المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العدوان على سوريا: شجب واستنكار



عبد الستار قاسم
03/11/2008, 06:02 PM
ثقافة الشجب والاستنكار

عبد الستار قاسم

28/تشرين أول/2008

يبدو أننا نحن العرب، على الأقل فيما يتعلق بالمستويات الرسمية العربية، قد ارتحنا تماما لشجب واستنكار كل اعتداء يقع علينا، وكل إهانة نتعرض لها؛ ولا يبدو أن في جعبتنا أفضل من ذلك. ويبدو أن هناك نموذجا استنكاريا جاهزا للتعبئة يتم إعداده على جناح السرعة لإخلاء السبيل والذمة والتنصل من المسؤولية. نحن نكتفي بوصف الأعداء والمعتدين بالمجرمين الحاقدين المتربصين، ومن ثم نعود إلى فراشنا لنرتاح من العمل المضني في نشر الاستنكار والصراخ بالشجب.

كان الاعتداء الأمريكي الأخير على سوريا مخزيا للأمة ككل، وجعل عربا كثيرين يظنون بأنفسهم أنهم مجرد عاهات تشوه وجه التاريخ الإنساني. وكما قال لي أحد المثقفين: "لقد شعرت بالخزي من نفسي وأنا أسمع الخبر عبر وسائل الإعلام." جنود أمريكيون يترجلون من طائراتهم السمتية في بلد عربي من المفروض أنه في حالة استنفار عسكري وأمني، يقتلون ويدمرون دون أن تُطلق عليهم رصاصة واحدة. كان من الممكن أن نلتمس العذر، أو للعربي ألا يدلّي بأذنيه إلى الأسفل لو أن جنودا عربا أطلقوا النار واشتبكوا، حتى بدون إيقاع إصابات بالجانب الأمريكي.

قالت جولدا مائير بعد حريق المسجد الأقصى عام 1969 إنها لم تستطع النوم ظنا منها أن العرب والمسلمين سيهبون ضد إسرائيل في اليوم التالي للحريق، لكن أعصابها ارتاحت عندما وجدت أن العرب لا يتقنون إلا الشجب والاستنكار. ويبدو ان الأمم قد استقر رأيها بالعرب بأنهم أمة مخنثين لا يدافعون عن أنفسهم، فأخذت تتطاول عليهم بدون رادع. أريتيريا احتلت جزرا يمنية، ولم يملك العرب سوى الاستنكار والشكوى، وقامت إثيوبيا التي يتضور أبناؤها جوعا باحتلال الصومال ودون حتى استنكار عربي. الأمم تتطاول علينا، وتجرب عضلاتها بوجوهنا، ونحن كالأصنام الخاوية لا تلبث أن تنبطح مع أول لكمة.

واضح أن الاستنكار قد أصبح جزءا من ثقافتنا العربية: المسؤول لا يجد ما يتغطى به سوى الشجب والاستنكار والتوعد بأن المرة القادمة ستكون قاسية على المعتدين، والمواطن يتندر على المسؤول ويهزأ به وبمواقفه الجبانة. نحن هكذا مرتاحون: المسؤول يتنصل من المسؤولية، والمواطن يحافظ على بلادته. هذه ثقافة مقبولة عربيا الآن، وممارستها لا تثير التشنج، ولا تستفز الأعصاب، وأغلبنا بالهزيمة ينعم. ثقافة الشجب هي ثقافة هزيمة مستدخلة، وأصبحت الحياة صعبة بدونها. وليس غريبا في ظل هذه الثقافة أننا نحول دائما هزائمنا إلى انتصار، ونحول النصر الذي حققه حزب الله إلى هزيمة. من الصعب جدا أن نجد في تاريخنا الحديث هزيمة غير مظفرة، وكل هزائمنا انتصارات.

في زخم الحياة، تمر أحداث وأفعال يستنكرها الإنسان وتستنكرها الدول، لكن العرب يشذون عن الاعتيادي في أنهم يستسلمون للعدوان والإهانة، ويكتفون بردود فعل لفظية أصبحت ممجوجة لدى الشارع العربي، ولا تعبر إلا عن العجز والضعف والخضوع للغير. فرنسا تستنكر أحيانا بعض الأمور، وكذلك اليابان وأفريقيا الوسطى وجواتيمالا، الخ، لكن الدول لا تبني مستقبلها ومستقبل أجيالها على مجرد التعبير عن الاستياء مما تتعرض له من إهانات وإذلال.

ثقافة الشجب والاستنكار العربية خطيرة جدا على الأجيال لأنها تترعرع في جو من الجبن والضعة والهوان، فتظن معه أن الحياة هي هكذا، ولا عيب في تصعير الخدود والإذعان للتصغير والاحتقار. أجيال من هذا النوع تفتقد عناصر تربوية هامة ذات علاقة بالشهامة والإباء والشجاعة والإعداد والاستعداد والنخوة والإصرار على الكرامة. إنها أجيال تحمل إرث الآباء المتصف بالتخاذل لتنقله بصورة أكثر تخاذلا للأجيال التي تلي.

الأنظمة العربية أنظمة لا يهمها إلا المحافظة على ذاتها، وهي مستعدة دائما للمساومة على الأمة وعلى وطنها وعلى ثرواتها وشرفها من أجل أن تبقى في الحكم. مضت ستون سنة تقريبا على هذه الأنظمة وهي تنفق الأموال الطائلة على أجهزة الأمن من اجل ملاحقة المواطن، والاطمئنان إلى أنه عبارة عن عاهة لا يقوى على الصمود والتحدي. لقد سهرت هذه الأنظمة الليالي الطوال من أجل أن يبقى المواطن العربي ذليلا تدوسه نعال أهل الشرق والغرب. ولا غرابة في النهاية أن لا غضب يتلبّس المواطن العربي عندما يرى أن الهزيمة تتم تغطيتها باستنكار أتفه من صاحبه.

