المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تغير لون الرئيس ..فهل يتغير لون السياسة الامريكية ؟!!



احمد عبد الرشيد عبد الباقي
19/11/2008, 12:01 PM
وكعادتي مع من احبهم واحفظ لهم شوقا في قلبي .. اساتذتي واخواني في " واتا " .. وعلى غرار فكرتي في ان انقل اليكم ما اعجبني من مقالات ومواضيع منطلقا من رؤية " قرأت لك " ، لعموم الفائدة ، وموضوعي اليوم بعنوان " تغير لون الرئيس ..فهل يتغير لون السياسة الامريكية ؟!! "

لم يكن فوز باراك أوباما – ذي الأصول الأفريقية – بمنصب الرئاسة الأمريكية أمرا مفاجئا لدي كثير من المراقبين .. فقد بات واضحا أن الشعب الأمريكي قد حسم قراره من خلال استطلاعات الرأي التي أجريت قبيل الانتخابات ، والتي أظهرت تفوقا واضحا لباراك أوباما علي نظيره الجمهوري .. بعكس ماجري في انتخابات عام 2000م .. والتي بقيت نتائجها متأرجحة حتي اللحظات الأخيرة ، وفاز فيها بوش في نهاية الأمر بفارق ضئيل منح المرشح الديمقراطي حينها فرصة الطعن في نتيجة الانتخابات أمام القضاء الأمريكي .

* ولكن الأمر كان مختلفا هذه المرة .. فقد حظي أوباما بفوز ساحق علي منافسه الجمهوري ماكين .. حيث حصل علي أكثر من ضعف عدد الأصوات التي حصل عليها غريمه في المجمع الانتخابي ( 349صوتا مقابل 163صوتا ) .. وذلك في ظل انتخابات هادئة كالعادة ، وفى أجواء من التغطية الإعلامية المكثفة التى نقلت تفاصيل الحملة الإنتخابية أولا بأول إلى كل أنحاء العالم .. وقد حصل الديمقراطيون أيضا علي الأغلبية المريحة في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين .. وهو ما ينبئ بسهولة مهمة الحكومة القادمة ، وقدرتها علي تنفيذ سياساتها الخاصة دون مشاغبة كبيرة من الجمهوريين الذين سيحتلون مقاعد المعارضة خلال الفترة القادمة .

* هذا الفوز الساحق لأوباما ، ولحزبه الديمقراطي يحمل في طياته كثيرا من المعاني والدلالات ، لعل أهمها هو رفض الشعب الأمريكي للاستمرار في سياسات إدارة بوش التي ورطت البلاد خلال السنوات الماضية في سلسلة من المشاكل والأزمات الداخلية والخارجية لم تر أمريكا مثيلا لها من قبل .

* لقد كان من الواضح أن المرشح الجمهوري جون ماكين يدخل معركة خاسرة منذ البداية .. لا لشئ إلا لكونه ممثلا لحزب دفع الشعب الأمريكي ثمنا باهظا جراء سياساته الخاسرة .. ولم تشفع له دعاوي الإمبراطورية الأمريكية التي روجتها إدارة بوش ، وجعلت منها حلما لذيذا أفاق منه الأمريكيون علي وقع أزمة اقتصادية عنيفة تهدد مستقبل بلادهم ، وتحت وطأة مقاومة شرسة لجيشهم المغوار في أفغانستان والعراق .

* لقد جاءت نتيجة الانتخابات الأمريكية معبرة عن لسان حال الأمريكيين ، وناطقة بأنهم لم يعودوا مستعدين لمواصلة المسير خلف ثلة من المحافظين الجدد أعماهم التعصب الديني عن رؤية المصالح الحقيقية لأبناء وطنهم .. وشغلهم الشعور الزائف بغرور القوة وهيمنة الامبراطورية عن بناء جسور حوار دبلوماسي عاقل مع دول العالم .. ولم تعد فزاعة الإرهاب الإسلامي التي طالما استخدمها بوش قادرة علي كسب تعاطف الأمريكيين ، ودغدغة مشاعرهم .. فقد تم استهلاكها من قبل الإعلام الأمريكي بصورة فجة لم تترك لها أي قدر من المصداقية .. لذا لم يكن غريبا أن تذكر التقارير التي صدرت حول العملية الانتخابية أن عددا غير قليل من الجمهوريين قد صوتوا لصالح أوباما احتجاجا علي سياسات بوش وإدارته الحالية .

* والآن رحلت إدارة بوش ، ولكنها خلفت وراءها إرثا ثقيلا من المشاكل والأزمات الداخلية والخارجية تنتظر من الرئيس الجديد أن يواجهها بحكمة وتعقل ، وأن يمد يده بالتواصل والحوار لجميع الأطراف دون غطرسة أو غرور .. فعلي الصعيد الداخلي تواجه أمريكا أزمة اقتصادية طاحنة بسبب سياسات الرأسمالية المتوحشة التى اعتمدها بوش بصورة حرفية ، وهو ما فجر قضية الرهن العقارى مؤخرا، وزاد من قدر الديون الوطنية المتراكمة ، وأحدث خللا فى الوضع الاجتماعى وتفاوتا طبقيا فى صفوف الشعب الأمريكى فقد ذكرت احصائية أمريكية أن واحدا بالمائة من أثرياء أمريكا فقط يسيطرون على أكثر من خمس ثروات البلاد .

