المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العثمانيون والبلاد العربية: فتح أم احتلال؟



Amerhannini
05/10/2008, 11:41 PM
الوثائق العثمانية تقول: نعم، المشرق العربي رحّب بالعثمانيين

هل رحّب العرب بالحكم العثماني؟ هل قاوموه؟ كيف نظروا إليه؟ هل أبغضوه؟ هل أحبوه؟ كيف كانت رؤية العرب للعثمانيين؟ غزاة؟ّ! فاتحين؟ منقذين؟! مستعمرين؟ هل كانت الرؤية العربية لهم مثل رؤيتهم للفرنسيين عندما دخلوا مصر؟ أم للفاطميين عندما حكموا البلاد المصرية؟! أم للصليبيين وقت أن أسسوا كيانا ً في بلاد الشام، قام وانتهى؟ أهي مختلفة عن هذا وذاك؟

كل هذا وغيره يثار في مؤتمرات علمية ودولية، وفي ندوات علمية محلية، وفي المجلات بمختلف جمهورها، بل وفي الصحف كذلك.

وأذكر هنا، أن ندوة من ندوات التاريخ بإحدى الجامعات المصرية، كانت تناقش- فيما تناقشه- مدى الشعور الشعبي العربي في استقبال الحاكم العثماني، وقال أحد الأساتذة: إننا نعلم أن المغرب العربي هو الذي رحب بمقدم العثمانيين، وأهل المغرب العربي، هم الذين أرسلوا إلى السلطان سليمان القانوني، سلطان الدولة العثمانية، وثاني الخلفاء العثمانيين، عريضة- نشرها الدكتور عبد الجليل التميمي في المجلة التاريخية المغربية- يحثونه فيها على قبول الدولة العثمانية أن ينضم المغرب العربي إليها، وقال القائل وقتها: لكن المشرق العربي لم يرحب بالعثمانيين، وسأل سؤالا ً استنكاريا ً فقال: هل رحب المشرق العربي بالعثمانيين؟!.
وأقول: نعم! المشرق العربي أيضا ً، رحب بالعثمانيين، مثلما رحب بهم المغرب العربي، وأزيد -هنا- فأقول: إن ترحيب المشرق العربي بالعثمانيين لم يكن قبيل قدوم الحملة العثمانية إلى الشام ومصر، بل قبلها بكثير، عندما أراد الشعب المصري، الانضمام إلى ما اعتبره الوحدة الإسلامية في ظلال دولة قوية تتمسك بالإسلام.

أبدأ مقالي، بعد هذه المقدمة، بأنه كما كان المغرب العربي ينتظر المنقذ له من الظلم الأوروبي وخطر الاعتداء الصليبي من أرض وأرواح وممتلكات وعرض ودين، وتبلورت صورة هذا المنقذ في الدولة العثمانية، فالمشرق العربي أيضا ً كان ينتظر- قبل المغرب العربي- المنقذ له من جبروت الدولة المملوكية وظلمها وتعطيلها الأحكام الشرعية، وكان هذا متمثلا ًفي الدولة العثمانيةـ التي كانت تسعى منذ قيامها، إلى قيام وحدة إسلامية.

قال عبد الله بن رضوان في كتابه " تاريخ مصر" (مخطوط رقم 4971 بمكتبة بايزيد في استانبول): إن علماء مصر -وهم نبض الشعب المصري وممثلوه- يلتقون سرّا ً بكل سفير عثماني يأتي إلى مصر، ويقصون عليه شكواهم من جور الغوري ويقولون له بأن الغوري يخالف الشرع الشريف، ويستنهضون عدالة السلطان العثماني لكي يأتي ويأخذ مصر.

وقال يانسكي في كتابه عن السلطان سليم الأول: إن علماء مصر كانوا يراسلون السلطان سليم الأول منذ بداية توليه عرش بلاده، لكي يقدم إلى مصر على رأس جيشه، ليستولي عليها، ويطرد منها الجراكسة (المماليك).

أما عن الجانب الشامي من المشرق العربي، فإننا نرى ترحيب الشعب السوري هناك بمقدم العثمانيين، قبل قدومهم الفعلي، وعلى سبيل المثال، كان الغوري قد تحرك من مصر - بجيوشه- إلى الشام لملاقاة العثمانيين، وعند دخوله إلى حلب، فوجئ الغوري وجيوشه بأن الأهالي هناك لقنوا أطفالهم صيحة: ( ينصرك الله العظيم يا سلطان سليم).

وفي حلب أيضا ً، اجتمع العلماء والقضاة والأعيان والأشراف وأهل الرأي مع الشعب، وتباحثوا في حالهم، ثم قرروا أن يتولى قضاة المذاهب الأربعة والأشراف كتابة عريضة نيابة عن الجميع، يخاطبون فيها السلطان العثماني سليم الأول، ويقولون: إن الشعب السوري ضاق بالظلم المملوكي، وإن حكام المماليك يخالفون الشرع الشريف، وإن السلطان إذا قرر الزحف على السلطنة المملوكية، فإن الشعب سيرحب به، وتعبيرا ً عن فرحته، سيخرج بجميع فئاته وطوائفه إلى عينتاب البعيدة عن حلب ولن يكتفوا بالترحيب به في بلادهم فقط ، ويطلبون من السلطان سليم الأول أن يرسل لهم رسولا ً من عنده، وزيرا ً ثقة يقابلهم سرا ً، ويعطيهم عهد الأمان، حتى تطمئن قلوب الناس.

هذه العريضة موجودة محفوظة، في الأرشيف العثماني في متحف طوب كابي في استانبول، رقم 11634 (26). ونظرا ً لأن الذين كتبوها لم يكونوا فيما يبدو على دراية كافية باللغة العثمانية، التي أرادوا أن يخاطبوا بها السلطان العثماني، جاء أسلوبها ضعيفا ً فيه ركاكة، وإننا إذا استثنينا السطور الأولى من هذه العريضة الوثيقة، لأن بها أسماء العلماء والقضاة والأشراف، وإذا بدأنا قراءة هذه الوثيقة العريضة بعد ذلك، نجد أن ترجمتها من العثمانية إلى العربية كما يلي:

" بسم الله الرحمن الرحيم- إلى مولانا السلطان عز نصره...

