايات المتحدة لديها استراتيجية عسكرية ممكنة التحقيق لتدمير البنية التحتية النووية الإيرانية ومراكز القوى الحكومية، ومن ثم فإن الخيار العسكري ممكن التحقق يمكن أن يعزز ويدفع الاستراتيجية الدبلوماسية المختارة. وفي أواخر 2002 ومطلع 2003، عندما كان القادة الإيرانيون يخشون القوة العسكرية الأمريكية، كانوا يقومون بتهدئة الأوضاع وتسوية الخلافات. فقد قاموا بتجميد برنامجهم النووي وسعوا إلى إجراء محادثات سرية مع واشنطن. لكن العراق فيما تحول إلى أزمة ومأزق بالنسبة للولايات المتحدة وارتفعت أسعار النفط، انتشرت معاداة أمريكا وكسب تحدي أحمدي نجاد دعم السنة وتأييدهم، كما قللت حرب لبنان كذلك من قدر القوة العسكرية الإسرائيلية. وإما أن القيادة الإيرانية لا تفكر في أولا ترى أن الولايات المتحدة أو إسرائيل ستقوم بمهاجمتها وإما أنها تعتقد أن مثل هذه الهجمات لن تهدد سيطرتها على مقاليد السلطة والحكم.
من ناحية أخرى، يدل رفض كل من الصين وروسيا لدعم عقوبات اقتصادية صارمة على أن هاتين الدولتين، من أعضاء مجلس الأمن، ستكون أكثر معارضةً للعمل العسكري، الأمر الذي يزيد من ثقة إيران بأن الولايات المتحدة ستوصف على أنها دولة ساذجة على الصعيد العالمي وستعامل إيران على أنها ضحية. (بمقدور روسيا أن تقدر أن الدعم المقصور على فرض عقوبات صارمة سيشجع الإيرانيين على التقدم في برنامجهم النووي بأنشطته المشتبه فيها الأمر الذي سيجبر لولايات المتحدة على توجيه ضربات عسكرية إلى حد بعيد. ولن تلوم إيران روسيا على هذا، ومن الممكن أن تكسب روسيا تعاقدات سلاح جديدة تقدمها لإيران، بينما تم ازدراء الولايات المتحدة على الصعيد العالمي. كما أن أسعار البترول ستزداد، الأمر الذي يعطي روسيا مزيد من العائدات والميزات. ولا تحب روسيا النظام الإيراني على وجه التحديد، لكنه ستستفيد سواء قوي هذا النظام أو ضعف.) ومن جانبهم، يفطن القادة الإسرائيليون والأمريكيون إلى هذه الاعتبارات (مع قليل من الاستثناءات) وسيسعون إلى تجريب كل شيء تقريباً لتجنب اللجوء إلى الضربات العسكرية. وينظرون إلى العلامات والمؤشرات المتعلقة باهتمام القادة الإيرانيين بصفقة يتم منع إيران بموجبها من تخصيب اليورانيوم لفترة كبيرة من الزمن. ومن المفارقة والمثير أيضاً أن الشكوك بشأن إمكانية تحقيق وإنجاز البدائل العسكرية تجعل الإيرانيين يعملون كما لو كانوا ليسوا في حاجة إلى تسوية. ويزيد هذا، بدوره، ما يزيد بدوره من احتمالية عدم توصل مسئولي إدارة بوش في النهاية إلى شيء في السنوات القادمة غير العمل العسكري الذي سيؤخر بشكل كبير من حصول إيران على قدرات التسلح النووي. على الرغم من ذلك، لا يقلل هذا الاستباق من صدق رغبة الإدارة في إقناع النظام الإيراني بتغيير سلوكه وتسوية الأزمة النووية بشكل سلمي.
