المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعذيب سر أمريكا الأسود



بسام الحومي
04/10/2008, 05:03 PM
التعذيب سر أمريكا الأسود

ترجمة بتصرف

ترجمة/ بسام الحومي

تنادي الإدارة الأمريكية دائما بالديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان داخل أمريكا وخارجها وتدعي أنها حامية حمى حقوق الانسان في الأرض وأنها تنتصر للمظلومين، كما تزعم أنها لا تمارس التعذيب سواء داخل أمريكا أو خارجها على عكس الحقيقة التي كشفت عنها صحيفة "الواشنطن بوست" في تقرير للكاتب "ديفيد لوبان" بعنوان "التعذيب.. أسلوب أمريكي" أوضح فيه أنّه رغم وجود أدلة دامغة على قيام الاستخبارات الأمريكية بتعذيب المعتقَلين وترويعهم بالكلاب وتهديدهم بالإضرار بأمهاتهم وأبنائهم لانتزاع اعترافاتهم، فإن الرئيس الأمريكي يصر على أن تلك الأجهزة التابعة له لا تمارِس التعذيب، بل إنه يؤكد أنها تعامل السجناء "بطريقة إنسانية وطبقًا للقانون".
وأكّد الكاتب أن التعذيب يتم رغم أن القانون الأمريكي والاتفاقيات الدولية تحظر التعذيب وأية ممارسة غير آدمية تجاه المعتقلين، وان هذه الممارسة غير القانونية الماسة بكرامة المعتقلين يتنافى ايضا مع القيم التي تدافع عنها قوانين الولايات المتحدة.
وأورد التقرير أن الرئيس الأمريكي لا يعترف بكلمات مثل القسوة والوحشية والإهانة، إذا مارستها القوات الأمريكية خارج الولايات المتحدة وضد أي مواطن غير أمريكي؛ لأن الولايات المتحدة ليست ملزمة قانونيًّا بمنع حدوث مثل هذه التجاوزات إذا كان ذلك خارج أراضيها، كما صرح بذلك وزير العدل الأمريكي ألبرتو غونزاليس.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن معنى "نحن لا نمارس التعذيب"- التي صرّح بها جورج بوش- في مفهومه هو عدم استخدام وسائل أسوأ من تلك التي تُستخدم في الوقت الراهن، فزبانية الإدارة الأمريكية لم تُقدم على ذلك بعد ، كأن يتركوا معتقلاً ينزف أو حرمان آخر من مسكّنات الآلام أو ترك ثالث يموت من الاختناق داخل كيس بعد استجوابه.
وفي ذات الموضوع نشرت صحيفة "الجارديان" تقريرًا تحت عنوان "التعذيب.. سر أمريكا الأسود"، أوردت فيه أن تصريح الرئيس الأمريكي "جورج بوش" والذي قال فيه إنّ بلاده في حالة حرب "من نوع مختلف"، ولحكومته الالتزام بالدفاع عن الولايات المتحدة الأمريكية بكل الوسائل المتاحة، لم يكن بالمفاجأة.
ولكن المفاجأة- كما تقول الصحيفة- هي معرفته بأنه تم تحذير وكالة الاستخبارات الأمريكية (السي آي أيه) منذ هجمات سبتمبر بأن أساليبها في الاستجواب غير قانونية".
واستطردت : "إن السلطات الأمريكية دأبت على نفي أية أنباء تتسرب حول حدوث انتهاكات في سجن أبو غريب، وقاعدة باجرام في أفغانستان، وقاعدة جوانتانامو، وكانت تصرّ على موقفها"، وجاءت الصور التي بثتها الفضائيات عن صنوف التعذيب المختلفة لتكشف ان هذا النفي ما هو إلا أكذوبة.
وتضيف الجارديان: "إنها بادرة مشجعة أن نعلم أن البنتاجون أصدر أوامر مباشرة بحظر التعذيب الجسدي أو النفسي، وضرورة معاملة المعتقلين بإنسانية، ومنع استخدام الكلاب لترويعهم"، ولكن هل يتم الالتزام بهذه الأوامر أم تجاهلها؟
وتأتي تأكيدات البنتاجون بحظر التعذيب، وعدم إساءة معاملة المعتقَلين على خلاف ما كشفه الاتحاد الأمريكي للحريات عندما نشر مذكرة وقَّعها قائد القوات الأمريكية في العراق آنذاك، الجنرال "ريكاردو سانشيز" سمح فيها بأساليب للاستجواب، من بينها استخدام الكلاب، وإبقاء السجناء في أوضاع متعبة وتغييب الحواس، واستخدام موسيقى صاخبة في آذان المعتقلين، والتحكم في الإضاءة، وتغيير أنماط النوم.
وقد رفض البنتاجون بادئ الأمر الكشف عن المذكرة، بناء على اعتبارات الأمن القومي، غير أن الاتحاد طعن في ذلك أمام القضاء، مستندًا إلى قانون حرية المعلومات.