يقدم جميع أهل حلب: علماء ووجهاء وأعيان وأشراف وأهالي، بدون استثناء طاعتهم وولاءهم- طواعية- لمولانا السلطان عز نصره. وبإذنهم جميعا ً، كتبنا هذه الورقة لترسل إلى الحضرة السلطانية العالية. إن جميع أهل حلب، وهم الموالون لكم، يطلبون من حضرة السلطان عهد الأمان، وإذا تفضلتم بالتصريح لنا بالاطمئنان في طلب الأمان لأرواحنا وأموالنا وعيالنا، فإننا نقبض على الشراكسة، ونسلمهم لكم، أو نطردهم. وجميع أهل حلب مستعدون لمقابلكم واستقبالكم، بمجرد أن تضع أقدامكم في أرض عينتاب، خَلّصنا أيها السلطان من يد الحكم الشركسي، احمنا أيضا ً من يد الكفار، قبل حضور التركمان، وليعلم مولانا السلطان، أن الشريعة الإسلامية، لا تأخذ مجراها، هنا، وهي معطلة. إن المماليك إذا أعجبهم أي شيء ليس لهم، يستولون عليه، سواء كان هذا الشيء مالا ً أونساء أو عيالا ً، فالرحمة لا تـأخذهم بأحد، وكل منهم ظالم. وطلبوا منا رجلا ً من ثلاثة بيوت، فلم نستجب لطلبهم، فأظهروا لنا العداء، وتحكموا فينا، ونريد قبل أن يذهب التركمان أن يقدم علينا وزير من عندكم أيها السلطان صاحب الدولة، مفوض بمنح الأمان لنا ولأهلينا ولعيالنا، أرسلوا لنا رجلا ً حائزا ً على ثقتكم يأتي سرا ً ويلتقي بنا، يعطينا عهد الأمان، حتى تطمئن قلوب هؤلاء الفقراء، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله أجمعين".

العثمانيون في التاريخ والحضارة، د. محمد حرب عبد الحميد ص 186-187

Amerhannini
05/10/2008, 11:55 PM
وثيقة مهمة تبين أن سكان الجزائر طلبوا الدخول تحت التبعية العثمانية بإرادتهم

الأستاذ الدّكتور أحمد أق گندوز

إن أعداء الإسلام وبصفة خاصة في الغرب يرون أنّ الدولة العثمانية عبارة عن امبراطورية قامت بحدّ السيف ولا مكان لديها لثقافة أو أخلاق ، وهم يعملون على ترويج هذا الفكر، وكم هو مؤلم أن جيلنا جيل الجمهورية قد خدع بهذه المزاعم ، من ذلك مثل كتاب أمين أقطاي الذي يدرّس للأجيال منذ خمسين عاما ، وهو كتاب يقدح في فتوحات محمدالفاتح وشخصية عبد الحميد الثاني الذي أصبحت سياسته اليوم نموذجا في السياسةالداخلية والخارجية .ونحن إلى زمن قريب كنا ننظر إلى الدولة العثمانية كما ينظرإليها البلغار ، بحيث نعتبرها دولة غير مسلمة بل هي امبراطورية استعمارية . ولقدعملنا على نشر هذا الفكر لمدة طويلة ، وآن الأوان لتصحيح هذه المغالطات في تاريخنا.

والدّولة العثمانية ليست امبراطورية قامت بحدّ السيف، ولم تجبرأمّة على الدخول تحت طاعتها ظلما وعدوانا، وإنما هي دولة مسلمة لجأت إليها الشعوب المسلمة وغير المسلمة طالبة الدخول في كنف عدلها برغبتها، واكتسب العثمانيون هذه الخاصية النادرة من خلال رفعهم لراية كلمة الله تعالى. ودولة عاشت أكثر من 600 سنة لا بدّ وأن يكون لديها إيجابيات وسلبيات، ودولة منحها الله هذا العمر المديد فلاشك أن خيرها غالب على شرها، ونستحضر هنا ذلك الدعاء الذي كانت تدعو به بعض المجموعات المسيحية في كنائسها في بلغاريا والذي وجده أيضا أحد أصدقائنا الباحثين في أمريكا في دفتر أصلي تابع لإحدى الكنائس ، ويقول الدعاء " اللهم اجعنا ممن تدخلهم في حمايةالعثمانيين فينعمون بدينهم في أمن وأمان " .

وهذا يؤيّد أن الدولة العثمانية ليست دولة سيف ولا امبراطورية استعمارية وإنما هي دولة مسلمة قلّما يوجد لها نظير،ونذكر هنا جزءا مما كتبه محمد عبده في لائحته التي قدمها إلى السلطان عبد الحميدالثاني " أعتقد أن شروط الإيمان في زماننا هذا هي : أوّلا الإيمان بالله وثانيا الإيمان برسوله وثالثا الإيمان بضرورة بقاء الدّولة العثمانية، ذلك أنّه إذا سقطت هذه الدولة فلا عاصم بعد ذلك للمسلمين9

I – انضمام مناطق شمال افريقيا وبصفة خاصة الجزائر إلىالدّولة العثمانية

نريدأن نقدم مثالا حيّا كدليل على ما ذكرناه سابقا وكما هو معلوم فإن مناطق شمال إفريقيا باستثناء مصر يطلق عليها منطقة المغرب: وكلمة المغرب تعني الغرب. ويقسم المؤرخون بلاد المغرب إلى ثلاثة أقسام، المغرب الأقصى وهي المنطقة التي توجد فيهادولة المغرب، والمغرب الأوسط وتوجد فيها الجزائر ثم المغرب الأدنى التي توجد فيهاحاليا تونس وجزء من ليبيا ، ويطلق على السكان الأصليين لمنطقة المغرب " البربر "، ويصفهم علماء الأنثروبولوجيا والإجتماع بأنهم قوم يتمسّكون تمسّكا شديدا بعاداتهم وأعرافهم، ولهم طبع غليظ ومزاج حادّ، والذي شدنا بالدرجة الأولى هو تأثر السكان بالدين والحضارة . 10

عاش البربر قبل دخولهم الإسلام في عهد الدولة الأموية ما يقارب 400 عام تحت الاستبداد الرّوماني، ومايلفت الانتباه أن هؤلاء البربر بقواعلى معتقدات أجدادهم الباطلة ولم يدخل منهم في المسيحية سوى 20% ولم يبق من آثارالحضارة الرومانية سوى بعض آثار القلاع الخربة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، ودخل الأسلام إلى شمال افرقيا في عهد عمر بن الخطاب، ومايدعو إلى الحيرة هو أنّ هؤلاء البربر ذوي الطبع الخشن والمزاج الحادّ قد دخل منهم إلى الإسلام 80% في فترة لا تتجاوز الخمسين عاما، ونسبة المسلمين الآن في بلاد المغرب هي حوالي 90%، ولم يكتف البربر بدخولهم إلى الإسلام فحسب بل توحّدوا مع العرب وشكّلوا عرقا واحدا وجعلوااللغة العربية هي اللغة الأصلية بدل لسانهم المحلّي. وهكذا صاغ الإسلام من هذه المعادن الصّلبة أمّة عظيمة أسست دولا مسلمة مثل دولة الموحّدين والأدارسة والمرابطين .