علاوة على ذلك، قامت الصحافة الأمريكية والدولية بمناقشة السيناريوهات المحتملة للهجمات العسكرية على إيران على نطاق واسع، مع التطرق إلى مسلسل الهجمات المضادة التي يمكن أن تقوم بها إيران بشكل مباشر وعن طريق وكلائها في العراق، لبنان، الأراضي الفلسطينية وفي أي مكان. وقد أيد بعض الخبراء إمكانية وضرورة القيام بعمل عسكري؛ في حين ذهب البعض إلى إظهار أن الولايات المتحدة، إسرائيل ودول العالم ستتأثر بذلك وسينالها ما هو أسوأ نتيجة للحرب ضد إيران – أن الولايات المتحدة يمكنها أن تدمر المنشآت النووية المعروفة في إيران، لكن لن يمنع هذا إيران من قيام إيران بمواصلة إنتاج الأسلحة النووية في المنشآت الخفية وستؤدي الهجمات العسكرية إلى تبعات سيئة بالنسبة لكل من الولايات المتحدة، إسرائيل ودول العالم. وهذا المقال ليس في حاجة لأن يكرر ويعيد هذه النقاشات السهلة جيئةً وذهاباً. إنه يشير فقط ويبين للقراء عوارض وآراء صدرت مؤخراً على سبيل المثال والتوضيح لهذين الموقفين. وقد كتب ضابط وكالة الاستخبارات المركزية السابق ريويل مارك جيريتشت أحد أفضل نقاشاته عن التبعات المتوقعة للحملة العسكرية بالتقليل من شأن قدرات إيران النووية بشكل خطير، في قضية أسبوعية ويكلي استاندرد ... يوم 24 إبريل، 2006. وقد ذهب الرجل في تحليله إلى أن "تفجير المنشآت النووية سيعني في الحال أننا نعلن الحرب على النظام الديني ... وسيكون علينا القيام بالضرب حتى يتوقفوا ... وربما يظل كل هذا سنوات عديدة." وبالرغم من الحرب الطويلة التي يستبق أنها ستتبع الضربات على المنشآت النووية الإيرانية والأهداف العسكرية الأخرى، يرى جيريتشت أن هناك مخاطر أكبر تتمثل في السماح للمرجعيات الحاكمة بإيران بامتلاك أسلحة نووية.
إضافةً إلى ذلك، يذهب كولونيل أمريكي متقاعد من القوات الجوية، سام جاردينر، منفذ خبير لألعاب الحروب العسكرية في "نهاية صيف الدبلوماسية: تقييم الخيارات العسكرية الأمريكية بشأن إيران" (تقرير مؤسسة القرن، www,tcf.org) إلى القول بأن السيناريو العسكري الأكثر احتمالية لن يجلب حسب ما هو متوقع أي من النتائج التي يريدها الساسة الأمريكان وسيأتي بما لا يريدون." (الصفحة الثالثة) ما هو شيق بشأن مناقشات الخيارات العسكرية هو أن المعارضين والمؤيدين لا يختلفون كثيراً في تقييماتهم للآثار والخسائر الضارة الكبرى التي يمكن أن تنشب. ويقر الجميع بالقصور الفعلية بالاستخبارات المتعلقة بما سيتم ضربه وكيفية قياس النجاح. ويرى كل محلل أن الهجمات الأمريكية و/أو الإسرائيلية ستشعل القومية الإيرانية وتدعم الحكومة، في المدى القريب على الأقل ولن تولد بكل تأكيد أوضاع واتجاهات حميدة تجاه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل. وستجعل حملة القصف الأوسع نطاقاً ضد الحرس الثورية والمؤسسات الأخرى المصحوبة بقمع الدولة من عدم دقة الاستخبارات بشأن منشآت نووية محددة، لكن أناس أكثر بكثير سيلحقهم الضرر، مما يقوض بشكل أكبر الشرعية والناتج السياسي المطلق لمثل هذه الحروب في عيون الإيرانيين، المجتمع الدولي وكثير من الأمريكيين. إن الاختلاف الأساسي بين المناوئين والمؤيدين للهجمات العسكرية هو درجة وطبيعة المخاطر التي ستجلبها. فمؤيدو الهجوم لم يعد لديهم سماح لمخاطر للتعايش مع إيران التي يمكن أن تبني أسلحة نووية؛ ويوجد لدى هؤلاء قبول وسماح كبير بمخاطر الحرب في التي لا تضمن بأي حال تدمير القدرات النووية لإيران، يرى المعارضون أن مخاطر وجود إيران بقدرات تسلح نووي يمكن أن يجعل منخفضاً حسب ما يسمح به من قبل استراتيجيات المنع والردع، ولن تكون هذه المخاطر على قدر عظم تلك الخافية أو غير الواضحة بشن حرب ضد إيران. وما من طريقة موجودة للتنبؤ والتكهن بشكل خاص بأي جانب ينتهج الصواب في تقييماتهم للخيارات العسكرية. وتعطي مؤسسة واشنطن للسياسة الخارجية انطباع بأن الأغلبية الكبرى ترى العمل العسكري ضد إيران الآن يستحق المخاطرة. وترى أقلية صغيرة أنه لابد من المغامرة. ويقول الجميع أن هذه قضية سيقودها الرئيس بوش شخصياً وفقط بعد كون جميع الخيارات الأخرى مرهقة بحق.







4- تعزيز تغيير النظام في إيران

الشعب الإيراني والعالم سيكون أفضل بكثير إذا ما حكمت حكومة أكثر ديمقراطية وعدلاً وتأثيراً في إيران. ويذهب قليل من العلماء، الصحفيين والمسئولين في الولايات المتحدة إلى القول بأن الولايات المتحدة وأطراف أخرى يمكنها وينبغي عليها تعجيل إسقاط النظام الديني في إيران وأن مثل هذه الاستراتيجية هي الخيار الأفضل للتعامل مع الخطر النووي الإيراني. "إنني أدرك أنه ما من أمريكيين يفكرون بأن هذه هي استراتيجية ممكنة التحقيق)، لكنهم يقولون أن الطبيعة غير الدينية وغير المرجعية المفترضة لمثل هذا النظام ستحد من التهديد النووي.
من ناحية أخرى، تتقلص مناسبة وملائمة خطة تغيير النظام مع كل يوم يمر بوجود مشاكل إضافية في العراق. فإذا ما كان هذا الذي سيحدث في العراق معروفاً عندما قامت الولايات المتحدة بفرض تغيير النظام فيه، لكانت الولايات المتحدة قد نهجت استراتيجية مختلفة وقتئذ، حسب ما يراه أعلب المراقبين في واشنطن هذه الأيام. كذلك، الأمر الحري بنا أن نلمح إليه هو إبراز بعض المشاكل العامة بهذا المنهج. ولا يمكن أن يكون تغيير النظام السلمي قائماً على إنتاج قادة جدد بما يكفي للقيام بوقف وتعطيل برامج الحصول على أسلحة نووية بشكل سريع. وبشكل عام، لا يستغرق أمر الحصول على قدرات لبناء أسلحة نووية وقت كبير بالقياس إلى تطلب وجود حكومات إصلاح وتطبيق ديمقراطية حقيقية وقت أكبر من ذلك. وفي إيران على سبيل المثال، لا يتكهن حتى الديمقراطيون بوقوع إصلاح سياسي كبير هذا العقد. لكن يحتمل بشكل كبير أن تقوم إيران بالتفوق في عملية تخصيب اليورانيوم في هذا الوقت إذا لم يتم دفع حكومتها الحالية إلى تغيير منهجها.
علاوة على ذلك، من الممكن أن يؤدي التخلص من الحكومات غير الديمقراطية إلى إلحاق أخطاره الكبرى. ويعتبر العراق هو النموذج الأحدث، والقضية الوحيدة هنا هي حيثما تم تنفيذ تغيير النظام بشكل واضح كإجراء لحظر الانتشار. وقد دون كل من جاك سيندر وإدوارد دي. مانسفيلد أن التغييرات والانتقالات الحكومية تؤدي غالباً إلى صراع مسلح. إن الإطاحة بحكومة إيران سيكشف الغطاء عن الإدارات والخدمات الاستخباراتية، الحرس الثوري والاستشهاديين ودخول مجاهدي خلق في صراع دموي، ستؤدي إلى عدم توافر الثقة في أن العناصر الليبرالية السلمية بالمجتمع الإيراني ستسود. وبدلاً من حل مشكلة الانتشار، تكثف استراتيجية تغيير النظام اهتمامات ومصالح الأنظمة المعادية في ردع استخدام القوة الأمريكية مستقبلاً. وقد تتجه حكومات مثل كوريا الشمالية وإيران التي تخشى الولايات المتحدة أن تهاجمها الولايات المتحدة أو تسعى إلى خلعها للتوصل إلى أن اكتساب والحصول على الأسلحة النووية أمر ضروري لردع واشنطن. وستسعى الاستراتيجية الواقعية إلى إعادة التأكيد لكل من طهرن (وبيونج يانج) أنها إذا قامت بتغيير السلوك الذي يخرق القواعد والأسس الدولية، ستحترم الولايات المتحدة سيادة واستقلالية هذه الحكومات ومن ثم لن تقوم واشنطن بعمل قسري ضدها أو ضد أراضيها.
