المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام والغرب عطاء بلا حدود ..أخذ بقيود



احمد عبد الرشيد عبد الباقي
13/11/2008, 06:57 PM
:fl:الإسلام والغرب عطاء بلا حدود ..أخذ بقيود
منقول للفائدة
نفهم الإسلام ديناً قوياً يتمتع بقوة ذاتية تجعله لا يخشى الانفتاح .. ولا يتوجس خيفة من التفاعل مع الآخرين وهو خالد لا يموت رغم أنه لا تحميه أية قوة على الأرض .. لا يندثر رغم ضعف تمسك الناس به .. يبقى فتياً قويا لا تضعفه السنون ولا تنقص من قوته المحن والخطوب .. قام بالعدل وأعلى شأن الإنصاف وتعامل بموضوعية حتى مع ألد أعدائه .. قاعدته في ذلك (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)[المائدة : 8] .. يحافظ على عطاء الحضارات .. ويتواصل معها أخذاً وعطاءً .. تأثراً وتأثيراً .. لا يقوم على أنقاض التراث البشرى والعطاء الإنساني للحضارات الأخرى .. كما أنه لا يحرص على هدم تجارب الأمم السابقة وإسقاطها .. ولكنه يضيف لهذه الأمم والحضارات من الرشد والهداية والصلاح ما يوجه حركتها ويقود مسيرتها لتحقيق الخير لبنى البشر.
وفي الوقت نفسه يأخذ منها خلاصة تجاربها الإنسانية .. وزبدة معارفها وعلومها الدنيوية .. وعطائها الحضاري وهذا الموقف الإسلامي من الحضارات المغايرة يتفق تماماً مع المنطق السليم .. فليس من المنطقي مقاطعة هذه الحضارات أو تجاهلها .. وليس من الشرع الذوبان فيها والانصهار في بوتقتها .. ولكن العقل السديد والنظر الرشيد يتطلبان من التفاعل والحوار مع هذه الحضارات بما يحقق مصالحنا ويدفع باتجاه نهضتنا .. ويرسم صورة مشرقة عن ديننا وحضارتنا وثقافتنا.
ـ إن موقفنا من الحضارة الغربية المعاصرة .. موقف اصطفاء وانتقاء .. نأخذ منها النافع والمفيد من عطاءات تلك الحضارة بما لا يصطدم مع ديننا .. ونطرح الضار جانباً .. مستلهمين روح الوسطية التي نبه إليها القرآن الكريم (جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا).
وذلك كما فعلت الحضارة الإسلامية قديماً .. إذ تفاعلت مع الحضارة الفارسية والرومية .. فاصطفت منها ما رأته صالحاً كبعض أنماط الإدارة ونظم الحكم .. ولفظت ما تعارض وتصادم مع مبادئ الإسلام.
ـ إن ما نهانا عنه ديننا وحذرنا من الوقوع فيه هو أن نكون مجرد تابعين لغيرنا أو أذناباً لهم .. نسير على خطاهم ونقتفي أثرهم .. كما نهانا عن التشبه بهم فيما هو من شعائر دينهم أو خصائص عقيدتهم .. أما أن نقتبس منهم ما يفيدنا في شئون الحياة المتطورة وأساليبها النافعة .. فلا حرج علينا في ذلك .. (والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها).
فهمنا للعلاقة بين الإسلام والديمقراطية ..
ـ ومن هذا المنطلق .. فإننا ننظر للديمقراطية شأنها شأن كل وافد يرد إلينا .. فنقف مع كل ما ينتجه العقل الغربي .. نتفكر ونتأمل ونبحث ونناقش .. فما وافق ديننا قبلناه بلا تردد .. فالحكمة ضالة المؤمن .. وما خالف ديننا خلفناه خلف ظهورنا دون خوف أو وجل.
ـ والديمقراطية كمفهوم وكمنهج .. فيها ما يتفق مع ديننا ومبادئه .. وفيها ما يختلف مع الإسلام وقيمه.
ـ فتتفق الديمقراطية مع الإسلام في رفض سلطة الفرد والدعوة لإقامة دولة المؤسسات .. والفصل بين السلطات والاعتراف بحق الشعب في التعبير عن رأيه.
ـ وتتفق الديمقراطية مع الإسلام في التركيز على قيم الحرية والعدالة والمساواة.
ـ وتتفق الديمقراطية مع الإسلام في رفض ما يعرف بالحكومة الدينية "الثيوقراطية" .. فالإسلام لا يعرف مثل هذا النوع من الحكومات لعدم وجود ما يسمى برجال الدين بداية .. ولنظرة الإسلام إلى طبيعة الحكم فيه على أنه حكم أو عقد مدني بين الحاكم والمحكوم .. فالحكم بالإسلام لا يعنى إقامة حكومة دينية.
ـ وتتفق الديمقراطية مع الإسلام في الدعوة إلى الابتكار والإبداع النافع وعدم تجريم إطلاق ملكات التفكير طالما أنها لا تصطدم بثوابت الإسلام ودعائمه.
ـ وتتفق الديمقراطية مع الإسلام في الاعتراف بحقوق الإنسان المختلفة والدعوة إلى احترامها والإقرار بأن أي تقدم داخل المجتمعات لن يأتي إلا عبر تنمية الإنسان نفسه وعبر احترام حقوقه المختلفة.
ـ وكما تتفق الديمقراطية مع الإسلام في مواضع شتى .. فإنها تختلف مع الإسلام في نقاط عدة .. تختلف الديمقراطية مع الإسلام في أن الديمقراطية تعتبر الشعب هو مصدر التشريع عبر آلياته المتنوعة .. بينما يقرر الإسلام أن الشريعة هي مصدر التشريع داخل المجتمع .. وهو ما يعرف بـ "السند القانوني للنظام" فالشريعة الإسلامية بمبادئها العامة وأحكامها التفصيلية والكلية تمثل: القانون الذي ينظم المجتمع المسلم بأسره فلا يجوز أن تنهض أمة برسالتها وهي مبهمة الملامح.
ـ ومجموعة القوانين التي تحكم أي مجتمع إنما هي انعكاس لأفكاره وقيمه وخصوصيته .. ونحن كأمة مسلمة لنا مجموعة الأسس والقوانين والتشريعات التي تميزنا.
ـ وتختلف الديمقراطية مع الإسلام في مغالاة الأولى في تقديس حرية الفرد على حساب الأخلاق والقيم حتى مورست باسم الحرية الشخصية كافة أشكال الشذوذ والفجور .. طالما أنها لا تخرق النظام العام!!
ـ أما الإسلام فمع كامل احترامه لآدمية الإنسان وحريته .. إلا أن هذه الحرية ليست مطلقه .. ولكنها محكومة بما سنه الإسلام من أحكام .. وبما دعا إليه من أخلاقيات .. فليس للإنسان أن يفعل ما يشاء متى شاء باسم الحريات .. وإلا انهار المجتمع وتفككت قواعده الأخلاقية .. كما هو الحال الآن في المجتمعات الغربية.
ـ وتختلف الديمقراطية مع الإسلام في ذلك الخطاب الاستعلائي الاستعماري تجاه الشعوب الأخرى خاصة الإسلامية والعربية .. ففي الوقت الذي تتبنى الديمقراطيات الغربية خطابا يدعو إلى احترام حقوق شعوبها في التعبير عن رأيها وتشكيل ملامح نظامها تتبنى نفس الديمقراطيات خطاباً استعلائياً استعمارياً تجاه الشعوب الأخرى .. مستغلة في ذلك قوتها المادية الضخمة متسترة وراء مفهوم العولمة .. محكومة بنظريات عنصرية كصدام الحضارات ونهاية التاريخ.
ـ أما الحضارة الإسلامية فهي تراعى البعد الأخلاقي حق المراعاة في تعاملها مع الشعوب الأخرى .. حتى أنها في فترة مجدها وهيمنتها لم تنظر إلى الشعوب الأخرى نظرة استعلاء واستعباد .. بل رفعت شعار "لهم ما لنا وعليهم ما علينا".
ـ وتختلف الديمقراطية مع الإسلام في كون الأولى دون سقف تشريعي .. فأي فكرة ولو باطلة تحوز على تصويت الأغلبية تصبح لها قوة في المجتمع بما تحصل عليه من شرعية قانونية.
ـ فالشذوذ على بشاعته .. حصل في بريطانيا على أعلى أصوات الأغلبية في مجلس العموم ليصبح واقعاً مقنناً .. ويعترف المجتمع ـ من ثم ـ بزواج المثلين.
ـ كما أن الديمقراطية الغربية تعانى من إشكاليات خطيرة يعرفها أصحابها .. فقد يختار الشعب في بعض الأحيان أشخاصاً يسببون الدمار والخراب لمجتمعاتهم بل وللأوطان المجاورة لهم كـ "أدولف هتلر" وغيره.
ـ تلك هي نظرتنا للديمقراطية الغربية قبولاً ورداً .. حتى لا ننساق في هوة التذويب والتغريب .. ومن ثم نحتفظ بخصوصيتنا الفكرية والثقافية من ناحية .. وحتى لا نحرم خيراً وحكمة بدعوى أنها رافد من روافد العلمانية الغربية رغم نقاط الالتقاء والاتفاق مع مبادئنا من ناحية أخرى.
فهمنا للتعددية السياسية في الإسلام ..