II- الحكم العثماني في دول المغرب والخطاب الذي كتبه أهل الجزائر إلى السّلطان ياووز

لم تستسغ روما انتقال البربر إلى الإسلام فكانت تتحرّش بهم باستمرار وتفتعل المشاكل، وبسبب هذه الإختلافات الداخلية ضعفت هذه الدول وهو ما شكل فرصة للفرنسيين والإسبان والإيطاليين للتدخل في هذه المناطق. وفي الربع الأول من القرن السادس عشر وقعت بلادالمغرب من جديد تحت الخطر المسيحي، وانهارت الدول التي تأسست فيها. وفي فترة الفاتح جاء أوروج رئيس وخضر رئيس إلى هذه المنطقة واستقرّا فيها، وفي فترة قصيرة من الزمن استطاع الإخوان التّصدي للخطر المسيحي وإذابة الخلافات الداخلية .

وقد كان المسلمون في الجزائر يعلمون جيدا أنّ أوربا كانت تسعى بشكل حثيث إلى تمزيق مسلمي المغرب، وتيقن الإخوان أوروج وخضر أنّ الحلّ يكمن في الدعوة إلى توحيدهم في وجه هذاالخطر، فكتبوا خطابا إلى السلطان العثماني ياووز سليم ، ويمكن تلخيص الخطاب في جملةواحدة ، " نحن نريد أن نكون ولاية تابعة للدولة العثمانية، ونطلب أن تعيّنوا عليناخضر رئيس واليا".11

"المكتوب الوارد من قاضي الجزائر وخطيبها وفقهائها وأئمتها وتجارها وأمنائها وعامة أهلها.

بعد الدعاء لمقام السلطان العالي بالنصر والسعادة والهداية إلى العمل الصالح أكتب إليكم عن الأحداث الواقعة في مدينةالجزائر .

إن مقامكم العظيم له من الحظوة القصوى والإحترام الرفيع عندنا خصوصا بعدما ذاع صيتكم وذُكرت أيّامكم ، ونحن نشعر بالفخر والإعتزاز معلنين ولاءنا لكم انطلاقا من ثقتنا العالية بكم وهذا هو شعورنا سواء كان ظاهرا أم باطنا، وننتظرأوامركم السامية لنا، وكونوا مطمئنين أننا لا نشعر تجاهكم إلا بالتوقير والتعظيم، ومتمنين لمقامكم الشريف العزة والسّؤدد، وموقفنا هذا نابع من عاداتنا وتقاليدنا فيتبجيل كافة المؤمنين من أولياء الله المؤيّدين بنصره والمظفرين في إلحاق الهزيمة بالكفار كما وردت لنا الأنباء بذلك ، ونفصل إليكم الوضع على النحوالتالي:

بعد أن استولت الطائفة الطاغية على الأندلس انتقل شرّها إلى قلعة وهران ومن ثم خططت للإستيلاء على سائر البلاد وحصلت على موطئ قدم في بجاية وطرابلس أما مدينتنا الجزائر فقد بقيت بعيدة عن دينهم ولكنها أصبحت كالغريب وسط هؤلاء، وضيق علينا أهل الكفر من كل جانب وماكان منّا إلا أن استنفرنا كافة جهودنا ولجأنا إلىالله الناصر المعين، ولكنّنا قمنا بدراسة الموقف من عدة وجوه خصوصا بعد أن طلبت الطائفة الطاغية منا أن ندخل تحت ذمّتها، وقد اضطررنا أن نقبل الصلح مع الكفار بعداشتداد وطأة المحنة علينا وخوفنا على أنفسنا وعلى حريمنا وأولادنا من السبي وأموالنا من السلب ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

بعد هذه الضائقة جاءالكفار واستولوا على وهران وبجاية وطرابلس، ومن ثمّ قصدوا إلينا بسفنهم للاستيلاء على مدينتنا وايقاعنا في حبائل أسرهم وتفريق شملنا، إلا أن قدوم أوروج بك مع نفر من المجاهدين في سبيل الله وحماة أهل الدين والمسلمين غيّرالأمر، وقد فرحنا بقدومه واستقبلناه بكل إكرام خصوصا أن هذا المدد قد حررنا من عقدة الخوف بفضل الله تعالى ، وكان المشار إليه أوروج بك قد قدم على باجة إحدى المدن التونسية قبل قدومه إلينا ، وقصده من ذلك تحريرها من دنس الكفار ودعم إخوانناالمسلمين فيها، وقام بمحاصرة قلعتها بمعاونة المجاهد الفقيه الصالح أبو العباس أحمدبن القاضي، وقاما بتوجيه ضربات ساحقة للكفار عن طريق هدم القلعة وبثّ الخوف في صفوف الأعداء، وهكذا استطاعا الدخول إلى القلعة على مرأى من الكفّار، وكانت هناك مجموعة من المجاهدين استطاعت أن تسيطر على أحد أبراج القلعة وهكذا دخلوها عنوة، وقد فر ّ بعض الكفار والبعض الآخر قتل في انتظار نار جهنم التي أعدها الله للكفار. وقد قاتل المجاهدون ضد الكفار قتالا عظيما وأبدوا مشاهد مثيرة من البسالة والإقدام ليلا ونهارا من شروق الشمس حتى غروبها .

وقد قدم إلينا المشار إليه أوروج بك في قلة من أصحابه ليكونوا عونا لنا في قتالنا ضد أعداء الدّين وهذا هو السبب بالذات الذي حررنا من عقدة الخوف من الأعداء .

وقد نال المشار إليه أوروج بك مرتبة الشهادة في معركة تلمسان وحل محله في قيادة المجاهدين شقيقه أبو التّقى خير الدين،وكان خير خلف لأننا لم نعهده إلاّ متبعا للشرع الشريف وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ولم يثبت عليه إلا التّعظيم لمقامكم ودأبه على الجهاد لإعلاء كلمة الله،وبذلك نال محبة الجميع واحترامهم ، وكيف لا ينالها وهو أتى بقلب سليم ونية صادقة للجهاد في سبيل الله . مقدما عليه بكل بسالة وإقدام، مضحيا براحته منفذا لأمر الله تعالى بالجهاد ومنطلقا من عقيدة إيمانية كأنها كوكب وهاج .

