عادل صياد
02/10/2008, 03:51 AM
حمدا لله و بعد
لقد غمرتني فرحة كبيرة و أنا أعتلي المنبر في صلاة العيد هذه السنة و استشعرت في تلك اللحظة الكثير من المعاني ، إن المكان بالقدر من أهميته و تبعات المسؤلية التي تلحقه و كلمة الحق الواجب ذكرها عنده إلا أن الكثير من الصور كانت تترى على مخيلتي قبل صلاة العيد و أثناءها و بعدها سيما عندما تتمثل العظماء الذين مروا من على هذا المكان و على رأسهم سيد العظماء محمد صلى الله عليه وسلم
خواطر كثيرة : الثقة بالنفس ؛ الإحساس بالأمان ؛ الشعور بالإعتزاز و المسؤولية في ذات الوقت ... باختصار لقد كان صعود المنبر درسا لي في حد ذاته و على الرغم من كثرة المنابر التي اعتليتها قبلا فإن لمنبر المسجد نكهة خاصة لا يعرفها إلى من جربها ، سيما إذا كان هذا المنبر في مسجد يحمل اسم علم من أعلام الدعوة الإسلامية المعاصرة بل هو عند جمهور الكثرة مجدد الدعوة الإسلامية بلا منازع الإمام الشهيد حسن البنا
هناك في مدينة تقع أقصى شرق الجزائر على الحدود التونسية يتم الله نوره فتنهض جماعة من المؤمنين لتكسر أغلال الطابوهات التي ما أنزل الله بها من سلطان وتخلد ذكرى الرجل الطاهر العظيم الإمام الشهيد حسن البنا بتسمية المسجد عليه كيف لا و الرجل هو من هو في الدعوة إلا الله و الإرشاد لدينه
ليس ذلك بغريب على مدينة أنجبت الكثير من العلماء مدينة تبسة المجاهدة التي دحرت الإستعمار الفرنسي في معارك كثيرية لازال يشهد لها التاريخ و التي أنجبت الشيخ العربي التبسي و مالك بن نبي و الطيب باشا و سعدي الصديق وغيرهم ، و التي كانت بوابة الإسلام إلى الجزائر ها هي ذي تدخل التاريخ مرة أخرى عندما تطلق اسم الرجل الطاهر على مسجد جميل من مساجدها
و أنت تخرج من أسوار المدينة من الجهة الجنوبية و تنعطف غربا على الطريق المحاذي للولاية لتسير في طريق مستقيم تمر خلاله على مجموعة من المرافق
ملعب باسطنجي ، مركز التكوين المهني ، قصر الثقافة ، المركز التجاري محمد الدرة ، المعهد الوطني المتخصص مديرية الصحة لتدخل بعد ذلك في جو أقرب إلى سكون الروحانية منه إلى ضوضاء المدنية حيث يقل عدد السكان بل و تبدو على وجههم البساطة و البراءة قريبا من مكان معركة الجرف التي تتربع على صفحات من تاريخ الثورة الجزائرية في مكان هادئ تشعر فيه بنقاوة الهواء و نقاوة مستنشقيه تقابلك في الأفق واجهة ذلك المسجد الصغير الذي لا زال لم يكتمل بناؤه تماما و مع ذلك فهو يقف في شموخ ليعلن أن كلمة الله هي العليا أما عندما تدخل المسجد فستجتاحك الكثير من المعاني الروحانية و التي قلما تستشعرها في غير هذا المكان و لربما تنتابك موجة عارمة من العواطف و قد تتذكر الدعوة ورجالها عبر تاريخها الطويل و أنت تقرأ جزءا من القرآن تمر بك قصة نوح و هود وصالح و إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام و كيف صبروا وجاهدوا في الله حق الجهاد و تطالع سيرة المصطفى فلا تزيدك إلا رسوخا في أن الدعوة كانت طريقهم جميعا ؛ حينها تتسآل و ماهو دوري الآن في وقت تغير فيه الحال ؟ فتجيبك اللوحة التي علقت على المسجد " حسن البنا " إنه من وقت قريب جدا منك لا يفرق عن وقتك كثيرا سوى أن وقتك صارت فيه الوسائل أيسر و الأداء أسهل . ولعلك تتيه في اسم هذا الرجل العظيم فتتكشف لك الحجب وتعلم يقينا أن الله متم نوره . و حينها قد تجيب عن أسئلة كثيرة منها : هل كان يدور في خلد الأقزام الذين اغتالوه يوما ما أن التاريخ لن يزيد الرجل إلا تعظيما و لن يزيدهم إلا تقزيما .
