المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمتي لكتاب تاريخ الشرق الأوسط ج4



أدهم مطر
06/10/2008, 06:53 PM
في عام 1187م استطاع القائد المسلم الفذّ- الكردي الأصل – "صلاح الدين الأيوبيSalahuddin Al-Ayoubi " من تحرير القدس معيداً بذلك الحكم للمسلمين بعد ثماني وثمانين عاماً من الاحتلال الصليبي، بيد أنه حافظ على حياة أسراه الذين استسلموا ثم منحهم حريتهم بعد ذلك بقليل.
حاول الصليبيون- من الذين ظلوا في منطقة الشرق الأوسط - تعزيز قواهم على سواحل سورياوفلسطين في مطلع القرن التالي، لكنه، وبعد أقل من قرنين من الزمن، كانت تلك الولايات الهزيلة قد تلاشت تماماً، ماعدا قلَّة قليلة من المحمّيات الصليبية التي استطاعت التأقلم والبقاء منفردة
.................................................. .......................................
* المقصود بالأراضي المقدسة هنا هي فلسطين المحتلة وبالتحديد مهد السيد المسيح(ع) في مدينة بيت لحم.
داخل قلاعها الحصينة الرائعة البناء و التصميم، وقد تابع أفرادها حيواتهم والتعايش والتزاوج فيما
بينهم، لكن ذلك لم يستمر طويلاً، وقد كان من أهم ما حاولوا القيام به في تلك الفترة محاولتهم الاختلاط بالحضارة الإسلامية المتفوقة، لتُقويِض مبادئها الأخلاقية بشتى السبل والوسائل، لكنه-
ومع ذلك - فقد أبدى الصليبيون احتراماً وتقديراً فائقين للسلطة الإسلامية الحاكمة لأنهم أرادوا الحفاظ على مصالحهم الخاصة (التي كانوا يعتبرونها فوق مستوى عداوتهم للمسلمين)، مما جعل لديهم قدرة وحضوراً واضحين في مختلف ميادين الحياة، بل وتعدَّى الأمر لأن يُحدِثوا مؤسسات سياسية فاعلة، رغم أنها كانت تتسم بالإقطاعية أكثر منها بالديموقراطية، كما احتفظوا بمفاهيم خاصة عن الحقوق، وارتبطوا بطبقات المجتمع المختلفة من أمراء وتجار وفلاحين.
لم تكن السلطة بيد الحاكم المسلم ذات نفوذ مطلق، فقد كانت تنتقل من السّلف إلى الخلف عن طريق التآلف و الموافقة بدلاً من استخدام القوة، ومن جهة أخرى فقد كانت القوانين و الإجراءات التي تحكم العلاقات الإنسانية في المجتمعات الإسلامية غير محدودة، بل تخضع لما يدعى بالديموقراطية القبلية والعشائرية التي يمارسها الخلفاء ُوأُمراء المؤمنين مستمدّين سلطاتهم وصلاحية قراراتهم من قبل "مجلس الشورى"، إلاَّ أنه – وفي بعض الحالات- كان الأمر يتطور بالحاكم إلى ما يشبه الاستبداد في الحكم، وقد لوحظ أن أكثر النتائج سلبية للحملات الصليبية على قلب الأراضي الإسلامية تكمن في أن الإسلام كان قد بدأ يعاني من العزلة.
على الرغم من أن الحملات الصليبية قد أشعلت ثورات اقتصادية وثقافية هامة في أوروبة الغربية، فقد اختلف الوضع تماماً في الشرق، حيث قادت تلك " الحروب المقدسة" إلى قرون متتالية من الانحطاط وبعد مهاجمة الأقاليم العربية المنتشرة في الجهات الأربع، انكفأ العالم الإسلامي على نفسه تكتيكياً وأصبح شديد الحساسية ضد هؤلاء الغرباء، مستميتاً في الوقت نفسه في الدفاع عن معتقداته، لكن ثمن ذلك كان باهظاً حيث أدَّى إلى ابتعاد الإسلام رويداً رويداً عن التطور العالمي آنذاك وكنتيجة طويلة الأمد.
استطاع المسلمون جمع قواهم ثانية وألحقوا بالمحتلين الصليبيين شرَّ هزيمة، مبرهنين على أن كل الهزائم التي مُني بها الصليبيين على يد المسلمين إنما هي بفضل تفوق الإيمان الإسلامي وعقائده ومبادئه، والتي شرَّعها الله (عزَّ وجلّ) في سور القرآن الكريم، إلاّ أن بعض المؤرخِّين المسلمين اعترفوا فيما بعد بفضائل نظام الحكومة التي طبَّقها الصليبيون في المقاطعات التي خضعت لسيطرتهم، لكن تلك المقارنات لم تُؤخذ على محمل الجدّ على اعتبار أن تلك الحكومات الصليبية كانت قد أُزيلت بعد انتصارات المسلمين الساحقة في كل المعارك والمواقع التي خاضوا غمارها ضد الصّليبيين الذين تم طردهم نهائياً حيث فرضت الجيوش المسلمة سيادتها التامة على منطقة الشرق الأوسط بالكامل.
لم تدم سلالة الأيوبيين"المتميزة"والتي أسسها القائد الفذّ"صلاح الدين"في مصر طويلاً، بل كانت قصيرة الأجل، وسرعان ما حلَّ "المماليك" مكانها حيث اتسعت إمبراطوريتهم لتصل إلى سوريا مع نهاية القرن الثالث عشر.
واصل السلاجقة تقدمهم التدريجي نحو الأناضول، وذلك على حساب البيزنطيين المدحورين، ففي بدايات القرن الثالث عشر، وحين عادت الحملة الصليبية الرابعة، نشبت معركة "القسطنطينية" بين المسيحيين اليونانيين الشرقيين واللاتينيين الغربيين.
لقد عُرف سلاطين السلالة السلجوقية - التي حكمت آسيا الوسطى - بسلاطين الروم وقد أسسوا إرثاً إسلاميّاً واسعاً في الجناح الشرقي للإمبراطورية الرومانية.
مع بداية القرن الثالث عشر أيضاً، كان على العالم الإسلامي أن يواجه تهديداً جديداً ومرعباً ألا وهو تهديد المغول الذين بدؤوا غزواتهم لآسيا الصغرى – كقبائل البدو الأتراك من قبلهم- وتحديداً أراضي وأقاليم الهلال الخصيب الغنية.
اجتاح القائد المغولي"جنكيز خانGenghis Khan "في عام1220م بلاد فارس، وفي عام 1243 م دحر وريثه الجيش السلجوقي بالكامل، ثم توجَّه منتصراً لاحتلال سلطنة الروم، وفي عام 1258م أحكم حفيد جنكيز خان "هولاكوHulaco" قبضته على بغداد ماحياً بذلك آخر ما تبقّى من أطياف الخلافة العباسية، في الوقت الذي فتح فيه الأبواب على مصراعيها لجيوشه لتدمير المدينة بوحشية بالغة قلّ نظيرها، وبما فيها أنظمة الريّ و الزراعة العظيمة لبلاد مابين النهرين.
لقد بدا كما لو أنّه لاشيء يمكن أن يمنع المغول من احتلال سوريا ومصر، بيد أن المماليك كانوا قد أعدُّوا العُدَّة لذلك وحشدوا جيوشهم المدرَّبة، ثم ما لبثت أن دارت رحى حرب ضروس بين الجيشين في موقعة "عين جالوت AinJalut" في فلسطين عام 1260 م حيث كان انتصار المماليك في تلك المعركة الفاصلة ساحقاً.
