المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غارم وغريم .. وقطع الشطرنج



حسين راشد
26/09/2008, 10:32 PM
غارم وغريم .. وقطع الشطرنج
قصة قصيرة : حسين راشد
جلسا أمام بعضهما .. كل آخذ بقطعه يرصها على رقعة الشطرنج ..عيونهما تتفحص بعضها بعضاً .. وكل في مخيلته أنه سيقهر الآخر .. تتدارس رأسيهما الخطط التي يمكن لكل منهما أن ينقض على الأخر بها ..غريم يأخذ القطع السوداء .. وغارم يأخذ القطع البيضاء ..

القطع على الرقعة كل في حسب موضعه .. غارم يعلم أن بلاد غريم قد سحقت بلاده في حربها التي لم تتوقف يوماً .. و قد هجر أهله بيوتهم الآمنة إلى حيث لا يعلم ولا يعلمون .. لم يتبق في المدينة سوى الجثث المتعفنة التي تملأ جانبي الشوارع العامة ولم تخلو الأزقة منها.. غريم يعلم أن غارم رغم عدم اكتراثه بالحرب أو حتى استيلاءهم على البلاد .. فهو يعيش شريداً بإرادته .. وتحلو له تلك الحياة لما فيها من تحرر يقنعه شخصياً ..وكلما سأله غريم عن وضعه .. يقول له أنه مجرد إنسان يشعر أن العالم كله ملكه .. فليتناحروا .. وسأكون أنا الفائز بنهاية المطاف .

القطع المتراصة تعلن عن بدء جمود الموقف .. فيتقدم غارم بدفع أولى عساكره للأمام خطوتين .. ينقض غريم عليه بقطعة مثلها ويطيح بقطعة غارم خارج الحلقة .. فيقف مشدوهاً .. ماذا فعلت؟ ليست هذه أصول اللعبة .. إما أن تحرك جنديك خطوة أو خطوتين .. تلك ثلاث خطوات .. ثم أن العسكر لا يأكل مواجهة بل بزاوية .. يقهقه غريم .. يلوح غارم بيمناه ويسراه .. بكل هدوء يقول له غريم .. لا عليك .. أنت فقط لم تدرك أصول اللعبة الجديدة .. حرك قطعتك التالية .. غريم يحاول أن يهدأ من روعه .. أي أصول هذا المعتوه .. آلاف السنين وهم يلعبونها هكذا .. فيحرك حصانه للأمام خطوتين ليضعها بالحارة المجاورة .. يهز غريم رأسه .. فهو يعلم أنه يقصد أن يهاجمه بهذا الفرس وفي ذات الوقت يفتح مجالاً لوزيره أن يتحرك .. فيتقدم بعسكر أخر يضعه في متناول الحصان .. يبتسم غارم ويهز رأسه .. قبلت هديتك .. حرك غارم حصانه للأمام فوقع عسكره تحرك للأمام حتى وصل لمكان حصان غارم فقذفه .. ووضع حصانه مكانه .. غارم يثور .. ماذا تفعل .. الحصان لا يمشي هكذا .. ثم أنك أخرجت عسكر من عساكرك بهذه اللعبة ..ماذا يحدث ..

غريم : يا غارم يا صديقي أنت تلعب بأصول أيام كانت القطع تساوي ما على الأرض .. وأنا كذلك .. ألعب .. ولكن كل منا بزمن مختلف .. أنظر أنت حركت حصانك خطوتين للأمام ثم وضعته خطوة بالجانب أليس كذلك .. نعم .. هكذا بالماضي كانوا يقودون أحصنتهم ثم يميلوا ليجنبوها .. أما الآن فقد استبدلنا الأحصنة بالمدرعات .. فتلك بالنسبة لي دبابة وليست حصاناً .. فهل رأيت دبابة تأخذ خطوة للجانب .. هذا يعني أنها قلبت .. ثم إن هذا العسكر الذي أخرجته كان يجب أن يموت عندي لأخرج هذه الدبابة ففائدة قتله في هذا الوقت تتيح لي أكل دبابتك بما فيها .. هل فهمت ..

دار الدور على هذا المنوال حتى أخرج غريم كل قطع غارم عدا الوزير والملك .. .. قام من مكانه .. انتهى الدور .. أنت الخاسر يا غريم .. كيف أيها المعتوه .. لم يعد معك سوى قطعتين وأنا معي ثلاث وزراء و قلعتين بالإضافة إلى الملك .. عليك الآن أن تلعب لعبتك .. ستأكل قطعة ..وأمامها ستنتهي قطعتك .. ولن يتبق لك سوى الملك منعزل ..

فرك غارم رأسه .. ليس مهم .. كل هذا لأنك تلعب بأسلوب اليوم .. أما أنا فقد فهمت الدرس جيداً ..

ماذا فهمت .. أنك أنت الخاسر أليس كذلك .. يقولها و الابتسامات تنضح على وجهه ..

لا ليس كذلك .. بل يجب علي أن أعلمك درساً آخر ..في اللعبة ..

أي درس ..

اترك هذا جانباً وأصغي إلى جيداً ..تعالى أنظر من هذه النافذة ..هل ترى كل هذه الجثث المتعفنة .. وهذه التي تتحلل ..

مابها .. وما علاقتها بهزيمتك في الدور ؟

أنا لم أهزم يا غريم .. دعك الآن من هذا الهراء فأنت المهزوم ..

انا كيف .. لم يعد معك سوى … فيضع غارم يده على فمه ..سكت وهز رأسه تعجباً ..

- هل يمكن لهذه الجثث المتعفنة أن تعود يوماً كما كانت .. ويتكلم هذا مع ذاك .. وتقوم هذه لتتزوج هذا ؟!!

- هذا يمكن يا أخي إن جاء المسيح هنا اليوم لمسح على رأسهم فتتخللهم الروح عائدة فيقوموا أو يضرب موسى بعصاه فيقوموا

- أنت إذاً تعتقد في القوة الروحية؟!! يا غريم

- نعم ..

- لهذا فأنت الخاسر ..

- كيف .. ألا تعتقد أنت الأخر بها بل وتؤمن رغم حياتك البوهيمية التي تعيشها ..

- هيأت لي إن هذا الحصان دبابة .. فأكلت حصاني بطريقة عجيبة و قلت أن الفيل هذا صاروخ جو أرض .. فهدمت به قلعتاي..

- نعم ماذا في هذا .. أليست تلك هي أدواتنا اليوم ..

- نعم .. لذلك فسأغلبك بأدوات الآن ..

- وما هي!!!

- جعلت وزيري هذا روح بلا جسد .. فلن تستطيع الإمساك به .. قطعك الحديدية .. اقصد الخشبية فكلها مادة والمادة زائلة .. وأرواح قطعي التي أكلتها بقطعك الحديثة خرجت من موتها و تغلغلت في داخل خشباتك فأصبحت خشبتك جنداً لي .. انظر وأنا أمسك قطعتك .. ويمسك بالقطعة ثم يضرب بها ملكه فيسقطه .. ألم أقل لك أنك أنت المهزوم .. تلك يا بني لعبة الغد ألاعبك بها اليوم حتى تتعلم .

أعرفت من هو المهزوم الآن وغد

ناهد يوسف حسن
27/09/2008, 12:18 AM
فكرة مميزة وخيال واسع
أجدت وأبدعت
بارك الله بك

الحاج بونيف
27/09/2008, 01:33 AM
أخي الفاضل/ حسين راشد
تحية طيبة
قصة برمزية أنيقة..
المنتصر دائما من له خلفية يؤمن بها ويستند إليها..
تسللت إلى النص هنات لغوية حبذا لو راجعتها ..
خالص الود والتقدير.

باسين بلعباس
27/09/2008, 02:22 AM
حاولت ان تسقط الواقع على رقعة الشطرنج..وعلى تسمية القطع وحركتها و..استراتيجية كل لاعب
كنت اكثر من موفق ..
حبذا لو أعدت القراءة لغويا لتزيل بعض الذي ارتكبه ربما الرقن..او السهو
كل التقدير

