المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لكلّ بداية نهاية



محمد حسام الدين دويدري
04/11/2008, 11:58 AM
لكلّ بداية نهاية

محمد حسام الدين دويدري
وأخيراً...؛ هاهو "جورج دبليو بوش" يسير خطواته الأخيرة المتثاقلة في ردهات "البيت الأبغض" محاولاً استجماع شتات أعصابه المنهارة؛ بعد أن أدرك أنّ اللحظة التي طالما نسيها قد اقتربت بالفعل؛ وبات عليه أن يودّع كلّ من رافقه رحلته الحمقاء؛ ويجمع ماسرقه من أرض العراق؛ ثمّ يحزم حقائبه المتخمة استعداداً للرحيل؛ تاركاً على بعض صفحات تاريخ العالم بصماتٍ سوداء دامية. ولسوف يخرج من مكتبه "السوداوي" غير مأسوف عليه حاملاً ذكرياته لعنةً تلاحقه أينما حلّ؛ فليس ثمّة ما يفخر به بعد أن تمكّن بجدارة من نشر بذور الكراهية للولايات المتحدة الأمريكية في كل بقاع العالم. فمامن شريف على وجه الأرض إلا ويشعر بالأسى والاشمئزاز لما ألحقه هذا الطاغية بالبشرية من قتل وتدمير وإزهاق لأرواح الأبرياء؛ ولما توّج به إمبراطوريته المزعومة من مظاهر الغطرسة والحماقة الطائشة التي أوصلت العالم إلى مرحلة مثخنة بالمآزق المتكاثرة؛ على الرعم من كل الأصوات العالمية المعارضة لتلك السياسات الحمقاء. فقد انتشرت المظاهرات الشعبية المطالبة بوقف حمامات الدم ومسلسل العنف وخطط الهدر والنهب العالمي...؛ في كل دول العالم؛ بما في ذلك بريطانيا وألمانيا وفرنسا، لكنّ تلك الأصوات الحُرّة لم تستطع الوصول إلى وعي تلك الإدارة التي ضربت عرض الحائط كل العهود والمواثيق والقوانين والأعراف والقيم؛ فراحت تزيد من تخبطها الذي سوّل لها مؤخّراً أمر خرق القانون الدولي بشكل سافرٍ والاعتداء على المواطنين السوريين الآمنين داخل الأراضي السورية في البوكمال قرب الحدود مع العراق المحتل، وفي حركة "دونكيشوتية" أقدمت الطائرات العمودية الأمريكية على اختراق سيادة الأراضي السورية؛ فألقت بزمرة من جنودها في قرية "السكرية" ليعمل هؤلاء بسرعة خاطفة - وقبل أن يعودوا إلى الطائرة التي كانت قد بصقتهم - على قتل ثمانية مواطنين عزّل وجرح آخرين كانوا يعملون في بناء منزل بسيط...، والذريعة الواهية طبعاً والتي كذبتها الصور الملتقطة من ذلك المكان هي "محاربة الإرهاب وقتل عناصر من القاعدة". لكنّ عدسات الإعلام سرعان ما كشفت للعيون أنهم ليسوا سوى بسطاء؛ وليس في أيديهم سوى معدّات العمل التي شوهدت مترامية في زوايا المكان المغدور...
إنها سياسات غبية هوجاء لأسوأ إدارة مرّت على تاريخ الولايات المتحدة على الإطلاق، سياسات وضعت مسيرة "إمبراطورية الإرهاب" على حافة السقوط؛ وأوصلتها إلى منزلقات الإفلاس السياسي والاقتصادي؛ كما كان قد استقرأ واقعها بدقّة وزير المالية الألماني "شتاينبروك" الذي قال في بيان حكومي رسمي: "إن الولايات المتحدة الأمريكية ستخسر تدريجيًا مكانتها كدولة عظمى على الصعيد المالي، وإن الدولار الأمريكي سيفقد مكانته يومًا بعد يوم أكثر مما مضى، وإن الحكومة الأمريكية ارتكبت أخطاءً فاحشة في سياساتها الاقتصادية والمالية...". وفي الحقيقة فإنّ الانهيار ليس فقط اقتصادياً بل هو انهيار على كلّ الصعد. وإنّ من يقرأ تاريخ الإمبراطوريات وآليات سقوطها يدرك حقيقة ما يجري. فلكلّ بداية نهاية؛ وهاهي الأحداث تترى لتثبت للعالم وللعرب بشكل خاص أنّ العصر الذي سمّاه "دبليو بوش" وأعوانه منذ نحو ثماني سنوات بـ"القرن الأمريكي الجديد" قد انتهى قبل أن يولد؛ وأنّه لا حاجة لهم بالدعوة إلى "التوسل لأمريكا" ولا التسوّل على أعتابها...، يكفيهم ما خسروه من طاقات مادية وغير مادية. فقد بات عليهم أن ينتبهوا الآن إلى ضرورة تجميع مابقي لديهم؛ ونسيان خلافاتهم؛ وتوحيد جهودهم للإعداد لدور حضاري عليهم أن يؤدّوه بقوة وفعالية وجدارة في تركيبة ومسيرة النظام العالمي المرتقب...*
‏الاثنين‏، 27‏ تشرين الاول‏، 2008