تكمن الأهمية البالغة لتلك المعركة في أنها قد أفلحت في إنقاذ قلب العالم الإسلامي من الاحتلال المغولي فكانت واحدة من المعارك الضارية والحازمة في تاريخ العالم.
على الرغم من أن التهديد المغولي كان أعظم بكثير من التهديد الصليبي، لكنه كان قصير الأمد نسبياً، فقد كان الأمل يحدوا المسيحيين الغربيين و الشرقيين بأن يعتنق المغول الديانة المسيحية، لكن القائد المغولي "خان" أعلن في عام 1295 م من أنه قد اعتنق الديانة الإسلامية وأصبح مسلماً وظلَّ الصراع في الشرق الأوسط مستمرَّاً لضمان وحدة إسلامه.
ازدهرت الحضارة في سوريا ومصر خلال القرون الثلاثة لحكم المماليك، وتطوَّرت نواحي الاقتصاد والثقافة و الأدب، متفوقة بذلك على بغداد(التي كانت قلب الحضارة وقتذاك)وعلى أسبانيا المسلمة (التي بدأت تتقلَّص)، في حين أصبحت دمشق وحلب والقاهرة تضمّ أعظم مراكز الأدب والفن والعلم و الهندسة والدين، كما ازدهرت كذلك الصناعات اليدوية، وقد زادت المبادلات التجارية من وإلى الشرق ِغَنى تلك المدن وازدهارها مما أدّى إلى نشوء مجتمع مسلم مستقرٍّ نسبياً، لكن ذلك لم يدم طويلاً، فقد كانت للفترة التي حكم بها المماليك نتائج كارثية، حيث مورسِت القوة بشراسة بالغة، الأمر الذي وقف أمام تطوّر المؤسسات السياسية، كما منع المماليك نظام حكم السلالات الوراثية مستندين في حكمهم على التقاليد العسكرية الثابتة بحيث كان السلطان المملوكي يحكم لبضع سنوات قبل أن يظهر منافس أقوى يستولي على الحكم، إضافة لاشتعال جذوة الصراع الداخلي والاقتتال فيما بينهم للسيطرة على الحكم في سوريا.
مع انهيار الإمبراطورية المغولية، زال أطول تهديد خارجي في المنطقة، مما جعل المماليك يبتعدون عن أواصر الوحدة التي جمعتهم في معركة عين جالوت، ولم يُدرِكو بأن قدرهم كان مرتبطاً بالأحداث التي تدور في آسيا الصغرى، ففي نهايات القرن الثالث عشر، كان بضع مئات من الأمراء الأتراك المحاربين الغزاة قد سيطروا على معظم مقاطعات الإمبراطورية البيزنطية التي كانت تابعة-اسميا- للخان المغولي، ثم بدءوا يستقلُّون شيئاً فشيئاً، وكان من بين هؤلاء الأمراء الأتراك أمير يُدعى "عثمانOthman"وهو ذاته الذي أسس لاحقاً السلالة العثمانية و من ثم الإمبراطورية التي نمت وتعاظمت لتحكم معظم العالم الإسلامي لأربعة قرون تالية.
لقد عرف الغرب عن العثمانيين الأوائل – والذي كان قد غزا مقاطعاتهم الأولى- على أنهم حكماء ومُتدّينين، حيث كان القادة العثمانيون يشبَّهون أنفسهم بالخلفاء الراشدين، في حين جمعوا بين الإيمان العاطفي البسيط، والمواقف النبيلة و المتسامحة مع السكان الأصليين المسيحيين الذين تعرَّضت أراضيهم للغزو مما أدى إلى اعتناق بعض المسيحيين الإسلام، كما مُنِحَ الأمان والاستقرار و العدالة للذين ظلُّوا على دينهم، على خلاف ما كانوا يعانونه مع الحكومة الفوضوية للإمبراطورية البيزنطية المنهارة.
في النصف الثاني من القرن الرابع عشر، عبر السلطان العثماني "مراد الأول MuradI" الهضاب العليا لتوسيع رقعة الإمبراطورية الصغيرة باتجاه الولايات البلقانية المسيحية، وقد طبَّق مبدأ المساواة بين العقائد الدينية السائدة حيث منح السكان غير المسلمين كامل حقوقهم في المواطنة، بما في ذلك إمكانية تبوُّء المركز الإدارية العليا في الإمبراطورية، وهكذا، وفي تلك المرحلة المبكرة جداً، تم تأسيس إمبراطورية عثمانية متعددة الأعراق واللغات على غرار الإمبراطورية الرومانية.
تابع السلطان مراد الأول طريقه لفتح دول البلقان ثم جاء بعده ابنه السلطان"بيازيد الأولBiazeedI ليكرِّس نفسه وحياته لفتح آسيا بالكامل مع القسطنطينية، إلاَّ أن مخططاته باءت بالفشل في اللحظة الأخيرة وذلك بسبب التهديد الجديد والمفاجئ الذي شكَّله"التتار"Tatarالذين ظهروا من الشرق كنُسخٍ عن أبناء عمومتهم المغوليين الذين غزوا المنطقة قبل قرنين من الزمن.
كان" تيمور لنكTimorlank"أحد أشرس قادة التتار، وقد باشر بتدمير الإمبراطورية العثمانية الحديثة العهد حتى شارف على القضاء عليها نهائياً وذلك بغية إعادة الولايات التي غزاها العثمانيون لسيطرة الإمبراطورية البيزنطية، لكنه مات وهو في طريقه لغزو الصين.
تعافى العثمانيون تدريجياً حتى تسلّم زمام الحكم أحد الزعماء البارزين فيما بعد وهو"محمد الثانيMuhammadII" الملقب "بالفاتح" والذي استطاع فتح القسطنطينية عام 1453م قاضياً بذلك على آخر ما تبقَّى من فلول الإمبراطورية البيزنطية.
لقد تم تلقين تلاميذ المدارس الغربية تاريخ هذه الأحداث، ومع تبعثر التراث اليوناني و الروماني وفتح القسطنطينية على يد المسلمين، اتجه المسيحيون الغربيون نحو عصر جديد وهام وهو عصر النهضة
وللحقيقة، فإنه، وعلى الرغم من أهمية هذا العصر البالغة- والذي كان له أعمق الأثر على خيال البشرية وغدها- إلاّ أنه كان دليلاً قاطعاً على الانسحاب النهائي للقوى غير المسلمة من منطقة الشرق الأوسط، ولم يبق من الإمبراطورية البيزنطية للأجيال القادمة سوى ظِلٍّ لتاريخٍ حافلٍ كان حاضراً يوماً ما.
أدركت أوروبا جيداً معنى التهديد العثماني، فقد حاول الهنغاريون والفينيسيون وآخرين غيرهم الحدِّ من المدِّ العثماني عن طريق تشكيل تحالفات مؤقتة مع منافسي العثمانيين في آسيا الصغرى لكنهم، وبعد سقوط القسطنطينية، كان الأتراك قد أصبحوا يُشكّلون خطراً قوياً مهددين باجتياح أوروبا الوسطى انطلاقاً من دول البلقان، وقد حاولت القوات العثمانية- عبر تاريخها- احتلال مدينة"فيينَّا " مرتين، الأولى عام 1529 م والثانية عام 1683 م حين أوشكت الإمبراطورية آنذاك على اجتياح إمبراطورية " هابسبورغHabsburg ".
كان النصر حليف العثمانيين باستمرار ويعود السبب في ذلك لاستخدامهم الأسلحة والاستراتيجيات العسكرية، وعلى الأخصِّ استعمالهم المبكر للأسلحة النارية، كما استطاعوا تطوير قدراتهم على المناورة البحرية مما جعلهم يشكلون قوة بحرية هائلة يمكنها أن تقضي وبسهولة على أي أسطول أوروبي.
لقد استنتج المؤرخ الشهير" إدوارد غيبون EdwardGibbon" في استقراءاته لنتائج الغزو العثماني لأوروبا على أنه"لو واصلت الجيوش العربية الإسلامية توسعها شمالاً نحو فرنسا في القرن الثامن الميلادي، لكانت قد مهَّدت للجيوش العثمانية الزاحفة ثمانية قرون أخرى من الاحتلال (ولكان الطلاب في جامعتي أوكسفورد وكامبردج يدرسون القرآن الكريم بدلاً من الكتاب المقدس ).
عاد العرب ثانية للمناخ البارد وغير الجذاب لشمال أوروبة، لكنهم أثبتوا أثناء مواجهاتهم لجيش القائد المسيحي الفرانكي"شارلز مارتيلCharlesMartel"على أنهم أكثر تأقلماً في أجواء الصقيع والثلج والمناخ السيئ.
حاول ملوك عصر النهضة في أوروبا أن يجمعوا قواهم لتشكيل الحملات الصليبية الجديدة ضد العالم الإسلامي، لكنهم لم يتقنوا التصرّف كأسلافهم في الحملات الصليبية الأولى، التي كانت تغزو مناطق الشرق الأوسط للسيطرة على الأراضي المقدسة لدى المسيحيين وبقصد تسهيل طريق الحجّاج بل من أجل حماية أنفسهم هذه المرّة من المدّ العثماني الكاسح.
كرّس العثمانيون في القرون الأولى لوجودهم جلّ طاقاتهم (المذهلة) نحو أوروبة المسيحية، وعلى أية حال، فقد قدّم السلطان "محمد الفاتح"دعماً هائلاً من أجل تثبيت أركان إمبراطوريته في أوروبة وآسيا الصغرى، ثم تابع حفيده السلطان"سليم الأولSelimI"الملقب "بالمتُجهّم" فتوحات جدّه، إلاّ أنه حوّل اهتمامه نحو آسيا وبلاد فارس التي كانت تحكمها سلالة"الصّفويينSafavid Dynasty " التي أسسها"إسماعيل" (المعروف بالصّفوي الأكبر العظيم)والذي أطلق على نفسه في عام 1502 م لقب "الشّاهShah " ثم سرعان ما أقرَّ المذهب الشيعي كدين رسمي للإمبراطورية الفارسية وقام بالهجوم على العراق واحتلَّها في العام 1508 م.
لم يتحمَّل السلطان سليم والملقب بالسلطان العادل (القانوني)" لمعاملته العادلة للإسلام السنة وللمسيحيين على حدٍّ سواء " توسّع الفرس، فجهَّز جيشاً لمواجهة"إسماعيل الصفوي" حيث هزمه في معركة "وادي شالديريانValley of Chalderean "بالقرب من مدينة"تبريزTibreez"، ثم تابع مسيرته عام 1514 م لضم الهضبة العليا لشرق الأناضول، والتي تشكل حصناً دفاعياً منيعاً وقاعدة استراتيجية حيوية ضد أي احتلال قد يأتي من الغرب، لكنه، وعلى الرغم من ذلك، فقد سادت المُناوشات والحروب المتقطّعة بين الإمبراطوريتين "السّنية العثمانية والفارسية الشّيعية"لأكثر من قرنين متتاليين، بيد أن اليد الطولى في تلك الحروب كانت للعثمانيين، لكن التأثير الفارسي، ظلَّ يُمَثِّل قوة ذات حضور واضح في الإمبراطورية التركية، وحتى عندما أرسى العثمانيون قواعدهم في بلاد مابين النهرين وأتمُّوا سيطرتهم عليها في القرن السابع عشر، فقد ظلَّ سكان أقاليمها ينطقون اللغة العربية ومحافظين على مذهبهم الإسلامي الشيعي، تابعين عقائدياً، للشاه إسماعيل الذي يعتبر مؤسس بلاد فارس (إيران).
لم يكن للصفويين أطماع في غزو أو فتح أية أراضٍ مسيحية، وذلك على خلاف العثمانيين، وفيما عدا المناطق المتُنَازع عليها في بلاد مابين النهرين، فقد ظلّت أقاليم الإمبراطورية الفارسية محافظة على كيانها الجغرافي حتى زماننا الحاضر تقريباً، وضمن هذه الحدود، تمَّ إحياء العقائد الوطنية و الدينية على يد الشاه "عبَّاس الأولAbbasI" الذي حكم بين عامي 1587 – 1629م" وكان زعيماً عسكرياً بارزاً وراعياً للفنون، وعلى الرغم من كونه مسلماً شيعياً غيوراً، إلاّ أنه كان متعاطفاً مع المسيحيين، وقد أباح للرهبان " الكَرَملّليينCaramallies"ببناء الكنائس في مدينة أصفهان والمدن الأخرى.
بدأ البلاط الصفوي يتصدَّع تدريجياً بسبب فراغ سُدة الحكم من خلفاء قادرين على إدارة البلاد، لكن بلاد فارس بقيت مع ذلك قوة مؤسسة ومُهيمنة في المنطقة، فعلى الرغم من الانتهاكات المتلاحقة التي كانت تتعرض لها من قبل جيرانها، إلاّ أنها كانت تمتصُّ محاولات التجزئة و التمزُّق التي كانت تمارسه عليها الإمبراطورية العثمانية.
هاجم السلطان"سليم" المماليك بعد هزيمته لبلاد فارس، ورغم أنهم كانوا مقاتلين شجعان، إلاّ أن تغلغل الضعف والفوضى أدى إلى جعلهم غير قادرين على صدِّ الهجوم الساحق للأتراك، كما كانت المعركة غير متكافئة قياساً مع التدريب العالي والانضباط في صفوف الجيش العثماني المُنظَّم، وبعد معركة ضروسٍ بالقرب من مدينة حلب عام 1516 م - والتي مات فيها السلطان المملوكي المُسن "قانصوه الغاوريQansohAl-Ghouri " وأُبيد جيشه- احتلّ السلطان"سليم" كُلاًّ من سوريا
وفلسطين بسهولة، وفي السنة التالية، قام بغزو مصر مُوقِعاً الهزيمة النهائية بالمماليك خارج أسوار القاهرة، وأثناء فتحه لمصر، أدرك أُمراء ومشايخ الجزيرة العربية من أن دورهم قد بات وشيكاً، فسارعوا في تشكيل وفد من كبار شخصيات الحجاز حيث قاموا بتسليمه تفويضاً من شريف مدينة "مكة المكرمة" بالإضافة لمفاتيح" مّكةMecca "المدينة الإسلامية الأكثر قُدسية، مع لقب"حامي الأماكن المقدسة"، ثم تمَّ نقل بيرق وعباءة الرسول محمد(صلى) فيما بعد إلى العاصمة استانبول.
