المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عكا لا تخاف من هدير البحر



عبدالوهاب محمد الجبوري
28/10/2008, 08:20 PM
عكا لا تخاف من هدير البحر

الدكتور عدنان بكرية

كأننا عشرون مستحيل

في اللد، والرملة، والجليل

هنا.. على صدوركم، باقون كالجدار

وفي حلوقكم كقطعة الزجاج، كالصبار وفي عيونكم زوبعة من نار

هل نترك عكا تغرق في بحر الحقد والعنصرية ونقف صامتين؟! عكا مدينة تمثل برمزيتها التاريخية الكثير… فأسوارها تشهد على هزيمة الغزاة التاريخيين! وهاهي مدينة البحر تقاوم كل طغاة العصر فقد تحولت أمواجها الهادرة إلى أعاصير تقذف الزبد بوجه كل من يتطاول على أهلها الصابرين الصامدين المؤمنين بحتمية البقاء والتجذر عميقا رغم أنفهم جميعا .
فإليك يا مدينة الغضب الهادر.. لأهلك الطيبين المرابطين على الأسوار الواقفين على حدود النار نقول: لا تهتزي يا مدينة الأسوار فأمامك شعب جبار وقلاع ومتاريس وقبضات .. إليك يا مدينة الحب والتآخي .. إليك تحيتنا وحبنا وألمنا وأملنا... لا تهتزي يا ابنة الساحل ويا عروس البحر .. سنمتطي هودجك ونصرخ … هنا على صدوركم باقون كالجدار .


صغارا كنا عندما زرناك لنرى التاريخ ونسمع حكايا البطولات.. وعلى شواطئك نسجنا حلمنا الجميل.. عشقناك حتى الثمالة... عشقنا البحر الهادر والموج يداعب محياك.. عشقناك لأننا رأينا التاريخ يتمترس على أسوارك وعلى مآذنك العالية .. وعندما يعلو صوت المنادي الله أكبر كنا نرى صلاح الدين خارجا من بوابتك الكبيرة العالية كتاريخك.. وكنا نرى السفن المغادرة بحرنا.. فيا بحر.. يا بحر اشهد.. وسجل أيها التاريخ… إنها مجزرة العصر!!

****
مخطط عنصري لعين بدء بتنفيذه منذ أن وطأت أقدام (موشيه وشلومو ) أرض الرباط..لم يرق لهم بأن تكون مدينة التاريخ موطنا لسكانها الأصليين..لم يرق لهم (أحمد ومحمد وجريس والياس) يتسامرون حول موقد النار في ليالي الشتاء! فشرعوا بتضييق الخناق على المواطنين الأصليين تارة من خلال حرمانهم من أدنى مقومات الحياة وتارة من خلال (تزهيقهم وتطفيشهم) إلى القرى المجاورة .. فهم يريدون عكا نظيفة من العرب!! نظيفة من الغرباء!! لكن الإنسان الذي رضع من نهود البحر أبى .. أبى إلا أن يحافظ على التاريخ ويصونه من أعداء التاريخ ومن كل بضاعتهم المستوردة كتاريخهم!!
صمدت عكا وبقيت ما بقي البحر الهادر تعانقه كلما طلع فجر جديد … فيا عكانا ويا بلدنا ويا موطن ابناءنا … لا تخافي هدير البحر .. ولا تخشي الرياح العاتيات.. لقد تعودت يا أمنا .. تعودت على جرح الأماني … ولك ما تريدين لك .. الحب .. لك الأغاني .. لك الأماني .. لك رقصة الصبايا على رمال شاطئك .. لك قبضة الصياد ..لك حجارة الأسوار … ولا شيء يثنينا عن عشقك يا مدينتنا الأبدية.. لا شيء يثنينا عن حماية أسوارك التي حمتنا من هولاكو القديم ..ولا شيء يثنينا عن صد (نابليون )الجديد.. فاصمدي يا ابنة البحر وعروس البلاد .

أنت التي مرغت (نابليون) وعلى أسوارك انتحر الغزاة!. هل تذكرين يا عكا الحزينة.. هل تذكرين شهداءك الثلاثة (عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي)؟! عندما تسابقوا نحو الموت فداء لك ولمآذنك ولشعبك الباقي شامخا كأسوارك غاضبا كبحرك !.

****
اعلم أنك لن تستسلمين لأحقادهم ولن ترضخين لإملاءاتهم ستبقين شامخة بأهلك محافظة على هويتك …فهويتنا سحنة سياسية قومية توارثناها أبا عن جد فترسخت في وجداننا وأصبحت جزءا من الذاكرة الجماعية للفلسطيني أينما كان .. هي انتماء للأرض والتراب والشجر والحجر .. هي مساحة من الجرح الفلسطيني والعربي … هي آهة من الألم الفلسطيني ونبضة من الحياة …هي الحياة بعينها… هي جذور امتدت إلى ما قبل التاريخ ورست عميقا في هذه الأرض الطيبة.. هي حكايا شعب بأكمله .. وإذا كان حكام إسرائيل يرون بنا ضيوفا غير مرغوب بهم وأيتاما على موائدهم.. نقول لهم بصوت مدو مجلجل ما قاله الكبير محمود درويش:

سجل… أنا عربي...

أنا اسم بلا لقب

صبور في بلاد كل ما فيها يعيش بفورة الغضب

جذوري قبل ميلاد الزمان رست وقبل تفتح الحقب

وقبل السرو والزيتون وقبل ترعرع العشب

فهل ترضيك منزلتي؟

سجل أنا عربي

********************

تعليق

عائدون بعون الله .. وهذا وعد الله والحق والتاريخ