المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحسّر النصارى على تفوق اللغة العربية على اللاتينية ببلاد الأندلس



هشام زليم
09/10/2008, 01:33 AM
بسم الله الرحمان الرحيم.
لما مكّن الله عز وجل للمسلمين في بلاد الأندلس, أقاموا حضارة أضاءت كل بلاد أوربا و نشروا دين الإسلام و لغة العرب بين أبناء البلاد الأندلسية. و قد تلقّ الأريون الموحدون (السكان الأصليون للأندلس) الإسلام و حضارته بفرح و سرور و كانوا يعتبرونه المنقذ من بطش الكنيسة الرومانية التي أجبرتهم على الإعتقاد بالتليث و كما استقبله اليهود بالإستبشار باعتباره أيضا منقذا من معاملة الكنيسة السيئة لهم. وإذا أضفنا سماحة الإسلام و اعتماد الفاتحين على الأسلوب القرأني المعتمد على الحكمة و الموعظة الحسنة و عدم الإجبار على اعتناقه, فإن كل الظروف كانت مواتية ليدخل الناس في دين الله أفواجا.
يروي المؤرخ الفرنسي المعاصر أندري كلوفي كتابه "L’Espagne musulmane" (إسبانيا المسلمة) كيف كانت قلوب النصارى تنفطر لرؤية انتشار الحضارة الإسلامية في الأندلس بعد سنوات قليلة على الفتح و انبهار إخوانهم في الدين بها.
يقول أندري كلو :
"هذا التشبه السريع, و تبني الأذواق و العادات الإسلامية لم يكن يروق للسلطات المسيحية, البعيدة من هنا. الجهل باللاتينية, لغة الكنيسة, دفعت أسقف إشبيلية إلى ترجمة الإنجيل للعربية حتى يستطيع المسيحيون قراءته.
ألفارو, كاتب مسيحي, عاش خلال تلك الفترة بقرطبة, و كان على رأس مجموعة من المسيحيين المتحمسين لدينهم. يروي هذا الرجل بحزن عميق:"كان المسيحيون يحبون قراءة القصائد و النصوص العربية, و كانوا يدرسون كتابات العلماء و الفلاسفة المسلمين, ليس للرد عليهم و لكن ليتعلموا طريقة الإلقاء و الخطاب العربي الصحيح الأنيق. أين تجد اليوم علمانيا يقرأ التعاليق اللاتينية على الكتب المقدسة؟ مَن بينهم يدرس الأناجيل و سيرة الرسل و الحواريين؟ يا حسرة, كل الشباب المسيحيين المعروفين بمواهبهم لا يعرفون سوى الثقافة و الأدب العربي؛ يقرأون و يتعلمون الكتب العربية بكل شغف, و يشكلون منها مكاتب و خزائن كبيرة. و إذا حدثتهم عن الكتب المسيحية فسيجيبونك بمقت أن هذه الكتب لا تستحق أن يثار إليها الإهتمام. يا للألم, المسيحيون نسوا حتى لغتهم, و بين ألف ستجد بصعوبة واحدا يستطيع أن يكتب رسالة إلى صديقه باللاتينية".
نعم فقد اختار الإسبان الذين فضلوا البقاء مسيحيين (و هم قلة بالنسبة للذين وحّدوا الله و أسلموا) لغة العرب و أبدا لم تُفرض عليهم فرضا و هذا ما اعترف به ألفارو في شهادته أعلاه. و لنُقارن سماحة الإسلام هذه في تعاملها مع غير المسلمين بما فعله الهمج الكاثوليك لما سقطت غرناطة حيث حرّموا على المسلمين التحدّث بالعربية و فرضوا عليهم القشتالية ومن وُجد معه كتاب بالعربية عوقب أشد العقوبة. هذا و قد أحرقوا مئات الألاف من الكتب العربية الشرعية منها و الدنيوية.
ثم مرت القرون و شوّهت الحقائق و أثيرت الشكوك حول المسلَّمات و راح نصارى اليوم ينعتون الإسلام بصفاتهم القبيحة التي عُُرفوا بها من تشدد و ظلم و إرهاب. و المنصف يكفيه أن يعود إلى تاريخ القوم فيجد ما تشيب له الولدان من تعسف و ظلم و طغيان. أما تاريخ المسلمين فهو صفحة بيضاء من العدل و التسامح و حسن الجوار. و قد شهد للمسلمين بذلك المنصفون من النصارى بل و عاش اليهود أزهى أيامهم في ظل المسلمين سواء في إسبانيا أو في بيت المقدس.
لقد كان اليهود يرتحلون أينما ارتحل المسلمون و يخرجون من البلاد متى خرج المسلمون منها. و هذا لعلمهم بما في القرأن المجيد من حض على حسن الجوار و عدم الظلم و العدوان و عدم الإلتجاء إلى العنف إلا بالحق.