أما في ولايات الشمال الإفريقي، فسرعان ما أقرَّ "البربريونBarbarians"بالهيمنة العثمانية، وفي عام1537م أصبحت "اليمنYeman"في جنوب غرب الجزيرة العربية محُافظةً عثمانية جديدة أخرى، أما في بقية البلاد الناطقة بالعربية، فقد ظلّ كل من المغربMarocco"في أقصى الغرب الإفريقي، و"عُمانOman"في جنوب شرق الجزيرة العربية- حيث تعيش قبائل البدو المتناثرة في الصحراء العربية- خارج السيطرة العثمانية.
ظلَّ السلاطين العثمانيين المتعاقبين يتوارثون لقب "السلطانSultan"حتى القرن الثامن عشر، حين أعلنوا رسمياً لقب "خليفة المسلمينKhalifa "وقد أثار إدِّعاءهم قيادة المسلمين السُّنة الكثير من القلاقل، ولم يخلُ الأمر من معارضة بعض الأتباع المحليين في الأقاليم النائية.
وعلى هذا، فإنه ليس من المُستَغرب أن ينظر العرب اليوم إلى القرون الأربعة من الاحتلال العثماني على أنها حقبةٌ ساد فيها الظلم و التخلُّف و الاستعباد، فقد سمحوا لأسلافهم باستلام زمام القيادة العسكرية وبعد ذلك القيادة السياسية للعالم الإسلامي وذلك بقصد المثول بين الأيدي التركية، ماعدا الحدود القصوى الخارجية للعالم العربي حيث احتفظ العرب ببعض الاستقلال السياسي.
لم يكن الأتراك يسمحون بتغيير جنس الحاكم مطلقاً، على نقيض الفرس في أقاليمهم الشاسعة، حيث كان المُنافسون من الرَّعية بدلاً من الأتراك العثمانيين، ومما يجدر بالذكر، أنه يكفي للعرب فخراً أن اللغة العربية ومجد الحضارة الغابرة، قد أنتجت القيادة الثقافية للإسلام، وظلَّت اللغة العربية لغة الدين الإسلامي، وستبقى كذلك، لكن الفرس والأتراك، وبعد امتصاصهم للتأثير العربي العميق، قاموا بتطوير عوالم ثقافية مستقلة، وأكثر حيوية وتفاعلاً.
على الرغم من كل الانتقادات و المآخذ، فقد بقيت الإمبراطورية العثمانية حضارة إسلامية رائعة وصلت ذروة مجدها في عهد السلطان "سليمانSuleiman"ابن السلطان سليم الأول، الذي كان عادلاً ومتسامحاً ومُشَرِّعاً للقوانين، وقد حكم في الفترة بين عامي(1520 – 1566 م) وكان معاصراً لملوك عصر النهضة العظماء في أوروبة كالإمبراطور "تشارلز الخامسCharlesV في فيينا وفرانسيس الأول Francis I في فرنسا وتيودورهنري السابع" Tudor HenryVIIفي بريطانيا.
قام السلطان سليمان بضمِّ "هنغاريا Hungariaوجزيرة رودوس Rodos وشمال إفريقية"إلى إمبراطوريته، ومع أنه قد أخفق في فتح "فيينا Vienna" إلاّ أنه كان أكثر من قائد مقاتل وعسكري عظيم، فقد كان إدارياً ناجحاً وإنسانياً وعادلاً، وفوق هذا كله، كان شاعراً مُرهفاً، وشجَّع على ازدهار كل أنواع الفنون في أرجاء بلاطه الملكي، حيث تأثّرت الإمبراطورية العثمانية- ككل الحضارات العظيمة- بأنواع الثقافات الخارجية المتعددة فنهلت من علومها، كما فعل السلاطين الأوائل من الإمبراطورية البيزنطية.
لقد دفع عشق فنون العمارة السلطان"سليم" ومن بعده السلطان"سليمان"لجلب الحرفيين وأصحاب
المهن من مدينة تبريز (غرب بلاد فارس)لتجميل مدينة استانبول وتحديثها تحت رعاية السلطان سليمان، وبمساعدة وإشراف المهندس المعماري"سنانSenan"الذائع الصيت آنذاك (والذي كان ابناً لأحد مسيحيي الأناضول) فقد استطاع إكمال العمل الذي بدأه السلطان"محمد الفاتح"لتجميل المدينة، فأصبحت العاصمة"استانبولIstanbul "بعد ذلك من أروع المدن في العالم ومُلتقى الحضارات الغربية و الشرقية.
بالرغم من أن مصير كل الإمبراطوريات العظيمة المتعددة الأعراق قد آل إلى الانحلال و الذوبان إلاّ أن الإمبراطورية العثمانية كانت أكثر شمولية وذات ديمومة أقوى بكثير من تلك الولايات التي أسّسها المحاربون البدو القادمون من أواسط آسيا(كالسّلاجقةوالمنغوليون والتتّار ) لكن انحلال هذه الإمبراطورية كان قدبدأ فعلاً بعد القرن الخامس على نشأتها الأولى، ثم ما لبثت أن تسارعت وتيرة الانحطاط رغم محاولات الإصلاح العديدة التي قام بها آخر جيل من السلاطين بقصد إنعاش مرافق الإمبراطورية، بيد أن الوقت كان قد فات على ذلك، خصوصاً وأن داء تقسيم الإمبراطورية كان قد استفحل.
ليس من المناسب أن نعزو هبوط وانحلال الإمبراطورية العثمانية لسبب واحد، بل يمكن الجزم بأن بذور انحطاط الإمبراطورية قد بُذِرت أيام كانت الإمبراطورية تنعم في أوج مجدها في عهد السلطان "سليمان"وبقيت على مدى أكثر من مائةٍ وخمسين سنة لاحقة قوة عظيمة قادرة على أن تغرس الفزع والرهبة في نفوس الباباوات المتعاقبين، وفي أرجاء الولايات المسيحية لأوروبا الغربية خشية أن تقوم باجتياح تلك الولايات ثانية، وحين حاول العثمانيون غزو"فيينا"مرة أخرى، تصدَّى لهم ملك بولندا Poland"حيث منُيوا بالهزيمة الثانية على أبواب المدينة عام 1683م مُزيلاً بذلك التهديد التركي نهائياً وبدأ ميزان القوى يتقهقر ضد حساب استانبول، لكنه وحتى عام 1683م، لم يكن أحد في أوروبا ليُصدِّق أن المسلمين لن يعودوا ثانيةً، وقد مرَّ وقت طويل حتى اقتنع فيه الأوروبيون من أن الخطر العثماني قد ولَّى إلى غير رجعة.
لا يوجد في الحقيقة تشخيص واضح كيف تحوّلت الإمبراطورية العثمانية إلى رجل أوروبا المريض، إلاّ أن هناك بعض الظروف التي فرضت نفسها، والتي كانت أحياناً، من أسباب قوة ونجاح الإمبراطورية، لكنها أصبحت تُشكِّل ضعفاً مع مرور الوقت، وخاصة، أن العثمانيين لم يكونوا قادرين على التكيف مع الظروف المتغيرة الجديدة.
