معتصم الحارث الضوّي
15/12/2006, 08:12 PM
الطيب صالح في " موسم الهجرة إلى الشمال "
( لا أدري متى أذهب يا صديقي ، و لكنني أحس أن ساعة الرحيل قد أزفت ، فوداعاً ) .
الوصول إلى أرض الوطن بعد سنوات طويلة شعور أشبه بحالة من الخدر اللذيذ الذي يعقب الإفاقة من النوم ، يختلط فيه تلهفٌ على وقائع الحاضر بالكثير من ذكريات الأمس في قالب من الأحاسيس الجيّاشة التي تلتف في غلالتها الرومانسية انطباعاتنا التي قد لا تمت للواقع بأدنى صلة .
و بينما تؤكد انتماءات الفرد المركبّة من إثنية و ثقافية هويتنا ، فإن ذلك الاستغراق الضارب في جذور الاغتراب يخلق عالماً من المشاعر المختلطة ، فتارة نحس أننا لم نفارق ربوع الوطن إلا لوهلة قصيرة ، و من ثم ندرك علم اليقين أن ذلك الشعور بالانتماء اللصيق قد أضحى وهماً و سراب .. و أننا أصبحنا في واقع الأمر ممزقي الهوية .. مشتتي الهوى .. مخلوعين من الجذور !!
كيف اختلفنا كل هذا الاختلاف .. ِلم ينتابنا ذلك الشعور المقيت بأننا سياح نعود لبلد أشاعت فينا زيارته ذكريات نفقتدها .. لماذا لا تثير فينا ملاعب الصبا و شرخ الشباب أكثر من إلتفاتة و لا نمنحها من زمننا سوى نظرة غامضة نتبعها بابتسامة باهتة .. هل قلوبنا هي التي تحجرت أم أن ذكرياتنا قد عالجتها يد الزمن بلون وردي حالم .. تساؤلات و تساؤلات و حيرة بلا نهاية !!
المثير للأسى حقاً أن محاولاتنا البائسة لجلد الذات .. أو ربما خداعها تذهب أدراج الرياح .. مما يبعث فينا شجوناً دامية .. فنشعر بالعبثية و السخف و نحن نتظاهر بما نفتقده بشدة .. حينما لا يسعفنا معين تجاربنا أو بالأحرى إحباطاتنا بمشورة ناجعة .
ما بعد الختام :
- طوبى لمن يحتضن بين جوانحه عشق وطنه ..
- إن كان الفقر في الوطن غربة كما تضمّ بين دفاترها حكمة الشعوب .. فإن فقدان الانتماء و الهوية .. هي غربة بغيضة تقهر كل الحواجز .. لتدمر ما لا يمكن إصلاحه أو شفاؤه !!
( لا أدري متى أذهب يا صديقي ، و لكنني أحس أن ساعة الرحيل قد أزفت ، فوداعاً ) .
الوصول إلى أرض الوطن بعد سنوات طويلة شعور أشبه بحالة من الخدر اللذيذ الذي يعقب الإفاقة من النوم ، يختلط فيه تلهفٌ على وقائع الحاضر بالكثير من ذكريات الأمس في قالب من الأحاسيس الجيّاشة التي تلتف في غلالتها الرومانسية انطباعاتنا التي قد لا تمت للواقع بأدنى صلة .
و بينما تؤكد انتماءات الفرد المركبّة من إثنية و ثقافية هويتنا ، فإن ذلك الاستغراق الضارب في جذور الاغتراب يخلق عالماً من المشاعر المختلطة ، فتارة نحس أننا لم نفارق ربوع الوطن إلا لوهلة قصيرة ، و من ثم ندرك علم اليقين أن ذلك الشعور بالانتماء اللصيق قد أضحى وهماً و سراب .. و أننا أصبحنا في واقع الأمر ممزقي الهوية .. مشتتي الهوى .. مخلوعين من الجذور !!
كيف اختلفنا كل هذا الاختلاف .. ِلم ينتابنا ذلك الشعور المقيت بأننا سياح نعود لبلد أشاعت فينا زيارته ذكريات نفقتدها .. لماذا لا تثير فينا ملاعب الصبا و شرخ الشباب أكثر من إلتفاتة و لا نمنحها من زمننا سوى نظرة غامضة نتبعها بابتسامة باهتة .. هل قلوبنا هي التي تحجرت أم أن ذكرياتنا قد عالجتها يد الزمن بلون وردي حالم .. تساؤلات و تساؤلات و حيرة بلا نهاية !!
المثير للأسى حقاً أن محاولاتنا البائسة لجلد الذات .. أو ربما خداعها تذهب أدراج الرياح .. مما يبعث فينا شجوناً دامية .. فنشعر بالعبثية و السخف و نحن نتظاهر بما نفتقده بشدة .. حينما لا يسعفنا معين تجاربنا أو بالأحرى إحباطاتنا بمشورة ناجعة .
ما بعد الختام :
- طوبى لمن يحتضن بين جوانحه عشق وطنه ..
- إن كان الفقر في الوطن غربة كما تضمّ بين دفاترها حكمة الشعوب .. فإن فقدان الانتماء و الهوية .. هي غربة بغيضة تقهر كل الحواجز .. لتدمر ما لا يمكن إصلاحه أو شفاؤه !!