المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوازن بين السؤال والاحتمال: رؤية في قصيدة: ربما جاءت لتحيي شاعرًا ملَّ الكتابة للشاعرة م



باسين بلعباس
04/11/2008, 01:46 PM
التوازن بين السؤال والاحتمال:
في قصيدة :جاءت لتحيي شاعرا ملّ الكتابة:للشاعرة :منى محمد حسن الحاج
النص كمنطلق
توهج داخلي، لحالة استفسار،تتوالد من خلال لازمة(مالذي..؟)..
في سبع محطات..تحليل كل محطة تحتاج عدة وعتادا..تقابلها محطات الجواب ،تسبقها (ربما)التي تفيد احتمال الحدوث من عدمه..لكن العدم يزول، وتعدمه خروج الشاعر من حالة اللاقول(وسميتها:الشاعر الخامد شعره..)إلى بركان ثائر ،يثور ليقول..ويعود إلى حالته السوية..
المحطة الأولى:
ماالذي جاء بها ؟
السؤال يرفض المجيء، ولا يبحث عن سبب المجيء، كأنه قال :لماذا جاءت ـ ؟ ليضيف:ليتها لم تأتِ؟
وليكون للمجيء العلة والسبب..فالشاعرة تجيبنا عنه..
ربما يا سيدي
جاءت لتمحو عن مُحياك الكآبة
المحطة الثانية:
السؤال هنا البحث عن سر الإعجاب..الدافع إلى المجيء..
ما الذي أعجبها؟
تريده طائرا..مغردا يصدح..ويشدو بالغناء والكتابة..
تريد إخراجه من دائرة الضيق والكآبة..
ربما جاءت ليشدو.. طائرٌ ملَ الرَّتابة
والرتابة من قصيدة تتلوها قصيدة،تتلوها قصيدة،وبعد؟..لا أثر، لا تأثير،كنافخ في الرماد..
المحطة الثالثة:
وليتغلغل البحث عن السر أكثر ، تتوجه الشاعرة إلى النفس لتستجوبها..
ما الذي في قوة في خاطري أدخلها؟
يسأل عن سر تواجدها في داخله..ولم يكن هذا الدخول برضاه..لأن العقل كان غائبا ،ساعة اختراق النفس،فدخلت بقوة..واستعملت (في)،ليستقيم الجرس الموسيقي..بدل (بـ..)..
وإن كنت أرى:لو عرّفت القوة لاستقام الصوت الموسيقي(/0)مثل في(/0)..مالذي بالقوَّة في خاطري أدخلها؟.. وأرى أن الميل إلى تنكير (قوة)بدل تعريفها(القوة)، كما اقترحت أنها غير محددة..،وغير معروفة جهة الفرض..
والفرق بين الباء والـ(في) كحرفي جر:هو إثبات اللزوم في الأول ،وعدمه في الثاني..فقوله تعالى (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة..)فالباء تفيد لزوم المكان وعدم تكرره أو تعدده..فلا نتصور بيتا آخر وضع للناس خارج بكه..وقوله تعالى(..في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه..)فذكر اسم الله بالتسبيح، ليس مقتصرا على المساجد فقط، فحيث كنا، نذكره تعالى ونسبحه..وبالتالي نجد عدم اللزوم، ونجد التعدد في المكان..
واستعمال الشاعرة لـ(في) هنا، كان من هذا الباب المناسب..:إن سؤاله عن دخولها في الخاطر يتعدد..إلى غيره من المساحات النفسية التي تتواجد فيها..وستذكرها في الآتي
المحطة الرابعة:
ما الذي في باطني أشعلها ..غلغلها ؟
كأنه السؤال عن الفكرة..المتسربة دون إرادتنا، متغلغلة ..لتشتعل وتتوهج،مثيرة في الداخل أسئلة البوح،والإبداع ..ما يقابل هذا في إجابة الاحتمال بحرف الجر المكفوف عن العمل(ربما)في السطر الرابع المقابل للسؤال الرابع:
ربما جاءتك ملهمة لتبدع.. وتصور بيراعٍ ناصع
.. ألم الصَّبابة
وللصبابة ألم يجرح النفس، ويدمي اليراع، لينشر تفاصيل الحكاية..
المحطة الخامسة:
ما الذي أسكنها روحي و شيَّد حبَّها؟
استمرار السؤال بهذا الإيقاع المتتالي..يوحي باعتناق الفكرة القادمة،الموحية بالإبداع،و بإثارة فعل النص..الذي ستحوِّله إلى لوحة فنية تنقشها يد فنان :
هذا الجواب الكامن في احتمال، يتواجد في السطر الخامس المناسب للسؤال الخامس، كتوازن بين السؤال ،والاحتمال..في هذه المحطة كغيرها:
وتصوغ الوجد نقشاً فوق قلبٍ مزق الحب جنابه
واستعمال (جنابه)..توحي بأطرافه..أي جنباته..وهو ما يدل على الأثر الخارجي..لأن الجنب ليس عمقا..
وإن أحلناها إلى معنى(حضرته..التي ترقت مما درج العامة على استعماله في مخاطبة المحترم ..إلى لغة فصيحة تبَّنت المعنى نفسه..وهنا يكون المعنى أكثر عمقا ودلالة..عندما يتجاوز الحب كل حدود التقييد والتظاهر بالاحترام إلى اختراق وتمزيق للقلب،مركز العواطف والأحاسيس..