كانت الإمبراطورية في المقام الأول عبارة عن منظمة عسكرية بالغة الضخامة، كما أن القيم والمُثل العسكرية كانت تُمثِّل الحاكم الأعلى للنظام، وكانت مُلكية كل الأقاليم التي تقع ضمن الإمبراطورية تعود للولاية العثمانية حيث يتم تخصيص أفضل الإقطاعيات للطبقة الأرستقراطية العسكرية العثمانية، إلاّ أنه نادراً ما كانت القوانين الأرستقراطية الحربية تسمح بتوريث الأراضي، الأمر الذي منع من نشوء أو تطور أي نوع من طبقات النبلاء الإقطاعية لموازنة قوة المُلك، في حين كان النموذج الأوروبي للإقطاع مرحلةً ضروريةً نحو التطور النهائي للرأسمالية، وهذا ما يفسّر السبب الذي أوقع الإمبراطورية العثمانية وقادها تدريجياً لكي تصبح خلف الولايات الأوروبية آنذاك، بل ومتأخرة عنها مادياً وصناعياً، ومن ناحية أخرى، فقد كان قلّة من أبناء الطبقة الأرستقراطية أيام الإمبراطورية المُبكرة قد اهتموا بالعدالة الاجتماعية لدرجة استثنائية، فقد كان بإمكان المسيحيين واليهود وحتى العبيد السابقين من أن يتبوَّؤا مناصب رسمية رفيعة ولكن بشرط أن يعتنقوا الإسلام (كان أحد كبار الوزراء الأفذاذ آنذاك، على سبيل المثال، قد ولد يونانياً مسيحياً)، إلاّ أنه، وللحقيقة، فإن الإمبراطورية قد استفادت- وبلا شك- من تلك الفئات غير العادية ذات المواهب والقدرات الاستثنائية المختلفة.
ومع مرور الوقت، أصبح المسيحيون الذين اعتنقوا الإسلام يعتبرون أحد أغرب المؤسسات المتميزة للإمبراطور حيث أصبحوا يشكلون نواة القوات الجديدةالعثمانية وذلك حينما تمّ ضمّهم تحت لواء فصائل ما ُعرف"بالجيش الإنكشاري Janissaries.
بدأ السلطان"مرادMurad" في القرن الرابع عشر بإلزام أولاد المسيحيين للانخراط بالتجنيد العسكري واختار ذوي الأجساد القوية لتشكيل وحدات مقاومة شعبية ذات التدريب العالي، والتي أصبحت تُشكّل صميم الجيش العثماني، وقد عاش هؤلاء حياة رهبانية كما حُرموا من الزواج مُكرّسين حياتهم للسلطان، ومع توسّع الإمبراطورية، كانت تلك الوحدات المدرّبة تعمل تقتيلاً وتنكيلاً بين الأهالي وبلا رحمة لقمع أي فوضى أو تمرّد.
لم يكن في الإمبراطورية العثمانية أرستقراطية وراثية- كما أسلفنا- بل طبقة حاكمة خاصة مؤلفة من ضباط الجيش والموظفين الحكوميين الكبار ورجال الدين والقضاة والعلماء البارزين، وقد مثَّل هؤلاء حكم السلطان العثماني الذي منحهم امتيازات مختلفة، وكانت مناصبهم تلك عبارة عن أدوات لحماية الباب العالي وباسم الراية العثمانية، أحكموا قبضتهم على الرَّعية من فلاحين وحرفيين بادئ الأمر إلى أن طال ذلك كافة طبقات المجتمع فيما بعد، وعموماً، فإن مصطلح "الراية العثمانية" قد منح الحاكم صلاحيات واسعة وشاملة، انطوى تحت سلطة نفوذها المسلمون الذين حصلوا باسم الراية العثمانية الإسلامية على بعض الحرية والمزايا الخاصة- على عكس غير المسلمين- حيث فُرِض دفع ضريبةٍ ماليةٍ عن كل شخص على الرغم من أنهم يُشكِّلون الغالبية العظمى للسكان في مختلف أرجاء الولايات الأوروبية للإمبراطورية العثمانية، ويُقدّمون معظم عائداتها، إلى أن تم تنظيمهم- بعد انهيار الإمبراطورية- ضمن جاليات ذاتية الحكم برئاسة أساقفتهم وباباواتهم الذين كانوا مسؤولين مسؤولية مباشرة عن حُسن تصرُّف رعاياهم بما في ذلك سلوكهم السياسي و الاجتماعي.
كانت الأقلِّيات غير المسلمة تفتقر لأدنى سلطة سياسية ضمن تركيبة الإمبراطورية العثمانية، كما لم يُسمح لهم بالالتحاق بالجيش أو في الخدمة المدنية، لكنهم، عوضاً عن ذلك، قاموا بتوجيه مواهبهم وقدراتهم نحو ممارسة أعمال التجارة إلى أن أصبح لهم تأثير تجاري واقتصادي بارز يتزايد يوماً بعد آخر، إلاّ أن نظرة الإمبراطورية للعرب، بالمقابل، كانت مختلفة، فالعرب المسلمون- الذين شكَّلوا السواد الأعظم في ولايات الإمبراطورية العثمانية الشرق أوسطية وولايات الشمال الإفريقي لم يكن يُنظَر إليهم على أساس أنهم مواطنين من الدرجة الثانية في سياسة الإمبراطورية، لكنه رغم ذلك، فقد تم تعيين ولاة وحُكّام عثمانيون على كل من سوريا والعراق وفلسطين، وفي عهدهم، تشكلّت حاميات عسكرية كبيرة، كما تمّ تأهيل عدد كبير من الموظفين والمسؤولين المدنيين في المدن الرئيسية و الكبيرة.
لم يستطع أولئك الولاة والحكام التخلّي عن لسانهم الناطق بالتركية، كما لم يُفلحوا- بالمقارنة مع أسلافهم المماليك- من إرساء جذور العيش المشترك، ويعود ذلك إلى عدم وجود استعمار تركي للأرض بالكامل، حيث كان المسئولون الأتراك كثيراً ما يتنقَّلون بين الولايات المترامية للإمبراطورية والتي قد لاتكون ناطقة بالعربية، في حين أنهم كانوا يتوقّعون أن تُنهى خدماتهم أو أن تصدر الأوامر بعودتهم إلى الوسط التركي في أي وقت، إضافة إلى ذلك، لم تكن هناك أية محاولات جادة لأتركة المسلمين غير الأتراك، والذين كانوا محطّ أنظار الإمبراطورية، غير أن بعض الأقلّيات- المحدودة جداً – قبلت الانضمام تحت لواء الإمبراطورية العثمانية لكونها تنطق باللغة التركية، وقد اندمجت تلك الأقليات فيما بعد بتركيبة المجتمع التركي، أما بالنسبة لمعظم الولايات العربية الأخرى، فقد عانت من الاضطهاد الدائم، وقد دخلت- على صعيد اللغة- بعض المفردات التركية في التركيبة اللغوية لبقية اللغات واللهجات المتداولة والمحكية، ومعظم تلك المفردات الدخيلة تتعلق بالجيش (مصطلحات عسكرية بمفردات تركية، أو بما يتعلق بالطعام والمطبخ ).
بقي إقليم جبل لبنان في تلك الحقبة (والتي تُشكِّل طائفتي الدروز والمسيحيين الموارنة*غالبية سكانه) بمعزل عن التأثيرات العثمانية، فقد أدرك العثمانيون أن تلك الإقطاعيات يحكمها أُمراء لبنانيون ويتوارثونها جيلاً بعد جيل، فمنحوهم امتيازات خاصة واستثنائية، كما قاموا بمنحهم حُكماً ذاتياً
( تماماً كما كان الأمر أثناء حكم المماليك ) لذلك، فإنه يمكن اعتبار أن لبنان هو الجزء الوحيد من
الإمبراطورية الذي تمتع بحكم مشابه للإقطاعيات الأوروبية، وهذا ما يُفسر ازدهاره الاقتصادي في ذلك الوقت، وقد أشار المؤرخ الاقتصادي البارز"تشارلز عيساوي"إلى نواحي الحياة الاقتصادية المتقدمة.
أما في الطريقة التي أُديرت بها دفَّة الحُكم في مصر فقد كانت مختلفة تماماً، حيث خطط السلطان
"سليم" للإبقاء على آخر سلاطين المماليك والياً على عموم مصر ولكن شرط أن يكون تابعاً مباشراً للإمبراطورية، إلاّ أن السلطان المملوكي ثار رافضاً - وبشدّة - العرض المُقدّم، وسرعان ما تم اعتقاله ومن ثم إعدامه بتهمة التمرّد وعدم الولاء.
فضّل السلطان"سليم" بعد ذلك تعيين "باشا"عثماني لحكم مصر، وقد تزامن ذلك مع تعيين بعض الأمراء المماليك- من الذين قدّموا الولاء للباب العالي- كحُكّام محليّين على المحافظات المصريةالإثنتي عشر، ومنحهم حكماً ذاتياً وامتيازات عالية، لكنهم سرعان ما استغلّوها لمصالحهم الشخصية على أنهم أمراء وولاة وأصحاب الأمر في التصرّف، فبسطوا سيطرتهم على الأراضي الخصبة التي خضعت لحكمهم، واعتبروها- بمن فيها- إقطاعيات خاصة، فقاموا بجمع الضرائب بالقوة، واستولوا على كافة المرافق و التجهيزات لتحقيق أطماعهم التي لم تعرف حدوداً.
لم تهدأ جذوة الصراع المتأجج والمستمر على تقاسم السلطة و النفوذ بين الباشوات العثمانيين والأمراء المماليك والبايات* المحليين، وكادت الكفّة أن ترجح لصالح المماليك، إلى أن فرضت استانبول سلطتها ثانية، وتوالى على حكم مصر أثناء القرون الثلاثة التالية للحكم العثماني أكثر من مئة باشا من الذين كانوا يُمثّلون السلطان مباشرة.
عانى المصريون في تلك الحقبة من ظروف بالغة القسوة تحت نير الاستعمار العثماني – بل كانت أسوأ بكثير من الفترة التي خضعوا فيها لسلطة المماليك – حيث انعدم الأمن والعدالة نهائياً، وكان الولاة العثمانيون وبايات المماليك يعتصرونهم عصراً للحصول على الضرائب باستعمال شتى وسائل التعذيب وأقلّها كان استعمال السوط (الكرباج).
توقفت الأعمال و الزراعة، كما جفّت قنوات الريّ، وفتكت المجاعة و الأمراض بالمجتمع الفقير الذي انهار كلياً وبشكل مأساوي – وليس من المُستهجن أن المصريين ينظرون اليوم إلى تلك الحقبة من تاريخهم على أنها الأكثر ظلماً وقهراً وتخلّفاً في تاريخ مصر- سيما وأن حصة مصر من المعاناة كانت أكبر وأعقد مما تعرضت له باقي الولايات الخاضعة للسلطان، ويعود سبب ذلك إلى حشد السكان – الذين يعتمدون كلياً على نهر النيل – في المناطق الضيقة للدلتا.
إن ازدهار مصر، أثناء حكم الفراعنة، إنما يعود لكونها كانت تستمدّ قوتها و عظمتها من الحكومة المركزية (القوية و الحكيمة) التي كانت تسيطر على الممر المائي الهائل فارضةً الأمن و الاستقرار على
كل الأقاليم التي خضعت لسيطرتها آنذاك.
أما سوريا، بجبالها الطبيعية المستقلة، ومناطقها الصحراوية، فقد كان وضعها أفضل بقليل، بينما اعتُبرت بلاد مابين النهرين منطقة راكدة من الإمبراطورية، بعد المجد العريق الذي عاشته يوماً.
كان الباشا يمارس صلاحيات حكمه على أقاليم وولايات مابين النهرين من بغداد مباشرة، محاولاً وبكل طاقته، دمج القبائل التي سيطرت على معظم الأراضي الخصبة، وضمّها للإمبراطورية، مستعيناً بوحدات الجيش الإنكشاري الذي كان له دور فاعل في حماية أركان الولاية من الأخطار الخارجية المُحتملة، حتى ظهور التهديد الفارسي الجديد في القرن الثامن عشر.
لقد أنجز الأتراك العثمانيون الكثير من الأمور التي يُسطِّرها لهم التاريخ، فقد تمكّنوا من تدريب المحاربين البدو القادمين من السهول الآسيوية وضمهّم في بناء وتطوير وإدارة مؤسساتهم المنتشرة على طول الإمبراطورية وعرضها، إلاّ أن المشكلة الأساسية كانت تكمن في أن تلك المؤسسات لم تكن ذات ديمومة وفعالية كالمؤسسات المُستحدثة في الإمبراطوريات الأخرى التي كانت قد سبقتهم إلى المنطقة، بالإضافة إلى أنها لم تستطع أن تتطور وفقاً للحاجات و الظروف المتغيرة، والإنكشاريون هم أوضح مثال على ذلك، ففكرة اختيار عبيد مسيحيين شباب وإلزامهم لاعتناق الدين الإسلام وتدريبهم لأن يُشكِّلوا صميم الجيش العثماني كانت بالتأكيد فكرة غير عادية لم يسبق أن نفَّذها أي جيش مسيحي غربي، فهؤلاء الجنود الإنكشاريون لم يكونوا مجرد قوات مقاتلة فتاكة في الحملات ضد أعداء السلطان فحسب، بل عُهدت إليهم مهمة الحفاظ على الأمن الداخلي للإمبراطورية وأصبحوا يُشكلون قوة مستقلة ذاتياً، تقمع – وبعنف- أي تغيير أو تمرد محتمل ضد النظام.
حين بدأ التفوق العثماني في المهارات العسكرية- والذي كان واضحاً تماماً لأعداء الإمبراطورية- ينهار، رفض الإنكشاريون كل المحاولات الهادفة لإصلاح وإعادة تأهيل مهارات و قدرات الجيش المُنتشر على طول الخطوط الجديدة مع الغرب الذي طوّر قدرات قواته، ورأوا في ذلك امتهاناً لهم وتقليلاً من شأنهم في وجه مُنافسيهم في وحدات الجيش(الفرسان الجدد) فقاموا بعمليات تمرد وأعمال عنف بربرية وبالغة الهمجية، في كلا الجانبين- المدني و العسكري- وحين تّم قمعهم بوحشية، كان الوقت قد فات بالنسبة للجيوش العثمانية للّحاق بالغرب، إضافة إلى ذلك، فقد كانت السلطنة العثمانية الصارمة عبارة عن مؤسسة استبدادية بحدّ ذاتها، ولم تقبل نهائياً بمشاركتها مراكز القوة.