كيف ذلك ؟
فلنعد إلى القصة من البداية و لنترك أحدهم يروي لنا بعض التفاصيل
حسن البنا
هذه السطور ليست من نسج الخيال، ولكنها واقعة حقيقية حدثت منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، وربما تتكرر، ومن يدري.
المكان: القاهرة - منطقة الحلمية.
الزمان: بعد منتصف الليل يوم 12 فبراير من عام 1949.
الوقائع: تتقدم قافلة من عربات الشرطة في سكون الليل، تصل إلى أحد شوارع الحلمية بمدينة القاهرة، تتوقف السيارات، يندفع الجند بأسلحتهم لحصار الشارع كله، وتُشدد الحراسة، حول بيت متواضع في منتصف الشارع، تتقدم إحدى سيارات الشرطة إلى هذا البيت، صف من الجنود ينقُلون جسد ميتٍ من السيارة إلى البيت في سرعة، يطرقون بابًا في أعلاه، يفتح الباب شيخ جاوز التسعين من عمره، يدخل عدد من الضباط إلى البيت قبل دخول الجثمان للتأكد من عدم وجود آخرين به، التعليمات صارمة للشيخ، لا صوت، لا عزاء، ولا حتى أحد من المتخصصين في إعداد الموتى، فقط أنت وأهل البيت، في تمام التاسعة صباحًا يتم دفن الميت.
كان الشيخ هو والد المتوفّى، ورغم الفجيعة، ورغم شيخوخته، قام بإعداد ابنه للدفن، ويمسح الشيخ دماء ابنه من أثر الرصاصات التي سكنت جسده.
ويأتي الصباح، ويأتي الضباط في موعدهم، هلمّ بابنك لتدفنه، فيصرخ الأب ذو التسعين عامًا، كيف لي بحمله؟ فليحمله الجنود! فيرفض الضباط، ويكون الرد فليحمله أهل البيت، وكان المُتوفّى له بنات وصبي صغير.
ويتقدم الجثمان في الطريق تحمله زوجته وبناته، وخلفه فقط والده، ومن تجرأ على السير في الجنازة كان المعتقل مآله، وتصل الجنازة إلى المسجد للصلاة على الفقيد، فإذا به خاليًا حتى من خدمه، فيصلي الوالد ومن خلفه أهل البيت من النساء، ويقومون بإنزاله إلى قبره، ويعود الجميع إلى البيت في حراسة مشددة، هذه هي جنازة الإمام الشهيد "حسن البَنَّا"، ويتم إلقاء القبض على كثير من الجيران، لا لشيء إلا لمجرد كلمة عزاء قالوها لهذه الأسرة، ويستمر الحصار ليس على البيت خشية ثورة من يأتي للعزاء، ولكن أيضًا يستمر الحصار حول القبر، خشية أن يأتي من يُخرج الجثة ويفضح الجريمة، بل وانتشرت قوات الشرطة في المساجد؛ لتأمر بغلقها عقب كل صلاة، خشية أن يتجرأ أحد بالصلاة على الفقيد.وعلى الجانب الآخر كان ملك البلاد قد أجّل الاحتفال بعيد ميلاده من 11 فبراير إلى 12 فبراير؛ ليحتفل مع من يحتفل بموت هذا الرجل، ويروي أحد المفكرين أنه شاهد احتفالات في أحد الفنادق في الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما تقصّى سبب هذا الاحتفال، عرف أنه ابتهاجٌ بموت هذا الرجل. وإن كان الحق ما يشهد به الأعداء فإن مراكز الأبحاث في فرنسا وأمريكا اشتركت في وضع قائمة بأهم مائة شخصية أثّرت في العالم في القرن العشرين، فكان منهم الإمام الشهيد "حسن البنا"
لكن أين هم ؟؟؟
من المحمودية إلى تبسة إلى السودان إلى الأردن إلى سوريا إلى المغرب تخصر المسافة لتعلن " أن هذه أمتكم أمة واحدة " .