احسان السطم
04/11/2008, 12:08 AM
الموضوع ليس فقط مجرد عدوان محدود على أرض عربية حدث وانتهى !
فالاعتداءات الأمريكية الصهيونية تحدث يوميا بل في كل دقيقة وتكاد تكون مستمرة بل هي مستمرة فعلا .
وتحتاج ليس لرد فردي من دولة عربية وحيدة . بل لرد عربي جماعي وهذا مستحيل حاليا .
ولعل أكبر اعتداء حدث في تاريخ هذه الأمة هو الاعتداء المتكرر على المسجد القصى . وأكثر اعتداء ايلاما للنفس
هو رقصة بوش بالسيف العربي على أرض نجد .
ولا أتحدث بوجهة نظر دينية بل بوجهة نظر تخص الكرامة ( كرامة أمة ) !
هل رأيتم نظرات الاستخفاف والاحتقار التي كان ينظر بها بوش أثناء رقصته الشهيرة التي توج بها نهاية ولايته ؟
لاتطلبوا من الفرد ما تعجزوا عن طلبه من المجموع .

أملي القضماني
05/11/2008, 01:48 PM
يبدو أننا نحن العرب، على الأقل فيما يتعلق بالمستويات الرسمية العربية، قد ارتحنا تماما لشجب واستنكار كل اعتداء يقع علينا، وكل إهانة نتعرض لها؛ ولا يبدو أن في جعبتنا أفضل من ذلك. ويبدو أن هناك نموذجا استنكاريا جاهزا للتعبئة يتم إعداده على جناح السرعة لإخلاء السبيل والذمة والتنصل من المسؤولية. نحن نكتفي بوصف الأعداء والمعتدين بالمجرمين الحاقدين المتربصين، ومن ثم نعود إلى فراشنا لنرتاح من العمل المضني في نشر الاستنكار والصراخ بالشجب.
الدكتور المحترم"عبد الستار قاسم
تحية عربية

نعم أخي الكريم "نحن أمة لا نتقن الا الإستنكار والشجب، ليس دائما هنالك أشياء كثيرة لا تعجبنا لا نستنكرها ولا نشجبها، ونصمت، والسبب واضح ومعروف..

نحن أمة ضعفت ووهنت، مفككة ومقموعة،نحن أمة نتماهى مع الأعداء، ومع القوي، كل هذا صحيح أيضا السبب واضح ومعروف..

(لست هنا في صدد كتابة مقالة تحليلية لواقع يعرفه أغليبة، إن لم يكن كل المثقفين والمهتمين ، لذلك لا مجال له الآن..)

لكن أخي الكريم/ الإستنكار لما جرى بسوريا الحبيبة،فما جرى هو أكيد (جريمة أمريكيةغير أخلاقية) كعادتها، هل الأفضل أن نصمت ونعضُّ على قهرنا؟ هل من المعقول أن لا نستنكر؟؟ فالإستنكار (أضعف الإيمان) وأقل شيء يمكن أن نعمله..

بل واجب أن نستنكر ونشجب ونكتب للجمعيات الأنسانية والحقوقية وكل من يهمه الأمر،على الأقل ونحن ندرك أهمية الإعلام، ودوره المهم في السياسة وخاصة إذا كان مدروسا ومستمراً..

أخي الكريم/ إذا كنا لا نستطيع أن نحفر بئراً، هل نترك الساقية تجف؟؟

من يدلي بآذانه ويخجل من كونه عربي، فليشمر عن ساعد الجد ويبحث عن حلول لا أن يكتفي بالتعبير عن رأيه ومن ثمَّ يعود الى بيته شاعرا بالرضى أنه سجل إعتراضا، وأوصل رأيا له بالخجل كونه عربي..

تحية كبيرة لك أيها النبيل..

بكل إحترام/أملي القضماني

عبد الرشيـد حاجب
05/11/2008, 02:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما تسمونه عدوان أمريكا على سوريا

هو في الحقيقة - وبكل بساطة - هدية من بوش "قبل رحيله " للنظام السوري

عرفانا بالجميل لما قدمه من جليل الخدمة في احتلال العراق.

أما ما جاء بعده من تنديد فكله يصب في عضلات الأسد لتقويتها.

لسنا أغبياء يا أستاذ.

لكننا لا نحب أن نقول كل ما نعرف.

احسان السطم
07/11/2008, 12:07 AM
عجبا نقرأ في رد السيد عبد الرشيد حاجب
ان كانت سوريا بتضحيات شعبها ومقدراتها التي بذلتها على الصعيد القومي لم تعجبه . فمن أعجبه من الأنظمة الأخرى ؟
ان السيد عبد الرشيد يسفه الشعب العربي السوري كله . لقد قدمت سوريا أغلى التضحيات ( دماء الشهداء ) من أجل فلسطين ووحدة لبنان وهي البلد الوحيد حاليا الممانع للسياسة الأمريكية الصهيونية علنا وبدون تستر . والدليل على ذلك
وحتى لا أوصف بالتزلف هو موقف الحكومات العربية الموالية لأمريكا علنا تجاه النظام في سوريا .
لو كانت سوريا قد قدمت خدمات لأمريكا لما كان هذا الموقف الذي نشهده اليوم من بعض الأنظمة تجاهها وفهمكم كفاية .