المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحرب السرية الإسرائيلية الى جانب أمريكا في العراق



د. محمد اسحق الريفي
03/10/2008, 08:42 PM
الحرب السرية الإسرائيلية الى جانب أمريكا في العراق
الجيش الصهيوني يتكتم على خسائره
عمر نجيب*

الحلقة الأولى

http://www.arabswata.org/forums/imgcache/185.imgcache.jpg


نقلا عن معراج المغاربة http://www.miaaraj.com/index.php?option=com_content&task=view&id=103&Itemid=66

ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية يوم الإثنين 25 فبراير 2008، ان جنديا إسرائيليا قتل بانفجار لغم في بغداد خلال الأسبوع السابق. وأوضحت أن الجندي عامي حاي بيتون قتل على الفور في انفجار اللغم، مشيرة إلى أنه تطوع للخدمة في صفوف قوات الاحتلال الأمريكي في العراق.

الخبر المقتضب هو ذرة من قمة جبل الجليد العائم والمثقل بالأحجار لإخفاء وطمس حقيقة تورط إسرائيل بكل أجهزتها العسكرية والإستخباراتية والصناعية في الحرب الأمريكية ضد البوابة الشرقية للأمة العربية، تلك الحرب التي من بين أهدافها رسم خريطة جديدة لما يسميه المحافظون الجدد، الشرق الأوسط الكبير والذي يريدون أن يضم مستقبلا بدل 22 قطرا عربيا 56 دويلة مما سيشكل ضمانة لإستمرار إسرائيل ولفرض سيطرة وهيمنة القوى الإستعمارية على مقدرات وثروات المنطقة.

نشر خبر مقتل جندي إسرائيلي واحد قد يكون خطأ وهفوة ارتكبتها "معاريف" أو ربما هناك سبب آخر ستكشف عنه الأيام. فالمعروف أن إسرائيل تتكتم بصورة مطلقة على كل نشاطاتها الناتجة عن تدخلها في العراق خاصة منذ حرب 1991 التي أسفرت عن نجاح الولايات المتحدة في جعل أجزاء من شمال العراق خارج سيطرة الحكومة المركزية وتحت سيطرة عملائها الإنفصاليين برئاسة الطلباني والبرزاني، وبالتي أصبحت تلك المنطقة موضع قدم لكل أجهزة الأمن والمخابرات والجيش الإسرائيلي تعمل أساسا ضد العراق.

من سنة 1991 وحتى الغزو الأمريكي في مارس 2003 خاضت الأجهزة العراقية وخاصة القوات الخاصة التابعة لرئاسة الجمهورية أو وحدات المخابرات العسكرية مواجهات عديدة ضد الوحدات الإسرائيلية والبشمركة المأجورة لها، بعض هذه الأحداث نشرت في الصحف العراقية وبعضها ظل في الملفات السرية العراقية التي نجى بعضها قبل دخول الإحتلال الى عاصمة الرشيد.

إسرائيل تتمسك بالكتمان حول كل تحركاتها في العراق وخاصة الخسائر شأنها شأن شركات الأمن الخاصة او بالأحرى المرتزقة التي تملك ما بين 120 و140 الف جندي في العراق ولا يتحدث احد عن خسائرها.

الحرب الشاملة

إسرائيل دخلت الحرب الشاملة بالفعل اسابيع قبل انطلاقتها الرسمية في مارس 2003، حيث نشرت في الصحف الإسرائيلية أبتداء من ديسمبر 2002 أخبار عن قيام وحدات إسرائيلية خاصة بالنزول في غرب العراق، حيث المكان المفترض لإطلاق أي صواريخ "سكود" منه على إسرائيل بهدف دراسة المنطقة جغرافيا وعسكريا قبل توجيه ضربات إسرائيلية فيها ساعة انطلاق الحرب.

في حين ذكر وزير الدفاع الإسرئيلي "موفاز" في ختام زيارته في ذلك التاريخ للولايات المتحدة إن إسرائيل ستساهم في تخطيط الحملة العسكرية لتدمير قاذفات الصواريخ في غرب العراق. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصادرة في 18 ديسمبر 2002 عن مصدر في حاشية موفاز: "أن الهجوم على العراق قد يبدأ في غضون أسابيع معدودة" وهو ما حدث بالفعل، وخلصت اللقاءات إلى اتفاق تعاون مشترك بين الطرفين، الإسرائيلي والأمريكي، بخصوص التخطيط لشن هجوم على أهداف في غرب العراق من طرف إسرائيل دون الإعلان عن ذلك وبموافقة ضمنية من سلطات عمان.

حجم وطبيعة المساهمة الإسرائيلية في حرب العراق التي أنطلقت بالغارات الجوية الأمريكية الكثيفة يوم الخميس 19 مارس 2003 محاط بسرية مطلقة حتى الأن ولكن مصادر إعلامية عديدة تحدثت في تلك الفترة عن سماع او مشاهدة حركة طيران غير عادية في سماء الأردن ذهابا وإيابا حتى خلال ساعات النهار. وفي وقت لاحق ذكر بدو من القبائل التي تسكن المثلث الصحراوي الذي يشمل غرب العراق وشرق الأردن وسوريا عن تحطم طائرات عمودية عسكرية ومقتل الكثير من الجنود الذين لم تعلن عنهم واشنطن شيئا وأنه في كل مرة كانت تسقط فيها طائرة تأتي اخرى لإجلاء الجثث وقد توجه غالبها غربا نحو الأردن او فلسطين المحتلة.

بعد الإحتلال وتنصيب بريمر حاكما أمريكيا للعراق دخل الكيان الصهيوني في جهاز التحكم في العراق عبر ما سمي بالمستشارين. أغلب هؤلاء الوزراء المستشارين كانوا من اليهود أو الأقرب إلى الصهيونية عموما، فوزارة الشباب والرياضة حكمها لفترة "دون إيبرلي" وهو رجل دين مسيحي أصولي وأمريكي طبعا، وفي وزارة التعليم والبحث العلمي برز دور اليهودي "دور أيردمان" المتخصص في مكافحة الإرهاب، وكان مستشار وزارة المالية هو اليهودي "ديفيد نومي" وفي وزارة الزراعة نصب عدد من المستشارين أبرزهم اليهوديان "هولي شاتز" و "دون أمستونز" وفي بقية الوزارات وضع مستشارون أمريكيون على ذات الشاكلة.‏

ففي النقل والاتصالات "ديفيد لينش"، وفي وزارة العدل "كلينت وليامسون"، وفي وزارة النفط "فيليب كارول".


إسرائيل وراء الحرب

تل أبيب كانت أكبر المحرضين على الحرب ضد العراق وأكبر المستفيدين منها.

في الثلث الأول من شهر نوفمبر 2006 كشف الكاتب الأمريكي ستيفن سينغوسكي في وثيقة تحليلية استند فيها إلى مواقف وأفكار ديبلوماسيين ومحللين سياسيين أمريكيين وإسرائيليين أن "أحد الأهداف الرئيسية للحرب الأمريكية على العراق هو حماية إسرائيل".

وتحدث سنيغوسكي عن الدوافع التي تجعل دولة عظمى تخوض حربا من أجل حماية "دولة" لا يكاد يكون لها وزن على الخارطة، وتحدث أيضا عن المحافظين الجدد داخل الإدارة الأمريكية وكيف انشقوا عن الديمقراطيين في ستينات وسبعينات القرن الماضي وجعلوا من الدفاع عن "إسرائيل" مبدأ أساسياً وهدفاً محوريا في سياستهم.

وتحدث الكاتب الأمريكي في هذه الوثيقة عن أهم ما جاء فيها على حلقات عن علاقة أحداث 11 سبتمبر 2001 بغزو العراق.

وينقل سنيغوسكي عن المؤرخ والديبلوماسي الأمريكي بول شرودر قوله إن الدافع الخفي للسياسة الأمريكية التي قادت إلى غزو العراق هو أمن "إسرائيل".

ويضيف شرودر: "إذا كان أمن إسرائيل هو الهدف الحقيقي لهذه الحرب فإن ذلك يمثل أمرا فريدا في التاريخ فالمعروف أن القوى الكبرى تعمل على تحريض القوى الصغرى وإثارة الخلافات بينها حتى تتأجج نار الحرب بشكل يحقق المصالح العليا لتلك القوى، ولكن يبدو أن هذا هو المثال الأول في التاريخ حيث تخوض قوة عظمى حربا بالوكالة عن دولة صغيرة"!.

وحسب سينغوسكي فإنه لاكتشاف دوافع الحرب الأمريكية على العراق لا بد من السؤال التالي: كيف قادت هجمات 11 سبتمبر 2001 إلى التخطيط لهذه الحرب على العراق رغم انعدام أي دليل على تورط العراق فيها؟.

ويمضي الكاتب الأمريكي قائلاً إنه منذ اليوم الأول لتلك الهجمات سعى المحافظون الجدد وخاصة أولئك الذين ينحدرون من أصل يهودي أو المحسوبين على الفكر الصهيوني اليميني إلى الركوب على الأحداث واتخاذ الهجمات ذريعة لإعلان حرب واسعة النطاق على ما أسماه "الإرهاب الإسلامي" حيث تمثل الدول المستهدفة في هذه الحرب أعداء "إسرائيل".

وأشار الكاتب إلى أنه حتى قبل أحداث 11 سبتمبر 2001 دافع المحافظون الجدد علنا عن فكرة شن حرب على العراق، وإنما كانوا ينتظرون ذريعة لإعلانها.

وأشار كريستيان إلى أن عددا كبيرا من المحللين الإسرائيليين باتوا على قناعة بهذه الفرضية حيث كتب المعلق الإسرائيلي آكيفا إيلدر في صحيفة "هآرتس" أن ريتشارد بيرل ودوغلاس فيث وأصدقاءهم الإستراتيجيين خلقوا توازنا في أدائهم بين التزاماتهم تجاه الحكومات الأمريكية والمصالح الإسرائيلية.

وتحدث الكاتب عن حرب الخليج عام 1991 مشيرا إلى أن الصقور المؤيدين للحرب من المحافظين الجدد مثل بيرلو فرنك غافني وويليام سافيرو روزنتال كانوا يؤيدون الفكرة التي تقول أن الهدف من الحملة العسكرية آنذاك ليس إجبار العراق على الخروج من الكويت فحسب، وإنما أيضا تدمير القدرة العسكرية العراقية وتحديدا قدرته على تطوير الأسلحة النووية والصاروخية، وهو ما أيدته إدارة بوش الأب.
________________
عمر نجيب*: كاتب وصحفي مصري مقيم بالمغرب