هذا الجواب الكامن في احتمال، يتواجد في السطر الخامس المناسب للسؤال الخامس، كتوازن بين السؤال ،والاحتمال..في هذه المحطة كغيرها
المحطة السادسة:
هل كانت الفكرة تائهة، فلم يتم لها اهتداء ،..ولما اهتدت،تمكنت..؟
ما الذي مكَنها مني؟ ومن أرشدها؟
البحث عن الفاعل ليس بغرض رفض ما فعل ، بقدر معرفة سبب ما فعل..تجيبنا الشاعرة في احتمال التمكين والاهتداء..بقولها:
وتعيد النظم دراً ناصعاً، منعَ النَّزْفُ انصبابَه
واستعمالها مفردة (النظم)..كان في غاية الدقة، وبعد الدلالة،فهي تستقيم صوتا لو استعملت (الشّعر)..وتحافظ على الوزن..لكن استعمال النظم لما يليها من مفردة تتناسق معها..حتى لكأننا نولد من السياق تشبيها ،فتناسق الكلمات وتراكيب الأسطر والأشطر الشعرية ،تكون كتناسق حبات العقد ذات انتظام..فهذه الحبات (وحدات القصيدة)هي درر ثمينة..
المحطة السابعة:
وأخيرا نصل المحطة التي استحال فيها اللقاء بين الشاعر الخامد شعره، والفكرة المقتحمة خلوته..
وتصبح العناصر متوحدة..مشتملة..بعضها من بعض
ما سِرُها؟ رُغماً بقلبي قد تنفس عطرها؟
السؤال عن السر..هو الإحساس بالتمكن..بتجاوز لحظة الانغلاق عن الذات، والتجاوب مع المقتحم خلوته..
: ربما يا سيدي جاءت لتُحيي شاعراً ملّ الكتابة
واحتمال المجيء هنا ، يتحول إلى تأكيد حالة الشاعر التي كان عليها..
كما المحطة الثالثة..القوة والإرغام..هناك الفكرة مرت بقوة..وهنا( رغما بقلبي)..وبين القوة والإرغام تنعدم إرادة الشاعر الخامد شعره..وتَعبر الفكرةُ المثيرةُ ، التي بعثت فيه الكتابة من جديد بعد أن ملّ القول..
خارج المحطات:
تناسقت القصيدة كحبات لؤلؤ في عقد متين محكم..تتابعت أسئلته ، متقابلة بأجوبة..السؤال غلب عليه اسم الاستفهام:ما..وهو يستعمل غالبا للبحث عن الغاية أو العلة والسبب..كقوله تعالى(..ما غرك بربك الكريم؟)أوكقول المتنبي:(أين الذي الهرمان من بنيانه؟... ما قومُه؟ما يومُه؟ ما المصرعُ؟)..
وهنا البحث في علة المجيء كلها تقابلها أجوبة الاحتمال..يفصل بين مجموعة الأسئلة..(ما:سبع مرات)،مجموعة أجوبة مقترنة في خمسة أسطر بـ(ربما):كحرف جر كفته الميم عن العمل..ويفيد تعليل الجواب..باحتمال
يزيل طرفه الثاني الأسطر الثلاثة التي فصلت بين (ما..الاستفهامية..وربما الاحتمالية)..
سافرت عبر القرون..
سحرت تلك العيون..
واستلذت سحرها
ولنسأل عن التي سافرت عبر القرون ،وسحرت العيون..واستلذت سحرها..
إنها الفكرة التي تستفز الشاعر الخامد شعره في الداخل كبركان يثور ،ليفرز الكوامن..ويتحول إلى حقيقة لا احتمال فيها لسبب المجيء:
جاءت لتُحيي شاعراً ملَ الكتابة
والقصيدة على هذا النحو يمكن إعادة تشكيلها بطريقة أخرى:
مالذي جاء بها ؟ ................... 1/ ربما يا سيدي جاءت لتمحو عن ملامحك الكآبة
ما الذي أعجبها؟ .................. 2/ربما جاءت لتشدو... طائر ملَ الرتابة
ما الذي في قوة في خاطري أدخلها؟ .............3/ ربما جاءتك أقلاماً لتُرْوِي قصَّة الحب الكتابة
ما الذي في باطني أشعلها ..غلغلها ؟....4/ ربما جاءتك ملهمة لتبدع.. وتصور بيراعٍ ناصعٍ ..
ألم الصَّبابة
ما الذي أسكنها؟ روحي و شيد حبها؟......... 5/ وتصوغ الوجد نقشاً فوق قلبٍ مزق الحب جنابه
ما الذي مكَنها مني؟ ومن أرشدها؟ ........ 6/ وتعيد النظم دراً ناصعاً منع النزف انصبابه
ما سِرُها؟ رُغماً بقلبي قد تنفس عطرها؟......7/ ربما يا سيدي جاءت لتُحيي شاعراً ملَ الكتابة
سافرت عبر القرون..
سحرت تلك العيون..
واستلذت سحرها...
وختاما قد نعيد هندسة النص الجميل حسب رؤيانا البسيطة، لنرى الهيكل والتصميم المتحدي لرفض القول، والاستكانة ،عندما يشعر الشاعر أن شعره كعدمه، فينزوي، وتلاحقه الكلمة حيث كان وكيف كان..لتحرك في داخله الثورة، وتزعزع الراكد، وتحوله الى بركان ، وتبعده عن الملل..وتثير فيه العمل..

