المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرياضيات فكر وفن وثقافة



دكتور أحمد سلامة
06/10/2008, 02:20 AM
تعد الرياضيات أساس المعرفة، وعنصر أساسي في تطور مختلف العلوم سواء الطبيعية أو البيولوجية أو الاجتماعية أو الفنية، ولا يوجد مجال في هذا العصر أو في المستقبل المنظور لا يعتمد على الرياضيات، فبالرياضيات شيدت المعابد والأهرامات في مصر، وبنيت الحدائق المعلقة في العراق، وشيدت السفن والأسوار العظيمة في اليونان والصين والهند، وبالرياضيات ظهرت تكنولوجيا الكمبيوتر والاتصالات من بعد، ووجدت السيارات وانطلقت صواريخ الفضاء والأقمار الصناعية، وأمكن فهم أشكال الذرات والكواكب، وصنعت رقائق السليكون، وانطلق البث الرقمي عبر الفضاء، وتحققت إنجازات طبية خيالية لم نكن نحلم بها.
لهذا لا يمكن أن ننكر أنه لولا الرياضيات لما استطاع الإنسان الوصول لأي منجزات حضارية، ونسلم بأن الرياضيات غيرت وجه الحياة عبر التاريخ، وكما وصفها العالم الرياضي الكبير اسحق نيوتن بأنها " ملكة العلوم وخادمتها"، وهي لغة العلوم وعنصر حاكم فيما يجري حاليا وما هو متوقع مستقبلاً.
ولذلك فقد نالت الرياضيات مكانة أساسية في مختلف المراحل التعليمية وبين كافة المقررات الدراسية، فدراسة الرياضيات تسهم في تنمية القدرات العقلية للدارسين، وتكسبهم مهارات رياضية عديدة لازمة لدراسة المواد الأخرى، بالإضافة لما لها من تطبيقات مباشرة في مواقف الحياة اليومية مما يجعل لها أثراً هاماً على الفرد والمجتمع. لذلك كانت أهمية تعليم الرياضيات في المراحل المختلفة والاهتمام بكيفية تعليم وتعلم الفرد، وكيفية إتقانه لاستخدام المهارات الرياضية في حياته اليومية.
ورغم هذا الاهتمام إلا أن كثير من الناس يري الرياضيات شبحاً مخيفاً وأنها غابة من الأشياء المعقدة، لذلك يري كثير من علماء الرياضيات أنها في حاجة إلى ثوب جديد تظهر فيه للناس غير الثوب التقليدي الذي يعزف عنها الطلاب نتيجة شعورهم بعدم جدواها وكونها غابة من الرموز والصياغات المعقدة الجامدة التي يرهقهم منطوقها وأساليب تدريسها وامتحاناتها.
وهذا ما دفع الباحثين في مختلف بلاد العالم إلى البحث والتنقيب عن حلول واقعية لتعديل الميول والاتجاهات السلبية لدي المتعلمين وتطوير مستواهم في الرياضيات، وإظهار الوجه الحقيقي للرياضيات بكونها فن جميل ولغة راقية، وتوصلوا إلى حلول متعددة يتم اختبارها في مجتمعات متنوعة فتثبت نجاحاً في مكان ولا تنجح في مكان آخر.
ومن الحلول المطروحة؛ الاعتماد على مدخل " رياضيات الثقافة المحلية" كأساس لتدريس الرياضيات، ولتكون بمثابة الجسر الذي يعبر عليه المتعلم ليفهم فن الرياضيات ولغتها الراقية ودورها في بناء مستقبله وفهم ذاته ومجتمعه.
