المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كهف الريح



آحمد حسين آحمد
14/11/2008, 04:00 PM
كهف الريح
أحمد حسين أحمد

١
دعواتٌ في دجى الليلِ نثرناها احتراسا
أمطرت فـي غـرّةِ الفجرِ ظلاماً ويباسا
مترعُ بالقحطِ نهري
وأنا أنصبُ في القحطِ أساسا
آه لـو أدخل كهفَ الريحِ
أستلُّ السحابات الثقيلة
أنثرُ الناضجَ منها
فوق قيعان بلادي المستطيلة
آه لو أنسابُ والغيم فينثال المطر
والعصـافيرُ التي جاءت معي ترزمُ ريشات السفر
آه لو تشرقُ شمس الحبِّ حتى في صقر
٢
ها هو البرقُ
وها جذوة روحي
نزلت غيثاً على حقلي الحزيـن
ها أنا أبذلُ بوحي
أرسمُ الحقلَ بزهرِ الياسميـن
في يدي نارٌ وفي الشريانِ طين
بدني المفخورُ مملوءٌ بأضواءِ ليالٍ مقمرات
طالما عشنا وإياها على مجرى ( الفرات ) ـ
إنما حلّت ليالي الصمت والدمعُ السخين
و الضحى الـمغسولُ بالقطران آت
٣
ها أنا أحملُ آمالي عروقاً في حجر
تدفعُ الريحُ ركامي فوقَ أمواجِ القهر
شابَ حزن الغيمة البيضاء
عرّاني القمر
آه يا عصفورتي الخضراء
ما عاد رجوعي موسماً للعشبِ
يرعاهُ المطر
ذاك حلمٌ بعثرتهُ الريح
شوكاً في حفر
٤
باغتتنا الريحُ واشّتدَ العذاب
أيها المحمولُ في كفِّ الضباب
هائماً فــي كفّةِ الميزانِ مذهولاً تدور
أسقطَ ( الطاغوت ) آمالي وباقٍ سور ( أور )
آه والتفَّ ( الخنازيرُ ) على بوابةِ العشقِ الصموت
يربطون الـخيل بالـمحرابِ في صبحٍ خفوت
فمتى تنهضُ من كهفكَ ،
أو تخرجُ من بين ثراها ( عشتروت )؟
آه.. هل أقوى على لمِّ فتاتي
وأنا بقٌّ دقيقٌ في شباكِ العنكبوت؟
مسرحٌ للرملِ لحني وترانيمي بقايا من قشور
نثروها، كلّما جاءوا، على مرِّ العصور
٥
كلمّا أدخلُ كـهفَ الريحِ ألقاكِ على سفحِ التلال
تجمعين البرقَ في صحنِ السلال
علَّ راعٍ للسحاباتِ الثقال
يرتدي رعداً ينادي للقتال
وإذا بالقطرِ فيّاضاً على السهلِ يجود
يملأ الحوضين بالحبِّ فتنهارُ السدود
وإذا بـالقنّبِ المجدولِ من زندِ الرجال
يحتوي قوساً فتنهالُ النبال
آه يا عصفورتي الخضراء
هل تبقى القيود
تحبـسُ الدافقَ من جوفِ الجبال؟
٦
مدنٌ تولَدُ للموتِ وأخرى للخلود
وحضاراتٌ على الباغي تجود
حشّدت (روما ) بغاياها و ( هولاكو ) الجديد
عائدٌ بالجندِ سلطاناً يعود
ناطحت قرناهُ قرصَ الشمسِ
والناسُ سجود
وأنا أربـضُ ( كـالثـورِ المجنّــح ) ـ
نافضاً حبري وقرطاسي المسلّــح
في قرى ( آشور ) أقتاتُ الزوابعَ والجليد
فإذا مرّت فحول النوق ألقمها الصديد
آه يا عصفورتي الخضراء
هل تبقى القيود
تحبـسُ الدافقَ من عِرقِ الزنود؟
٧
باغتتنا الريح من خلف القباب
ذات ليلٍ موحشٍ يتلو الغياب
وأنا أدفن قهري في جذوع النخلِ
والأرض الخراب
ليس لي غير التروّي والتلّوي
وانتزاع الموت ،
من بابٍ لباب
وطني خوفي
وآمالي على جرفي تراب
آه ، لو أستمطر الفرسان من بحر السحاب
لاسـتفاق الشـاطئ الخمري في صبحٍ جَسور
فيمدَّ النخل قامات الِحراب
حيث كان النخل ميّاساً ولم يخشَ الرياح
مترعاً بالطيبِ ما بين ( الرصافة ) ـ
والجسور
عصبوا عينيهِ واجتثوا الصباح
فإذا شُقّت كعوب السعفِ
وانشلَّ السلاح
سنخيطُ السـعفَ حتى يُـثمرُ النخل السلاح