الحاج بونيف
04/11/2008, 02:08 PM
أحييك أخي الفاضل الناقد باسين بلعباس على هذه الدراسة الأدبية التحليلية لنص من نصوص الأخت الفاضلة الشاعرة منى التي تستحق مثل هذه الوقفة الجميلة.
لكما مني كل التقدير..:fl:

عبد الرشيـد حاجب
05/11/2008, 11:12 AM
أحب ما تتحفنا به الأخت منى ، وأعجب به في صمت وخشوع.

وقد اطلعت على هذه القصيدة في مكانها ، كما اطلعت على جميع

التعليقات الجميلة عليها...

وقد دخلت هنا بدافع الفضول لأرى إلى أي حد تزيد القراءة

النقدية في تعميق تذوقنا لهذه القصيدة ، لكن ...

ما إن عرفت أن هذه التي :

سافرت عبر القرون..
سحرت تلك العيون..
واستلذت سحرها

هي الفكرة ؟؟!!

حتى وليت هاربا قانعا بتذوقي الخاص.

باسين بلعباس
05/11/2008, 11:20 AM
Green"]شكرا لك على تذوقك الخاص..
وارجو ان تبقى بعيدا حتى لا تلوثه..
قد تراها (امرأة)، وهذا الأمر يعود إليك ، وتفكيرك الخاص..وتأويلك كل شيء..
على طريقة فرويد..
لكن (الفكرة) أمر أراه،يخصني وما أستنتجته من ذوقي المفرط في قراءة الشعر..
لك رأي أحترمه، فلا تفرضه على غيرك..
ولي رأي ..أراه..
فانظر ماذا ترى؟؟..وأنا في انتظار ما ترى في النص..
......................
كذلك قال فرعون :"وما أريكم الا ما أرى.."

شوقي بن حاج
05/11/2008, 01:24 PM
أستاذي / با-بل

نص شعري راقي وقراءة نقدية

تحليلية وذوقية رائقة

تقبل القرفل كله

منى حسن محمد الحاج
06/11/2008, 05:25 PM
أستاذنا العزيز باسين بلعباس... حياك الله وبياك
ربما وصلت متأخرة عن غير قصد لأنني لم أرها إلا اليوم..فاعذرني ..
واسمح لي بأن أشكرك على هذا المجهود المبذول ..
وأثمن هذه الدراسة النقدية التي تفضلت بها..
إن النقد عادة ما يضفي رونقًا خاصًا على النص ويحرك الخيال ليسبر أغواره..
ولكن يبقى المعنى كما يقولون في بطن الشاعر..
أحييك وأعتز بك أخًا وصديقًا عزيزًا وأديبًا يستحق التقدير:fl:
لك خالص المودة:fl:

خميس لطفي
06/11/2008, 09:34 PM
الله يعطيك العافية أخي العزيز ياسين
دراسة جميلة تشكر عليها وعلى مجهودك الرائع ، رغم تحفظي على " إعادة تشكيلك" للنص وتفسيره بطريقة تتناسب مع فهمك الخاص له ، والذي قد لا ينسجم ، بالضرورة ، مع فهم الآخرين له ، أو حتى مع ما أرادت الشاعرة قوله ، ثم إنك اعتبرت الأبيات عبارة عن محطات وقفت عليها جميعا ( ماذا لو كان لدينا 30 أو 40 بيتاً ؟ هل كنت ستقف عليها جميعاً مفسراً ً معنى كل بيت وشارحاً المقصود منه بالتفصيل وعلى المسطرة ؟ :))
ثم من الذي شعر أن شعره كعدمه فانزوى ؟!
وهل صحيح أن قولك : ( ما الذي بالقوَّة في خاطري أدخلها؟ ) يصحح ما في الأصل من خلل ؟ أم يكسر الصحيح ؟ :)

برأيي المتواضع ، لو أنك بدأت بما قلته " خارج المحطات " ، واستعرضت المعنى الإجمالي للقصيدة ، ودوافع كتابتها وأشرت إلى تفعيلتها ، وما حوته من صور إبداعية لكان أفضل من تشريحها بيتاً بيتاً ثم إعادة هيكلتها وقولبتها من جديد بطريقة قد تغلق النص على الآخرين .
بارك الله بك وجزاك خيراً ودمت بسعادة

باسين بلعباس
06/11/2008, 11:41 PM
H[quote=خميس;276066]الله يعطيك العافية أخي العزيز ياسين
دراسة جميلة تشكر عليها وعلى مجهودك الرائع ، رغم تحفظي على " إعادة تشكيلك" للنص وتفسيره بطريقة تتناسب مع فهمك الخاص له ، والذي قد لا ينسجم ، بالضرورة ، مع فهم الآخرين له ، أو حتى مع ما أرادت الشاعرة قوله ، ثم إنك اعتبرت الأبيات عبارة عن محطات وقفت عليها جميعا ( ماذا لو كان لدينا 30 أو 40 بيتاً ؟ هل كنت ستقف عليها جميعاً مفسراً ً معنى كل بيت وشارحاً المقصود منه بالتفصيل وعلى المسطرة ؟ :))
ثم من الذي شعر أن شعره كعدمه فانزوى ؟!
وهل صحيح أن قولك : ( ما الذي بالقوَّة في خاطري أدخلها؟ ) يصحح ما في الأصل من خلل ؟ أم يكسر الصحيح ؟ :)
برأيي المتواضع ، لو أنك بدأت بما قلته " خارج المحطات " ، واستعرضت المعنى الإجمالي للقصيدة ، ودوافع كتابتها وأشرت إلى تفعيلتها ، وما حوته من صور إبداعية لكان أفضل من تشريحها بيتاً بيتاً ثم إعادة هيكلتها وقولبتها من جديد بطريقة قد تغلق النص على الآخرين .
بارك الله بك وجزاك خيراً ودمت بسعادة[/quot
..........................................======== ==
أخي المحترم خميس:
أشكرك على المرور وقراءة هذه الرؤية في تشكيل النص :..."جاءت لتحيي شاعرا ملّ الكتابة"للشاعرة المبدعة:منى الحاج..
وأعجبني رايك في ما كتبت..على عمومه..وأحترمه..وأقدره..بل وأثمنه..
ولي أن أسأل :هل قرأ الأقدمون والمحدثون ديوان المتنبي بنفس المنهج..ورأوا الرأي الواحد فيه؟
الأكيد لم يحدث ولن يحدث..وهذا هو الفارق الذي تحدثه القصيدة..
فمن قال إني أريد أن يرى الآخرون ، وكل من يمر من هنا ما أرى..؟
لست ممن قال فيه تعالى"..وما أريكم إلا ما أرى..."
ولكنها رؤيتي..وتذوقي المفرط..وافتتاني بالقصيد..
وأما ما تراه من (وهل صحيح أن قولك : ( ما الذي بالقوَّة في خاطري أدخلها؟ ) يصحح ما في الأصل من خلل ؟ أم يكسر الصحيح ..)
لو رأيتُ أنه يكسر الشكل(الصوت ..) والمضمون( المعنى..) ، ما ذهبت إليه..ثم لم أفرضه على الشاعرة كبديل..لأن الشاعر عليه أن يقول وعلينا أن نفتت، ونحوِّل التراكيب والمعاني إلى حالتها الأولى..ولو لم توافق ما يريد..وهي أطول المحطات توقفا وتحليلا..
ثم من الذي شعر أن شعره كعدمه فانزوى ؟!
أظن أن الجواب موجود..فلا داعي لإعادته..
ماذا لو كان لدينا 30 أو 40 بيتاً ؟ هل كنت ستقف عليها جميعاً مفسراً ً معنى كل بيت وشارحاً المقصود منه بالتفصيل وعلى المسطرة ؟ :))
من قال لك إنني شرحت كل سطر من القصيدة..هل ما قرأت كان شرحا؟؟..
يوم كنت أقف أمام الطلاب ،كنت أشرح الشعر بيتا بيتا..وأدفعهم الى استخراج الدلالات :اللغوية/النفسية/التاريخية/الدينية/السياسية/الاجتماعية/الـ....ما شئت مما يمكن أن يكون..
لكنني هنا أتوجه الى قاريء واع ، يتجاوز هذا التسطيح للفكر..وعليه أن يقرأ الرؤية النقدية بعيون المتجاوز، لا بعيون المتوقف عند الشكل،أو الحاجز الأول..ولا يملك أدوات وأسلحة العبور..
لو أنني استعملت المسطرة ،لوجدتني استعمل القوالب الجاهزة التي دعوتني الى استعمالها..:أن أبدأ بـخارج المحطات..ثم المعنى الإجمالي للأبيات..وأذكر ملابسات النص(إطار معرفي قديم..تجاوزته الأطر النقدية الحديثة..) ثم التفعيلات..
أنا لم أفعل ذلك لأنني لا أريد أن أتعامل مع مؤثر خارجي..أشبه بنص مقدس نبحث من خلاله عن أسباب القول(النزول)..ثم تفسير اللغويات..ثم ما يشرحه من قول الشاعر نفسه في الموضوع من نص آخر للتفكيك(أشبه باستعمال المفسرين الحديث لشرح الآيات..)..هذا العمل يا صديقي ـ وأنت تعرف الأمر جيدا ـ لا يعود الى من قال ، بل ماذا قال..؟
ولست هنا موجها بل مفككا وفق رؤية نقدية حداثية..
وهو ما قمت من خلاله بإعادة تشكيل البنية الهندسية للنص..
وذكرت ذلك في الأخير، أشبه بوضع اللمسات الأخيرة على بناء جميل يحمل خاصيات الأصل..
بل وهو أشبه بـ(نص يلد ويولد ، فهو مثل الكائن الحي الذي ينمو ويتطور ، ويحافظ على خصائصه الوراثية البيولوجية..ويكسب أشياء أخرى بفعل التلاقح في}ثر ويتأثر...)كما يرى الباحث الأكاديمي بن السايح الأخضر..
في آخر هذا التعقيب..تقبل مني كل الشكر على أن منحتني هذه الفرصة للنقاش والإثراء..
وتقبل خالص مودتي وتقديري
وذكر الصور البلاغية..