وأودأن أعلمكم أن خير الدين قد نوى زيارتكم إلا أن أعيان البلدة المذكورة قد رجوه بالتخلي عن فكرة الزيارة حاليا لعدم زوال خطر النصارى الكفار، وبدلا منه اتفقنا على ارسال العالم الفقيه سيد أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد وأرسلناه إلى حضرتكم فعلا، ويحمل منا رسالة ولاء لمقامكم الرفيع، واعلم ياسيدي أن اقليم بجاية وأهالي الشرق والغرب في خدمتكم ، وأن ما حدث في هذه الديار قد تم شرحه لكم في هذه الرسالة.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتب في أوائل شهر ذي القعدة من عام 925.

وقد تم إرسال رسالة أخرى من قبل عبيد الله المنزوي والمعتكف في الجامع الأعظم في الجزائر وخادمه محمد بن منصور الحلبي وقد شرحا في هذه الرّسالة مدى ضخامة المحن والمشكلات التي صادفوها قبل وصول خير الدين حتى أشرفا على الهلاك . وترجم المكتوب الخاص بأهالي الجزائر من قبل خير الدين شقيق المرحوم أوروج بك.

وتبعا لهذا فقد وقع تعيين خير الدين باشا واليا على الجزائر ، وهذا هوالشاهد الحقيقي على كيفية فتح الجزائر وتونس، وهذه الحقيقة جعلتهما ينعمان بالحمايةالعثمانية. وعندما انسلخا عن الدولة العثمانية تناهشتها أوروبا، ولا أحد يجهل ماصنعت يد الفرنسيين بوحشية في الجزائر في القرن العشرين .

ونريد أن نذكر هناأنّه برغم ماذكرناه من حقائق فإن الأوروبيين اليوم يحرصون على الادعاء بأن العثمانيين دخلوا تلك البلاد عنوة وظلما ينظرون إلى البربر على أنهم مازالوا مسيحيين أو وثنيين .

وفي مؤتمر علمي نظم في روما في عام 1988 قدم الأستاذالدكتور خليل جين هذه الوثيقة ، فأثارت دهشة الحضور من الجزائريين والإيطاليين والغربيين بصورة عامة وقد اقتنع بها العلماء الإيطاليون كما اقتنع بهذه الوثيقةالأستاذ الدكتور ماء العينين عضو الديوان الملكي عندما التقيت به في موسم الحج لعام1989 وقد قدمت له ملخّصا عن هذه الوثيقة، وبعد أن أوضح بأنه يملك في أرشيفه الخاص وثائق مشابهة قال " إنّه ليست دول المغرب فقط تعيش في هذا القلق وإنما العالم الإسلامي كله يعاني منه، فمتى ينهضون لنصرة المسلمينن حتى نسعد نحن أيضا " ، ونحن نتساءل " إلى متى أيها الجيل الجديد، إلى متى ياأحفاد أجدادنا العظام ...؟ ".

وتجيب قلوبنا " إنه قريب " فهل أنتم تشاركوننا أيها القراء الكرام، وهل أنتم أيضا ترفعون أيديكم بالدّعاء معنا؟
--------------------------------------------------------------------------------

9 -İslam Ansiklopedisi, Berberiler Maddesi; Başbakanlık Osmanlı Arşivi,YEE;Akgündüz,Belgeler Gerçekleri Konuşuyor(1),İstanbul, sh.162vd.
10 -İslam Ansiklopedisi, Berberiler Maddesi; Şemseddin Sami Kamus’ül-A’lam,Berberi Maddesi
11 -Krş. Uzunçarşılı İsmail Hakkı,Osmanlı Tarihi,c.II,sh.364 vd.

ملاحظة: الرابط الأصلي لهذه المقالة باللغة العربية هو www.osmanli.org.tr/arabic/articles وهو منذ فترة ليست بوجيزة لا يعمل نظرا ً لاقتصار الموقع الآن على المقالات باللغتين التركية والإنكليزية، وهذا المقال احتفظت به منذ فترة طويلة ولم يطرأ على فحواه أي تغيير، والله على ما أقول شهيد.

Amerhannini
07/10/2008, 03:42 PM
وفي 23 أغسطس عام 1514م حدثت موقعة جالديران فانتصر سليم وهزم الشاه إسماعيل. وكانت المعركة شديدة حتى أن الشاه الصفوي إسماعيل هرب فرارا ً بحياته تاركا ً تاجه وعرشه وزوجته في ميدان المعركة. ودخل سليم العاصمة الإيرانية وقتها وكانت تبريز.

وعندما كان سليم في طريق عودته إلى استانبول ضم إلى دولته أراضي ذي القادر لأن حاكمها علاء الدين التابع لدولة المماليك قد رفض مساعدة سليم عندما كان هذا في طريقه إلى إيران، مما جعل الدولة المملوكية في الشام ومصر تتوتر وتأخذ حذرها من العثمانيين. وقام بين الدولتين عداء ساعد فيه الاتفاق بين دولة المماليك في مصر والشام وبين الصفويين في إيران ضدّ العثمانيين. وزاد الأمر تعقيدا ً عثور المخابرات العثمانية على خطاب تحالف سري يؤكد العلاقة الخفية بين المماليك والفرس. والخطاب محفوظ الآن في أرشيف متحف طوب قابو في إستانبول.

ولما كان سليم يريد إعادة الكرة على إيران مرة أخرىـ فإنه رأى الحرب مع المماليك وسيلة لتأمين ظهر القوات العثمانية في حربها مع الفرس. والتقى الجمعان: العثمانيون بقيادة سليم، والمماليك بقيادة قانصو الغوري على مشارف حلب في مرج دابق عام 1517م وانتصر العثمانيون وقُتل الغوري، لكن العثمانيين أكرموا الغوري بعد مماته فأقاموا عليه صلاة الجنازة ودفنوه في مشارف حلب ودخل سليم حلب ثم دمشق ودُعِي له في الجوامع وسُكَّت باسمه النقود سلطانا ً وخليفة ً. ومن سوريا أرسل إلى طومانباي في مصر رسالة يعرض عليه فيها حقن الدماء بشرط أن تكون غزة ومصر تابعة لطومانباي على أن يدفع خراجا ً سنويا ً ويكون تابعا ً للدولة العثمانية. لكن المماليك قتلوا رسول سليم بعد أن سخروا منه، فكان لا بدّ من الحرب مع صعوبة اجتياز صحراء فلسطين بليلها الشديد البرودة. لكن سليم قد عزم على الحرب وتحرَّك لها ولبس الفرو حماية له من ليل الصحراء في فلسطين. وقد يزول الآن عجب هؤلاء الذين يرون صورة سليم وهو في حملته على مصر وقد ارتدى الفرو قائلين أن البلاد حارّة وألا َّ سبب لارتدائه، لكن العجب هو نزول المطر على أماكن سير الحملة وهو نادر الحدوث مما يسّر اجتياز الجيش العثماني للصحراء الناعمة الرمال بعد أن جعلتها الأمطار الغزيرة متماسكة يَسْهل اجتيازها.

