أمير بولص أبراهيم
11/11/2008, 10:51 AM
ثمة ُ امرأة على وجه قهوتي
ثمة ُ امرأة على وجه قهوتي كل صباح .. توقد ُ شمعة ً فوق ضريح ..تفترش ُ دمعها عليه ِ وتغزل من بكائها كفنا ً لمصيرها .
بطرف عباءتها تتشبث ُ طفلة حافية القدمين تلعق ُ قطعة حلوى تشبع َ سطحها الملون بغبار أتربة القبور المتهرئة منذ بداية زمن الضياع في دروب الحياة الغامضة المتأرجحة بين الحلم المولود ميتا ً وبين الأمل المقتول سلفا ً ..تُخرج المرأة من بين أحضانها رغيفا ً من الخبز الأسمر اليابس المشبع بالحزن المستديم المزوج برائحة العفن .تَكسر ُ الرغيف إلى فتات ٍ صغيرة ناثرة ً إياها فوق الضريح متلذذة ً حزنا ً وكأنها أدمنته ُ
مدت يديها مرة ً أخرى إلى أحضانها لتخرج رصاصة ً علاها الصدأ ملوثة ً ببقع دم .. تُقرب الرصاصة ُ من أرنبة ٍ أنفها لتستنشق رائحة تلك البقع بينما تَضغط أناملها بحقد ٍ وقسوة على الرصاصة ثم تضعها بجانب فتات الخبز فوق الضريح بكل تأمل ليتكون مثلث ٌ غريب من الدمع وفتات الخبز الأسمر اليابس والرصاصة .. أخذها شرود ذهنها وبصرها لحظة ..ثم فَرَدَت شعرها لتنحني بجسدها على الضريح لتفرُش ذلك الشعر ألتمري
الكثيف باسطة ً ذراعيها باستقامة الضريح وكأنها تحتضن ما في داخله ِ
في لحظة عناق قديم ..بدت وكأنها بحركتها تلك تمارس طقسا ً حياتيا ً خاصا ً بها افتقدته ... سقطت الرصاصة من سطح الضريح نتيجة ً لحركتها تلك لتتدحرج وتقف عند أقدام الطفلة المنغمسة بلذة الحلوى..
رَفَعَت بتثاقل جسدها المنهك راجعة ً إلى الخلف وبحركة شبه جنونية مَزَقَت أعلى ثوبها من صدرها ..فتوارى نهديها خلف ستار من دموعها خجلا ً من الأموات.. ليتسلل بكائها مختبئا ً في شقوق ألأرض المشبعة ببقايا جثث مسحتها ذاكرة الموت..رفعت الطفلة الرصاصة مقلبة ً إياها ذات اليمين ِ وذات اليسار ِثم مسحت الرصاصة بقطعة الحلوى وكأنها تمزج بين صورتين مختلفتين إلى أن غطت لزوجة الحلوى الرصاصة فأخذت تلعق الرصاصة تارة ً وقطعة الحلوى تارة ً أخرى... عادت المرأة لتجمع قواها ناهضة ً باتجاه
شاهد الضريح الذي تَشَوّه ما سُطِر َ عليه من أحرف ٍ غابت ملامحها..لترنو بنظرها نحو الطفلة المنهمكة بالحلوى والرصاصة..ابتسمت لوجه الطفلة الملوث بالغبار والسكر..احتضنتها وكأنها في لقطة ٍ فوتوغرافية للزمن الخاص الذي داهمها ..أنتبهت إنها أصبحت وجها ً لوجه مع شاهد الضريح..أغمضَت عيناها وكأنها تدخل في حوار صامت مع شاهد الضريح ... ثم تبدد المشهد من على وجه قهوتي . ليعود من جديد على وجه قهوتي في صباح ٍ آخر ...
أمير بولص أبراهيم
برطلة 12 تشرين ألأول 2008
ثمة ُ امرأة على وجه قهوتي كل صباح .. توقد ُ شمعة ً فوق ضريح ..تفترش ُ دمعها عليه ِ وتغزل من بكائها كفنا ً لمصيرها .
بطرف عباءتها تتشبث ُ طفلة حافية القدمين تلعق ُ قطعة حلوى تشبع َ سطحها الملون بغبار أتربة القبور المتهرئة منذ بداية زمن الضياع في دروب الحياة الغامضة المتأرجحة بين الحلم المولود ميتا ً وبين الأمل المقتول سلفا ً ..تُخرج المرأة من بين أحضانها رغيفا ً من الخبز الأسمر اليابس المشبع بالحزن المستديم المزوج برائحة العفن .تَكسر ُ الرغيف إلى فتات ٍ صغيرة ناثرة ً إياها فوق الضريح متلذذة ً حزنا ً وكأنها أدمنته ُ
مدت يديها مرة ً أخرى إلى أحضانها لتخرج رصاصة ً علاها الصدأ ملوثة ً ببقع دم .. تُقرب الرصاصة ُ من أرنبة ٍ أنفها لتستنشق رائحة تلك البقع بينما تَضغط أناملها بحقد ٍ وقسوة على الرصاصة ثم تضعها بجانب فتات الخبز فوق الضريح بكل تأمل ليتكون مثلث ٌ غريب من الدمع وفتات الخبز الأسمر اليابس والرصاصة .. أخذها شرود ذهنها وبصرها لحظة ..ثم فَرَدَت شعرها لتنحني بجسدها على الضريح لتفرُش ذلك الشعر ألتمري
الكثيف باسطة ً ذراعيها باستقامة الضريح وكأنها تحتضن ما في داخله ِ
في لحظة عناق قديم ..بدت وكأنها بحركتها تلك تمارس طقسا ً حياتيا ً خاصا ً بها افتقدته ... سقطت الرصاصة من سطح الضريح نتيجة ً لحركتها تلك لتتدحرج وتقف عند أقدام الطفلة المنغمسة بلذة الحلوى..
رَفَعَت بتثاقل جسدها المنهك راجعة ً إلى الخلف وبحركة شبه جنونية مَزَقَت أعلى ثوبها من صدرها ..فتوارى نهديها خلف ستار من دموعها خجلا ً من الأموات.. ليتسلل بكائها مختبئا ً في شقوق ألأرض المشبعة ببقايا جثث مسحتها ذاكرة الموت..رفعت الطفلة الرصاصة مقلبة ً إياها ذات اليمين ِ وذات اليسار ِثم مسحت الرصاصة بقطعة الحلوى وكأنها تمزج بين صورتين مختلفتين إلى أن غطت لزوجة الحلوى الرصاصة فأخذت تلعق الرصاصة تارة ً وقطعة الحلوى تارة ً أخرى... عادت المرأة لتجمع قواها ناهضة ً باتجاه
شاهد الضريح الذي تَشَوّه ما سُطِر َ عليه من أحرف ٍ غابت ملامحها..لترنو بنظرها نحو الطفلة المنهمكة بالحلوى والرصاصة..ابتسمت لوجه الطفلة الملوث بالغبار والسكر..احتضنتها وكأنها في لقطة ٍ فوتوغرافية للزمن الخاص الذي داهمها ..أنتبهت إنها أصبحت وجها ً لوجه مع شاهد الضريح..أغمضَت عيناها وكأنها تدخل في حوار صامت مع شاهد الضريح ... ثم تبدد المشهد من على وجه قهوتي . ليعود من جديد على وجه قهوتي في صباح ٍ آخر ...
أمير بولص أبراهيم
برطلة 12 تشرين ألأول 2008