المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التداول باستغلال معلومات داخلية (الجزء الأول)



محمديوسف
03/10/2008, 02:00 AM
عنوان الدراسة: Insider trading
how jurisdictions regulate it
التداول باستغلال معلومات داخلية
(التجارة غير الشرعية في الأوراق المالية بين العالمين ببواطن الأمور)

كيف تضبط السلطات القانونية والتشريعية هذا الأمر؟
تقرير لجنة الأسواق الناشئة بالمنظمة الدولية للجان الأسهم والسندات المالية
مارس 2003

المترجم: محمد يوسف محمد المحمودي
أبو مريم ويوسف










المحتويات
مقدمة
الباب الأول: تشكيل وبناء تشريعات التداول باستغلال معلومات داخلية وسرية
1- تعريفات أساسية
1-1 المعلومات الداخلية والسرية
1-2 المطلع على المعلومات الداخلية والسرية
1-3 الأنشطة المحظورة
1-4 الإعفاءات والاستثناءات
2- دور المؤسسات الرقابية والإشرافية
2-1 وضع قوانين وتشريعات تحظر التداول بالاعتماد على معلومات داخلية وسرية
2-2 النشاط الإشرافي المتعلق بالتداول باستغلال معلومات داخلية وسرية
2-3 صلاحيات المنظمين والمشرعين في جمع المعلومات
2-4 القوانين والعقوبات
2-5 تعويض المستثمرين
2-6 تبادل المعلومات من جانب السلطات الإشرافية والرقابية
2-7 النشاط التعليمي
3- واجبات ومهام الشركات المعرضة لنشاط التداول باستغلال معلومات سرية أو داخلية وللشركات ذاتية التنظيم والضبط
3-1 الكشف والإفصاح عن متطلبات جهات إصدار الأسهم
3-2 حماية المعلومات الداخلية
3-3 الكشف عن تداولات العاملين المطلعين على المعلومات الداخلية والسرية
3-4 تحديد وتقييد احتمالات وإمكانيات التداول والتجارة للمطلعين على المعلومات السرية والداخلية
3-5 الأعمال والعمليات المحتملة من قبل شركات وأصحاب الحق في إصدار الأسهم
3-6 دور المنظمات ذاتية الضبط والتنظيم
4- خاتمة
4-1 تعريف المعلومات الداخلية والسرية
4-2 تعريف المطلعين على المعاملات من داخل المؤسسة
4-3 الأنشطة المحظورة
4-4 القوانين والعقوبات
4-5 صلاحيات المشرعين
4-6 دور المنظمات ذاتية الضبط والتشريع
الباب الثاني: تطبيق قوانين وقواعد التداول باستغلال الإطلاع على المعلومات السرية والداخلية في سن ووضع شرائع محددة
1- ألبانيا
2- النمسا
3- بنجلاديش
4- بلغاريا
5- الصين
6- كرواتيا
7- قبرص
8- جمهورية التشيك
9- الدنمارك
10- فرنسا
11- فنلندة
12- ألمانيا
13- هونج كونج
14- المجر
15- إندونيسيا
16- إيطاليا
17- الأردن
18- كوريا
19- لاتفيا
20- ليتوانيا
21- لوكسمبورج
22- ماليزيا
23- مالطا
24- النرويج
25- باراجواي
26- بيرو
27- بولندا
28- البرتغال
29- سنغافورة
30- سلوفاكيا
31- سلوفينيا
32- أمريكا الجنوبية
33- أسبانيا
34- سريلانكا
35- تايبي الصينية (تايوان)
36- تايلاند
37- تركيا
38- المملكة المتحدة
39- الولايات المتحدة
40- فيتنام
41- الاتحاد الأوروبي
القرارات الإدارية والتعليمات التوجيهية









مقدمة
إن الهدف من هذا التقرير هو دراسة واستكشاف التشريعات والقوانين التي تحظر التداول بأوراق مالية باستغلال معلومات داخلية أو سرية - مطلع عليها من قبل أطراف تقوم على التداول أو الاتجار - في التشريعات المطبقة بالدول التي تحظى بالعضوية في المنظمة الدولية للجان السندات المالية وتعريف الإرشادات والخطوط التوجيهية لوضع أو تعديل مثل هذه التشريعات والقوانين. ويتشكل هذا التقرير من قسمين: الأول – تشكيل وبناء تشريعات التداول باستغلال معلومات داخلية وسرية – يصف ويوضح الملامح الأشهر والأكثر شيوعاً لنشاط التداول باستغلال معلومات داخلية أو سرية وللتشريعات والقوانين الموضوعة للحيلولة دون ذلك. وبالرغم من أن المنهج المتبع لضبط التداول باستغلال معلومات داخلية أو سرية في دول محددة متشابه، توجد هناك الكثير من الاختلافات الواضحة. وعليه، ينتهي هذا الباب من التقرير بتوجيهات وخطوط إرشادية لوضع (أو تعديل) قوانين وتشريعات تتصدى للاتجار والتداول باستغلال معلومات داخلية أو سرية وإطار عمل تنظيمي لمنع أو الحيلولة دون وجود نشاط تداول باستغلال معلومات داخلية أو سرية. أن الباب الثاني من التقرير فهو تجميع وعرض لمجموعات موجزة وملخصة من قوانين وتشريعات التداول والاتجار باستغلال الإطلاع على معلومات داخلية وسرية في دول محددة وتجارب وخبرات تلك الدول في تفعيل وتطبيق مثل هذه التشريعات والقوانين. وهذا التقرير مفيد بشكل خاص في حال إذا ما كان القارئ يرغب في مقارنة قانون ما بخصوص هذه القضية مع القوانين والأنظمة الأخرى على مستوى العالم، حسب ما تم بيانه في الباب الأول من التقرير. ويعتمد الباب من التقرير على ردود الدول الأعضاء والمشاركين على الاستبيان والبيانات الأخرى المتاحة بشكل علني وواضح. وبالرغم من تفاوت ملخصات القوانين والأنظمة المتعلقة بالتداول القائم على معلومات سرية وداخلية، جرى استغلالها من قبل أطراف مطلعة، نوعاً ما في مستويات التفصيل بها، عزمت لجنة الأسواق الناشئة على تقديم كافة المعلومات المتاحة لها فيما يتعلق بالنظام التشريعي المتبع مع أنشطة التداول باستغلال معلومات سرية أو خاصة بكل دولة. وسيؤدي اتخاذ نطاق مشترك للملخصات إلى إخماد معلومات أكثر نفعاً تتعلق بأنظمة وأشكال لتشريعات وقوانين محددة. ولأن لجنة الأسواق الناشئة، في صياغتها لنتائج وتوجيهات التقرير الإرشادية، كانت ترغب في الاستفادة من خبرة جميع الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية للجان الأسهم والسندات المالية فيما يتعلق بتنظيم والوقاية من الاتجار والتداول باستغلال معلومات داخلية أو سرية، تتضمن التشريعات والقوانين التي يشملها هذا التقرير على كل من القوانين والتشريعات التي تتبع لجنة الأسواق الناشئة وتلك غير التابعة لها. وقد تم بذل مسعى كبير لتقديم المعلومات الحالية عن قوانين وتشريعات التداول باستغلال المعلومات السرية أو الداخلية بكل تشريع شمله التقرير. على الرغم من ذلك، ونظراً لأن القوانين بأي تشريع مقدم قد تغيرات عقب تاريخ دراسة لجنة الأسواق الناشئة، من الممكن أن تصبح المعلومات التي شملها هذا التقرير قد فات أوانها وصارت من الماضي. ولابد من تحذير القراء من عدم الاعتماد على القوانين والتشريعات التي شملها التقرير لكن لا بأس من التحقق بها على نحو مستقل أو، في ظروف ملائمة، ملازمة مستشار قانوني خاص للتحقق من وضع القانون في تشريع محدد.



















الباب الأول: تشكيل وبناء تشريعات التداول باستغلال معلومات داخلية وسرية
الفصل الأول: تعريفات أساسية
يقوض تداول الأوراق المالية باستغلال معلومات داخلية أو سرية من ثقة المستثمر في نزاهة وتكامل أسواق الأسهم. ولأجل هذا السبب، سنت كل جهة تشريعية تقريباً قانوناً أو تشريعاً يحظر مثل هذا النشاط. وبالرغم من أن هناك بعض الاختلافات والتنوع في الأنظمة القانونية لدول مختلفة، إلا أن أغلبية السلطات التشريعية التي تبنت تشريعات متعلقة بالتداول باستغلال معلومات داخلية أو سرية تعاطت مع القضايا التالية: ما هي المعلومات الداخلية؟ من الذي يمكن اعتباره طرفاً مطلعاً على المعلومات الداخلية؟ ما هي الأنشطة التي تتعلق بهكذا تداول قد تم تحريمها؟ كيف يمكن منع التداول باستغلال المعلومات الداخلية والسرية؟ ما هي الإجراءات والقواعد وضوابط التفعيل التي يمكن تطبيقها؟ وقد تمت إجابة هذه الأسئلة بالأسفل. كما تم تناول نتائج لجنة الأسواق الناشئة واستنتاجاتها من مراجعتها لأنظمة وأشكال تشريعات التداول باستغلال معلومات داخلية في الفصل الرابع.
