المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملحمة الطفل .. أحمد الشعراوي المصري



بهائي راغب شراب
20/10/2008, 09:37 AM
ملحمة الطفل
أحمد الشعراوي المصري

بهائي راغب شراب

إلى الطفل العربي المصري الذي لم يصبر أمام ما يفعله اليهود المحتلين لفلسطين بأطفال فلسطين من قتل ومن تعذيب ، وما يحدثونه من دمار وتخريب للبيوت والطرق والمزارع ، ولقد استنفر مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة كل ما يملك من طاقات وغضب ترجمها إلى فعل ، فتوجه وحده ودون علم والديه إلى نقطة العبور في رفح على حدود مصر مع فلسطين آملا دخولها ليشارك أطفال فلسطين جهادهم وبطولاتهم في مواجهة الإسرائيليين القتلة .. قتلة الأطفال .. ولكن يا لحسرته .. لقد أعادوه قبل أن يدخل وكان حاملاً معه حجارة من سجيل .
يا له من فتى
عجيب .
أحمد المصري
وحده يجيب .
يقوم من مرقده
يغلق التلفاز قبل أن يكمل مشاهدة
المسلسل الغريب .
يغادر غرفته ،
ناظريه يرنوان إلى البعيد .
أمه وراءه ،
والده وراءه ،
الناس كلهم وراءه ،
الشوارع والمسارح ومحطات
المغادرة والوصول
ذكرياته ..
جميع ذلك وراءه ..
لم يبال ..
النداء يدفعه إلى الأمام
النفير احتواه ..
وعليه أن يجيب بلا تردد
دون تأخير ..
الجو حوله مريب ..
حوله مريب .
*
أحمد المصري
خلاصة الشارع العربي
من الخليج إلى المحيط .
وجهه يشرق بالنور
أنفاسه تطلق العبير .
زهرة لوتس تظلل النهر العظيم .
النيل .. مقبرة الغزاة
الرنين والوجيب .
وهو رسالته ..
بشارته ..
لرياحين فلسطين .
*
جاء منطلقاً
لم يفكر بالحدود
أطلق روحه من أسر الشعارات
ومن القيود .
مضى من بيته في القاهرة
ودّع أصحابه في المدرسة
سافر إلى العريش
إلى رفح
إلى خط العبور ..
إلى فلسطين .. أراد أن يمرَّ
ليرجم اليهود .
كنانته ملآى بالحجارة
وبعزائم الجدود .
*
أحمد المصري
ماذا يقول ..؟
الشعوب لا تموت
الأطفال في كل مكان عربي
إخوان متضامنون ،
رياحين جنة لا تزول .
كوثر من عسل وحليب ،
وعصافير تحوم .
الأطفال في كل زمان ..
شموس تضيء ،
تصهر صدأ الرجال
تطهرهم من رجس العبيد .
أحمد المصري
ماذا يقول ..؟
دم الفلسطيني أبداً
لا يهون .
*
يتساءل أحمد الشعراوي
ما بالهم اليهود يقتلون
أطفال فلسطين ..
أحباءه ، أصدقاءه ، إخوانه ديناً ويقين ..
محمد الرامي
محمد الغاضب
محمد الثائر
محمد الشدّيدة
محمد القاذف
محمد الدرَّة
وجميع المُحَمَدون
ما بالهم يحاصرون المدارس والشوارع
يدمرون الحقول .
يحرقون المنازل والحدائق
وبساتين البرتقال والليمون .
ما بالهم اليهود حاقدون
على الطفولة العربية
وعلى الشعوب ..
*
لا تقولوا لأحمد المصري
أننا أمة تهون ..
هو لا يعي غير الحقائق التي
أمامه تجري وتدور ..
الحجارة .. الحجارة ..
وحدها تواجه الحديد والنار
والطائرات التي تنشر الموت مجاناً
بلا ثمن .. بلا حدود
في ساحة الأقصى المقدس ،
في القرى والمدن ،
فوق قمم الجبال ،
على شاطئ البحر ، وفي السهول ..
أهكذا الموت سهل
أهكذا الغدر يكون .
أهكذا يسقط الشهداء في فلسطين
زهوراً تزين فضائياتنا العربية
و ينزرعون في الصدور .
يتجذرون في القلوب
يخرجون من العروق
ولا يأبهون .. لو يموتوا
الموت يحييهم
ويستدعي الدهور .
*
لا تقولوا لأحمد المصري
أنكم تتابعون نشرات الأخبار
لتعرفوا ما يدور
وأنكم تمسكون بالخيوط .
لكنكم تنتظرون القيامة أن تقوم
لتقوموا وتقوموا ..
ثم ترجعون عائدين
مُحَمَّلون بالخزي والعار
مهزومون .
*
لا تصدقهم يا أحمد المصري
لا تصدق ما يقولون
إنهم المتمردون على " محمد الأمين "
الخارجين من العروبة واليقين .
إنهم الطفيليون .. عملاء
أمناء هيكل اليهود ..
