محمد حسن يوسف
17/12/2006, 02:00 PM
الترزي!!!
بقلم: محمد حسن يوسف
ضاق ماهر من كثرة انتقادات زوجته له من جراء ما يرتديه من بذلات جاهزة، فهي لا تناسب جسمه – على حد قولها! فواحدة قصيرة اليدين، وأخرى ضيقة الكتفين، وثالثة واسعة من الوسط. قرر أخيرا اتقاء شرها بالاستجابة لطلباتها والرضوخ لأمرها، وذلك بشراء قطعة قماش فخمة والذهاب إلى الترزي لتفصيلها.
لم يكن ماهر يعرف ترزيا محددا يتعامل معه. أخذ يبحث عن اسم ترزي مشهور في الجريدة. وأخيرا استقر رأيه على اختيار أحدهم والذهاب إليه! كان اسمه " لطفي القمّاش: ترزي العظماء ".
وأخيرا استطاع ماهر الوصول إلى مكان الترزي. سأل فراش المحل عن الأستاذ لطفي القمّاش، فأخبره بأنه لم يأت بعد. ولما أحس الفراش ما يشعر به ماهر من إحباط بسبب طول المسافة التي قطعها حتى يأتي إلى المحل، أشار له إلى الأستاذ عبد المتجلي مدير مكتبه. يمم ماهر شطر الأستاذ عبد المتجلي، الذي لاقاه بفتور وعدم ترحيب، واستمر في قراءة الملف الذي أمامه. وبعد فترة نظر إليه عبد المتجلي، وسأله:
- أي خدمة؟!!
أجاب ماهر متلعثما:
- كنت بأسأل عن الأستاذ لطفي القمّاش!
فأشار عبد المتجلي إلى نفسه بفخر، وقال:
- الأستاذ يترك لي جميع الأمور، لأنه كما تعلم مشاغله كثيرة للغاية. فهو عنده الآن مثلا موعد هام مع فكري بيه أبو دماغ رئيس لجنة الاقتراحات بالمجلس التشريعي!
وأسقط في يد ماهر ... ثم قال وكأنه يكلم نفسه:
- ياه ه ... يعني كده الأستاذ سوف يتأخر كثيرا؟!
وأجاب عبد المتجلي بسرعة:
- أنا تحت أمرك، واعتبرني بدلا منه ... إنما قول لي الأول ... أنت عضو أي مجلس؟!
وبدا الارتباك على وجه ماهر! وشعر بضآلة حجمه!! فهو يعمل موظفا صغيرا في إحدى المصالح الحكومية! وحاول أن يغير الموضوع قائلا:
- بس دول بيقولوا إن ما فيش حد يعرف ياخد المواصفات زيه!
وأجاب عبد المتجلي بنفس لهجة الأستاذ حينما يكلم تلميذا صغيرا لديه:
- أنت فاكر إن الأستاذ بيعمل حاجة بإيديه؟!! أنا اللي بأعمل كل حاجة ... كل حاجة أنا اللي باكتبها وأحللها ... شايف الدفتر ده؟! ده خزانة أسرار الزبائن كلها!!
وردد ماهر في إصرار:
- لكن هوه بيضبط الحاجة من أول مرة وبدون مراجعة!!
أخذ عبد المتجلي نفسا عميقا، ثم قال:
- على حسب الأحوال ... طبعا إحنا بنأخذ كل البيانات اللي تخص الموضوع مرة واحدة ... وأنا بأحاول إننا ننتهي منه من أول مرة ...
وتهلل وجه ماهر، وهتف قائلا:
- ياه ه ... دا انتوا كده تبقوا شاطرين جدا!!
فأجاب عبد المتجلي بنفس لهجته الواثقة:
- آمااال!!! ... هي البلد ناقصة عطلة!!
وصرخ ماهر كأنما يهتف في مظاهرة:
- يا ريت كل الناس تشتغل بنفس الهمة دي ... كان البلد حالها انصلح صحيح!
فقال عبد المتجلي في أسى:
- احنا بنتعب قوي!!
وشعر ماهر بأن الوقت قد تأخر، فأراد أن ينتهي من مهمته، فقال:
- طيب ياللا ... مين حيأخد المقاسات بقى؟!
نظر عبد المتجلي إلى ماهر نظرة ملؤها الشك والارتياب، وقال:
- مقاسات إيه يا فندي؟! ... قول لي المواصفات!!
فأصر ماهر على قوله:
- مقاسات البدلة اللي حأفصلها!!
وأجاب عبد المتجلي في حدة:
- هوه ده كان محل تفصيل هدوم وألا إيه؟!
وتساءل ماهر بنفس الحدة:
- آمال إيه؟!
فأجاب عبد المتجلي على الفور:
- ده مكتب تفصيل قوانين يا محترم!!!