1-1. المعلومات الداخلية
في العادة، يتم تعريف المعلومات الداخلية على أنها معلومات غير متاحة للعامة ولا مادية. لذلك، عند تعريف المعلومات الداخلية، ينبغي أن يتم التعرض للقضايا التالية: 1) السرية و 2) المادية.
1-1-1. السرية
تعالج التشريعات وتتعاطى مع قضايا مرتبطة بالسرية بسلوك مشابه. وتعتبر المعلومات سرية ما لم يتم نشرها. على الرغم من ذلك، تستحق نقاط محددة قليلة مزيد من المناقشة.
1-1-1-1. تفرض إجراءات التشريعات المحددة والمعنية بجعل المعلومات غير سرية وعامة متطلبات مختلفة تتعلق بإصدار ونشر المعلومات. وتطالب بعض السلطات التشريعية بنشر المعلومات بشكل محدد وتم النص عليه في التشريعات والقوانين (مثال أن يتم ذلك من خلال نشر المعلومات بوكالة أخبار معينة أو من خلال نشر المعلومات من قبل البورصة، الخ). وتقوم جهات تشريعية أخرى بفرض متطلبات عامة تتعلق بطريقة نشر المعلومات. ولا تزال جهات تشريعية أخرى تطالب فقط بنقل أو توجيه المعلومات إلى وكالة إخبارية (دون تحديد تلك الوكالة). وفي حين يمثل تبني جهة إصدار الأسهم لسياسة المكاشفة التامة وكشفها العاجل للمعلومات آلية لجذب المستثمرين والتنافس من أجل المال، يعتبر الاعتماد الكامل على حوافز السوق لجهات إصدار الأسهم والسندات المالية لتبني أفضل التطبيقات والممارسات المتعلقة بالكشف عن المعلومات المادية أمر غير مبرر. ومن ثم، ينبغي تحديد وتعريف الممارسات والتطبيقات الملائمة في تشريعات. وسيكون ثمة منج مقبول للمشرع القيام بتحديد الوكالة الإخبارية التي يمكن الاعتماد عليها لنشر تقارير جهات إصدار الأسهم. ويجيز قرار الاتحاد الأوروبي رقم 2003/6/ec بشأن التعامل والتلاعب للدخلاء والمطلعين على خفايا الأمور والمعلومات الداخلية (سوء استغلال السوق) (القرار الإداري بسوء استغلال السوق)، الذي ينسخ القرار التوجيهي السابق للاتحاد الأوروبي، للمفوضية الأوروبية تحديد ووضع "شروط ونماذج تقنية محددة للكشف المناسب والإفصاح الملائم عن معلومات داخلية." وبالرغم من هذا كله، رغم احتمالية تبني جهة قضائية ما أو جهة إصدار أسهم محددة أفضل التطبيقات والممارسات لنشر معلومات حساسة الثمن، قد تبقى هناك قضايا مرتبطة بالكشف عن المعلومات، خصوصاً فيما يتعلق بنشر معلومات عابرة للحدود. ثمة مثال يتعلق بالمعلومات التي تخص سيطرة واستحواذ شركة على شركة أخرى مدرجة في السوق المحلية، يتم نشرها محلياً من قبل الشركة (كأن يكون ذلك ضمن الالتزام بمتطلبات الكشف والمصارحة في السوق المحلية). وفي هذه الحالة، تبدو المعلومات وكأنها نشرت علناً بشكل سليم. بالرغم من ذلك، ربما لا يتم نشر المعلومات في الأسواق غير المحلية الأخرى حيث يتم تداول الأسهم بالتوافق مع متطلبات الكشف والإفصاح عن المعلومات في السوق غير المحلية. وتبعاً لذلك، قد لا يتلقى القائمون بالتداول في السوق غير المحلية بلاغاً أو إشعاراً كافياً بإصدار معلومات مادية من قبل جهة محلية لإصدار الأسهم وقد يكونوا محرومين في قدرتهم على اتخاذ قرارات استثمارية متعلقة بهذه الأسهم والسندات المالية. علاوة على ذلك، تظهر السلطات القائمة على إصدار الأسهم الذين يتم تداول أسهمهم في الأساس في أسواق متطورة كبيرة في بعض الأحيان افتقار لاعتبار ومراعاة الحاجة إلى نشر المعلومات المادية في إطار زمني في جميع الأسواق حيث يتم الاتجار بأسهمهم وسنداتهم المالية. ولمعالجة مثل هذه المشاكل، ينبغي أن يتم تعزيز التعاون بين المشرعين دولياً (أنظر الجزئية 2-6).
1-1-1-2. الوقت المطلوب لاعتبار المعلومات عامة وغير سرية. إن الإفشاء الرسمي للمعلومات لا يعني بالضرورة أن المعلومات يمكن أن تعتبر "متاحاً علنياً". ويتطلب تقييم الكفاية للإفشاء والكشف التحقق والاستبيان عما إذا كان لدى المستثمرين في الواقع فرصة لجعل القرارات الاستثمارية تضع مثل هذه المعلومات في الحسبان. ويعتبر مثل هذا التحقق والاستبيان مناسباً ومن ضمن الموضوع في الأحكام التشريعية التي لا تقتضي من القائمين على إصدار الأسهم والسندات المالية إتباع أي إجراء خاص لجعل المعلومات معلنة ومتاحة للعامة. وفي هذه الحالة، قد يتم القيام بإفشاء "اصطناعي أو زائف" و غير فعال للتغلب بالحيلة على الاتهام بالتداول باستغلال معلومات داخلية، كأن يكون ذلك من خلال الكشف عن المعلومات لوكالة إخبارية غير متخصصة في إصدارات السوق المالية للسماح للأطراف المطلعة بالداخل على الاتجار والتداول بناء على المعلومات قبل أن يدركها أو يعرفها أطراف أخرى غير مطلعة عليها. ومن الممكن أيضاً، حتى عندما يكون لدى السلطات التشريعية بنية مطورة جيداً ومنظمة لنقل معلومات عالية القيمة، يمكن للأطرف الداخلية المطلعة أن تسيء استخدام السوق إذا ما تم السماح لهم بالاتجار والتداول بعد فترة قصيرة من إفشاء المعلومات، قبل أن يرد المستثمرون الآخرون على الأخبار. ولتفادي مثل هذه المشاكل، سيبدو وقف التداول وتعطيله منسباً للسماح بنشر عادل ونزيه للمعلومات ويعطي الأطراف غير المطلعة الفرصة للرد والتعاطي مع الأخبار. ووفقاً للتشريعات والقوانين الأمريكية، يكتمل نشر المعلومات فقط "عندما يستوعب العامة المعلومات التي تم الكشف عنها."
1-1-1-3. إدراك سرية المعلومات. تظهر قضايا أخرى تتعلق بالسرية في مواقف يقوم فيها الطرف الداخلي الطلع على المعلومات بتداول على أساس معلومات داخلية، معتقداً أن المعلومات قد أصبحت عامة وعلنية ومن الممكن أن يؤدي هذا عند حصول القائم بعملية التداول أو التعامل بالأسهم على المعلومات إلى ظروف استثنائية (انظر الجزئية 1-2-2-2.) أو عند حدوث مشاكل تقنية وفنية متعلقة بنشر المعلومات، كأن ترسل المعلومات إلى مؤسسة ملائمة (وكالة أخبار، سوق)، لكن لسبب ما لم يتم نشر ها بشكل مناسب. وفي الحالة الأولى، ربما بين نشاط المستثمر ما إذا كان يدرك ويعي أنه يتداول باستغلال معلومات داخلية (انظر 1-3-4). وفي الحالة الثانية، يبدو ملائماً أنه ينبغي أن يطالب المطلعون على المعلومات من الداخل بالتأكد من المعلومات قد تم نشرها (وأن أمام المتداولين ممن هم غير مطلعين على المعلومات لديهم الوقت الكاف للرد والتفاعل) قبل التداول. ولا تقوم بعض السلطات التشريعية بالمعاقبة على التداول باستغلال معلومات داخلية إذا ما كان التداول لديه أسس معقولة للاعتقاد بأن المعلومات قد نشرها بشكل كاف (انظر 1-4).
1-1-1-4. الإفشاء المشروع للمعلومات. ثمة مشكلة أخرى تتعلق بإمكانية قيام العاملين المهنيين بشركة ما، مثل المحامين، المحاسبين والمستشارين، الخ، والذين يتم الكشف عن المعلومات السرية لهم "في إطار المسار العادي والطبيعي للواجبات"، بالتداول بشأن هذه المعلومات غير المعلنة للعامة. وباعتبار الضرورة العملية في قيام جهة إصدار الأسهم والسندات بتبادل معلومات داخلية وسرية مع المهنيين بها، يمكن أن يصبح نطاق الأشخاص الذين قد يطلعوا على المعلومات الداخلية واسعاً بشكل واضح. وقد تعقد هذه الظاهرة من المساعي المبذولة لمنع والحيلولة دون استخدام المعلومات الداخلية وفرض قيود وضوابط على مثل هذا السلوك. وتتم مناقشة هذه المشكلة بمزيد من التفصيل في الفقرة 1-4 ويتم تقديم بعض طرق المعالجة المحتملة في الجزئية 3-2 و الفقرة 3-4-1.
1-1-2. المادية
يتم تعريف مادية المعلومات في دول محددة بوجه عام بالإشارة إلى: 1) أهمية المعلومات، 2) نطاق المعلومات و 3) مصدر المعلومات. وحيث أن تعريف المعلومات "المادية" يشتمل في الغالب على مسائل التأويل، يتم تضمين وإدراج معلومات غير مادية للتوضيح (ما سيتم توضيحه فيما يلي).
1-1-2-1. الأهمية
في أغلبية الدول التي تم فحصها وتناولها، تعتبر المعلومات مادية إذا كانت، متى جعلت عامة ومعلنة للعامة، كان من الممكن أن تؤدي (أو أدت حسب ما هو محتمل) إلى التأثير على سعر (أو قيمة) الأسهم والسندات المالية. ويعتبر هذا التعريف شائعاً بين الكثير من السلطات القضائية (مع اختلافات طفيفة في المعنى المسند لصعوبات الترجمة والنقل). وتقصر بعض السلطات التشريعية المعلومات "المادية" على المعلومات التي تعتبر قيمة (أو محددة)، لكنها لا تقدم بوجه عام تعريف لذلك المصطلح. وفي بعض السلطات التشريعية، يتم تقييم مادية المعلومات وفقاً للتأثير المحتمل على سلوك المشاركين في السوق. وفي ظل القوانين والتشريعات الأمريكية، تعتبر المعلومات مادية إذا ما كانت ذات طبيعة تفيد أن الشخص الذي توجد لديه معرفة داخلية بها "يمكن أن نتوقع منه المتاجرة والتداول بشكل ناجح في الأسهم محل النظر والقصد وتحقيق ربح أو تفادي خسائر." وبالنسبة لكل من سنغافورة وماليزيا، تعتبر المعلومات مادية إذا ما "كان شخص عاقل يتوقع أنها سيكون لها تأثير مادي على سعر الأسهم." (وتقدم القوانين والتشريعات الماليزية أيضاً قائمة أو بيان بالأحداث التي تعتبر المعلومات المتعلقة بها مادية دائماً). ويزيد مثل هذا المنهج لتعريف وتحديد المادية من احتمالية وإمكانية أن تكون المعلومات مصنفة على أنها مادية. وقد كان المنهج الماليزي المتعلق بتقديم بيان بالأحداث التي يتم تعريف المعلومات المادية بموجبها فعالاً في ماليزياً في معالجة قضايا تتعلق بالتداول باستغلال معلومات داخلية ويمثل منهجاً ينبغي أن يعتبر وينظر له من قبل السلطات التشريعية للأسواق الناشئة عند تصميم أو تعديل القوانين المتعلقة بالتداول والاتجار باستغلال معلومات داخلية أو سرية. وينبغي التوضيح، رغم هذا كله، أن المعلومات المتعلقة بأحداث محددة في القائمة الموضوعة أو البيان المحدد ربما تؤثر بشكل كبير، وربما لا، على سعر أو قيمة الأمن بالاعتماد على موقف محدد لجهة إصدار الأسهم. وتعكس التعريفات المختلفة المذكورة سلفاً أنه قد يكون من الضروري للمشرع أو المحكمة لإصدار حكم عما إذا كانت يمكن للمعلومات أن تؤثر أو لا تؤثر على السعر، عما إذا كان المستثمر بالمعلومات الداخلية "يمكن أن ينتظر أو يتوقع منه التداول أو الاتجار بشكل ناجح" في السندات المالية، وعما إذا كان إفشاء المعلومات سيكون له "تأثير مادي على سعر الأسهم." ورغم ذلك، ربما تقدم تحركات الأسعار في السوق بعد الإفشاء العام والعلني للمعلومات في حد ذاتها دليل على ماديتها. وفي حالة تحرك سعر السندات المالية عقب إفشاء المعلومات، قد تكون القضية الوحيدة التي تستحق المعالجة والتعاطي معها هي ما إذا كانت حركة الأسعار "كبيرة" بما يكفي لإظهار مادية المعلومات. ومن الممكن تقييم مادية المعلومات أيضاً من خلال الإشارة إلى سلوك الشخص الذي تاجر أو تداول باستغلال معلومات داخلية – إذا ما توصل المتداول أو القائم بالاتجار إلى صفقة كبيرة على وجه التحديد على أساس المعلومات التي اطلع عليها، وهذا دليل ما على أنه في رأي القائم على التداول والاتجار، كانت المعلومات مادية. (انظر 1-3-4.). ثمة قضية واضحة أخرى هي أن مادية المعلومات ينبغي أن تقيم بشكل سليم باستخدام منهج ديناميكي، هو أن المعلومات التي لا ليست مادية اليوم، يمكن أن تصبح مادية في المستقبل. وينبغي على السلطات والأطراف القائمة على إصدار الأسهم والسندات المالية أن تراقب ما إذا كانت المعلومات (كتلك التي لم تنشر في بيان على أنها غير مادية) قد أصبحت مادية بسبب ظروف متغيرة.
1-1-2-2. النطاق
يتم تعريف نطاق المواد المحتملة والممكنة داخل المعلومات في كثير من السلطات التشريعية والقضائية بطريقة مشابهة، على الرغم من أن ذلك كان مع وجود بعض الاختلافات. وقد تتم معايرة الاختلافات في نطاق المواد داخل المعلومات من خلال الإشارة إلى: 1) جهات إصدار السندات والأسهم المالية المتعلقة بالمعلومات التي تعتبر مادية؛ 2) السندات المالية والأسهم أو الأسواق المتعلقة بالمعلومات التي تعتبر مادية و 3) عوامل أخرى.
جهات إصدار الأسهم والسندات المالية
يحدد التعريف الأكثر شيوعاً للمادية نطاق المعلومات المادية من خلال الإشارة إلى جهة إصدار محددة أو سندات مالية تصدر من قبل جهة إصدار محددة. على الرغم من هذا كله، ثمة اختلافات عديدة فينا يتعلق بهذه المسألة في تشريعات وقوانين العديد من السلطات القضائية والتشريعية. وتعرف بعض الدول المعلومات الداخلية المادية على أنها معلومات تتعلق بجهة إصدار سندات أو أكثر، بينما لا تتضمن الأخرى إشارة محددة لجهة إصدار سندات. ويبدو منهج الفئة الأخيرة يفترض أنه لو كانت المعلومات تتعلق بجهة إصدار سندات (أو سندات مالية) أو أكثر، فإنه يرتبط أيضاً بجهات الإصدار الفردية (أو السندات) المدرجة ضمن الفئة.