كذلك، لن يتم بالضرورة منع تبعات الانتشار لقدرات دورة الوقود الإيراني من خلال تغيير النظام. وحتى لو كان بمقدور الولايات المتحدة والأطراف الخارجية الأخرى تعجيل سقوط الحكومة المرجعية في إيران (الأمر الذي يعتبر غير محتمل بشكل كبير)، وتم جعل حكومة حسنة النوايا محلها (غير معلوم)، من الممكن أن تصر الحكومة الجديدة على الإبقاء على برنامج دورة وقود محلي. وكذلك، ستقوم الدول المجاورة لإيران، مصر، المملكة العربية السعودية وتركيا على وجه التحديد، بتقييم قدرات الدولة الإيرانية أكثر من تقييم نوايا النظام الجديد. الأنظمة تأتي وتمضي، لكن القدرات النووية تميل للبقاء – وهذا لا يمنع أن منع الانتشار الأكبر سيكون أسهل مع حكومة إيرانية أقل تسلحاً. وكذلك نرى أن مستقبل واحتمال قيام الولايات المتحدة بتبني استراتيجية تغيير النظام يقوض الاستراتيجية الدبلوماسية لمجلس الأمن، حسب ما تم توضيحه في السابق. وتكره كل من روسيا والصين، لأسباب خاصة بكل منهما، طوح واشنطن لخلع الحكومة المعادية للغرب واستبدلها بحكومات ديمقراطية. وتعارض هاتان الدولتان عقوبات الأمم المتحدة الملزمة، نوعاً ما للاعتراض على مثل هذه الاستراتيجية، الأمر الذي يحبط بدوره كل من فرنسا، المملكة المتحدة ودول أخرى تسعى فقط إلى تحويل وتغيير السلوك التهديدي لإيران وليس خلع أو الإطاحة بالنظام. التأثير النهائي هو أن التهديد بتغيير النظام يردع القائمين على تنفيذ وتفعيل قواعد حظر الانتشار أكثر من ردع المخالفين.








5- الردع والمنع

سواء كان من الممكن إقناع إيران بالتفاوض على تعليق برنامجها لإنتاج دورة وقود نووي أم لا، لا يزال هناك وقت طويل بما يكفي لبناء ثقة دولية بشأن ذلك الأمر. وتحتاج طموحات إيران السيادية إلى معالجة ومصالحة مع مصالح واهتمامات جيرانها والمجتمع الدولي الواسع. وينبغي أن تتحرك الولايات المتحدة ووزارات الدفاع والخارجية في أوروبا، الشرق الأوسط وآسيا الآن لتطوير خطط عملياتية لمنع وردع إيران المسلحة نووياً. وسيكون للتخطيط الآن لمنع تصدير العنف والتدمير من إيران فائدة مضاعفة لوضع عضلات في مسعى مجلس الأمن لإثناء إيران عن الحصول على قدرات تسلح نووي.
من ناحية أخرى، يجب أن يرى الإيرانيون أن وضع وأمن بلدهم سيتقلص ويتراجع، ولن يتزايد أو يتعزز، من خلال الحصول على قدرات تسلح نووي. ولن يكون خلق هذا المفهوم سهلاً. نظراً لأن إيران قد شجعت بالنجاح المدرك والمنظور لحزب الله في التصارع مع إسرائيل. ومن ثم، تتمثل الخطوة الأولى في إقناع قادة إيران بأن سيادة بلدهم وأمنه لن تكون مهددة إذا ما امتنعت أو عزفت إيران عن دعم أو تبني العنف خارج حدودها. ويجب أن يعلم النظام الإيراني أنه ليس في حاجة لأسلحة نووية أو حرب بالوكالة من أجل بقائه، وإنما يكون بقاؤه مرهوناً على الأفضل بعدم القتال.
