المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاتصال الخطابي بين الفارسية والعربية (3)



د.رأفت رشوان
17/10/2008, 01:12 AM
الإشكالية اللغوية والدلالية في الخطاب
ثمة عقبات قد تحول بين منشئ الخطاب و إمكانية النجاح في بناء خطابه علي نحو لغوي واضح لا لبس فيه , وبالصورة التي تمكن المتلقي من إدراك هذا الخطاب علي النحو المرجو , و تجعله يسلم بما ينتهي إليه هذا الخطاب من أفكار ومضامين .
ومن هذه العقبات أو الإشكاليات ما يتعلق بالألفاظ أو الكلمات التي يستخدمها منشئ الخطاب , ومنها ما يتعلق بالتراكيب التي يسوق فيها ألفاظه, سواء أكانت هذه التراكيب عبارات أم جمل أم فقرات, ومنها ما يتعلق بالأسلوب الذي يلجأ إليه في طرح أفكاره, أو حتى بالبنية اللغوية المتكاملة التي يطرحها وما تحمله من تقديم لبعض المكونات علي بعضها الآخر , و تضخيم البعض واختصار البعض الآخر .. وهكذا .
والواقع أن ثمة علوما متعددة عملت علي التصدي لهذه الإشكاليات,ولعل أبرز هذه العلوم وأعرقها علي الإطلاق علم البلاغة بفروعه الثلاثة(المعاني والبديع و البيان ) وعلم النحو, وحديثا علوم اللغة والأسلوبية و الدلالة..وغيرهم من العلوم التي تتصل بهذا الأمر بشكل أو بأخر .
وثمة قواعد , إذا ما تم إتباعها من قبل منشئ الخطاب , أمكنه تجاوز الوقوع في غموض الألفاظ أو التراكيب التى تعد من أهم أسباب فشل الاتصال الخطابي بين العربية والفارسية لما تحفل به كل لغة من دلالات وألفاظ تحمل معانى مختلفة أوكما يسميه البعض التلاعب بالألفاظ.
وفيما يلي عرض لأبرز هذه القواعد :
- قواعد التغلب علي غموض الألفاظ :
لا مراء أنه إذا ما تحقق لنا الاتفاق علي أبعاد فكرة أو واقعة أو قضية ما, أو أي شيء - مع ما قد يشوب ذلك الاتفاق من تعقيد أو صعوبة - فما أيسر أن يتم الاتفاق علي الرمز أو اللفظ أو المصطلح الذي يمكن أن يشير إلى هذا الأمر موضوع الاتفاق علي نحو لا لبس فيه.
وغالبا ما يتكفل السياق الذي يطرح فيه اللفظ, بتوضيح المعني الذي يقصده منشئ الخطاب من وراء هذا اللفظ .. فنحن نعرف الكلمات والعبارات ونفهمها عند سماعها من الآخرين أو قراءتها في سياقات متباينة , ونعرفها - من ناحية ثانية - عندما تكون مرتبطة بالإشارة إلى موضوعاها . أي أن هذه المعرفة تأتي عن طريق السياق , أو الإشارة ثم نتواصل مع الآخرين . ونحن نقتنع بأننا نتواصل مع الآخرين إذا ما استجاب من يشترك معنا في الكلام بصورة ملائمة , وكل ذلك يحدث في الخارج دون أن نعول علي الأفكار .
كما يشير علماء الدلالة إلى إننا يمكن أن نستخدم الكلمات ذات المعاني القياسية(القاموسية) إذا ما رغبنا في الاتصال مع آخرين من ذات جماعتنا اللغوية, فهذه المعيارية تجعل الاتصال ممكنا كما أنه يحقق التوافق المنشود علي المعني.
- قواعد بناء العبارة أو الجملة:
الجملة هي الكلام الذي يحسن السكوت عليه , أو تلك التي تتألف من مبتدأ وخبر أو فعل وفاعل, أو تلك التي تؤدي معني تاما.
أما كلمة العبارة.. فتنطوي علي معني العبور أو الانتقال من مرسل يرسل العبارة إلى المستقبل الذي يتلقاها ويفسرها .. وهذه هي السمة الرئيسة للاتصال ..حيث تتجسد المعاني في صور أو ألفاظ . والإشكالية التي يمكن أن تواجه بناء الجملة أو العبارة هي كون هذه الجملة قد لا تمكنا من فهم حقيقة المعني الذي تحمله علي نحو دقيق . ويعود ذلك , إما لعدم بناء هذه الجملة علي نحو فصيح,أو لارتفاع مستوي التجريد في بناء الجملة علي النحو الذي يجعل ثمة صعوبة في تحديد ما يمكن أن ترمز إليه الألفاظ المستخدمة علي نحو قاطع , وهنا تترك الكلمات - المعلقة في دلالتها -المجال مفتوحا أمام أي تأويلات محتملة , وفق سياق الفرد الذي يتلقاها وذلك مما يحقق صعوبة الاتصال بين الحضارتين العربية والفارسية.
كما أن استخدام مثل هذه الألفاظ في بناء الجملة , لا يمكنا من بناء جملة تحمل معني تاما وواضحا لا لبس فيه . لذا فإن مراعاة عدم تعقد المعني الذي تستقل به هذه الجملة و طرحه بشكل مبسط - لاسيما في المعالجات التي تتصل بالقضايا الفكرية - أمر ضروري لنقل هذا المعني دونما لبس إلى المتلقي .
يضاف إلى ذلك ضرورة تجنب ضعف التأليف , و الذي يحدث بسبب التقديم والتأخير وعدم مراعاة رتب الكلام , أو باستخدام الإضمار قبل الإظهار ,كذلك تجنب العبارة الطويلة ما دام استخدام العبارة القصيرة ممكنا ؛ لأن أحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره , ومعناه في ظاهر لفظه ؛مما يؤدى إلى اتصال حواري تسوده الشفافية بين الأمتين.
- قواعد الأسلوب :
يمثل البناء الأسلوبي للخطاب العملية التي يختار خلالها منشئ الخطاب اللغة والتراكيب التي تناسب موضوع الخطاب أولا , والمتلقي ثانيا, والسياق ثالثا .. إنه الأسلوب المنفتح الذي يقوم به المرسل ليرسل رسالة ما إلى متلق في مقام معين .. هذه العملية الاتصالية و التواصلية تقوم علي احتمالات لغوية , أو غير لغوية متواضع عليها بين المرسل و المتلقي , و هذه العملية تبرز سمات معينة تسمي الأسلوب .
ولا يزال الأسلوب المستخدم في الخطابات التعبيرية أكثر منه في الخطابات الإقناعية , وثمة دور لا يمكن إنكاره لبعض التقنيات الأسلوبية كالمجاز والاستعارة والتشبيه وغيرها في تحقيق الإقناع . غير أن مراعاة جماليات الأسلوب عند معالجة القضايا التي تحتاج إلى كلمة فصل, ينبغي ألا تتعارض مع الهدف الأصيل , وهو عرض المقدمات والنتائج دون تحريف أو تبديل