من ناحية أخرى، تشتمل الأحكام والتشريعات التي تتضمن إشارة خاصة لجهات إصدار السندات بوجه عام نوع المعلومات الذي لا يرتبط بجهات الإصدار (السندات) الفردية فحسب، وإنما يرتبط بفئة منها أيضاً. ويجب تعريف هذه الفئة، رغم هذا أيضاً، من خلال الإشارة إلى مادية المعلومات لجهات الإصدار تحديداً، وليس بوجه عام. فعلى سبيل المثال، تفيد تشريعات وقوانين المملكة المتحدة تحديداً أن المعلومات عليها أن ترتبط "بأسهم وسندات محددة أو بجهات إصدار محددة للسندات وليس بالسندات والأسهم بوجه عام أو بجهات الإصدار بوجه عام." ومن ثم يتم استبعاد المعلومات التي ترتبط بجهات إصدار أو سندات بوجه عام من تعريف المعلومات الداخلية المادية. وحسب ما جرى بيانه في السابق، ترتبط تعريفات المعلومات الداخلية عموماً بجهات الإصدار أو السندات. وفي بعض الأحكام والتشريعات، يشتمل التعريف أيضاً الجهات المحكومة والخاضعة لسيطرة جهة إصدار والجهات التي تحكم وتسيطر على جهة إصدار السندات والأسهم. ولا يغير هذا في الواقع التعريف الشائع، ما دامت المعلومات تسيطر وتؤثر على الجهة المحكومة أو الحاكمة، إلى نطاق محدد، تؤثر أيضاً على جهة الإصدار. وفي هذه الحالة، يتم تضمين تلك المعلومات في التعريف العام والشائع (وحتى إن لم تؤثر على جهة الإصدار، ما من احتمال للتداول والاتجار باستغلال معلومات داخلية). وفي بعض السلطات التشريعية (المجر كمثال)، من الممكن أن ترتبط المعلومات الداخلية أيضاً بالمؤسسات المالية المشاركة في تقديم السندات المالية والأسهم، مثل المكتتبين المؤمنين والموزعين. ورغم هذا كله، يبدو أن المنهج الأفضل لتضمين تعريف المعلومات الداخلية هو القول بأنها فقط هي المعلومات المتعلقة بجهة الإصدار، أكثر من كونها المعلومات التي تتعلق بالجهات الأخرى.
السندات والأسواق
كذلك، ترتبط التعريفات الخاصة بالمعلومات الداخلية بالمعلومات لتي تعتبر مادية بالنسبة لأسعار السندات المدرجة على قائمة الأسواق المنظمة والمضبوطة. وفي بعض الحالات، قد يشمل التعريف أيضاً السندات والأوراق المالية قبل أن يتم ضمها للتداول العام والعلني، كما لو كان طلب مثل هذا الالتحاق أو الضم أو مثل هذه التداول قد أعلن عنه لدى العامة (ألمانيا). وفي النرويج، تشير المعلومات الداخلية ليس إلى الأسهم والسندات المالية الصادرة من قبل جهة إصدار محددة فحسب، وإنما تشير أيضاً إلى السندات المؤمنة والمكتتب عليها من قبلها. وتعرف بعض السلطات التشريعية والقانونية المعلومات الداخلية أيضاً على أنها تشتمل على معلومات تتعلق بالسندات والأسهم المشتقة والثانوية التي تستمد قيمتها الأساسية من السندات المدرجة، بما في ذلك السندات والأسهم المدرجة في دول أخرى (جنوب أفريقيا). وتحدد جهة قانونية وقضائية أخرى المعلومات الداخلية على أنها تشتمل على معلومات يمكن أن تؤثر على سعر السوق المتناظر، مثل أنشطة التعويق، الحجز والتحكيم، سواء كانت أو لم تكن منفذة في سوق منظمة ومنضبطة (البرتغال). ويبدو تعريف المعلومات الداخلية بالإشارة إلى الأسهم المدرجة في الأسواق المنظمة والمضبوطة مبرراً للأسباب التالية: 1) إذا لم يتم إلحاق وضم السندات المالية والأسهم للتداول العام، يعتبر احتمال أن تداول الأسهم باستغلال الإطلاع على معلومات داخلية قد تلحق ضرراً بالمستثمرين العوام محدود جداً و 2) إذا ما كانت المعلومات تؤثر على سعر الوثيقة (المستند) المشتقة غير المتداول عليها في السوق العامة، لكن قيمة إشارتها الأساسية تشتمل على سند يتم التداول عليه في السوق العامة، من المحتمل أن تؤثر المعلومات على سعر السند أو السهم ذاته. ويبدو جوهر نطاق المعلومات الداخلية معتنقاً في التشريعات الفنلندية، حيث كان على مثل هذه المعلومات أن ترتبط "بالسندات رهن التداول العام أو إجراء تداول آخر منظم على أساس مهني ومتاح للعامة." لذلك، لا تتمثل النقطة المهمة فيما إذا كانت المعلومات ترتبط بالوثائق المتداول عليها في مختلف الأسواق، بما في ذلك تلك التي يمكن الوصول إليها والحصول عليها فقط من قبل مستثمرين مؤهلين، وإنما إذا ما كانت تتعلق بالوثائق والمستندات التي يمكن شراؤها من قبل صغار مستثمري التجزئة. أيضاً يعنى التوجيه والقرار الإداري الخاص بسوء استغلال السوق بأي وثيقة مالية تم ضمها وإلحاقها بالتداول بشأن السوق المنظمة والمضبوطة أو التي لأجلها تم تقديم طلب التحاق للتداول بهذه السوق، دون النظر إلى ما إذا كانت الصفقة في ذاتها تتم في السوق أم لا." وتتعلق التعريفات الأكثر شيوعاً وطرحاً للمعلومات الداخلية بالأسهم والسندات التي يتم إلحاقها وضمها للتداول في سوق منظمة (أو "سوق متاحة للعامة") لأن التداول باستغلال معلومات داخلية بالاعتماد على معلومات كهذه يعتبر أكثر إضراراً بمستثمري التجزئة.
عوامل أخرى
في بعض الأحكام والتشريعات، تحتاط القوانين بالقول أن الأنواع الأخرى من المعلومات ستعتبر مادية. ففي بيرو، قد تكون المعلومات مادية إذا ما كان التداول بشأنها من قبل المطلعين على المعلومات الداخلية والعاملين داخل المؤسسة القائمة عليها يؤثر حسب ما هو محتمل على سيولة السندات محل التداول. وفي الكثير من التشريعات والأحكام، توجد هناك قيود ومحددات متعلقة بنطاق المعلومات. وتعتبر مثل هذه التعريفات المفتوحة مناسبة للتداول والاتجار في أسواق السلع حيث تؤثر عوامل عديدة على الأسعار. وقد تكون المعلومات المتعلقة بتنبؤات الطقس حساسة جداً، ليس للسلع الزراعية وحدها (بسبب آثار الطقس وتأثيره على المحصول) وإنما لأن ذلك يؤثر، في بعض الدول، على عقود أخرى مثل عقود الطاقة (بسبب تأثير الطقس على إنتاجية محطات الطاقة القائمة على الرياح). ويحدد القرار الإداري والتوجيهي المتعلق بسوء استخدام السوق المعلومات الداخلية المتعلقة بأسواق السلع مثل المعلومات التي تعتبر دقيقة وأي من مستخدمي الأسواق التي يتم الاتجار والتداول للمشتقات السلعية فيها "ينتظر منهم تلقي المعلومات بما يتوافق مع ممارسات السوق المقبولة في تلك الأسواق". ونتيجة لكل ما سبق، يرتبط تعريف المعلومات الداخلية عموماً بالمعلومات التي تؤثر على سعر الأسهم والسندات المالية والجهات القائمة على إصدارها. وبالرغم من هذا كله، وفيما له علاقة بالأسواق القائمة على المشتقات للسلع، قد يمد التعريف ليشمل التأثير على قيمة هذه التعاقدات.
1-1-2-3. مصدر المعلومات
في بعض الأحكام والتشريعات، يتم تعريف المادية أيضاً بالإشارة إلى مصدر المعلومات. ولتكون مادية، لابد أن تكون المعلومات قد تم الحصول عليها من جهة إصدار السندات والأسهم أو من شخص مرتبط بجهة الإصدار (كما هو الحال في بيرو). وفيما يتوافق مع التشريعات والقوانين الأردنية، لابد وأن يكون الشخص الذي يستخدم المعلومات مدركاً أن مصدرها شخص مطلع. على الرغم من ذلك، لا تعرف أغلبية الدول المادية من خلال الإشارة إلى مصدر المعلومات، لأن مثل هذا المنهج حسب ما هو مفترض سيجعل من تنفيذ وتطبيق القانون أكثر صعوبة.
1-2 المطلع على المعلومات الداخلية والسرية
في تعريفات المطلعين على المعلومات الداخلية والسرية، ثمة فارق بين فئتين من المطلعين على المعلومات الداخلية والسرية: مطلعين أساسيين ومطلعين ثانويين. ومثل هذه الفارق مبرر لعدد من الأسباب. السبب الأول، يحصل المطلعون الأساسيون على المعلومات من مصدرها ويوجد لديهم المعرفة الضرورية واللازمة لتقييم مادية المعلومات. ثانياً، من المتوقع والمنتظر أن يفهم هؤلاء المطلعون نتائج وتبعات التداول والاتجار بناءً على معلومات سرية. لذلك، تعتبر العقوبات والشروط المفروضة على المطلعين على المعلومات الداخلية والسرية أكثر قسوة بكثير من تلك المفروضة على المطلعين الثانويين.
