رائعة إلياس فرحات المنسية

[أحمد الحاج محمود الحياري]

هذه القصيدة تاليا مما أحفظه من قبل نحو ثلاثين عاما ، لم أجدها منشورة في النصوص الإلكترونية رغم إجهاد البحث وهي على ما أذكر للشاعر إلياس فرحات:


أطلت من الدير عند الضحى
وفي ناظريها بريق الأسى
فتاة كأن الإله براها
ليجعلها فتنة للنهى
ولكنها في صباح الحياة
على وجنتيها شحوب المسا
تحاول نسيان محبوبها
وعز الشباب وعز الغنى
وأقسى من الحب كتمانه
وأنكى من الهجر فقد الرجا
رماها الزمان بهجر الحبيب
فداوت ضلال الهوى بالهدى

تصلي فتحسبها دمية
من العاج ساجدة للدمى
وتلثم تلك الدمى بخشوع
فيوشكن يلثمنها من جوى
--
ولما بدت شمس ذاك النهار
بدت خارج الدير ذات التقى
لتجمع من حوله ضمة
من الورد تهدى لفادي الورى
وبينا تسير على مهلها
وتجمعها من هنا وهنا
رأت وردة في أعالي الجدار
تداعبها نسمات الصبا
وقد زاد في قدرها أنها
تعز على من يريد الجنا
فحرك منظرها نفسها
وقالت بملء الحنان لها
أخية يهنيك هذا السمو
وهذا البهاء وهذا الرضا
ولكن أما كان أشهى لديك
جوار الأزاهر بين الربا
تحومين حول بنات الفريق
وتسعى إليك صبايا القرى
وتسمعك الطير إنشادها
فمنه الحجاز ومنه الصبا
فأنت تعيشين في عزلة
فلا في السماء ولا في الثرى
لمن خلق الله هذا الجمال
ومن يتنفس هذا الشذى؟
----
وفي الليل عادت إلى خدرها
وفي صدرها مثل نار الغضا
فمدت إلى صدرها كفها
وقد فتح الورد تحت الندى
فقال لها قائل صامت
وكان الذي قيل رجع الصدى
فأنت تعيشين في عزلة
فلا في السماء ولا في الثرى
لمن خلق الله هذا الجمال
ومن يتنفس هذا الشذى