حيث يشير أصحاب هذا الاتجاه إلى أن التعليم ينبغي أن يبدأ ببيئة التلميذ وثقافته المحلية لأنها الأساس الذي تبنى عليه تربية المتعلم وهي الدائرة الأولى من دوائر تعلم التلاميذ، ولا يمكن تربية المتعلم دون البدء ببيئته وثقافته المحلية وإجــراء تطبيقات عليها في حدود ما يصادفه المتعلم من مواقف في الوسط الذي يعيش فيه. لأن كل مجتمع يمتلك نوعاً مميزاً من المعرفة، والرياضيات جزء لا يتجزأ من المعرفة ومكون أساسي في ثقافة أي مجتمع، ولا تنفصل الرياضيات عن المجتمع ولغته وقيمه وخبراته لذا أصبحت الرياضيات منتج ثقافي، وبذلك انتهي العصر الفلسفي الذي اعتبر الرياضيات محايدة ثقافياً ودخلنا إلي عصر جديد تم فيه الاعتراف بان الرياضيات منتج ثقافي.
وعلى هذا الأساس توجد أنماط متنوعة من الرياضيات في كل مجتمع. يمكن تقويم ثراءها في سياق بيئة معينة وليس مقارنة بغيرها من الرياضيات في بيئات أخرى، مما أعطى أساساً علمياً لاختلاف الرؤى باختلاف المؤثرات الثقافية.
ويؤمن أصحاب هذا الاتجاه بأن الثقافات تتعدد بتعدد المجتمعات بل إن المجتمع الواحد ذو الثقافة الواحدة يحتوي بداخله ثقافات فرعية متعددة، وحيث أن التربية وليدة الثقافة فينبغي أن يبني المنهج المدرسي من واقع ثقافة المجتمع المحيط، وواقع البيئة المحيطة، وبذلك تتعدد المناهج بتعدد الثقافات الفرعية في ضوء إطار عام شامل يحظ للدولة كيانها وتماسكها وأيضا احترام التنوع الإنساني داخل المجتمع.
وفي ضوء تعدد الثقافات نشأ مدخل " رياضيات الثقافة المحلية وهو من المداخل الحديثة التي تهتم بالخلفية الثقافية للمتعلم وضرورة ربط ما يتعلمه التلميذ ببيئته الثقافية، وهو كفكرة تعليمية تقترح أن يكون محتوى الرياضيات له جذور في الرياضيات المتضمنة في الثقافة
ويرى أصحاب هذا الاتجاه في المجتمعات التي تضم مجموعات عرقية وثقافات فرعية مختلفة، أن أطفال كل مجموعة تتعلم من خلال ثقافتها الأفكار والعمليات الرياضية، وينبغي عدم إهمال هذه الخبرات الرياضية عند تعليمهم مقرر الرياضيات، ولذلك فالنظر إلى عقول الأطفال عند التحاقهم بالمدرسة على أنها صفحة بيضاء، يعتبر خطأ كبيراً، وذلك لأن الخبرة الرياضية التي تعلمها هؤلاء الأطفال عن طريق الحدس يمكن الاستفادة منها عند تعليمهم منهج الرياضيات المدرسية.
ويشير أن رياضيات الثقافة المحلية مجموعة من الأفكار تهتم بتاريخ الرياضيات وجذورها الثقافية وكذلك الرياضيات المتضمنة في الممارسات اليومية؛ بيد أن الاهتمام الرئيسي لرياضيات الثقافة المحلية يعتمد علي تـعريف وتحديد الكفايات الرياضية الموجودة في ثقافة المجتمع وتغيير التفكير في ضوء المنهج إلى التفكير في ضوء تنمية الذات، وبذلك يرتبط المنهج بتحقيق التمكن في الرياضيات.
ورياضيات الثقافة المحلية لا تشير إلى اتجاه في تعليم الرياضيات فحسب، بل إلى الرياضيات المتضمنة في المجموعات الثقافية نفسها والتي يلتقطها الأطفال قبل دخول المدرسة وتشكل جزءاً من خلفيتهم الثقافية.