علاوة على ذلك، في بعض التشريعات والأحكام، من المفترض أن يكون لدى المطلعين الأساسيين وصول للمعلومات التي الداخلية التي تجعل من تطبيق التشريعات والقوانين المتعلقة بالتداول باستغلال الإطلاع على المعلومات الداخلية أمر أكثر سهولة. ثمة قضية مهمة في منهج السلطة القضائية والتشريعية في تحديد وتعريف الدخلاء المطلعين على المعلومات السرية والداخلية ويمكن أن يكونوا خاضعين للمساءلة القانونية بموجب بنود التداول باستغلال المعلومات الداخلية. وفي بعض التشريعات والأحكام، من الممكن أن يكون كل من الأفراد والشركات دخلاء مطلعين، في حين أن، في تشريعات أخرى، الكيانات المؤسسية والشركات قد لا تكون مسئولة بمعنى أنها لا تتجمل مسئولية قانونية عن ذلك. في المقابل، يعتبر الأشخاص العاديين الذين يقومون بإبرام الصفقات لحساب الشخص القانوني هم المسئولون. ويبدو إخضاع الجهات المؤسسية والشركات لعقوبات وضوابط المنهج الأفضل، لأنه يحفزها على تديم مستويات عالية تتعلق بالتعاطي مع المعلومات الداخلية ومن أجل التعامل في حساب الشركة.
1-2-1. المطلع الأساسي
تتضمن تعريفات المطلع الأساسي بوجه عام على أعضاء الإدارة والهيئات الإدارية والإشرافية لجهة إصدار السندات. ويتمدد هذا التعريف أحياناً ليشمل موظفين من الشركة وموظفين من الذين يقدمون خدمات لجهة الإصدار (يشمل ذلك المحامين، المستشارين الماليين والمحاسبين من الخارج). وفي بعض التشريعات والأحكام، تم تضمين أصحاب الأسهم والحصص الكبيرة ضمن تعريف المطلعين الأساسيين. وبالرغم من هذا كله، يتفاوت تعريف أصحاب الحصص والأسهم الكبرى من لائحة تشريع لأخرى ومن جهة تشريعية لأخرى، من 5% في الصين إلى 25% في المجر على سبيل المثال. ويتم إدراج وتضمين أصحاب الحصص والأسهم الكبرى في تعريف المطلع الأساسي لأنهم قد يكون لديهم وصول (رسمي أو غير رسمي) للمعلومات بشكل أكثر من مستثمري التجزئة. وفي تشريعات وقوانين محددة، يمتد تعريف المطلع الأساسي ليشمل موظفي لجنة السندات المالية والأسهم (الصين)؛ إلى الأشخاص المستفيدين من "موقعهم المسئول بشكل كبير كموظفين أو ممثلين لمستودع السندات المركزية، مجلس تصفية حساب، وسيط أسهم وسندات مالية، بورصة، شركة اختيار أو جهة إصدار للسندات المالية في منظمة لذات الجماعة أو بالقيام بالمهمة المسندة أو المنجزة من جانبهم" (فنلندا)؛ إلى الموظفين التابعين والمتعهدين بجهة إصدار سندات (ألمانيا)؛ إلى مكتتب مؤتمن، مؤسسة مالية مشاركة في تقديم سندات أو إلى مؤسسة تقديم قروض وائتمانات (المجر) أو إلى مؤسسات مالية مسئولة عن تقديم قروض لجهة إصدار السندات المالية أو الشركات التابعة لها (بيرو).
على الرغم من ذلك كله، قد تكون المقارنات للتعريفات الخاصة بالمطلعين الثانويين في جهات تشريعية وقانونية محددة مضللة في نطاق الحظر الخاص بالتداول باستغلال المعلومات الداخلية الذي قد يتبعه ويخضع له المطلعون الأساسيون وقد تتفاوت تبعات اختراق وانتهاك تشريعات التداول والاتجار باستغلال المعلومات الداخلية بشكل كبير من تشريع لآخر ومن جهة تشريعية لأخرى. وفي غالبية التشريعات والأحكام، يتم فرض قيود وعقوبات أشد قسوة على المطلعين الأساسيين ويفترض أن يكون لدى المطلعين الأساسيين معرفة بالمعلومات الداخلية. وفي أقلية من التشريعات، تعتبر الفوارق بين المطلعين الأساسيين والثانويين مجرد تعريفية. وتتركز المناقشة التالية على تلك التشريعات والأحكام أو السلطات التشريعية والقضائية التي قدمت تشريعات وقوانين أكثر ضرورية وأهمية فيما يتعلق بالمطلعين الأساسيين، نظراً لأن هذا المنهج يعتبر تحسباً ومراعاةً بشكل معقول للزجر والحيلولة دون وجود تداول يقوم على معلومات داخلية. وفي ظل تشريعات وقوانين بيرو، ثمة أفراد محددين يكون لديهم وصول للمعلومات الداخلية: أ) مديريي وإداريي جهة إصدار السندات المالية، المستثمرين المؤسسيين بالإضافة إلى أعضاء أي لجنة استثمار مؤسسية بجهة الإصدار؛ ب) مديريي وإداريي الشركات التابعة لجهة الإصدار والتابعة لمستثمرين مؤسسيين بجهة الإصدار؛ ج) أصحاب الأسهم والحصص الذين يحوزون، أفراداً أو مشتركين، مع أزواجهم وأقربائهم من الدرجة الأولى 10% أو أكثر من الأسهم المالية لجهة الإصدار أو المستثمرين المؤسسيين و د) الأزواج والأقارب من الدرجة الأولى للمذكورين في الفقرات السابقة. وتشتمل القوانين والتشريعات في باراجواي حتى على بيان أوسع نطاقاً للأشخاص الذين يفترض أن يكون لديهم وصول للمعلومات الداخلية، "ما لم يكن ثمة دليل يعارض ذلك." وتوجد التشريعات المقترحة في سنغافورة مفهوم "الأشخاص المرتبطين بالشركة." ويكون الشخص "مرتبطاً" إذا ما كان موظفاً مسئولاً أو مساهماً كبيراً بالشركة/الشركة المرتبطة، أو إذا كان في منصب يتوقع أن يمنحه وصولاً للمعلومات حساسة السعر بفضل العلاقة المهنية والعملية بينه وبين الشركة. وفي إجراءات مقاضاة الشخص المرتبط أو المتصل بالشركة، يلزم النائب العام إثبات أن الشخص المتصل بالشركة لديه إما معرفة فعلية (إدراك أو فهم) أو معرفة استدلالية بالمعلومات الداخلية. ووفق هذا الدليل، يعتبر الشخص المتصل بالشركة قد علم أن المعلومات في حوزته لم يتم الكشف عنها وحساسة للأسعار، دون أن يكون على جهة التقاضي إثبات مثل هذه المعرفة. وقد يدفع هذا الافتراض الأولي أو الاستدلال بالقرينة من قبل المدعى عليه، الذي يتوجب عليه إثبات أنه لم يكن لديه علم بأن المعلومات كانت غير معلنة وحساسة للسعر. ويتعلق مفهوم المطلعين الأساسيين في ظل التشريعات والقوانين الأمريكية بواجب تحمل الأمانة والوفاء بما يعهد به للشخص من مسئوليات ائتمانية بالتعاون المناسب، مثل الضباط، المدراء والموظفين. على الرغم من ذلك، يمكن يكون مثل هذا الواجب مكتسباً من قبل أشخاص يقدمون خدمات لشركة أو مجموعة، مثل المحامين، المستشارين، مصرفيي الاستثمار أو آخرين (ما يسميه البعض غالباً مطلعين "مؤقتين" أو "استدلاليين بناءين" (انظر فقرة 1-2-1-1.)، بشرط أن تنتظر الشركة منهم الإبقاء على المعلومات سرية. وينبغي أن تشتمل تعريفات "المطلع الأساسي" على موظفين ومسئولين في الشركة التي تقدم المعلومات الداخلية، إضافةً إلى مقدمي الخدمات المهنية بالخارج الذين يوجد لديهم وصول إلى المعلومات الداخلية. وفي السلطات القانونية والتشريعية حيث يوجد للموظفين بجهة تنظيم الأسهم والسندات المالية وصولاً إلى المعلومات الداخلية، وينبغي أن يتم تضمينها في إطار هذا التعريف. ولتسهيل تنفيذ وتطبيق قوانين وتشريعات الاتجار والتداول باستغلال معلومات داخلية، ينبغي أن يتحمل المطلع الأساسي عب تقديم دليل نفي للاستدلال بالقرينة التي تقول بأنه كان على علم بالمعلومات الداخلية.
