المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنا وحرب أكتوبر - حائط المبكى العربي



محمد فؤاد منصور
13/10/2008, 11:39 PM
أنا وحرب اكتوبر – حائط المبكى العربي


خمس وثلاثون سنة مضت منذ وقفنا في السادس من أكتوبر 1973 نرقص فرحين في الشوارع ونتابع انتصارات جيشنا بقلق ، أما الفرح فكان لأن الحرب ابتدأت بعد ست سنوات عجاف بدأ خلالها اليأس يتسرب إلى نفوسنا حتى تآكلت همتنا ونحن نرى التسويف والمماطلة من جانب قادتنا والصلف والغرور من جانب العدو القابع خلف جداره الرهيب على الضفة الشرقية لقناة السويس وتمنينا أن تنشب أي حرب وليكن مايكون حتى نخرج من حالة اللاسلم واللاحرب فإما انتصار يعيد لنا الكرامة المفقودة والهمة الضائعة وإما هزيمة نكراء لاتقوم لنا بعدها قائمة بعد أن صار الموت بكرامة أفضل من الخذلان والعار الذي يتبعنا أينما ذهبنا ..
أما القلق فكان مبعثه عدم الثقة فيمايصدر من بيانات عن القيادة العسكرية التي خدعتنا بياناتها في الحرب السابقة (1967) فصورت لنا أننا دخلنا إلى تل أبيب وأسقطنا طائرات العدو جميعاً حتى صار بعضنا يتساءل في دهشة .. معقول ؟ هل حقاً كان لديهم كل هذه العدد من الطائرات التي أعلن عن سقوطها .. وبينما كنا نرقص في الشوارع كلما أعلن المذياع عن سقوط المزيد من طائرات العدو كان العدو يحث الخطى ومعه كل عتاده العسكري يلاحق فلول جيشنا المبعثر فوق رمال الصحراء نحو الضفة الشرقية لقناة السويس وليس بينه وبين قلب القاهرة بندقية واحدة تستطيع ان تقف في وجهه فضلاً عن أن تقاومه أو تمنعه !! ..
استبد بنا القلق هذه المرة وعادت بنا الذاكرة إلى أيام يونيو (حزيران) السوداء ، ورحنا نسأل بعضنا البعض .. صحيح ؟ . هل حقاً عبرنا خط بارليف المنيع ؟ .. هل يحارب جنودنا الآن فوق أرض سيناء ؟ هل حقاً أخذنا بالثأر لكرامتنا المهدرة وعزتنا المفقودة .. عشرات التساؤلات استبدت بنا ,, وتجمعت في صدورنا كل فئران الأرض.. خوفاً من أن تتكرر المأساة من جديد .

**

يوم السبت السادس من اكتوبر 1973 ظهراً كنت قد عدت من كليتي ( كلية الطب / جامعة الأسكندرية ) وكانت امتحانات الشفوي للبكالوريوس للدور الأول قد تأجلت من موعدها المعتاد في يونيو انتظاراً لعودة الأساتذة من عطلاتهم الصيفية وكان مقرراً أن تبدأ في أوائل اكتوبر ، وكنت طالباً بالبكالوريوس وأتردد على الكلية رغم انتهاء الدراسة رسمياً لأتابع مع زملائي نزول جدول امتحانات الشفوي ولنتسامر قليلاً في الهم العام الذي يشغلنا جميعاً ، اذهب صباحاً وأعود ظهراً .. عدت في ذلك اليوم ودخلت غرفتي لأنام استعداداً لسهرة مذاكرة وتحضير للأمتحانات التي أوشكت على البدء .. قبل أن استغرق في النوم سمعت صوتاً عالياً آتياً من راديو الجيران ، موسيقى عسكرية صاخبة وصوتاً حماسياً عالياً للمذيع أطار النوم من عيني قفزت من فراشي وانطلقت إلى الخارج وكدت اصطدم بوالدتي رحمها الله التي كانت حريصة على هدوء المنزل لأتمكن من النوم ،قالت في جزع وقد ذهلت من اندفاعي السريع وغير المعتاد
- فيه ايه ؟
قلت : الظاهر الحرب قامت
صرخت في جزع
- ربنا يستر.
أما سبب جزعها فهو أن اثنين من أشقائي كانا على الجبهة .. الكبير كان ضابطاً احتياطياً بسلاح المدرعات تحت قيادة اللواء فؤاد عزيز غالي وهي القوة التي حررت مدينة القنطرة شرق وهو يكبرني بسنتين ( رحمه الله ) اما الثاني فكان أصغر مني بسنتين وكان حديث التجنيد ولولا أن دراسة الطب كانت طويلة جدا ً فربما كنت سأكون مكانه..
أخي الأكبر كان قد نزل في أجازة عادية كان من المقرر أن تنتهي في 8 اكتوبر لكن يوم 4 أكتوبر حضر إلى منزلنا اثنان من زملائه ليبلغوه بضرورة عودته فوراً ودون إبطاء وطبعاً لم يكن أحد يعلم سبب هذا الأستدعاء العاجل ولأن الأوامر كانت صارمة فقد سافر مساء نفس اليوم إلى الجبهة.


**


كنت ومازلت اعتبر نفسي ابناً باراً لعبد الناصر لأسباب كثيرة ، وكنا نتهكم كطلبة جامعيين تملؤنا الحماسة على أسلوب السادات الكوميدي في الحديث لأننا كنا نعتبر أنه تولى الرئاسة بصدفة قدرية وأنه لم يكن أهلاً لها وكنا مازلنا نذكر حضوره إلينا لتهدئة الطلاب الثائرين في مظاهرات 1968 وكيف اجتمع الطلبة في أحد مدرجات كلية هندسة الأسكندرية ليستمعوا إليه بوصفه أحد رجال عبد الناصر وكيف انهال الطلبة عليه تقريعاً وتوبيخاً حتى انهم جذبوه من كرافتته يومها ومن بين قيادات الطلبة آنذاك بالأسكندرية أذكر عاطف الشاطر من هندسة اسكندرية وأحمد عبد النعيم من طب الأسكندرية وكنت شخصياً في بداية حياتي الجامعية متفرجاً أغلب الوقت .
هذه كانت صورة السادات في عيوننا ، شخصية هزلية كاريكاتورية تثير الضحك والشفقة أكثر مما تبعث على الأحترام ولم نكن ننتظر ان يقود مثل هذا الرجل معركة بحجم معركة اكتوبر المجيدة ..
لكن للحق والتاريخ فقد ظلمنا ذلك الرجل كثيراً لأن قيادة دولة بحجم مصر وفي مثل ذلك الصراع والمواجهة بينها وبين الدول الكبرى واسرائيل لم يكن أمراً هيناً في ظل موارد معدومة وبنية تحتية منهارة وأشقاء عرب يسيئون الظن بالرجل حتى قيل إنه كان يستقبل في بعض العواصم العربية بمانشيتات صحف تقول وصل المتسول .. كان الأخوة - سامحهم الله - يتصورون انه لاهم له إلا جمع الأموال بحجة الحرب وانها تحولت لديه لدجاجة تبيض ذهباً .


**

هاأنا اليوم بعد مرور كل هذه السنين الطويلة أقول بملء الفم لم يكن الرجل خائناً ولاعميلاً ولامتاجراً بقضية شعبه ، بل كان منذ شبابه الأول رجلاً وطنياً مدافعاً عن القضية الوطنية وتحمل في سبيلها شظف العيش والطرد من الخدمة وهو ضابط كبير ليعمل سائقاً مرة وحمالاً مرة ويجوع ويعرى ويعطش لدرجة دفعته لتطليق زوجته الأولى لضيق ذات اليد .. وقد يبدو هذا الكلام إنشائياً أو عاطفياً للوهلة الأولى ولكن هيا نضع الأمور في نصابها حتى لانتوه وتتفرق بنا السبل ..
دعوني في البداية أضع هذا السؤال البسيط ؟
ماهو المطلوب من رئيس أي دولة ؟ ..
أن يراعي مصالح شعبه وأن يحافظ على كيان وطنه أم ان يدخل الحروب ويخسر أرض الوطن من أجل دول أخرى حتى لو كانت دولاً شقيقة ؟
لنتفق على أن دور أي رئيس لابد أن يكون رعاية مصالح شعبه الذي يضع فيه ثقته في المقام الأول ..
ثم سؤال آخر .. كيف تدخل الحرب إذا أردت كسبها ..؟
هل بالخطب العصماء والعنتريات التي ماقتلت ذبابة على رأي عمنا نزارقباني .. أم بإمكانيات مادية وتسليح جيد وتخطيط يحسب كل صغيرة وكبيرة قبل بداية المعركة ودراسة جيدة لأمكانياته وإمكانيات العدو ؟
فعلها عبد الناصر مرتين - رغم عشقي له كزعيم وطني واعترافي بانني ناصري تشرب روح عبد الناصر منذ بدايات الوعي- دخل الحرب مرتين وخسر في المرتين 1956 و1967 لأنه كان يعتمد على أهل الثقة لاأهل الخبرة ..
لم يكن من الممكن أن تجازف مصر بدخول حرب ثالثة لتلقى نفس المصير ..فكان لابد من الأعداد الجيد للحرب وبروح جديدة تماماً تضمن نجاح كل خطوة قبل تنفيذها - مع أنه لاشئ مضمون - ازاء قوة اسرائيل المتصاعدة وضمان الولايات المتحدة لتفوقها العسكري على جميع الدول العربية مجتمعة .


**


عندنا في مصر يعرفون أن عبد الناصر كان " صعيدي جلف" بينما السادات كان " فلاح إراري"..!
الصعيدي الجلف عندما يريد أن يزيل حائطاً من طريقه فإنه يدخل فيه برأسه وبكل قوته .. ينكسر رأسه ويبقى الحائط في مكانه ..أما الفلاح الإراري فإنه إذا أراد ان يصل إلى الشرق اتجه إلى الغرب وتظاهر بالسذاجة الشديدة وادعى الغفلة ورقة الحال حتى يتمكن من فريسته ويصل إلى غرضه .. هذا هو ملخص المقارنة بين الرجلين ..
بعد نكسة 1967 وتشرزم الجيش المصري وضياعه في صحراء سيناء وخلو الطريق بين سيناء وقلب القاهرة من أي قوة عسكرية مؤثرة ، كان لابد من شخصية عسكرية قوية تعيد الأنضباط للجيش و وتحافظ على الضبط والربط ويكون همها الأساسي هو إعادة بناء القوات المسلحة ولم يكن هناك أقدر من الفريق محمد فوزي المعروف بإنضباطه العسكري الشديد فقد كان الرجل المناسب تماماً لهذه المهمة ..
بدأت مرحلة البناء ثم الصمود ثم الردع حتى وصلنا إلى حرب الأستنزاف التي كبدت العدو خسائر فادحة كل ذلك في عهد عبد الناصر وانتهت المرحلة بقبوله لمبادرة روجرز لكي يتمكن خلال التهدئة من استكمال بناء قواعد الصواريخ ..
ثم جاء السادات ليستكمل المسيرة وصولاً إلى حرب اكتوبر ..
ولأن الدول لاتدخل إلى الحروب حباً في الحرب وإنما من أجل الوصول إلى حقوقها فقد اعتمد السادات " الفلاح الإراري " مبدأ المهادنة وتوقير الكبير وعدم الأنزلاق للشتائم والغلط في أمريكا ولاالتقليل والأستهانة بقوة اسرائيل وأرسل مستشاره للأمن القومي ( حافظ اسماعيل ) ليقابل وزير الخارجية الأمريكي ( هنري كيسنجر) ليعرض عليه مبادرته الأولى وصولاً إلى السلام وفيها بالطبع تنسحب إسرائيل إلى خط الممرات في سيناء ويتم فتح قناة السويس امام الملاحة البحرية كأغراء للدول الكبرى لمساندة المبادرة .. لكن هنري كيسنجر وبمنتهى الصلف والأستعلاء قال له ولكن هذه طلبات منتصرين .. لاتنسى أنكم مهزومون في الحرب فلايحق لكم المطالبة والتحدث كمنتصرين .. كان ذلك قبل حرب اكتوبر والتي لم يتوقف الأستعداد لها منذ نكسة 1967.


**

بدأ السادات مشواره بإنهاء مهمة الخبراء السوفيت ( 17000 ) في مصر وكان ذلك دليلاً قاطعاً امام مخابرات العدو على أن الرجل قد صرف النظر تماماً عن الدخول في حرب لاستحالة دخول الحرب بدون مساعدة السوفيت كما كان يتردد آنذاك بينما عرفنا فيما بعد أنها كانت ضربة معلم فقد كان السادات يريد ألا يدخل الحرب وهناك جندي سوفيتي واحد على أرض مصر يمكن أن تتخذ منه امريكا ذريعة للوقوف بجانب اسرائيل ..
ثم جمع قيادته العليا في اكتوبر 1972 قبل الحرب بعام واحد ليتعرف منهم على آخر استعداداتهم للمعركة وماهو مطلوب توفيره بالضبط وكان على رأس الجيش وقتذاك ضابط مشهود له بالكفاءة هو الفريق محمد صادق الذي صارح الرئيس بأننا لانمتلك من القوة العسكرية والأمكانيات مايمكننا من إلحاق هزيمة كاملة باسرائيل مع الأمداد الشحيح من قبل السوفيت لنا وكان لابد من إعفاء الفريق صادق لحساباته المادية الصرفة والتي لاتأخذ في الأعتبار الروح القتالية والرغبة في الثأر
وعلى خط مواز لكل ذلك كان هناك تنسيق كامل مع الرئيس السوري حافظ الأسد لدخول المعركة في توقيت واحد .. ثم وضعت قيادات جديدة معروفة بحنكتها وسعة خبرتها القتالية والعسكرية .. المشير أحمد اسماعيل علي وزيراً للحربية والفريق سعد الدين الشاذلي رئيساً للأركان والمشير محمدعبد الغني الجمسي رئيساً للعمليات واللواء محمد حسني مبارك قائداً للقوات الجوية واللواء محمد على فهمي قائداً للدفاع الجوي .. الخ .. نخبة من أكفأ وأعظم ضباط الجيش المصري علماً وكفاءة.. هكذا بدأت الحرب .. وهكذا بدأ البركان الذي اجتاح في طريقه أقوى مانع مائي في التاريخ ( خط بارليف ) وهكذا رفع العلم المصري على أرض سيناء الحبيبة .. وهكذا تمت بنجاح خطة الخداع المتشعبة والتي خدعت مخابرات العدو الأمريكي والصهيوني وهكذا تم توجيه لطمة قوية لهنري كيسنجر الذي استهان بقوة مصر والمصريين وحديثه الساخر من طلبات مستشار الأمن القومي المصري العادلة فجاء ذليلاً يطلب وقف إطلاق النار حتى لاتضطر الولايات المتحدة للوقوف بجيشها صراحة إلى جوار إسرائيل بعد أن صرخت وولولت جولدا مائير وأبرقت لواشنطون " انقذوا اسرائيل ".


**

من أسهل الأمور على المرء ان يطلق الأحكام الجاهزة دون روية ، او أن يجلس في مكتب مكيف ليعرض أرقاماً ويستخرج من الدلالات مايشاء أو أن يسم الناس بالخيانة وسوء الطوية .. نحن لانفرق بين مصر عبد الناصر ومصر السادات ومصر حسني مبارك حتى وإن اختلفت مواقفهم أزاء ظروف تاريخية ومرحلية معينة .. وكل واحد من حكامنا الثلاثة له أخطاؤه الفادحة بلاشك بل والكارثية أحياناً .. نحن نحب عبد الناصر لأنه قام بثورة اجتماعية حررت الناس من الأستغلال وسوء توزيع الثروة قام عبد الناصر بالأنحياز بوضوح لطبقات المجتمع الدنيا ورفع شأنها وحين أراد ان يلعب دوراً يتجاوز قدراته أراد الغرب أن يلجمه فساقه مغمض العينين إلى نهايته بتوريطه في صراعات خارجية وداخلية انتهت به مهزوماً منكسراً وقد ضاع ثلث أرضه وكل جيشه وسالت دماء المصريين انهاراً على رمال سيناء.. كانت لعبد الناصر إنجازات عظيمة .. وكانت له أخطاء قاتلة كذلك ..وترك للسادات تركة ثقيلة وواجباً صعباً أن يحرر الأرض وأن يستعيد ماضاع ..
بدأت الحرب كما خطط لها قادة العرب تماماً ولعب كل واحد دوره كأفضل مايكون .. حافظ الأسد في سوريا قام بدوره المتفق عليه وقام الملك فيصل رحمه الله بقيادة معركة البترول التي مازال الأمريكان يذكرون آثارها حتى اليوم ، ولم يكن من الممكن الأستمرار في الحرب اكثر مما حدث لتناقص الأمكانيات وقلة الموارد وضغط العدو وكان يجب ان تكون كل خطوة محسوبة بدقة فمظلة الصواريخ لم يكن بإمكانها أن تحمي الجيش إن هو تقدم اكثر في سيناء كان يجب ان تتوقف الحرب لألتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم الصفوف والأهم هو التشبث بالمساحة التي وصلنا إليها بشق النفس .. أي خطوة زائدة أو غير محسوبة كانت ستلقي بالجيش المصري بكامله في مياه القناة وكانت اسرائيل ستحتل القاهرة .. كان الأفضل أن تنهي الحرب منتصراً وبإمكانيات قليلة بدلاً من أن تفقد كل شئ وتبوء بالخيبة كما حدث في المرات السابقة .. كان مهماً أن يعلم العدو والصديق أننا مصممون على استعادة الحقوق بأي وسيلة ومن بينها الحرب المسلحة..
قاد السادات بعد ذلك معركة السلام باقتدار، فض الأشتباك الأول فالثاني فمبادرة السلام ثم دعوة الأخوة العرب لمؤتمر السلام بمينا هاوس ورفع أعلام سوريا والأردن وفلسطين على مقر المؤتمر بالقاهرة .. لكن أزمة الثقة واتهامات التخوين والعمالة جعلت الأخوة ينفضون من حول الرجل بل يعقدون مؤتمر بغداد لمقاطعته وتجويعه وتركيعه وقطع العلاقات معه وسحب جامعة الدول العربية من أرضه .. كل ذلك أضعف موقفه ودفعه اكثر في اتجاه الحل المنفرد .. ولو .. ولو .. ولو ..
ولكن لو تفتح عمل الشيطان ..
بح صوت الرجل وهو ينادي الأشقاء لنواجه العدو صفاً واحداً في معركة السلام كما فعلنا أيام الحرب .. وطالب بسلام عادل ودائم وشامل وعودة اللاجئين وحقنا في القدس لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية . ولكن غلب سوء الظن والقذف بالخيانة والأتهام ببيع القضية .. حتى صار أكبر همنا اليوم أن يفتح العدو لنا المعابر يوماً أو بعض يوم ! .. رحم الله السادات فقد كان زعيماً عربياً وقائداً فذاً .. سبق وقته وسبق امته وقتله أبناء جلدته الذين أخرجهم من غياهب السجون ثم راحوا جميعاً يترحمون على أيامه .. يبكون مثل النساء على قائد لم يحافظوا عليه مثل الرجال..

**

المؤكد أن العرب لأول ولآخر مرة في تاريخهم قد اتفقوا تماماً على موعد إعلان الحرب ولكنهم لم يتفقوا على كيفية إدارتها ولاتوقيت إنهائها !.. ربما كانوا معذورين في كثير من الأمور فهم يواجهون أعتى القوى المسنودة بأمبراطورية الشر في العالم ورغم الإعداد الجيد للمعركة والتدريب الجاد والقيادات الواعية إلا أن الأسلحة في أيدي العرب ظلت متخلفة عما في أيدي عدوهم حتى لحظة بدء العمليات القتالية !
كانت اسرائيل متفوقة عسكرياً ولم نكن نمتلك إلا الروح القتالية العالية والإيمان الشديد بأننا أصحاب حق وأن الله سينصرنا وسيعوض صبرنا خيراً ..
ربما لم أشر في المداخلات السابقة لقائد عربي عظيم هو الرئيس الراحل هواري بومدين الذي كان من أبرز قادة حرب أكتوبر المجيدة وكما قاد الملك فيصل يرحمه الله معركة البترول التي زلزلت الغرب ، قاد هواري بومدين يرحمه الله معركة لاتقل أهمية عن تلك التي كانت تجري على جبهات القتال ، ذهب إلى الأتحاد السوفيتي أثناء سير المعارك ليضمن إمدادات السلاح للمقاتلين على جبهات القتال وكانت وقفته قوية ومؤثرة غير أن السوفييت على مايبدو لم يكونوا على ثقة كاملة من قدرات المقاتل العربي ، تلكأوا وماطلوا وساوموا ولم يراعوا أن كل لحظة تمضي تعني أن الأسلحة والذخائر في أيدي المقاتلين البواسل على الجبهة تتناقص باستمرار والأهم أن المزيد من الشهداء كانوا يتساقطون وأن لحظة لابد آتية يصير فيها مابيد العدو من سلاح أكثر بكثير ممابين أيدي مقاتلينا ، ونظرة على الجانب الآخر كانت تؤكد أن الحرب في ظل تلكؤ السوفييت قد تنتهي بكارثة جديدة .. أذكر أن اخي رحمه الله عقب الحرب مباشرة وكان أحد الذين حرروامدينة القنطرة شرق قال لي وهو يروي ماحدث : لقد كنا في نزهة ، لقد فتكنا بهم ولقناهم درساً قاسياً حتى يوم السادس عشر من أكتوبر ، لم يكن لسلاح الجو الأسرائيلي أي وجود في سماء المعركة لكن منذ السادس عشر وجدنا سماء المعركة تعج بطائرات العدو ، كان واضحاً أن ترسانة الأسلحة الأمريكية قد فتحت أبوابها على أرض المعركة ، وأننا أضطررنا لقبول وقف إطلاق النار وإلا خسرنا كل شئ..
نجح العرب في الحرب لكنهم فشلوا في السلام وكعادتهم الأبدية بدأوا يتبادلون الأتهامات ويرمون بعضهم البعض بالخيانة .. كان النجاح أكبر من كل توقعاتنا فنسينا أن نتفق على مايجب أن نعمله إن جنحوا للسلم .. ومنذ خمسة وثلاثين عاماً وحتى اليوم ونحن لانتفق على إدارة معارك السلام التي تحتاج لوحدة الصف والأتفاق على الحدود الدنيا لما نرضى به اكثر من حاجتنا للأتفاق على مجريات الحرب .

**

كلمة أخيرة لكل أولئك الذين لايعجبهم العجب ويلوكون كلمات الخيانة والعمالة والتخاذل دون تبصر ولابصيرة .. فلنتفق على أن الرجل رحمه الله قد تحول بين عشية وضحاها إلى خائن وعميل ، وأنه قد باع القضية وقبض الثمن بل وأكثر من ذلك فلنتفق على أنه وضع خليفة له يحمل جينات العمالة والخيانة .. وإلى آخر تلك الأتهامات التي لاتقف على ساقين .. لنتفق على كل هذا .. هذا الرجل قد تخلى بزعمهم عن القضية منذ مايزيد عن ثلاثين عاماً (نوفمبر1977) وأنتم دول مستقلة وذات سيادة وأعضاء في هيئة الأمم والمنظمات الدولية سواء بسواء مثل دويلة اسرائيل التي مازالت تحتل أجزاء غالية من أراضينا .. هل يتطوع أحدكم فيخبرنا ماذا فعل الأخوة النشامى منذ ثلاثين عاماً ومنذ اكتشفوا فجأة أن حليف الأمس قد خان وباع وتآمر ؟.. كم طلقة أطلقوا في اتجاه العدو وبالمقابل كم طلقة استقرت في صدور أشقائهم ؟
أم ترى حرب أكتوبر قد تحولت إلى حائط للمبكى نذرف عليه الدموع كلما هبت ذكراها ثم نجدد صيحات الأتهام بالخيانة والعمالة لرجل مات وشبع موتاً وصار أثراً بعد عين ؟

د. محمد فؤاد منصور

حسين راشد
14/10/2008, 01:22 PM
صديقي الحبيب د. محمد فؤاد منصور
لم أجد في حياتي ولم أصادف شعباً يكره الانتصار ويحقره مثل بعض الكتاب العرب
في حين أن المهزوم والمدحور يتفاخر بأنه استطاع أن ينهزم و يمجد أبطاله المهزومين و ترتفع أقلامهم ليبحثوا عن (ثغرة) يمجدونها من أجل أن يقللوا من وطأة هزيمتهم .. ويقلبونها إلى نصر في عين وأذن وعقول من يشاركهم
وأقولها ولا أهاب رد الفعل
لو أن العدو الصهيوني قادر على معاركة مصر عسكرياً فما كان سيظل محافظاً على هذه المبادرة التي توقف حلمه من الفرات إلى النيل
ولو كانت الدول العربية الشقيقة ثبتت على مبدأها أبان الحرب لكان الوضع تغير كثيراً
اليوم جاء اليوم الذي أعلنه السادات في عام 1973 أنه يحارب أمريكا ..
وبعد ثلاثون عاماً أتت أمريكا لتحارب العراق
البلد واحد أيا كان فالعراق ومصر وكل شبر عربي هو عربي ..
لم تكن نبوءة السادات إلا تحذير للمتوهمين أن أمريكا صديقة (محايدة) بل كان إعلاناً أنها عدو في ثوب صديق ولكنها الأشرس و الأقدر عتادياً,, ولذلك كانت معاهدة السلام أمريكية في المقام الأول والأخير .. وهاهي تلك القوى تخر مهزومة أمام الشعب العراقي الصلب ومقاومته الباسلة التي كسرت حاجز الخوف من البعبع الأمريكي
فيا ليتنا يا صديقي العزيز نوجه سهامنا نحو العدو الحقيقي . ونترك الهامشيون في هامشهم .. فالمتن أحوج لكل حرف وطني لنستكمل بناء كلمتنا العربية الشامخة
دمت مصرياً عربياً واعياً
خالص الحب والتقدير

آداب عبد الهادي
14/10/2008, 02:29 PM
الصديق العزيز الدكتور محمد فؤاد منصور المحترم

أراك تغمز وتلمز كثيراً يا سيدي في هذا المقال،كنت أتمنى أن تكون القراءة عربية صرفة وليست مصرية محدودة،وأنا شخصياً وبصدق أنظر لمصر في هذا الموضوع كسورية تماماً،والأخطاء التي حدثت يتحملها القادة المصريون والسوريون معاً .
لا شك أن الدراسات المقدمة من قبل الخبراء في هذا الموضوع صورت الأمور للسوريين بطريقة وعلمونا إياها وللمصريين بطريقة أخرى وعلموهم إياها،وتبقى الحقيقة عند القلة محفوظة وغائبة عنا.
ثايناً: لايوجد شيئاً اسمه (رجل مات وانتهى الامر)لأن أفعاله ماتزال قائمة والرئيس أياً كان ليس كأي مواطن يموت وينتهي كل شيء، وأنا ذهبت عدة مرات لمصر ورأيت بأم عيني نتائج السلام ولن أقول -كي لا تزعل -(الخيانة).
وكوارثنا هي إرث من مات منهم.
سأعود لأقول لاحقا شيئاً في هذا الموضوع (بود طبعاً)أيها الصديق المصري العزيز

محمد فؤاد منصور
14/10/2008, 09:05 PM
أخي العزيز وصديقي الأثير حسين راشد
أشكرك على المرور والمتابعة والآراء التي تثلج صدري لأنها تصدر من كاتب أريب وسياسي محنك وعربي أصيل تعيش في وجدانه قضايا أمته .. تحياتي.
د. محمد فؤاد منصور :fl:

اشرف الخضرى
14/10/2008, 09:36 PM
رغم كل شىء ..رغم الدعم الامريكى العسكرى المباشر الهائل اللامحدود..رغم تهديد امريكا بضرب الاسكندرية بقنبلة نووية

لتأمين حياة الجنود الاسرائليين فى الدفرسوار ورغم تمثيلية الدرفسوار التى اوهمت العدو انه خرج من ذل الهزيمة الى جسر التعادل

قام العرب جميعا يدا واحدة بكسر اسرائيل وامريكا معا وانتصر العرب فى توحدهم وتمسكهم فالسعودية قاتلت

وسوريا قاتلت ومصر قاتلت وكل نفس عربية قاتلت وشاركت فى المعركة..كل الخلافات التى اتت تداعيا للسلام

وكل ما حدث لا يزيل من الذاكرة التوحد العربى العظيم فى وجه امريكا واسرائيل

وانا شخصيا لا احب استخدام مفردة اسرائيل لان اسرائيل لم تحارب ابدا اى دولة عربية فكما زرعها العالم الغربى

ومكن لها فى فلسطين فلقد حارب لها هذا العالم وامدها بالسلاح والمؤن والدعم الاعمى

وما اسرائيل الا بقعة محتلة من الارض تتلخص فى بضع مدن صغيرة لا يكلف محوها من العالم

ماينفقه الشعب المصرى على الشاى والدخان..امريكا لن تدوم والعرب تعلموا كل الدروس

والبشارة اطلقها جنود حزب الله ولم يبق لاسرائيل الكثير..

محمد فؤاد منصور
14/10/2008, 10:05 PM
الأخت العزيزة والصديقة المحترمة آداب عبد الهادي
أولاً أشكرك غاية الشكر على مشاركتك القيمة والتي أسعدتني لماتبدى فيها من فهم وإدراك لقيمة النقاش بالحسنى ودون عصبية مقيتة أو إقليمية بغيضة وهو مانسعى جاهدين لتخليص واتا وحواراتها من تلك الآفات المضرة لأطراف أي نقاش .. واسمحي لي أن استعرض معك ماجاء في مداخلتك نقطة بنقطة وأرجو ان اوفق على الأقل في تحسين صورتي التي يبدو أنني لم اوفق في إظهارها بالشكل الذي أرجوه لها .. ويعلم الله أنني ماكنت لأدخل إلى هذه الساحة لولا دعوة لاترد وصلتني من أخ عزيز لإبداء الرأي وأنا بطبعي اتجنب الموضوعات الجدلية الخلافية لأنها عادة لاتصل إلى شئ ولاتفيد في تصحيح تاريخ مضى بخيره وشره ..
تقولين سيدتي أنك رأيت في مقالي غمزاً ولمزاً .. وليس من طبيعتي ان أقول إلا ماأؤمن به والمقال برمته ليس أكثر من ذكريات شخصية عشتها في حينها إلى جانب ماعرفناه عن أوضاع قواتنا وتسليحنا في مقابل قوة العدو وتسليحه في ذلك الوقت .. فهل تتكرمين بذكر مواضع الغمز واللمز أو ماأعتبرته كذلك لعل شيئاً قد سقط مني سهواً دون قصد ولعلي أضع الأمر في سياقه الصحيح لأكون مفهوماً بشكل أيسر.
الأمر المهم ياعزيزتي والذي يهمني بشكل خاص توضيحه هو انني لااعتبر نفسي مصرياً فقط .. بل أنا عربي تشربت فكر القومية العربية منذ نعومة أظفاري ولست محسوباً على أحد فرغم ميولي الناصرية فإنني اعتبر أن ثورة يوليو وعبد الناصر قد أضرت مصر والمصريين أكثر مما أفادتهم فهي ثورة الأنجازات الكبيرة والخسائر الفادحة في نفس الوقت .. ولاأعتبر نفسي ساداتياً لأنني أتصور أن السادات وجد نفسه أمام مهمة لايمكن الهرب منها أو التخلي عنها فأنجزها بحسب الإمكانيات التي أتيحت له ليجد نفسه بطلاً أسطورياً بين عشية وضحاها وتصور أنه يمكن أن يفعل مايشاء فأدار دفة الأقتصاد والسياسة إلى جهة الغرب مما جر علينا كوارث مازلنا نعاني منها إلى اليوم هو أيضاً كانت له أخطاء فادحة ليس أقلها سياسة الأنفتاح غير المدروس والتي مهدت الطريق للكارثة الثالثة وهي بيع القطاع العام وتشريد الأسر وإفقار الشعب .. هذه حقائق لاننكرها .. لقد حاولت أن اتحدث عن حرب اكتوبر بمنتهى الموضوعية .. لم أتطرق لأوضاع سوريا ولاالأردن لسبب بسيط هو أنني أقل علماً من أصحاب الشأن بهما .. لم أخلص من مقالي إلا إلى أن العرب اتفقوا على بداية الحرب لكنهم لم يتفقوا على نهايتها ولاعلى مسيرتها ومسيرة السلام بعدها .. فهل تراني تجاوزت في شئ من هذا ؟
لست أنا الذي يبعد في طرحه عن الموضوعية .. عندما يجئ من يقول إن السادات اتفق على ثغرة الدفرسوار مع اليهود لكي يضعف جيشه المنتصر ؟ .. فهل مثل هذا الكلام يحمل أي قدر من الموضوعية أويدخل العقل أو حتى يستحق عناء الرد عليه؟ ومهما بلغ خلافنا مع السادات ؟!..
عندما يأتيك من يقول إن الحل الأمثل لثغرة الدفرسوار كان هو سحب الجيش المصري من الضفة الشرقية وإعادته أو إعادة ثلثه إلى الضفة الغربية وان السادات رفض هذا الحل المثالي !! .. فهل هذا كلام يستحق الرد عليه ؟ ..
الجيش المصري خدع العدو وعبر بنجاح وتشبث بمواقعه وكل ذلك في ظل إمكانيات أقل بكثير من إمكانيات العدو .. وهو تحت قيادة السادات - حتى لو كانت قيادة بالصدفة - قد حقق أول نصر عسكري في تاريخ العرب الحديث في مقابل هزيمتين عسكريتين لاينكرهما أحد في ظل قيادة عبد الناصر التاريخية فهل هذا الكلام يجانب الموضوعية ؟ ويتجنى على التاريخ ؟
خالص شكري وتقديري لحضورك الثري سيدتي وآسف للإطالة..

محمد فؤاد منصور
15/10/2008, 10:52 PM
أخي العزيز الشاعر أشرف الخضري المحترم
أشكرك على المرور والتعليق .. ليتنا ياعزيزي نتعلم دروس التاريخ ونصلح ذات بيننا ونتوقف عن تلويث رموزنا .. التجربة الوطنية المصرية ليست وقفاً ولاحكراً على أحد إنها سلاسل متصلة منذ أيام مينا موحد القطرين تتحكم فيها ظروف مرحلية وتاريخية وتوازنات للقوى .. ليس هناك زعيم أكثر وطنية من الآخر ولكن هناك زعيم يستطيع ان يجمع الدراويش والمريدين كما يفعل مطربو الموالد ومغنو المدائح وكلما أجاد العزف على المشاعر وتغلغل في الوجدان كان قادراً على تحويل الهزيمة النكراء إلى نصر مبين والعكس بالعكس .. أما مهمتنا كأناس على درجة من الوعي والأدراك هي أن نحسن تقييم المواقف في ظل الظروف التي صنعتها ..لآأن نتحول إلى ببغاوات نردد أي هراء ..
تحياتي .
د. محمد فؤاد منصور :fl:

معاذ أبو الهيجاء
15/10/2008, 11:32 PM
الأخ الدكتور هل وصلنا بنا الحد أن يكون هكذا تفكيرنا السياسي !!!
أن ندافع عن الخائن الأكبر انو السادات الذي قال أمام الدنيا 99 من أوراق الحل بيد أمر يكا شخص يقول هذا القول هل تشك لحظة انها خائن اعترف بوجود اسرائيل هذه وحده كافية لقطع رأسه كيف يعترف أن لإسرائيل الحق بالوجود على ارض هي وقف اسلامي !!

عزيزي الدكتور : هل قرأت كتاب أنور السادات يا ولدي هذا عمك جمال!!

أنور السادات عميل أمريكي ما في ذلك شك، منذ أن ذهب مع الضباط الأحرار للقيام بانقلاب تموز يوليو سنة 1952 حتى الآن، وليس هناك حاجة لدليل، فكتابه المعنون بكلمة "يا ولدي هذا عمك جمال" يكفي للدلالة على عمولته لأمريكا، ولكنه عميل مخلص، فهو لم يكتف بالعمولة الصادقة، بل أخذ يعمل سمساراً لجلب عملاء لأمريكا.
وأنور السادات هو كذلك دجال كبير، ومخادع من أفظع المخادعين مخلص للعمالة الأمريكية لحد لا يوصف .

ابراهيم عبد المعطى داود
16/10/2008, 12:36 PM
د/ محمد فؤاد منصور
تحية عاطرة
شكرا لهذا الطرح لموضوع حيوي دارت حوله حقائق وشائعات وتقارير واكاذيب وتكهنات ..
واسمح لي أن أعرض وجهة نظرى المتواضعة محاولا أن أتحرى المصداقية والأمانة بقدر ماأستطيع ..
مما لاشك فيه وأعتقد أن الجميع متفق على أن حرب اكتوبر بقيادة انور السادات كانت أعظم حرب
خاضها الجيش المصري منذ عين جالوت وحطين وانه سبقها حرب استنزاف رهيبة دمرت فيها مدن القناه
وشرد أهلها وقصفت المصانع (السويس ) وتوقف انتاج البترول نهائيا وتعطلت الملاحة فى قناة السويس
ثم أن الدولة بالرغم من الامكانيات القليلة والمتواضعة جدا استطاعت أن تربط الأحزمة وتسخر كل جهودها
الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية للإعداد لتلك الموقعة والتى لابد منها لكسر الغرور الاسرائيلى وتحقيق
توازن شامل فى المنطقة ..وفى منظومة رائعة من التعاون المثمر بين جميع العرب والذى تمثل فى :
1- قطع امدادات البترول عن أمريكا ودول أوروبا المساندة لإسرائيل .
2- إمداد الجيش المصري بما يحتاجه من أسلحة وذخائر ورجال "لواء المشاه المكانيكية الجزائرى "
طائرات مقاتله من ليبيا "سحبها القذافى عند احتدام المعركة ..!!!" - دبابات عراقية "
3- قيام الوحدات الخاصة اليمنية بمساعدة القوات البحرية المصرية فى إحكام حصارها على مضيق باب المندب .
وبناء على تلكم المنظومة الرائعة من التعاون المثمر نجح الجيش المصرى فى عبور القناه "أقوى مانع مائى فى
العصر الحديث " وتحطيم خط بارليف "أقوى خط دفاعي فى العالم " .
وتتابعت الأحداث حتى معاهدة كامب ديفيد ..
ومن وجهة نظرى المتواضعة وخصوصا أننى أزعم أننى تابعت الأحداث منذ الحرب متابعة دقيقة سواء كانت عسكرية
أو سياسية أو اقتصادية ..لذا سأحاول إلقاء الضوء على الإيجابيات والسلبيات التى إنتهت اليها المعاهدة :
أما الإيجابيات فتتمثل فى :
1- تعمير الجانب الشرقي من مصر "خط قناة السويس " بمحافظاته الثلاث وعودة المهجرين الى ديارهم وإنشاء
المنطقة الحرة فى بورسعيد ومصانع البتروكيماويات فى السويس وتحقيق نهضة صناعية وزراعية فى هذه
المحافظات التى عانت كل أنواع الدمار منذ نكسة 67 وكذا إنشاء المنتجعات السياحية "دهب -شرم الشيخ -
الغردقة ...الخ " مما أنعش الاقتصاد المصرى المتهالك وخصوصا أن العرب قطعوا المعونات الاقتصادية
عن مصر بل جميع أنواع العلاقات الاقتصادية .
2- إفتتاح قناة السويس وما تدره من دخل وخاصة أنه بإنتهاء حرب اكتوبر كانت الخزانه المصرية على وشك
الافلاس "رصيد البنك المركزى المصرى يوم 28 اكتوبر 35 الف دولار "!!
3- الاهتمام بالبنية الأساسية المصرية من إقامة المستشفيات ومد طرق وكبارى وجامعات وإنشاء مجتمعات
عمرانية جديدة " مدينة 6 اكتوبر - مدينة العاشر من رمضان "
4- تحسنت الأحوال المعيشية لإفراد الشعب وارتفع مستوى كل فرد وعم الرخاء .
أما السلبيات فتمثلت فى :
1- تفكيك وحده الصف العربي ..وتفريق كلمة العرب .
2- عدم فرض السيطرة الكاملة على تراب سيناء بما تتضمنه المعاهدة من قيود "تحديد عدد الجيش المصرى
تحديد عدد المدافع والدبابات ...الخ "
3- إلزام الحكومة المصرية بتنفيذ التطبيع الاقتصادى بإتفاقيات فيها الكثير من الغبن لمصر مثل "إتفاقية الكويز ..
-الغاز الطبيعي - الأسمنت "
4- معاهدة الدفاع المشترك مع دول المواجهة بإسرائيل أصبحت فى خبر كان فاستفردت اسرائيل بلبنان عام 82
وضربت المفاعل الذرى العراقى - و...الخ
الأستاذ د/ محمد فؤاد
من قلب مفعم بحب هذا البلد الحبيب والخوف عليه ..يبقى السؤال مطروحا :
من المسئول ..محمد أنور السادات أم سلفه الذى إستكان وبصم بالعشرة .
لك خالص ودى وتقديرى واحترامي .

نورهان عادل
16/10/2008, 01:43 PM
أعتقد أن الكتور محمد فؤاد منصور معه حق فى كل كلمة قالها
وإن أختلفت الأراء فلنذكر محاسن أمواتنا رحمهم الله جميعا
وأتقدم بالشكر للدكتور منصور على شرحه الوافى وتعليقه القيم

محمد فؤاد منصور
16/10/2008, 10:27 PM
أخي العزيز معاذ أبو الهيجاء
اتعجب وانت المسلم - ظاهرياً على الأقل فالله أعلم بالسرائر - أن ترمي الناس بالباطل وتتهمهم بالخيانة دون أن يطرف لك جفن !!
أمران لاأقبل بهما على متصفحي .. تكفير الناس وتخوينهم .. وأنت بالذات وانت تعيش في الأردن لايحق لك أن تتحدث عن الخيانة فأنت تعلم من الذي باع ومن الذي خان .. وهوبالتأكيد ليس مصرياً والمصري ياعزيزي لايخون قضية العرب لأنه يعيش بها ولها كل مافي الأمر أنه تصرف كما تصرف الآخرون بوصفه مسئول عن تحرير أرضه كأولوية أولى ثم بعد ذلك يبذل قصارى جهده لمعاونة أشقائه فلماذا تستكثر عليه أن يكون رئيساً لمصر وحدها في موقف واحد كان يتطلب منه ذلك بينما تقره لكثيرين غيره؟ .. إذا تحدثت هنا عن الخيانة مرة أخرى فاعذرني إن لم أرد عليك وانتظر ماطاب لك الأنتظار زعيماً لايرميه بني جلدته بالخيانة بعيداً عنا .. ثم اتبعه راضياً مرضياً ..فإنني اتصور أنه طالما بقيت بهذه العقلية فإن انتظارك سيطول .. تحياتي.
د. محمد فؤاد منصور

محمد فؤاد منصور
17/10/2008, 02:03 AM
أخي العزيز الأستاذ إبراهيم عبد المعطي
أحييك من هنا على وطنيتك الدافقة والتي هي نموذج لحب الوطن بعيداً عن الشعارات والمهاترات .. ماتورده من حقائق دامغة في أكثر من موضوع يتعلق بحرب أكتوبر لمما يضع الأمور في نصابها بحيث تستقيم الرؤية أمام القارئ المنصف وكلمتك الأخيرة هنا هي آية في الموضوعية والنظر إلى الأمور بشكل عقلاني بحت بحيث أظهرت سلبيات وإيجابيات معاهدة السلام وبوضوح ودون محاباة أو مزايدة وهو ممايدعم مصداقيتك بكل تأكيد .. أشكر حضورك الراقي..
وتقبل تحياتي. :fl:

د. محمد فؤاد منصور

محمد فؤاد منصور
17/10/2008, 12:36 PM
الأخت الأستاذة نورهان عادل
أشكرك على المرور والتعليق وأرحب بك في متصفحي زائرة دائمة .. لك التحية .:fl:

آداب عبد الهادي
20/10/2008, 02:25 PM
سيدي الفاضل الدكتور محمد فؤاد منصور المحترم

بصدق أقول استمتعت واستفدت أيما استمتاع بذكرياتكم الشخصية في فترة حرب تشرين،وتمنيت لو كانت أكثر تفصيلاً للفائدة التي يجنيها منها كل متصفح ومهتم وأشكرك جزيل الشكر على تقديمك تلك الذكريات
-وفي هذه المناسبة أقدم لسيادتكم الكريمة التعازي والتهنئة في آن معاً باستشهاد أخيك الفاضل رحمه الله في تلك الحرب العظيمة.
-أما عن الغمز واللمز فقلتها بمودة صرفة لسيادتكم الكريمة وتحديداً على الفقرة التالية من مداخلتكم
هل يتطوع أحدكم فيخبرنا ماذا فعل الأخوة النشامى منذ ثلاثين عاماً ومنذ اكتشفوا فجأة أن حليف الأمس قد خان وباع وتآمر ؟.. كم طلقة أطلقوا في اتجاه العدو وبالمقابل كم طلقة استقرت في صدور أشقائهم ؟
سيدي الفاضل أدامه الله.
علينا سواء في مصر أو في سوريا الإعتراف بما يلي:
أولاً:أنا معك بأن الحرب بدأت بشكل رائع وجميل وبسرية مطلقة وحقق الجيش المصري على الجبهة المصرية الإنتصارت العجيبة التي لم يكن اليهود يتوقعون إحراز الجيش المصري هذا الانتصار العظيم.
-نعم حققت حرب تشرين الهدف المصري المراد تحقيقه.
-بعد العذر من الأحباء المصرين ،حدثت خدعة من مصر ضد سورية ولصالح العدو الإسرائيلي في الحرب.
وهذه الخدعة هي:
-بينما كان الجيش السوري يحقق الانتصار تلو الآخر على الجبهة السورية وكاد يصل إلى فلسطين بإنجازاته وفي هذه اللحظة كان الجيش المصري استرد كل أراضيه،في هذه اللحظة الحاسمة أعلنت القيادة المصرية بإيقاف القتال وتوقف القتال فوراً وفعلاً،ومن ثم توجه الجيش الإسرائيلي الذي تلقى الهزيمة الكبيرة من الجيش المصري اتجه إلى الجبهة السورية ومعه الطائرات الأمريكية وبدأوا بضرب الجيش السوري من كل الجهات والأخبار تعلن ذلك والقيادة المصرية تراقب والجيش المصري يعود إلى قواعده سالماً بعد تحقيق الانتصارات
في هذه الحالة أبلي الجيش السوري بلاء كبيراً وبقي لوحده على الجبهة ولم تكن إمكانياته لا العسكرية ولا العددية تقارن لا بإمكانية الجيش المصري ولا الإسرائيلي ومن هنا بدأ الجيش السوري بالتراجع عن الاراضي التي كان قد استرجعها ومن بينها طبريا.
هنا أعاد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الاستنجاد بالقيادة المصرية وبالجيش المصري وبرجاء طلب منه القيام بعمل ما لأن الجيش الاسرائيلي والطائرات الأمريكية ستصل إلى دمشق.
هنا وفي هذه اللحظة قال الرئيس السادات للرئيس حافظ الأسد (والله أنا لست على استعداد لمحاربة أمريكا ولا أستطيع فعل شيئاً ما لك ..تصرف.
وعندما اشتدت الكارثة واقترب الجيش الاسرائيلي من دمشق هنا وبدون طلب من العراق قام الرئيس الراحل صدام حسين بإرسال الجيش العراقي ليصل في أقل من أربع وعشرين ساعة إلى دمشق وإلى الجبهة السورية ليشارك الجيش السوري في رد العدوان القادم إلى دمشق وإجباره على التراجع وقدم الجيش العراقي كل طاقاته البرية والجوية لدحر الجيش الإسرائيلي وأبلى الجيش العراقي بلاء كبيراً وقد حدثت معركة في جبل الشيخ في سورية بمنطقة اسمها دربل وفيها أبيدت فرقة عراقية كاملة من قبل الجيش الإسرائليي والطائرات الامريكية ومع ذلك لم يستسلم أياً من الجيش السوري ولا العراقي حيث تم امداه بفرق عربية أخرى مغربية وجزائرية إلى أن تم حفظ كرامة الوجه ..(ولن أزيد عن ذلك).
سيدي الكريم :عندما قرر السادات مع الرئيس السوري بدء الحرب ألم يكن الرئيس السادات يعلم أنه يحارب أمريكا وليس أسرائيل.
-لماذا تخلى الرئيس السادات عن الرئيس الراحل حافظ الأسد وتركه لوحده في الجبهة يصارع أمريكا واسرائيل التي قال الرئيس السادات بكل عظمته وعظمة مصر أن سيتوقف عن الحرب لأنه لا يستيطع مواجهتها.
-ألا تعتقد أن الرئيس السادات توقف عن الحرب باتفاقية بمقايضة (بصفقة)تمت بينه وبين الإسرائيلين والأمريكان على حساب سوريا.
-ألا تعتبر تخلي الرئيس السادات ومصر عن سورية في عز الحرب اسمه غدر .