الذي يدَّعون ..
أنه سيقوم .
لا تصدقهم ..
خرجوا من جلودهم
فهم لا يفقهون .
*
أحمد المصري
روح جديدة
رؤيا جديدة
انطلاق للغضب الكتوم
أحمد المصري راية
تنحني أمامها النجوم
تصغر بجانبها رايات الحُكَّام والمُلوك .
تكبر بها رايات الإيمان والفعل
والحقوق .
أحمد المصري بستان يجود
بالعطر والبخور .
تغار منه الفصول .
تنزوي خجلا أمامه
الأشجار والزهور .
أحمد المصري ريح عاتية
قادمة من كل الجهات
قِبْلة للقلوب والعيون .
*
أيها الناس تحركوا
نداء أحمد المصري علا
القيامة لن تقوم
إلا عندما تفتحون الحدود ،
تطلقون أسرى السجون .
إلا عندما " أبو خاطر " يخرج من قبره المسكون
يقود جحافل الشهداء والجنود ،
ويجتاز الحدود .
*
لا تقولوا أنكم لا تسمعون
ولا ترون النار آتية ..
تحرق القعود والجنون .
النار آتية ..
تطهرنا مما يعشش في النفوس .
لا تقولوا أنكم لا تسمعون
ولا ترون ،
لا حاجة لآذانكم ، لعيونكم ،
قلِّبوا في رؤوسكم العقول .
فكروا بأحمد المصري
ومنافذ العبور ..
فكروا ..
كيف تعبرون .
*
أيها الطفل الجميل
يا تميمة الصدق والحب
وشكل العاشقين ..
ماذا قلت لأبيك ..؟
قبل أن تروح .
ماذا قال لك أبوك ..؟
بعد أن كبَّلوك ..
وحملوك إلى سريرك مثل فرخ الحمامة ..
المذبوح .
ماذا قلت لأمك ..؟
قبل أن تسير في الطريق .
ماذا قالت لك أمك ..؟
بعد أن جاءوها بك محمولاً ،
داخل قفص مزين بالوعود .
كنت عصفوراً طليقاً
ذهب يدافع عن حقوقه والوجود ،
يدافع عن محمدٍ وحامدٍ ومحمود ،
يدافع عن مُصَلاه
وعن موقع الإسراء والسجود .
لماذا أعدتموه
الريح تحمله ، كانت
إلى هناك والكفوف
لماذا أرجعتموه ..
بعدما جاوز المنافي والسدود .
المحمدون جميعهم كانوا بانتظاره
ينتظرون الأحمدون ..
أحمد المصري ، و الشامي ،
أحمد العراقي ، والمغربي ،
الإماراتي ، واليمني ،
أحمد الفوقي ، والتحتي ،
أحمد الشمالي ، والجنوبي ،
أحمد الغربي ، والشرقي ،
أحمد القروي ، والحضري ،
وأحمد وأحمد وأحمد
وجميع الأحمدون .
*
أحمد المصري
يا له من فتى
عجيب ..
وحده يجيب ..
لم ينتظر تصريحاً من
رئيس أو عميد ..
وحده جاء يُقَرِّب البعيد
هذا هو النيل الأصيل
هذا هو الشعب الحبيب
شعب مصر العروبة ..
التليد .
وحده جاء يؤكد
الحبيب للحبيب
القريب للقريب
وكلنا نسير
على خطى الشهيد .
*
يا أحمد المصري ..
دمك هو دمنا
يا أحمد العربي ..
دمك هو دمنا
يا أحمد البَشَري ..
دمك هو دمنا .
يا أحمد الديني ..
دمك هو دمنا .
يا أحمد الثوري ..
دمك هو دمنا
يا أحمد الوردي ..
يا أحمد الشجري ..
يا أحمد البحري ..
يا أحمد البريّ ..
يا أحمد القَمَري ..
يا أحمد الفيروز والياقوت والمرجان
يا أحمد الأرضي ..
يا أحمد السماوي .
يا أحمد الطفل ..
دمك هو دمنا …
وتشهد تفاصيلك أنك ..
أحمد الكُلِّي
أيقونة الروح
أبدية الخلود ..
عندما تغضب تزلزل الأرض
تحت أقدام عدونا اللدود .
عندما تغضب تذل أمامك الفهود والأسود .
عندما تغضب
تتحرك الجبال
والطوفان يأتي .. يقلب موائد السادة العظام
ومن تآمروا على أحفاد الجدود .
عندما تغضب تنهار أوهام اليهود
عندما تغضب تنهار العوائق
وتستسلم المدافع والحصون .
عندما تغضب يا أحمد الكلي
يغضب لأجلك السحاب والضياء
والهواء والثرى المبسوط
وتثور أمواج البحور ..
يا أحمد الكُلِّي ..
هذه قيامتنا تقوم
فهل يقوم من نام الدهور ..
وهل يقوم مُخَدَّرَ الإحساس والشعور
هل يقوم العرب
في لحظة الفجر القريبة
يرفعون راية الانتفاضة ..
العذراء الوحيدة
والبتول ..
ينثرون بذورها في النفوس
البعيدة والقريبة .
فهل يقوم العرب
يحرسون قيامة الأطفال ..
حتى لحظة النصر
العتيقة .*
خان يونس في 21/10/2000

:emo_m6::emo_m6::emo_m6: