المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دولة علمانية، شعب متدين – النموذج الأمريكي



محمديوسف
03/10/2008, 01:41 AM
عنوان الدراسة: SECULAR STATE, RELIGIOUS PEOPLE—
THE AMERICAN MODEL

دولة علمانية، شعب متدين – النموذج الأمريكي
تأليف
ويليام مارتين
زميل رفيع في قسم هاري وتشافان لدراسات الأديان والسياسة العامة
جامعة رايس
ترجمة: محمد يوسف محمد المحمودي
أبو مريم ويوسف














مقدمة
في كل مكان في العالم تقريباً حيث يكون الناس في حرب، يلعب الدين دوراً، عادة ما يكون دور سلبي. وفي هذه البلاد، يسهم الدين في استقطاب متنامي ومزعج. ومع ذلك، وبالرغم من أنها لا تبلغ حد الكمال في سجلها المتعلق بالتسامح الديني واحترام الأديان. وقد كانت أمريكا رائعة ولافتة للانتباه في النجاحات المتعلقة بتجنب حروب ذات مذاق ديني و، عموماً، بمنح حرية لمختلف الممارسات وطرق التعبير الدينية على مدار قرنين وأقل بقليل. ويعتبر هذا الأمر إنجازاً كبيراً في التاريخ البشري. وفي هذه الدراسة، أود أن أقول أن هذا الإنجاز راجع بشكل كبير إلى قياس كبير في تلك الوثيقة القليلة الملحوظة، دستور الولايات المتحدة. ويعتبر الدستور أحد الآثار العظمى في العالم نسبة لاحترام الأديان. والمفارقة أنهبه القليل الذي يمكن قوله عن الأديان. ويعتبر هذا جزء من عبقريته. لكن قبل أن ننظر على الدستور، نحتاج إلى خلفية معلوماتية قليلة.
الحقبة الاستعمارية
في عام 1628، في إحدى الحلقات الأكثر شهرةً في التاريخ الديني والسياسي الأمريكي، أعلن جون أنثروب، أول حاكم لمستعمرة خليج مساتشيوسيتس، للمسافرين والركاب على متن السفينة أرابيلا أن الله القادر قد أرسلهم إلى نيو إنجلند لتأسيس وإقامة مدينة على التل لكل البشر لينظروا إليها ويحاكوها. ستكون هذه المدينة هي إسرائيل الجديدة، قوة ورابطة مسيحية، سيكون مواطنوها في توافق ووئام مع الرب مطيعين له وملتزمين بشرائع الكتاب المقدس. وقد قدم أربعمائة أو نحو ذلك من البيوريتانيين المخلصين إلى العالم الجديد بحثاً عن الحرية الدينية – لأنفسهم. ولم يكن خليج مساتشيوسيتس مكاناً قادراً على الاحتمال والقبول بحرية الأديان. فقد تم تدريس دين واحد صحيح وممارسته. وقد تم طرد المنشقين – أو إعدامهم. كما تمت المعاقبة على أي انتهاكات للقانون الموضوع على أساس الدين بشكل قاسي ووحشي. كما كانت المواظبة على الصلاة في الكنائس لازمة وتم فرض ضرائب على المقيمين، سواء أكانوا أعضاء أو تابعين الكنيسة أم لا، لدعم الكنائس وكهنتها.
روجر ويليامز
كان أحد المستوطنين الأول، الذي قدم إلى المدينة عام 1631، روجر ويليامز، المعمداني والمهووس والمتعصب دينياً. وقد سخر ويليامز من فكرة أن نيو إنجلند كانت إسرائيل جديدة وأن رابطة الشعوب المسيحية أمر ممكن. فمع كون المسيحيين المخلصين قليلي العدد – وسيكون واحداً منهم – كان يرى أن تكليف الجهة السياسية بفرض الممارسة والاعتقاد الدينيين. وقد قال ذلك. وعندما تم إصدار الأمر لمواطني المستعمرة بحلف اليمين للحاكم والذي كان يتضمن عبارة، "لذلك ساعدني، يا إلهي"، كان يشكو من أن ذلك سيتيح للرجال والناس الضالين نطق لفظة الله عبثاً. وبحلول عام 1835، ضاق قادة البيوريتانيين ذرعاً بوليامز وأمروه بالعودة إلى إنجلترا، ولأنه ليس الشخص الذي يقبل الأوامر بسهولة، قام الرجل برحلة قصيرة وأسس دار عناية إلهية وحسن إدارة و، مع الآخرين، مستعمرة جزيرة رهود (Rhode). وهناك، سيكون للمواطنين، كما زعم، حرية اليقين الكاملة، التي أسماها "حرية الروح"، في مسائل وأمور الدين. وبالتالي، جذبت جزيرة رهود عدد من المعمدانيين أو المنشقين الآخرين وكانت مكاناً جموحاً صعب المراس نوعاً ما. ومع اعتقاده أن دينه وحده هو الصواب، انتقد ويليامز بشدة اعتقادات زملائه المتمسكين بالمشيئة، كويكرز على وجه التحديد، لكنه ظل متمسكاً بمبادئه وأكد على حقه في أن يكون مخطئاً. وفي عام 1644، كتب ويليامز عن الاضطهاد، وفي كتاباته طالب بفصل الدين عن الدولة. ويكتب ويليامز في ضمن ما كتب أن "فرض التماثل يقيد الحرية المدية والدينية ويرفض مبادئ وأسس المسيحية والمدنية.." وقد أصر ويليامز أيضاً على أنه لا ينبغي على أن يطالب أي شخص بعبادة أو الالتزام بالعبادة ضد رغبته، وأن القيام بذلك كان دافعاً لارتكاب جرم النفاق. وقد رأى ويليامز الحكومة على أنها "مجرد مدنية وإنسانية" دون وظيفة دينية وأوضح أن حكومات جيدة متواجدة في "الدول، المدن، الممالك ... ولم تسمع أبداً عن ولده الوحيد." وفي الواقع، كان ويليامز يرى أن المساعي من قبل الدولة لإقحام نفسها في الدين من الممكن أن تؤدي إلى إفساد كل من الحكومة والدين. لذلك، وفي كتابات أخرى، طالب الرجل بجدار فصل أو حاجز بين وحشية العالم وجنة الكنيسة. ومع اعتبار جزيرة رهود، وبنسلفانيا إلى حد أقل، استثناء كبير وواضح، لم تكن المستعمرات معروفة أو مشهورة بحرية الأديان والقبول بالاختلاف الديني. وخلال الكثير من الحقبة الاستعمارية، تم فرض الضرائب على المواطنين لتقديم الدعم الحكومي إما لطائفة واحدة (كنيسة انجلترا في العادة/الأسقفية البروتستانتية) أو إلى العديد من الجهات الأكبر، مع كون طائفة تصدر الأمر. وفي بعض الحالات، يمكن إعفاء أو استثناء المنشقين من دفع الضرائب، لكن الحصول على الإعفاء لم يكن تلقائياً، ومن حصلوا عليه كانوا مكروهين من قبل من كان عليهم الحصول على نصيب أكبر. وقد كان هذا الأمر صائباً بشكل خاص للمعمدانيين مع نموهم بشكل أكبر وأكثر تعدداً. فقد كان الكاثوليك، إذا ما سمح لهم بذلك مطلقاً، يحرمون من أداء صلاتهم في العلن في جميع المستعمرات تقريباً. وفي بعض المستعمرات، كانت الجماعات والطوائف غير المتميزة تمنع من التنصير أو التبشير،كما كان الحضور في الكنائس المقامة مطلوباً، كانت تعبيرات الازدراء وعدم الاحترام تجاه القساوسة محظورة في الغالب، ومن الممكن أن تتم معاقبة المتحدثين عن الله بشكل غير لائق بالإعدام أو القتل. في فرجينيا، من الممكن أن يؤدي إنكار التثليث (الأب، الابن وروح القدس) إلى الحكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. وقد قدمت هذه الإجراءات، بشكل عرضي، القليل للتشجيع على الإيمان والتقوى في أمريكا إبان الحقبة الاستعمارية. ومع مقدم وقت الثورة، كانت هناك نسبة تتراوح ما بين 10 و 15% من السكان تمثل أعضاء الكنيسة، وقد أوضح الزائرون الأجانب توافق ساحق وعدم اختلاف كبير على الدين.
توماس جيفرسون وجيمس ماديسون
المؤسسان الكبيران اللذان لعبا الدور الأكبر في تشكيل الفهم الأمريكي للعلاقة المناسبة والملائمة بين الكنيسة والدولة هما توماس جيفرسون وجيمس ماديسون. وبمساعدة ودعم من الزملاء ذوي الفكر المشترك والمتوافق معهما، تمكن هذان الصديقان الحميمان من الحصول على آراء غيرت المسار ضمنت في البداية في قوانين فرجينيا ثم أدخلت إلى الدستور الأمريكي. وقد كان كل ماديسون وجيفرسون، مثل الكثير من المؤسسين، متأثرين بالنظرية لسياسية الإنجليزية للقرن السابع عشر، خصوصاً الهويغيين، الأمريكيين المؤيدين للثورة، ومنظرهم الكبير جون لوك الذي كان يدعى فيلسوف أمريكا. وقد أكد لوك على أن جميع البشر لديهم الحق الطبيعي في الحياة، الحرية والملكية. وما دامت هذه الحقوق غير مكفولة أو مضمونة من جانب الحكومة، لا يمكن للحكومة أن تستبعدها أو تقصيها، لأنها غير قابلة للتحويل. ما هو أساسي بين هذه الحريات هو حرية الفكر والتوجه. وبينما قد يتوقع الرب الطاعة والإذعان لرغبته ومشيئته، لا يمكن لأي جهة بشرية أن تفرض أو تجبر على تلك الطاعة. ولتكون الطاعة ذات معنى وجدوى، لابد أن تكون طواعية واختيارية بشكل كامل. وتتواجد الحكومة لأن الشعب الحر بالطبيعة يدخل "عقد اجتماعي" – وهنا اعتمد الآباء والمؤسسون أيضاً على الفيلسوف الفرنسي روسو – يتفقون فيه على قبول تشريعات وقوانين محددة كوسيلة لتعزيز الوجود المجتمعي والجماعي والطائفي وحماية هذه الحقوق الطبيعية، غير قابلة للتحول. ولأن أحد هذه الحقوق هو الحق في حرية التوجه والاعتقاد، التي تأتي منها حرية الدين وتعتبر مثالاً أساسياً عليها، ينبغي ألا يكون للحكومة دور في تنظيم الكنائس والدين، كما ينبغي أن تعمل الجماعات المتطوعة بشكل كامل دون دعم من الحكومة. وقد نظر لوك وزملاؤه والأمريكيين الشباب من خلفهم على الدمار الذي أحدثته وأنتجته الحروب الدينية منذ الإصلاح الديني البروتستانتي وانتهوا إلى أن الطريقة الأكثر تأكيداً وحتمية لتحقيق السلام المحلي الضروري للنشاط الاقتصادي المنظم والحر كانت وستكون فصل المجالات المدنية والدينية. في الواقع، كان الهدف المعلن من خطاب لوك المتعلق بسياسة التسامح الديني هو "تمييز عمل الحكومة المدنية بالضبط عن عمل الدين ووضع الروابط العادلة والنزيهة التي تقع بين بعضهما البعض".
من ناحية أخرى، مع اقتراب وقت الثورة أكثر وأكثر، في عام 1767، كتب جيمس بيرغ، وزير اسكتلندي منشق وكاتب سياسي والذي كان عمله معروفاً بالنسبة لكل من جيفرسون و ماديسون أيضاً، مقالات وأبحاث، كانت تدعى "الكتاب الرئيسي للجيل الثوري". ذهب بيرغ إلى القول بأن "ذوي الآراء الدينية المختلفة يصلحون جميعاً على السواء لأن يكونوا عاملين في خدمة بلادا" وجادل أنه كان من الضروري "بناء جدار فصل لا يمكن اختراقه بين الأمور المقدسة والمدنية." ومع قناعاتهم الدينية وواجباتهم المدنية في ميادين منفصلة، ربما اعتقد المواطنون الأسوياء فيما يرغبون طالما أنهم لم ينتهكوا السلام أو يخترقوه. وقد لاحظ لوك أن، "لو كان الرومان كاثوليك يرون أن الأمر يتعلق بجثة المسيح، وآخرون يعتقدون أن الأمر ما هو لا قربان مقدس، فلن يكون هناك أي ضرر أو أذى يلحق بهذا أو ذاك من قبل أي طرف أو العكس.
كذلك، سيود جيفرسون أن يحاكي أو يؤكد على هذه الأفكار في ملاحظاته على ولاية فرجينيا من خلال كتابة أن "القوى المشروعة للحكومة تمتد إلى مثل هذه الأعمال فقط كإصابات أو أضرار للآخرين. لكن الأمر لن يلحق الأمر أذى بجاري إذا ما قلت أن هناك 20 إله، أو لا يوجد إله. الأمر لا يتسبب في كسر قدمي أو سرقة حافظتي." ومع اعتبار هذه الأمور كقناعات لهم، كان ماديسون وجيفرسون على وشك الانتهاء من إنشاء الكنيسة الإنجيلية في فرجينيا. وفي عام 1779، ورداً على قانون يقدم دعم ضريبي لمختلف الجماعات الدينية، قدم جيفرسون قانونه لإرساء الحرية الدينية لهيئة فرجينيا التشريعية. وكما هو موضح غالباً، كان جيفرسون ينظر للأمر على أنه أحد أفضل وأحسن ثلاثة إنجازات لديه، بالتماشي مع الصياغة الأساسية لإعلان الاستقلال وتأسيس جامعة فرجينيا. ويبدو عدلاً، وقتئذ، أن ننظر للأمر كبيان تحديدي وتعريفي لآرائه في هذه المسألة. وفي القانون، ذهب جيفرسون إلى القول:
• ينبغي ألا تجبر الحكومة الشعب على دعم الدين الذي لا يؤمنون به، وأن القيام بذلك "أمر خاطئ ومستبد".
• ينبغي أل يكون خناك اختبار ديني لتولي منصب عام.
• ينبغي ألا يتم إدخال أو تدخل الحاكم أو القاضي في ميدان الرأي الديني، لكن يتدخل فقط عندما تنتهك الأديان السلام العام. المؤسسة الدينية تقدم رشاوى للدين (ومن ثم تجلب مخاطر الفساد) عندما تقدم له منح من الخزائن العامة.
لم يتم تمري أي قانون من القانونين، لكن القتال تجدد في عام 1784، مع نضال باتريك هنري من أجل المؤسسة الدينية المتعددة ونضال جيمس ماديسون ضدها. وقد تم تعطيل القرار حتى 1785. في هذه الفترة الفاصلة، قام ماديسون بتأليف ونشر وثيقة مهمة مجهولة المؤلف، بعنوان "مذكرة واعتراض على التقييمات الدينية. وقد كتب "من المناسب التنبه وأخذ الحذر عند التجربة الأولى لحرياتنا من أجل من لا يرون أن نفس الصلاحيات والسلطات، التي يمكن أن تقيم المسيحية بإقصاء جميع الأديان الأخرى، قد توضع بنفس السهولة مع أي فصيل محدد من المسيحيين، بإقصاء أي فيل بذاته، بإقصاء كافة الفصائل الأخرى .. وتلك هي نفس السلطات والصلاحيات، التي يمكن أن تدفع المواطن إلى المشاركة بجزء قليل فقط من ملكيته من أجل دعم مؤسسة دينية واحدة، والتي قد تدفع الفرد إلى التوافق مع أي مؤسسة دينية أخرى أيما كانت في جميع الأحوال." ولم يكن ماديسون مهتماً بشكل منفرد بالقمع. وقد أصر على أن الدعم الحكومي للدين سيؤدي حتماً إلى الفساد وإضعاف الدين ذاته. وقد أظهرت 15 قرناً من التدخل أو التورط الحكومي مع المسيحية أن أي منهما لم يستفد من العلاقة مع الآخر.
من ناحية أخرى، أوضح ماديسون أن المؤسسات الكنسية "لوحظ أنها (في بعض الأمثلة) تقيم الاستبداد الروحي على هشيم لسلطة المدنية، في أمثلة عديدة كان ينظر إليها على أنها تثبت عروش الاستبداد السياسي؛ ولم يلاحظ بأي حال كونها حامية لحريات الشعوب ... الحكومة العادلة ... ستكون مدعومة بشكل أفضل من قبل الشعب ... ليس من خلال غزو القيم العادلة والمتكافئة لأي فصيل، ليس من خلال جعل أي فصيل يعاني لغزو قيم وحريات الآخرين."
وفي إجلاء أكثر بشأن فكرة التنبه وأخذ الحذر عند "التجربة الأولى بشأن حرياتنا"، صور ماديسون قانون التقييمات العامة ليس على أنها غير متعقلة وغير عادلة فحسب، وإنما أيضاً كعلامة على الاضطهاد" لأنها "تجرد من الرتبة المتكافئة والمعادلة للأفراد، كل أولئك الذين لا تتوافق آراؤهم في الدين مع آراء السلطة التشريعية. وبكونها بعيدة كما قد تكون في شكلها الحالي من التحقق والاستفسار، تختلف الأفكار في درجة ما". وقد امتدت حرية الاعتقاد والمعتقد هذه إلى غير المؤمنين بدين. وقد أصر ماديسون على أن "في حين نؤكد لأنفسنا على الحرية التي تطال، لنعايش ونلاحظ الدين الذي نحبه أن يكون ذو أصل سماوي ومقدس، لا يمكننا أن ننكر أية حرية متكافئة أو متساوية لأولئك الذين لم تذعن عقولهم لدليل أقنعنا." لقد كان الإحساس بالمد والجزر يتحرك معهم، وقد قدم ماديسون قانون جيفرسون لعام 1779 للحرية الدينية، وفي يناير 1786، تم تمرير القانون من خلال التصويت لصالحه بأصوات 60 مع و27 ضد. وفي محاولة لإعطاء نوع ما من الاعتراف الرسمي بالمسيحية، حاول بعض رجال الجمعية التشريعية إلى تأكيد اعترافهم بعيسى المسيح، الموجد المقدس لديننا." وبالرغم من أن جيفرسون ذاته كان في باريس في ذلك الوقت، اتبع الرجل تقدم الجدل عن قرب وكثب بالتوافق مع ماديسون و، في سيرته الذاتية، وجد الرجل متعة تعتمد على الماضي وأحداثه في حقيقة أن "التأكيد كان مرفوضاً من قبل أغلبية كبرى، في دليل على أن الأمر قصد به توريط، ضمن عباءة حمايتها، اليهود، الوثنيين، المسيحيين والهندوس والملحدين من أي طائفة.
الدستور
لم يكن قرار إصدار الدستور بفرجينيا فريداً ولا عالمياً. ففي وقت صياغة الدستور، رفضت ولايات أخرى أيضاً المؤسسة الدينية لدين واحد. ولم يعد لدى أية ولاية بعد مؤسسة دينية على النمط الأوروبي لطائفة واحدة، لكن ثمة ولايات عدة أبقت على شكل من المؤسسة الدينية تلقت فيه طوائف دينية متعددة دعم حكومي. وعندما اجتمعت في فيلادلفيا في 1787، على الرغم من هذا كله، تأهب واضعو الدستور لإثبات أن فكرة و، بالدلالة، الولايات، يمكن أن تزدهر وتعيش دون اختبارات دينية موضوعة. وفي الالتزام بعزمها فصل الدين والحكومة، وضعوا الدستور الذي كان علمانياً بشكل كامل. ويبدأ الدستور بتحديد مصدر شرعيته: "نحن شعب الولايات المتحدة .. نقيم ونحدد هذا الدستور للولايات المتحدة الأمريكية." وبخلاف إعلان الاستقلال، لم يذكر الدستور الرب أو الذات الإلهية أو الهداية السماوية العليا، بالرغم من أنه يقر بشكل واضح بالثقافة المسيحية من خلال تحديد تاريخه على أنه عام 1787 بعد ميلاد المسيح ومن خلال توضيح أن أيام الأحد ليست معدودة ضمن الأيام العشر التي يمكن خلالها للرئيس أن يعترض على التشريع أو القانون (المادة 1، الفصل السابع). وتوجد الإشارة الوحيدة للدين في "الدستور الأصلي"، قبل قانون الحقوق، في المادة الرابعة: "لن يكون هناك اختبار ديني مطلوب أبداً كمؤهل لأي منصب أو ثقة عامة في الولايات المتحدة." وفي ذلك الوقت، كانت دساتير جميع الولايات الثلاثة عشر تقريباً تتضمن اختبارات دينية، تقتضي بوجه عام من المسئولين العموميين أن يكون مسيحيين بروتستانت، وأن يقروا ويعترفوا أحياناً بالإلهام السماوي للكتاب المقدس والاعتقاد في التثليث. وقد كانت المادة الرابعة خروج واضح وكبير عن الممارسة القائمة، لكنها تم تبنيها بسهولة ودون كثير من الجدل حسب ما هو واضح. ومن ثم كان الدستور غير مقصور على دين وفتح باب لغير المسيحيين بأن يعملوا في الحكومة دون ن يلاحظ أحد اختلافهم الديني.
في الواقع، هوجم الدستور بشكل ضاري لأجل فشله لتشريف وتمجيد الله وإعطاء المسيحية مكاناً مفضلاً. وقد كان التخلي عن مثل الرابطة المسيحية، كما يقول البعض، مدعاة لغضب الرب أو، على الأفضل، سحب تأييده. وقد اشتكت مجموعة من قساوسة مساتشيوسيتس و نيوهامبشاير لجورج واشنطن من أنه "لا يوجد اعتراف واضح وصريح بالله الواحد والمسيح الذي أرسله في "ميثاق الدولة." وفي الصحف، المؤلفات، الخطب، الرسائل وأروقة الحوار في جدل بشأن التصديق على الدستور، اشتكى المواطنون المنزعجون من أن " الوثنيين، القائلين بالربوبية والملحدين والساخرين من التثليث ربما حصلوا على مناصب بيننا." فقد يكون من المسلمين، اليهود وما هو أسوأ من الكل، الخلاصيين رئيس للولايات المتحدة. "من الممكن أن يجردنا الرئيس المهتز من وسيلة الدفاع"، ومادام الدستور "يعطي القيادة بشكل غبي لكافة الطوائف الرئاسة، فإذا ما كان الرئيس بعد هذا كله يهودي، عنها قد يكون جيلنا الغالي مأموراً بإعادة بناء القدس". ومن جانبهم، أعرب قليل من اليهود في أمريكا عن امتنانهم وعرفانهم، متقدمين بالشكر للرئيس جورج واشنطن على دوره في إنشاء ووضع الحكومة التي "منحتنا امتيازات وحصانات المواطنين الأحرار ودفعت بنا إلى حشد كبير للآلية التشريعية." وقد كتب المتخصص الدستوري ويليام لي ميلر أن: "في صياغة المادة الرابعة .... الأمة الجديدة كانت مرشحة لأن تكون غير دينية في حياتها المدنية." وقد ورد، عند سؤاله عن عدم ذكر الدستور الرب، قال ألكسندر هاميلتون – أتخيله يقول شيء ما مثل لويس روكيسير – "لقد نسينا." لكن عدم ذكر الرب لم يكن سهواً ولا، في عقول القائمين على الصياغة، استخفاف. كان ذلك الجمع من الشباب الوقورين يحتوي على بعض المفكرين الكبار والكتاب الأكفاء. فإذا ما كانوا يريدون إقامة دولة مسيحية، لكان بمقدورهم إعلان الأمر ببساطة ووضوح. لقد كان الآباء المؤسسون مفكرين عالميين متحررين من الأحقاد ومخلصين لمنطق التنوير، لكنهم لم يكونوا، على الأرجح، ملحدين أو معارضين للدين. على النقيض، كان هؤلاء الآباء ينظرون للأخلاق والفضيلة على أنها أمر لا مفر منه بالنسبة لدولة صحية وكانوا ينظرون للدين على أنه أساس رئيسي للأخلاق، بالإضافة إلى الإحسان والاهتمام بأقران الفرد ورفاقه. لكن الدولة في حد ذاتها ينبغي وأن تكون علمانية. وقد تحدث جون أدامز بشكل أكثر عن الأمر عندما قال أن "الحكومات المؤسسة والمقامة على السلطات الطبيعية للشعب دون غيرها – ("نحن الشعب") دون ادعاء لمعجزة أو غموض ... مكسب كبير لصالح حقوق البشر". وكما هو الحال بالنسبة للمادة الرابعة، ذكر ماديسون، في الوثائق الاتحادية أو الفيدرالية (51 و 56) فقرة "الاختبار غير الديني أو غير المشتمل على الدين" على أنها ضمن عظمات الدستور الجديد. "إن باب الحكومة الفيدرالية مفتوح أمام استحقاق شخص بأي وصف، سواء قومي أو متبنى، سواء شاب أو كهل، دون اعتبار لفقر أو ثروة أو دون اعتبار لأي حد من التدين."
وقد سأل جيمس إريدل (من نورث كارولينا) القاضي المستقبلي للمحكمة العليا، "كيف يكون ممكناً أن نستثني أو نستبعد أي مجموعة من الأشخاص دون وضع أساس يقوم عليه الاضطهاد في أي جزء من العالم." وقد رأى ماديسون، أبو الدستور"، في البداية حاجة لتعديلات تضمن حريات محددة، لكن جيفرسون وآخرون أقنعوه باستبعاد حقوق محددة. وباعتبار قناعاته، من المفاجئ نادراً أنه، عندما بدأ تحديد قائمة التعديلات التي عرفت بعد ذلك بقانون أو لائحة الحقوق، اختار الدين ليكون الحرية الأولى. وبعد دراسة متأنية وتشاور، تمت صياغة التعديل الأول ليطالب بأن "الكونجرس لن يقدم قانون يتعلق بالمؤسسة الدينية أو دور الدين ولن يحظر كذلك حرية الممارسة الدينية، ..."
محاولات لاختراق الحاجز
في السنوات الأخيرة، كان هناك مسعى مجمع عليه من قبل الكثير من المسيحيين، تحديداً أولئك المشار إليهم في لفظة الحق الديني – في الغالب المسيحيين البروتستانت المشاركين في النشاط السياسي على اليمين من الطيف الديني – الذين ذهبوا للقول بأن أمريكا أسست أو تأسست كدولة مسيحية، بأن فصل الدين عن الدولة قراءة سيئة جملةً للدستور ونوايا المؤسسين وأن حظر التعديل الأول للمؤسسة الدينية أو الأساس الديني يشير بشكل منفرد إلى التأسيس الحكومي ودعم الكنيسة المحلية. ويزعم بات روبرتسون، رالف ريد، جيمس دوبسون، ديفيد بارتون وآخرون إلى أن الدستور كتب لإرساء، تعزيز وضبط النظام المسيحي وأن العلمانيين والليبراليين الآخرين، مدعومين من قبل المحاكم النشطة، قد حولوه وغيروه، محاولة منهم لتحويل أمريكا إلى دولة علمانية. وكنتيجة طبيعية، يطالب هؤلاء المسيحيين باستعادة الحكم وإعادة الدولة إلى الطبيعة المقصودة من وراء ذلك كله بأن تكون دولة مسيحية كبرى. (ويوجد هناك اتجاهات أشد صلابة وأخرى أشد ليناً لهذه الرؤية، لكني أعتقد أن التصنيف العام لها نزيه ومعتدل.) وأثق أن من الواضح تماماً أن القائمين على صياغة الدستور لم يكن قصدهم إنشاء قوة مسيحية، أنهم كانوا في الحقيقة يرفضون هذا المبدأ بشكل واضح ومرعوبين وأنهم كانوا يقصدون بفصل الدين عن الدولة بشكل مؤكد. لكن ثمة دليل آخر. في عام 1797، بعد أقل من 10 أعوام من التصديق على الدستور، وبينما كان جون أدامز رئيساً، أكدت الدولة حديثة العهد وضعها العلماني، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية عندما وقعت معاهدة مع طرابلس، منطقة مسلمة بشمال أفريقيا. وتنص المادة 11 من المعاهدة، "كما أن حكومة الولايات المتحدة ليست مؤسسة، بأي حال، على أساس الدين المسيحي، كما أنها ليس لديها في حد ذاتها سمة أو خاصية خصومة أو معاداة ضد القانون، الدين أو سلامة وأمن المسلمين .. من المعلن من قبل الأطراف أنه لا ذريعة أو حجة تنشأ من الرأس الديني أو التوجه العقائدي ستحدث أو تتسبب في أي وقف أو تعطيل للتناسق القائم بين الدولتين. ومن ثم، لو كان القائمون على صياغة الدستور قصدوا تأسيس دولة مسيحية، لكان محافظو اليوم كارهين وفق ما هو محتمل لطبيعتها وخائفين من ذلك. فقد قبل أو اعترف القليل فقط بتعاليم المسيحية الراشدة، وهم في الغالب يضعون عباءة التنوير عليهم. ويبدو دين واشنطن في الأساس أداء اجتماعي وتبدو معتقداته ربوبية أكثر من كونها أسقفية كنسية أو بمعنى أدق بروتستانتية. وقد اعتبر جيفرسون، المعجب الكبير بعيسى، ربوبية المسيح، الرجوع والانبعاث، التثليث، المعجزات ومرجعية الكتاب المقدس كخليط من "الخيالات المجنونة". وقد تحدث جون أدامز عن تجسد المسيح وربوبيته باعتبار أنها "تأله بغيض". أيضاً، اعتبر فرانكلين أن عيسى المسيح إنما هو معلم أخلاقي في الأساس، نموذج جيد للطبيعة البشرية التي يمكن أن تبلغ حد الكمال. وقد رأى المؤرخ جوردون وود أنه من "الحقائق الكبرى والمهمة بالتاريخ الأمريكي أن الثورة الأمريكية كانت بقيادة رجال لم يكونوا متدينين بدرجة كبيرة. على الأفضل، كان الآباء المؤسسون يعتقدون فقط بشكل متبلد في المسيحية المنظمة وعلى الأسوأ، كانوا يهزأون ويسخرون منها. وطالما أن الدين دعم التوافق السياسي، كان القليلون منهم متفقون مع ما يعتقده الشخص. وقد أوضح المؤرخ دانيال بورستين الأمر جيداً بقوله: "لقد وجدوا في الرب ما أجبهم بشكل أكبر في البشر".
من ناحية أخرى، كانت الرؤية الثانية من قبل أولئك غير الراضين عن فكرة الدولة العلمانية وتتمثل في أن التعديل الأولى إنما يحظر فقط تأسيس كنيسة وطنية وليس أشياء أخرى يودون رؤية الحكومة تقوم بها. وقد اقترح تشارلز بنكني، الذي اقترح وقدم صياغة للمادة الرابعة، صياغة تنص على أن "المجلس التشريعي للولايات المتحدة لن يمرر قانوناً بشأن موضوع الدين." وقد تضمنت عروض أخرى عديدة، خصوصاً تلك الناشئة في مجلس النواب و المجلس التشريعي والمشتملة على مسودة ماديسون الأولى، صياغة بشأن عدم خرق الحريات والحقوق المتساوية للاعتقاد والتوجه الديني. وأتمنى لو احتفظوا بتلك الصياغة وأبقوا عليها لكنهم لم يفعلوا. ولحسن الحظ، يوجد لدينا دليل واضح وبين عن كيفية نظرهم هم ومن تبعهم في ذلك التعديل، ومن الواضح أنهم كانوا ينوون أكثر من مجرد حظر الكنيسة القومية. وقد كان قصد جيفرسون موضحاً في خطاب لجمعية دانبوري البابوية (كونيكتكت) في عام 1802، العام الثاني من رئاسته. وكانت كونيكتكت لا تزال تحتفظ بشكل من المؤسسة الدينية. ولم يكن المعمدانيون يحبون الأمر وكتبوا للرئيس ليطالبوه بأن يستخدم نفوذه لإثنائها عن الأمر. وبالرغم من أن جيفرسون كان بمقدوره عمل القليل بشأن قانون كونيكتكت، إلا أنه استغل الفرصة ليضع قناعاته موضع التنفيذ. وفي رده الودي، قال: "إنني أنظر في التبجيل الديني لذلك القانون الشامل للشعب الأمريكي الذي أعلن أن مجلسهم التشريعي لا ينبغي أن يضع قانون يتعلق بتأسيس الدين أو وضع المؤسسة الدينية أو حظر الممارسة الحرة للدين؛ ومن ثم بناء جدار فصل بين الكنيسة والدولة". وفي الوقت الحاضر، يشير مؤيدو الفصل التام للنظامين أو المؤسستين إلى استعارة جيفرسون المشهورة كمثال واضح وظاهر "للقصد الأصلي" للمؤسسين. ويميل أولئك الذين يرون أن القائمين على صياغة الأمر كانوا مرعوبين للحد الذي عنده تم استبعاد المحتوى الديني من المؤسسات المرتبطة بالدولة إلى استبعاد ونفي خطاب دانبوري باعتباره لا شي أكثر من مجرد وثيقة عرضية تم التهويل من شأنها بشكل تام. وقد صنف كبير القضاة الراحل ويليام رينكويست، على سبيل المثال، تعليق جيفرسون على أنه "ملحوظة قصيرة للمجاملة، لا ينبغي أخذها على محمل الجد لهذه الدرجة. لكن بعيداً عن إخراج هذا الخطاب المهدأ لجماعة ساخطة من المتعصبين لدينهم عن مضمونه، كان الرئيس جيفرسون ينظر لرده على طلبهم كفرصة رائعة للتأكيد على قناعاته الراسخة لديه والقائمة منذ أمد بعيد. لذلك كان الرجل مهتماً بأن يصيب الوتر الصحيح وطلب من نائبه العام الجنرال ليفي لينكولن أن يقوم بمراجعة خطابه. وفي ملاحظته للجنرال لينكولن، أوضح الرجل أنه كان يود أن يستخدم مثل هذه الرسائل كوسيلة "لغرس الحقائق والأسس المفيدة والنافعة بين شعبه، الأمر الذي قد ينمو ويتأصل بين معتقداتهم السياسية." وقد قال الرجل أيضاً بشكل أكثر تحديداً أن خطاب دانبوري "يقدم ويضع مناسبة تمنيتها طويلاً، للقول عن سبب عدم قيامي بصوم أو صلاة شكر، كما فعل السابقون." وفي المسودة الأصلية للخطاب، التي يمكنكم أن تقرأوها على الشبكة، وقد شرح جيفرسون سبب أنه لم يرد إعلان أيام الصوم. "فقد حظر الكونجرس كذلك الأعمال التي تتعلق بالدين، والسلطة التنفيذية مكلفة فقط بتنفيذ هذه القوانين، وقد امتنعت عن تحديد حتى الأداء العرضي للعبادة والتقوى". ولم يكن جيفرسون يتخيل أن خطابه سيسعد أي شخص. فقد قال "أعلم أن الخطاب سيحدث إهانة كبيرة لرجال الدين في نيو إنجلند (الذين استفادوا من المؤسسة الدينية)؛ لكن مؤيد الحرية الدينية لا يتوقع السلام ولا التسامح منهم." وقد استأصل المدعي العام لينكولن من تعليقات جيفرسون بالمسودة الأصلية المتعلقة بإعلان الصوم وصلاة الشكر – من المحتمل أن تركها ربما كلف جيفرسون الكثير من الأصوات التي توجد هناك حاجة في نيو إنجلند – لكن جدار الفصل قام، كما قصد جيفرسون. وبكونه مفكر أكثر نظاميةً من جيفرسون، سلك ماديسون حتى طريقاً أكثر استقامة. وفي عام 1811، صدق اعترض الأخير على قانون تم تمريره من قبل الكونجرس، يعطي ميثاق وعهد للكنيسة البروتستانتية داخل مقاطعة كولومبيا، لأنه أشار إلى تدخل الكنيسة في توزيع الأموال الخيرية وتعليم الناس في الأحياء الفقيرة. وقد زعم ماديسون أن القانون خرق التعديل الأول وسيكون "بداية لإعطاء المجتمعات الدينية مثل هذه الوكالة القانونية للتدخل في توزيع وتطبيق الحق المدني والعام". فالقانون، الذي يجيز مبادرة قائمة على الدين، "سيشوش ويزيل في الواقع الفرق بين الوظيفة المدنية والدينية." كما قام ماديسون بالتصويت ضد قانون آخر كان سيعطي أراض مملوكة للحكومة للكنيسة المعمدانية في المسيسبي، مصراً على أن القانون "انتهاك للتعديل الأول وسيقيم سابقة لتخصيص أموال الولايات المتحدة للاستخدام والاستغلال في دعم المجتمعات الدينية." وخلال حرب 1812، انصاع الرجل لضغوط بإعلان يوم قومي للصلاة والصوم من أجل أولئك الراغبين في طلب دعم الرب في الحرب. وفيما بعد، رغم هذا كله، كتب وثيقة ("المذكرة غير المتحيزة") دون فيها خمسة أسباب لكونه مخطئاً في القيام بذلك. (في عام 1832، رفض أندرو جاكسون إعلان يوم صوم خلال تفشي وباء الكوليرا لأنه اعتقد أن الأمر غير دستوري.) كذلك، تغاضى ماديسون في البداية عن دعم قانون ضرائب على الكنائس الجماعية، ثم رفض هذا فيما بعد باعتبار الأمر "انتهاك صريح للمبادئ الدستورية". فقد قال: "إن سداد هذه الأموال من الخزانة الوطنية خرق للتعديل الأول وتحدي وإهانة للأفراد الذين تحظر عقائدهم ومعتقداتهم المشاركة في الأغلبية."
كذلك، بالنسبة للكنائس العسكرية، رأى ماديسون أنها خدمت غرض يستحق الإشادة، لكنه اعتقد أنها ينبغي أن تدعم من قبل طوائفها المبجلة وليس من قبل الخزانة العامة. وقد ذهب حتى للقول أنه لا ينبغي أن يتم تحديد القساوسة كما هو الحال في الإحصاء لأنه يرى أن توضيحهم وتمييزهم يمكن أن يوجد تدخل حكومي غير قانوني في الدين. وكما قال، تعتبر الحكومة "مستبعدة من تحديد من هم القساوسة ومن دونهم في الإنجيل". ولم يكن لأي من هذه الأعمال، التي رآها ماديسون بمجملها تنتهك التعديل الأول، شيء لتقوم به مع تأسيس الكنيسة الوطنية. وبعد فترة قصيرة من تركه الرئاسة، لاحظ ماديسون في خطاب لصديق له أن الحكومة المدنية قامت بالعمل بشكل بارع دونما تدخل من الكنيسة وأن "عدد، مجال وأخلاق الكهانة، وأداء الناس للصلاة والعبادة قد زاد بشكل واضح مع الفصل الكامل للكنيسة عن الدولة. وقد أقر ماديسون بشكل كامل، بالطبع، أنه والقائمين على صياغة الأمر قد وضعوا ترتيباً أو إجراءاً جديداً. وقد أسماه :الاختبار الفاصل." وقد رأى أيضاً أن أمريكا ستجتاز ذلك الاختبار. ففي العقود التالية، تم عمل محاولات متعددة لاختراق جدار الفصل والحصول على بعض المكانة والاعتراف الرسميين للمسيحية. ومجدداً، ومرة أخرى، فشلت هذه المحاولات. وفي كتابهما الصغير الممتاز، دستور بلا رب، الذي أدين له بالكثير، يناقش كل من إزاك كارمنيك و لورانس مور محاولتين بالتفصيل – محاولة وقف بريد الأحد والمحاولات المتكررة لتمرير تعديل مسيحي. وسأتناول هاتين المحاولتين بإيجاز شديد.
بريد الأحد
في عام 1809، بعد أن تم طرد مدير البريد في بنسلفانيا من كنيسة المشيخة البروتستانتية والتي كان الأكبر سناً فيها لأجل إبقائه على مكتب البريد مفتوحاً يوم الأحد حتى يتمكن الناس القادمون إلى الكنيسة من الحصول على بريدهم، جعل مدير عام البريد الكونجرس يصدر قانون يجيز فتح مكاتب البريد وحركة البريد يوم الأحد. وعلى مدار العشرين عاماً التالية، ساد جدل ساخن بين شخصيات رائدة بشأن الأمر. وقد ذهب المدافعين عن الأمر إلى القول بأن التجارة وحتى أمن الدولة يقوم على ذلك. في حين ذهب المعارضون، الذين كانوا يشملون تقدميين ومحافظين أيضاً، إلى القول بأن الكونجرس ليس لديه السلطة الدستورية لإجازة خرق يوم الراحة والصلاة وأن مثل هذا الانتهاك سيدمر التقوى والأخلاق اللازمة لنهضة الجمهورية. وقد وقع آلاف الأشخاص عرائض وطلبات مع كلا الجانبين. وفي يناير 1829، أصدر مجلس الشيوخ "تقرير بشأن موضوع البريد في يوم العطلة." وقد وصفه كل من كارمنيك و مور بشكل صائب على أنه "بيان دامغ للالتزام والتعهد بوجود حكومة وطنية علمانية." فالكونجرس كما يقول التقرير "مؤسسة مدنية، خالية تماماً من الصلاحية الدينية." ولم يكن لدى المشرعين الصلاحية "لتعريف الرب أو لتوضيح واجب ديني للمواطن" أو "قمع أو فرض توقير ديني لأي شيء، بما في ذلك أيام الراحة والعبادة أو أيام الأحد. "لا يمكن أن يتم رسم الهط بقوة بين الكنيسة والدولة"، وفق ما أوضحه التقرير، ويعتبر حظر البريد في يوم الأحد "تشريع على أساس ديني ومن ثم يكون تشريع مثل هذا الأمر غير دستوري". وقد تم توزيع أعداد كبيرة من التقرير على الجمهور، كما تم بيع نسخ وطبعات مؤلفة وكان المؤلف الرئيس هو ريتشارد جونسون، الذي أشيد به لكونه قدم "جزءً تكميلياً لقانون الحقوق لدينا". وفي عام 1836، تم انتخاب الرجل نائب رئيس للولايات المتحدة.
التعديل المسيحي
كما كان حالهم بعد الجدل بشأن التصديق، واصل الكثير من المسيحيين رفض التفريق بين الدين والحكومة، وقد كان ذلك الأمر يحدث على وجه التحديد في أوقات الأزمات. وخلال ربما أكبر الأزمات الإقليمية على الإطلاق، الحرب الأهلية، بدأ مجموعة من رجال الكنيسة البارزين يطلقون على أنفسهم مسمى "جمعية الإصلاح الوطنية" يدفعون من أجل تعديل دستوري يقوم بإعادة صياغة وكتابة الإقرار التمهيدي للدستور بالرب القادر كمصدر للسلطات والصلاحيات في الحكومة المدنية، الإقرار بالسيد عيسى المسيح كحاكم بين الأمم والاستمساك برغبته المقدسة وإرادته العلية كما هي بالسلطة العليا من أجل تشكيل حكومة مسيحية ... الخ." وقد قام وفد من أعضاء الجمعية البارزين بزيارة الرئيس لينكولن في عام 1864 وطالبوه بدعمها في الكونجرس. وقد صرح لينكولن أنه في حاجة إلى دراسة الأمر بشكل أكبر، لكنه لم ينصاع لذلك الأمر. وقد قام الكونجرس بتجاهل الأمر في عام 1864 ثم بعد ذلك في عام 1869، لكن المساعي الفاشلة لإدراج المسيح في الدستور في 1894 و 1910 و في 1947 و 1954، دفعت الجمعية الوطنية للإنجيليين البروتستانت إلى القيام بحملة من أجل هذا الأمر. لكن الأمر باء بالفشل إلى أبعد الحدود. وحسب ما أوضحه كل من كارمنيك ومور، إنه لتشويه كامل للتاريخ أن نقول أو نزعم أن الدستور كان موضوعاً لإنتاج دولة مسيحية وأن العلمانيين قد عملوا على تقويض تلك السمة المقدسة. وقد جاءت الضغوط من الاتجاه الآخر. ولا يزال هناك أمر محدود متعلق بأن الأخلاقيات الثقافية البارزة للدولة عكست بشكل قوي أخلاقيات الأغلبية المسيحية البروتستانتية. وقد مضت قوانين الأحد والتشريعات المتعلقة بالتأليه دون تحدي أو معارضة وإن كان الأمر كذلك، كان الأمر متناول من قبل المحاكم. كذلك، كان للتعليم في المداري العامة اللون المسيحي البروتستانتي، مع كون قراءة الإنجيل والصلاة أمر شائع ومنتشر في الكثير من المدارس، كما تم دمج مواد التعليم مع التعليم المسيحي. ومع بدء الهجرة بشكل متزايد، بدايةً في الثلاثينات والأربعينات من القرن التاسع عشر ومع زيادة التدفق بعد الحرب الأهلية وفي القرن العشرين، ظهرت تركيبة ثقافية متغيرة وجماعات دينية جديدة مثل المورمونيين، سبتيين اليوم السابع والعلماء المسيحيين، أوجد هذا التركيب البروتستانتي الضمني بشكل حتمي انقسام وعنف أيضاً. فعلى سبيل المثال، عندما اشتكى الرومان كاثوليك لشأن استخدام انجيل الملك جيمس والنسخة البروتستانتية من الممارسات والحلقات التعبدية لصلاة السيد المسيح في المدارس، وحيث أن الأمرين مختلفان نوعاً ما عن طبعتهم المفضلة وحيث أن الكنيسة الكاثوليكية لا تشجع على قراءة الكتاب المقدس دون توجيه من قس أو كاهن، كان الأمر خاضعاً للاستخفاف والانتهاك أو سوء الاستخدام المادي أحياناً. وقد قدم اليهود شكاوى مشابهة ضد المدارس وضد إجبارهم بموجب قوانين الأحد أيضاً أن يغلقوا عملهم يومين في الأسبوع إذا ما أخذوا السبت في الاعتبار. وقد أكدت قوانين الأحد أنها طويلة الأمد ومعمرة تماماً، لكن مع نهاية القرن التاسع عشر، بدأت ولايات عديدة تعلن كون التطبيقات والممارسات التعبدية بالمدارس غير دستورية، معلنين كذلك أن العرض من المدارس العامة هو التعليم العلماني وأن إجبار الطلاب غير الراغبين، الكاثوليك في العادة، للمشاركة في تطبيقات البروتستانت وصلواتهم، يعرضهم للتمييز ويجعلهم في مدارس لا تقدم لهم مميزات. وعندما قام الكاثوليك بتنظيم مدارس خاصة لحماية معتقداتهم الدينية، قضت الولايات بشكل مطرد بأنه ينبغي على المدارس ألا تتلقى أموالاً عامة. ومن المهم أن نقر بأن كو كلوكس كلان والمنظمات القومية الأخرى استخدم فصل الدين عن الدولة من منطلق كره الكاثوليكك أكثر من كون الأمر ناتج عن توقير الدستور. ولم يبطل هذا الأمر المبدأ. وبالرغم من الاهتمام التقدمي صوب فصل الكنيسة عن الدولة، بقيت الولايات تتفاوت بشكل كبير في ممارساتها وسياساتها. وظل الأمر هكذا حتى عام 1940، في الحالة المعروفة بمصطلح كانتويل في مواجهة كونيكتكت، حيث قامت الحكومة الفيدرالية، عبر المحكمة العليا بإعلان بنود واشتراطات التعديل الأول المتعلق بكون الدين متوقف على الولايات. وعلى مدار خمس وعشرين سنة مضت، أعطت المحكمة العليا استعارة جيفرسون المشهورة "جدار الفصل بين الكنيسة والدولة" معنى أكثر حدة لم يكن موجوداً عندما صاغ جيفرسون استعارته. وفي قضية أخرى عام 1940 بين منطقة ماينرسفيل التعليمية ومنطقة جوبيتيس، قضت المحكمة بأن المدارس ليس عليها أن تتغاضى عن أطفال شهود الرب اليهود في إنشاد عهد الولاء، الذي خرق قناعاتهم. وبشعورهم بأن هذا القرار قد أعطاهم رخصة للقيام بذلك، قام المواطنون الغاضبون بإخضاعهم لاضطهاد واسع الأمر الذي اشتمل على إذلال الأطفال وطردهم من المدارس، إحراق دور العبادة وإخراج أسرهم من البلدة وحالة واحدة على الأقل من التعذيب. ولحسن الحظ، بعد ثلاث سنوات فقط من هذه الإهانة والخرق لضمانات حرية التعبير والمعتقد المكفولة في التعديل الأول، قبلت المحكمة، التي تغير تشكيلها وشعورها نوعاً ما، قضية مشابهة، تتضمن رفض مشاركة أطفال شهود الرب اليهود في أنشطة وأعمال تسليم العمل في مدارس ويست فرجينيا. وهذه المرة، نقضت وعكست المحكمة قرارها في جوبيتيس وكفلت الحق للمواطنين في الامتناع عن أي من هذه الأنشطة التي تهين تعاليم دينهم أو تملي عليهم معتقداتهم. وقد تم الإبقاء على ذلك القرار على الدوام. وقد تم تضمين القضايا التي تشتمل على شهود الرب اليهود الأمر الذي صار يدعى "فقرة حرية الممارسة" بالتعديل الأول. وفي عام 1947، نظرت المحكمة في قضية أدت إلى وضع أساس حازم وبات لقراراتها المستقبلية بشأن "فقرة المؤسسة الدينية" بالتعديل. وقد اشتملت قضية إيفرسون أمام إدارة إيوينج تاونشيب التعليمية، نيوجرسي، تحدياً للسياسة وقد تم تعويض الآباء عن تكاليف انتقال أطفالهم إلى مدارس ضيقة ومحدودة في أتوبيسات عامة. وبالكتابة للأغلبية، قال القاضي هوجو بلاك، "إن فقرة المؤسسة الدينية أو التأسيس باعتبار الدين بالتعديل الأول تعني هذا على الأقل: لا يمكن للحكومة الفيدرالية ولا الحكومة الولائية أن تؤسس كنيسة. لا يمكن لأي منهما أن تمرر قوانين لا تؤيد دين واحد، تؤيد كافة الأديان أو تفضل دين على آخر .. لا ضرائب من أي نوع، كبيرة أو صغيرة، يمكن فرضها لدعم أي أنشطة أو مؤسسات دينية، تحت أي مسمى أو مهما كان الأمر يتعلق بالتكيف على تعليم أو ممارسة أي دين." وقد خرج بلاك من هذا الملخص بالتأكيد على أن، "في كلمات جيفرسون، كان المقصد من مؤسسة الدين حسب القانون هو إنشاء جدار فاصل بيم الكنيسة والدولة." وبالرغم من بعض الخلافات أو الاختلافات التي أعقبت ذلك، مكنت هذه القضايا المحكمة العليا من تطوير ما يشير إليه الفقهاء الدستوريين على أنه "اختبار الخط اللامع" بشأن الأمور المتعلقة بمؤسسة الدين.