ولتعلن للمغرضين الذين لا يزال اسمه يخيفهم بعد نصف قرن ويزيد أن قعوا أو طيروا ها نحن فمن أنتم
لقد غمرتني فرحة كبيرة و أنا أعتلي المنبر في صلاة العيد هذه السنة و استشعرت في تلك اللحظة الكثير من المعاني ، إن المكان بالقدر من أهميته و تبعات المسؤلية التي تلحقه و كلمة الحق الواجب ذكرها عنده إلا أن الكثير من الصور كانت تترى على مخيلتي قبل صلاة العيد و أثناءها و بعدها سيما عندما تتمثل العظماء الذين مروا من على هذا المكان و على رأسهم سيد العظماء محمد صلى الله عليه وسلم
خواطر كثيرة : الثقة بالنفس ؛ الإحساس بالأمان ؛ الشعور بالإعتزاز و المسؤولية في ذات الوقت ... باختصار لقد كان صعود المنبر درسا لي في حد ذاته و على الرغم من كثرة المنابر التي اعتليتها قبلا فإن لمنبر المسجد نكهة خاصة لا يعرفها إلى من جربها ، سيما إذا كان هذا المنبر في مسجد يحمل اسم علم من أعلام الدعوة الإسلامية المعاصرة بل هو عند جمهور الكثرة مجدد الدعوة الإسلامية بلا منازع الإمام الشهيد حسن البنا
هناك في مدينة تقع أقصى شرق الجزائر على الحدود التونسية يتم الله نوره فتنهض جماعة من المؤمنين لتكسر أغلال الطابوهات التي ما أنزل الله بها من سلطان وتخلد ذكرى الرجل الطاهر العظيم الإمام الشهيد حسن البنا بتسمية المسجد عليه كيف لا و الرجل هو من هو في الدعوة إلا الله و الإرشاد لدينه
ليس ذلك بغريب على مدينة أنجبت الكثير من العلماء مدينة تبسة المجاهدة التي دحرت الإستعمار الفرنسي في معارك كثيرية لازال يشهد لها التاريخ و التي أنجبت الشيخ العربي التبسي و مالك بن نبي و الطيب باشا و سعدي الصديق وغيرهم ، و التي كانت بوابة الإسلام إلى الجزائر ها هي ذي تدخل التاريخ مرة أخرى عندما تطلق اسم الرجل الطاهر على مسجد جميل من مساجدها
و أنت تخرج من أسوار المدينة من الجهة الجنوبية و تنعطف غربا على الطريق المحاذي للولاية لتسير في طريق مستقيم تمر خلاله على مجموعة من المرافق
ملعب باسطنجي ، مركز التكوين المهني ، قصر الثقافة ، المركز التجاري محمد الدرة ، المعهد الوطني المتخصص مديرية الصحة لتدخل بعد ذلك في جو أقرب إلى سكون الروحانية منه إلى ضوضاء المدنية حيث يقل عدد السكان بل و تبدو على وجههم البساطة و البراءة قريبا من مكان معركة الجرف التي تتربع على صفحات من تاريخ الثورة الجزائرية في مكان هادئ تشعر فيه بنقاوة الهواء و نقاوة مستنشقيه تقابلك في الأفق واجهة ذلك المسجد الصغير الذي لا زال لم يكتمل بناؤه تماما و مع ذلك فهو يقف في شموخ ليعلن أن كلمة الله هي العليا أما عندما تدخل المسجد فستجتاحك الكثير من المعاني الروحانية و التي قلما تستشعرها في غير هذا المكان و لربما تنتابك موجة عارمة من العواطف و قد تتذكر الدعوة ورجالها عبر تاريخها الطويل و أنت تقرأ جزءا من القرآن تمر بك قصة نوح و هود وصالح و إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام و كيف صبروا وجاهدوا في الله حق الجهاد و تطالع سيرة المصطفى فلا تزيدك إلا رسوخا في أن الدعوة كانت طريقهم جميعا ؛ حينها تتسآل و ماهو دوري الآن في وقت تغير فيه الحال ؟ فتجيبك اللوحة التي علقت على المسجد " حسن البنا " إنه من وقت قريب جدا منك لا يفرق عن وقتك كثيرا سوى أن وقتك صارت فيه الوسائل أيسر و الأداء أسهل . ولعلك تتيه في اسم هذا الرجل العظيم فتتكشف لك الحجب وتعلم يقينا أن الله متم نوره . و حينها قد تجيب عن أسئلة كثيرة منها : هل كان يدور في خلد الأقزام الذين اغتالوه يوما ما أن التاريخ لن يزيد الرجل إلا تعظيما و لن يزيدهم إلا تقزيما .
