المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما معنى قوله تعالى "أولتعودنّ في ملتنا"؟



جمال الشرباتي
02/10/2008, 03:22 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال تعالى



({ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ }


وفي قوله "أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا " خلاف--

قال الطبري رحمه الله

(ومعنى «أو» ههنا معنى «إلا» أو معنى «حتـى» كما يقال فـي الكلام: لأضربنك أو تقرّ لـي، فمن العرب من يجعل ما بعد «أو» فـي مثل هذا الـموضع عطفـاً علـى ما قبله، إن كان ما قبله جزماً جزموه، وإن كان نصبـاً نصبوه، وإن كان فـيه لام جعلوا فـيه لاماً، إذ كانت «أو» حرف نَسق. ومنهم من ينصب «ما» بعد «أو» بكل حال، لـيعلـم بنصبه أنه عن الأوّل منقطع عما قبله، كما قال امرؤ القـيس:

بَكَى صَاحِبي لَمَّا رأى الدَّرْبَ دُونَهُ وأيْقَنَ أنَّا لاحِقانِ بقَـيْصَرَا


فَقُلْتُ لَهُ: لا تَبْكِ عَيْنُكَ إنَّـما نـحاوِلُ مُلْكاً أو نَـمُوتَ فَنُعْذَرَا


فنصب «نموتَ فنعذرا» وقد رفع «نـحاولُ»، لأنه أراد معنى: إلا أن نـموت، أو حتـى نـموت، ومنه قول الآخر:

لا أسْتَطِيعُ نُزُوعاً عَنْ مَوَدّتِها أو

يَصْنَعُ الحُبُّ بي غيرَ الَّذِي صَنَعا)
فهو رحمه الله اختار للأداة "أو" معنى " حتّى "أو بمعنى "إلّا"--

أمّا السّمين الحلبي فقد قال فيها في كتابه الدرّ المصون ما يلي

(قوله: { أَوْ لَتَعُودُنَّ } في " أوْ " ثلاثةُ أوجهٍ،

أحدُها: أنها على بابِها مِنْ كونِها لأحدِ الشيئين.

والثاني: أنها بمعنى " حتى ".

والثالث: أنها بمعنى " إلا " ، كقولهم: " لأَلْزَمَنَّكَ أو تَقْضِيَني حقي ".


والقولان الأخيران مَرْدُودان؛ إذ لا يَصِحُّ تركيبُ " حتى " ولا تركيبُ " إلا " مع قولِه " لَتَعُودُونَّ " بخلافِ المثال المتقدم.)





فالحلبي رفض أن تكون أو بمعنى حتّى والطبري قبل ذلك --والدليل مع الحلبي أظهر وأقوى --

فأنت لا تقول "لأضربنّك حتّى لَتَعُودُنَّ إلى البيت"--إنّما تقول "لأضربنّك حتّى تعود إلى البيت"

وقال الحلبي في معنى " لَتَعُودُنَّ " ما يلي

(والعَوْدُ هنا: يُحتمل أن يكونَ على بابِه، أي: لَتَرْجِعُنَّ. و { فِي مِلَّتِنَا } متعلقٌ به، وأن يكونَ بمعنى الصيرورةِ، فيكونَ الجارُّ في محلِّ نصبٍ خبراً لها، ولم يذكُرْ الزمخشريُّ غيرَه. [قال:]

" فإنْ قلتَ: كأنَّهم على مِلَّتهم حتى يَعُودوا فيها. قلت: مَعاذَ اللهِ، ولكنَّ العَوْدَ بمعنى الصيرورة، وهو كثيرٌ في كلام العرب كثرةً فاشيةً، لا تكاد تسمعهم يستعملون " صار " ، ولكن " عاد ": ما عُدْتُ أراه، عاد لا يكلمني، ما عاد لفلان مالٌ، أو خاطبوا به كلَّ رسولٍ ومَنْ آمن به، فَغَلَّبوا في الخطاب الجماعةَ على الواحد ".
فقوله " أو خاطبوا " إلى آخره هو الوجهُ الأولُ بالتأويلِ المذكورِ، وهو تأويلٌ حسنٌ.)

ونقول لا يمكن أن يكون معنى قوله "لَتَعُودُنَّ" لترجعنّ--لأنّه لم يعرف عن الرسل أو الرسول محمد أنّه كان في ملّة الكفر قبل الرسالة--

على هذا فمعنى الصيرورة معنى قويّ متين