المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الملح يتخثر على حواف القصيدة



غريب عسقلاني
24/09/2008, 12:40 PM
غريب عسقلاني – مقاربة نقدية




الملح يتخثر عند حواف القصيدة

"قراءة في قصيدة "أراك فيَّ "من ديوان "وحدها وحدي" للشاعرة سمية السوسي"

حذرة هي، حتى لا تتوه في مياه غير مياهه بعيداً عن شواطئه، فتأخذها القصيدة إلى أثير مُغلقة عليها خواصه وطبائعه، فتعتصم بذاتها ترصد حالات المرأة " التي هي" في مراياها، تذهب إلى الظل تارة، وإلى الضوء تارة فترى صورتها على وهج دائم، لأن ثمة ضوء يتسلل منها إليها، يرسمها كل مرة على صورة مفاجئة، تطرق أهداب العصب، وتفتح العين/الرؤيا لتكتشف أنها هي/ هو، وأن بوصلة ذات جاذبية ساحرة تأخذها إلى مرافئ يتطلب الوصول إليها غوصا من نوع فريد، هي فقط من يملك طاقته، فهي فقط من يفتح في الأرق كوّة ضيقة كافية للعبور إلى معايشة الدهشة.. والدهشة عند سمية السوسي في عذاب الوصول إلى جوانية الذات، وممارسة الرغبة لدرجة الفيض على ضفاف الإحساس بالفقد، واللهاث إلى الارتواء بعد عطش مزمن..فالارتواء عند المرأة/ سمية يتجاوز تداعيات العطش البيولوجي المبنى على ماء يطفئ لهيب الشهوات، إلى هجوع أو موت مؤقت انه ارتواء الامتلاء المعنوي الذي يتحقق بالتماثل مع الذات المقابلة المكملة/ الرجل، الذي انطبع على مرايا روحها لذلك تعلن مع دفقة اختبار.
لأنني أجهلني
ينفتحُ بابُ ضيق في حفرتي
كوة تفضي إلى لؤلؤة الحقيقة الساكنة عند سرة القلب، تشع مع دفق الدم تعمر الجسد بالفرح، وترسم قزح الشهوات المؤجلة، حالة تدركها امرأة تكتب بأصابع قلبها على إيقاع حروف أبعد من حروف الكلام،تنتظم عند ضرورات التواصل كلاماً يحمل عبق الحالة لأن فضاء ينبوع الروح يصبح أوسع من جغرافيا الكلام، وهذا ما يأخذ شاعرتنا إلى الابتكار لتقريب الحالة إليه/المتلقي الرجل.
أصففُ ذاكرتي
تتوه في فكرتكَ
....
...
أُخفي ما تعرفه
أزدادُ شوقاً إليكَ
تزدادُ معرفةً بي
ترتب أجندتها، ترى نبضها مرسوماً فيه فتختار الغرق/ الوجد، وتتعرى من كل شيء إلا منه، فمن العبث الاحتفاظ بخصوصية وحالاتها معلنة أمامه لكن ما لم تستطيع التخلص منه هو ذعر امرأة شرقية مزملة بمواريث مجتمع طارد، يصادر شهيق اللذة، فكيف يكون الأمر مع امرأة شاعرة عاشقة تدلق أشواقها عند الامتلاء..
تصحو فلا ترى في الوجوه من حولها غير العبوس نذير إدانة فتلوذ بالشرود إلى فضاءات أخرى، فيدرك الساكن فيها سر الأرق.
ما الذي يؤرقكِ
تدقينَ بوابة المساء
كغفلة تَسب عصا الوقت
توقظكِ الحكاية
وفي الصباح تدخل السجال، فهل تماهت به وحلت فيه، هل تطل على الدنيا بغير وجهها، وهي المزملة بقيودها، تصحو على فجيعة تسكنها وتقيد خطاها.. فهل دخلت حسب أعراف القبيلة في المحرم وهل حلولها فيه يجعلها امرأة مرجومة بشهوات أحلامها تلوذ به ..
لو كُنتني ممن أكون
أيا من الوجوه ألبسُ في الصباح
لأختفي عن المرايا..
هي لا تستطيع الاختفاء عن مرايا الذات، فتعبر الأرق من جديد، تمضي مع نساءها الموؤدات إلى طريق لا تظهر له نهاية.
أنتمي إلى قافلتي
وحاديتها أنا.
لا طريق ينتهي في قصتي.
هل يحقق الأرق اختبار الذات، أم أنه ولع المرأة الشرقية بدور الجارية/ السلعة الضحية، وتبرير الهروب إلى عتمة الزوايا واجترار الألم لتحقيق الشفاء أو الخروج من الحالة، مع فارق أن شاعرتنا على يقين أنه هو مستلب وحالته هي حالتها
لا تَميز بيننا
نرتدي الليل سواراً
أراكَ فيَّ
تراني فيكَ
بدونكَ أجهلُ ما عرفتُ من الطريق
بدونه تفقد الطريق، لكن اللؤلؤة الجوانية لا زالت على وهجها ولا سبيل غير الانتماء، فالقصيدة قد أصابها الإعياء، وتخثر الملح عند حوافها إرهاصا بالعطش الذي يسبق الجفاف.
ماذا يتبقى لسمية السوسي وقد فرت القصيدة إلى صحراء تتصيد طيف سراب..
لا سراب عند سرة القلب.وملح الروح يضبط البوح على إيقاع حروف لا تعرفها لغة الكلام وتجعل من الحروف ضفيرة.
لو أن روحي عُلقت بضفيرتي.
لقصصتُ روحي.
كي تظل لكَ الضفيرة.
أي امتلاء في روح معلقة بضفيرة لا تتوقف عن النمو والاسترسال كلما أخذت منها فسيلة استطالت الضفيرة بأشواق عاشقة تجيد العزف على شفراتها وتترك السؤال على مداه..
من يحضر أولاً، فيض الحالة أم إرهاص القصيدة.؟
من يكتب من؟
سمية من كتب القصيدة.
أم أن القصيدة أخذتها من أطراف ضفيرتها إلى عين نبع تغترف منه حروفاً لم تجربها لغة الكلام من قبل..

باسين بلعباس
05/10/2008, 09:29 AM
واللغة في نصك النقدي لم تخلُ من إبداع أنيق..ونفس شعري عميق..
شكرا لأاننا قرأنا قصيدتين..قارئة ومقروءة..
تقديري واحترامي

أدهم مطر
05/10/2008, 04:23 PM
لقد تملكني شوق عارم لأن أرسل لك ديواني الاخير الذي طبع في دمشق للتو وهو بعنوان تقاسيم على ناي مكسور ، لأهديك إياه أولاً ، ولأقرأ نزف تشريحك له ، فكيف لي بذلك ، أشكرك

غريب عسقلاني
06/10/2008, 11:33 AM
العزيز باسين
مروركو على مقالتي اثلج صدري وجعلني أكثر ثقة في ما أكتب
شكرا لمروركم الطيب

غريب عسقلاني
06/10/2008, 11:42 AM
عزيزي أدهم
سعيد بكَ وبمرورك
ويسعدني أكثر التعرف عليكَ من خلال نصك
أما كيف يصلني ديونكم وأنا المحاصر في غزة الفلسطينية فهذا امر يمكن التغلب عليه
- اذا كان لديكم نسخة على الكمبيوتر ارسلها على عنواني
- او ضع عددا من القصائد في ملف ورسلها على بريدي
- اضف بريدي الى الماسنجر ويشرفني التعرف عليكم
عنواني هو
ibrahimzant@hotmail.com
مع التقدير والمودة