دكتور أحمد سلامة
14/10/2008, 05:31 PM
اقرأو يأهل العلم ويا زينة الادب

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
14/10/2008, 07:24 PM
الفاضل دكتور احمد سلامة

التخطيط السليم لاي مسألة هو من فنون الرياضيات
والرياضيات كعلم تعتمد اعتمادا اساسيا على المعلم مهما تنوعت سبل التدريس
ومن غير الممكن تعلم ارياضيات كفن يربط الامور بعضها ببعض الا بوجود مدرس فنان هو محب لهذه المهنه وهو محب لهذا العلم
وللحديث بقية
تحية

د. محمد اسحق الريفي
14/10/2008, 08:38 PM
أخي الفاضل الدكتور أحمد سلامة،

أشكرك على هذا الموضوع الرائع، خاصة أنه يتناول قضية مهمة نلمسها جميعا في مجتمعاتنا ونعاني منها، فهناك خلل كبير في عملية تعليم الرياضيات، مما أدى إلى تكوين اتجاهات سلبية لدى الطلاب في المدارس والجامعات، حتى كاد بعض الطلاب ينظر إلى الرياضيات على أنها حائل بينه وبين تكوين مستقبل زاهر باهر.

أعتقد أن هذه المشكلة تكمن في طريقة تدريس الرياضيات ومناهج الرياضيات وعدم القدرة على تعليم اللغة الخاصة بالرياضيات، والتي تعد من أسرار قوة الرياضيات وأيضا من أسباب صعوبة الرياضيات في آن. وأرى أن الفكرة المطروحة في موضوعك لحل هذه المشكلة نظرية وليست عملية، رغم أهميتها وحيويتها، وسبب ذلك أننا نعيش في عالم يتسم بالتداخل الثقافي الشديد، حيث عصر العولمة وحمى الإنترنت. وأرى أن الحل السليم للمشكلة يكمن في قدرتنا على تغيير المناهج لتتضمن تطبيقات رياضية نابعة من البيئة ذاتها وما تحتويه من تطبيقات فعلية على الرياضيات، وكذلك إعادة النظر في تدريس الرياضيات بطريقة جديدة تركز على المفاهيم وتطبيقاتها.

من خلال تجربتي في تعليم الرياضيات التي امتدت إلى أكثر من عقدين في عدة جامعات فلسطينية وغيرها، اتضح لي أن الطلاب يحملون أخطاء كبيرة حول مفاهيم الرياضيات، فمثلا وجدت أن معظم الطلاب لا يفهمون معنى المتوسط الحسابي Mean، بل لا يربطون معظم المفاهيم الرياضية في الإحصاء والاحتمالات بمفهوم التكرار النسبي Relative Frequencey. ووجدت أن الطلاب غير قادرين مثلا على فهم أو visualize نظرية النزعة المركزية Central Limit Theorem ولا يدركون أهميتها، رغم أنهم يستخدمونها في حل الأمثلة، وهكذا مع عدد كبير من المفاهيم.

والموضوع حقيقة يطول لو أردنا الحديث عن ظواهر عديدة للمشكلة التي تفضلت بطرحها هنا، وأعتقد أن الرياضيات في الجامعات العربية تعاني من أزمة كبيرة، في المناهج وطرق التدريس والأدوات المستخدمة في التدريس واستراتيجيات التدريس، حيث لا يزال التركيز في العملية التعليمية في جامعاتنا على المنهج والمدرس، وليس على الطالب والموضوع.

تحياتي واحترامي

عبدالقادربوميدونة
14/10/2008, 09:18 PM
تحية رياضية.. بروح رياضية.. للدكتورأحمد سلامة المحترم..
يا أصدقاء العربية وأعداءها معا، ألا تدعمون ما ذهب إليه الأستاذ الفاضل الدكتورأحمد سلامة هذا هوالخلل المنهجي في بنية الإنسان العربي وتكوينه .. تنقصه الروح الرياضية في تعلم الرياضيات .." عدد السنين والحساب ".. أمة اللغة والبلاغة والشعروالنثروحتى الثرثرة ..في كل دولة عربية لا توجد إلا جامعة واحدة أوجامعتين للتكنولوجيا بينما بقية الجامعات هي للعلوم الإنسانية ..التي نراها لا تغيرمن المجتمعات شيئا ..وحقوق والحقوق ضائعة ..واقتصاد ولا اقتصاد ..انظروا إلى ما اختلسته تلك اللغات الأجنبية وما سرقته، من لغتنا وتراثنا وما احتاجت إليه من جهود أبائنا وذلك في أيام عزهم وعز تاريخهم، وحتى اليوم مايزال مسلسل الاستعارة والاختلاس من اللغة العربية ومن التراث العربي متواصلا.فقد ظن البعض أو تناسى أن كل أس من أسس كل علم من العلوم الحديثة هو ثابت الرسوخ في الحضارة العربية الإسلامية أيام ازدهارها وانتشارها، من رياضيات وغيرها ..التي نتجت عن دراسة علم الميراث المستنبط بدوره من القرآن الكريم ..جبر..هندسة ..فلك ..حساب ..علم أحياء.. فيزياء ..كيمياء..
ولانعيد للأذهان جهود جابربن حيان وحكاية الصفرالذي لا حياة لأي علم دقيق إلا به، فبعد مضي عدة قرون تأكد الناس كل الناس أن لا حساب ولاحضارة إلا بتلك (الدائرة) العربية المنشإ والابتكار(0101010101).فلا بد من تنويرالأجيال بمزايا وضرورات تعلم الرياضيات التي لا منتوج تكنولوجيا إلا بها ومن ثم يدركون أهميتها في مستقبلهم ومستقبل أبنائهم ..
ومما يثيرالدهشة أنه حتى الإخوة سكان الخليج العربي وما جاوره ما يزالون معتزين بذلك الصفرالذي ابتكره أجدادهم، وهم يمجدونه دوما بوضعه على كوفياتهم، ولايعرفون لذلك تفسيرا.م وهوفي حقيقة الأمر المرجع الأساس في علم الرياضيات ..فلا تستهينوا بجهود ومعارف واكتشافات أجدادكم الميامين.
شكرا لك أيها الأخ الكريم الدكتورسلامة على هذا الجهد الكبير.