المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع شريان منسي من الوطن



ghada
17/12/2006, 03:13 PM
حوار مع شريان منسي من الوطن


"الشاهد" : تركي عامر شاعر فلسطيني متمرد (من فلسطينيي الـ 48) . إنه يختار مفرداته بدقة متناهية كي تأتي تعبيرًا صادقًا عما يجيش في صدره من آلام الغربة والاغتراب . "نعم ، إنها نبرة غليان" ، كما يقول ، وغليانه طبيعي . وهو ليس غليانًا شخصيًا بقدر ما هو غليان جمعي مخزون يتراكم خيبة بعد خيبة وإحباطًا بعد إحباط .



هذا الشاعر يعبر عن معاناة تعيشها أقلية قومية عربية داخل فلسطين التاريخية . إنهم عرب الـ 48 الذين يعتبرون أنفسهم جزءًا لا يتجزأ من هذه الأمة في حين أن السلطة الفلسطينية تنظر إليهم بوصفهم مواطنين في الدولة العبرية! الشاهد التقت الشاعر (عبر الإنترنت) وكان معه هذا الحوار:



حاورته : غادا فؤاد السمان


غادا فؤاد السّمّان: الشّاعر تركي عامر، الأثير المفتوح قادنا إلى مصادفة دون ريب تُحمد عقباها، والمتعارف عليه أن المصادفات والاستثناءات والصلاحيات والامتيازات هي حكر على ما دون أهل الكلمة، لتضيف إلى أهل القرار مزيدًا من التّعزيز والتّمتين والدّوافع الّتي اتّسعت إلى أن ضاق بها أفق المثقّف، وأثيره ومخيّلته وسماؤه ووطنه؟ أين هو وطنك بعد القصيدة؟ في ظلّ الالتباس القائم؟

تركي عامر: أرجو، أوّلاً وقبل كلّ شيء، أن يكون هذا الأثير مفتوحًا على مصراعيّ الرّوح لجميع جهات الرّيح. وبعد، شكرًا للمصادفة الجميلة، بجميع المقاييس، الّتي أتاحت لي فرصة، هي عندي أكثر من ذهبيّة، أن أطلّ من قفصنا الثّمانيأربعينيّ الصّغير على وطننا العربي الكبير. صدفة جميلة حقًّا، مع أنّي من المؤمنين بأنّ ما من شيء يأتي محض صدفة، بل يخضع لمعقود "شرعة السّببيّة" الجدليّ. أمّا بالنّسبة للامتيازات الّتي يتمتّع بها من هم دون أهل الكلمة، على حدّ تعبيرك، فهذه هي حالنا العربيّة الرّاهنة، للأسف الأسيف الأسوف، حيث نرى صنوفًا من أنصاف المثقّفين، في أحسن الأحوال، يحتلّون الواجهات الثّقافيّة والإعلاميّة على مدار السّاعة، بينما سلالات من المتميّزين يمارسون عادة الحلم السّرّيّة على هامش الأحداث، إن لم يكونوا قابعين في مزبلة التّاريخ. لماذا؟! لأنّهم لا يحسنون الغناء ضمن جوقات مدجّنة مهجّنة، ولا يحسنون فنون التّطبيل لأصحاب السّلطة، ولا يحسنون ضروب التّزمير للضّاغطين على أزرار القرار. وتسائلين عن الوطن فيما يتعدّى القصيدة؟ أخشى أنّه لا وطن لي، وسط هذه المأزقيّة الحرجة.. وهذه الغربة الرّوحيّة القاسية، سوى القصيدة. حتّى القصيدة نفسها، في بعض مقاماتها وأحوالها، أصبحت مجيّشة.. معبّأة.. مزرّرة، وثمّة مسدّس كاتم للصّوت مصوّب نحو رأسها في جميع الفصول، إذا تجرّأت ألاّ تكون "مديحًا للباب العالي". ناهيك عن خاصّيّتها البلاستيكيّة الدّخيلة، حيث بات بعض نماذجها السّائدة بلا طعم ولا لون ولا رائحة. وحيال هذه المشهديّة المأساويّة، لا أقوى إلاّ على أن أحلم بعالم لا يعترف بمصطلحات الجغرافيا السّياسيّة. أحلم بوطن كبير هو العالم، بغربه وشرقه. هو الكرة الأرضيّة، بشمالها وجنوبها. وأصدقك القول إنّي أحلم برؤية كرتنا الأرضيّة الطّيبة.. تتزنّر بشال من حرير سلام.. وترقص على أنغام محبّة.. حتّى الثّمالة.

غادا فؤاد السّمّان: من الواضح أن تركي عامر، يتحدّث بنبرة الغليان، كمن يحاول أن يفتح ثغرة في الرّيح ليصبّ فيها بركان غضبه المخزون منذ آلاف الخيبات؟ تتحدّث عن التّدجين والتّهجين والتّطبيل والتّزمير والتّجييش والتّسييس والاستزلام. من أين تستولد هذا السّخط العارم، وأنتم أوّل المتّهمين بالتّطبيع؟ أقصد أهالي ما تبقّى من الخارطة المتآكلة لوطن كان اسمه فلسطين، وارتضيتم العيش في ظلّ الكيان البديل؟

تركي عامر: نعم، إنّها نبرة غليان، آتية من أقصى أقاصي الغضب والخيبة والإحباط، وسواها من مشتّقات المرحلة. وهل تعتقدين أنّي أتواصل معكم من أنتاركتكا؟ لسنا، يا سيّدتي، في حالة "ديب فريز"، كما يحدث مع بعض جهات "عربيّة" تنام في العسل.. "وليس على بالها بال". إن لم يكن في نبرتـي أنا، العربيّ الفلسطينيّ داخل الرّقعة الثّمانيأربعينيّة المقفّصة، ثمّة بعض غليان، فبنبرة من سيكون غليان؟ في نبرة راقصة (مش رقّاصة)، تستضيفها فضائيّات (أو فضائحيّات) عربيّة، تستفيض في عرض تضاريسها المهترئة، لفرط ما تكشّفت للأضواء، مدغدغة تهويمات المراهقين منّا كبارًا قبل الصّغار؟ أم في نبرة "مسؤول" عربيّ، يخرج إلى النّاس عبر الشّاشة شاهرًا صمتَ كهفٍ، يتكلّم كثيرًا (وما أكثر ما يلتّ وما يعجن) ولا يقول شيئًا، ويرجف قصبًا من قول كلمة قد تغضب وليّ نعمته؟ لا أريد أن أفتح ثغرة في الرّيح فحسب، بل ثغرات وثقوبًا وفوهات وجيوبًا في الرّوح العربيّة القعيدة القعساء على طراريح أحلام وأوهام وآمال وآلام منذ صلاح الدّين. إنّها أحلام منكّسة بامتياز. ينكّسها الاستعمار طورًا، والرّجعيّة العربيّة تارة. هذا ليس غضبًا شخصيّا، إنّه غضب جمعيّ مخزون، يتراكم خيبة بعد خيبة وإحباطًا تلو الإحباط، منذ 1948 على الأقلّ. نحن متّهمون بالتّطبيع؟ والله، سمعة جديدة! أنا العربيّ الفلسطينيّ الرّازح في أرضه، غير المسموح له بدخول معظم الدّول العربيّة، متّهم بالتّطبيع؟ والفلسطيني اللاّجئ عندكم، ما هي تهمته، من غير شرّ؟ ألا يلومه اللاّئمون لأنّه "ترك" وطنه؟ هل يتمتّع بحقوق مدنيّة وسياسيّة كاملة عندكم؟ لم نرتض العيش في ظلّ الكيان البديل طوعًا واختيارًا. أخشى أن نُتّهم يومًا بالمسؤوليّة عن وعد بلفور أيضًا! بقينا في وطننا، وعلى أرضنا، يتامى أذلاّء دون أيّ سلاح روحيّ أو مادّيّ، ودون أيّ عون من قريب أو غريب، لا نقوى إلاّ على رفع راية بيضاء، اقتطعناها من سراويل أمّهاتنا. بقينا بلا غطاء.. بلا ظهر.. بلا سند. فماذا نحن فاعلون؟ نغادر الوطن ونضيف إلى قائمة اللاّجئين مليونًا آخر؟ وأيّة دولة عربيّة ستقبل بنا؟ ألا يؤثّر هذا في حساباتها واحتساباتها وتحسّباتها الدّمغرافيّة الطّائفيّة؟ أفليس من الأفضل أن نبقى هنا، في أرضنا، ولو متحفًا بشريّا حيّا (أو محميّة فولكلوريّة) لما كان يُسمّى فلسطين.. بدلاً من مطارح الذّلّ وعلى وجوه النّاس، وإن كانوا من ذوي القربى؟