أيضاً، يجب أن يتم التوضيح أن الأسلحة النووية لن تزيد أو تضاعف من نفوذ إيران الإقليمي، لكن، على النقيض، سيجلب الأمر اعتراض على الأمر وثقل مضاد ومعاكس. وتحتوي حزمة الحوافز التي عرضتها كل من فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، روسيا والصين للتفاوض أغلب ما هو ضروري ليبدو لإيران أنها ستعيش بشكل أفضل دون إنتاج مواد انشطارية. ما تعوزه إيران هو التزام أمريكي واضح لا لبس فيه بالتعايش مع والقبول بالحكومة الدستورية في طهران، حتى وإن كانت الولايات المتحدة تتنافس معها سياسياً وأخلاقياً. فإذا ما احترمت واشنطن سيادة حكومة إيران وواصلت الحكومة رفض تطبيق قرار الأمم المتحدة 1696 والتفاوض بشأن شروط وضع وإنشاء برنامج نووي مدني بشكل خاص، عندئذ يجب أن يتم إقناع إيران بأنها ستعاني بشكل كبير من أحل تهديد جيرانها وإسرائيل بطريق مباشر أو عن طريق طرف ثالث. ومن ثم يجب أن تكون الرسالة: "بدون أو بأسلحة نووية، لن تكون أراضيكم أو سيادتكم مهددة طالما أنكم لم تعملوا بشكل عدواني خارج حدودكم. لكن الولايات المتحدة والقوى الكبرى الأخرى ستعمل عن قرب أكثر عن أي وقت مضى مع جيرانكم لمراقبة أنشطتكم وإقامة ووضع قدرات للرد بشكل قوي وعلى الفور على الإرهاب، التدمير أو الحرب والأنشطة التي تقومون بها تجاه الآخرين. فإذا ما كان لديكم أسلحة نووية، لا يوجد لدينا هامش للإرهاب في السماح لكم بتصدير العنف. التهديد السياسي هو أن يقوم الحرس الثوري الإيراني والأطراف المسلحة الأخرى بتكثيف الهجمات من قبل حزب الله، الجهاد الإسلامي، حماس ووكلاء إيران العاملين ضد الأهداف الأمريكية والإسرائيلية والاعتماد على الأسلحة النووية لمنع وردع الهجمات المضادة الكبرى ضد إيران. إن القيادة لجماعية بإيران – والدولة الفارسية – لم يصبها الكبر أو الهرم بكونها انتحارية. فالرئيس الإيراني أحمدي نجاد شاب ومتعصب، لكنه ليس مسئولاً. وستقوم إيران باختبار حدود الدمار، الصراع منخفض الكثافة والإرهاب، بينما تسعى إلى تجنب بدأ حرب نووية مع الولايات المتحدة أو إسرائيل.
كذلك، من الممكن أن تساعد السوابق التاريخية وتعد من أجل هذا التهديد. ففي الستينات، عندما اكتسبت الصين الماوية أسلحة نووية، تمكنت استراتيجيات ودبلوماسية منع انتشار الأيدلوجية المعادية من تجنيب والحيلولة دون وقوع كارثة قد تؤدي حتى إلى عقود من الرخاء المشترك والمتبادل. وسيكون جيران إيران مشتتون بين تسوية ومسايرة القوة الناشئة لإيران والسعي إلى تعاون أمني أمريكي أكبر. ولن تريد الحكومات العربية أن تثير إيران أو تثير سكانها المعارضين للولايات المتحدة. ومن ثم يجب ن تستغل اللحظة الحالية التي لا يزال البرنامج النووي الإيراني فيها موضع شك لتطوير استراتيجيات تعاون تكون عقلانية ومتوازنة لوقف قدرة إيران على استخدام القوة وبسط النفوذ. إن الأولوية ستكون تحسين جمع الاستخبارات ومراقبة النشطاء الإيرانيين، الأمر الذي يمكن القيام به دون تغيير قطاعات أكبر من السكان. وهناك حاجة إلى هذا الأمر لتوضيح وبيان الوقت الذي تقوم إيران فيه بعمليات خارج حدودها أو تدعم العدوان أو الاعتداء خارج حدودها وتحديد والتعرف على المنفذين والأهداف ذات الصلة من أجل القيام برد انتقامي. ومن الأفضل أن يتم التهديد بتوجيه الضربات الانتقامية بشكل سري، لأن السرية تجد على الفور احتراماً من القائمين على العنف من الإيرانيين وتقلل من ضغوط التصعيد التي تنشأ عادة عقب توجيه التهديدات.