كتبه أبوتاشفين هشام بن محمد المغربي

جمال الأحمر
26/10/2008, 12:01 AM
الأستاذ الكريم؛ أبو تاشفين هشام بن محمد المغربي
تحية طيبة

لم أغفل عن التعقيب على هذه المشاركة إلا لأنها حية، يمكن استثارتها في أي وقت...
إنها عندي كالأندلس؛ لم تغب، وليس من شيمتها الغياب، ولن تغيب بإذن الله....
نسي معظم العرب والمسلمين عبارة كنت قد تفضلت بها في هذه المقالة:


الأريون الموحدون (السكان الأصليون للأندلس)

ظنوا أن مملكتي قشتالة وأرغون المنتصرتين على المسلمين تمثلان السكان الأصليين...

ونسوا الحروب الصليبية المستمرة، التي انهزمت في الشرق العربي المسلم فتحولت إلى الغرب العربي المسلم...وانهزم العرب الأوربيون في غفلة من إخوانهم...

وكتب بعض الروائيين والأدباء المستعجلين عن الإحتلال العربي للأندلس...وأخذوا يرددون مقولات حقوق الإنسان في غير موضعها...فواأسفي على تجاهل العرب والمسلمين لقضية الأندلس...

تحية أندلسية تحترم الآريين الموحدين الذين اعتنقوا الإسلام في الأندلس...

هشام زليم
26/10/2008, 12:14 AM
بداية اعلم اخي جمال أني أحبك في الله.

إن نشر تاريخ الجزيرة الإيبيرية في فترة ما قبل الفتح الإسلامي هي المفتاح إن شاء الله لإخراس الأفواه التي تحدثت عن غزو إسلامي للأندلس.
يجب أن نعلم أن عقيدة الكاثوليك الثالوثية غريبة عن أرض الأندلس و أن المسلمين امتداد لللآريين الموحدين الرافضين لألوهية المسيح (عليه السلام) و الرافضين للقول بالتثليث. و أن الأندلسيين اعتنقوا الإسلام عن اقتناع كامل لشبهه بدينهم قبل أن تفرض عليهم الكاثوليكية.

جمال الأحمر
26/10/2008, 01:13 AM
أخي الأستاذ الفاضل؛ أبو تاشفين هشام بن محمد المغربي

تحية طيبة

"أحبكم الله الذي أحببتمونا من أجله"!!!

أنا معجب بفهمك السديد للمسائل التاريخية النافعة....

ومعجب بأملك البعيد في عون الله ونصره...

بارك الله لك في علمك وعملك...

المشكلة يا أخي هي أن كثيرا من كتب التاريخ غير الممحص جنت على قضيتنا جناية خطيرة متواصلة...

1- بعض الشماتات العربية والمسلمة، بنا نحن الأندلسيين وأحبابهم، فاقت شماتات أعدائنا القشتاليين والأرغونيين الأسبان. وقد جاء في الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تظهر الشماتة بأخيك، فيعافيه الله ويبتليك"

2- تشفيهم منا ومن بلادنا المنكوبة، فاق كل تصور! وكأننا مع أعداء آخرين، لا مع إخوة في الدم والدين.

3- توجد شبهات كثيرة على عدة مستويات، تمنع وصول العرب والمسلمين للحقيقة التاريخية التي تنفعنا في العودة إلى بلادنا. ولذلك نحن في حاجة إلى ثورة علمية، بل نحن ملزمون بحرب معرفية تكسر أكثر ما كتبه المؤرخون والعرب عن الأندلس...إنه التحدي الذي لا بد لنا من خوضه دون تأخير....

تحية من أخيك الأندلسي...

ويجمعنا بعد الله حب الأندلس...