احمدحامدالسكرى
23/10/2008, 04:22 AM
من صعوبات الترجمة :
الحمد لله رب العالمين ، الفرد الصمد ، الذى لا صاحبة له ولا ولد ، وصلاة وسلامًا على أشرف الخلق أجمعين ، وخاتم المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
لا شك أن للترجمة أهمية قصوى فى التواصل الفكرى والحضارى بين الشعوب والثقافات المختلفة ، وهى ذات عروة وثقى بنمو المعرفة الإنسانية عبر التاريخ البشرى ، ولا أحد ينكر أن الترجمة عملية ذهنية إبداعية تتطلب قدرة لغوية وفكرية ممن يقوم بالترجمة ؛ فالمترجم حينما يشرع فى ترجمة نص ما ، لابد وأن يستوعب اللغة التى ينتمى إليها هذا النص استيعابًا لا يقف عند حد الشكل أو المضمون ، بل يتعدى ذلك إلى الإلمام بالإطار الفكري والثقافي والتاريخي لهذه اللغة .(بمعنى أنه يجب على المترجم أن يعرف كل ما قيل عن اللغة التى ينتمى إليها النص المترجم ) ولا ينسى المترجم حينئذ أن اللغة المنقول إليها هذا النص تختلف فى التراكيب ، والبنية الفنية ، ودلالة الكلمات ، وحدود معانيها .
ومن ثم " فمن الطبيعي أن يواجه المترجم بعض المشكلات خلال عملية نقل نص من لغة إلى لغة أخرى مغايرة ، حيث تلعب طبيعة اللغة الناقلة والمنقول عنها ، وكذلك طبيعة النص المنقول دورًا بارزًا فى حجم هذه المشكلات وماهيتها(آمال عبد الرحمن ربيع: دراسات لغوية مقارنة بين العبرية والعربية ، ص36)
"فمن تلك الصعوبات ما نسميه بهندسة الجملة ، فاللغات تختلف فى النظام الذى تخضع له الجمل فى تركيب كلماتها ، وعلاقة كل كلمة بالأخرى ، فللفعل مكان خاص من الجملة ، وللفاعل مكان آخر ، وللمفعول مكان ثالث وهكذا "(إبراهيم أنيس: دلالة الألفاظ ، ص 171 )
كما أن جنس النص المراد ترجمته يتحكم بلاشك في تلك الصعوبات والمشكلات " فدلالة الكلمات في مجال الأفكار ، وفى النشاط العلمي ، تلتزم عادة حدودًا لا تكاد تتعداها، فهي بين أصحاب الفكر ، وذوى الثقافات المتشابهة ، متماثلة أو متقاربة في دلالاتها ، ولاسيّما تلك الكلمات لظواهر الطبيعة ، والأحوال الكونية في العالم ؛ ولذا يقال دائمًا إن ترجمة العلوم أيسر وأسهل ؛ لأن دلالة الألفاظ فيها محدودة مضبوطة"(إبراهيم أنيس: مرجع سابق ، ص 171 )
أما ترجمة النص الأدبي " فهي أصعب أنواع الترجمة ؛ لكون الترجمة هنا ليست مجرد نقل للمعنى ، بل نقل للمعنى مع الحفاظ على روح النص ، وثقافته أسلوبًا ومناخًا وميولا ، إضافة إلى الاحتفاظ باللبس والإيحاءات الكامنة داخل النص ، فهي تحتاج إلى ثنائية ثقافية تمكِّن المترجم من نقل ثقافة لغة النص الأصلي إلى ثقافة لغة النص الهدف، وهنا يصبح التعبير عن المعنى لا يرتبط فقط بنقل المعاني من خلال الكلمات بل قد تكون الجملة أو البيت كما في الشعر، أو النص كاملاً ضمن ثقافة معينة هو ما يحدد المعنى. ( أميرة كشعري : لهذا تظل ترجمة النصوص الأدبية أصعب أنواع الترجمة )
فإذا كان هذا هو الشأن في ترجمة النصوص الأدبية التي هي من خلق الشعراء والكتاب ، وهم ليسوا إلا طبقة موهوبة من الناس والبشر، فكيف بالنص القرآني المقدس الذي له خصوصياته ودلالاته ؟ ، كما أن لغته متفردة بألفاظ يحتاج المرء لفهمها دراسة عميقة للغة العربية ، وأنماط تراكيبه فريدة ومتميزة ، منه آيات محكمات ذات دلالة واحدة وأُخَر متشابهات ، متعددة الدلالة والمعنى .
فقد أنزل الله - تبارك وتعالى - القرآن الكريم على رسوله - صلى الله عليه وسلم – بلسان عربى مبين ، فيه آيات واضحة المعنى والدلالة ، لا تحتمل من التأويل إلا وجهًا واحدًا كآيات الفرائض والأحكام ، والوعد والوعيد ، والحلال والحرام ، - نؤمن بها ونعمل بها - وهي أصل الدين والشريعة ، تسمَّى آيات مُحْكَمَات، كما أنَّه يشتمل على آيات متشابهات ، يحتمل معناها ودلالهتا أكثر من وجه، تحتاج إلى بيان بردهها إلى غيرها ، ولا تدرك إلا بالتأويل ، نؤمن بها ولا نعمل بها كآيات الصفات الإلهية ، والقصص ، والأمثال ، وفواتح السور.