في الواقع، يجب أن تولي الولايات المتحدة والدول الإقليمية بالمنطقة الأولوية القصوى بشأن تمديد الردع إلى أسفل السلم التصعيدي من خلال تحسين القدرات والإمكانيات لتطبيق أعمال ضيقة النطاق، مستهدفة بدقة ضد العملاء الإيرانيين الذين يقومون بذات الأمر، ليس فقط استخدام القوة، ولكن استخدام القمع المالي أيضاً. وفي الدراما السياسية لمحاولة إيران الثورية الجديدة لحشد شعور عام معادي لأمريكا وإسرائيل، تعتبر الأسلحة النووية، حاملات الطائرات والتقسيمات العسكرية الأمريكية غير متميزة إلى الحد الذي يعزز رواية التافه المستعمر الكبير الذي يحاول السيطرة على المسلمين الأقل نفوذاً. وستكون عمليات الرد ضيقة النطاق والدبلوماسية الموضوعة أكثر فعالية. ويتخذ المسئولون الإيرانيون إجراءات صارمة ويواجهوا بغلظة سبل جمع الاستخبارات الأمريكية وشبكاتها حول حدودهم وبين مجتمعات الأقلية المتململة. ويزعم المسئولون الإيرانيون أن هذه علامات على استراتيجية تغيير النظام التي تتبناها الولايات المتحدة، وهذا يبرر، بشكل واضح، حاجة إيران لقدرات التسلح النووي. ومن ثم يتحتم على الولايات المتحدة أن تفند هذه الذرائع والحجج وتعلن بشكل واضح وصريح أنه طالما كنت إيران تعمل بشكل عدواني وتسعى إلى امتلاك أو تمتلك الأسلحة النووية، لا يوجد أمام المجتمع الدولي سوى جمع الاستخبارات بطرق نشطة وقوية. وكذلك، طالما تقوم إيران بتطوير صواريخ باليستية مهيأة ومعدة لحمل رؤوس وأسلحة نووية، عندها يكون مبرراً للولايات المتحدة وجيران إيران (وربما الناتو) نشر دفاعات صاروخية باليستية. ومن جديد، ينبغي أن يكون التعاون في نشر مثل هذه الدفاعات سرياً بقدر الإمكان للحد من الجدل السياسي. ومن ثم، ينبغي على الولايات المتحدة أن تقوم بتطوير خطط وقدرات للضربات الجوية لتدمير الصواريخ الإيرانية على الأرض إذا ما قامت إيران بالتهديد بجعل الصراعات تضم أصدقاء الولايات المتحدة.
أيضاً، يمكن أن يلعب الناتو دوراً في تعديل السلوك الإيراني وتعزيز أمن جيران إيران. وبشكل أكثر أهمية، ينبغي أن يعيد الناتو التأكيد على التزاماته بحماية أمن تركيا بكافة السبل. وباعتبار السياسة المحلية الحساسة داخل تركيا، ينبغي أن يحدد القادة الأتراك بشكل كبير الشكل العام للحوار والتعاون بين الناتو وتركيا، لكن ينبغي أن يجعل قادة الناتو من الأولوية بالنسبة لهم توصيل وإبلاغ دعمهم للقادة الأتراك. وفي حين ينبغي الإلماح لدور "القوة الخشنة" للناتو، يمكن للناتو والاتحاد الأوروبي أن يقومان بالكثير من خلال "القوة الناعمة". وينبغي على كل منهما أن يدعم الجامعات التركية، مراكز الفكر، الصحف وغير ذلك من المؤسسات التي قد تطمح إلى القيام بلقاءات واجتماعات بين الخبراء مع الأوروبيين (والأطراف الإقليمية الأخرى) لمناقشة السياسات الأمنية الإقليمية، بما في ذلك تلك السياسات المتعلقة بإيران.
من ناحية أخرى، ينبغي أن تقيم المؤسسات وتؤسس لغة وإطار لهذه المناقشات، التفكير في الحساسيات المحلية والمصالح في عدم إثارة إيران. وينبغي أن يقوم مجلس الأمن أيضاً بتحديد أن أي دولة تخترق حظر قرار مجلس الأمن رقم 1540 بشأن نقل الأسلحة النووية للإرهابيين سينظر إليها على أنها تهديد للسلام والأمن العالميين في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي سيجيز اتخاذ عمل عسكري. وفي ضوء تحدي إيران المتواصل لمطالب مجلس الأمن المتعلقة بأنشطتها النووية، ما من عذر مبرر لعدم إرسال مثل هذا التحذير لإيران والدول الأخرى في حالة خرق التزامات وشروط المعاهدة المتعلقة بعدم الحصول على أسلحة نووية. ويطمح القادة الإيرانيون إلى تعزيز حكمهم، وعدم التضحية به. ومنذ الكشف عن أنشطتهم النووية غير المشروعة في 2002، قام المسئولون الإيرانيون بتوخي الحذر عندما وقفت القوى الكبرى سوياً بشكل مطلق. وعندما صارت المعارضة ضعيفة، قامت إيران بالعمل بشكل قوي وعدواني. وليس من السابق لأوانه بناء إطار عمل لردع إيران من العمل خارج حدودها. ولا يحتاج التعاون عبر الأطلنطي عن قرب في توضيح وتفصيل استراتيجية الردع والمنع إلى افتقار الالتزام لوقف حصول إيران على قدرات تصنيع وقود للسلاح النووي، بدلاً من أن تعزز هذه الاستراتيجية.















