المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ...



احمد عبد الرشيد عبد الباقي
15/11/2008, 05:55 PM
حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ...كثيرا ما يكون الباطل أهلا للهزيمة .. ولكنه لا يجد من هو أهل للانتصار عليه), هذه الكلمات القليلة تزيح الستار عن سنة من سنن الله في الكون، وهى سنة المداولة الحق والباطل .. وتجيب في الوقت ذاته عن تساؤلات حائرة تتلجلج في الصدور قائلة :
إذا كنا على الحق، وغيرنا ليسوا كذلك، فلماذا لا ننتصر؟!!!.
إن أسهل شيء على الإنسان هو إلقاء التهمة على غيره دون أن يكلف نفسه عناء النقد الذاتي ومراجعة النفس.. وتصدير عيوبه ومشكلاته إلى الناس بدل أن يتحمل عبء علاجها.. وأن يعلق هزيمته وانكساره على شماعة الكيد والتأمر بدل أن يسأل نفسه:
ما الجهد الذي بذلته لمقاومة ذلك الكيد والتخلص من تلك المؤامرات؟!.
هذه الآفة هي أخطر ما نعانى منه في هذا الزمان .. فكثير منا حين يؤلمه واقع أمتنا المرير وحين يؤرقه ويقضه مضجعه تلك الهزائم التي نمنى بها في كل ميدان .. يفكر أول ما يفكر في إلقاء التبعة على الآخرين.. يصب عليهم جام غضبه، ويكيل لهم أقذع السباب، فهم سبب نكستنا وانكسارنا .. ولولا كيدهم لنا وتأمرهم علينا لما حل بنا كذا وكذا من الهزائم والنكبات.
مهلا.. أخي الحبيب.. على رسلك..
نعم.. هناك كيد وتآمر وتخطيط .. وسيبقى ذلك الكيد ما بقى الحق والباطل.. وما دام هناك تعارض فى المصالح وتناقض فى الأفكار والأيديولوجيات ولكن ... أين نحن؟!.
ألم يخطر ببالنا لحظة أن يكون الخلل كامنا فينا ؟!.ألم يدر بخلدنا أن تكون غفلتنا عن سنن الله وقوانينه في الكون هي السبب الأساسي لما نحن فيه؟!.. إن الحقيقة التي ينبغي لنا أن ندركها أن تآمر الغير وتخطيطه لا يعفينا أبدا من مواجهة أنفسنا، والتفتيش في ذواتنا .. فإن كنا لا نملك ناصية غيرنا لنكفهم عن الدس والتآمر علينا، فنحن - بلا شك - نملك ناصية أنفسنا، ونستطيع - بقليل من المصارحة مع الذات - أن نتفادى الوقوع في أخطاء قاتلة، نفقد فيها كثيرا من جهودنا وطاقاتنا.
ولئن تكاسلنا عن القيام بهذا الدور، وآثرنا راحة البال وخداع النفس فلنسمع جيدا إلى تحذير أحد الدعاة - د/ عبد الكريم بكار - وهو يقول : (ما لم نصل إلى مرحلة الاعتقاد الفعلي بأن العلل والخلل كامن فينا لنبحث عنه، وندرك أبعاده وأسبابه ونكتشف السنن والقوانين التي تمكن من وسائل علاجه .. فسوف نبقى نقدم ضحايا على مذابح الآخرين ورغباتهم ، وتصفى الحسابات بدمائنا ، ونوظف لمعاركهم وتحقيق أهدافهم ، أكثر من أن نقدم تضحيات تصب بالنهاية في المصلحة الإسلامية).
لقد كان القرآن الكريم صريحا وواضحا في لفت أنظار المسلمين الأوائل إلى البدء بإصلاح أنفسهم ، والتفتيش في عيوبهم بدلا من إلقاء التهمة على الآخرين .. ولم يجامل الوحي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رغم ما كانوا فيه وقتها من ظرف عصيب .. لا لشيء إلا لكون هذه القضية قضية جوهرية .. ومسألة فاصلة في تحديد مسار النهضة الإسلامية على مر العصور.
فبعد غزوة أحد، وما حدث فيها من انكسار للمسلمين - ويكفي أن عدد الشهداء قد بلغ فيها سبعين من خيرة الصحابة، على رأسهم حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم.. وأصيب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم إصابات بالغة، فقد شج رأسه الشريف، وكسرت أسنانه - وفى هذا الجو الملبد بغيوم الحزن والألم تساءلت بعض النفوس: أين يكمن الخلل؟, ومن أين أتتنا الهزيمة؟!.
فيأتي الرد القرآني معلما لذلك الجيل، ولكل جيل مسلم على مر الزمان: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
- وما أحوجنا لأن نتوقف طويلا أمام قول الله عز وجل : (قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ), ففيه الجواب الكافي والرد الشافي لكثير من تساؤلاتنا اليوم ..فكثيرا ما نتساءل في حيرة واستغراب : ما كل هذا الضنك الذي يحياه المسلمون في هذا الزمان؟!, (قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ).
أي ذل وهوان ذلك الذي أصاب أمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها؟!, (قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ), ولماذا تخلفنا عن ركب الحضارة ، وصرنا ذيلا للأمم بعد أن كنا قادة وسادة؟!, (قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ). " منقول للإفادة "