ـ نؤمن بالتعددية السياسية في إطار مبادئ الإسلام وقيمه ومثله العليا انطلاقا من إيماننا بقدرية الاختلاف .. تلك السنة الكونية والرؤية القدرية والقانون الأزلي الذي أودعه الله الكون والحياة.
ـ إننا ندرك أن الاختلاف المثمر البناء هو الذي ينطلق من مشكاة الأصل الجامع أو الاختلاف في إطار الوحدة لذلك فإن إيماننا بالتعددية السياسية في المجتمع الإسلامي إنما يكون موصولاً بوحدة الأصل الجامع أي التعددية في إطار وحدة القيم والمبادئ الإسلامية والثوابت الدينية والوطنية.
ـ فلا نقبل في المجتمع الإسلامي تعددية للكفر والإلحاد .. فقبولنا لأي تعددية يعنى اعترافنا بمشروعيتها في إطار الأصل الجامع لهذه التعددية .. وذلك حتى نحافظ على خصوصيتنا وتميزنا وإلا صرنا هملاً تابعين وأذنابا خاضعين.
ـ إن إيمان الفكرة الإسلامية بتعددية الشرائع إنما تنبع من وحدة الدين والملة التي تجمعها .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الأنبياء أخوة لعلات .. دينهم واحد وأمهاتهم شتى) أي شرائعهم شتى.
ـ والفكرة الإسلامية تؤمن بتعددية القوميات والأجناس والألوان واللغات في إطار وحدة الإنسانية .. وأصل التواصل البشرى.
ـ كذلك فإننا نؤمن بالتعددية السياسية والحزبية والفكرية في إطار وحدة المنظومة الإسلامية والقيم الإسلامية والأخلاق الإسلامية والثوابت الوطنية .. كما نؤمن بها في إطار أصل الأمة الواحدة وبجامع الملة الواحدة.
ـ نؤمن بالتعددية السياسية التي تقتضي العمل على إتاحة السبل وتيسير الطرق أمام كافة التشكيلات والكيانات الحزبية والسياسية وجماعات الضغط والقوى الفاعلة في المجتمع للوصول إلى تحقيق أهدافها وما تصبو إليه من المشاركة في عملية صنع القرار أو الوصول لسدة الحكم وتداول السلطة عبر الأطر القانونية المشروعة .. وآليات المشاركة السياسية الفعالة.
ـ ومن ثم فإننا نؤمن بالمشاركة السياسية الفعالة في إطار من الحرص على المصلحة العامة والتنافس السلمي الذي لا يعيق تقدم البلاد ورفاهيتها وتنميتها .. بل يصب في بوتقة التنمية والإصلاح والتقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي للوطن.
ـ إن الأحزاب السياسية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني ـ في التزامها بالإطار العام للإسلام تمثل أنماطاً من أنماط المجتمع الحديث لممارسة الحسبة .. باعتبارها كيانات رقابية شعبية على أعمال السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية .. وهو ما يشكل بعداً آخر من أبعاد قبول فكرة التعددية السياسية.

ابراهيم ابويه
13/11/2008, 07:14 PM
أشكرك على نقل هذا المقال ،أستاذ أحمد .
إن تطبيق مقتضيات الشريعة الإسلامية في زماننا هذا ،لا تروق للأنظمة الحاكمة ولا تريد ممارستها كما هي مبينة ومفصلة في القران الكريم،لانها لا تخدم مصالحهم من جهة ،ولأنهم رهائن في يد القوى المعادية للاسلام والمسلمين.
لذلك وجب الدفاع عن الاسلام بقوة وشكيمة وتضحية لأن هذا هو السبيل الوحيد لإزالة الظلم وتحقيق العدالة كما هي واردة في ثنايا القران الكريم باعتباره دستورنا الابدي.

احمد عبد الرشيد عبد الباقي
15/11/2008, 01:53 PM
سيدي وصاحب الفضل : مستر ابراهيم أبويه
اولا اشكر لك قراءتك المقال وتعليقك الكريم الذي ينم عن فهم عميق لقضايا ديننا ومجتمعنا ، واشكر لك تكرمك بوقتك في سبر غور مقالتي ، ونحن في اشد الحاجة الى من تتفتق اذهانهم عن مثل هذه الافهام .
ثانيا ، قد رأيت من بعض الواجب علي ان اذكر ، وان كان لمجرد التذكير من ناحيتي فلقد ئئا بي الواجب ان اتكاسل ، بل وضاق الصدر عن واقعنا الأليم ، وان كنت لست من انصار نزعة اصحاب ندب الماضي والبكاء على الاطلال ، لذا كانت مقالتي " على الرغم من انها منقولة " تذكيرا لعلها تصادف من بيده ان يغير ويقدم لهذا الدين. بل وعساها تكون مبادرة للالتفاف حول راية التغيير الذي ننشده رفعة ونصرة لديننا وأوطاننا.
أكرر شكري لسعادتكم.