غادا فؤاد السّمّان: الحديث عن صلاح الدّين، كأنّما هو نوع من استحضار الذّاكرة لاستنهاض الهمم، هل يعني عرب الـ 48 مفهوم هذا النّوع من التّأجيج والتّصعيد والتّفعيل، كمدلول منطقي، أم كرؤية فانتازيّة لملاحم الخيال الآفلة؟

تركي عامر: عرب الـ 48، أو الأقليّة القوميّة العربيّة الفلسطينيّة في الدّاخل، مجموعة بشريّة مغلوب على أمرها، بكلّ ما تحمله العبارة من دلالات توصيفيّة أو نقديّة سيّان، تعيش حالة تكاد تشبه السّجن الجماعيّ، لا حول لها ولا قوّة، لا على حمل إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربيّة المحتلّة، ولا على تثوير "القارّة" العربيّة لجعل إسرائيل تنسحب بالقوّة وتذعن للشرعيّة الدّوليّة. وهذه الأخيرة، بدلاً من أن تكون أمًّا رؤومًا لجميع الشّعوب، نراها مجيّرة لحساب "العالم الحرّ" (؟!)، المنحاز بالكامل تقريبًا للماكينة الإعلاميّة الصّهيونيّة الشّرسة ومشروعها الكولونياليّ الجشع. نحن ننتظر أيّ تحرّك من الوطن العربيّ الكبير، أنظمةً وشعوبًا، أو بالأحرى حكّامًا ومحكومين. ننتظر بارقة أمل من دول مستقلّة ذات سيادة، تمتلك من القوّة والثّروة والتّأثير ما لا يمتلكه الفلسطينيون، في الوطن والمُنْتَشَر على السّواء. والتّحرّك الّذي ننتظر ليس بالضّرورة عسكريّا، لأنّنا لا نريد لأحد أن يخاف على عرشه من الطّيران. ننتظر تحرّكًا سياسيًّا دبلوماسيًّا لتحريك المياه الرّاكدة في مستنقع "العمليّة السّلميّة"، من أجل وضع حدّ جدّي ونهائيّ للصّراع العربيّ الإسرائيليّ. أمّا بخصوص موضوعة الفانتازيا، فنحن لا نختلف، إثنولوجيًّا على الأقلّ، عن غيرنا من الشّعوب العربيّة الشّقيقة في تهويماتها الفانتازيّة وهلوساتها المرضيّة بسوادها الأعظم. والسّبب في ذلك يكمن في انعدام الحرّيّة وغياب الدّمقراطيّة، فلا يجد الإنسان المقموع والمسحوق والمقهور آليّة دفاعيّة أو تعويضيّة، سوى التّسلّح المرضيّ بالخيال، مصحوبًا بنكوص نوسطالغيّ متباكٍ على ما فات وما مات من أمجاد، وكلّ ذلك بغية اجتياف مرارات الرّاهن وامتصاص عذابات الواقع.

غادا فؤاد السّمّان: تتحدّث عن ضرورة تحرّك وتكثيف وتسريع المساعي العربيّة لمواجهة الصّراع مع إسرائيل، لوضع حدّ جدّيّ ونهائيّ، هل عرب الـ 48 معنيّون فعلاً بهذه المعادلة الصّعبة، بمعنى ألستم وإسرائيل، الكيان القائم كدولة وقانون، على سويّة واحدة؟ أم أنّكم على الطّرف الآخر من الصّراع، بمعنى الانتماء إلى كوامن الأزمة وتصعيداتها المتفاقمة، كطرف في المواجهة؟



كاتم الصّوت مصوّب نحو رأس القصيدة

تركي عامر: إنّها معادلة، لكنّها غير صعبة. قوامها الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربيّة المحتلّة منذ حزيران 1967، وإقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة ذات سيادة في الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة وعاصمتها القدس الشّرقيّة، وإيجاد حلّ مقبول على جميع الأطراف لقضيّة اللاّجئين الفلسطينيّين. على الأمّة العربيّة أن تتحرّك بأكثر فاعليّة وبأكثر قوّة وبأكثر جدّيّة، مع المجتمع الدّوليّ والأمم المتحدة، لإنهاء الصّراع العربيّ الإسرائيليّ المزمن. ولن نقبل بما دون دولة فلسطينيّة مستقلّة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشّرقيّة. وشعار "دولتان لشعبين" مطروح منذ زمن. وإسرائيل هي الّتي تماطل لكسب الوقت، وتستغل الأحداث العالميّة لمصلحتها. والشّارع الإسرائيليّ يزداد يمينيّة وتطرّفًا يومًا بعد يوم. وهذا الشّارع، رغم مشاكله الاقتصاديّة المتفاقمة والتّبعات الاجتماعيّة المترتّبة على ذلك، لا يغنّي إلاّ على ليلى "محاربة الإرهاب"، بمعنى أنّه يركب موجة محاربة "الإرهاب" الّتي أطلقتها الولايات المتّحدة بعد أحداث 11 أيلول. أمّا بالنّسبة لنا، نحن عرب الدّاخل، لسنا، بأيّ شكل من الأشكال، جزءًا من الطّرف الإسرائيليّ الرّسميّ. وللأسف، نحن محيّدون من أن نكون جزءًا من الطّرف الفلسطينيّ. لا الإسرائيليّون يعتبروننا جسرًا للسّلام، ولا فلسطينيو "أوسلو" يفكّرون في "استخدامنا" كأيّ نوع من هكذا جسر. والمفارقة الفكهة والمرّة في آن، أنّه حتّى في احتفال توقيع معاهدة أوسلو، حرصت إسرائيل على أن يضمّ وفدها ممثّلين عن عرب الـ 48. بينما الجانب الفلسطينيّ لم يفكّر في ذلك أبدًا، حسب تقديري. وربّما فكّر، غير أنّ إسرائيل لم تسمح له بذلك. وتناهى إلى سمعي مرّة أنّ مسؤولين في السّلطة الوطنيّة الفلسطينيّة قالوا لبعض قيادات عرب الـ 48: "خلّيكوا بحالكو.. وديروا بالكو على أنفسكم فـ الدّاخل.. وسيبونا بحالنا". وهكذا، لـم يبق لعرب الـ 48 سوى أن يصلّوا ويناضلوا، ليلاً ونهارًا، من أجل السّلام العادل والمساواة التّامّة. وثمّة من يقبل بها مساواة منقوصة، مقابل أمل بسلام عادل وشامل وحقيقيّ يضع حدًّا لدائرة الدّم والدّمع والدّمار والدّخان. ويقيني أنّ علم دولة فلسطين الحرّة المستقلّة يرفرف في سماء القدس.. أغلى من أيّة مساواة.

غادا فؤاد السّمّان: تتحدّث بلهجة حاسمة، تطالب فيها بإقامة دولة فلسطينيّة ذات سيادة واستقلاليّة، ولم يفتك الإشارة إلى القدس كعاصمة غير قابلة للجدل والمساومة، في حين أنّ الدّولة الفلسطينيّة صاحبة الجولات المكوكيّة المتمثّلة بعرفات ومن لفّ لفيفه، أقاموا عليك الحدّ التّحييديّ والتّهميشيّ والتّغييبيّ، إن صحّت التّعابير هنا، علمًا أنّكم كان من الممكن، وأنتم المليون ومائتا ألف عربيّ أن تمثّلوا صلة وصل، ودرع مواجهة، ومفتاحًا دبلوماسيًّا لحكّ الدّمقراطيّة الإسرائيليّة، كيف تبرّرون الخطيئة التّاريخية للقيادة الفلسطينيّة وضياع الفرصة الذّهبيّة للحصول على حليف استراتيجيّ في مساعيها، مقابل فقدان الهيبة لما تقدّمه من تنازلات ومساومات لا يمكن أن ترتقي للحلم العربيّ العامّ أو الفلسطينيّ في أدقّ وأحرج مراحله؟

تركي عامر: المفتاح لحلّ القضيّة الفلسطينيّة لن يكون إلاّ بلهجة حاسمة وصارمة، لأنّ حكّام إسرائيل ما انفكّوا يماطلون ويربحون الوقت طيلة خمسة عقود من الزّمن المرّ. والحكّام العرب لا يريدون سوى رضا "ماما أمريكا" كي يحفظوا عروشهم. وعرفات ومن لفّ لفيفه أصبحوا أسرى داخل ما كان يجب أن يكون نواة للدّولة الفلسطينيّة المنشودة. وإن حاول من يحاول تغييبنا وتهميشنا، فنحن حاضرون في الذّاكرة والفاكرة معًا، بمعنى أنّنا جزء لا يتجزّأ من الشّعب العربيّ الفلسطينيّ، ونحتفظ لأنفسنا بحقّ المساهمة في إدارة الصّراع. نحن لسنا خارج التّاريخ، ولن نسمح لأحد، كائنًا من كان، بمجرّد التّفكير في إقصائنا عن دائرة انتمائنا العربيّة.. وإلغاء هويّتنا الفلسطينيّة، وإن حمّلونا جواز سفر إسرائيليًّا.. أو حتّى مرّيخيًّا. أحوالنا، المعيشيّة على الأقلّ، داخل إسرائيل ستكون أفضل بعد إحلال السّلام، ولا سيّما إذا كان شاملاً. إذ سلامئذٍ، قد تتفرّغ الحكومة الإسرائيليّة لموضوعة المساواة والنّمو الاقتصاديّ، بدلاً من هدر مليارات الدّولارات على ميزانيّة الأمن والتّسليح، وهذا سينعكس على عرب الدّاخل بطبيعة الحال. كان باستطاعة القيادة الفلسطينيّة استخدامنا فعلاً كصلة وصل وكجسر للسّلام مع الإسرائيليّين. غير أنّ شيئًا من هذا لم يحدث. وكلّ ما حدث من لقاءات بين عرب الـ 48 والقيادة الفلسطينيّة، القادمة من تونس عبر أوسلو، أخذ شكلاً طقسيًّا بروتوكوليًّا من التّهنئات والمباركات أو، في أحسن الأحوال، تسليم ما جمعناه من تبرّعات ومساعدات لأهلنا في المناطق المحتلّة. لم يتمخّض عن تلك اللّقاءات أيّ تنسيق، لا استراتيجيّ ولا تكتيكيّ. وفي المقابل، إسرائيل نفسها لن تقبل بذلك، وقد تعتبرنا نتعامل مع "العدو" (أريد أن أضحك) لو حرّكنا ساكنًا. مجرّد مظاهرة تضامنيّة في تشرين الأوّل 2000، عُرفت إعلاميًّا باسم "هبّة أكتوبر" (ما أشطرنا في تطريز المسمّيات والتّسميات)، جعلت بنادق الشّرطة الإسرائيليّة تحصد ثلاثة عشر شهيدًا من أبناء عرب الـ 48. السّواد الأعظم منّا يصوّت للأحزاب العربيّة ولبعض أحزاب ما يسمّى باليسار (؟!) الإسرائيليّ، دعمًا لما يسمّى معسكر السّلام، أملاً بوصوله إلى سدّة الحكم وتحريك العمليّة السّلميّة. غير أنّ الشّارع الإسرائيليّ، للأسف والقرف الشّديدين، يزداد يمينيّة ويمعن تطرّفًا بعد أيّة عمليّة استشهاديّة تقوم بها الفصائل الفلسطينيّة الإسلامويّة، الّتي تريد إدارة الصّراع بصورة مغايرة لما تقوم به السّلطة الوطنيّة بقيادة عرفات. وهذا، بحدّ ذاته، يشكّل ذريعة وحجّة يتمسّك بها الإسرائيليّون كـ "قميص عثمان" للحيلولة دون العودة إلى طاولة المباحثات، لا سيّما وأنّ الرّأي العام العالميّ معبّأ ومجنّد لمحاربة ما يدّعون أنّه "إرهاب". والشّيء بالشّيء يُذكر، لدي اعتقاد أنّ الحرب المرتقبة على العراق، مفتعلة لتحييد الرّأي العام العالميّ عن أيّ تحرّك نحو إيجاد أيّ حلّ للقضيّة الفلسطينيّة. وهذا ينسحب أيضًا على التّفتيش الأمريكيّ المحموم، السّينمائيّ ربّما، عن إبن لادن وجماعة "القاعدة". كلّها عربدات أمريكيّة كاوبوويّة هوليوديّة، بتحريض صهيونيّ سافر ضدّ كلّ ما هو عربيّ وإسلاميّ، لتغييب القضيّة الفلسطينيّة والحقّ الفلسطينيّ عن السّاحة الدّوليّة وعن الذّاكرة العالميّة.

غادا فؤاد السّمّان: تلاحظ معي أن السّياسة أصبحت عصب الكلمة في مختلف ميادينها، يعني في الوقت الذي كنت أتوقّع من تركي عامر، حيادًا من نوع ما، علمًا أنّ الحياد المفترض، لا أزعمه أنا شخصيًّا لمجرد التّكهّن، وإنّما هكذا يُشاع عمومًا عن عرب الـ 48 عند مختلف الفصائل الفلسطينيّة الّتي تبدي بعض الدّهشة لردود الأفعال الّتي يجود بها عرب الداخل، إبّان انتفاضة الأقصى. وفي لقاء عابر كان لي مع شفيق الحوت أذكر أنّه لفت قائلا "عرب الدّاخل أبدوا من الرّوح الوطنيّة ما كنّا نجهله"، تُرى هل نقص الدّراية والمتابعة والوعي عند القيادة الفلسطينيّة ساهمت إلى حدّ كبير في تباين المواقف الفلسطينيّة وتباعدها، لتقدير العواقب والعقبات الّتي تقف في وجه استرجاع فلسطين وتوليف الشّعب الفلسطيني المشرذم بين لاجئ ومقيم ومُبعد ومُنْضم؟ في خضم هذا الدوار والحوار كيف ينتصر الشّاعر على السّياسيّ؟ وكيف تتكافأ الكلمة الإبداعية و"الإبدائيّة"؟!



سلالات من المتميّزين يمارسون عادة الحلم السّرّيّة على هامش الأحداث، إن لم يكونوا قابعين في مزبلة التّاريخ

تركي عامر: السّياسة، يا سيّدتي، سيّدة الكلمات في كلّ مكان وزمان. و "الإنسان حيوان سياسيّ"، مع الاعتذار لـ أرسطو (رضي الله عنه). فإضافة إلى حيوانيّته الاجتماعيّة الّتي يشترك فيها مع النّمل والنّحل وسواهما، الإنسان هو الحيوان الوحيد القادر على الكذب. والكذب، ممّا لا يرقى إليه أدنى شكّ، مهارة سياسيّة أساس، بل مفتاح مهمّ من مفاتيح "اللّعبة"، وشرط للانخراط في صفوفها. وإذا استعرنا لغة مطبخيّة أو طبائخيّة، فالسّياسة ملح الحياة. أمّا الّذين يدّعون قدرة "خارقة" على سلخ السّياسيّ عن الثّقافيّ، وكأنّ التّعاطي الثّقافيّ ترف ترفيهيّ يحدوه تشاوف طبقيّ استبذاخيّ، فلا شكّ يعانون من منسوب عالٍ للسّكّر في الدّم، لفرط ما يتعاطون من "أطَايِب" وحلويّات اقتنصوها، يا للمفارقة، بطرق "سياسيّة"، رخيصة طبعًا. ووسط هذه المشهديّة السّياسيّة الطّارحة عصاها بقوّة، أيّ "حياد" تتوقّعين؟! ولماذا؟! وكيف لي أن أكون محايدًا، حيث "لا حيدة في جهنّم"؟! أن أكون محايدًا، في هذا الزّمن العالميّ الرّديء والعربيّ الرّخيص، يعني أن أكون متفرّجًا فحسب، لا أملك سوى "مِسْلاَط" أو "ضَابُوط" (ريموت كونترول بالعربيّ) للتّنقّل، بكبسة زرّ عصبيّة، من شاشة إلى أخرى، دون أن تكون لي أيّة شهوة للمساهمة في جعل الكرة الأرضيّة مكانًا أجمل، لا للعيش فقط، بل للحياة كذلك. وشتّان ما بين عيش وحياة. يؤلمني، إلى حدّ الدّمعة، ما يُشاع عن عرب الـ 48. وتؤلمني أكثر، تلك الـ "بعض الدّهشة" الّتي يبدونها لبعض ما نفعله هنا في الدّاخل. تؤلمني، وكأنّنا من غير المتوقّع منّا أن نفعل، أن نكون. تؤلمني، وكأنّ ثمّة من أسقطنا، أو يريد إسقاطنا، من حساب الوطن والشّعب والأمّة. وإذا فعلنا، وما أقلّ ما نفعل وما أكثر ما نقول ونتقوّل، فهذا حقّنا الشّرعيّ والمشروع قبل أن يكون واجبًا. لا ننتظر وسام شرف إلاّ من كتاب التّاريخ، ولن نقبل به إلاّ ممهورًا بتوقيع سيّدة الزّمان والمكان، "الموضوعيّة". لا ننتظر شهادة حسن سلوك من "أوصياء" على محفل الوطنيّة أو "أمناء" على هيكل القوميّة. توجعني تلك "الدّهشة"، غير أنّي أزعم أنّي أعرف منابعها، وأردّها إلى كون الإعلام العربيّ، باستثناء طفرة هنا ونبرة هناك، إعلامًا ترفيهيًّا، هابطًا في سواده الأعظم، يضرب كشحًا عن الجانب التّحقيقيّ التّوثيقيّ لما يغلي تحت السّطح. فبدلاً من عرض تحقيقات مهنيّة مصوّرة عن الواقع المعاش هنا وغير هنا، نرى بعض فضائيّات تتكالب على استضافة "فنّانة"، لا تمتلك من أسباب الحضور سوى أنّها تجيد أبجديّة تعلّمتها في جامعة "السّيليكون" المفتوحة والمفضوحة. ولسؤالك عن القيادة الفلسطينيّة، فهي، أسوة بغيرها من القيادات العربيّة، مسؤولة كذلك عن هبوط مؤسّسات الإعلام وتقصير أجهزة المعلومات، لا بالنّسبة لأوضاع عرب الـ 48 فحسب. أيّة فضائيّة عربيّة بثّت لنا تقريرًا/ تحقيقًا/ حكاية عن الأوضاع المعيشيّة، "بلاش السّياسيّة يا ستّي"، لأيّ من مخيّمات اللاّجئين المنسيّة والمرميّة على "وجه" الصّحراء العربيّة؟! الإعلام أخطر الأسلحة المعاصرة، و "نيّال من له مرقد فضائيّة في عصرنا". أمّا عن تباين المواقف وتباعدها بين القيادات الفلسطينيّة، ودورها في سدّ الطّريق أمام أيّ ضوء من أيّ نفق، فحرج ولا تُحدّثي. ففي غياب حدّ أدنى من الإجماع الفلسطينيّ بين مختلف الفصائل والتّيّارات والنّوايا و"المحافل" والاجتهادات و"الزّوايا"، ستظلّ القضيّة الفلسطينيّة هكذا "لا معلّقة ولا مطلّقة"، صافنةً في العراء وحدها، تنتظر فرجًا من السّماء. والسّماء ما زالت بعيدة. والرّابح الوحيد، جرّاء ذلك، هو العبريّ واليهوديّ والصّهيونيّ والإسرائيليّ، وكلّها توصيفات للشّيء ذاته. و"في خضم هذا الدّوار"، تسألين "كيف ينتصر الشّاعر على السّياسيّ؟!" قبل أن أحاول بعض إجابة، وعلى سيرة الدّوار، دعيني أسرّب مقطعًا من قصيدة لي بعنوان "سيّدة المرايا": "وَمَا زَالَ الدُّوَارُ/ يَدُورُ بِنَا عَلَى الدُّنْيَا بِلاَ قَلَمٍ يُحَزِّزُ فَوْقَ صَفْحَتِنَا وَصَفْنَتِنَا دَوَائِرَ لاَ تُرَى فَتَثَاءَبَ الْفِرْجَارُ وَانْفَرَجَتْ زَوَايَانَا عَلَى كُلِّ الزَّوَايَا/ بِلاَ عَلَمٍ يُرَفْرِفُ فَوْقَ خَيْمَتِنَا وَخَيْبَتِنَا لِتَنْفَرِجَ الدِّيَارُ". و "في خضم هذا الدوار"، كيف الطّريق إلى سمرقند انتصار الشّاعر على السّياسيّ؟! هل الشّاعر مخلوق فضائيّ غريب عن بيئته الأرضيّة، لا يتنفّس هواءها ولا يشرب ماءها؟! أو عن أسرته الإنسانيّة، لا يشاركها ألامها ولا يشاطرها أحلامها؟! أو عن حظيرته القوميّة، لا ينتمي إلى جذورها ولا يتماهى مع تطلّعاتها؟! ولنفترض جدلاً، أنّ الشّاعر استطاع سبيلاً ما (؟!) إلى تنقية حبره وورقه من أيّة "شبهة" أو "لوثة" سياسيّة، فكيف ترى ستكون قصيدته؟ هل يتبقّى لها، تنقيتئذٍ، شكل أو لون أو طعم أو رائحة؟! ولكن، ليس كلّ كلام سياسيّ منظوم (بالوزن أو بالنّثر سيّان)، ولا سيّما إذا كان مغرقًا في المباشرة الخطابيّة والمطمطة التّقريريّة، وما إلى ذلك من أدوات غير شعريّة، هو شعر بالضّرورة. أمّا عن تكافؤ الكلمة الإبداعيّة والكلمة "الإبدائيّة"، على حدّ تعبيرك الذّكيّ، لا أدّعي أنّي أملك "فتوى" للوعظ في هذه الموضوعة "الدّين شعريّة". ولكن، "على قدّ عقلي" أقول: يجب أن تربأ القصيدة بنفسها عن الوقوع في دائرة "الشّبهة"، ما بين "حلال" إبداع.. و "حرام" إبداء.

غادا فؤاد السّمّان: يرفع محمود درويش اليوم لواء النّصّ الإنسانيّ، تمهيدًا للتّماهي مع الآخر، بعد سنوات المنفى الذي تعلّم منه كيف يتجاوز الأزمة المصيريّة بكلّ تفاصيلها ورجعيّتها ومرجعيّاتها التّاريخيّة. برأيك هل يمكن للنّصّ أن يدخل مع الوقت في غيبوبة عن الحدث المباشر؟ وهل يمكن للعلاقات الاستثنائيّة مع الوقت أن تزهق الرّوح الدّراميّة لصالح الرّوح التّطلّعيّة؟ وهل يمكن للّغة أن تتبدّل سماتها ودلالاتها خارج إطار المشهد العام؟ وللحدّ من الإغراق في هذا الاستهلال، أسأل تركي عامر ما الذي نأى به عن الآخر وعن التّماهي في المعطى الإنسانيّ المشترك الّذي من المؤكد كان يمكن أن يفتح له آفاقًا ومسارب ومكاسب ومغانم، تجنّبه مأزق التّسريح التّعسّفيّ، والتّجريد من الحقوق المدنيّة، مقابل التّمسّك بالكلمة الرّافضة والمواجهة؟ باختصار، أنت تغلق الطّريق المفتوح أمامك شرعًا، في حين أنّ الآخرين يستبسلون في شقّ منفذ صغير بالكاد يتّسع لكلمة رخيصة في أبلغ معانيها. ما الذي ينأى بك عن السّقوط في غواية الآخر؟

تركي عامر: "لواء النّصّ الإنسانيّ"، مرفوع في قصيدتنا العربيّة قبل محمود درويش، وسيظلّ مرفوعًا إلى "ما قبل القيامة" وما بعدها. الحديث عن "لواء النّصّ الإنسانيّ" بهذا الشّكل، يجرّد قصيدتنا العربيّة عمومًا، والفلسطينيّة خصوصًا، من إنسانيّتها وحضاريّتها. نصوصنا العربيّة (الجيّدة تحديدًا)، الشّعريّة والنّثريّة على حدّ سواء، إنسانيّة قبل أن تكون سياسيّة أو فلسفيّة أو عاطفيّة. ولكن، ليس كلّ ما يحرّض على السّلام والأخوّة الإنسانيّة، بطريقة أو بأخرى، بالضّرورة نصّ جيّد. وبالمقابل، ليس كلّ ما لا يرفع "لواء النّصّ الإنسانيّ"، يستحقّ عقوبة الإعدام، لا سيّما إذا استوفى شرط "حلال" الإبداع، منزّهًا عن مطارح "حرام" الإبداء. أمّا عن دخول النّصّ في غيبوبة عن الحدث المباشر، على حدّ تلميحك، فالجواب نعم (وستّين نعم)، خصوصًا إذا كان صاحب النّصّ طالبًا القرب من حدث شخصيّ يعود عليه بمكسب معنويّ ومادّيّ، سيّما وأنّ الضّاغطين على زرائر القرار في هذه الموضوعة يعتبرون أنفسهم، يخزي العين، من حملة "لواء النّصّ الإنسانيّ" ومن "سدنة الأمانة" على حضارة الحبر وإنسانيّة الورق. وهكذا، للأسف الشّديد، وبفضل "العلاقات الاستثنائيّة"، وما بعد الاستثنائيّة ربّما، "تزهق الرّوح الدّراميّة لصالح الرّوح التّطلّعيّة"، كما تتفضّلين. تلك "الرّوح الدّراميّة"، كانت جواز مرور إلى السّاحة العربيّة، حيث احتضنتها بيروت الجميلة والنّبيلة (هكذا أراها) في السّبعينيّات والثّمانينيّات. وبعد أن أصبح حبّ السّاحة العربيّة في العبّ، جاء دور ساحة أشرح وأبرح، وربّما أريح وأربح. فـ "الرّوح التّطلّعيّة"، على حدّ تعبيرك الدّقيق، هي سيّدة المرحلة، إذن، للوصول إلى ما هو "في البال أغنية". أمّا أن تتبدّل اللّغة، بسماتها (وربّما ببصماتها) ودلالاتها، خارج إطار المشهد العامّ، فهذا سؤال ينتمي إلى الكريمينولوجيا الأدبيّة والشّيزوفرينيا الإبداعيّة، ولا أدّعي القدرة على فصفصة رموزه أو حتّى الفضفضة على ضفافه. وان ادّعيت، أخاف التّورّط في صفصفة كلام لا تفضي إلى ضفّة.. أو قطاع.. أو جليل. وبرغم هذا وذاك وذلك، اللّغة كائن حضاريّ حيّ، قابل للتّبديل والتّعديل والتّغيير والتّطوير، ولكن ليس "خارج إطار المشهد العامّ". وإلاّ لعاشت قطيعة روحيّة وذوت ثمّ ماتت. اللّغة بنت المشهد العامّ الشّرعيّة. ليست لقيطة ولا زائرة ولا دخيلة على المشهد. وهي ليست حتّى بنت الجيران، وإن كانوا أعزّ القرايب. أمّا بالنّسبة لـ تركي عامر، فأنا، وأعوذ بالله من قولتها، لم أنأ عن الآخر. إبداعيًّا، نصوصي غير منزّهة عن "اللّواء الإنسانيّ"، وما انفكّت تشرّع نوافذها على مصراعيّ الرّوح لجميع جهات الرّيح. لكنّي لن أسمح لها أن تذوب، تواطؤًا وطأطأةً، في دبابيب الآخر، لقاء أيّ ثمن، ولو ملّكوني إمارة "موناكو" أو توّجوني أميرًا للشّعر العالميّ. واجتماعيًّا، تربطني علاقات صداقة جميلة بمثقّفين تقدّميّين من أبناء وبنات عمومتنا، إذا صدقت جدّتانا هاجر وسارة (رضي الله عنهما). أتواصل معهم، وأشاركهم في تنظيم لقاءات أدبيّة عربيّة ـ عبريّة. لم أحجم عن التّماهي مع المعطى الإنسانيّ المشترك، مرّة أخرى، لا إبداعيًّا ولا اجتماعيًّا. وكنت، ممّن فرحوا بـ "بشرى" أوسلو. وكنت، وما زلت، من أنصار شعار "دولتان لشعبين". غير أن السّلطة، بمساعدة عكاكيزها المحلّيّة من أبناء جلدتنا، لا تتسامح مع غير المنسجم مع سياستها العامّة. المشروع الصّهيونيّ القائم على "فرق تسد" الموروثة من "العانس العظمى"، وعملاؤه من فئة "الأشدّ مضاضةً"، لا يتسامحون مع مواطن عربيّ فلسطينيّ ثَمَانِيأَرْبَعِينِيّ، ولا سيّما من أبناء طائفة الموحّدين الدّروز، يجاهر بعروبته وفلسطينيّته، في صبحه والمساء. ولا يتسامحون مع من يناضل ضدّ التّجنيد الإجباريّ التّعسّفيّ، وضدّ فصل طائفته عن شعبها وأمّتها، على رؤوس الأشهاد. وإن تسامحوا، هل يتسامحون مع مربٍّ (موظّف في سلك الدّولة) يؤبّن جنديًّا، ضحيّة من ضحايا التّجنيد والاحتلال، لا يكتفي بتعداد مناقب الفقيد وتعزية الأهل وشكر المشيّعين، بل يسفّه الحرب والاحتلال بكلمات صاعقة مدوّية، وبشكل غير مسبوق، ويتطاول على "البقرة المقدّسة" (علم الدّولة)؟! فهل يفتحون لمثل هذا "آفاقًا ومسارب ومكاسب ومغانم، تجنّبه مأزق التّسريح التّعسّفيّ، والتّجريد من الحقوق المدنيّة، مقابل التّمسّك بالكلمة الرّافضة والمواجهة"؟ أمّا ما ينأى بي عن السّقوط في غواية الآخر، فهو "عربٌ أطاعوا رومَهم/ عربٌ وباعوا روحَهم".