* أما مجال الحريات فقد شهد انتكاسة خطيرة على يد بوش ، وتزايد معدل إنتهاك الحقوق الوطنية ، ولم تعد القيم الأمريكية فى العدالة والمساواة والحرية تبهر أبصار الكثيرين فى العالم بعدما تمرغت فى التراب فى سجون جوانتانمو وسجن أبى غريب فى العراق .

* وعلى الصعيد الخارجى تورطت أمريكا فى أفغانستان والعراق ، ولم تقدم الإدارة الأمريكية طوال فترة حكمها شيئا يذكر تجاه القضية الفلسطينية .. بل أججت ممارساتها السلبية مشاعر الغضب والكراهية فى نفوس أبناء الشعوب العربية والإسلامية .. وذلك بسبب جرائم الاحتلال الأمريكى فى أفغانستان والعراق ، والتأييد الأعمى للموقف الاسرائيلى ضد الفلسطينين .

* واليوم .. بعد أن أختار الأمريكيون أوباما رئيسا لهم ، ترى هل يقدر أوباما على إزالة آثار سنوات عجاف من الحكم الجمهورى .. وهل يقدر على إعادة التوازن للسياسة الأمريكية وتصحيح الأوضاع الدولية والأقليمية التى اختلت بسبب ممارسات بوش ..هذا ما يأمله الكثيرون لاسيما وقد اعتمد أوباما التغيير كشعار لحملته الانتخابية .. وركز كثيرا على اسلوب الحوار والدبلوماسية لحل المشكلات التى تواجه أمريكا .

* إننا ندرك جيدا نحن العرب والمسلمين أنه ليس ثمة فوارق جوهرية بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى فى أمريكا فكلاهما متفقان على الخطوط العامة والرئيسية فى السياسات الداخلية والخارجية ، وكلاهما يسعى لتحقيق المصالح الأمريكية فى المقام الأول مع اختلاف الوسائل والأساليب .. ولسنا من السذاجة بمكان بحيث نطلق العنان لخيالنا وأحلامنا ، ونظن فى أوباما أنه المنقذ المخلص للعرب والمسلمين ، وأنه حامل العصا السحرية التى ستحل كافة مشكلات العالم العربى والإسلامى على وجه الخصوص ..ولكننا - من باب العدل والإنصاف - علينا أن نقر بوجود إختلاف فى الوسائل والسياسات بين أوباما وبوش .. وألا نغفل بعض الاشارات الإيجابية التى حملتها كلمات اوباما خلال حملته الإنتخابية .. وليس من الصواب أن نجلس مكتوفى الأيدى ، ومن حولنا يتحرك كل صاحب قضية ، ويتفنن فى عرضها وحشد التعاطف حولها بينما نحن أصحاب القضايا العادلة مشغولون بخلافات هامشية ، ومكتفون بندب حظنا العاثر فى إهمال النظام الدولى لقضايانا وحقوقنا ونحن المتسببون أصلا فى ضياع هذه الحقوق .

* إن أمام الرئيس الأمريكى الجديد – لو أراد- فرصة تاريخية فى أن يفى بوعوده الإنتخابية التى قطعها على نفسه أمام مؤيديه من سلوك سبيل مغاير لسبيل إدارة بوش فى حل المشكلات الداخلية والخارجية ،ويولى قضايا العرب والمسلمين أولوية قصوى .. فقد إنتهكت الإدارة السابقة كثيرا من حقوقنا بزعم محاربة الارهاب ، وها هى النتيجة المرة ماثلة أمام أعين الجميع .. فمحال ان يتحقق الأمن والاستقرار إلا بإعادة الحقوق لأصحابها والوقوف فى وجه المعتدى ولو كان أقرب الحلفاء .

* ومن هذا المنطلق نأمل ان تلتفت الإدارة الجديدة للقضية الفلسطينية وأن تحترم إرادة الشعب الفلسطينى وحقه فى إختيار من يحكمه وأن تكبح جماح الآلة الوحشية الإسرائيلية عن المذابح اليومية التى ترتكبها بحق الفلسطينين ، وبالنسبة للعراق عليها أن تتخلى عن موقفها الداعم للتقسيم والطائفية وأن تنهى احتلالها لمقدرات الشعب العراقى وثرواته فالعراقيون قادرون على إدارة شئونهم بأنفسهم .. وكذلك الحال فى أفغانستان لعل التجربة أثبتت للأمريكين أنه لا إستقرار فى هذا البلد المسلم لأى حكومة لم تنتخب من بين جموع الشعب الأفغانى وها هى حكومة قراضاى لاتسيطر على أكثر من حدود العاصمة الأفغانية رغم مرور سبع سنوات على إحتلال البلاد .

* إن على أوباما أن يستخلص الدروس والعبر من فترة حكم سابقه جورج بوش .. وأن يسعى جاهدا كما وعد لتقديم لون جديد من السياسة الأمريكية يقوم على الإحترام المتبادل مع كافة البلاد لاسيما العربية والإسلامية وعلى إعادة الحقوق المسلوبة لأصحابها أو على الأقل وقف الدعم المطلق اللا محدود للعدو الإسرائيلى على حسا ب العرب والمسلمين وإنهاء كافة مظاهر الإحتلال الأجنبى القائم فى بلادنا العربية والإسلامية .

* فهل يفعلها باراك أوباما ويسجل فترة حكمه القادمة على صفحات التاريخ العادل النظيف .. هذا ما نأمله ونرجوه