احمدحامد السكرى
كلية الاداب - جامعة سوهاج
الحمد لله رب العالمين ، الفرد الصمد ، الذى لا صاحبة له ولا ولد ، وصلاة وسلامًا على أشرف الخلق أجمعين ، وخاتم المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
لا شك أن للترجمة أهمية قصوى فى التواصل الفكرى والحضارى بين الشعوب والثقافات المختلفة ، وهى ذات عروة وثقى بنمو المعرفة الإنسانية عبر التاريخ البشرى ، ولا أحد ينكر أن الترجمة عملية ذهنية إبداعية تتطلب قدرة لغوية وفكرية ممن يقوم بالترجمة ؛ فالمترجم حينما يشرع فى ترجمة نص ما ، لابد وأن يستوعب اللغة التى ينتمى إليها هذا النص استيعابًا لا يقف عند حد الشكل أو المضمون ، بل يتعدى ذلك إلى الإلمام بالإطار الفكري والثقافي والتاريخي لهذه اللغة .(بمعنى أنه يجب على المترجم أن يعرف كل ما قيل عن اللغة التى ينتمى إليها النص المترجم ) ولا ينسى المترجم حينئذ أن اللغة المنقول إليها هذا النص تختلف فى التراكيب ، والبنية الفنية ، ودلالة الكلمات ، وحدود معانيها .
ومن ثم " فمن الطبيعي أن يواجه المترجم بعض المشكلات خلال عملية نقل نص من لغة إلى لغة أخرى مغايرة ، حيث تلعب طبيعة اللغة الناقلة والمنقول عنها ، وكذلك طبيعة النص المنقول دورًا بارزًا فى حجم هذه المشكلات وماهيتها(آمال عبد الرحمن ربيع: دراسات لغوية مقارنة بين العبرية والعربية ، ص36)
"فمن تلك الصعوبات ما نسميه بهندسة الجملة ، فاللغات تختلف فى النظام الذى تخضع له الجمل فى تركيب كلماتها ، وعلاقة كل كلمة بالأخرى ، فللفعل مكان خاص من الجملة ، وللفاعل مكان آخر ، وللمفعول مكان ثالث وهكذا "(إبراهيم أنيس: دلالة الألفاظ ، ص 171 )
كما أن جنس النص المراد ترجمته يتحكم بلاشك في تلك الصعوبات والمشكلات " فدلالة الكلمات في مجال الأفكار ، وفى النشاط العلمي ، تلتزم عادة حدودًا لا تكاد تتعداها، فهي بين أصحاب الفكر ، وذوى الثقافات المتشابهة ، متماثلة أو متقاربة في دلالاتها ، ولاسيّما تلك الكلمات لظواهر الطبيعة ، والأحوال الكونية في العالم ؛ ولذا يقال دائمًا إن ترجمة العلوم أيسر وأسهل ؛ لأن دلالة الألفاظ فيها محدودة مضبوطة"(إبراهيم أنيس: مرجع سابق ، ص 171 )
أما ترجمة النص الأدبي " فهي أصعب أنواع الترجمة ؛ لكون الترجمة هنا ليست مجرد نقل للمعنى ، بل نقل للمعنى مع الحفاظ على روح النص ، وثقافته أسلوبًا ومناخًا وميولا ، إضافة إلى الاحتفاظ باللبس والإيحاءات الكامنة داخل النص ، فهي تحتاج إلى ثنائية ثقافية تمكِّن المترجم من نقل ثقافة لغة النص الأصلي إلى ثقافة لغة النص الهدف، وهنا يصبح التعبير عن المعنى لا يرتبط فقط بنقل المعاني من خلال الكلمات بل قد تكون الجملة أو البيت كما في الشعر، أو النص كاملاً ضمن ثقافة معينة هو ما يحدد المعنى. ( أميرة كشعري : لهذا تظل ترجمة النصوص الأدبية أصعب أنواع الترجمة )
فإذا كان هذا هو الشأن في ترجمة النصوص الأدبية التي هي من خلق الشعراء والكتاب ، وهم ليسوا إلا طبقة موهوبة من الناس والبشر، فكيف بالنص القرآني المقدس الذي له خصوصياته ودلالاته ؟ ، كما أن لغته متفردة بألفاظ يحتاج المرء لفهمها دراسة عميقة للغة العربية ، وأنماط تراكيبه فريدة ومتميزة ، منه آيات محكمات ذات دلالة واحدة وأُخَر متشابهات ، متعددة الدلالة والمعنى .
فقد أنزل الله - تبارك وتعالى - القرآن الكريم على رسوله - صلى الله عليه وسلم – بلسان عربى مبين ، فيه آيات واضحة المعنى والدلالة ، لا تحتمل من التأويل إلا وجهًا واحدًا كآيات الفرائض والأحكام ، والوعد والوعيد ، والحلال والحرام ، - نؤمن بها ونعمل بها - وهي أصل الدين والشريعة ، تسمَّى آيات مُحْكَمَات، كما أنَّه يشتمل على آيات متشابهات ، يحتمل معناها ودلالهتا أكثر من وجه، تحتاج إلى بيان بردهها إلى غيرها ، ولا تدرك إلا بالتأويل ، نؤمن بها ولا نعمل بها كآيات الصفات الإلهية ، والقصص ، والأمثال ، وفواتح السور.
احمدحامد السكرى
كلية الاداب - جامعة سوهاج