عندما خلف السلطان"بيازيدBiazed"- الاستبدادي النّزعة – أبيه السلطان"مرادMurad"عام 1389م، كان أول ما قام به- بعد تولّيه العرش- هو أن أمر بخنق أخيه الأصغر وقتله بقصد القضاء على أي مُنافس مُحتمل على العرش، مُطبّقاً بذلك تقاليد قتل الأخ الإمبراطوري المُنافس، وقد كان قتله لأخيه القاعدة التي انطلق منها في حُكمه، كما تركت تصرّفاته الرّعناء الباب مفتوحاً- فيما بعد- للعصيان والتمرّد، الأمر الذي جعل السلطان"محمد الفاتح"- وبعد قرن على ذلك- لأن يسمح لقوة القانون أن تكون القوة الفصل.
لم يكتف السلطان سليم- المُتجهّم- أيضا بقتل إخوانه فقط، بل تعدّى ذلك لينال أبناء أخواته الأيتام نفس المصير.
إن استئصال المنافسين في العائلة الإمبراطورية المالكة، أدى إلى تفادي الكثير من الحروب الأهلية الكارثية- كالتي حدثت مع المماليك- ويمكن القول، بأن ذلك التقليد الدموي قد حافظ على استمرارية السلالة العثمانية لخمسمائة عام، لكن ثمن ذلك كان باهظاً، فقد تحوّل قصر السلطان إلى مكان انعدمت فيه الثقة وساد سوء الظن والخوف الدائم مقابل ذلك، وعلى الأخص، بعد أن شاخ السلطان، وأحسّت أمهات أبنائه بالخطر القادم، فبدأن بحياكة الفتن واختلاق الأعذار بهدف إبقاء أولادهن على قيد الحياة- لكن أكثرها كانت تبوء بالفشل- ولم ينجُ إلاّالسلطان"سليمانSuliman"
الذي خلف السلطان سليم الذي كان مُدمناً على الخمر.
كان المغزى الأساسي من قتل الأمراء الملكيين هو عدم خلق المنافسة على الحُكم وكذلك لمنع العصيان والتمرد، وهذا ما أثار رعباً حقيقياً لدى المسيحيين في الغرب وقد أنكروه بشدة وشجبوا تلك الوحشية التركية.
عندما كان يتم تعيين "ولي العهد"بشكل رسمي، كان يُحتَفظ به تحت الإقامة الجبرية الافتراضية في حرم النساء"الحرملك"وفي غرفة صغيرة تُعرف "بالقفص"لحمايته من المنافسين المُحتملين، الأمر الذي يجعله- ومنذ الصغر- مُفتقراً لأدنى تجربة في الحُكم، بل وكان يعاني في أغلب الأحيان من تدهور في الصحة والتشويه الجسدي جرّاء الحجز الطويل، وقد كان ذلك التقليد مماثلاً لدى شاهات بلاد فارس "الصفويين"، حيث يتم احتجاز ولي العهد في مجمّع القصر، كما عانت السلالة الكثير من المتاعب وفقاً لذلك.
إن مشاعر الخوف من العصيان قد امتدّ ليشمل معظم أرجاء النظام الإمبراطوري، وقد كان الوزراء والولاة يُطردون، أو يُعدمون إذا ما تأكّد للسلطان من أن لديهم أدنى نفوذ قد يُهدد الإمبراطورية وقد ازدادت الإعدامات في عهد السلطان سليم، الأمر الذي بعث على الدهشة و الاستهجان حيث خلت بعض المناصب الرفيعة من شاغريها وأصبح بمقدور أي شخص أن يتبوّأ منصباً عالياً في أركان الحكومة، وحتى السلطان سليمان"الإنساني" أقدم على إعدام رئيس وزرائه البارز والمُقرَّب"إبراهيم" وذلك تحت تأثير زوجته الطموحة "روكسيلاناRoxelana ".
تعاقب السلاطين على حُكم الإمبراطورية ضمن نظام يسوده عدم الثقة وسوء البطانة، معتمدين على أنظمة تجسس واسعة النطاق لكنها تتمركز في استانبول لحماية أركان الإمبراطورية وحراسة مواقع السلاطين، كما اعتمدت الإمبراطورية – بشكل شبه مُطلق – على شخص السلطان وقدراته، وما لم يكن السلطان الحاكم كُفؤاً، فإنّ الإمبراطورية كانت تعاني من حالات انحطاط خطيرة في شتّى النواحي مما يُجبر السلطان – مُكرهاً- على منح رئيس وزرائه حرية الصرّف وإدارة دفّة الحُكم فعلياً، وهذا ما حدث في النصف الثاني من القرن السابع عشر عندما سيطرت سلسلة من كبار الوزراء من عائلة"كوبرولوKoprulu" على إدارة الحكومة مُستغلة عدم قدرة السلطان على إدارة الحُكم، إلاّ أن ذلك- وإن طال لفترة من الزمن – فقد كان مؤقتاً.
من ناحية أخرى، وبعد أن أصاب العجز و الإهمال مفاصل الحكومة المركزية، كان لابدّ من مجيء سلطان يُعيد إصلاح ما فسد و بناء السلطنة ثانية وبقوة من خلال إجراءات عنيفة وقاسية، وقد كان هذا ضرورياً كحل أخير للحفاظ على وحدة الإمبراطورية.
كان الجهاد المقدس لتعزيز راية الإسلام، من أهم ما قامت به الإمبراطورية العثمانية، وظلّت تُعتبر - وعلى مدى قرنين من الزمن- القوة العسكرية الأضخم، مقارنة مع معارضيها، وهذا ما يبّرر الولاء العثماني للنماذج العسكرية، لكنه، وبالمقارنة مع العباسيين في العصر الذهبي للإسلام، فقد اندمجت المفاهيم العسكرية العثمانية، وتنامت على حساب نواحي الحياة الأخرى، مُقلّلة بذلك من أهمية الصناعة و التجارة، وقد جاءت النتيجة أنّه وبينما كانت الإمبراطورية في أوج عنفوانها، كانت الدول الأوروبية المسيحية تتقدم بقوة في مجال القوة الصناعية وتمتين اقتصادياتها، الأمر الذي عكس وبسرعةميزان التوازن العسكري، وكان من أهم العوامل التي ساهمت في انهيار الإمبراطورية إقتصادياً هو نجاح البرتغاليون في عام 1497م لأن يُبحروا باتجاه المضيق البحري"رأس الرّجاء الصالح"فاتحين بذلك طريقاً بحرياً جديداً إلى الهند والشرق الأقصى، هذه الطريق التي طوّقت المسار التقليدي بين قارتي أوروبة وآسيا وذلك من خلال مصر والبحر الأحمر.
سرعان ما لحق الفرنسيون و الإنكليز بالبرتغاليين، متخذين ذات الطريق البحرية التجارية، ومن هنا بدأ التنافس المحموم للسيطرة على الطرق الموازية لشواطئ الخليج العربي، كما كان لهذا العامل الجديد تأثير كارثي على مصر.
كان التجّار السوريون بالمقابل يعتمدون في تجارتهم على الطريق الممتدة من شواطئ خليج الإسكندرون باتجاه حلب وصولاً إلى بغداد والبصرة، وقد بقيت هذه التجارة البرية العابرة مزدهرة من وإلى الشرق، وعلى أي حال، فقد ظلّ التجّار الأجانب- غير المسلمين- يسيطرون على معظم مفاصل التجارة وذلك بموجب امتيازات قانونية ومالية خاصة مُنحت لهم من قبل الإمبراطورية العثمانية – عندما كانت قوية – بقصد حمايتهم، لكنهم، أصبحوا قادرين فيما بعد على استغلال تلك الامتيازات بعد أن دبّ الضعف في أركان الإمبراطورية، أما الأمر الثاني - والأكثر أهمية من انحراف طرق التجارة نحو رأس الرجاء الصالح – فقد تمثَّل في أن اقتصاد الشرق الأوسط ككل قد تحول من اقتصاد تجاري ومالي(متفوقاً على الاقتصاد الأوروبي في العصور الوسطى)إلى مجرد إقطاعيات عسكرية تعتمد مباشرة على الزراعة المعيشية لا أكثر.