كيف ذلك ؟
فلنعد إلى القصة من البداية و لنترك أحدهم يروي لنا بعض التفاصيل
حسن البنا
هذه السطور ليست من نسج الخيال، ولكنها واقعة حقيقية حدثت منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، وربما تتكرر، ومن يدري.
المكان: القاهرة - منطقة الحلمية.
الزمان: بعد منتصف الليل يوم 12 فبراير من عام 1949.
الوقائع: تتقدم قافلة من عربات الشرطة في سكون الليل، تصل إلى أحد شوارع الحلمية بمدينة القاهرة، تتوقف السيارات، يندفع الجند بأسلحتهم لحصار الشارع كله، وتُشدد الحراسة، حول بيت متواضع في منتصف الشارع، تتقدم إحدى سيارات الشرطة إلى هذا البيت، صف من الجنود ينقُلون جسد ميتٍ من السيارة إلى البيت في سرعة، يطرقون بابًا في أعلاه، يفتح الباب شيخ جاوز التسعين من عمره، يدخل عدد من الضباط إلى البيت قبل دخول الجثمان للتأكد من عدم وجود آخرين به، التعليمات صارمة للشيخ، لا صوت، لا عزاء، ولا حتى أحد من المتخصصين في إعداد الموتى، فقط أنت وأهل البيت، في تمام التاسعة صباحًا يتم دفن الميت.
كان الشيخ هو والد المتوفّى، ورغم الفجيعة، ورغم شيخوخته، قام بإعداد ابنه للدفن، ويمسح الشيخ دماء ابنه من أثر الرصاصات التي سكنت جسده.
ويأتي الصباح، ويأتي الضباط في موعدهم، هلمّ بابنك لتدفنه، فيصرخ الأب ذو التسعين عامًا، كيف لي بحمله؟ فليحمله الجنود! فيرفض الضباط، ويكون الرد فليحمله أهل البيت، وكان المُتوفّى له بنات وصبي صغير.
ويتقدم الجثمان في الطريق تحمله زوجته وبناته، وخلفه فقط والده، ومن تجرأ على السير في الجنازة كان المعتقل مآله، وتصل الجنازة إلى المسجد للصلاة على الفقيد، فإذا به خاليًا حتى من خدمه، فيصلي الوالد ومن خلفه أهل البيت من النساء، ويقومون بإنزاله إلى قبره، ويعود الجميع إلى البيت في حراسة مشددة، هذه هي جنازة الإمام الشهيد "حسن البَنَّا"، ويتم إلقاء القبض على كثير من الجيران، لا لشيء إلا لمجرد كلمة عزاء قالوها لهذه الأسرة، ويستمر الحصار ليس على البيت خشية ثورة من يأتي للعزاء، ولكن أيضًا يستمر الحصار حول القبر، خشية أن يأتي من يُخرج الجثة ويفضح الجريمة، بل وانتشرت قوات الشرطة في المساجد؛ لتأمر بغلقها عقب كل صلاة، خشية أن يتجرأ أحد بالصلاة على الفقيد.وعلى الجانب الآخر كان ملك البلاد قد أجّل الاحتفال بعيد ميلاده من 11 فبراير إلى 12 فبراير؛ ليحتفل مع من يحتفل بموت هذا الرجل، ويروي أحد المفكرين أنه شاهد احتفالات في أحد الفنادق في الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما تقصّى سبب هذا الاحتفال، عرف أنه ابتهاجٌ بموت هذا الرجل. وإن كان الحق ما يشهد به الأعداء فإن مراكز الأبحاث في فرنسا وأمريكا اشتركت في وضع قائمة بأهم مائة شخصية أثّرت في العالم في القرن العشرين، فكان منهم الإمام الشهيد "حسن البنا"
لكن أين هم ؟؟؟
من المحمودية إلى تبسة إلى السودان إلى الأردن إلى سوريا إلى المغرب تخصر المسافة لتعلن " أن هذه أمتكم أمة واحدة " .
ولتعلن للمغرضين الذين لا يزال اسمه يخيفهم بعد نصف قرن ويزيد أن قعوا أو طيروا ها نحن فمن أنتم