المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دروس ... في صحــة الرئيــــــــــــس !!!!



أماني مغاوري
12/10/2008, 02:55 PM
أتابع محاكمة الصحفي إبراهيم عيسى رئيس تحرير الدستور منذ بدايتها ، حيث كانت التهمة الموجهة له هي بث شائعات تتعلق " بصحة الرئيس " مما ألحق ضرراً بالإقتصاد القومي !!!! و أتساءل ....ألا يعد تقديم هذا الصحفي للمحاكمة دليلا كافيا على عجز الإعلام الحكومي عن التصدي للشائعة ، و فقدانه للمصداقية بالرغم من أن صور السيد الرئيس و جولاته ملأت الصحف الحكومية و كذلك نشرات الأخبار و غيرها .
و أعجب ما قرأت عن هذه المحاكمة كان في عدد جريدة الأهرام الصادر بتاريخ 7 يوليو 2008 في عبارة قالها السيد سمير الششتاوي المدعي بالحق المدني في القضية ، حيث قال " إنه أول من تقدم ببلاغ ضد رئيس تحرير الدستور لإصابته بأضرارنفسية و أدبية من جراء ما نشرته الدستور حول صحة الرئيس.... بل أنه قد أصابته حالة من الإرتباك و الفزع " !!!!!!

سبحان الله كل هذا حدث له من جراء قراءة تلك الشائعات ، المدهش في الأمر هو جعل تلك الشائعة سبباً في حدوث هزة في الإقتصاد المصري المهزوز أصلاً بدون الحاجة إلى تلك الشائعة أو غيرها ، فقد أصبحت عمليتا بيع الأصول(الخصخصة) و الضرائب هما المصدر الوحيد لدخل الحكومة في مصر ، و يطلقون على هذه العملية مجازاً اسم التنمية ، ما علينا ، لكن الذي نلاحظه في شتى دول العالم هو أن رئيس الدولة ليس هو اللاعب الرئيسي في ملعب الإقتصاد ، فاقتصاد إسرائيل مثلا لم يتأثر بغياب شارون ، و لا بفضائح أولمرت ، كذلك لم يتأثر الاقتصاد الأمريكى عند اغتيال كيندى ، و مات عبد الناصر ، و بعده السادات و لم يهتز الإقتصاد المصري ، و لا توجد دولة في العالم يرتبط إقتصادها بحضور أو غياب فرد واحد أياً كانت أهميته .

المعلوم لدي بما أعرفه من قدر ضئيل في الثقافة السياسية ، هو أن الدولة الحديثة الدستورية دولة مؤسسات تحكمها قوانين ، و أن الاقتصاد القومى يتحكم فيه مدى كفاءة تلك المؤسسات في آدائها لوظيفتها في المقام الأول، إلى جانب الظروف الدولية المحيطة ( حصار إقتصادي ، و حروب ، و خلافه ).

لقد قرأت ما أثير حول صحة الرئيس و لم يفزعنى أو يرعبنى ، فهو أمر طبيعى ( لو حدث ) لرجل في سن سيادة الرئيس ، بل لمن هم أقل منه في العمر بعشرين سنة .

كما أننى أعجب من سلوك محركي تلك الدعوى القضائية ، ألم يفزعهم و يضايقهم و يصيبهم بحالة من الإرتباك و الفزع ، و يدفعهم لتحريك دعاوى قضائية ، مصرع آلاف المصريين في الحوادث الناتجة عن الفساد ، و أكرر الفســـــــــــاد ، في العبارات ،و القطارات، و العمارات المنهارة ، و نتيجة للمبيدات المسرطنة ، و حالات الإنتحار لضيق ذات اليد في بلد تمتلىء بالثروات المنهوبة .

هل مصر دولة لها رئيس ، أم دولة رئيس ؟

بعد الهزة الاقتصادية العنيفة التى حدثت للاقتصاد المصري من جراء تلك الإشاعة المغرضة لم أعد أعرف الإجابة على هذا السؤال ، و خاصة أن عبارة السيد رئيس الوزراء بأن مصر دولة علمانية مازالت ترن في أذني ، و أظن أن ذلك كان رغبة منه في إظهار مصر في صورة الدولة الحديثة الدستورية ، دولة المؤسسات التى تحكمها القوانين ، و بيان مدى التقدم و الديموقراطية التى يرزح تحتها مصر و شعبها( فالدين الإسلامى تحديدا ، و الديكتاتورية ، و التخلف ، و الإرهاب قد أصبحوا باقة واحدة في عرف البعض) ، في الوقت الذي يتمسك فيه ساسة الكيان الصهيوني بالإعلان عن دولتهم الدينية بأنها واحة الديموقراطية في الشرق الأوسط دون الربط بين دينهم و الديكتاتورية و التخلف و الإرهاب ، و دون التمسح في العلمانية راعية الديموقراطية ، و كافلة حقوق الإنسان ، التى لم تحم الصحفي المعارض من السجن و الغرامة ، فالديموقراطية المصرية ديموقراطية من نوع فريد لها أنياب و أظافر يظهران وقت اللزوم لقمع أي رأى معارض ، و التهم و الجرائم جاهزة و فضفاضة ..من نوعية تعطيل الدستور ، و تكدير الأمن العام ، و بلبلة الشارع المصري ، و أخيرا أصابة أحد المواطنين بحالة من الإرتباك و الفزع خوفا على صحة سيادة الرئيس.