إن هذا التحوّل الحاسم، لم يستطع في حال من الأحوال، أن يُحصّن الإمبراطورية من قسوة وبطش (السّوط)الاقتصادي الذي كان له بالغ الأثر في القرن السادس عشر على منطقة الشرق الأوسط بالكامل.
لقد سبّب التدفّق الضخم للسبائك من الأمريكيتين الإسبانيتين إلى تلف العملة الفضية العثمانية مما أدى إلى التضخم المالي وزيادة في فرض الضرائب، كما كانت الحكومة آنذاك غارقة في بحر من الأزمات الاقتصادية الخانقة – كتمويل إنفاقها العسكري الواسع – في حين لم يبق بالمقارنة مع الاقتصاد الأوروبي سوى عدد قليل من القطّاعات الصناعية والمالية المنتعشة والمتمسكة ببقايا ازدهار قلق وضعيف في أركان الاقتصاد العثماني، الأمر الذي عكس موازين القوى على مرّ السنين.
إن ما يُقال عن العثمانيين أنهم كانوا مُعادين لتعلّم الفنون هو محض افتراء عار عن الصحة عموماً فقد كان السلطان سليمان، رجل نهضة بكل ما للكلمة من معنى، والمعرض الفني الذي افتُتح في كل من مدينتي واشنطن ولندن عام 1988 م يُصوّر مراحل حياته وأعماله ويُصحّح- بما فيه الكفاية- من أي انطباع مُتحفّظ.
عانى العرب بشكل مؤكد – ولقرون متتالية من السيطرة العثمانية- من حالات الركود الثقافي في مرافق الحياة، والتي ساهمت في انخفاض ثقة العرب بأنفسهم على الصعيد السياسي خصوصاً، لكنه من المستحيل الإنكار من أنه وبينما كانت الإمبراطورية تعاني من الانهيار المتلاحق، كان سلاطينها وقادتها وباشاواتها، ورجال الدين قد انكفئوا على أنفسهم، وأصبحوا شرسين وعدوانيين، محتقرين كل المبادئ التي تنادي بالإبداع في أي مجال كان.
تجلّى الفخر الإسلامي في أن المحاولات التي هدفت لمجاراة التطور الحضاري الأوروبي، كان يمكن لها أن تنجح لو أن النظام العثماني الرجعي المتصلّب وافق على عملية الإصلاح الداخلي للنظام، بيد أن الجهود التي بُذلت لإنجاز الإصلاحات الضرورية والبعيدة المدى قد باءت كلها بالفشل في نهاية المطاف.
إن الإخفاق العثماني الثاني لاحتلال "فيينّا" عام 1683م كان مؤشراً حاسماً على أن الإمبراطورية العثمانية قد بدأت مشوار انهيارها الطويل في أوروبا وتغيُّر مركز ثقل الإمبراطورية في الشرق.
ظهر في نهاية القرن السابع عشر مُنافس جديد وعدوّ شرس هو القيصر"بيتر العظيمPeter" وقد بدا وكأنه قيصر عدواني له أطماع توسّعية، مُصمّماً على أن يجعل من روسيا -مركز سلطته- قوة أوروبية وآسيوية عظيمة الشأن، وبما أن الإمبراطورية العثمانية كانت عقبته الرئيسية، فقد افتتح حقبة من الحروب(الروسية- التركية)المتقطّعة دامت فيما بعد لأكثر من قرنين من الزمن، وكانت تمرّ بفترات هدنة مؤقتة، سرعان ما تُستأنف بعدها المعارك.
على الرغم من أن الإمبراطورية العثمانية كانت - في كثير من الأحيان - في موقع الدفاع، إلاّ أن انسحابها من أوروبة كان بطيئاً وذلك حين كانت الجيوش العثمانية الهائلة لاتزال قادرة على التحدي والمواجهة، مستفيدين من التنافس الذي كان يظهر بين السلطات المسيحية لأوروبة.
في النصف الأول من القرن الثامن عشر، تمت استعادة مدينتي "بلغراد وموريا اليونانية"، وفي نهاية القرن ذاته أيضاً، فشلت الإمبراطورة"كاثرينCatherine"في هدفها، حيث كانت مصممة على تقطيع أوصال الإمبراطورية العثمانية وأن تجعل من مدينة"القسطنطينية" العاصمة الجديدة للبيزنطيين الجدد.
على الرغم من كل تلك الإحداث المتسارعة الإيقاع، وبعد توقيع معاهدة "كيانارجاKuchuk Kianarja" التي لم يفقد السلطان"مصطفى الثالثMustafa III " بموجبها سيطرته على الولايات المسيحية فقط، بل تعدّى ذلك إلى الولايات التي يعيش بها المسلمون التتار في أقليم"كريمياCrimea" وقد كانت مطالبته لأن يكون خليفة للمسلمين على الأقاليم المسلمة بمثابة ضربة قاضية له، ومعترفاً بالوقت ذاته بوصاية الإمبراطورة " كاثرين" على الولايات العثمانية المسيحية الأرثوذكسية المنتشرة في أرجاء الإمبراطورية.
.................................................. .........................................
الهوامش :
* الصبغة: مادة كيميائية تستخدم لصبغ القماش لتغيير لونه، وكان اللون الأرجواني هو المفضل آنذاك.
* يهوذا: ابن يعقوب(ع) وجدّ إحدى القبائل اليهودية.
* المكابيّين: سلالة معروفة ومشهورة في تاريخ العبرانيين.
*الوصايا العشر: التعاليم السماوية الأولى التي نزلت على النبي موسى(ع) في طور سيناء.
* الميدييّن: قبائل متعددة كانت تعيش في بلاد فارس.
* لقد كانت الحضارة الصينية مزدهرة جدا مقارنة مع الحضارات الشرقية وتماثل حضارة الفراعنة رقيّاً(المترجم)
* الموعظة على الجبل: نصّ في الإنجيل المقدس
القوطيّون: شعب جرماني اجتاح الإمبراطورية في القرون الأولى للميلاد.
* اليوطوبية Utopianism: أفكار وخطط مثالية غير عملية للإصلاح السياسي والاجتماعي
الفاطميون: لقبوا بذلك تيّمناً بفاطمة الزهراء ابنة الرسول الكريم محمد(صلعم)وزوجة الإمام علي(كرم الله وجهه)
الدروز: حسب العلامة الإسلامي الشهير "الأمير شكيب آرسلان"- هم فرقة من الفرق الإسلامية ونعود أصولهم إلى الشيعة الفاطميين، ينطقون بالشهادتين ويؤكدون أنهم فرقة توحيد إسلامية قبل كل شيء (المترجم)
*الموارنة: طائفة مسيحية صغيرة نسبياً في لبنان و تابعة للفاتيكان في روما (المترجم)
*الباشا: لقب تركي يعني القائد أو ذا المقام العالي.
.*الباي: لقب مملوكي يعني المسئول أو الآمر.