مجدى أحمد حسين
23/10/2008, 11:31 AM
مجدى أحمد حسين
magdyhussien@hotmail.com
سألنى الأخ العزيز والفنان أسامة الليثى عن آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على أمتنا العربية . وأستطيع الاجابة بصورة أولية على هذه القضية كالتالى :
الآثار قد تكون كارثية وقد تكون ايجابية هذا يتوقف على استجابة الأمة لهذا التحدى ولا أقول الحكام . والحقيقة نحن – بالنسبة لأمتنا – أمام مشكلة سياسية حضارية لا مشكلة اقتصادية بالمعنى الضيق والفنى للكلمة . لأن الأمور الاقتصادية يمكن أن تناقش بجدية عندما تكون الأمم مستقلة فى قرارها فتختار الأنسب لها ، وهنا تكون مناقشة الآثار وبدائل المواجهة جدية ومفيدة ، لاحظ مثلا أن أوروبا تبحث فى حلول مختلفة عن حلول أمريكا وآسيا تفكر فى دفاعات من نوع ثالث ، وأمريكا اللاتينية فى دفاعات من نوع رابع . أما حكامنا العرب فهم ينتظرون على الهاتف لانتظار التعليمات من واشنطن التى أصبحت مهانة فى كل أركان الأرض عدا الركن العربى وأقصد الركن الرسمى الذى يتخذ القرارات المصيرية ، والا فان المقاومة العربية لاشك أهانت هيبة امريكا فى العراق وفلسطين ولبنان والصومال ولقد كان لذلك – بالاضافة لفغانستان – دور بالغ الأهمية فى كشف الضعف المالى والاقتصادى للقوة العظمى التى بدأت تغيب عنها الشمس .
لقد أنهيت مقالى السابق ( ونحن نشهد الآن انهيار الامبراطورية الأمريكية ) بالقول أن الهيمنة الأمريكية على العرب هى آخر أبرز مظاهر هيمنة أمريكا على العالم . وبالفعل فان الأغلبية الساحقة من حكام العرب لايملكون التصرف فى أوطانهم واقتصادياتها فى الأمور الكبرى الا بتعليمات أمريكية صرف ، وان رأى الحكام العرب فى هذه الأمور استشارى !! فنحن أمام حالة من التبعية الغليظة التى ترقى لحالة الاحتلال المباشر ، والقواعد العسكرية الأمريكية موجودة بالفعل على أراضى أغلب البلاد العربية .
فى ظل هذه الأوضاع فان الاقتصاديات العربية غير مستقلة بأى درجة من الدرجات وأيضا اقتصادات مشوهة وغير طبيعية ، وهى مجرد زوائد دودية غير منتظمة الشكل والمجال امتدادا للنظام الرأسمالى العالمى بقيادة أمريكا.
ولذلك فان البورصات العربية مؤسسات كاريكاتيرية منبتة الصلة عن مجمل الاقتصاد الداخلى ، وفى حين تعانى البورصات العالمية من ظاهرة الفقاعة ، بمعنى المبالغة غير المنطقية فى أسعار الأسهم ، فان البورصات العربية هى لعب أطفال وهى رهينة الألعاب الصغيرة للمفسدين المحلين والقراصنة الأجانب ، فأسعار الأسهم فى الغرب مجرد مبالغة لأشياء حقيقية ، أما لدينا فهى لعبة غير اقتصادية تماما .
أما بورصات الخليج فهى نتاج المال النفطى المسروق فى كل الأحوال . وهى قد خسرت خسارة فادحة وكل عربى وضع أمواله فى الخارج خسر خسارة فادحة . ولكن هذه كارثة مستمرة منذ عشرات السنين ولا حل لها الابتغيير عربى فى الدول المركزية ينعكس فيما بعد على منطقة الخليج ويخرجها من تبعيتها المقيتة المزمنة ، فالفوائض النفطية تضيع دائما بوسائل عدة : الشركات البترولية العالمية التى تستفيد من ارتفاع الأسعار وهى التى تحدد مستوى تكلفة الانتاج – ثم صفقات السلاح الوهمية التى تستنزف مئات المليارات – الشركات الأمريكية التى تستثمر فى الخليج بأموال الخليج – مبيعات الشركات العالمية فى الخليج – جلب المال الخليجى للاستثمار فى أمريكا والغرب – وأخيرا يأتى دور بذخ حكام الخليج . وبالتالى لا أريد أن أقض مضاجعكم بحجم التريليونات من الدولارات التى فقدتها الأمة فى هذه الأزمة وماقبلها ومما هو آت لو استمرت هذه التبعية.
وباعتبار أن هذه الأموال أموال الأمة فهذا هو الجانب الكارثى للأزمة .
بالاضافة لصغار المستثمرين فى البورصات العربية فهؤلاء تم القضاء عليهم وننصح أهل الطبقة الوسطى والعاملين العرب بعدم العودة لصالة القمار المدعوة البورصة . لقد لعبت البورصات العربية دور الحل الفردى الذهبى الذى يمكن أن ينقل الفرد من غيابات الجب الى عالم السعادة والفيلات والمنتجعات، بنفس أسلوب اليانصيب ومسابقات التلفزيون الحديثة . رغم حجم المآسى التى تولدت عن ذلك فانها تشير الى أن الحل الفردى الشريف غير ممكن ، ولابد من تنمية اقتصادية شاملة تشارك فيها الأمة بمجموعها وتحصل على ثمارها .
أما الجانب المشرق من الأزمة فهو تداعى القوة العظمى الغاشمة التى سامت أمتنا سوء العذاب ، ولسان حال فقرائنا أنا الغريق فما خوفى من البلل .
ان حجم الكارثة الغربية كالتالى : ان حجم الأموال المتداولة المزعومة ( بمستندات وأوراق بنكية ) 600 تريليون دولار فى حين أن الحجم النقدى الحقيقى هو 60 تريليون دولار فقط أى أن السندات والأسهم وما شابههامن أوراق قيمتها 10 أمثال الحقيقة وبالتالى فان حجم الفقاعة رهيب ومزلزل ومخيف . ( هذه احصاءات رسمية معترف بها فى الغرب ). لقد اعتمد الاقتصاد الأمريكى على أكذوبة أن النقود تلد نقودا ، وهذا ممكن فى المدى القصير ولكن ليس على المستويين المتوسط والقصير . ان شاء الله أعيد قريبا نشر دراسات سابقة لى تنبأت بهذا الانهيار الأمريكى .
باختصار فان الأزمة الاقتصادية الغربية تعنى الانكماش الى الحجم الطبيعى وانكشاف عدم قدرة الامبريالية الأمريكية على تمويل مغامراتها العسكرية ، بالاضافة للفشل العسكرى فى العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين والصومال ، وعدم استعداد المواطن الأمريكى للتضحية . ولعل فوز أوباما اذا حدث فسيكون حدثا مدويا ، فما كان بامكان أحد أن يتصور فوز أسود بمقعد الرئاسة ، ليس لأنه سيفعل شيئا ايجابيا ، ولكن لأنه الوحيد الذى صوت ضد غزو العراق . أما شعار التغيير ( change)
فلا معنى ايجابى أو محدد له ، الا انكماش أمريكا وعودتها الى حجمها الطبيعى وانسحابها من أماكن تورطت فيها عسكريا بلا طائل . وليس المهم هو اقتناع الناخب الأمريكى كما تزعم وسائل الاعلام الأمريكية ، فالحقيقة ان دوائر نافذة فى المؤسسة الحاكمة الأمريكية تدفع بأوباما للفوز، حتى تبدو أمريكا وكأنها تستجيب لسياسات حاكم جديد . ولم تهزم فى العراق وأفغانستان وجورجيا وأمريكا اللاتينية وكوريا الشمالية الخ لاسمح الله !
فبعد العجز العسكرى والقتالى والنفسى والحضارى جاء دور العجز المالى وتحققت نظرية بول كيندى المؤرخ الأمريكى .
واذا كنا فى الوطن العربى أكثر جهات العالم خضوعا للهيمنة الأمريكية والأكثر تضررا فاننا سنكون الأكثر كسبا من هذه الأزمة اذا أدركت النخبة القيادية هذه الفرصة المواتية وشددت النكير على وكلاء أمريكا فى بلادنا ( الحكام ).
فعندما ضعفت أمريكا انسحبت من كل مكان ولكنها ما تزال تعافر وتعاند فى منطقتنا : 1- لأهميتها الاستراتيجية 2 – وللبترول 3 – ولدعم اسرائيل – 4 وللاستيلاء على القدس واعلانها عاصمة روحية للحضارة اليهودية المسيحية الغربية ، وهذه ليست من بنات أفكار المحافظين الجدد ، بل هذه رؤية امريكا منذ نشأتها. والسبب الخامس : القضاء على الصحوة العربية الاسلامية باعتبارها المنافس الحضارى الأول لهيمنة أمريكا والغرب .
فلتتجمع القوى الوطنية والقومية والاسلامية والليبرالية الوطنية لاجتثاث النظام الرسمى العربى فهو الأداة الرئيسية للاستعباد الأمريكى الصهيونى. وليتم ذلك على مستوى قطرى ، مع أقصى تنسيق على المستوى القومى العربى .والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون.
magdyhussien@hotmail.com
سألنى الأخ العزيز والفنان أسامة الليثى عن آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على أمتنا العربية . وأستطيع الاجابة بصورة أولية على هذه القضية كالتالى :
الآثار قد تكون كارثية وقد تكون ايجابية هذا يتوقف على استجابة الأمة لهذا التحدى ولا أقول الحكام . والحقيقة نحن – بالنسبة لأمتنا – أمام مشكلة سياسية حضارية لا مشكلة اقتصادية بالمعنى الضيق والفنى للكلمة . لأن الأمور الاقتصادية يمكن أن تناقش بجدية عندما تكون الأمم مستقلة فى قرارها فتختار الأنسب لها ، وهنا تكون مناقشة الآثار وبدائل المواجهة جدية ومفيدة ، لاحظ مثلا أن أوروبا تبحث فى حلول مختلفة عن حلول أمريكا وآسيا تفكر فى دفاعات من نوع ثالث ، وأمريكا اللاتينية فى دفاعات من نوع رابع . أما حكامنا العرب فهم ينتظرون على الهاتف لانتظار التعليمات من واشنطن التى أصبحت مهانة فى كل أركان الأرض عدا الركن العربى وأقصد الركن الرسمى الذى يتخذ القرارات المصيرية ، والا فان المقاومة العربية لاشك أهانت هيبة امريكا فى العراق وفلسطين ولبنان والصومال ولقد كان لذلك – بالاضافة لفغانستان – دور بالغ الأهمية فى كشف الضعف المالى والاقتصادى للقوة العظمى التى بدأت تغيب عنها الشمس .
لقد أنهيت مقالى السابق ( ونحن نشهد الآن انهيار الامبراطورية الأمريكية ) بالقول أن الهيمنة الأمريكية على العرب هى آخر أبرز مظاهر هيمنة أمريكا على العالم . وبالفعل فان الأغلبية الساحقة من حكام العرب لايملكون التصرف فى أوطانهم واقتصادياتها فى الأمور الكبرى الا بتعليمات أمريكية صرف ، وان رأى الحكام العرب فى هذه الأمور استشارى !! فنحن أمام حالة من التبعية الغليظة التى ترقى لحالة الاحتلال المباشر ، والقواعد العسكرية الأمريكية موجودة بالفعل على أراضى أغلب البلاد العربية .
فى ظل هذه الأوضاع فان الاقتصاديات العربية غير مستقلة بأى درجة من الدرجات وأيضا اقتصادات مشوهة وغير طبيعية ، وهى مجرد زوائد دودية غير منتظمة الشكل والمجال امتدادا للنظام الرأسمالى العالمى بقيادة أمريكا.
ولذلك فان البورصات العربية مؤسسات كاريكاتيرية منبتة الصلة عن مجمل الاقتصاد الداخلى ، وفى حين تعانى البورصات العالمية من ظاهرة الفقاعة ، بمعنى المبالغة غير المنطقية فى أسعار الأسهم ، فان البورصات العربية هى لعب أطفال وهى رهينة الألعاب الصغيرة للمفسدين المحلين والقراصنة الأجانب ، فأسعار الأسهم فى الغرب مجرد مبالغة لأشياء حقيقية ، أما لدينا فهى لعبة غير اقتصادية تماما .
أما بورصات الخليج فهى نتاج المال النفطى المسروق فى كل الأحوال . وهى قد خسرت خسارة فادحة وكل عربى وضع أمواله فى الخارج خسر خسارة فادحة . ولكن هذه كارثة مستمرة منذ عشرات السنين ولا حل لها الابتغيير عربى فى الدول المركزية ينعكس فيما بعد على منطقة الخليج ويخرجها من تبعيتها المقيتة المزمنة ، فالفوائض النفطية تضيع دائما بوسائل عدة : الشركات البترولية العالمية التى تستفيد من ارتفاع الأسعار وهى التى تحدد مستوى تكلفة الانتاج – ثم صفقات السلاح الوهمية التى تستنزف مئات المليارات – الشركات الأمريكية التى تستثمر فى الخليج بأموال الخليج – مبيعات الشركات العالمية فى الخليج – جلب المال الخليجى للاستثمار فى أمريكا والغرب – وأخيرا يأتى دور بذخ حكام الخليج . وبالتالى لا أريد أن أقض مضاجعكم بحجم التريليونات من الدولارات التى فقدتها الأمة فى هذه الأزمة وماقبلها ومما هو آت لو استمرت هذه التبعية.
وباعتبار أن هذه الأموال أموال الأمة فهذا هو الجانب الكارثى للأزمة .
بالاضافة لصغار المستثمرين فى البورصات العربية فهؤلاء تم القضاء عليهم وننصح أهل الطبقة الوسطى والعاملين العرب بعدم العودة لصالة القمار المدعوة البورصة . لقد لعبت البورصات العربية دور الحل الفردى الذهبى الذى يمكن أن ينقل الفرد من غيابات الجب الى عالم السعادة والفيلات والمنتجعات، بنفس أسلوب اليانصيب ومسابقات التلفزيون الحديثة . رغم حجم المآسى التى تولدت عن ذلك فانها تشير الى أن الحل الفردى الشريف غير ممكن ، ولابد من تنمية اقتصادية شاملة تشارك فيها الأمة بمجموعها وتحصل على ثمارها .
أما الجانب المشرق من الأزمة فهو تداعى القوة العظمى الغاشمة التى سامت أمتنا سوء العذاب ، ولسان حال فقرائنا أنا الغريق فما خوفى من البلل .
ان حجم الكارثة الغربية كالتالى : ان حجم الأموال المتداولة المزعومة ( بمستندات وأوراق بنكية ) 600 تريليون دولار فى حين أن الحجم النقدى الحقيقى هو 60 تريليون دولار فقط أى أن السندات والأسهم وما شابههامن أوراق قيمتها 10 أمثال الحقيقة وبالتالى فان حجم الفقاعة رهيب ومزلزل ومخيف . ( هذه احصاءات رسمية معترف بها فى الغرب ). لقد اعتمد الاقتصاد الأمريكى على أكذوبة أن النقود تلد نقودا ، وهذا ممكن فى المدى القصير ولكن ليس على المستويين المتوسط والقصير . ان شاء الله أعيد قريبا نشر دراسات سابقة لى تنبأت بهذا الانهيار الأمريكى .
باختصار فان الأزمة الاقتصادية الغربية تعنى الانكماش الى الحجم الطبيعى وانكشاف عدم قدرة الامبريالية الأمريكية على تمويل مغامراتها العسكرية ، بالاضافة للفشل العسكرى فى العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين والصومال ، وعدم استعداد المواطن الأمريكى للتضحية . ولعل فوز أوباما اذا حدث فسيكون حدثا مدويا ، فما كان بامكان أحد أن يتصور فوز أسود بمقعد الرئاسة ، ليس لأنه سيفعل شيئا ايجابيا ، ولكن لأنه الوحيد الذى صوت ضد غزو العراق . أما شعار التغيير ( change)
فلا معنى ايجابى أو محدد له ، الا انكماش أمريكا وعودتها الى حجمها الطبيعى وانسحابها من أماكن تورطت فيها عسكريا بلا طائل . وليس المهم هو اقتناع الناخب الأمريكى كما تزعم وسائل الاعلام الأمريكية ، فالحقيقة ان دوائر نافذة فى المؤسسة الحاكمة الأمريكية تدفع بأوباما للفوز، حتى تبدو أمريكا وكأنها تستجيب لسياسات حاكم جديد . ولم تهزم فى العراق وأفغانستان وجورجيا وأمريكا اللاتينية وكوريا الشمالية الخ لاسمح الله !
فبعد العجز العسكرى والقتالى والنفسى والحضارى جاء دور العجز المالى وتحققت نظرية بول كيندى المؤرخ الأمريكى .
واذا كنا فى الوطن العربى أكثر جهات العالم خضوعا للهيمنة الأمريكية والأكثر تضررا فاننا سنكون الأكثر كسبا من هذه الأزمة اذا أدركت النخبة القيادية هذه الفرصة المواتية وشددت النكير على وكلاء أمريكا فى بلادنا ( الحكام ).
فعندما ضعفت أمريكا انسحبت من كل مكان ولكنها ما تزال تعافر وتعاند فى منطقتنا : 1- لأهميتها الاستراتيجية 2 – وللبترول 3 – ولدعم اسرائيل – 4 وللاستيلاء على القدس واعلانها عاصمة روحية للحضارة اليهودية المسيحية الغربية ، وهذه ليست من بنات أفكار المحافظين الجدد ، بل هذه رؤية امريكا منذ نشأتها. والسبب الخامس : القضاء على الصحوة العربية الاسلامية باعتبارها المنافس الحضارى الأول لهيمنة أمريكا والغرب .
فلتتجمع القوى الوطنية والقومية والاسلامية والليبرالية الوطنية لاجتثاث النظام الرسمى العربى فهو الأداة الرئيسية للاستعباد الأمريكى الصهيونى. وليتم ذلك على مستوى قطرى ، مع أقصى تنسيق على المستوى القومى العربى .والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون.