المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استحضار واستلهام في ذكرى استشهاد الشقاقي



د. محمد اسحق الريفي
28/10/2008, 11:39 AM
استحضار واستلهام في ذكرى استشهاد الشقاقي

أبوعماد الرفاعي*

التاريخ : 1429-10-27 هـ
الموافق : 2008-10-27 م
الساعة : 07:45:31

إن تواريخ الشعوب حافلة بالأبطال والعظماء، الذين حفلت حياتهم بمراحل سجلوا خلالها مواقف ثورية وبطولية لا تمحى من الذاكرة، بل وربما يرسخون أفكاراً لا تموت معهم إنما تظل حية فوارة مدى الدهر، وتبقى أدوارهم مشرقة ومتواصلة نحو بلوغ المجد عبر السنين، وتصبح الرموز المضيئة لتاريخ أية أمة في كل الميادين يدافعون عنها وينتصرون لها.

وهكذا كانت الأمة على موعد مع الشهيد القائد المعلم فتحي الشقاقي، في لحظة تاريخية حاسمة من حياتها، ظهر الشهيد حاملاً آمالَه وطموحاته لأجل هذا الدين ولأجل هذه الأمة، ليمنح شهادته للتاريخ في لحظات صنعه، ويسجل لمسيرة أمة أعطاها الله أفضل المكارم، قدم شهادته في قلب الحدث، ومن معترك الملاحم البطولية التي خاضها، لينتزع لأمته وشعبه فرصة اعتلاء هامات المجد والصعود إلى ذرى التاريخ.

يحق لنا اليوم كفلسطينيين وعرب ومسلمين في ذكرى استشهاد الشقاقي (يوم 26/10/1995) أن نفتخر برجل جمع بين الإبداع الفكري الثوري وبين الجهاد والكفاح والنضال اليومي في مواجهة الاحتلال والظلم والاستبداد. يدافع عن فلسطين وينتصر لها ويؤكد على مركزيتها ومكانتها في قلب الصراع الكوني بقراءة مستبصرة مستنيرة، منطلقاً من فكره الاسلامي الثابت المتوازن الوحدوي، معلناً أن الجهاد هو الطريق الوحيد نحو تحرير فلسطين ونحو عزة وكرامة هذه الأمة.

لقد كانت فلسطين همه الأول بعد أن تاهت في غياهب التاريخ وضياع الجغرافيا. فاستعاد لها تاريخها، وأعاد ترتيب جغرافيتها في قلب ووجدان كل عربي ومسلم، لتتألق القضية من جديد معلنة نفسها أنها تتصدر سلم أولويات هذه الأمة.. فأيقظ برصاصته الأولى كل الذين كانوا سكارى وأضاعوا اتجاه البوصلة، صحح المسار وخط الطريق بوضوح، وأعاد رسم خارطة فكرية جديدة زاوجت بين الاسلام والوطنية، مستلهماً من الاسلام ثورته ومن فلسطين مركزيتها بعد أن غيبت الحركة الاسلامية قضية فلسطين،

وغيبت الحركة الوطنية البعد الاسلامي عن ثورتها، فكان ذلك أول إعلان صريح بأن فلسطين هي القضية المركزية للحركة الاسلامية. حاول أن يقدم للأمة الاسلامية فكراً وحدوياً ناضجاً ينتشل الأمة الاسلامية من واقعها المأساوي، ليس فقط على المستوى الوطني إنما كان يسعى أيضاً ليمحو خط التناقض الوهمي بين العروبة والاسلام كي يمضيا معاً لمقارعة التبعية والتغريب.