يروي سلاحشور صاحب مخطوطة فتح نامه ديار العرب وكان مصاحبا ً لسليم أن سليم الأول كان يبكي في مسجد الصخرة بالقدس بكاءً حارا ً وصلّى صلاة الحاجة داعيا ً الله أن يفتح عليه مصر.

وانتصر العثمانيون على المماليك في معركة غزة ثم معركة الريدانية.

يردد كثير من المؤرخين أن انتصار العثمانيين مردّه إلى استخدام جيوشهم للبنادق بعكس المماليك الذين اعتمدوا على استخدام السيف والفروسية. وهذا قول مجانب للحقيقة التاريخية، فقد كان لدى المماليك سلاح البندقية وكان عندهم مدافع أوروبيّة وخبراء عسكريون أوروبيون وكانت استراتيجية طومانباي في معركة الريدانية تقوم على استخدام المدفعيّة.

تعود الأسباب التي أدّت إلى هزيمة المماليك وانتهاء دولتهم وانتصار العثمانيين وعلو نجمهم إلى:

1- التفوق التكنولوجي لدى العثمانيين: فسلاح المدفعية المملوكي كان يعتمد على مدافع ضخمة ثابتة لا تتحرك، في حين كان سلاح المدفعيّة العثماني يعتمد على مدافع خفيفة يمكن تحريكها في كل الاتجاهات.

2- سلامة الخطط العسكرية العثمانية: فرغم قطع العثمانيين لمسافات طويلة في سرعة اضطروا إليها ومحاربتهم في أرض يسيطر عليها عدوهم ومباغتتهم للماليك، كل ذلك كان مما يدخل في عوامل النصر. ومن سلامة التخطيط أيضا ً استدارة القوات العثمانية من خلف مدفع المماليك الثقيلة الحركة إذا أريد تحريكها ودخول هذه القوات العثمانية القاهرة عن طريق المقطّم مما شل دور المدفعية المملوكية وأحدث بالتالي الاضطراب في صفوف الجيش المملوكي لتدافعهم بلا انتظام خلف العثمانيين.

3- معنويات الجيش العثماني العالية وانخفاض هذه لدى المماليك.

4- النظام الاجتماعي الثابت العادل في الدولة العثمانية، واضطراب هذا النظام وظلمه في دولة المماليك.

ودخل سليم القاهرة ونودي به سلطانا ً خليفة خادما ً للحرمين الشريفين، بعد أن تسلّم مفاتيح مكة والمدينة وكان سليم كريما ً مع ابن أمير مكة الذي قابله في القاهرة، كريما ً مع أهل الحجاز، فقد أرسله معززا ً مكرما ً إلى مكة وأرسل معه الخيرات الكثيرة لأهل المدينتين المقدستين مكة المكرّمة والمدينة المنورة.

وفي مصر، أعاد سليم تنظيم البلاد وأصدر قانون نامه مصر لتنظيم مصر ولتدار به.

وعاد سليم إلى استانبول بعد أن اتسعت رقعة الدولة العثمانية وتوحدت تحت رايتها البلاد العربيّة. عاد ليجد الشيعة وقد أشعلوا فتنة أخرى ليلهوه بها عن التصدّي لهم. وجد تمرّدا ً قام برياسته من يدعى جلال اليوزغادي وهو شيعي علوي ادّعى المهدية وجمع حوله 20000 شخص وفرض الخراج على منطقة طوقاد في الأناضول، وكانت فتنة شديدة، وكانت عام 1519م. وأرسل إليهم سليم، قائدا ً عثمانيا ً شجاعا ً هو: شهسوار أوغلو علي بك فقام بإخماد التمرّد وقتل المهدي هذا، وأعاد السكون إلى المنطقة.

وفي عام 1520م ومن جرّاء خُرّاج صغير ظهر في ظهره مات سليم بعد أن أخمد الفتن وأدّب الصفويين وأمّن الأمن الداخليّ ومهّد للوحدة الإسلامية وأفسح الطريق لابنه و يسّره لغزو أوروبا مطمئنا ً.



العثمانيون في التاريخ والحضارة، د.محمد حرب عبد الحميد، ص 30،31،32.

أشرف صالح المؤرخ الصغير
07/10/2008, 10:45 PM
أصدقائى الأعزاء

قبل أن أدخل فى صلب الموضوع وهل هو فتح ام إحتلال ؟ وما الفرق بينهما ؟

أود أن أشارككم تذكر هذه الصفحات من التاريخ الإسلامى ذات الصلة بموضوعنا فى عرض بانورامى سريع حتى لاننسى :


- أول لقاء كان بين المسلمين وبين الروم كان في غزوة مؤتة ،في السنة الثامنة من الهجرة .

- ثم جائت بعدها غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة.

- ثم تتابعت جيوش المسلمين على الشام في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ،حتى تم إخراج هرقل من أرض الشام.

- هرب هرقل إلى القسطنطينية في السنة الخامسة عشرة من الهجرة ،وفي ذلك الوقت ذُكر المسلمون المقاتلون عند هرقل ووصفوا بأنهم فرسان بالنهار ،عباد بالليل ،ما يأكلون في ذمتهم إلا بثمن، ولا يدخلون إلا بسلام ،يقفون على من حاربهم حتى يأتوا إليه ،فقال هرقل للقائل :

" لئن صدقت فيما تقول ليرثُن ما تحت قدمي هاتين"!

- كان النبى صلى الله عليه وسلم قد علم بأن فتح القسطنطينية هو مفتاح دخول المسلمين إلى أوربا الشرقية وبداية سقوط الكنيسة الشرقية والتي كانت القسطنطينية هي عاصمتها ،لذلك كانت بشرى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والحاكم بإسناد صحيح حسن:

((لتُفتحن القسطنطنية فلنعم الأمير أميرها ،ولنعم الجيش ذلك الجيش)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- آمن خلفاء الدولة العثمانية بهذه النبوءة من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وصدقوا هذه البشارة ثم ماذا ؟؟؟؟

- بدأ الخلفاء العثمانيون على الفور- وبفهمهم الصحيح لمعنى البشرى وضرورة الأمر " أعدوا " - بالعمل على تحقيقها وسخروا من الأسباب ما يستطيعون ،فنصبوا المدافع وأقاموا القلاع الهائلة ،على جانبي خليج البسفور ،وقدموا في سبيل هذا الفتح الكثير من الأموال والرجال للأعمال العسكرية.

- عندما انتهى السلطان محمد الفاتح من بناء قلعة – رومنى – على الجانب الأوربي من تركيا ،خرج بعض جنوده للتفرج على مدينة القسطنطينية فحدث بينهم وبين سكان تلك المدينة بعض الاحتكاكات والمناوشات تطورت إلى إلى بعض الشغب.

- أمر السلطان محمد الفاتح بإبعاد البيزنطيين الذين يسكنون بجوار أسوار المدينة ،خصوصاً وأنه كان ينوي فتح القسطنطينية ،وكان يعد العدة لذلك ، وحرصا على السرية فإنه لم يكن يريد أن يطلع من يسكن بجوار المدينة على هذا الإعدادات.

- سمع أمير بيزنطه بهذا الأمر فأمر بإخلاء كل القرى المجاورة وسحب سكانها إلى داخل مدينة القسطنطينية وأحكم إغلاق أبواب المدينة .

- كان هذا بداية الاحتكاك بين العثمانيين المسلمين من جهة والمسيحيين البيزنطيين من جهة أخرى ،فأدى هذا الاحتكاك ،إلى طلب الإمبراطور المساعدة من جيرانه من الدول المسيحية وكانت دولة الفاتيكان من أقوى الدول في ذلك الوقت وكان المسيحيون يستنجدون أول ما يستنجدون بالفاتيكان، فيسخر الفاتيكان الأموال ،ويحرض أمراء الدول المسيحية على نجدة إخوانهـم في الدين المسيحى !!!!

- حاصر العثمانيون القسطنطينية براً وبحراً واستطاعوا بخطة عسكرية بارعة - يشهد لها التاريخ حتى اليوم - نقل السفن من المضيق حتى الجانب الثاني ،حتى وصلوا إلى أسوار المدينة.

- بدأ الفتح الإسلامي للقسطنطينية عام 857هـ بعد صلاة الفجر و كان الذى يقود هذا الهجوم الشامل هو السلطان محمد بن الفاتح بنفسه وكان هذا هو دأب السلاطين فكانوا يحرصون على الجهاد في سبيل الله فى مقدمة الصفوف كحرص "غيرهم " على بقائهم فى مناصبهم طول حياتهم بخير وسلام وبعيدا عن الحروب والكفاح ووجع الدماغ!!!!

- اندفعت المجاهدون الفاتحون إلى الدخول داخل المدينة من فتحة صغيرة في السور أحدثتها المدافع الكبيرة التي جهزها العثمانيون المسلمون لهذا الأمر.

- رفع العلم العثماني الإسلامى على أسوار المدينة بيد أحد الأمراء - يسمى ولي الدين سليمان - وقد أستشهد وهو يدافع عن ذلك العلم كي لا يسقط .!!!

- وعندما قتل ذلك الأمير هب ثمانية عشر رجلاً ليقيموا ذلك العلم ثم فتحت أبواب المدينة بعد ذلك بالكامل، ووصل الأسطول الإسلامي إلى المدينة فدخله فاتحاً بنصر من الله .

- هرب الجنود البيزنطيون والمسيحيون البيزنطيون، ودخل الخليفة فاتحاً على صهوة جواده وأول شيء فعله أن نزل وسجد شكراً لله على ذلك الفتح ،وعلى تحقيق نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم على يديه

ثم توجه إلى أهل القسطنطينية المسيحيين المرعوبين وهم فى إنتظار القتل والسحل والتمثيل بجثثهم - كما كان يفعل المسيحيون عادة فى حروبهم الصليبية مع المسلمين واليهود والوثنيين -

ولكن سلطان المسلمين (الذى هو نعم الأمير ) وقف وقال كلمته المشهورة والتي سجلها له التاريخ :


"أقول لكم ولجميع إخوانكم ولكل الموجودين هنا أنكم منذ اليوم أنتم في أمان في أموالكم وأعراضكم وحرياتكم "

((((لاحظ معى من فضلك أن النبى صلى الله صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة فاتحاً وقد طردته قريش وحاربته قال لهم عليه الصلاة والسلام: ((ماذا تظنوني أني فاعل بكم: قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء)). ))))

- هذا " الفتح " كان بداية دخول المسلمين إلى أوربا من جانبها الشرقي لأول مرة ،وكان هذا تقريباً قبل خمسمائة وخمسين عاماً ولأول مرة يتجاوز المسلمون الفاصل المائي الطبيعي الذي يفصل آسيا عن أوربا من جانبها الشرقي.

- بدأ المسلمون بالتوسع في أوربا الشرقية حتى وصلوا إلى ما يسمى الآن – فيينا – عاصمة النمسا، ولا تزال هذه المواقع التي وقف عليها العثمانيون وهم يشرفون على مدينة فيينا موجودة حتى اليوم.

- هذا التوسع الإسلامي شمل ما يعرف الآن بيوغوسلافيا في عام 755هـ، وشمل كذلك بلاد البشناق والتى تعرف اليوم بالبوسنة والهرسك في عام 867هـ.

- شمل كذلك بلغاريا واليونان ورومانيا وألبانيا وشمل كذلك قبرص والمجر وتشكسلوفاكيا فكل هذه المناطق كانت خاضعة في يوم من الأيام لحكم المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله!!!

- استمر وجود العثمانيين المسلمين في أوربا الشرقية 625 سنة والمدهش هنا أن معظمنا لا يعرف أن زمن وجودنا فى أوربا الشرقية كان أكبر من زمن وجودنا في الأندلس (حوالى 600 سنة) ..........!!!!!!!!!!!!!.

- انتهى هذا الوجود بسقوط الدولة العثمانية عام 1923م أي قبل ثمانين عاما فقط .

