المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " من الأدب الحثي " د. شاكر مطلق



الدكتور شاكر مطلق
18/09/2008, 10:56 AM
من الأدب الحِثّـي


د. شاكر مطـلق



قبل قرنين فقط من زمننا الحالي ، لم تكن الإمبراطورية الحثية ، وعاصمتها " حتّوسا " – قرب مدينة بوكازكوي التركية - قد اكتشفت بعد .
وصلتنا منها لوائح بأسماء ملوكهم الذين أعطيت لهم فترات حكم خيالية لا يمكن الاعتماد عليها طبعاً ، على سبيل المثال حكم ملكان منهم فقط فترة 43ألف ومئتي عام ، كما حكم الرّب " تموز " الراعي ، سومري الأصل فترة 36 ألف عام ...الخ .
ناهيك عن أن التواريخ التي بين أيدينا هي تواريخ تقريبية أيضاً .مع ذلك فإننا نعرف ، من خلال الدراسات المقارنة والرسائل عن وجود ملوك عِظام من تلك الحقبة ، ومنهم الإمبراطور العظيم " شوبّيلولِـيوماس - Suppiluliumas " الذي يوصف بالغرب بـ " حمّورابي " الحثيين بسبب تشريعاته ، ولقبه " لابارناس – العظيم " . بعد وفاته استلم الحكم ابنه الملك " أرنوفنداس الثالث – Arnuwandas III " – 1334 – 1335 ق.م ( كل التواريخ اللاحقة هي قبل الميلاد ) . هذا الملك توفي بعد عام فقط من حكمه بسبب الطاعون ، وخلفه بالحكم أخوه ، الابن الثاني المدعو
" مورزيليس الثاني ( مُورشيللي ) – 1334 – 1306 ق.م – وعلى الرغم مما وصلنا عنه كمحارب عظيم مثل والده ، إلاّ أنه كان رقيقاً ، شاعرياً برغم ما وصل عنه من صعوبة في النّطق .
من هذا الملك نقدم ترجمة لما يعرف بـ " قصائد الطاعون " وهي من بدايات الأدب الحِثّي وذروته .




صلَوات الطّاعون



يا إله الطقس الحِثـِّي

يا سيّدي

وأنتِ أيّتها الآلهة التي هي سيّدتي

إن الأمر كذلك :

يُذنبُ المرءُ

وكذلك أَذنبَ أبي أيضاً

وتَخطّى كلمةَ إله الطّقس الحثّي

الذي هو سيّدي

غير أنني لْم أُذنب في شيءٍ

ولكنّ الأمر هكذا

خطيئةُ الأب تَنـتقِـلُ إلى الابنِ

وكذلك جاءت إليَّ خطيئةُ أبي

غير أنني اعترفتُ بها إلى إله الطّقس الحثّي

الذي هو سيّدي

وإلى الإلهة التي هي سيّدتي أيضاً

الأمْرُ هكذا :

لقد قمنا بذلك

ولأنني اعترفتُ بخطيئة أبي

فليلطّـفْ مشاعرَه إلهُ الطّقس الحِثـّيِّ

الذي هو سيّدي

والإلهةُ التي هي سيّدتي

ولتكنْ لطيفةً نحوي

ولتطردْ الطّاعونَ من بلاد حِثّـي .



أيتها الإلهةُ التي هي سيّدتي

والتي تريد الثّأر لدم ( تودْهالـِِيَاس )

الذين قتلوا ( تودْهالِـيَاس )

دفعوا ضريبةَ الدّماءِ

وأيضاً بلادُ حثّـي أَفـنَـتها ضريبةُ الدّماء هذه

وبذلك نالت أرضُ حثّـي ما عليها من جزاءٍ

ولأنّ جزاء الدّمَ جاء إليّ الآنَ

فسوف أقوم مع كلّ عائلتي

بالوَفاء به

بتقديم البَديلِ ( التّعويض ) وطـَلب الغُفرانِ

والإلهةُ التي هي سيّدتي

سيهدأُ خاطرُها

أعيدي عطفَك إليَّ

أيتها الإلهة ، التي هي سيّدتي

وسوف أَظهَرُ أمامَكِ

ولأنني أُصلّي إليكِ

استجيبي إليَّ

لأنني لْم أفعل شرّاً

ومن أولئك الذين غابوا وفعلوا الشُّرورَ

لْم يبقَ أحدٌ منهم ، لأنهم أمواتٌ

وبما أنّ مسألةَ أبي جاءت إليّ

انظري

فسوف أقدّم لكِ

أيتها الإلهةُ التي هي سيّدتي

من البلدِ الذي جاءَ ه الطّاعون

سأقدّم عطاءاتِ الغفران .

اطردي من قلبي الألمَ

وأما من روحي فانزِعي الخوف َ...