غادا فؤاد السّمّان: تركي عامر، ثماني مجموعات بالعربيّة واحدة منها بالعامّيّة، واثنتان بالإنجليزيّة. وأعلم أنّك تتقن العبريّة كما العربيّة تمامًا. لمن تكتب بالعربيّة وأنت معزول عن المنابر في العالم العربيّ الذي احتكر شعراء الصّفّ الأوّل الفلسطينيّ كائنة ما كانت قناعاتهم ووجهاتهم وعلاقاتهم ودلالاتهم الشّعريّة ومرجعيّاتهم الإبداعيّة،"توراتيّة" كانت أم شيوعيّة، أو حتّى إسرائيليّة، وكتاب "الرّسائل" بين درويش والقاسم يشهد؟ وأنت تكتب لأمل مؤجّل قد تنتهي صلاحيّته مع الوقت والتّراكم الزّمنيّ. تتحدّث عن بيروت وكأنّك على موعد، وأنت تعلم استحالة اللّقاء حتّى زمن ربّما لا يأتي، ومع ذلك لا تعترف بالمسافة والمعوّقات الكبيرة بينك وبين دمشق، وأنت المنتشر عالميا والحاصل على دكتوراه فخريّة من المكسيك، وتدرك أنّ مجموعة شعريّة باللّغة العبريّة الّتي تتقنها ستختصر لك كثيرًا من المساعي وتقدّم لك الكثير من الامتيازات، لكنّك تقول لن أخون دمشق عاصمة الرّوح، وبيروت مرصد الحلم والتّطلّعات العظيمة. هل تعتقد أنّ التزامك على هذا النّحو وكأنّك تقيم اتّفاقا ضمنيًا مع بيروت ودمشق وربّما غيرها من العواصم؟ هل تعتبر نفسك صائبًا بتلك المنهجيّة، وهذه المراهنة الصّعبة في زمن المداهنة اليسيرة على الغالبيّة ممّن نعرفهم وممّن نتعرّفهم تباعًا بعد سقوط الأقنعة؟ من موقعك كيف ترصد المشهد الثّقافيّ العربيّ وماذا يمكن أن يضيف لك التّواصل مع المشهد المذكور في حال توفّرت سبل اللّقاءات، ومن تناشد هنا لإزالة الأسباب العالقة والمعيقة، لاختراق قرارات المنع؟



أحلم بوطن كبير هو العالم ، بغربه وشرقه . هو الكرة الأرضيّة، بشمالها وجنوبها

تركي عامر: قبل الإجابة على سؤالك المركّب والمرتّب، اسمحي لي أن أصوّب "شغلة"، وقد أتطرّق إلى "شغلات" تلقي الضّوء على جوانب من حياتنا الثّمانيأربعينيّة. أصدرت، حتّى الآن، عشرة كتب. خمس مجموعات بالفصحى: ضجيج الصّمت، نزيف الوقت، استراحة المحارب، فحيح الضّوء، من حواضر الرّوح. وواحدة بالعامّيّة: سطر الجمر. واثنتان بالإنجليزيّة: Arabian Nightmares و White Leaves. وكتابان نثريّان: العَائِلُقْرَاطِيّة (مداخلات في الاجتماع والسّياسة)، صباح الحبر (مداخلات في الأدب والثّقافة). وتتثاءب في عتمة الكمبيوتر عشر مخطوطات، شعريّة ونثريّة، لا يحول دون خروجها إلى شارع النّور والجمهور، إضافة إلى ماركة الكسل المسجّلة وجارحة الإحباط الجارحة، سوى غياب دور نشر عربيّة تتكفّل بطباعة الكتاب وتوزيعه بالشّكل المتعارف عليه. ثمّة مطابع تعتمد استراتيجيّة "إدفع واطبع" أو "حُطّ بِتْنُطّ"، والكاتب "يدبّر حاله". وللأمانة التّاريخيّة على الأقلّ، ثمّة "دائرة للثّقافة والفنون العربيّة"، تابعة لـ "وزارة العلوم والثّقافة والرّياضة" الإسرائيليّة، تتكفّل بطباعة الكتاب (ألف نسخة) على نفقة الدّولة، وتوزّعه على المكتبات العامّة والمدارس والمراكز الثّقافيّة، وتعطي الكاتب بضع مئات من النّسخ ليتصرّف بها كما يريد (وطبعًا "بتروح هدايا"). وثمّة دائرة مماثلة، وفي الوزارة ذاتها، لـ "الثّقافة والفنون" في الوسطين "الدّرزيّ" و "الشّركسيّ". والشّيء بالشّيء يُذكر، "تمنح" هذه الوزارة، كلّ عام، جائزة للإبداع، تُعرف باسم "جائزة تفرّغ" (قيمتها راتب شهريّ لمدّة سنة.. ما بين 12 و 18 ألف دولار)، لستّة كتّاب عرب، تختارهم لجنة ما حسب توزيعة طائفيّة (بالقلم العريض)، آخذة بالحسبان ظروفهم الاجتصاديّة (سوسيوإكونوميك)، وقلّما يلعب الإبداع دورًا في "حلم" الحصول على الجائزة. أمّا اللّجنة، فمن المفروض أن تكون غُفْلِيّة حتّى إعلان النّتيجة، غير أنّ هويّة أعضائها سرعان ما تتسرّب إلى النّور الطّلق، و "خذ عنّي جيتك تلفونات" من "طالبي القرب". وللتّاريخ، مرّة أخرى، الوحيد الّذي لم يتقدّم بطلب القرب من هذه الجائزة، هو سميح القاسم. والآن إلى سؤالك. أعترف بتهمة إتقان العبريّة (تقريبًا كما العربيّة)، وكتبت فيها عددًا قليلاً جدًّا من النّصوص (كان آخرها بعد مصرع رابين)، وتُرجم بعض آخر عن العربيّة، نُشر معظمها في مجلاّت أدببّة عبريّة. وأخطّط، منذ زمن، لإعداد مجموعة مختارة من قصائدي بالعبريّة، أترجمها بنفسي كما فعلت مع المجموعتين بالإنجليزيّة. لكنّي، مع فهمي لأهمّيّة التّرجمة، بغية التّثاقف والتّواصل بين الشّعوب والحضارات، لا أعوّل على ما أنشر بالعبريّة والإنجليزيّة. وأيّة ترجمة، مهما أتقنت اللّعبة، خائنة بالضّرورة. أحلم بالعربيّة. وأكتب بالعربيّة. أعيش بالعربيّة. وسأموت بالعربيّة. وتسألين: "لمن تكتب بالعربيّة وأنت معزول عن العالم العربيّ؟". لن أتكلّف غيبوبة أو غربة أو غضبًا أو غبارًا لأقول: أكتب لنفسي. وبالمقابل، أتّفق مع أنسي الحاج في مقولته: "الكتابة الّتي تعي قرّاءها تُفْسِد ذاتها" ("خواتم"). ويبقى "لمن تكتب" معلّقًا وعالقًا، ويبدو أنّنا مهما أعملنا العقل والقلب لسبر كنهه، لن نتوصّل إلى مطرح. والحال على هذا المنوال، أكتب، إذن، للرّيح. للشّمس. للمطر. أكتب للتّاريخ الآتي من هناك: "أَيْنَ الْهُنَاكَ يَا هُنَا أَيْنَ الْهُنَاكْ؟/ لاَ هَا هُنَا الْهُنَا/ وَلاَ الْهُنَاكَ هَا هُنَاكْ" (من قصيدة لي بعنوان "أميرة الوجع"). لكنّ الرّزنامة معطاء، حبلى على الدّوام بأجنّة قرّاء واعدين. وسيأتي دور قارئي يومًا ما، وقد يجد في ما أخربشه بعض جدير ببعض قراءة. وقد لا يأتي ذلك القارئ. ويصحّ تصوّرك بأنّي أكتب "لأمل مؤجّل قد تنتهي صلاحيّته". وعلى سيرة انتهاء الصّلاحيّة، كتبت قصيدة بالعامّيّة بعنوان "حلم خالص تاريخُه"، أرجو تسريبها: "عندي حلِم خالص تَريخُه من زمان/ تحت الثّلِج مدفون بينادي/ يا سامعين الصّوت خانِقْني المكان/ مِشتاق لـَ بْلادي/ قولوا لـَ إمّي تْعُدِشْ تبعثلي جمِر/ نار الجمِر هادي/ صار الرّماد جْبال عا ظَهْر العُمِر/ وْما عُدِت شُفْت الرّيح بِالوادي". أين الرّيح؟ الأمل بالمنابر العربيّة الفاتحة ذراعيها ومصراعيها وشراعيها لقصيدتنا الفلسطينيّة، على مختلف اشتغالاتها واشتعالاتها واجتهاداتها واجتراحاتها. وهذه تحيّة ثمانيأربعينيّة، منّي على الأقلّ، لكلّ جهة عربيّة عملت وتعمل من أجل إخراج الدّاخل إلى داخل الخارج. ولكن، أرجو أن يكون احتفاء العالم العربيّ بما يصل من هنا، مفرّغًا من الحشوة التّعاطفيّة مع القضيّة الفلسطينيّة، ومشغولاً بإبرة إبداعيّة حقيقيّة، وبدون حسومات حاتميّة لمناسبة الأعياد الوطنيّة أو القوميّة. أمّا عن موعدي مع بيروت ودمشق، فرجاءً لا تُفَلْفِشِي ملفّات جروح في جلد الرّوح. ولدت هذه المرّة هنا، فلن تنفع "ليتني ولدت هناك". ولأنّي أومن بالتّقمّص، فأتمنّى على مسؤول دائرة التّقمّص أن أولد، بعد وفاتي هنا، في بيروت أو في دمشق. ورغم الدّكتوراه الفخريّة الّتي شرّفتني بها "الأكاديميّة العالميّة للفنون والثّقافة" في "المؤتمر العالميّ للشّعراء" المنعقد في المكسيك العام 1999، أتطلّع، كأيّ شاعر أو كاتب ثمانيأربعينيّ، إلى التّواصل مع العالم العربيّ، من منتدح محيطه حتّى خُرْم خليجه. يبدو أنّها حاجة نفسيّة أو شهوة روحيّة، وما أجملها من حاجة وما أنبلها من شهوة، لِما نعانيه هنا من غربة وتغريب واغتراب واغريراب، جرّاء قطيعة حضاريّة عن كلّ ما هو عربيّ. وكأنّنا نريد اعترافًا ما من الوطن العربيّ الكبير الّذي انقطعنا عنه نيّفًا وخمسة عقود من عثرات الرّزنامة وشطط حَمَلَة الألوية. وقد لا أكون صائبًا في منهجيّة شغفي هذا، على حدّ تعبيرك. وأرجو ألاّ تكون المراهنة خاسرة، وان كانت المداهنة جاسرة. ومهما سقط من أقنعة، لن أتنازل عن قناعة أنّ الوطن العربيّ الكبير، رغم كلّ ما يعانيه من عجز وسقوط وتعثير، هو مرجعيّتنا القوميّة وهويّتنا الثّقافيّة وقلعتنا الرّوحيّة. وأناشد، هنا، الحكومات العربيّة كافّة أن تفتح لعرب الدّاخل أبواب التّواصل والتّثاقف. ولكن، يبقى السّؤال: هل تسمح لنا السّلطات الإسرائيليّة بمغادرة البلاد؟ إلى غير رجعة، "أكيد بيكيّفوا". وأتمنّى على الأشقّاء العرب، حكّامًا ومحكومين، الكفّ عن اعتبار التّواصل معنا شكلاً من أشكال التّطبيع. نطالبكم بالتّطبيع معنا، نحن عرب الدّاخل، لا لشيء بل لأنّنا مطبوعون على حبّكم وعلى الحلم برؤيتكم.

غادا فؤاد السّمّان: كيف تنظر لتجربة "الشّاهد"، الصّامدة في وجه الانحلال الإعلاميّ، وأنت تحتفظ بعدد استثنائيّ حملته من على متن طائرة ذات رحلة منذ سنوات، وأنت تستضيف "الشّاهد" في مكتبتك العامرة، وهاهي اليوم تستضيفك أثيريًّا أيضًا، وكأنّ موعدًا ميتافيزيقيًّا كتب لك معها؟ أترك لك الخوض في هذا المقام العلويّ القائم بينك وبينها؟



أخشى أن نُتّهم يومًا بالمسؤوليّة عن وعد بلفور أيضًا!

تركي عامر: أرجو لـ "الشّاهد" أن تظلّ صامدة في وجه طوفان الحبر الميّت والاستعمار الفضائيّ الشّرس. القطيعة الفظيعة بيننا وبين العالم العربيّ حالت، ولمّا تزل تحول، بيننا وبين ما يصدر لديكم من منشورات. قبل 1967، كان يصلنا بعض أشيائكم عن طريق الضّفّة الغربيّة، وذلك بواسطة حجّاج عرب الدّاخل المسيحيين إلى بيت لحم. وبعد 1967، تغيّرت الحال، وصارت تصلنا الأشياء بواسطة الطّريق المفتوحة بين الضّفّة وعمّان. وبعد "كامب ديفيد"، وصلت القاهرة إلينا بمنشوراتها، وشعرنا بارتياح مشوب بالفرح الطّفوليّ البريء. وبعد 1982، وحتّى الانسحاب الإسرائيليّ من جنوب لبنان، وصلتنا كتب ومجلاّت لبنانيّة عن طريق ما كان يسمّى "الجدار الطّيّب" و "بوّابة فاطمة"، بواسطة تاجر اشتغل في استيراد الكتب اللّبنانيّة. كان يقول لنا: "أعطني أيّ عنوان واسم المؤلّف واسم دار النّشر وسأحضره لك". وكان يتفنّن في الأسعار. والمتلهّف لحشيشته الثّقافيّة يدفع ولا يسأل. وكان بحوزته كاتالوجات لكثير من دور النّشر البيروتيّة، وتصفّحتها أكثر من مرّة. وفي فترة معيّنة، استطاع هذا التّاجر، بواسطة عملائه (بالمعنى التّجاريّ) اللّبنانيّين، أن يستجلب أيضًا بعض ما يصدر في دمشق. وكان ان أكرهت المقاومة اللّبنانيّة الجيش الإسرائيليّ على الانسحاب من جنوب لبنان، وانقطع رزق التّاجر. وعدنا (والعود أقطع) إلى القطيعة من جديد. وفاتني أن أذكر أنّه بعد "أوسلو" و"اتّفاقيّة وادي عربة"، صرنا "نروح على عمّان سرّي مرّي"، وصار باستطاعتنا شراء الكتب والمجلاّت الأردنيّة والعربيّة الّتي تصل إلى الأردن. أمّا العدد الوحيد الّذي أحتفظ به من مجلّة "الشّاهد"، كان أن لمحته لدى ذاك التّاجر، وطلبت أن أشتريه، فقال: "لا أملك إلاّه، ولم أتصفّحه بعد". فقلت له ممازحًا: "ومش رح تتصفّحه، وحرام يظلّ عندك وتوكله الغبرة". وعندما أحسّ بتلهّفي للمجلّة، شفق عليّ وقال: "أنت زبون مِشْرَاء…". فقاطعته لأقول له: "وأنت تاجر…"، وأتبعتها بنعت على وزن مِشْرَاء. ضحك وهو يطسّني كفًّا على عنطرتي، وتابع حديثه: "خذ المجلّة هديّة، وبدّيش حقَّا، حلال زلال عليك". ورجعت إلى البيت طائرًا فرحًا، وجورج وسّوف يغنّي في السّيّارة: "حلال عليك". وها هي "الشّاهد" (السّنة السّادسة، العدد 71 ـ 72، تمّوز ـ آب/ يوليو ـ أغسطس 1991) بين يديّ الآن. ولم يكلّفني ذلك أكثر من دقيقة، لأنّي أعرف أين أحتفظ بكلّ كتاب أو مجلّة في مكتبتي. الآن فقط عرفت لماذا كان التّاجر يريد أن يتصفّح المجلّة. صورة الغلاف، لا شكّ، كانت السّبب، لِما أعرفه عنه بأنّه غير "مِقْرَاء". ويكون بعد اثني عشر عامًا من ملامسة أولى، أن تستضيفني "الشّاهد" على صفحاتها الغرّاء، بواسطة الصّديقة الشّاعرة غادا فؤاد السّمّان، أو كما أسمّيها "سفيرة الرّوح"، أرجو أن يقدّرني الله على ردّ الصّاع صاعين وأبَحّ: صاع جميل الصّنيع وصاع جمال الرّوح.



نُشر الحوار في مجلّة "الشاهد"، بيروت، عدد سبتمبر (الفاتح) 2003 .

معتصم الحارث الضوّي
17/12/2006, 05:58 PM
الشاعرة المبدعة و الإعلامية الفّذة غادا السمان
يا سيدتي .. كرمك يتزايد و يتصاعد في هذه المشاركات الدسمة التي تتحفينها بها .. أتمنى لك المزيد و المزيد من التحليق في سماء الإبداع لتنتقي لنا الدرر و تضمخي بشذى إشراقاتك سماء واتا ..
و لدّي اقتراح أتمنى صادقاً أن تتقبليه برحابة صدر .. الأ و هو وضعك على كرسي الاعتـراف في زاوية " اسألوا " عقب انتهاء الحوار مع الزميل العزيز حسام الدين مصطفى .. فما رأيك .. و ما رأي الزملاء و الزميلات الأعزّاء ؟؟

تحية التقدير و التبجيل

ghada
17/12/2006, 11:39 PM
أشكر لك أخ معتصم هذا الاحتفاء بكل إضافة
ولا شكّ أنّ متابعتك لأي نشر جديد هو إضافة بعينها
أترك لك وللزملاء أمر الاستضافة على كرسي الاعتراف
واكتفي بالشكر لمجرّد الفكرة مبدئيّا
دمتم للنور
غادا

هشام السيد
18/12/2006, 02:06 AM
الشاعرة المبدعة غادا السمان
ما أجمل واتا وما أعظمها حين تدلل أعضاءها وتلبي لهم احتياجاتهم وتحقق لهم أحلامهم . فقد حلمت كثيراً أن أتشرف بمخاطبتك والغوص في أعماقك التي تفيض شعراً ساحراً ونثراً براقاً . كنت أتابعك في كل مطبوعة أجد إسمك يزين غلافها ، وها أنتِ ذا تشرفين وطننا الحبيب واتا . وبقدر سعادتي بدخولك مدينتنا الفاضلة ، بقدر حزني على نبرة العداء التي تلاحقكِ من شبيهة الإسم غادة السمان .
ولا أدري لذلك سبباً ، فهل الإبداع سلعة يتم احتكارها ؟؟
تحياتي المفعمة بالتبجيل لشخصيك الكريم

ghada
18/12/2006, 04:06 AM
أشكر لك حفاوة التعبير أخ هشام التي تغيض عن روح جيّاشة بالينابيع
أشكر الخيمة الواتاويّة التي التمّ تحت صرحها العامر أبناء الضاد وقلما فعلوا!!!
أمّا عن شُبهة "الإثم " أقصد "الاسم " فهي قصّة كفاح طويل، لم يسفر بأكثر من الخيبة
ولا شكّ أنّ لفتتك الكريمة بالتمييز بيني وبين ما حملت وطأة منها، تؤكّد أنّ الذهن العربي
لا يزال فيه الكثير لنأمل منه ونتأمّل فيه.
كل الشكر
دمت للحرف والخصوصية.
غادا

هالة السيد
18/12/2006, 04:26 AM
شاعر و شاعرة. تلك الحوارات التي تبدو دائما جميلة لأنها تجمع بين قلمين و وجعين قد يختلفان في نظرتهما للحالي.. أو الراهن، لكنهما يبدعان كل بطريقته
هذه هي الحوارات التي تعجبني قراءتها لأنها تضيف دائما لمسحة خاصة و تعابير لا نجدها في الحوارات التقليدية الأخرى. و لهذا نقلت شخصيا حوارين إلى المنتدى لأن حوار مع أديب سواء كان شاعرا أو قاصا أو روائيا تحمل نبع محبة يرتشف منها الجميع،
فما بالك إن كانت تلك الحوارات بإدارة شاعرة جميلة القلب و الروح.
لك كل الخير الذي تستحقينه
هالة السيد
بريطانيا