ثلاثة عشرة عاماً مرت على فقدنا للشهيد، وما زلنا نفتقده حتى الآن وسنظل، ولكن عزاءنا فيه ذلك التراث الفكري والنضالي الثري الذي تركه لنا. إننا لا نفتقد الشقاقي مفكراً ومناضلاً فحسب، بل نفتقد مقدرته الفذة في فهم مشكلات الأمة المتجددة وتشخيصاته الدقيقة لعللها ووصفه لأدويتها. فقد ظل الشهيد الشقاقي منتصب القامة وعالي الهامة في ساحة الفكر، مجاهداً مرابطاً طوال سنين حياته،

لم تغيره ولم تؤثر به تلك الأمواج العاتية التي عرفتها الساحة الفلسطينية من تخبط وضياع، بل بقي ملتزماً بقضية الأمة الأولى مدافعاً عن حقها في الوجود وفي الحياة الحرة الكريمة. حافظ على شخصيته الراقية المبدعة، لا يعرف التعصب أبداً، كان منفتحاً على كل الثقافات والأفكار يلتهم منها المعرفة ويستفيد من تجاربها ويبحث عن أسباب الانحطاط والسقوط، ويغوص في خلفيات الارتقاء والتقدم والنهوض، محاولاً تصويب مسار أمته ووضعها على السكة الصحيحة لتتصدر سلم المجد والرقي من جديد.

في الذكرى الثالثة عشر لاستشهاد القائد المعلم فتحي الشقاقي، إنما نستحضر هذا النموذج الفذ الذي عرف بغزارة المعرفة، وعمق التجربة، وسعة الأُفق، ووفرة الاطلاع.. هذا النموذج الذي اشتهر بالتواضع على رفعة مكانته، وبالبساطة على سمو همته وكثرة علمه، نستحضره لنستلهم منه العبر ونقتبس منه الفكر المنير.. فالشهيد رحمه الله لم يكن قائداً محنكاً وحسب، بل كان مفكرًا ثوريًا ومنظّرًا استراتيجياً جمع بين ﻤﻨﺎﺤﻲﻭﻤﺤﺎﻭﺭﺸﺎﻤﻠﺔﻭﻤﺘﺩﺍﺨﻠﺔﻓﻲ ﺘﺭﺍﺒﻁ ﻭﺜﻴﻕ، ﺒﻓﻠﺴﻔﺔ ﻤﻔﻜﺭﺜﻭﺭﻱ وﻭﺼف ﺸﺎﻫﺩﻋﻴﺎﻥ وإحساس ﺸﺎعر.

بهذه العزيمة الصادقة والإرادة الصلبة، التي تتحدى المستحيل وتستسهل الصعاب، كان الشقاقي يشق طريقه وكأني به أسمع على لسانه ما قاله المقداد بن عمرو "لأموتن والإسلام عزيز"، لم يضره من خالفه ولا من خاذله حتى لقي الله ثابتاً على موقفه ومتمسكاً به. وإني لمع هذه الكلمة استذكر وصية منه لي، إذ قال لي ذات مرة ونحن نتحدث عن زيارة إحدى سفارات الدول الاسلامية: "لا تذهب إلا وأنت عزيز، واثق الخطى، مطمئن الضمير، فأنت الثائر، وهم موظفون". هكذا كانت صلابته و حماسته، وإيمانه بقدرات شعبه وثورته.

يمكنني القول بكل افتخار واعتزاز أن فتحي الشقاقي نجح في تقديم إضافة فكرية جديدة للأمة الاسلامية، ويحق لكل منا على امتداد العالم العربي والاسلامي أن يفتخر بها وأن يلتزم بها أيضاً، وفاء لروح الشهيد واستكمالاً لمسيرته حتى تحرير فلسطين كل فلسطين.

*الحاج ابو عماد الرفاعي مسؤول مكتب حركة الجهاد الاسلامي في لبنان

المصدر: خاص نداء القدس

عمر غانم
28/10/2008, 12:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الشهيد / القائد فتحي الشقاقي رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته ، من المجاهدين القلائل الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل نصرة القضية الفلسطينية في الفترة السابقة ،وكان له الدور الكبير في التعريف بالقضية الفلسطينية على المستوى العربي والاسلامي والعالمي .