المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرة من وراء النافذة: بيتنا ..وطن عربي



خالد ساحلي
14/12/2006, 01:36 PM
كان الوالد أطال الله في عمره يتضايق منا كلما اجتمعنا على طاولة الأكل أو حول شاشة التلفزيون أو في مناسبات دينية من أعياد و غيرها ، كان يتضايق منا حتى أنه في بعض الأحيان يساند جهة دون الأخرى على حسب مواقفه و قناعا ته ، و لأنه يمثل سلطة الأسرة
و المتصرف في زمام أمورها فإنه يلجأ لترجيح كفة على أخرى و يعين رأيا على آخر ، و لأن الأسرة بها كثير من الإخوة و كلهم يحمل توجها سياسيا و دينيا ، أو ميولا إيديولوجيا ، مفتون بمدرسة أو متأثرا بفرقة أو مولعا بمذهب ، أو متعصبا لفكرة ، أو مسلوب الإرادة لقناة إعلامية تمثل توجها معين ، كل هذا يكون بارزا في نقاشات غالبا ما تنتهي بمشاجرات و حتى للشتم و السباب خاصة في موعد الانتخابات أو لاستحقاق رئاسي أو في المقابلات الكروية أو حتى في النقاشات السياسية على منوال الاتجاه المعاكس لقناة الجزيرة أو كمناظرة السني للشيعي في قناة المستقلة في برنامج حوار صريح التي كان عنوانها ” التجديد في الإسلام باب التوحيد ” ، كنت أرمي بآراء الإخوة مادحهم و قادحهم في سلة المهملات و دوني بعد ذلك همم المتبوعين …أخ لي يتبع السلفية كلما تحدثنا عن اختراعات الغرب و نبوغ أهله طرح السؤال و أجاب : نحن لا ننبغ و لن نتقدم ما دمنا نترك العلم الشرعي و نتبع العلوم الدنيوية ، إن الاجتهاد في غير علوم الشرع مضيعة للوقت و خيبة للعقل ، الغربيين و علمهم و تكنولوجيتهم سخرها الله لخدمتنا فلما نتعب و نفني أعمارنا في البحث عن شئ نتركه و لا نأخذه معنا ؟ الغرب تمكن منا ، احتلنا و لا زال لأننا تركنا الدين و أتبعنا الدنيا ، فلا الصاروخ الموجه العابر للقارات ينفع و لا الطوماهوك ينفع لو كنا على التوحيد … لا أريد أن أترك وجهة نظري تطهى على جمر الأفكار البليدة ، أخبر أخي أن الغرب يمنح رخصا للمسلمين لممارسة دين التوحيد على أرضهم دون تضييق ، يعطون الحرية كاملة غير ناقصة بشرط عدم التعدي على حريات الغير و الإساءة للقانون و الأمن العام ، الغرب يعبد القانون و يقدّسه أكثر مما يقدس الكتاب المقدس ، أخبره أن كوكبة من الدعاة المسلمين هم دعاة فتنة و تضليل ، دعاة فنانات و فنانين ، و آخرون جراحون و من أختلف معهم كان مصيره المنشار و التقطيع الكلامي ، إنهم يعيشون في بحبوحة من النعيم ، يفتون بمقتضى الرسالة و أمر بمهمة ، المختلفين معهم يتسابقون على المصالح و العطايا ، يشترون من جهات معينة لا نعرفها ، نحن تركنا الكلام خوفا من ” لحم العلماء مسمومة ” لكنهم جعلوا من لحوم العلماء الذين نحترمهم و نحترم اجتهاداتهم سردينا و كفيارا و جنبريا يؤكل في كل وقت و حين ، أروح بالشرح حتى يجف حلقي فما أفلح غير بكلمة أسمعها : هذا ليس كلامي بل كلام العلماء ، ألعن حيينها كل الأحزاب و السلطة ووسائل الإعلام و المطابع و كل الرفوف الحاملة لفكر مثل هذا … أواجه من آخر يشرح لأخ له بعلمانية صافية تحمّل تبعات الرسوب و الفشل و التخلف للإسلام الذي استعملته السلطة كسلاح تسلب به المشاعر و تطيل به سبات و عمر الأزمات للشعب و تجعل منه حياة لملكها وكرسيها و مستقبل حكم سلالتها لاغير ، ينعت أخي الفقهاء بأعمدة الكرسي و لبنات الحاكم و كلا ليبه المقطعة لكل نظام ديمقراطي ، ينعت المعرّبين المتدينين بالمنبّه المؤشر على ساعة معينة ليستيقض محدثا الضجيج ، يكلمني عن بوش مبهورا و عن برلسكوني و طوني بلير و عن الهيئات المنتخبة و عن مصالح الشعب كيف تصان و كيف العلم يحيا في البرلمان كما الجامعة كما البيت كما المرحاض كما المقرات العامة للعمليات الإستخباراتية المنفذة لخططها و تجاربها السياسية العدائية على الشعوب و الحكومات ، لا أرغب في الرد بتجريح لكن أعمل فقط على التوضيح ، أستعمل كلام من هم أطول مني باعا في العلم و الإيضاح و النبوغ و الخلود ” …فهؤلاء يؤثرون في شعوبهم من ناحية أنهم خدام الشعب لا سادة لهم ، و أن الشعب إذا عظّمهم فلأنهم يخدمونه و يوم يثبت له أنهم لا يعملون لخيره ينفض يده عنهم ” ـ أحمد أمين ـ أنتم تسبون الشعب حينما لا يعطيكم صوته ، و لا تحترمون عالما إن كان منكم و لو كان حتى ملحدا ،أزيد له من كلام أحمد أمين ” فلا يسمون بطلا أو نابغة إلا إذا حاز صفات كثيرة ممتازة قلّ أن تتحقق …فكلما رقى الناس ارتقى مثلهم الأعلى ” فأين نحن منهم ؟ فهم احترموا الخوارزمي و جابر بن حيان و الرازي و ابن سينا و ابن رشد و قبرناهم نحن أحياء و أمواتا ، لا أسمع غير كلمة : ما دخلك أنت يا أشعري أحدثي أخي … يتكلم الآخر و هو لا زال يذكر موسوليني و هتلر ومصطفى كمال و نابليون و يترحم عليهم ، يتحدث طويلا بعصبية و نبرة حماسية حادة عن نتشا و فختا و بسمارك و كيف السبيل لإقامة الدولة القوية بإلغاء تهريج الأحزاب ، هو يتحدث ناسيا طوفان الحداثة و العولمة و نظام التيبي أسtbs و الأمبي ترواmp3 و التوت أبسيونtoutes options ….. لا أحب الرد أن الشعوب هي الوقود إن كانت في المستوى لا تحتاج للقائد المنقذ و لا تنتظره لأن من صلبها آلاف القواد و الربابنة … من الإخوة من إذا غضب من سلوكيات المجتمع و من سرقات المسؤولين ك: أربعة آلاف مليار سنتيم بالبنك الجزائري التي تتلاعب بها المافيا و الشعب جعلوه يتسول ، راح يلعن نسلنا و عرقنا و كل الملل التي فينا ، يجعلنا نحن الصهاينة ، يبرأ اليهود من الظلم لأن الظلم فينا و نحن مركزه ، يقول أن اليهود أحسن منا لأنهم لا يزرعون الشقاء بينهم و لا يمارسون الإقصاء و الظلم على بعضهم و يؤيد الإخوة العرب الذين فتحوا النوافذ و الأبواب وصاهروا إخوانهم اليهود ، أرد عليه أن يهود الفلاشة و إخواننا العرب اليهود لا زالوا يعانون من عنصرية اليهود الروس و الأمريكان و الأوروبيين ، تارة أنجح في امتصاص غضبه و تارة أفشل في إقناعه ، و تارة أوفق بين الآراء فيبتسم أبي و يقول لي : هكذا كان الحكام العرب يمتصون غضب الجماهير بشتم إسرائيل و يعلنون الطاعة و الولاء وقت المساء و يوشي بعضهم ببعض ، ماذا قال الآخر و ماذا صنع ؟ …هناك من أخوتي غير المتدينين و لا تستهويهم الإيديولوجية و لا العلم و لا الأدب لكن يستهويهم المزمار ـ القصبة ـ يقول بعض أخوتي أن الشعوب العربية تجمع بالمزمار و تفرق بالعصا ، هناك أخ آخر لا يحب غير لباس الماركة من السراويل و الأحذية الرياضية يعرف أشهر الماركات يحفظها كما أحفظ أنا أسماء الأدباء و الشعراء و الصحافيين …هذا الذي يستهويه المزمار قدم لي نصيحة بعيدا عن أخوتي الآخرين قال لي : إذا أردت أن ترتاح صر كخلق الله و لا تفتح فمك في شئ و خض مع الخائضين …. أقول لأخوتي دائما لما تتعاركون من أجل الإمام الفلان و السياسي العلاني ، الاختلاف رحمة و كثرة الإيديولوجيات نعمة من نعم الله ، ووجهات النظر أكسجين لكل واحد منكم ، تعطي المتنفس و الفضاء ليطير الواحد كما شاء و لو لم يستفد غير الوعود في عقله لأن لا أحد ممن يعدكم بالإصلاح يملك مصباح صلاح الدين .. و لأن الأسرة هي خلية المجتمع و الدولة ، ومن تجربة أسرتي
رضيت بفنجان القهوة البارد و رضيت برأي مالك بن نبي أننا قابلون نحن للاستعمار و الاستبداد على حد سواء