1-2-1-1. المطلع المؤقت
يوضح التصنيف الخاص للمطلعين الأساسيين أنهم مهنيين غير موظفين من قبل الشركة التي تقدم المعلومات، لكن لديهم وصول لهذه المعلومات في تقديمهم خدمات للشركة. وهؤلاء المطلعين "المؤقتين" أو "الاستدلاليين" البناءين عادةً ما يكونوا المحامين، المستشارين، مصرفيي الاستثمار، الخ، الذين يؤثرون على القرارات المادية بالشركات والمؤسسات (كتلك التي تتعلق بالدمج) ولديهم معرفة ضرورية لتقييم مادية الأنشطة المتبناة من قبل الشركة. ويخضع هؤلاء "المطلعون الخارجيون" بسهولة لإغراءات بالتداول والاتجار باستغلال معلومات داخلية. ولأجل هذا السبب، يتم تشجيع الجمعيات والنقابات المهنية بقوة لإصدار قوانين صارمة للقيام بحظر استخدامهم للمعلومات الداخلية (أنظر الفقرة 3-2 و 3-4-1).
1-2-2 المطلع الثانوي
إن المطلين الثانويين هم أشخاص يعلمون المعلومات الداخلية من شخص ما آخر (ليس مطلعاً بالضرورة). إذ أن بإمكانهم معرفة مثل هذه المعلومات بسبب علاقة خاصة مع شخص يعرف المعلومات الداخلية (متلقي للمعلومات من طرف خارجي) أو في ظروف استثنائية (مطلعين عرضيين أو بالمصادفة).
1-2-2-1. متلقي المعلومات بقصد الانتفاع. يعتبر تمرير المعلومات المادية غير العلنية أو غير المكشوفة للعامة من قبل مطلع لطرف ثاني، بغرض تمكين ذلك الطرف بالاتجار والتداول واستغلالها في تحقيق ربح، تسريب معلومات للخارج. ومن يتلقى معلومات من مطلع أساسي يتم تعريفه بأنه "متلقي خارجي للمعلومات". وتتعاطى القوانين والتشريعات لدى جهات قانونية وتشريعية محددة تسريب المعلومات بشكل مشابه – فلا يسمح لمستغلي المعلومات على هذا النحو بالتداول أو الاتجار باستغلال مثل هذه المعلومات. وترتبط الاختلافات بمعاملة "متلقي المعلومات الثانويين" – أشخاص يتلقون معلومات داخلية من مصادر غير المطلعين الأساسيين. ولا يعتبر استغلال المعلومات الداخلية من قبل المتلقين الثانويين للمعلومات غير قانوني على الدوام، كما هو الحال في سنغافورة (لكن القوانين المقترحة في سنغافورة تشمل أيضاً "متلقي المعلومات الثانويين"). التطبيق الأفضل هو أنه ينبغي أن يكون جميع الأشخاص القائمين بالتداول باستغلال معلومات داخلية خاضعاً لضوابط وقوانين. وحسب ما هو واضح، يمكن انتقاد التعريفات العريضة والواسعة للتداول باستغلال معلومات داخلية إذا ما خضع أبرياء، دون علم بسرية أو مادية المعلومات، لعقوبات جنائية. على الرغم من ذلك، يفيد سلوك أمثال هؤلاء المستثمرين ما إذا كانوا على علم بأنهم يتداولون باستغلال معلومات داخلية.
1-2-2-2. "مطلع" عرضي (بالمصادفة)
إن المطلع "العرضي" هو الشخص الذي لا يوجد لديه وصول للمعلومات الداخلية ولم يتم تسريب معلومات له من قبل شخص لديه وصول لمثل هذه المعلومات، لكنه علم بهذه المعلومات بسبب ظروف خاصة. وتتضمن نماذج هذه الظروف حديث في مصعد أو بهاتف نقال، العثور على مستندات سرية في سلة المهملات، استلام فاكس أرسل بالخطأ، الخ. وما من تمييز يمكن إدراكه بوجه عام لهذه الفئة الخاصة من المطلعين في قوانين وتشريعات دول محددة. ومن ثم فهي تندرج ضمن التعريف العام للمطلعين الثانويين ويتحملون نفس المسئولية للاتجار والتداول باستغلال معلومات داخلية مثل المطلعين الثانويين الآخرين. وسيتم وضع درجة هؤلاء من المعرفة ونيتهم على التداول باستغلال معلومات داخلية في الحسبان بوجه عام في تقييم ما إذا كانوا قد خرقوا تشريعات وقوانين التداول باستغلال معلومات داخلية. وكما هو الحال مع من تسربت لهم المعلومات، يفيد سلوك مثل هؤلاء المستثمرين ما إذا كان لديهم علم بأنهم يستغلون معلومات داخلية.
1-3. الأنشطة المحظورة
في تعريف التداول باستغلال معلومات داخلية، يعتبر الوصف المناسب للأنشطة التي تقع ضمن التعريف قضية مهمة ورئيسية. إن التعريف المحدود للغاية قد يكون به ثغرات، كما أن التعريف كثير التفاصيل وبالغ الشمول سيفسد التداول المشروع. ومن ناحية أخرى، يخشى بعض المشرعين من أنهم، من خلال تعريف التداول من الداخل، سيوجدوا "خريطة طريق للتلاعب" من خلال توفير توجيهات إرشادية للمتداولين والمتاجرين كتلك الأنشطة التي لا تأتي ضمن الحظر التشريعي." على الرغم من ذلك، لأسباب عملية وتطبيقية، يجب أن تكون التشريعات والقوانين العقابية دقيقة بشكل معقول. فمن الصعب جداً أن تقوم المحكمة بإخضاع شخص لعقوبات جنائية عندما يكون تعريف النشاط المحظور غامضاً، كأن يكون من غير الممكن تحديد أن الأنشطة التي يقوم بها الشخص من المحظورات. وفي تقييم ما إذا كان المتداول قد تورط تداول من الداخل، تتمثل أحد القضايا الرئيسية في تحديد ما إذا كان المتداول يستغل بشكل متعمد معلومات داخلية. وفي الكثير من التشريعات والأحكام والجهات القضائية، قد تعتمد المساءلة القانونية في ظل قوانين التداول من التداخل على العلم والدراية لدى الشخص بالطبيعة السرية للمعلومات. وتحظر التشريعات عادةً كل من التداول (بيع، شراء سندات مالية باستغلال معلومات غير معلنة وداخلية) والتسريب (بتسريب معلومات لطرف ثاني بقصد التداول وتحقيق مكاسب في السندات أو الأسهم من جراء الحصول على هذه المعلومات). علاوة على ذلك، تحظر بعض الأحكام والجهات التشريعية أيضاً أعمالاً أخرى متخذة على أساس المعلومات الداخلية.
1-3-1. التداول
تشترط قوانين أغلبية الجهات التشريعية والأحكام عدم استغلال المطلع الأساسي ولا الثانوي للعلم بالمعلومات الداخلية سواء من خلال شراء أو إيداع أسهم، سواء لحسابه أو لحساب طرف ثالث بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر. وتحظر أحكام وتشريعات كثيرة هذا السلوك فقط إذا كان الشخص محل النظر يعرف أن المعلومات غير معلنة. وقد تكون مثل هذه المعرفة في الغالب مثبتة ومؤكدة من خلال تحديد والتعرف على مصدر المعلومات – إذا ما كان الشخص يعرف المعلومات القادمة من المطلع، وينبغي أن يكون الشخص الذي يستخدم المعلومات مدركاً أنه متورط في تداول من التداخل. وتتطلب بعض الأحكام والجهات القضائية والقانونية وجود دليل على القصد. وتوجد هناك اختلافات طفيفة بين الجهات القانونية فيما يتعلق بتوصيف السوق، الذي سيكون التداول فيه خرقاً لقوانين التداول من الداخل. وفي بعض هذه الجهات القضائية، يتم حظر التداول من الداخل في السوق المنظم القادر على الوصول للعامة (النمسا). وبخلاف القضايا المتعلقة بتعريف المعلومات الداخلية، حيث نطاق المعلومات الداخلية مقصور عموماً على الوثائق المتداولة (أو التي سيتم تداولها قريباً) في سوق منظمة، يبدو منطقياً أن القوانين والتشريعات ينبغي أن تحظر أي تداول قائم على المعلومات الداخلية (بشرط أن تتعلق هذه المعلومات بالوثائق والسندات المدركة في السوق المنظمة). ينبغي التوضيح أيضاً أن التشريعات والقوانين ستقتضي أن يمنع الوسطاء التداول القائم على المعلومات الداخلية.
1-3-2. نقل المعلومات بقصد الاستغلال
تحظر القوانين في التشريعات التسريب من قبل المطلعين الأساسيين. ولا يعتبر التسريب من قبل المطلعين الثانويين، رغم ذلك، منظمة بذات الطريقة عبر الجهات التشريعية والقانونية. وتحظر القوانين في التشريعات التي شملتها الدراسة تسريب معلومات سرية بقصد الاستغلال من قبل مطلعين أساسيين. ولم تم تشريع نقل معلومات سرية من قبل مطلعين ثانويين بنفس الطريقة عبر التشريعات. ولا تعاقب بعض الجهات القضائية على مجرد إفشاء المعلومات الداخلية من قبل مطلعين ثانويين، بينما تثبط أخرى عزم متلقي المعلومات وتمنعهم من الاتصال نقل معلومات داخلية لشخص آخر. وفي بعض التشريعات، يعتبر التسريب محظوراً فقط إذا ما كان هناك سبب معقول للاعتقاد أن متلقي المعلومات سيتكسب منها. وفيما يتماشى مع القوانين المقترحة في سنغافورة، يحظر على الشخص نقل معلومات داخلية إلى شخص آخر، إذا ما كان يعرف أو ربما خمن أن ثمة احتمال لقيام ذلك الشخص باستغلال المعلومات للتعامل في السندات والتكسب منها أو ليساعد شخص آخر على ذلك. ويعتمد قرار عدم فرض عقوبات على المتلقين الثانويين للمعلومات الداخلية على استدلال بالقرينة أنهم قد يكونا غير مدركين لسمة الداخلية للمعلومات. وقد تقدم تلك المعاملة، رغم هذا، آلية سهلة لتطويق القوانين الموجهة ضد التداول من الداخل، نظراً لأن المطلعين الأساسيين قد يتم إغراؤهم للتورط في تداول ممن الداخل عبر المتلقين الثانويين للمعلومات المسربة. لذلك، تعتبر الممارسة الأفضل هي فرض ضوابط وقوانين ضد كل من المتلقين الخارجيين الأساسيين الذين يرسلون المعلومات الداخلية إلى المتلقين الثانويين الذين يستغلون تلك المعلومات. ومن الممكن تقديم استثناءات بعد ذلك لهذا الفرض العام للقوانين في التشريعات لمعالجة المواقف التي يكون فيها المتلقي الثانوي غير مدرك بحقٍ للطبيعة الداخلية للمعلومات التي تلقاها من المتلقي الأساسي.
1-3-3. استخدامات أخرى للمعلومات الداخلية
بالإضافة إلى جوانب الحظر على المعلومات الداخلية أو إطلاع الآخرين بشأن تلك المعلومات، تبنت بعض السلطات القانونية والقضائية قوانين عامة تحظر "استخدام" الشخص غير التام للمعلومات الداخلية "لصالحه أو لصالح آخر" أو تلقي شخص لأي مصلحة من امتلاك معلومات داخلية (جمهورية التشيك). وتعرف الكثير من الجهات القانونية "الاستخدام" بشكل أكثر دقة ولا يسمح للأشخاص ذوي المعلومات الداخلية بعمل توصيات بيع أو شراء أو "جلب شخص آخر للاكتتاب من أجل، شراء أو بيع أو الدخول في اتفاق للاكتتاب من أجل، شراء أو بيع، أي سندات مالية بالاعتماد على معلومات داخلية (سنغافورة). وفي حين أن التعريف العام للاستخدام يؤدي بوجه عام إلى حظر أكثر شمولاً على التداول من الداخل وهكذا قد يكون ذلك مؤيداً من قبل المشرعين، تعريف واسع للاستخدام حيث القوانين العقابية المفروضة لأجل التداول من الداخل قد تعقد مساعي تحقيق الإدانة. ويجعل التعريف العام جداً للجرم من الأكثر صعوبة على الأشخاص تحديد ما هو السلوك المشخص وقد يخطئوا في تحديد المتطلبات الدستورية المتعلقة باليقين القانوني. ولأجل هذا السبب، وضع الكثير من الجهات القانونية والقضائية قوانين أكثر تفصيلاً.
1-3-4. القصد
في الكثير من السلطات القانونية، يجب أن يعتبر التعهد بالنظر بشكل مدروس أو، في بعض السلطات القضائية "برغبة أو بإهمال" (النرويج)، أو "رغبةً أو من خلال إهمال كامل" (فنلندا)" في التداول من الداخل في الهجوم. ويجب أن تثبت السلطات أن المدعى عليه كان يعلم (أو، في بعض الدول، كان قد علم) أن المعلومات كانت سرية ومادية أو قد التزم بشكل صحيح بجعل هذه المعلومات سرية. وبالرغم من أن إثبات قصد المدعى عليه يمثل صعوبات في بعض الحالات، تعتبر الصعوبات غير كبيرة. وفي الغالب ستبين أنشطة المدعى عليه أن الصفقة التي تشكل أساساً للشكوى ليست فريدو بالنسبة له، تحمل قدر متساوي من المخاطر وتشتمل على قدر كبير من الأموال كما هو الحال في الصفقات الأخرى المنجزة من جانبه، وهو ما يؤكد بعد ذلك أن قصد التداول بشأن المعلومات الداخلية أكثر صعوبة. فإذا ما كانت الصفقة المالية، رغم هذا كل، كما هو الحال في الغالب، كبيرة عادة، تحمل درجة كبيرة من الخطورة ومربحة بشكل غير معتاد، عندئذ يكون الدليل على القصد أيسر بكثير. وقد يكون القاضي (أو هيئة المحلفين) مقتنعين بسهولة بغياب القصد في التداول باستغلال معلومات داخلية (شريطة أن يكون القاضي ملماً بطريقة عمل الأسواق الرأسمالية). عندما يقوم المدعى عليه، مثلاً، بفتح حساب استثماري جديد، يحصل على أسهم من أي شركة بمبلغ يساوي دخله مرتين ويربح مكاسب ضخمة عندما يرتفع سعر الأسهم عند إصدار معلومات داخلية كانت في حوزته قبيل حصوله على الأسهم. وفي مثل هذه الظروف، لا تعتبر حجة المدعى عليه بأنه لم يتأكد من أن المعلومات التي لديه كانت سرية، مادية أو داخلية سرية قابلة للدفع أو يمكن الدفاع عنها. ولا تطالب بعض السلطات القضائية بدليل على قصد استغلال معلومات داخلية أو قصد إفشائها لمطلع ثانوي لإثبات الاتهام. والضرر من هذا المنهج هو أنه قد يؤدي إلى فرض عقوبات ضد شخص لا يدرك الطبيعة الجنائية لسلوكه. بالرغم من ذلك، لا يعتبر دليل القصد المحدد على اختراق القانون مطلوباً لإثبات الاتهام في العديد من الأنواع الأخرى للجرائم الجنائية. فإذا ما تجاوز شخص حد السرعة في سيارته، يمكن أن يرى مذنباً دون دليل على أنه كان يعرف نطاق السرعة أو أنه لاحظ سرعته الزائدة في مقياس السرعة. وبخلاف ذلك، سيكون من المستحيل تقريباً تطبيق قواعد السرعة. ولا يعتبر مثل هذا المنهج لمسألة دليل القصد متعذر الملاءمة فيما يتعلق بالتداول من الداخل، حيث قد يكون إثبات القصد الحقيقي، المحدد باختراق القانون متعباً. ويدرج المنهج الوسط لمسألة القصد في قوانين استغلال المعلومات من قبل الموظفين استدلال مدفوع بالحجة على أن المطلعين الأساسيين كانوا على علم بالمعلومات الداخلية ويدركون طبيعتها السرية. وينبغي أل يكون دليل القصد مطلوباً في حالات إفشاء المعلومات الداخلية للمتلقين الثانويين. وتعزز هذه الاستدلالات من تبني سياسات جيدة داخل الشركات فيما يتعلق بالتعاطي مع المعلومات الداخلية.
1-4. الإعفاءات والاستثناءات
حسب ما تم بيانه في السابق، في بعض الأحوال، لا يعتبر التداول باستغلال معلومات داخلية أو الكشف عنها لأطراف خارجية خرقاً لقوانين التداول من الداخل. ويتم بيان نماذج على مثل هذه الإعفاءات والاستثناءات فيما بعد.
1-4-1. الكشف عن معلومات في إطار المسار الطبيعي والمعتاد للواجبات
إن الإعفاء الأساسي للحظر ضد الكشف عن المعلومات الداخلية هو كشف المطلع الأساسي للمعلومات، على سبيل المثال للمصرفيين، المحاسبين، السماسرة أو المحامين، في المسار الطبيعي للعمل، المهنة أو الواجبات أو إفشاء تلك المعلومات المطالب بها بموجب قانون. وبشكل عام، يلتزم الأشخاص الذين يتلقون مثل هذه المعلومات بقوانين السرية المهنية للعمل، وتسعى الشركات بوجه عام إلى ضمان أن أمثال هؤلاء المهنيين لديهم إجراءات مناسبة سارية للتعاطي مع المعلومات الداخلية.
1-4-2. عمليات الدولة
إن القرار الإداري التوجيهي للاتحاد الأوروبي بشأن التداول باستغلال معلومات داخلية يستثني الصفقات المالية التي تمس الدولة، التي يتم القيام بها لحماية السيادة الاقتصادية للدولة، من منطلق حظر استغلال الموظفين للمعلومات الداخلية. ويرمي القرار الإداري التوجيهي إلى تأكيد حصانة الدولة، البنوك المركزية والأشخاص العاملين بالنيابة عنهم لأسباب تتعلق بالسياسة الاقتصادية للدولة من المقاضاة على انتهاك قوانين استغلال الموظفين للمعلومات الداخلية. وقد تم التأكيد على مثل هذه القوانين والتشريعات في القرار الإداري والتوجيهي الجديد المتعلق بسوء استغلال السوق. وقد تبنت بعض الدول غير الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بنود واشتراطات مشابهة تطالب بحصانة من المقاضاة في المواقف المذكور سلفاً.
1-4-3. الأبحاث القائمة على البيانات العامة
إن الهدف من وراء البحث الاستثماري هو تحديد قيمة الأسهم والسندات المالية بالسوق. وحسب ما هو واضح، لا تعتبر مثل هذه التقديرات لقيمة السوق دقيقة وصحيحة على الدوام. ولأجل هذا السبب، يمكن أن تمنح الإتاحية لمشارك السوق بالبحث الاستثماري الأسمى من قبل محلل محدد تميزاً واضحاً على المشاركين الآخرين في السوق. على الرغم من ذلك، لا يمكن اعتبار نشر التقارير التحليلية، ولا التداول القائم عليها، تداولاً باستغلال معلومات داخلية إذا ما كان التقرير يعتمد على معلومات متاحة للجميع ومعلن عنها. ولا يرتبط التميز بالسوق الناتج من عمل المحلل مرتبطاً باستخدام المعلومات غير العامة ويمكن أن يضاعف من قبل أي محلل له خبرة مماثلة. وتشترط القوانين الأردنية ألا تشتمل المعلومات الداخلية على استنتاجات تقوم على الدراسات المالية والاقتصادية، الأبحاث والتحاليل. على الرغم من ذلك، في أغلبية التشريعات والقوانين، لا تعالج هذه المسألة بشكل مباشر، فالواضح أن التقارير القائمة على بيانات عامة لا تقع ضمن تعريف المعلومات الداخلية. ومع ذلك، توجد مثل هذه التقارير احتمال ما للتداول باستغلال معلومات داخلية. التداول من قبل شخص في موقع ينتظر منه بإصدار تقرير تحليلي للمستهلكين أو ينبغي على العامة أن يعاقبوا على تداولهم معلومات داخلية.
1-4-4. دفاعات أخرى
تشتمل دفاعات أخرى قد تكون متاحة للشخص المتهم باستغلال إطلاعه على معلومات داخلية بحكم منصبه لصالحه على: 1) التداول المتكلف أو تبادل المعلومات؛ 2) الجدران الصينية؛ 3) تكافؤ المعلومات أو 4) افتقار الوعي بالنشاط المحتمل للتداول باستغلال معلومات داخلية.
1-4-4-1. التداول المتكلف أو تبادل المعلومات
ينبغي ألا تقيد القوانين الموضوعة للتداول من الداخل التداول، تحديداً، إذا ما كان يتحتم على شخص ما التداول مع التزام مطلب قانوني. ومن الممكن أن ينشأ هذا الالتزام القانوني للتداول من خلال توقيع اتفاقيات أو بإدراك الحاجة إلى بيع أسهم لاسترداد وحدات في مخطط استثمار جماعي بناءً على طلب المالك. ومن الممكن أن يعتبر الاتجار أو التبادل أثناء حيازة معلومات داخلية مشروعاً حتى لو لم يكن هناك التزام قانوني بالتداول إذا ما أكد الشخص أنه كان يعمل بنفس الشكل الذي كان سيعمل به لو لم تكن لديه معرفة بتلك المعلومات. وينبغي ألا تحول التشريعات المتعلقة بالتداول من الداخل دون تبادل المعلومات، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، كأن يكون ذلك مع السلطة التشريعية.
1-4-4-2. الجدران الصينية
إن أساس دفاع "الجدار الصيني" هو افتراض أن شخصاً محدداً يمكنه معرفة بالمعلومات الداخلية لا يعرف بها في الحقيقة بسبب إجراءات داخلية تقيد تدفق المعلومات داخل الشركة. ويعتبر مثل هذا الدفاع ممكن الاحتفاظ به فقط إذا ما كانت الإجراءات التي تتقيد بها المعلومات داخل الشركة معرفة ومطبقة بشكل جيد. لذلك، يقدم توافر هذا الدفاع حافز آخر للشركات كي تشكل وتؤسس إجراءات مناسبة تتعلق بمعالجة المعلومات الداخلية داخل الشركة.
1-4-4-3. تكافؤ المعلومات
ترمي القوانين والتشريعات المقترحة في سنغافورة إلى التخلي عن الحظر المفروض على تداول السندات باستغلال الوظيفة عندما يكون كلا الطرفين في التداول على علم بالمعلومات الداخلية. في الواقع، وفي مثل هذه الحالة، لا يمكن أن يدعي أي طرف حدوث ضرر له. رغم ذلك، قد يكون لدى مشاركين آخرين في السوق أسس وأمور للشكوى منها. أولاً، لا تسهم عمليات التداول بين موظفين أو طرفين مطلعين على المعلومات التي تمت فقط قبل الإعلان عن معلومات حساسة متعلقة بالسعر في وجود الثقة في السوق. ثانياً، التداول الذي سيتم حسب ما هو مفترض سلفاً عند سعر مختلف عن السعر السائد في السوق. ومن الممكن أن يؤثر إفشاء أمر أن التداول قد انتهى أو تم على سعر السوق، وإذا لم يتم إفشائه، ستصبح المعرفة الداخلية أن التداول قد تم معلومات داخلية "مستنتجة." ومع أخذ هذه الاعتبارات في الذهن قد تؤثر السلطات التشريعية على نحو لائق الوقوف ضد تقديم "تكافؤ الإعفاء".
1-4-4-4. افتقار الوعي بالنشاط المحتمل لتداول الأسهم باستغلال معلومات داخلية
قد يحمل مستوى إدراك الشخص لطبيعة المعلومات التي لديه وإمكانية الاستفادة من التداول القائم على هذه المعلومات على ما إذا كان الشخص يخضع للمساءلة القانونية على استغلال المعلومات الداخلية لصالحه. وبموجب التشريعات البريطانية، "لا يكون الشخص مذنباً باستغلال المعلومات الداخلية في التداول بالإفشاء عن المعلومات إذا ما أظهر أنه لم يكن يتوقع في ذك الوقت أن أي شخص، بسب إفشاء تلك المعلومات، سيتعامل في السندات أو أن التعامل سيؤدي إلى ربح يمكن إرجاعه إلى حقيقة أن المعلومات كانت حساسة للسعر فيما يتعلق بالأسهم والسندات". كذلك، بموجب تشريعات وقوانين جنوب أفريقيا، "لن يكون الفرد مذنباً إذا أكد أنه كان يعتقد وفق ميزان الاحتمالات وفق أسس معقولة أنه ما من أحد سيتعامل في الأسهم أو السندات المالية نتيجة لإفشاء المعلومات." علاوة على ذلك، لن يكون الشخص مذنباً باستغلال معلومات داخلية في التداول إذا ما كان يعتقد "على أسس معقولة أن المعلومات قد تم كشفها على نطاق واسع بما يكفي." ورغم ذلك، قد تنتهي السلطات القضائية والقانونية بشكل معقول إلى أن تقديم إعفاءات مثيلة ليس ضرورياً. وفي السلطات القضائية والقانونية حيث يبقى القاضي العادي غير عالم بعمل الأسواق المالية (الموقف غير النادر في بعض الأسواق الناشئة)، من الممكن أن تزيد مثل هذه الإعفاءات والاستثناءات من المصاعب التي تواجها السلطات في إثبات أدلة الاتهام لنشاط التداول من الداخل باستغلال معلومات داخلية.