ويقول الاتحاد: إنّ 12 أسلوبًا على الأقل من بين 29 أسلوبًا مدرجًا في الوثيقة يتجاوز بكثير الحدود التي يتقيد بها الجيش ميدانيًّا، ومن بين الأساليب التي تضمنتها المذكرة: "التحكم في البيئة" مثل تغيير حرارة الغرفة سخونة أو برودة أو استخدام "رائحة كريهة"، أو عزل أحد السجناء، وعرقلة أنماط النوم العادية.
ومن جانبه، صرّح "أمريت سينج"، المحامي باتحاد الحريات المدنية، قائلاً: "سمح الجنرال سانشيز بأساليب للاستجواب تنتهك بشكل واضح معاهدات جنيف ومعايير الجيش نفسه"، وأضاف: "يتعين أن يتحمّل هو وغيره من المسئولين الكبار المسئولية عن الانتهاكات الواسعة للمحتجَزين".
وبينما تنصّ وثيقة الحقوق، التي تعتبر جزءًا أساسيًّا من الدستور الأمريكي، على عدم جواز احتجاز أي شخص للاستجواب حول أي جريمة إلا بتوجيه اتهام من هيئة المحلفين العليا، فإنّ إدارة بوش تدَّعي أن الحظر الذي يفرضه الدستور الأمريكي قد "لا ينطبق على أجانب أُسروا في الخارج واحتُجزوا في خليج جوانتانامو"، وتبرّر هذا بأن "الولايات المتحدة لا تتمتع بالسيادة على جوانتانامو"!!
وتحاول الإدارة الأمريكية اليمينية المتطرفة استخدام "بعبع" أسلحة الدمار الشامل لتقنين ممارسة التعذيب بهدف حماية الأمن القومي، ففي تصريح لإذاعة BBC )) قال "توم ريدج"، وزير الأمن الداخلي الأمريكي السابق: "من الممكن استخدام التعذيب في حالات معينة لتفادي خسارة كبيرة في الأرواح"، وهو اعتراف مبطن بوجود التعذيب.
وحسب تقرير منظمة العفو الدولية، فإنّ التعذيب واستخدام القسوة في معاملة المحتجزين والسجناء "يتجه إلى التجذّر في شتى أرجاء الولايات المتحدة كعرف رسمي، خاصة ضد الأقليات العِرقية".
وانتهاكًا للقوانين والمعاهدات الدولية التي تحظر التعذيب، ولا تسمح بأية استثناءات حتى في أوقات الحروب وحالات الطوارئ القومية، ويشمل الحظر المنع المطلق لتسليم الأشخاص إلى أماكن يتعرّضون فيها لخطر التعذيب، تقوم إدارة بوش- حسب مسئولين في الولايات المتحدة- بتسليم عدد لم يُكشَف عنه من المشتبَه بهم إلى دول ذات سجلّ حافل في التعذيب وعدم احترام حقوق إنسان (ذكر منهم عددا من الدول العربية)، زاعمين في الوقت ذاته تلقيهم ضمانات دبلوماسية من تلك الدول قبل التسليم.
وإلى جانب ذلك كشفت صحيفة "الواشنطن بوست" أن وكالة الاستخبارات الأمريكية تدير عددا من السجون السرية تطلق عليها "المواقع السوداء" في عدد من دول العالم، تمارس فيها جميع صنوف التعذيب المعروفة منها وغير المعروفة، على الرغم من حظر القانون الأمريكي احتجاز سجناء في عزلة في سجون سرية في الولايات المتحدة، وهو السبب الذي يدفع الوكالة إلى وضعهم في الخارج، طبقًا لتصريحات العديد من ضباط الاستخبارات السابقين والحاليين.
ويقول خبراء قانونيون ومسئولون استخباراتيون: إن ممارسات احتجاز المعتقلين تعتبر غير قانونية، طبقًا لقوانين عدد من الدول المضيفة، حيث لا يحق للمحتجز في تلك السجون السرية استخدام محام أو الدفاع عن الاتهامات.
وبالرغم من ذلك، يسمح للمحققين التابعين لوكالة (سي. آي. أيه) في المواقع الموجودة خارج الولايات المتحدة باستخدام "تقنيات التحقيق المعززة" ( أي التعذيب ) التي أقرتها الوكالة والبعض منها تحظرها معاهدة الأمم المتحدة والقوانين العسكرية الأمريكية.

يتضح من كل تلك الحقائق التي كشفتها الصحف الأمريكية والبريطانية أن أمريكا التي تزعم أنها راعية حقوق الإنسان في العالم، هي نفسها التي تدوس هذه الحقوق بالأقدام مما جعل سجلها في حقوق الإنسان كما قالت "هيومان رايتس ووتش" لا يقل سوءا عن سجل دول العالم الثالث، كما تشير تلك الحقائق إلى أن أمريكا تستخدم ورقة حقوق الإنسان كوسيلة للضغط علي الدول التي لا تنصاع لمخططاتها الرامية إلى نهب ثروات الشعوب ويتمردون علي أوامر سيد البيت الأبيض؟!

انتهى

وقد ارفقت هنا رابط المقال الأصلي في صحيفة الواشنطن بوست:-

http://pqasb.pqarchiver.com/washingtonpost/access/932068121.html?dids=932068121:932068121&FMT=ABS&FMTS=ABS:FT&fmac=&date=Nov+27%2C+2005&author=David+Luban&desc=Torture%2C+American-Style%3B+This+Debate+Comes+Down+to+Words+vs.+Deeds