سماح شيط
27/09/2008, 09:53 AM
:)
أستاذي الكريم حسين راشد

فكرة جديدة بحق وقوية جدا ..تجعلنا نسأل نفسنا بقوة ..لماذا هزمنا ونهزم ولماذا يفوزون وينتصرون وعندما أقف متأملة تحضرني فكرة مهمة أوردها الكاتب محمد الغزالي رحمه الله حين قال أن اليهود يقاتلون عن عقيدة وفكر يسبق وجودهم ولذلك ينتصرون وإن كانوا على باطل وأما نحن فنقاتل دون عقيدة وإنما عن أفمكار هلامية لا تجعل منا مقاتلين أشداء
وهو كان يتكلم عن حرب حزيران سنة 67 ..
في نصك هذا تجلت لي بقوة فكرته رحمه الله أٍأل الله أن يجعلنا للحق جنودا
تقبل فائق احترامي وإعجابي بأفكارك الجديدة حقا
لازالت حب وبح تطن في رأسي وأفكر بها وأحدث من حولي بها فيعجبون جدا بالفكرة
لك ألف تحية

حسين راشد
28/09/2008, 09:40 AM
فكرة مميزة وخيال واسع
أجدت وأبدعت
بارك الله بك

الاستاذة ناهد يوسف حسن

لو لم نشغل خيالنا لنسقط على الواقع .. فماذا سيكون؟
خالص التقدير والشكر على ذوقك وكرم اخلاقك

حسين راشد
28/09/2008, 09:42 AM
أخي الفاضل/ حسين راشد
تحية طيبة
قصة برمزية أنيقة..
المنتصر دائما من له خلفية يؤمن بها ويستند إليها..
تسللت إلى النص هنات لغوية حبذا لو راجعتها ..
خالص الود والتقدير.
أخي الكريم الأستاذ الحاج بونيف
نعم يا أخي .. الإيمان بالشيئ دائماً هو ما يجعلك نداً قوياً ذكياً ..
الإيمان (موسوعة) نستطيع أن نستخرج منها ما نشاء وما لا نشاء وما نعلم وما لا نعلم
أشكر على رؤيتك الصديقة

حسين راشد
28/09/2008, 09:45 AM
حاولت ان تسقط الواقع على رقعة الشطرنج..وعلى تسمية القطع وحركتها و..استراتيجية كل لاعب
كنت اكثر من موفق ..
حبذا لو أعدت القراءة لغويا لتزيل بعض الذي ارتكبه ربما الرقن..او السهو
كل التقدير

رؤيتك السديدة تجعلني أحمل لك من الشكر صفحات يا صديقي
الهنات اللغوية تلازمني في كل مكان .. ليتها تقف على تلك الهنات .. وتصل رسالتي
فما أحوجنا لأن نحمل رسالتنا و نسلمها لمن يهمه الأمر وننذر من يخاف وعيد

حسين راشد
28/09/2008, 09:49 AM
:)
أستاذي الكريم حسين راشد

فكرة جديدة بحق وقوية جدا ..تجعلنا نسأل نفسنا بقوة ..لماذا هزمنا ونهزم ولماذا يفوزون وينتصرون وعندما أقف متأملة تحضرني فكرة مهمة أوردها الكاتب محمد الغزالي رحمه الله حين قال أن اليهود يقاتلون عن عقيدة وفكر يسبق وجودهم ولذلك ينتصرون وإن كانوا على باطل وأما نحن فنقاتل دون عقيدة وإنما عن أفمكار هلامية لا تجعل منا مقاتلين أشداء
وهو كان يتكلم عن حرب حزيران سنة 67 ..
في نصك هذا تجلت لي بقوة فكرته رحمه الله أٍأل الله أن يجعلنا للحق جنودا
تقبل فائق احترامي وإعجابي بأفكارك الجديدة حقا
لازالت حب وبح تطن في رأسي وأفكر بها وأحدث من حولي بها فيعجبون جدا بالفكرة
لك ألف تحية

الأستاذة الكريمة سماح شيط
حين يحمل الانسان أمانته بصدق .. ستجدين كلماته شبيهة بكلمات آخر حمل الأمانة .. فأشكرك على هذا التشابه العزيز لإمام من أئمة العرب والمسلمين ..
وفقنا الله وأياك إلى عمل شيء نخدم به بلادنا وثقافة هذاالشعب الذي غيبوه بما أسموه له ثقافة وهي عبارة عن حبوب منع الفهم.
أشكرك على تذكرك قصتي التي نوهتي عنها .. وجعل حروفك دائماً في نصابها ولا يقلبها زمن
خالص الود