ملاحظة:
الترجمة الأولى التي قمت بها عن الألمانية ، نشِرت في دراستنا المنشورة في " مجلة البحث الـتاريخي " الصادرة بحمص العدد 3/1984 وفي كتاب ( ندوة حمص الأثرية والتاريخية الأولى ) 11 / -1984 .
في الترجمة الحاليّة - مطلع 2007 - أجريتُ بعض التعديلات الطّفيفة على بعض الصّياغات التي بدَت لي أكثرَ دقّةً ، فاقتضى الأمرُ التّنويه .
( د. شاكر مطلق )

الملك الحثي " موفاتّالِّس " - 1306 – 1282 – هو ابن الملك " مُورسيلس الثاني ( مُورشيلي ) – 1334 – 1306 – صاحب قصائد الطاعون ، وهو الذي حارب الفرعون " رعمسيس الثاني " وانتصر عليه في معركة " قادش " الشهيرة بالقرب من مدينة " حمص " السورية ( للمزيد : انظر المرجع عن دراستنا حول الموضوع أعلاه ) هذا الملك كان قد أصدر أمراً بضرورة بدء الصلوات بتمجيد إله الشمس ، وليس إله الطقس الحثي ، وهذه الترجمة تكشف عن مدى تأثير عبادة الشمس المصرية وبخاصة عند الفرعون " أخناتون " في المعتقد الحثي ، كما أننا نلمَس من خلال النص التالي التشابه القائم بينه وبين نشيد الشمس عند " أخناتون " .



إلهُ الشّمسِ السّماوي ، راعي البشر

أنت تصعدُ من البحرِ يا " إله الشمس السّماوي "

تصعدُ وتجولُ في السّماءِ .

( يا ) " إله الشمس السّماوي " ، يا سيدي

ابنُ الإنسانِ ، الكلبُ ، الخِنزيرُ ، وحيوانات الحقلِ البريّةِ

تنطِقُ بالعدلِ ( بينهم ) ، يا إله الشمس

يوماً تلوَ يومٍ .

====================

E-MAIL:mutlak@scs-net.org

مبارك مجذوب المبارك
18/09/2008, 02:40 PM
الدكتور شاكر
لك التحية على هذه النافذة النادرة التي اتاحت لنا التعرف على أدب مزدهر أضاعه الزمن، وبكل أسف فقد تم تعليمنا في المدارس أن الفلسفة والأدب والفكر إغريقية المنشأ، وأننا كنا ولا نزال مجرد مستهلكين، لكن بالنظر الدقيق سنجد أن ثقافات الشعوب تتلاقح وتنتقل، ولا يمكن الادعاء بوجود مورد وحيد...

وقد لفت نظري فقرة في هذا النص تلتقي مع نص توراتي:

إله الطقس الحِثـِّي
يا سيّدي
وأنتِ أيّتها الآلهة التي هي سيّدتي
إن الأمر كذلك :
يُذنبُ المرءُ
وكذلك أَذنبَ أبي أيضاً
وتَخطّى كلمةَ إله الطّقس الحثّي
الذي هو سيّدي
غير أنني لْم أُذنب في شيءٍ
ولكنّ الأمر هكذا
خطيئةُ الأب تَنـتقِـلُ إلى الابنِ
وكذلك جاءت إليَّ خطيئةُ أبي

ويمكن مقارنة ذلك بما ورد في التوراة:

:وَابْتَدَأَ نُوحٌ يَكُونُ فَلاَّحًا وَغَرَسَ كَرْمًا. 21 وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. 22 فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجًا. 23 فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ الرِّدَاءَ وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا إِلَى الْوَرَاءِ، وَسَتَرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا وَوَجْهَاهُمَا إِلَى الْوَرَاءِ. فَلَمْ يُبْصِرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا. 24 فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نُوحٌ مِنْ خَمْرِهِ، عَلِمَ مَا فَعَلَ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ، 25 فَقَالَ: «مَلْعُونٌ كَنْعَانُ! عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لإِخْوَتِهِ». 26 وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ. 27 لِيَفْتَحِ اللهُ لِيَافَثَ فَيَسْكُنَ فِي مَسَاكِنِ سَامٍ، وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ

نلاحظ أن كنعان المسكين والذي لم يرتكب أى جرم قد عوقب بجناية أبيه حام، فحام هو من ابصرة عورة ابيه وليس كنعان.
أى أنه وحسب النص الحثي:
خطيئةُ الأب تَنـتقِـلُ إلى الابنِ

والسؤال هو هل اخذت التوراة هذا النص من الحثيين أم العكس؟؟؟

الدكتور شاكر مطلق
19/09/2008, 09:21 PM
شكراً على تعليقك وسؤالك . الخطيئة المزعومة التي ورثّوها للإنسان الغَلبان ، تجدها في نصوص قديمة جداً ، وتظهرلاحقاً بأشكال أخرى ، وهو ما أسميه بـ ( قانون الأواني المستطرقة ، في الفكر أيضاً ) .مع تحيلتي .
د. شاكر مطلق