المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : The Moderate Muslim Brotherhood _ جماعة الإخوان المسلمين المعتدلة



محمديوسف
19/09/2008, 06:21 AM
عنوان الدراسة: The Moderate Muslim Brotherhood

جماعة الإخوان المسلمين المعتدلة

بقلم

روبرت إس. ليكين

و

ستيفن بروك

من الشؤون الخارجية، مارس/إبريل 2007

ترجمة: محمد يوسف محمد المحمودي




















ملخص: حتى بالرغم من إدانة المعلقين الغربيين لجماعة الإخوان المسلمين لتمسكها بأصولها الإسلامية، يدينها الراديكاليون في الشرق الأوسط من أجل تركها الجهاد واعتناقها فكر الديمقراطية. ومثل هذا الاعتدال النسبي يقدم لواشنطن فرصة كبيرة للتدخل – طالما أن صناع السياسة يقرون بتفاوت كبير بين الفروع والاهتمامات المختلفة للجماعة.
صديق أم خصم؟
تعتبر جماعة الإخوان المسلمين أكبر، أقدم وأكثر المنظمات الإسلامية نفوذاً في العالم. وتعتبر الجماعة أيضاً هي الأكثر إثارة للجدل، مدانة من قبل الرأي التقليدي في الغرب والرأي الراديكالي في الشرق الأوسط. وقد أطلق المعلقون على جماعة الإخوان المسلمين مسمى "الإسلاميين الراديكاليين" و "المكون الحيوي لقوة هجوم العدو ... المعادية جداً للولايات المتحدة." وقد سخر أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة منهم قائلاً بأنهم "يغوون آلاف الشباب المسلمين في مجريات فكر من أجل الانتخابات .. بدلاً من سوقهم في مجريات فكر من أجل الجهاد." ويتذمر المجاهدون من الإخوان المسلمين لرفضهم الجهاد العالمي واعتناق الديمقراطية. ويبدو أن هذه المواقف تجعلهم معتدلين، الشيء الوحيد الذي تسعى الولايات المتحدة إليه في العالم الإسلامي بعيداً عن حلفائها. لكن الإخوان يهاجمون بشدة السياسة الخارجية الأمريكية، خصوصاً دعم واشنطن لإسرائيل وتحوم الشكوك حول التزامها الفعلي بالعملية الديمقراطية. وعلى مدار العام الماضي، التقينا بعشرات القادة والناشطين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين من مصر، فرنسا، الأردن، أسبانيا، سوريا، تونس والمملكة المتحدة. وفي مناقشات طويلة وساخنة أحياناً، قمنا باستشكاف موقف الإخوان بشأن الديمقراطية والجهاد، إسرائيل والعراق ونوعية المجتمع الذي تسعى الجماعة إلى تأسيسه. وتعتبر جماعة الإخوان مجموعة من الجماعات القومية ذات تطلعات مختلفة، وفصائل مختلفة غير متفقة بشأن أفضل طريقة للدفع باتجاه تنفيذ مهمتها. لكن الجميع يرفض الجهاد العالمي بينما يعتنق الانتخابات والملامح الأخرى للديمقراطية. وهناك تيار أيضاً داخل جماعة الإخوان المسلمين يرغب في التدخل والتعاطي مع الولايات المتحدة. ففي العديد من العقود الماضية، دفع هذا التيار – مع حقائق السياسات العملية – الكثير من الإخوان المسلمين باتجاه الاعتدال. وقد عوق صنع السياسة الأمريكية باهتمام واشنطن برؤية الإخوان المسلمين – والحركة الإسلامية ككل – كوحش. وكان ينبغي على صناع السياسة أن يحللوا في المقابل كل جماعة قومية ومحلية بشكل مستقل ويسعون إلى تلك المنفتحة والميالة للتعاطي الإيجابي والعمل المشترك. وفي البحث المثير للقلق والذي لا يؤتى ثماره عن المعتدلين المسلمين، ينبغي أن يقر صناع السياسة أن الإخوان المسلمين يقدمون فرصة تستحق الاهتمام.
الإخوان الكبار
منذ تأسسها في مصر عام 1928، سعت جماعة الإخوان المسلين إلى دمج الصحوة الدينية بمعاداة الإمبريالية – مقاومة النفوذ الأجنبي من خلال تمجيد الإسلام. وفي بدايتها، كانت جماعة الإخوان المسلمين تختلف عن المصلحين الأوائل من خلال توحيد كل من الأيدلوجية الإسلامية بعمق مع النشاط الإسلامي المتأصل. وقد نشدت جماعة الإخوان المسلمين إنشاء مجتمع إسلامي سليم من خلال التربية، بالتركيز في المقام الأول على تغيير تطلع الأفراد، ثم الأسر والمجتمعات في نهاية ذلك كله. وبالرغم من أن أصول الجماعة كانت من أدنى الطبقة المتوسطة، إلا أنها سرعان ما دفعت بمنهجها الإسلامي في البرجوازية المحلية ووصلت إلى القصر. في ذات الوقت، قامت جماعة الإخوان بتشكيل جهاز مسلح خاص، مكررة القمصان الخضراء لمصر الفتاة، القمصان الزرقاء لحزب الوفد، القمصان البنية للنازية الناشئة والتنظيمات البرلمانية الأخرى التي كانت سائدة في الشرق الأوسط إبان تلك الفترة. وفي عام 1948، مع تزايد حدة التوترات المحلية، قامت الحكومة المصرية بحل جماعة الإخوان المسلمين. وفي وقت لاحق من ذلك العام، تورط عدد من الإخوان في اغتيال رئيس الوزراء. وبالرغم من استنكاره العلني والمعلن للمغتالين وتوبيخه لهم، تم اغتيال حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان، بعد فترة وجيزة هو الآخر – تاركاً جماعة الإخوان منقسمة تتنازع بشأن من يخلفه. وفي إيماءة لاسترضاء القصر ( وأيضاً لمنع فصيل آخر من السيطرة وبسط النفوذ) اختارت جماعة الإخوان أحد الدخلاء عليها، القاضي الذي يحظى بالاحترام والذي هو حسن الهضيبي ليخلف البنا في قيادة الجماعة. وقد تزامن اختيار الهضيبي مع الانقلاب العسكري الذي أطاح بملك مصر. وقد عملت حركة الضباط الأحرار، بقيادة العقيد جمال عبد الناصر وخليفته أنور السادات، عن كثب مع الإخوان المسلمين الذين تم جذبهم بالموقف القومي واللغة الدينية للضباط الأحرار. لكن وعد الضباط الأحرار باعتماد دستور إسلامي للبلاد أمر سرعان ما ثبت زيفه. ومن ثم قام عضو مكظوم تابع للجهاز العسكري الخاص لجماعة الإخوان بإطلاق الرصاص على جمال عبد الناصر أثناء إلقائه خطاب، الأمر الذي دفع النظام الجديد إلى الدفع بالكثير من أفراد المنظمة إلى سجون عبد الناصر القذرة، وكان القليل من أعضاء المنظمة الذين تم حبسهم ليست لديهم أدنى صلة أو علاقة بمغامرة الاغتيال. وبنجاة عبد الناصر من هذه المحاولة، ظهر الرجل كبطل عظيم، بينما ظهر الجهاز الخاص رديء السمعة للإخوان كعصابة لم يكن بمقدورها إصابة الهدف. وفي السجون، طبق الحراس نوع من التعذيب جعل من القومية العربية شيء سيء السمعة في كل من مصر، العراق وسوريا. وقد نبضت جراح الإخوان بأسئلة حتمية ومصيرية: كيف يمكن لأولئك الذين وقفوا كتفاً إلى تف معنا ضد البريطانيين والملك أن يطلوا كلابهم علينا الآن؟ هل يمكن أن يكون أولئك المسلمون الذين يظهرون التقى مسلمين في الواقع. وقد قدم سيد قطب، أكثر مفكري الإنسان ظهوراً وقتئذ، الإجابة التي ظل صداها حتى القرن الحادي والعشرين: إنها أعمال الكافرين. وبموجب ذلك، كان المعذبون والأنظمة التي يعملون تحت مظلتها أهداف مشروعة للجهاد. لكن من خليته، اختلف الهضيبي مع قطب في استنتاجه. وكان الهضيبي يعتقد أن الله وحده هو الذي يحكم على الإيمان. ورفض الهضيبي التكفير، قائلاً أن "من يحكم على شخص بأنه لم يعد مسلماً ... يحيد عن الإسلام ويستبق مشيئة الرب وإرادته من خلال حكمه على دين شخص آخر." وقد سادت داخل الإخوان رؤية الهضيبي المتسامحة – فيما يتماشى مع رؤية البنا التأسيسية – الأمر الذي عزز وقوى العمل المعتدل للجماعة. لكن النظام روع "التكفيريين"، الذي انشقوا من جماعة الإخوان، ولفظ قطب أنفاسه الأخيرة على مشانق ناصر في عام 1966، واستمرت ذكراه ومنهجه كنبي وشهيد للجهاد. وقد قال عنه عضو مؤسس للجماعة الإسلامية: "لقد أثر قطب في أولئك المهتمين بالجهاد عبر العالم الإسلامي"، والجماعة الإسلامية هي جماعة جهاد في السابق معروف عنها قيامها بشن حملة متواصلة ضد السائحين الأجانب في مصر خلال الثمانينات. وواصل ذلك العضو حديثه بنبرة حزن: "لقد تخلى الإخوان عن أفكار سيد قطب." لقد اتبع الإخوان مسار التسامح ووجدوا الديمقراطية متوافقة مع فكرتهم المتمثلة في التحول للاتجاه الإسلامي ببطء. والمجتمع الإسلامي، حسب فكرتهم، سيرغب بالطبيعة في تتويج قادة إسلاميين ودعمهم من خلال صناديق لاقتراع. وقد برر الإخوان الديمقراطية مراراً على أسس ديمقراطية من خلال التأكيد على أن "الأمة" هي مصدر السلطة. ومن أجل السلطة الشعبية، قامت جماعة الإخوان المسلمين بتشكيل تحالفات انتخابية مع علمانيين، قوميين وليبراليين. وبكونهم خسروا الصراع الداخلي لصالح الإخوان، أعاد الراديكاليون تجميع أنفسهم خارج البلاد، في فصائل وفرق تحاول الإطاحة بالأنظمة عبر لعالم الإسلامي. (وتؤسس جماعات مثل جماعة الجهاد اللب المصري للقاعدة.) وتنظر هذه الحركات الجهادية لاعتناق الإخوان للديمقراطية على أنه تجرؤ على الله. وباستشهادهم بطب، تزعم الحركات الجهادية أن أي حكومة لا تحكم بالشريعة وحدها تعتبر كافرة؛ ولا تعتبر الديمقراطية تكتيك خطأ فحسب، وإنما هي خطيئة لا يمكن الصفح عنه، لأنها تعلي السيادة البشرية على الله. وقد دعاها، أي الديمقراطية، أيمن الظواهري "تأليه للبشر". واعتبرها أبو حمزة المصري، الشيخ الراديكالي صاحب العين الواحدة الذي يترأس مسجد فينسبيري بارك ردئ السمعة بلندن "دعوة تمجيد ذاتي عالية ومدوية، تتبنى فيها جماعة أفكار وتطالب بحقوق، تضع أفكارها لتصويت والانتخاب عليها ومن ثم فهي تضع أفكارها وقراراتها فوق قرارات وتقديرات الله." أما أبو محمد المقديسي (الذي وجدته دراسة أجراها مؤخراً مركز ويست بوينت المفكر الإسلامي الحي الأكثر نفوذاً وتأثيراً) فيرى أن الديمقراطية شرك بين وهي كذلك نوع من السرك يحذرنا الله منه في كتابه."
من ناحية أخرى، يتشكك الكثير من المحللين بشأن ما إذا كان التزام الإخوان بالديمقراطية مجرد أمر تكتيكي وانتقالي قابل للتغيير بعد – التزام انتهازي، في كلمات المؤرخ برنارد لويس، "رجل واحد، تصويت واحد، مرة واحدة." ووراء هذا التحذير يوجد تاريخ ممتد لمنظمات الكادر المشابه التي وعدت بالديمقراطية وتخلت عنها حالما وصلت للسلطة: البلاشفة، النازيين، حزب البعث في العراق وسوريا وحتى الناصريين. ويوجد هناك شك في أن جماعة الإخوان قد فكرت ملياً بما ستفعله بالسلطة. وبالرغم من أن الجماعة قد دفعت من خلال العملية الانتخابية لتعريف شعارها – "الإسلام هو الحل" – إلا أن المتماثلات الحكومية الإسلامية نادرة، ويندر وجود النظائر ندرة "الدولة والثورة" عند لينين أو "منتقد برنامج جوثا" بالنسبة لماركس. لكن في جانب واحد على الأقل، تختلف جماعة الإخوان عن تلك السابقات التحذيرية: طريقها إلى السلطة ليس ثورياً؛ تعتمد الجماعة على الفوز بالقلوب خلال تحول تدريجي وسلمي لتطبيق تعاليم الإسلام. وفي ظل هذه الاستراتيجية الحذرة، تسعى جماعة الإخوان إلى الاندماج مع القوى المتواجدة – مقدمة قناة للسخط بينما توسع من نفوذها ببطء. وحسب ما أخبرنا به أحد أعضاء الإخوان الكبار، "سيكون من غير العدل أن تصل جماعة الإخوان للسلطة قبل أن تكون أغلبية المجتمع مستعدة ومعدة لدعمها." ثمة قيادي آخر بجماعة الإخوان أخبرنا أنه إذا ما كنا سنحكم بغير حكمة، سنواجه هزيمة انتخابية، "سنكون قد خسرنا الشعب وسيكون لأي حزب جديد الحق في الوصول للسلطة. لن نحرم أي أحد من حقوقه." وفي مناقشات مطولة مع حلفاء الإخوان المسلمين المتباينين عبر الشرق الأوسط، سمعنا الكثير من تعبيرات الثقة أن الجماعة ستشرف العمليات الديمقراطية.
دوائر الجدل الداخلية
لقد أعطت السجون الشرق أوسطية، الدولارات النفطية (من عائدات النفط)، التنافسات الجيوبوليتيكية و"الصحوة الإسلامية" دفعة وصحوة للحركة الإسلامية المنوعة بشكل كبير. ولسوء الحظ، يعتبر الظل مفقوداً في كثير من الحوار الغربي الحالي. ويتجاهل سوق هذه القطعان المختلفة إلى زريبة اصطلاحية واحدة حسب التسمية "الوهابية" أو "السلفية" الخلافات والفوارق بين كليهما – وهو الأمر الذي يورط ويفشل التفكير الاستراتيجي نتيجة لهذا التخبط. وعندما سألنا منتمين للإخوان المسلمين في الشرق الأوسط وأوروبا عما إذا كانوا يعتبرون أنفسهم سلفيين (كما يتم تحديدهم وتسميتهم عادةً)، كان يردون عادةً على سؤالنا برد كلينتوني: "ذلك يعتمد على تعريفكم للسلفية". إذا كنا نعني بالسلفية النمط الانبعاثي الحديث على شاكلة نموذج الإسلام الذي نادى به كل من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده (من مصلحي القرن العشرين الذين أثروا في البنا)، عندها نعم نحن سلفيون. لكن ثمة موقع غريب على شبكة الإنترنت (www.salafipublications.com (http://www.salafipublications.com/)) يديره سلفيون يعتقدون أن