وثمانون عاما فى تاريخ البشرية هى كعشرة نانو ثانية فى حياة الإنسان فقد حضر أجدادنا هذا التاريخ أما نحن نحن الأحفاد فنستقبل هذه النكبات والمصائب ويضيع هذا المجد كله في هذه الفترة القصيرة جداً ! ! ثمانون عاما فقط ....تأمل ...ثم تأمل !

- وكان بداية التراجع العثماني قد سبق هذه الفترة وبدأ في أوائل القرن السابع عشر الميلادي عندما تقهقر المسلمون أول ما تقهقروا من تشكسلوفاكيا والمجر ويوغوسلافيا.

- ثم كانت الحرب العالمية الأولى والتي شهدت هزيمة الحلفاء بما فيها الدولة العثمانية ،واحتلت القوات الأوربية المنتصرة "اسطنبول " كما سماها الأتراك عام 1918م .

- خرج المسلمون من تلك البلاد كحكام لتلك البلاد ،لكنهم تركوا خلفهم أعداداً غير قليلة من المسلمين .

- تركوا ألبانيا وغالبية أهلها من المسلمين ،تركوا في يوغسلافيا نسبة غير قليلة من المسلمين ،وكذلك في بلغاريا والمجر ،واستمر الوجود الإسلامي في بلاد أوربا الشرقية حتى يومنا هذا.

- أما تركة الدولة العثمانية فإنها قسمت إلى دويلات صغيرة ورسمت لها الحدود الجغرافية ،ووضع عليها حكام يوالون الغرب وجارى تنفيذ المخطط لتحويلها إلى هوية الشرق الأوسط الكبير حتى تضيع الهوية الإسلامية تماما ...ولا حول ولا قوة إلا بالله.

- أما لماذا حدث ماحدث ؟؟؟؟

فالتفسير عندى بسيط وواضح وسهل وهو تفسير دينى عقلانى تؤيده القراءة الواعية للتاريخ وهو ملخص فى العبارة التالية :

عندما تتحول الحروب الإسلامية من " غزو وجهاد " إلى
" إحتلال وتملك " فكيف نجرؤ على ان نتسائل .....أين نصر الله ؟؟؟؟؟ كيف ونحن حتى لم نأخذ بالأسباب .... فعندما يكون هناك لا دين ولا سبب فبالقطع ......النتيجة مأساوية على أحسن الإفتراضات.



أرجو أن تكون الإجابة واضحة على السؤال...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــ

والآن نأتى إلى الفرق بين الفتح والغزو والإحتلال:

ومع خالص إعجابى بمجهود وعلم أختنا العزيزة لايت هاوس

فاللغة كائن حى يتنفس ويتغذى وينمو ويتفاعل وعلى هذا فإن القواميس لا تنفع وحدها فى تفسير كلمات لها بعد متجدد دوما ( أعمق وأشمل وأبعد ) حيث أنها جاءت ككلمات لرب العزة أو كلمات لنبيه الموحى إليه الذى أوتى جوامع الكلم.


فقد جاء القرآن العظيم ثم الحديث النبوى الجامع بمعانى وتركيبات جديدة للغة العربية ليست كالمعانى التى تعارف عليها العرب ولكنها مشتقة منها إشتقاقا أكسبها أبعادا ومعانى أخرى لم ترد على بال ولكنها كانت فى منتهى الغنى والثراء والدقة والتجدد حيث أن معناها هنا ليس لغوى فقط ولكنه معانى تستولد من معانى من معين لا ينضب.

ومن هذه الكلمات : الفتح والغزو

فالفتح فى القواميس " الإسلامية " أى بالمعنى الإلهى هو نصر محسوم مسبقا ببشرى من الله وما على المسلمين إلا الأخذ بالأسباب لتحقيقه ولكنه فى النهاية بشرى ومنه من الله لعباده.

وهو أيضا تغيير لحالة الأرض التى تم فتحها من السيئ إلى الأفضل.

تأملوا معى الآيات التالية - كأمثلة على تفسيرى - من القرآن :

" الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ
نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ
عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ".

" فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ
يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ
مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ "

" إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ
وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ
فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ"

"إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا"

" لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا "

" إذا جاء نصر الله والفتح "

وتأملوا - من فضلكم أيضا أحاديث النبى فى الفتح :

في صحيح البخاري عن عوف بن مالك رضي الله عنه ،قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم فقال:

((أُعدد ستاً بين يدي الساعة ،موتي ثم فتح بيت المقدس ،ثم موتان يأخذ فيكم كقعاصي الغنم ثم استفاضة في المال ،حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ،ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ،ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر- يعني الروم – فيغدرون ،فيأتوكم تحت ثمانين غاية، – ومعنى الغاية هنا الراية – تحت كل غاية اثنى عشر ألفا)).


في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والحاكم:

((لتُفتحن القسطنطنية فلنعم الأمير أميرها ،ولنعم الجيش ذلك الجيش))

في الحديث الصحيح: ((تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ،ثم فارس فيفتحها الله ،ثم تغزون الروم فيفتحها الله ،ثم تغزون الدجال فيفتحه الله. قال نافع: يا جابر لا نُرى الدجال يخرج حتى تُفتح الروم)).

.................................................. ......................

أما الغزو فى القاموس الإسلامى فهو يعنى الجهاد فى سبيل الله بغرض نشر الدين ودون البشرى بالنصر مسبقا إنما هو سجال ومجالدة وقد ينجح وقد يفشل وقد ينتصر المسلمون وقد ينهزمون.

ولذلك تسمى حروب النبى "غزوات" لما فيها من جهاد ومجالدة وصبر على المكاره وشكر عند النصر.

وكمثال من القرآن:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا
ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا
قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ
وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {156} وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ
أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ {157}

وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:

( من لم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ).

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:

" يأتي على الناس زمان، يغزو فئام من الناس. فيقال: لهم فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس. فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس. فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم "
.................................................. .......................

أما الإحتلال :

فلا توجد هذه الكلمة فى القاموس الإسلامى ومن صار محتلا (لغرض من أغراض الدنيا ) بالمعنى المفهوم لدينا الآن عن الكلمة
كان من المفسدين فى الأرض وحقت عليه حدود الحرابة وإن لم يتب ويصلح قبل موته فسيلقى الله وهو عليه غاضب والنار موعده وبئس المهاد ...كما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم.