تقبل مني هذه المداخلة الآن لأعود مرة أخرى لمتابعة الحديث
لك تحياتي وشديد احترامي

محمد فؤاد منصور
20/10/2008, 11:47 PM
الصديقة العزيزة والأخت الغالية آداب
بمنتهى الصدق أقول إنني استمتع بالتحاور معك حول ذكريات أيام هي من أمجد أيامنا كعرب وهي فرصة طيبة لأتعرف على وجهة نظركم في سوريا .. واسمحي لي أن أبسط الأمر بشكل يجعله اكثر وضوحاً .. فنحن قد اتفقنا على الأقل على أن الحرب بدات بشكل رائع وكانت النية معقودة على أن نربح هذه الحرب بأي ثمن .. لكن الأحداث سارت في اتجاهات لم نكن نتوقعها او حتى لم نتفق على كيفية تسييرها..
في بداية الحرب كان الجيش السوري أخطر على إسرائيل من الجيش المصري .. وذلك لأسباب تتعلق بقرب المسافة بين خط الحدود في سوريا وقلب اسرائيل بينما الجيش المصري كان بعيداً جداً عن خط الحدود الدولية وكان أمامه إذا ماأراد أن يصل لقلب اسرائيل أن يعبر قناة السويس بنجاح ثم يقتحم خط بارليف الحصين ثم يجتاز صحراء سيناء الشاسعة والمترامية الأطراف وهي مهمة تكاد تكون مستحيلة ومهما كان ضعف العدو .. فمابالك ونحن نواجه عدواً شرساً جيد التسليح ومدرب بشكل جيد ومن ورائه الترسانة الأمريكية بالكامل .. من هنا أتصور أن إسرائيل كانت تخشى كثيراً من تقدم الجيش السوري بأضعاف ماتخشى من تقدم الجيش المصري الذي كان يمكنها أن تتركه يتقدم كما يشاء لكي تنفرد به في صحراء سيناء الواسعة .. أليس كذلك .. ؟
وكما تعلمين ياعزيزتي فقد كان اعتمادنا بالكامل على السوفييت الذين كانوا يماطلون ويسوفون ولايستجيبون بسهولة لمطالب الجيش المصري من السلاح .. والرواية التي أوردها أخي عبد القادربوميدونة صحيحة تماماً وهي أنه أثناء الحرب وبينما كانت تدور فوق صحراء سيناء أشرس المعارك وكل ثانية تمر لها ثمن من الأرواح والعتاد كان هواري بومدين في موسكو يعرض شيكات على بياض ويحث السوفييت على عدم تأخير السلاح ..
نحن اوقفنا إطلاق النار لأنه لم يكن هناك بديل آخر .. بالفعل وصلت الطائرات الأمريكية بكثافة شديدة إلى قلب المعركة بينما ذخائر الجيش المصري لم تكن تكفي لأستمرار الحرب ثلاثة أيام أخرى والسوفييت يماطلون وكان الجيش سيلقى بعدها مصيراً سيئاً فاستمرار الحرب كان هو الأنتحار بعينه وخسارة الشريط الذي تم تحريره والسيطرة عليه وهو شريط ضيق بالقياس لمساحة سيناء الواسعة .. ولو حدث ذلك لماقامت للجيش المصري قائمة فمن المستحيل أن تترك اسرائيل الجيش يعبر مرة اخرى إلى الضفة الشرقية للقناة .. فتقدير الموقف هنا كان هو التشبث بما تم انجازه وعدم التفريط فيه بأي ثمن .. أنت قلت إن الجيش المصري استرد كل آراضيه وهذا غير صحيح .. فمصر استردت شريطاً ضيقاً من الأرض لايقاس بمساحة صحراء سيناء الواسعة وهذا الشريط تم استرداده بحماية مظلة الصواريخ وماكان من الممكن أن يتقدم أكثر بدون مظلة الصواريخ لأن الجيش وصل لأبعد نقطة تغطيها تلك المظلة وأي تقدم جديد كان سيجعل الجيش عارياً تماماً من الحماية وتحت رحمة طيران العدو .. سوريا أبلت بلاءً حسناً ولكن لااسرائيل ولاأمريكا كانت ستسمح ببقاء الجيش السوري قريباً من قلب اسرائيل لذلك تم تكثيف الهجوم الشرس لأبعاد الجيش السوري وإحكام السيطرة على مرتفعات الجولان وهذا كان سيحدث سواء استمر الجيش المصري في القتال أو لم يستمر .. ربما تعتبرون في سوريا مافعله السادات غدراً ولكن صدقيني نحن في مصر لانرى الأمر كماترونه في سوريا ولاأظن أن السوريين كانوا سيسعدون لو عاد الجيش المصري إلى الوراء إذا هو واصل القتال بدون ذخيرة كافية أو تقدم إلى قلب الصحراء دون حماية كافية .. ماحدث على الجبهتين المصرية والسورية هو أفضل ماكان يمكن أن يحدث بالرغم من أننا كنا نتمنى نهاية أفضل مماحدث ولكن إيقاع هزيمة ساحقة ماحقة باسرائيل مسألة ليست سهلة في ظل ضمان امريكا لبقائها وتفوقها على العرب مجتمعين ..
وأرجو ألا تزعلي مني إذا قلت إنكم في الشرق العربي تستسهلون الأتهام بالغدر والخيانة بينما نحن نلتمس العذر لمن لاتمكنه إمكانياته من فعل شئ .. ولانطلب من الأشقاء أكثر مماتسمح به قدراتهم .. أنت قلت جاء الجيش العراقي على عجل لنصرة الجيش السوري .. فأين كان ذلك الجيش في بداية المعارك ؟ ولماذا لم يشترك من أول لحظة ليعزز مواقع الجيش السوري المكتسح والمنتصر ؟ .. أم اننا لانتعاون مع بعضنا إلا بعد خراب مالطة ؟ .. هناك الكثير مما يمكن أن يقال ولكن صدقيني .. نحن في مصر نحب سوريا والسوريين ونرى أنهم شركاء مصير ورفاق سلاح .. ولاأظن أن السادات خان سوريا أو تآمر عليها .. إنما هي الظروف التي تدفعنا أحياناً إلى مالانحب ..
تقبلي عظيم احترامي وتحياتي.