م.سليمان أسد
17/10/2008, 05:09 PM
أشكر لك جهودك و موضوعك القيم
دكتور رأفت رشوان
أقترح أن تجمع ما كتبته في موضوع واحد (مع الإحتفاظ بأرقام الأجزاء)
لأن ذلك سيسهل متابعة الموضوع على القراء
و سيحول دون تشتت الأفكار

د.رأفت رشوان
19/10/2008, 10:21 PM
أشكر لك جهودك و موضوعك القيم
دكتور رأفت رشوان
أقترح أن تجمع ما كتبته في موضوع واحد (مع الإحتفاظ بأرقام الأجزاء)
لأن ذلك سيسهل متابعة الموضوع على القراء
و سيحول دون تشتت الأفكار


المشرف الفاضل م.سليمان أسد لكم منى كل تقدير واحترام على هذه الملاحظة الطيبة التى ستكون موضع اعتبار وتقدير ولكن علمت من أحد الأصدقاء فى المنتدى أن النشر فى المنتدى لابد ألا يتجاوز صفحة أو(20سطر) وهو ما جعلنى أقسمه إلى أجزاء, كما أن هذا الموضوع عبارة عن مجموعة من الأفكار أعددتها لتوحيد الخطاب الأسلامى بشكل عام ووجهته إلى أكبر أمتين أسلاميتين (العربية والايرانية) بشكل خاص لما بينها من اتصال وتبادل (ثقافى ولغوى وحضارى) مشترك .وانشاء الله سأعمل على تجميع تلك الأفكار ونشرها فى مقال واحد فى أقرب وقت. مع شكر وتقديرى.
د.رأفت رشوان