خاتمة

سيكون بمثابة الخطأ الكبير وغير الضروري قبول قيام إيران بتخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية قبل أن تسوي إيران الشكوك والمسائل القائمة والمعلقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتبني الثقة في أن الأنشطة النووية كانت للأغراض السلمية على التمام. ولن يسوي إبرام مثل هذه التسوية أو الاتفاق مشكلة الالتزام القائمة ولا جوانب انعدام الأمن التي تتسبب فيها الأنشطة الإيرانية. وينبغي ألا يقدم المجتمع الدولي بكل تأكيد أي مكاسب أو فوائد لمثل هذه التسوية الزائفة. ويتمثل الخيار الأفضل في اتفاق قابل للتفاوض ويتم التفاوض عليه حيث يمكن لإيران أن تعتمد بموجبه على الإمدادات الدولية وتكف عن التخصيب حتى يتم إغلاق ملف الوكالة الدولية لطاقة الذرية وتستعاد الثقة في نوايا إيران السلمية. ولتحقيق هذا الخيار، يجب أن تكون الولايات المتحدة أكثر مشاركةً بكثير في أطر الدبلوماسية مع إيران. كما يتحتم على واشنطن أن تعلن وتوضح بكل وسيلة وعبر كل قناة ممكنة أنها لن تعمل على خلع النظام الإيراني ولن تهاجمه إذا لم يقم بمهاجمة دول أخرى بشكل مباشر أو عن طريق وكلاء. وقد انتقلت إدارة بوش عملياً إلى هذا الموقف والوضع، لكنها لم تقنع كثير من دول العالم بعد، بما في ذلك طهران التي تعتبر الحالة هنا. ولتمكين الاستراتيجية الدبلوماسية المفضلة للنجاح عبر مجلس الأمن، يجب أن تصبح روسيا والصين أكثر رغبة في تحمل بعض تكاليف تفعيل قواعد حظر الانتشار على الصعيد الدولي والتي تعتبر مسئولية مجلس الأمن. ويتطلب هذا الأمر بدوره فهماً أكثر شمولاً ووضوحاً بين القادة الكبار من الولايات المتحدة، روسيا والصين فيما يتعلق بالمصالح المتعددة والمتصارعة أحياناً التي توجد في العلاقة بين كل منها. وينبغي أن تعلن الولايات المتحدة أنها تسعى إلى تغيير السلك وليس تغيير النظام في إيران، وأن تتفهم وتفهم التكاليف الضخمة حسب ما هو محتمل للعمل العسكري. في ذات الوقت، ينبغي أن تقوم واشنطن بشكل خاص بإدراك أنه لو كانت موسكو ترى الأزمة الإيرانية كطريقة لتقويض القوة الأمريكية، سيكون على واشنطن أن ترد وفقاً لذلك.
وأخيراً، ينبغي على كافة الأطراف – الولايات المتحدة، أوروبا، روسيا، الصين وجيران إيران – أن تقر بمصالحها في تعزيز سبل التعاون لردع وعرقلة المساعي الإيرانية الممكنة والمحتملة لتصدير العنف والتدمير خارج حدودها. كما ينبغي أن تحشد المجتمعات الاستخباراتية، الجهات الدبلوماسية، مراكز الفكر وغيرها في هذه الآونة لدعم وتعزيز التخطيط التعاوني للسياسات التي سترحب بإيران كقوة كبرى حميدة في الشرق الأوسط لكنها في نفس الوقت ستردع نفوذها وسيطرتها إذا كان غير مرغوب فيه. ويصبح التحدي الإيراني لقاءات واسعة وعميقة، كما تعتبر اللقاءات العرضية لمديري السياسة بوزارة الخارجية غير كافية لإعداد وتجهيز المجتمع الدولي لحماية نفسه إذا ما قررت أقلية معادية في إيران السعي نحو تبني أجندة ثورية خارج حدودها.