وفي الأساس، بعد قرار إفرسون 1974، إذا ما تلقى الدين، الممارسة الدينية أو المؤسسة الدينية أي دعم أو رعاية من مؤسسة عامة، يكون من المحتمل اتخاذ قرار بأن التعديل الأول قد تم اختراقه أو انتهاكه. وإلى حد بعيد كانت الممارسات الأكثر شهرة – أو غير المشهورة – لإفشال الاختبار الانفصالي أو الفاصل واضح الخط هو الصلاة وقراءة الإنجيل في المدارس العامة، التي كانت ترى غير مقبولة في العامين 1962 و 1963. وبالكتابة في حيثيات المحاكمة في قضية 1963، أبينجتون مقابل سشيمب، أكد القاضي توم كلارك على أن فرض أي قانون أو تشريع من قبل هيئة حكومية، كي يكون سارياً، يجب أن يكون لديه "غرض تشريعي علماني وتأثير أساسي الأمر الذي لم يدفع أو يكبح الدين."
من ذلك الحين فصاعداً، سيكون هناك "اختبارين" مطبقين في قضايا المؤسسة الدينية. وفي عام 1971، وفي القضية المعروفة باسم قضية ليمون و كرتزمان، تمت إضافة اختبار ثالث. وليكون الأمر مقبول، يجب ألا "يعزز التشريع أو الممارسة المعدلة التدخل المفرط مع الدين." نتيجة لذلك، أصبح "اختبار ليمون" بالتفرعات الثلاثة إجراءً قياسياً للمؤسسة العسكرية. فإذا ما اخترق قانون أو ممارسة ما أي من هذه المستويات أو المعايير الثلاثة، كان ينظر للأمر على أنه غير دستوري.
بالإضافة إلى ذلك، قامت المحكمة بشكل روتيني بتطبيق ما أسمته اختبار "مصلحة دولة ضاغطة"، من خلاله كان تقصد أنه، ما لم تتمكن الدولة من أن تظهر أن شيء ما مهم على المحك، ينبغي ألا يقيد أو يعاقب على الممارسة الحرة لدين المرء. وقد تخلت قضية 1990، إدارة التوظيف وسميث، عن اختبار "مصلحة الدولة الضاغطة، لكن في عام 1993 قام الكونجرس بإصدار قانون استعادة الحرية الدينية، التي كان غرضه الفاعل الوحيد هو مطالبة المحاكم، بما في ذلك المحكمة العليا، لاستعادة هذا الاختبار إلى مكانه السابق في تداولاتها. وقد أعلن فيما بعد أن ذلك القانون، على الرغم من ذلك، غير دستوري.
ومنذ عام 1971، أظهرت المحكمة عدم تناسق كبير في قراراتها المتعلقة بالدين، مع سلك بعضها طريق وسلك البعض طريقاً آخر، وبعدد من خلال قرارات خمسة إلى أربعة. إنه شيء ما من الفوضى. وكما لاحظ أو رأى العالم الدستوري إيه إي ديك هوارد، "قد يغفر للقارئ غير المبالي للآراء التي تضع بعض الفوارق الواضحة على ما يبدو إذا ما اعتقد أنه قد تلعثم أو تاه في غابة هانسل وجريتل، وقد أكلت الطير العلامات التي تميز طريق الخروج." ومن المزعج والمقلق أن يتم اتخاذ قرار بشأن المسائل الكبرى والمهمة بهامش 5 إلى 4 وأن يفهم المواطنون أن "القانون السامي" يمكن أن يتغير بشكل مفاجئ تماماً بتعيين قاضي واحد فقط أو قاضيين جديدين.
التحديات الراهنة للفصل
وحسب ما هو واضح، بالرغم من الوضوح الذي يرى به توماس جيفرسون، جيمس ماديسون وشخصي أنا الأمور، إلا أن الكثير من الأمريكيين غير مقتنعين، بالرغم من توضيح الأحداث الأخيرة للأمر. وفي عام 1989، اعترض دانيال وايزمان، المواطن اليهودي في جزيرة رهود على مطالبة ابنته بالصلاة "باسم المسيح عيسى" في المدرسة العامة وكذلك الأحداث العامة برعاية من الحكومة. وعندما رفع وايزمان دعوى قضائية لتحدي دستورية مثل هذه الصلوات، تلقى الرجل اتصالات هاتفية قذرة، رسائل بريدية تعبر عن الكراهية، تهديدات بتفجير قنبلة، من قبل أشخاص الكثيرين منهم يعادون السامية.
من ناحية أخرى، في سبتمبر 2005، نجح ميكائيل نيودو للمرة الثانية في جعل المحكمة الفيدرالية تعلن تلك الكلمات "بأمر الله"، في عهد الولاء خرق لحق أطفال المدارس بأن يكونوا "أحراراً من المطالبة الجبرية لإثبات الرب." وإنني أشك، كما هو الحال في القضية الأولى، أن يكون نيودو قد تلقى كم كبير من الردود السلبية، لكن يبدو أنه لم يتحرك. "إنني متحمس بشأن معاملة البشر على قدم المساواة" هكذا أخبر مؤرخ سن فرانسيسكو. " تخيلوا أنكم يهود وأنكم ترسلون أولادكم للمدارس كل يوم، ثم يقوم المدرسون بإيقافهم وجعلهم يقولون، "إننا أمة بقيادة المسيح عيسى." تخيلوا أنكم مسيحيين وتقولون "إننا أمة واحدة بقيادة محمد". "هذا بالضبط ما يمضي على الملحدين والمنكرين". وفي القضية الأولى، امتنعت المحكمة العليا عن النظر في دعوى نيودو، على أساس أنه، لأن ابنته لم تعد تعيش معه، كان غير مؤهل لرفع القضية. وفي هذه المرة، يعمل الرجل كمحامي لأسرتين لديهما موقف أو وضع قانوني. وأتوقع أن المحكمة العليا، إذا ما وصلتها القضية، ستحكم ضد نيودو. ولنكون واثقين، تواجه البلاد مشاكل أكثر ضغطاً، لكن نيودو يمثل نقطة مهمة. إن الجمهورية التي لها علم يرفرف ليست، وفقاً للبشر الذين جاءوا بها إلى الوجود، "تحت قيادة الرب" ولا يوجد للكونجرس حق في إعلان أنها كذلك. فالصلاة بالمدارس – ثمة علة أخرى مفضلة – مستحسنة من قبل أغلبية ساحقة من الأمريكيين، لكن يبدو الأمر لي خرق أو انتهاك الحدود المرغوب فيها بين الكنيسة والدولة، باسم حرية الدين. (لا يستثني ذلك الأمر الصلاة الخاصة والدعاء من قبل الأشخاص عند الغذاء أو قبل امتحان الرياضيات أو شيء من هذا القبيل.) ولا تعتبر الصلاة في المدرسة أو عدمها أمراً مهماً في حد ذاته. واعتماداً على خبرتي مع الأمر في الفرقة الثانية بمدرسة السيدة هوارد أو تجمعات المدرسة الثانوية، أشك في أن الصلاة بالمدرسة سلاح فاعل لغرس التقوى في النفس، على الرغم من أنه قد يكون لديها أيضاً مكسباً رمزياً إيجابياً لأولئك الذين يتم التعبير عن معتقداتهم في الصلوات والدعوات التي يمكن قولها. وإنني أشك أيضاً في أن غياب الصلاة في المدارس هو المسئول عن الجريمة، تعاطي المخدرات أو الأمراض التناسلية، أو أن إعادتها ستؤدي إلى انخفاض كبير في مثل هذه المشاكل. لكن النزاعات الحدودية يتم التناحر من أجلها فوق مساحة تبدو غير كبيرة أو غير واضحة في ذاتها. وبعد عدة شهر، تحدى الأستاذ الجامعي بكلية الأوديسا التابعة لجامعة تكساس قرار إدارة كلية الأوديسا لتبني منهج من الكتاب المقدس يكون مسيحياً أصولياً بشكل واضح في توجهه والذي يدعم ويؤيد فكرة خاطئة وغير صحيحة بأن أمريكا قد أسست كدولة مسيحية. ويزعم مؤيدو المنهج أنه قد تم تبنيه من قبل المناطق التعليمية في نحو 35 ولاية تقريباً. وقد كان الكثير من المسيحيين وربما بعض اليهود منزعجين بقرارات المحكمة العليا بأن الوصايا العشر ينبغي ألا تقدم في المدارس العامة أو في الأماكن العامة الأخرى، على الأقل ليس في شكل منفرد يدل على تأييد الحكومة لمحتوياتها. لكن تلك القرارات كانت مناسبة. فهناك لبعض أطفال المدارس وآبائهم أرباب أخرى بخلاف رب إسرائيل؛ كما أن هناك اختلاف بين في الديانات الأخرى وفي احترام الأجازة الأسبوعية وأيام السبت. فهل ينبغي على الولاية أو الدولة أن تقوم بدفع أي من المعتقدات أو الممارسات الدينية بشكل واضح وفرضها على أولئك الذين لا يشاركون فيها؟ وقد قرر واضعو الدستور أنهم لا ينبغي عليهم عمل ذلك. وقد كان ذلك قرارا حكيم. (فيما عدا ذلك، تعتبر السرقة، القتل، الحنث في اليمين هي الوصايا الموجودة في قانوننا. فالإدلاء بشهادة زور أمر محظور في المحكمة، لكن لا توجد هناك قصة إنجيلية تدل على حظره في الدستور. ويعتبر احترام وتبجيل الأب والأم أمر طيب. وإذا ما تم حظر الرغبة فيما لدى الغير، ستنهار الرأسمالية. توخوا الحذر فيما تصلون من أجله). وبالنسبة لأيام الصلاة الوطنية، يوجد لدينا يوم في الأسبوع الذي أعقب الإعصار كاترينا، في سبتمبر 2005. ولم يتضح بعد ما إذا كان للأمر من تأثير على الواقع. وقد قامت الكنائس بالصلاة تقريباً دون حظر من الحكومة وكان هناك شك بشكل واضح في أن الرئيس كان يحاول تغيير الانتباه عن جوانب فشل إدارته المحققة. كما لم تم تعزيز الدين. ويسعى الكثيرون من الأشخاص ويقدمون أصواتهم في صالح القوانين التي ستجرم أو على الأقل ستسكت عن الشواذ والمثليين، لأنهم يرون أن المثليين ينتهكون في الغالب محظورات الكتاب المقدس، حتى بالرغم من أن التوجه أو السلوك الجنسيين لا يشكلان تهديداً للأمن المحلي أو الرخاء العام. ولا أعرف ما الذي كان يعتقده جيفرسون بشأن لشواذ أو المثليين. ويبدو أنه قد صفح عن الزنا. أشك أنه كان بمقدوره التكيف مع الأمر حتى لو وجد الأمر معارضة، لن يقدم الرجل بمطالبة أو الحث على القيد القانوني على أسس دينية.