والله اعلم
نقلاً عن المهندس: محاورات المصريين http://www.egyptiantalks.org

Amerhannini
13/10/2008, 02:58 PM
ما بعد تشالديران .. العثمانيون والمماليك

ازداد النفور بين العثمانيين ومصر، بسبب:

1- لم يبايع جم بن محمد الفاتح أخاه بايزيد الثاني، وجمع جندا ً في كرمان، وداهم بروسّة واحتلها، ولكن السلطان بيازيد الثاني سيَّر له جيشا ً، فانهزم جم وفرَّ وهو جريح، ووصل قونية، ومنها سار مع أتباعه إلى مصر سنة 888هـ/ 1483م، فأكرمه السلطان قايتباي وحماه.

2- لتعدّي المماليك على ولاية ذي القدر التابعة للدولة العثمانية، فأراد السلطان تأديبهم، خصوصا ً وأن جيشا ً عثمانيا ً هُزِم شمال الإسكندرونة، مع تكرّر تجاوز المماليك الحدود، حتى وصلوا في إحدى المرات إلى قيصرية، وأرسل المماليك الأسرى للسلطان العثماني وإبلاغه أنّه لا يسرّهم تحارُب المسلمين بعضهم مع بعض.

3- وفي سنة 920هـ/1514م أعلم الشّاه إسماعيل الصّفوي ملكَ مصر قانصوه الغوري بما مضمونه أن السلطان سليم ذو جبروت، وأن االعثمانيين في نموّ مدهش، ودولة العجم الصّفوية ومصر المماليك مهدّدتان منها.

تحالف قانصوه الغوري سلطان المماليك مع الشّاه إسماعيل الصّفوي لمحاربة الدولة العثمانية، ولما علم الغوري تأهُّب السلطان سليم الأوّل لمحاربته،أرسل إليه رسولا ً يعرض عليه أن يتوسّط بينه وبين العجم لإبرام الصّلح، فلم يقبل، بل طرد السّفير بعد أن أهانه، وسار بجيشه إلى بلاد الشام قاصدا ً مصر.


مرج دابق

استعدّ الغوري لمحاربة سليم الأول، فتقابل الجيشان يوم الأحد 25 رجب 922هـ/24 آب (أغسطس) 1516م شمال حلب، في مرج دابق، وهُزِم الغوري لخيانة بعض أمرائه، وبسس المدفعيّة العثمانيّة، وقُتِل الغوري في أثناء انهزام الجيش، وعمره ثمانون سنة.

سار سليم الأول جنوبا ً بكلّ سهولة، ودخل حماة وحمص ودمشق، وعيّن بها ولاة تابعين له، وقابل من بالمدن من العلماء، وأحسن وفادتهم، وفرّق الإنعامات على المساجد، وأمر بترميم الجامع الأموي بدمشق، ولمّا صلّى السلطان الجمعة به، أضاف الخطيب حينما دعا له عبارة " خادم الحرمين الشريفين" لأوّل مرة، وبقيت حتّى سقوط الدّولة العثمانيّة.


الرِّيدانيّة

انتخب المماليك طومان باي خلفا ً للسلطان قانصوه الغوري لمّا وصلهم خبر موته، وأرسل إلي السلطان سليم الأول يعرض عليه الصّلح، بشرط اعترافه بسيادة العثمانيين على مصر، فلم يقبل، واستعدّ لملاقاة جيش العثمانيين، ولكن العثمانيين دخلوا غزّة، وهزموا مقدّمة جيش المماليك، وساروا نحو القاهرة، حتى وصلوا بالقرب منها، وفي 29 ذي الحجّة سنة 922هـ/ 22 كانون الثاني (يناير) 1517م بدأت المعركة الحاسمة التي عُرفت بالرِّيدانيّة، وفي أثناء القتال قصد طومان باي وبعض الشّجعان مركز السلطان سليم الأول، وقتلوا من حوله، وأسروا وزيره سنان بك وقتله طومان باي بيده ظنّا ً منه أنّه هو السُّلطان سليم الأوّل، ولم تنفع شجاعتهم شيئا ً، بل تغلّب عليهم بمدافعه وبمدافعهم التي استولى عليها زمن الحرب.

وفي 8 المحرّم 923هـ/ 31 كانون الثّاني (يناير) 1517م دخل العثمانيون مدينة القاهرة، على الرّغم من مقاومة المماليك الذين حاربوهم من شارع لآخر، ومن منزل لآخر، حتّى قُتِل منهم ومن أهالي البلد حوالي خمسين ألف نسمة.

ووقع طومان باي بيد العثمانيّين، فشُنِق في 21 ربيع الأول 923هـ/ 13 نيسان (أبريل) 1517م بباب زويلة، وانتهت بذلك دولة المماليك، ولكن بقيت قوّتهم حاضرة في مصر، ولم يقض عليهم نهائيا ً إلا محمد علي باشا سنة 1811م في مذبحة القلعة.

وحضر السلطان سليم الأوّل المحمل الشّريف وقافلة الحجّاج التي ترسل معها الكسوة الشّريفة إلى الأراضي الحجازيّة، وأرسل الصُّرّة المعتاد إرسالها إلى الحرمَين بقصد توزيعها على الفقراء من عهد السّلطان محمد جلبي العثماني.

وممّا جعل لفتح مصر أهميّة تاريخيّة عظمى، أنّ محمد المتوكّل على الله، آخر ذرّيّة الدّولة العباسيّة الذي حضر أجداده إلى مصر بعد سقوط بغداد مقرّ الخلافة العبّاسيّة في قبضة هولاكو سنة 656هـ/ 1258م، كانت له الخلافة بمصر اسميّا ً، تنازل عن حقّه في الخلافة الإسلاميّة إلى السّلطان سليم الأول العثماني، وسلّمه الآثار النّبوية الشريفة، وهي البيرق والسّيف والبردة، وسلّمه أيضا ً مفاتيح الحرمين الشريفين، ومن ذلك التّاريخ صار كلّ سلطان عثماني أميرا ً للمؤمنين، وخليفة على المسلمين اسما ً وفعلا ً.

وأمر السّلطان سليم الأول بقبول أبناء المماليك في الجيش العثماني، وتبقى لهم أموالهم وعقاراتهم بمصر وملحقاتها، كما كانوا، فهم مسلمون.

وفي أوائل أيلول (سبتمبر) 1517م سافر السّلطان سليم الأول من القاهرة عائدا ً إلى القسطنطينيَّة، التي صارت من ذلك الوقت مقرَّ الخلافة الإسلاميّة.

المصدر: تشالديران: سليم الأول العثماني و إسماعيل الصفوي، د.شوقي أبو خليل، سلسلة المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام، ص72 -ص77