المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرب الأفكار وصراع الوجدان والأذهان



د. محمد اسحق الريفي
21/10/2008, 11:48 PM
حرب الأفكار وصراع الوجدان والأذهان

أ. د. محمد اسحق الريفي

لا تزال "حرب الأفكار" التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ضد العرب والمسلمين مستمرة رغم أن هذه الحرب قد فترت قليلاً بسبب فشل استراتيجيات النصر الأمريكية في العراق، الذي تحول إلى كابوس للأمريكيين ووضع حداً لطموحاتهم في خلق شرق أوسط جديد يحق مصالحهم ويضمن هيمنتهم على منطقتنا.

فإضافة إلى الحروب العسكرية التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية على الشعوب العربية والإسلامية، يخوض الأمريكيون "صراع القلوب والعقول" مع هذه الشعوب، ولا تقل خطورة هذا الصراع ذات الأبعاد الثقافية والسيكولوجية والذي يطلق عليه الأمريكيون "حرب الأفكار" عن الحروب العسكرية، بل إن النجاح في تحقيق أهداف الحروب العسكرية يعتمد أساساً على نتائج هذا الصراع الذي يبدأ قبل الحرب ويستمر خلالها وحتى بعد انتهائها.

ولقد رصدت الولايات المتحدة لحرب الأفكار أموالاً طائلة، ووظفت أعداداً كبيرة من عملائها وخبراء الدعاية والإعلام في الولايات المتحدة لخوض هذه الحرب، وأشركت فيها العديد من الباحثين الاستراتيجيين في مؤسسات الدراسات السياسية والإستراتيجية في الولايات المتحدة الأمريكية. كما أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من الفضائيات والإذاعات المسموعة والمرئية للترويج للدعاية الأمريكية ومحاولة إقناع الشعوب العربية والإسلامية بحسن نوايا الولايات المتحدة تجاههم، رغم جرائمها الوحشية في العراق وأفغانستان، ورغم دعمها المتواصل للكيان الصهيوني.

ويتولى مسؤولية توجيه ودعم حرب الأفكار التي يطلق عليها الأمريكيون "عملية تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم العربي والإسلامي" وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون، وتهدف هذه العملية إلى تغليف الأهداف الأمريكية العدوانية تجاه العرب والمسلين بغلاف من الشعارات البراقة المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الإنسانية والديمقراطية؛ وذلك لإخفاء حقيقة المخططات الأمريكية التي تستهدف الشعوب العربية والإسلامية.

وتتضمن أهداف حرب الأفكار تشكيك المسلمين بدينهم وإقناعهم بعدم صلاحية الشريعة الإسلامية للحياة، واتهام الإسلام بأنه السبب في كل ما تعانيه أمتنا من تدهور في مجالات التعليم والسياسة والاقتصاد والتنمية البشرية. وذلك تمهيداً لفصل الإسلام عن حياة الناس، ليتسنى للولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون والحركة الصهيونية الهيمنة على بلادنا والقضاء على وجود أمتنا. ومن جهة أخرى، تسعى الإدارة الأمريكية إلى إقناع الناس بأن الديمقراطية ونمط الحياة الأمريكية هي الدين الجديد الذي يجب أن يدخل فيه العرب والمسلمون أفواجاً، والذي يجب على المثقفين العرب والمسلمين أن يطبلوا ويزمروا له.

وهناك هدف خطير غير معلن لصراع الأفئدة والأدمغة، وهو إجبار العرب والمسلمين على تفهُّم التحيز الأمريكي المطلق لما يسمى (إسرائيل)، وعدم إبداء الكراهية إزاءها وإزاء قادتها المجرمين، بل وحتى التسامح معهم ومع جرائمهم! ولذلك أصدرت إدارة بوش قانون ما يسمى "معاداة السامية"، لملاحقة كل من يتجرأ من المثقفين والإعلاميين والسياسيين العرب والمسلمين على انتقاد قادة الكيان الصهيوني وممارساتهم الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني.

ولكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تنتصر في هذا الصراع، ولن تنتصر أبداً، ولا سيما بعد ظهور صورتها على حقيقتها، بسبب المجازر الوحشية والدموية التي ارتكبها الأمريكيون وحلفاؤهم الغربيون في العراق وأفغانستان، وتلك المجازر التي ارتكبها الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني بدعم وتغطية أمريكية. ومما يؤكد خسارة الولايات المتحدة لحرب الأفكار، أن خبيرة الدعاية الأمريكية "شارلوت بيرز"، التي كلفتها وزارة الخارجية الأمريكية بمهمة تحسين صورة الولايات المتحدة لدى العرب والمسلمين، تقدمت بالاستقالة مرتين، بسبب الفشل الذريع لمحاولاتها المتكررة في تحسين صورة بلادها المقززة، وقد تم قبول استقالتها.

وكان البنتاغون قد أصدر تقريراً مطولاً عن الفشل الذريع الذي كُللَّت به الحملة الدعائية والإعلامية الأمريكية الهادفة إلى تضليل الجماهير العربية والإسلامية، ويعترف التقرير بأن السياسة الخاطئة التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه العرب والمسلمين هي السبب في فشل تلك الحملة، وليس كما يزعم اللوبي الصهيوني بأن عدم وضع استراتيجيات وخطط مناسبة لصراع القلوب والعقول هو سبب فشل تلك الحملة!

وقال التقرير إن "الحملة الإعلامية" التي تأتي في سياق حرب الأفكار وصراع القلوب والعقول، تهدف إلى فصل الغالبية العظمى من العرب والمسلمين الذين لا يستخدمون العنف – على حد وصف التقرير – عن الذين تصفهم الإدارة الأمريكية بالمتشددين الذين يعتنقون فكر المقاومة. ولم تخفق الجهود الأمريكية – كما نص التقرير – فقط في هذا الشأن، بل حققت نتائج معاكسة لما أرادته.

ولا تتجاوز الأساليب التي يستخدمها الأمريكيون في حرب الأفكار استخدام الكذب والتضليل واستمالة قلوب الجماهير. وقد لجأت الإدارة الأمريكية إلى احتكار مصادر الأخبار فيما يتعلق بالمقاومة المتصاعدة في العراق وأفغانستان. وتقوم الإدارة الأمريكية بسن القوانين وإصدار القرارات لتبرير قمعها لحرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة، وتعتمد هذه الإدارة أسلوب التخويف والتهديد بالملاحقة القانونية لكل من يناهض سياسات واشنطن، فقد طالب نواب في الكونغرس الأمريكي بمعاقبة كل من ينتقد الولايات المتحدة الأمريكية أو يتهجَّم عليها.

إذن اعترفت الإدارة الأمريكية بخسارتها لحرب الأفكار، ولم ينجح الطابور الخامس الإعلامي في بلادنا في التأثير على قلوب الشعوب وعقولها، بل على العكس من ذلك تماماً، فالجهود التي تبذلها الفضائيات والإذاعات المسموعة المدعومة من البنتاغون ووزارة الخارجية الأمريكية أدت إلى نتائج عكسية عززت إدراك الشعوب لمدى الخطر الذي تشكله الولايات المتحدة على العالم. ومع كل ذلك، على المثقفين ألا يقفوا على الحياد، وعليهم أن يقوموا بواجبهم في إظهار الحقائق وتوعية أبناء أمتهم، فالصمت والظلام يتساويان في حقيقتيهما، وهي العدم!

2/11/2008

نسرين حمدان
24/12/2008, 03:30 AM
((وهناك هدف خطير غير معلن لصراع الأفئدة والأدمغة، وهو إجبار العرب والمسلمين على تفهُّم التحيز الأمريكي المطلق لما يسمى (إسرائيل)، وعدم إبداء الكراهية إزاءها وإزاء قادتها المجرمين، بل وحتى التسامح معهم ومع جرائمهم! ولذلك أصدرت إدارة بوش قانون ما يسمى "معاداة السامية"، لملاحقة كل من يتجرأ من المثقفين والإعلاميين والسياسيين العرب والمسلمين على انتقاد قادة الكيان الصهيوني وممارساتهم الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني.))

كل التقدير والإحترام لك أستاذي ووالدي ومعلمي :

تكملة لحديثك القيم السابق أود التوضيح أن المنطلق الوحيد لإعلامنا العربي، في مختلف المجالات الفكرية والتربوية والتثقيفية والتوجيهية هو الإسلام (عقيدة وشريعة وسلوكاً ومنهجاً في الحياة) أي حماية عقيدة الأمة وتوفير السلامة الفكرية لها في كل ما ينشر ويكتب ويبث فالأمر يتطلب إيجاد وحدة موضوعية وتبادل في العلاقة والوظيفة بين الإعلام والأمن في مكافحة الجريمة بطورها الفكري والمادي وعدم التساهل أو التراخي في عرض الأخبار التي تدعو إلى الجريمة، ووضع وتطوير واستحداث مناهج إعلامية أمنية تساهم في وضعها المؤسسات التربوية والاجتماعية والسياسية والدينية والثقافية والبحثية.

إذ لا جدال في المعادلة التي مؤادها: (إن الأمن الثقافي الفكري قاعدة الأمن بشموليته)، والإعلام هو مروج الأفكار وهو موجهها فإن التنسيق بين مسؤولي الأجهزة الأمنية ومسؤولي الأجهزة الإعلامية والثقافية والتربوية والدعوية في البرامج الأمنية أمر مهم، حتى تؤدي دورها كاملاً في عملية تنسيقية وترابطية فاعلة.

ولنا في تراثنا الإسلامي الشيء الكثير الذي يمكن ان نتحصن به لمواجهة الوافد الغريب من الفكر والثقافة ويحرص ديننا الحنيف على بناء الإنسان وتربيته واعداده اعداداً صالحاً إيماناً بأن صلاح الإنسان شرط صلاح الحياة الفردية والاجتماعية وفساد الإنسان ضمان فساد الحياة الفردية والاجتماعية بالاعتدال والوسطية (لا افراط ولا تفريط).

وبحكم عمل رجال الإعلام الوثيق الصلة بالأفكار فالمسؤولية منوطة بهم في المقام الأول لينبروا أيضاً إلى مسألة ترقية اهتمامات الناس قبل تلبيتها وان سبق الترقية من أساسيات أعمال الإعلام، لأن مجرد تلبية تلكم الاهتمامات على ما هي عليه أو بعد افسادها لا يمثل إلاّ منطق الباطل والهلاك وألا ننزل بالناس إلى مستوى غرائزهم بدعوى إرواء اهتماماتهم وتسليتهم ثم السعي الجاد إلى إيجاد قنوات فضائية عربية إسلامية ومواقع على شبكات الإنترنت تعرف شباب الأمة بالسليم من الفكر والثقافة وتدحض الغث الوافد وتحصنهم بحصانة التربية والقدوة الحسنة.

د. محمد اسحق الريفي
24/12/2008, 09:08 PM
أشكرك جزيلا أختنا المكرمة الأستاذة نسرين حمدان على هذا البرنامج الإعلامي المتكامل لتحصين أبناء أمتنا ضد الغزو والاختراق والتفريق الثقافي، الذي سخر له أعداء أمتنا إمكانات هائلة لإذابة ثقافتنا الإسلامية.

ودمتم بعز وخير