الدين ينبغي ألا يخلط بالسياسة وأن الحكام الحاليين ينبغي دعمهم دون قيد أو شرط تقريباً، ويشن هذا الموقع هجوماً على كل من الأفغاني وعبده لابتعاد كل منهما عن "العقيدة" السلفية. (هذا هو رأي المؤسسة الدينية السعودية، لأسباب واضحة.) ويذهب أدعياء التقوى هؤلاء، "الذين تم تدريب وتعليم أغلبهم في المؤسسات السعودية الرسمية، إلى أن مشاركة الإخوان المسلمين في الحياة السياسية قد حولتهم إلى "إخوان مفلسين". وحسب قول أحدهم، "يوجد لجماعة الإخوان المسلمين أهداف واستراتيجيات سياسية دفعتهم أو تدفعهم إلى تقديم تنازلات للغرب. وبالنسبة لنا، نحن السلفيين، يعتبر الهدف دينياً خالصاً." ويرى مشايخ وأئمة آخرون أن جماعة الإخوان المسلمين تساعد على جعل المسلمين في كل من الشرق الأوسط وأوروبا راديكاليين. لكن في الواقع، يبدو أن الإخوان يعملون على إثناء المسلمين عن العنف، بدلاً من توجيههم إلى الحياة السياسية أو الأنشطة الخيرية. وحسب ما أخبرنا به عضو رفيع من مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين في القاهرة: "لو لم يكن هناك جماعة إخوان، لكان أغلب شباب هذه الحقبة قد اختار مسار العنف. لقد أضحى الإخوان صمام أمان للاعتدال الإسلامي." وقد صرح قائد جبهة العمل الإسلامي الأردنية، حزب سياسي تابع للإخوان المسلمين في الأردن، أن جماعته تفوقت على الحكومة في تثبيط الهمم عن الجهاد: "إننا قادرون بشكل أفضل على تنفيذ مواجهة فكرية، ليس مواجهة أمنية، مع قوى التطرف والتعصب." وفي لندن، عارض قادة جماعة الإخوان في منهجهم منهج الجماعات الراديكالية، مثل حزب التحرير، التي كانت تسعى "إلى دفع المجتمع إلى نقطة الغليان." وتدعي جماعة الإخوان تحقيق النجاح في تخليص الراديكالية من طبقاتها عبر النظام التنظيمي والبرنامج التعليمي الجاد. (قد أوضح أحد أعضاء الإخوان المسلمين أن شعار المنظمة كان من الممكن أن يكون "استمع وأطع.") إذا ما كانت جماعة الإخوان تريد ارتكاب العنف، سيترك التنظيم يقوم بذلك. هذا يعني، ثمة عدد من المسلحين قد اخترقوا وتوغلوا عبر جماعة الإخوان منذ بدايتها، ولا يعتبر المسار من جماعة الإخوان إلى الجهاد مدفوناً في الرمال. ثمة ارتدادات قد حدثت على مدار التاريخ عندما واجهت المنظمة تجمعاً للضغوط الداخلية والخارجية، كما حدث عندما نشأ أو ظهر العنصر "التكفيري" تحت القمع ليفرز حركة الجهاد المصرية. واليوم، على الرغم من هذا كله، من الأكثر احتمالاً أن يترك عض الإخوان الجماعة للحاق بمركز معتدل بدلاً من المضي للجهاد. وفي منتصف التسعينات، حدث استياء داخلي بشأن تسجيل حزب سياسي في سياق التضييق الحكومي على هجمات الحركات الجهادية. وقد أدت هذه الضغوط إلى خروج بعض الإخوان عن الجماعة، قام العديد منهم بتشكيل أساس الحركة "الوسطية" الليبرالية، بما في ذلك بما في ذلك حزب الوسط المعتدل (حزب الوسط). ثمة قضية أخرى للقلق الدائم هي إرث قطب الملتبس في جماعة الإخوان المسلمين. إن انتقاد "الشهيد"، حسب ما جرى عليه تعريف قطب، يتطلب لمسة جراحية: فقد مات الرجل في خدمة المنظمة لكنه حاد بعيداً عن رؤية مؤسس الجماعة. وحتى قول الهضيبي "دعاة، لا قضاة"، يعتبر تفنيد غير مباشر لكن واضح لقطب، لم يذكره أبداً. في الوقت الحاضر، يحتفي الإخوان بقطب، الشخص البارز الذي لا يمكن الحد من شأن أفكاره وآرائه عن الجهاد. لكن الجماعة تؤيد الاتجاهين في اعتناق أفكار قطب بينما تقول في نفس الوقت أن تعاليمه العنيفة قد أخرجت عن سياقها. ما هي الدروس التي سيتوصل إليها الأعضاء الشباب الذين يميلون أو يتم إغواؤهم للعمل الراديكالي؟ بينما هبت الحركات الجهادية إلى النقاط الأدق لأعمال القتل الدولية، تكتل الإخوان دون ذلك سعياً وراء أهداف قومية.
على صعيد آخر، في انتخابات نوفمبر 2005 التشريعية التي أجريت في مصر، انضم مرشحون مستقلون، أو كانوا يتبعون، للإخوان الأمر الذي يعتبر محظوراً رسمياً، لكنه لا زال مسموحاً، وفازوا بنسبة 20% من مقاعد مجلس الشعب وهو الأمر الذي يعتبر مفاجأة ومثيراً بشكل خاص خصوصاً مع ترويع الناخبين والتزوير الواسع من قبل الحكومة. وفي البرلمان الجديد، قامت جماعة الإخوان بتنسيق مساعيها التشريعية من خلال تشكيل لجنة خبراء داخلية، تعرف باسم "المطبخ البرلماني"، التي تجمع مرشحي الإخوان وفق تخصصاتهم. وبدلاً من مواصلة أجندة دينية أو ثقافية صارمة، دفعت جماعة الإخوان من أجل وضع أكثر قبولاً وأكثر تحملاً، وقامت الجماعة بانتقاد تعاطي الحكومة مع تهديد أنفلونزا الطيور وطالبة بالمسائلة والمحاسبة عن سلسلة كوارث القطارات، الأتوبيسات والعبارات الأخيرة. وقد جعلت هذه التقدمات الانتخابية والانتقادات المعتدلة والتطبيقية العلاقات مع الحكومة المصرية متوترة بشكل متزايد. وقد تتابعت المكاسب الانتخابية للإخوان، في مايو 2006، بدعمهم إصلاح واستقلال القضاء. وقد أدت إعدادات الرئيس حسني مبارك المشتبه فيها لتسليم السلطة لنجله جمال إلى مزيد من التضييقات وإجراءات القمع على المعارضة. وتزيد مثل هذه الضغوط من الاختلافات بين العديد من الاتجاهات والاهتمامات في جماعة الإخوان المصرية. ومنذ الثمانينات، كان أصحاب المهن والوظائف من الطبقة المتوسطة يدفعون في اتجاه أكثر شفافية ومرونة. وبالعمل داخل النقابات العمالية والمنظمات المهنية، وقد تعلم هؤلاء المصلحون صياغة تحالفات معهم وتوفير الخدمات لناخبيهم. وقد أخبرنا قائد الفصيل الإصلاحي: "سيحدث الإصلاح فقط إذا ما عمل الإسلاميون مع القوى الأخرى، بما في ذلك العلمانيين والليبراليين." يجد هذا التيار مكاناً مريحاً ومقبولاً داخل حركة كفاية المصرية، التي تعتنق الإخوان مع غيرهم من الليبراليين، العلمانيين، القوميين واليساريين. وقد ولدت كفاية في معارضة محمومة للحرب في العراق وتشكل الآن لب المعارضة الديمقراطية المصرية. (من المثير للسخرية أن الحرب التي شنت باسم تعزيز الديمقراطية قد تمخضت عن جبهة ديمقراطية في مصر على خلاف مع الولايات المتحدة وحربها.)
من ناحية أخرى، يتبارى الجناح الإصلاحي للإخوان مع المحافظين في المناصب العليا في المنظمة الذين يحملون ندبة القمع والتكتم. وقد حدثت أكثر الانقسامات حدة بشأن مسألة تشكيل حزب سياسي، حجر أساسي للأجندة الإصلاحية. وسيخدم ذلك الأمر، حسب قول الإصلاحيين، أهداف أكثر شمولاً واتساعاً للمنظمة من خلال إعطاء جماعة الإخوان أرضية لنشر رسالتها بين جمهور آخر غير متاح. ويذهب المحافظون إلى القول بأنه ينبغي أن يكون الحزب ملحقاً وتابعاً للحركة، مطوعاً للحياة السياسية وحدها. في غضون ذلك، ستقوم الحركة الاجتماعية للإخوان المسلمين بمهامها خارج نطاق السياسة، مهام مثل المشروعات والأعمال الخيرية، التعليم والصحة.
حب أخوي أم تنافس أسري؟
بالرغم من أن فرع الإخوان في مصر لا يزال الأكثر نفوذاً للجماعة، انتشرت الفروع الأخرى التابعة للجماعة عبر الشرق الأوسط وأوروبا. لكن لا يوجد التئام إسلامي دولي أو تنسيق موحد. فالتنظيم الدولي المروع لجماعة الإخوان يعتبر تحالفاً فضفاضاً وغير فعال، نادراً ما يكون قادر على الاجتماع أو جمع أعضائه. في الواقع، يعتبر الوهن الدولي لجماعة الإخوان المسلمين نتاج نجاحاتها المحلية: الاستقلالية المحلية والقدرة على الضبط والتعادل مع الأوضاع والظروف المحلية. كما أن الانتماءات والتبعية الأيدلوجية التي تربط تنظيمات الإخوان على الصعيد الدولي تخضع للأولويات المحلية التي تتشكل كل على مفردها. ومع كونها مقموعة عبر الكثير من دول العالم العربي و، عبر الطلاب والمنفيين ومن هم في الشتات، في أوروبا. وفي مطلع الثمانينات، سعت جماعة الإخوان المصرية إلى تأسيس وإقامة تنسيق بين عشرات الجماعات المحلية التابعة لها. لكن المعارضة كانت عالمية. وبالجوار من مصر، اعترض حسن الترابي ملهم جماعة الإخوان المسلمين السودانية: "لا يمكنكم إدارة العالم من القاهرة." وعندما قامت العراق بغزو الكويت في عام 1990، اعترضت ورفضت جماعة الإخوان المسلمين الكويتية الاعتراف التنظيم العالمي وانسحب الأخوان من هذا التنظيم آخذين معهم حقائبهم الممتلئة. وتعتبر الحكومة التي أقامتها الولايات المتحدة في العراق تفاحة خلاف أخرى. ففي حين وقف الإخوان المسلمون في الشرق الأوسط وأوروبا ضد الحكومة العراقية "الدمية"، جلس فرع الإخوان المسلمين العراقي في البرلمان العراقي. وفي الآونة الأخيرة، كان التحالف بين جماعة الإخوان المسلمين السورية وعبد الحليم خدام، نائب الرئيس السوري السابق والمنشق عنه، مرفوضاً وهجوماً في آن واحد على فروع الإخوان الأخرى. أيضاً، زادت حرب الصيف الماضي في لبنان من حدة ذلك الانقسام، نظراً لأن الإخوان السوريين قد انحازوا إلى استنكار تدخل الأسد في لبنان، بينما احتشد باقي الإخوان خلف حزب الله. ويوجد للفروع النحلية أيضاً آراء مختلفة ومتفاوتة عن الولايات المتحدة. ففي مصر والأردن، حتى وإن كانت الجماعة قد نظرت في الشراكة مع واشنطن ضد "الأوتوقراطية والإرهاب"، انتقد الإخوان، مدفوعين نوعاً ما بمخاوف واهتمامات انتخابية، الولايات المتحدة بشدة. ومع ذلك، تدعم جماعة الإخوان السورية بشكل كبير مساعي إدارة بوش لعزل النظم السوري؛ كما أن نوع التصريحات التهويلية المعادية للولايات المتحدة المتماثل في كل من لأردن ومصر يعتبر نادراً في سوريا. وحتى فيما يتعلق بالقضية المركزية التي هي قضية إسرائيل، يطالب كل تنظيم محلي بطريقته الخاصة. فقائد كل جماعة من جماعات الإخوان تحدثنا معه يدعي الرغبة في إتباع نهجه حتى لو اعترفت حماس، سليلة حركة الإخوان، بالدولة اليهودية. وقد تكون مثل هذه الاعتقادات متأصلة في الافتراض الواثق من ارتجاع حماس، لكن الموقف مع ذلك يتوقف في خانة راحة حادة لأغلب المجاهدين. ووفق تعبير الظواهري عن وجهة نظر المجاهدين، "لا يملك أحد الحق، سواء كان فلسطيني أم لا، في أن يتخلى أو يتنازل عن حبة رمل فلسطين، ففلسطين أرض إسلامية واحتلها الكافرون." وتجيز جماعة الإخوان المسلمين الجهاد في الدول والمناطق المحتلة من قبل قوة أجنبية. ومثلما كان الحال في أفغانستان تحت الاحتلال السوفييتي، ينظر الإخوان للنضال في العراق وضد إسرائيل على أنه "جهاد للدفاع عن النفس" ضد الغزاة، المعادل العملي الإسلامي للمنهج المسيحي "الحرب العادلة."
وفوق هذا كله، يعطي فشل الأخوان في التأكيد على البعد الديني العذر للمجاهدين، الذين يسخرون من الإخوان (بما فيهم حماس) لقيامهم بالجهاد من أجل قيامهم بالجهاد في سبيل الأرض وليس في سبيل الله. ولنقارن تصريح يوسف القرضاوي التابع للإخوان الذي ذهب للقول بأن "العداوة بيننا وبين اليهود هي عداوة من أجل الأرض فقط"، مع تصريح الظواهري: الله سبحانه وتعالى جعل الدين هو الأساس الذي نبني عليه عداوتنا وقتالنا." وينكر الإخوان المسلمون حسب ما تم التعبير عنه ما يشاع أن تنظيمهم معادي للسامية. و قد أوضح المرشد العام الحالي لجماعة الإخوان المسلمين، محمد مهدي عاكف، أنه لا يوجد صراع بين الإخوان المسلمين واليهود، إنما الصراع فقط بين الإخوان المسلمين والصهاينة (الذين، كما أخبرنا عاكف، "ليسوا بيهود"). وبالرغم من هذه الإنكارات، عبر أدب الإخوان هن الكراهية لكل اليهود، وليس الصهاينة فقط. ففي ملحق للأطفال في جريدة الدعوة التي كانت تصدر عن الإخوان (عدد أكتوبر 1980) على سبيل المثال، تم إعطاء دروس وتوجيهات للأطفال الصغار بعنوان: "أعداء دينك": "اليهود يا أخي، يا شبل الإسلام، أعداؤك وأعداء الله .... يا شبل الإسلام، امحهم من الوجود." لكن في خطبة أخيرة بمسجد صومالي في شمال لندن، أعلن كمال الهلباوي – المزمع كونه أحد أعضاء الإخوان المسلمين الأكثر نفوذاً وتأثيراً في المملكة المتحدة – أنه كي يكون المرء مسلماً صالحاً فإن الإسلام ليس كافياً. فبعد الإسلام توجد مراعاة حقوق الجوار وقد ربط الهلباوي هذا الموضوع بقصة: "كان للفقيه الإسلامي المشهور عبد الله ابن المبارك جار يهودي. وأراد اليهود أن يبيع داره. فسأله المشترون عن ثمن الدار وأجاب: ثمن الدار ألفين"، فقالوا له، "لكن دارك لا تساوي إلا ألف"، أجباهم "نعم، لكني أريد ألف ثمن الدار وألف أخرى مقابل الجار الطيب الذي سأتركه لمن يأخذ الدار." وبعد الصلاة، سألنا الهلباوي عما إذا كانت التقارير الأخيرة عن معاداة المسلمين للسامية في الأراضي الإنجليزية قد ألهمته هذه الخطبة، التي أثنت بوجه عام على اليهودي لكشفه عن قيمة إسلامية مقدسة. وقد رد الشيخ بكلمة "بالضبط". لقد واجه المسلمون اتهامات باستغلال واستخدام "حوار مزدوج" مخادع: فكلمة قمة الاعتدال في الإنجليزية تصبح قمت السوء والتطرف في العربية. وثمة مقال صدر أخيراً في جريدة "الاتجاهات الحالية في الأيدلوجية الإسلامية" اكتشف وجود فوارق وتباينات مزعجة بين النسخ الإنجليزية والعربية لمقالات محددة على موقع الإخوان المسلمين الرسمي على شبكة الإنترنت. لكن خطبة الهلباوي قد ألقيت بشكل خاص واستثنائي باللغة الإنجليزية دون تغيير للصياغة في العربية. وقد عرض هذا التوجه العام بطريقة أكثر إقناعاً من توجه الإخوان الذي يفصل بين معاداة الصهيونية ومعادة السامية.
الإخوان بالخارج
في أوروبا، تمثل الجماعات التي يقودها الإخوان الأقليات في الدول الديمقراطية العلمانية وهم يفطنون إلى أنهم سيظلوا أقليات على مدار المستقبل المنظور. لا أحد يسعى بشكل نشط إلى تحويل بني بلده إلى الإسلام. في المقابل، يتم التأكيد والتشديد على حقوق الأقليات الدينية. (من المثير للسخرية، أن التنظيمات الأوروبية (الموجودة في أوروبا مع كونها مسلمة) الملهمة بالإخوان تستفيد استفادة كاملة من التسامح الديني الرسمي الكبير، ملهمةً بالتجربة والخبرة النازية المعادية للسامية.) ثمة مثال على المنهج الأوروبي للإخوان جاء عقب قيام صحيفة دنمركية بنشر رسوم تسيء للرسول محمد العام الماضي. وبالرغم من أن شبكاتها العابرة للحدود قد ساعدت على نشر الكلمات والتصريحات بشأن الرسوم، طالبت كافة الفروع رسمياً باحتجاج سلمي. وقد أدان اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، تجمع للهيئات والمنظمات التي يترأسها الإخوان بأوروبا، الصحف الأوروبية التي قامت بنشر الرسوم لكن نادراً أو بالكاد ما كان هناك ذكر للمصطلحات والكلمات الشديدة واللاذعة. وبالرغم من أنه انتقد الرسوم لإيذائها مشاعر المسلمين، قام الاتحاد بتخصيص فضاء أكثر وأكبر للمطالبة بتعاون متزايد بين المسلمين وغير المسلمين. أما الجماعات الجهادية، فعلى النقيض، فكانت تعرض أموال وهبات مقابل رؤوس الرسامين وقاموا بتنسيق "أيام حرق السفارات." وفي فرنسا، أوجد تزايد عدد المسلمين، التقارير الصحفية والحكومية المقلقة بشأن نشر أفكار التحول الإسلامي في المدارس، شيوع "مساجد الجراجات" الراديكالية، تزايد حدة المظاهرات الساخطة للمسلمين ضد إسرائيل، انتهاك حرمة المقابر اليهودية، كثرة الهجمات على النساء المتبرجات وكثرة المؤامرات الإرهابية المحبطة، انطباعاً عاماً، داخل وخارج البلاد، بتعاظم المد والظهور الإسلامي الراديكالي. هذا هو سبب اندفاع عدد من المراقبين الفرنسيين والمراقبين حول العالم لتسمية أعمال الرمي بالحجارة وأعمال الشغب التي طفقت تحرق السيارات في 2005 في أحياء يقطنها المسلمون بشكل كبير باسم "الانتفاضة الفرنسية." لكن على مدار ثلاثة أسابيع ونصف من أعمال الشغب، فشلت الحركة الإسلامية في جعل وجودها مشعوراً به، فم تزل بعد على الأقل قاصرة عن إقامة الشريعة في بعض الأحياء المغمورة، حسب ما أعلن عنه من قبل المراقبين المنزعجين. وحسب هيئة استعلامات إدارة الاستخبارات المحلية بفرنسا: "لم يلعب الراديكاليون الإسلاميون دوراً في إثارة أو نشر العنف، بل على العكس، يوجد لديهم اهتمام ومصلحة في إعادة الأجواء إلى الهدوء بشكل سريع لتجنب اتهامهم بأي شيء." وقد أخبرنا مسئول فرع باريس لهيئة استعلامات إدارة الاستخبارات المحلية أنه تم اعتقال 3.000 من القائمين بأعمال الشغب في باريس ولم يكن من بينهم أحد معروف بانتمائه لجماعة إسلامية وأنهم يراقبونهم عن كثب. في الواقع، عندما نشأ وبزغ الإسلاميون، كان الأم يتعلق بمحاولة تهدئة القائمين بأعمال شغب الخريف، الذين كانوا غالباً يحيونهم بوابل من الحجارة. ومن جانبها، حظرت منظمة اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا التابعة للإخوان في فتوى لها أعمال الشعب. وقد كانت هذه الفتوى قمة استراتيجية اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، التي صيغت قبل 15 عاماً، لينظر إليه على أنه شريك يعتمد عليه للحكومة الفرنسية. وقد أخبرنا مسئول كبير بوكالة المراقبة المحلية أن اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا "يحتاجهم"، حسب ما هو مفترض للإقرار بأن المنظمة لا تشكل خطراً. وكذلك، عندما حظرت السلطات الفرنسية ارتداء الحجاب، كان موقف اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا هو التوفيق والتكيف. مع أن موقف الاتحاد الحذر بشأن القانون قد خيب أمل فروع جماعة الإخوان الأخرى في أوروبا. وكانت هذه الفروع تطمح لأن يكون نظيرها الفرنسي أكثر قوة وكانوا يخشون من أن يقدم الفرنسيون سابقة للجماعات الإسلامية الأوروبية الأخرى ذات التوجه الأكثر انعزالية. وكجزء من استراتيجيتهم منحطة القدر والمتعاونة مع العدو، التزم اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا أيضاً موقفاً حصيفاً حذراً من الشخصيات الداعية مثل شخصية الإخوان رديئة السمعة في الغرب، القرضاوي، لتبريره الجهاد في كل من إسرائيل والعراق. الأمر الجدير بالذكر في هذا السياق أن القرضاوي لم توجه له الدعوة إلى المؤتمرات السنوية لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا. (بالنسبة للكثير من الإسلاميين، لا يعتبر القرضاوي راديكالياً، إلى الحد الذي دفع رجل الدين الجهادي أبو بصير الترتوزي مهتم بالأمر ومتخوف منه حيث قال: "القرضاوي يستحق العزل لاعتداله".)
من ناحية أخرى، تتناول صحيفة الاتحاد الصادرة عن اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا مع هذا كله قضية فلسطين بحذر، داعمة فقط التبرعات الخيرية للاجئين وتقدم الفلسطينيين كضحايا وليس كمحاربين. ولا يشارك اتحاد المنظمات الإسلامية في مظاهرات مؤيدة لفلسطين ويتناول بوضوح النزاع العربي-الإسرائيلي. ولم يشارك الاتحاد في مظاهرة في تظاهرة 2003 المحلية ضد الحرب في العراق، ولا في المسيرات الحاشدة التي انطلقت في ربيع 2006. ولابد أن غياب المنظمة من كل من أعمال الشغب والمسيرات، في الدولة الأوروبية ذات أكبر عدد من المسلمين، سيخفف من المخاوف من استيلاء الإسلاميين على أوروبا. ويختلف تعقل اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا بشكل كبير عن نظيره البريطاني، رابطة مسلمي بريطانيا، التي ترحب بشدة بأمثال القرضاوي. وبالرغم من أن بها ربع عدد مسلمي فرنسا، إلا أن مسلمي المملكة المتحدة أشد غضباً وأكثر حزماً وأكثر ميلاً بكثير للإرهاب.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا أكثر نفوذاً من رابطة مسلمي بريطانيا، لكن الرابطة تتضاءل في بحر أكثر عصفاً بكثير. وعندما قام الإخوان المسلمون بتشكيل رابطة مسلمي بريطانيا في عام 1997، لم تكن سوى واحدة من المنظمات الإسلامية الكثيرة في المملكة المتحدة. الكثير من هذه المنظمات كان راديكالياً، ينبذ الاعتدال، وإن كانت أكثر أصولية، تقاليد ومذاهب ديوباندي وبيرلوي من الأصول. وقد كان المجال لهذا الجيل هو البعثة الإسلامية بالمملكة المتحدة، سليلة الحركة الإسلامية الباكستانية التي أسسها أبو العلا المودودي. وفي حين كان صوت اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا يتعالى في حجرة صغيرة للنشطاء الإسلاميين الفرنسيين كان صوت رابطة مسلمي بريطانيا خافتاً يحاول ويسعى لأن يسمع في قاعة شاسعة كان الصغار يرمون البيض الفاسد على القدامى والكبار. وكلما زاد نفوذ رابطة مسلمي بريطانيا، بدأت الرابطة تعمل مع الحكومة البريطانية. وقد كان هذا التعاون ملحوظاً بخصوص مسجد فينسبيري بارك بلندن. وقد اكتسب هذا المسجد سمعة سيئة نظراً لخطيبه السابق سيء السمعة. وبالرغم من اعتقال المصري وطرده من المسجد، إلا أن أتباعه عادوا وسرعان ما استعادوا السيطرة. وقد عرضت الشرطة، مترددة في التدخل بشكل مباشر في دار العبادة، على رابطة مسلمي بريطانيا السيطرة على المسجد في مقابل تخليصه من الراديكاليين. وقد حصلت رابطة مسلمي بريطانيا على الأغلبية في مجلس إدارة المسجد واجتمعوا لاستعادة المبنى. وبالرغم من أن رجال المصري حاولوا اقتحام المسجد، إلا أن مؤيدي رابطة مسلمي بريطانيا المجتمعين تعاملوا معهم. ومن حينها تخبرنا الشرطة أن "شركائهم الفاعلين والمعتمد عليهم" قد قاموا بإزالة الراديكالية عن بعض أتباع المصري السابقين. وقد وضع التعاون المفتوح مع السلطات رابطة مسلمي بريطانيا على النقيض مع جماعات راديكالية مثل حزب التحرير. ويتبع النزاع أو الخلاف بين رابطة مسلمي لندن وحزب التحرير بالكاد خطوط جيلية وعرقية: تم تمثيل مسلمين شباب من أصل باكستاني بشكل مكثف في حزب التحرير، حيث انضم المسلمون الأكبر والأصغر من أصول عربية لرابطة مسلمي بريطانيا. وقد اخبرنا عضو سابق في حزب التحرير أن جماعته "تسيطر على المشهد البريطاني." وقد ساق ذلك العضو تقديراً أن حزب التحرير كان لديه 8.500 عضو في المملكة المتحدة؛ بينما كان بمقدور رباطة مسلمي بريطانيا التباهي بألف عضو فقط. إن حزب التحرير غير العنيف رسمياً في حد ذاته هو خطوة كاملة بعيدة عن موضوعات وجوانب التقييم الأخير للنشاط الجهادي الذي قام به رئيس الأمن الداخلي البريطاني: "ثمة 200 مجموعة أو شبكة إجمالي ما بها يفوق 1600 فرد معروف (وسيكون هناك الكثير مما لا نعرفه) يشتركون بشكل فعال في التآمر والتخطيط لتنفيذ عمليات أو تسهيل أعمال إرهابية في لندن وعبر العالم." وفي ضوء هذه الأعداد، لا عجب فيما أخبرنا به مسئولو رابطة مسلمي بريطانيا أن جماعتهم "كانت متخلفة لعقد للوراء" وأنهم لا يحصلون على أرض ضد الجماعات الراديكالية في المملكة المتحدة.
الانقسام والمشاركة
مثلها مثل الكثير من الحركات البعثية الإسلامية، ولدت جماعة الإخوان المسلمين معادية للإمبريالية، مثل الولايات المتحدة، وستتبع نجمها وتدور في رحابه. فإذا ما عارضت الفروع الأخرى شفعة المنظمات التابعة، ما مدى احتمال تبنيهم وتقبلهم النفوذ والنمط الأمريكي؟ لكن التعاون في مجالات محددة للاهتمام المشترك – مثل معارضة القاعدة، تشجيع الديمقراطية والتصدي للنفوذ الإيراني المتزايد – يمكن أن يكون قابل التحقيق. وسيكون أول من نبدأ معه ممثلي الجناح الإصلاحي في جماعة الإخوان المسلمين، خصوصاً أولئك الذين يقطنون فعلاً في الغرب. وقد فقدت الولايات المتحدة الفرصة في الاستماع أحد أولئك الإصلاحيين أكتوبر الماضي عندما منع الهلباوي – الإمام الذي أشرنا إليه في السابق – من السفر إلى مؤتمر بجامعة نيويورك. وتشكل هذه المعاملة لشخص عرف بموقفه الشجاع ضد الراديكالية وتأييده العلني للحوار مع الولايات المتحدة عمل محير ومذهل آخر لوزارة الأمن الداخلي، التي لم تقدم توضيحاً أو تفسيراً للرفض. إن ذلك المعجب بشكسبير وبرونتي والمقيم في لندن يبدو بالضبط نوع المحاور الذي يمكن أن يساعد على التقاء الحضارات. في المقابل، كان إذلاله العام والعلني هدية للراديكاليين وسيقولون له "لقد أخبرناك بهذا من قبل" بشأن موضوع التقارب مع الأمريكيين.
خلاصة القول، ثمة خلاف حول السياسة الأمريكية تجاه جماعة الإخوان المسلمين بين من يرون الجماعة والفروع التابعة لها محتوى حيوي ومهم لشبكة الجهاد العالمية ومن يقولون أن الدعم الشعبي في الدول الإسلامية الرئيسية والمعتدلة يتطلب درجة ما من المعاملة والحوار. وبين من يرون العكس. لكن عندما يتعلق الأمر بجماعة الإخوان المسلمين، تكمن بداية الحكمة في تمييزها عن الإسلام الراديكالي والاعتراف بالفوارق الواضحة بين منظمات الإخوان المحلية. ويوضح ذلك التنوع أن على واشنطن أن تتبنى منهج قضية بقضية، ولتدع الموقف في كل دولة يحدد متى يكون الحوار أو حتى العمل مع الإخوان ممكناً ومناسباً. إن في بحث الولايات المتحدة الذي لا طائل من ورائه غالباً عن "المسلمين المعتدلين" ذوي الدعم المجتمعي النشط والفعال – وفي نفس اللحظة ينبغي على واشنطن أن تراعي مصالحها في العالم الإسلامي – يقدم الحوار مع جماعة الإخوان المسلمين حساً استراتيجياً قوياً.

محمود الدبعي
25/03/2009, 03:33 PM
عوامل نجاح الجماعة الإسلامية و فشلها

لآ يمكن بحال أن نتناول وصف الجماعة المسلمة في مجتمع الأكثرية المتجانسة غير المسلمة، بدون التطرق لأهم مكوناتها و هي جماعة الإخوان المسلمين و التي نشأت أساسا في بيئة مغايرة تماما للبيئة الأوروبية وبين جتس معين لا تشترك أوروبا معهم باللغة والعادات والدين و القوانين و نشأت الجماعة تحت مظلة نظم قمعية ملزمة بإحترام وطاعة قوانينها و عدم الخروج عليها. بدأت الجماعة الإسلامية بعمومها تتكون باوروبا وتظهر بشكل تلقائي نتيجة وجود مصلحة مشتركة بين المهاجرين من عرب وعجم، أو وجود شكل من أشكال الصداقة أو التقارب بين الأفراد و الجماعات ، ولا تتدخل الدول الغربية عادة في تكوين هذه المؤسسات، ما دامت تتبنى مبدأ الديمقراطية لإختيار القيادة و تقبل بالتعددية الثقافية و تعتمد لغة الحوار و تنبذ العنف. من هذا المنطلق يمكن لنا ان نعرف الجماعة الإسلامية التي خرجت من رحمها حركة الإخوان المسلمين باوروبا، على النحو التالي:
1. هي تجمع لعدد صغير نسبياً من الأفراد ، متجانسين لغويا و فكريا و منهم انطلقت البركة وعم الخير... .
2. أن هؤلاء الأفراد يتفاعلون معاً ويشعرون بالتجاوب النفسي فيما بينهم و تقوى الرابطة الإيمانية بينهم وتتعمق الأواصر.... و تبدأ الفكرة.... بتأسيس جماعة إسلامية.
3. الإستعداد النفسي بينهم الذي نشأ عند الحاجة و نتيجة الفراغ الروحي. وتُعتبر الجماعة الإسلامية بعمومها ، الخلية الأساسية لأي بناء مؤسسي منظم، فمن مجموع الأفراد و الأسر تتكون الجماعة و تختار قيادة و مجلس شورى و هيئة إدارية، ومن مجموع الأقسام والإدارات يتكون البناء التنظيمي للجماعة . في الحقيقة هناك مجموعة من العوامل التي ساعدت على نجاح الجماعة بتولي الصدارة وتساعدها في الوصول إلى أهدافها وأبرز هذه العوامل هي:
1- قيادة ذكية و مناسبة:
فقائد الجماعة يمارس تأثيراً قويا ، لا يمكن إنكاره على سلوك الأفراد (الأعضاء أو الكوادر) وعلى قدرتهم على تحقيق أهداف الجماعة، فهو الذي ينسق بين جهودهم ويوجه تلك الجهود بما يتفق مع الهدف المعلن. و يتميز القائد الكفء عند الإخوان ، أنه يتحلى ببعض الخصائص السلوكية ومن أهمها:
- أن يكون صبوراً وقادراً على الإصغاء الجيد للجميع بدون تحيز ولا تصنع ولا تمويه.
- أن يعطي الفرصة الكافية لكل عضو من أعضاء المجموعة ليعبر عن رأيه في حرية ووضوح ، و لا يجوز بحال أن يكون القائد سيفا مسلطا على رقبة الضعيف.
- القدرة على تنمية الحلول البديلة للمشكلة من داخل المجموعات و الأسر.
- عدم الإنفراد باتخاذ القرار ثم فرضه على إدارة واقسام الجماعة.
- أن يكون مقتنعاً بأن كونه قائد أو ( أميرا) للجماعة لا يعني أن رأيه غير قابل للمناقشة بل عليه أن يقدم آراءه في شكل استفسارات لفتح باب الحوار والمناقشة.
- القائد هو القدوة الحسنة و اي خلل بالقيادة ينعكس سلبا على ولاء الأعضاء و إخلاصهم للفكرة و القيادة.

2- مزيج مناسب من الأعضاء:
فالتجانس الفكري والسلوكي و الأخلاقي بين أعضاء الجماعة يعتبر أمراً ضرورياً لزيادة فاعليتها، ويظهر التجانس في العمر والنوع ومستوى الثقافة بين أعضاء الأسرة الواحدة.

3- درجة عالية من التعاون:
ترتبط درجة النجاح التي يمكن أن تحققها الجماعة بمستوى التعاون بين أعضائها ومدى انفتاحهم على الآخرين. وتشير الدراسات والبحوث إلى أن الجماعات التي يرتفع فيها مستوى التلاحم بين أعضائها تتمتع بمستوى عال من الإنتاجية والرضا عن العمل.

4- الثقة المتبادلة:
من العوامل الرئيسية التي تؤثر على مستوى كفاءة العمل الجماعي مدى الثقة بين أعضاء الجماعة والقيادة، فإذا كان كل واحد منهم يثق في سلوك زملائه الآخرين وقدراتهم وكفاءتهم، فسيكون غير متردد في بذل قصارى جهده في سبيل تحقيق أهداف الجماعة معهم، أما إذا حلَّ الشك برؤى القيادة محل الثقة فإن النتيجة من المنتظر أن تكون عكسية تماماً.

5- المستقبل الأمثل:
تختلف الرؤى و تتعدد الوسائل و الأهداف التي تحيط بأي عمل جماهيري منظم، تبعاً لحجم الجماعة و العمل المطلوب إنجازه، ومع ذلك تشير بعض الدراسات أن الجماعة التي تضع اعضائها بمجموعات يتراوح عددها بين خمسة وسبعة أفراد هى التي يمكن أن تحقق أعلى درجة من التفاعل والتلاحم بين أعضائها.



وبعد أن سلطنا الضوء على العوامل التي تؤثر على نجاح الجماعة وتساعدها في الوصول لأهدافها يتبقى لنا معرفة بعض الآثار السلبية للجماعة والتي يجب تلافيها للحفاظ على فاعلية الجماعة:

1- تشجيع البعض على التهرب من المسئولية:
فهناك بعض الأفراد ينتهزون فرصة العمل الجماعي لإلقاء العبء على الآخرين والتهرب من تحمل المسئولية وقد يساعدهم على ذلك عدم وجود تخصيص واضح لما يجب أن ينجزه كل فرد في إطار العمل الجماعي والمؤسسي.

2- تطابق التفكير والسلوك:
من بين الانتقادات الأساسية التي يوجهها البعض للجماعة أن أعضاء الجماعة الواحدة يصبحوا متطابقين في السلوك والتفكير فيتصرفون ويفكرون بنفس الطريقة. وفي الواقع إذا حصل ذلك فإنه يؤدي إلى قتل المبادأة الفردية مما يضر بالفرد ذاته من ناحية وبإنتاجية الجماعة من ناحية أخرى فالفرد عادة يكون له رأياً
متميزاً ولكن أمام اتفاق المجموعة على رأي يغاير رأي الفرد ، حتى ولو كان خاطئاً قد يدفعه ذلك إلى التشكك في مصداقية الجماعة التي داست على رأيه و اهملت طريقة تفكيره ككل. وكما قال أحد المديرين عن مساعديه: "إذا كانوا جميعاً سيوافقونني في الرأي ذاته، فليس لي حاجة بهم جميعاً". لذلك على القيادة الرشيدة أن نتأمل كيف هي علاقاتها الإجتماعية مع الأعضاء بعمومهم و من يطلق عليهم مجازا ( المشاغبين أو المتفلتين) و لعل بهم شئ يتنفع به الله الناس. نريد أن نوضح الفكرة حتى لا يساء الضن و يشطح الناس عن لب الموضوع فأقول و بالله التوكيل:

إذا فكرنا في العلاقات الإجتماعية التي تربط القيادة و الأفراد ببعضهم البعض، سنجد غياب الكثير من القيم السلوكية بالتعامل بينهم، مما حول النفوس إلى كائنات ضارية تتعارك بينها كل يوم بل كل ساعة. لكل إنسان مهما كان، جانبان أحداهما يستحق النقد والآخر يستحق المدح، ولو لم يكن كذلك ما كان انسانا. فكيف يستطيع الأخ تحقيق السعادة لنفسه و لغيره في تعامله مع خالقه سبحانه وتعالى و اسلامه وايمانه في المقام الأول ومع اسرته و من يعيل في المقام الثاني ومع اخوانه في الجماعة في المقام الثلث و مع جيرانه في المقام الرابع و من له حق الإسلام والإنسانية عليه وخاصة القائد الذي له بذمته بيعة الإسلام ؟



لابد من أن يتحلى جميع الفراد بهذه الصفات لكي يستطيعوا التعامل مع جميع النماذج البشرية والأطباع الإنسانية على جد سواء، فأنت وانا والقائد الحكيم فقط الذين بوسعهم تحقيق ميزان السعادة والرخاء. أو ميزان التعاسة والشقاء والذي ينعكس على مؤسساتنا و منتدياتنا.
و حتى نصل للتجانس الروحي والصفاء الفكري بين القيادة و الأعضاء نقول:

1- الموضوعية:
ومعنى ذلك أن تنقد نفسك قبل نقدك للآخرين بالإضافة إلى تقبل نقد الآخرين لك، وأقصد هنا النقد الإيجابي وليس هو النقد السلبي المنفر و القائم على المصالح الشخصية.

2- المرونة:
المرونة والحياد وعدم الانحياز هي كلمات مرادفة لبعضها البعض تظهر هذه المرادفات بوضوح في تعاملاتنا وعلاقاتنا في محيط الجماعة و الأسرة والوظيفة ويكون الانحياز مطلوبا ً وحاجة ملحة في الحق وإنجاز الأعمال وأدائها، أو لموضوع عندما تكون إيجابياته أكثر من سلبياته.

3- التواضع:
اعرف حدود قدراتك و إمكاناتك، لا تغتر ولا تتعالى على من هم حولك واجعل الكلمة الطيبة دائماً ضمن قاموسك اللغوي الذي تستخدم مصطلحاته في حوارك مع الآخرين و لاتنسى الإبتسامة فهي عنوان النجاح والمحبة و تلاقي القلوب والأرواح.

4- الصبر والمثابرة:
إذا كان هناك أشخاص متنفذين و انتهازيين و مشاغبين يحاصرونك بالمضايقات والإفتراء عليك، تحلي بالصبر والإحتساب والمثابرة على التغيير والمحاولة في كل مرة تفشل فيها عند التعامل معهم هي خطوة صحيحة حتى يتغيروا وتكيفهم حسبما تريد لكي تصل إلى نتيجة. و هنا يبرز دور القائد الناجح الذي يجمع الشمل ولا يفرق الجماعة.

5- سعة الأفق:
لا تتعصب لرأيك بل كن على استعداد للإحتفاظ به لنفسك أو لتغييره أو التخلي عنه نهائيا برضى نفس وقناعة وامتثال و تركه واجب إذا دعت الحاجة لذلك. لا تقبل أي شيء على أنه نتيجة نهائية وحتمية ، حتى لو اجتمعت الأصوات عليه، بل قابلة بجرأة و اطرحه للمناقشة والتغيير. و نرجو أن تتعلم كيف تعارض وكيف تؤيد كل حسب الموقف.

6- العقلانية:
عدم الخضوع للمشاعر الذاتية، لابد وأن يكون هناك تفسيرات وأعذار مقبولة لكل فعل يقوم به الإنسان تجاه غيره. ولا تأخذ الآحرين بالضن فهو اكذب الحديث وإياك ثم إياك التردد في اتخاذ القرار أو الإلتفاف عليه إن لم يكن بمصلحتك وكن عقلانيا تفز بالسعادة و حب الآخرين لك . فسعادتك المنشودة لا تكمن في الجفاء والكراهية وإنما في العطاء والحب للآخرين بلا حدود. و نحن اليوم احوج ما نكون للبسمة و العقلانية في تعاملاتنا.

خاتمة:
ها نحن قد عرضنا عليكم عوامل نجاح الجماعة الإسلامية و سلطنا الضوء على القيادي الناجح و على العلاقات الإجتماعية التي تربط القيادة و الأفراد ببعضهم البعض، وأبرزنا على استحياء، السلبيات التي يجب الحذر منها، وما بقى إلا العمل على تمكين عوامل النجاح وإقرارها وتجنب السلبيات ومنع حدوثها والله نسأل أن يوفقنا إلى كل ما فيه خير ونفع لسائر المسلمين ...