خاتمة
مع تفكيرنا وحديثنا بشأن نماذج وأمثلة مثل هذه الأمور وغيرها المتعلقة بالسماح بالحريات الدينية، يجب أن نهتم بعدم التقليل من قيمة هذا الجدار التاريخي للفصل ولا نسمح بهدمه. وقد أكد هذا الجدار أنه الضامن الأفضل للحرية الدينية المبتكرة من قبل العقول البشرية أبد الدهر. وحسب ما كتبته القاضية ساندرا داي أوكونور في رأيها المتوافق مع غيره في قضية Kentucky للوصايا العشر 2005. وفي الوقت الذي ننظر فيه حول أو بشأن التبعات العنيفة للعالم لاضطلاع الحكومة بالسلطات والصلاحيات الدينية. وقد يعد الأمريكيون أنفسهم محظوظين: فقد حمانا نظرنا واعتبارنا للحدود الدستورية من الآلام والمشاكل المشبهة، بينما تجيز أو تسمح للممارسة الدينية بالازدهار ... فالأمريكيون يحضرون أماكن عبادتهم بشكل أكثر تكراراً مما يقوم به المواطنون الآخرون من الدول المتطورة الأخرى ويصفون الدين على أنه يلعب دوراً مهماً بشكل خاص قي حياتهم. وأولئك الذين يريدون أن يعيدوا تعيين أو إلغاء الحدود بين الكنيسة والدولة عليهم أن يجيبوا هذا السؤال الصعب: لماذا نراهن على نظام الذي أسدى لنا خدمة ونفعنا بشكل جيد بآخر خدم الآخرين بشكل بائس؟ لقد كانت أمريكا متميزة بشكل كبير – ولتقولوا مباركة إذا شئتم – من قبل سياسة دستورية حكيمة للحماية غير التفضيلية للممارسة الحرة والمسئولة للدين. ومن أجل مصلحة مجتمع الأمريكيين بشكل كامل، علمانيين ومتدينين على السواء، ينبغي أن نقوم بحماية السياسة التجاوزات من أي جهة كانت. ويجب أن يعيد كل جيل ويشدد على خط الفصل بين حقوق الدين وحقوق السيادة والصلاحيات المدنية. ونحن نتفهم أن الأمور تهم كثيراً عندما يكون هناك خروقات فاضحة للأمر. لكن يجب أن نذكر أنفسنا مرة تلو الأخرى أن الطريقة الأفضل لمنع الخروقات الفاضحة أن نراقب بإتقان من هم دوننا أن نتنبه عند التجربة الأولى لحرياتنا، كما أوضح ماديسون الأمر بقوله "أن نتطلع ليس فقط إلى مصالح جماعتنا المحدودة، لكن أيضاً نتطلع إلى مصالح المجتمع بكامله، العملية التي تشتمل في الغالب على إبقاء حقوق الأقليات، حتى على الرغم من أنهم قد يجدونهم ذوي طبع سيء. أيضاً، يتعين على الأفراد والجماعات الدينية أيضاً أن تراعي وتبجل مبدأ التعددية القيم، الذي جوهره أن كل القيم هي للتناول ولا يوجد موقع قيمة مفضل على موقع آخر، وإنما يكون مجتمعنا مجتمعاً يمكن لأي تنوع فيه أن يلعب دوراً وأن تعددية الآراء والتوجهات لا تسهم للفوضى وإنما تسهم لجمهورية متنوعة وثرية. (وقد أسهم الأمر أيضاً إلى حد بعيد في بيئة السوق الحر في الدين الذي يساعد في مراعاة الحيوية المذهلة للكيانات والهيئات الدينية الأمريكية، الحيوية غير المدركة من قبل المجتمعات الحديثة المعاصرة.) وحسبما رأي ولاحظ جيمس ماديسون منذ أكثر من 20 عاماً منذ، "في الحكومة الحرة يجب أن يكون أمن وتأمين الحقوق المدنية هو ذاته بالنسبة للحقوق الدينية؛ ويتشكل في قضية من تعددية المصالح ويتشكل في حالة أخرى من تعددية الفصائل." ويوجد للهندوسية، اليهودية، البوذية، المسيحية، الإسلام، الديانات التقليدية لهذه الدولة والدول الأخرى والأعراف والتقاليد الأخرى التي لا أعرفها بشكل جيد ما هو كثير لتسهم به في الحكمة الأخلاقية والسلوكيات المثاليات الاجتماعية المثيرة للإعجاب. أغلبهم سيجد خطأً مع جوانب المجتمع الحديث المعاصر، وهم يحاولون تشكيل السياسة العامة، ولا يمكن أن يتوقع منهم ترك قناعاتهم الدينية من ورائهم عندما يدخلون الميدان السياسي. لكن ينبغي أن تأتي إسهاماتهم كنتيجة للتنافس في السوق الحر للأفكار، ليس على أساس زعم الضمانة الإلهية.
من ناحية أخرى، لا تعتبر المعتقدات القائمة بشكل منفرد على الإلهام والوحي أو التي يعتقد أنها مقدسة أو سماوية ومحددة لمجتمعات دينية محددة أساساً ممكناً لأي من السياسة المحلية أو السياسة الأجنبية للديمقراطية متعددة لثقافات في العالم المتعدد. إن التعددية التي أتحدث عنها، التعددية التي خدمة هذا البلد بشكل جيد للغاية، تلك التعددية التي يعتبر أساسها – دعوني أكرر – ليس العقيدة ولا التعاليم بحيث لا يتم تفضيل قيمة على أخرى، لكن قناعة أن المدنية والسلام العام أمر مهم، وأن مراعاة الأقليات وآرائها عنصر أساسي للمجتمع الديمقراطي، وأنه بالرغم من اقتناعي بصحة موقفي، قد أكون بعد هذا كله مخطئاً. وبالطبع لا يمكن للأمريكيين أن يطالبوا الدول الأخرى بتبني مبدأ فصل الدين عن الدولة. وأرى أنه ما من مشكلة، على الرغم من ذلك، في كوننا راغبين في الاعتراف بالنجاح الكبير والمميزات الواضحة لهذا النوع أو النمط ودعوة الآخرين للنظر في الأمر، مع ترك الأمر للآخرين في تقييم المزايا والعمل وفق ما يناسبهم. إنه إجراء نوصي به. ربما تودون شكر الله على الأمر. لكن لا يتحتم عليكم أن تفعلوا ذلك.