بقلم: محمد حسن يوسف
ضاق ماهر من كثرة انتقادات زوجته له من جراء ما يرتديه من بذلات جاهزة، فهي لا تناسب جسمه – على حد قولها! فواحدة قصيرة اليدين، وأخرى ضيقة الكتفين، وثالثة واسعة من الوسط. قرر أخيرا اتقاء شرها بالاستجابة لطلباتها والرضوخ لأمرها، وذلك بشراء قطعة قماش فخمة والذهاب إلى الترزي لتفصيلها.
لم يكن ماهر يعرف ترزيا محددا يتعامل معه. أخذ يبحث عن اسم ترزي مشهور في الجريدة. وأخيرا استقر رأيه على اختيار أحدهم والذهاب إليه! كان اسمه " لطفي القمّاش: ترزي العظماء ".
وأخيرا استطاع ماهر الوصول إلى مكان الترزي. سأل فراش المحل عن الأستاذ لطفي القمّاش، فأخبره بأنه لم يأت بعد. ولما أحس الفراش ما يشعر به ماهر من إحباط بسبب طول المسافة التي قطعها حتى يأتي إلى المحل، أشار له إلى الأستاذ عبد المتجلي مدير مكتبه. يمم ماهر شطر الأستاذ عبد المتجلي، الذي لاقاه بفتور وعدم ترحيب، واستمر في قراءة الملف الذي أمامه. وبعد فترة نظر إليه عبد المتجلي، وسأله:
- أي خدمة؟!!
أجاب ماهر متلعثما:
- كنت بأسأل عن الأستاذ لطفي القمّاش!
فأشار عبد المتجلي إلى نفسه بفخر، وقال:
- الأستاذ يترك لي جميع الأمور، لأنه كما تعلم مشاغله كثيرة للغاية. فهو عنده الآن مثلا موعد هام مع فكري بيه أبو دماغ رئيس لجنة الاقتراحات بالمجلس التشريعي!
وأسقط في يد ماهر ... ثم قال وكأنه يكلم نفسه:
- ياه ه ... يعني كده الأستاذ سوف يتأخر كثيرا؟!
وأجاب عبد المتجلي بسرعة:
- أنا تحت أمرك، واعتبرني بدلا منه ... إنما قول لي الأول ... أنت عضو أي مجلس؟!
وبدا الارتباك على وجه ماهر! وشعر بضآلة حجمه!! فهو يعمل موظفا صغيرا في إحدى المصالح الحكومية! وحاول أن يغير الموضوع قائلا:
- بس دول بيقولوا إن ما فيش حد يعرف ياخد المواصفات زيه!
وأجاب عبد المتجلي بنفس لهجة الأستاذ حينما يكلم تلميذا صغيرا لديه:
- أنت فاكر إن الأستاذ بيعمل حاجة بإيديه؟!! أنا اللي بأعمل كل حاجة ... كل حاجة أنا اللي باكتبها وأحللها ... شايف الدفتر ده؟! ده خزانة أسرار الزبائن كلها!!
وردد ماهر في إصرار:
- لكن هوه بيضبط الحاجة من أول مرة وبدون مراجعة!!
أخذ عبد المتجلي نفسا عميقا، ثم قال:
- على حسب الأحوال ... طبعا إحنا بنأخذ كل البيانات اللي تخص الموضوع مرة واحدة ... وأنا بأحاول إننا ننتهي منه من أول مرة ...
وتهلل وجه ماهر، وهتف قائلا:
- ياه ه ... دا انتوا كده تبقوا شاطرين جدا!!
فأجاب عبد المتجلي بنفس لهجته الواثقة:
- آمااال!!! ... هي البلد ناقصة عطلة!!
وصرخ ماهر كأنما يهتف في مظاهرة:
- يا ريت كل الناس تشتغل بنفس الهمة دي ... كان البلد حالها انصلح صحيح!
فقال عبد المتجلي في أسى:
- احنا بنتعب قوي!!
وشعر ماهر بأن الوقت قد تأخر، فأراد أن ينتهي من مهمته، فقال:
- طيب ياللا ... مين حيأخد المقاسات بقى؟!
نظر عبد المتجلي إلى ماهر نظرة ملؤها الشك والارتياب، وقال:
- مقاسات إيه يا فندي؟! ... قول لي المواصفات!!
فأصر ماهر على قوله:
- مقاسات البدلة اللي حأفصلها!!
وأجاب عبد المتجلي في حدة:
- هوه ده كان محل تفصيل هدوم وألا إيه؟!
وتساءل ماهر بنفس الحدة:
- آمال إيه؟!
فأجاب عبد المتجلي على الفور:
- ده مكتب تفصيل قوانين يا محترم!!!