المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أهي بشائر الخير بدأت تنضج...؟



سعيد نويضي
19/11/2008, 08:51 PM
بسم اله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الإخوة الأحبة...

طرحت السؤال أهي بشائر الخير بدأت تنضج...؟

حقا هي بداية طريق الرشد...

وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - :(لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله)) [رواه البخاري ومسلم].

خبر أتى به الحاج بونيف جزاه الله عنا ألف خير ...فأردت التعليق عليه بكلمة لا أبتغي بها غير وجه الله جل و علا...
و هي فتوى أن يسمح للشيعي أن يتعبد على طريقة السنة.

خبر جميل جدا و كأنه بداية لتصحيح مسار ظل الطريق لمآت السنين...

السؤال الذي تبادر إلى ذهني لما قرأت الخبر هو الآتي:

هل نعبد الله عز و جل؟ أم نعبد طريقة من طرق عباد الله؟
أليس قدوتنا هو الرسول صلى الله عليه و سلم في العبادة، و طريقته هي الطريقة المثلى؟ أم هي طريقة فلان لأنه اجتهد بشكل من الأشكال ، و فسر و اعتمد في المرجعية ما اعتمد؟ و بالتالي الاختلاف في الطريقة لا يفسد ودا في القضية؟ إذا اعتمدنا النية كمؤشر لعمل الإنسان و كمقدمة تحدد سلفا لمن العبادة و ما المقصود منها؟ سنجد أصلا أن العبادة لله وحده لا شريك له.

لكن النية هي من أسرار الغيب التي لا يعلمها إلا الله جل و علا، و ما يبدو في الظاهر من قول إذا أصبح فعلا و عملا هو المحدد للسلوك البشري، و هو أساس المسئولية؟ و لا نتحدث عن الاسثتناء.

فكيف نعبد الله جل و علا و نشهد أن إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ، و نختلف على شيء أحبه الرسول صلى الله عليه و سلم، و هو الذي نزل الوحي، أي كلام الله جل و علا عليها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها و عن صحابته الكرام في أكثر من آية، {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التوبة100
والذين سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله ورسوله من المهاجرين الذين هجروا قومهم وعشيرتهم وانتقلوا إلى دار الإسلام, والأنصار الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه الكفار, والذين اتبعوهم بإحسان في الاعتقاد والأقوال والأعمال طلبًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى, أولئك الذين رضي الله عنهم لطاعتهم الله ورسوله, ورضوا عنه لما أجزل لهم من الثواب على طاعتهم وإيمانهم, وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا, ذلك هو الفلاح العظيم. وفي هذه الآية تزكية للصحابة -رضي الله عنهم- وتعديل لهم, وثناء عليهم; ولهذا فإن توقيرهم من أصول الإيمان.[التفسير الميسر].

فكيف لمن يقرأ هذه الآية يقبل البعض من الصحابة و يرفض البعض؟ أليس الله عز و جل عليم خبير بالمهتدين و عليم بالمنافقين و عليم بالأعداء...أليس علمه قد أحاط بكل شيء من ماض و حاضر و مستقبل...ألم يخبركم بأول عدو لكم إبليس عليه اللعنة إلى يوم الدين ، أنه سيوقع بينكم العداوة و البغضاء... {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ }المائدة91
إنما يريد الشيطان بتزيين الآثام لكم أن يُلقِي بينكم ما يوجد العداوة والبغضاء, بسبب شرب الخمر ولعب الميسر, ويصرفكم عن ذكر الله وعن الصلاة بغياب العقل في شرب الخمر, والاشتغال باللهو في لعب الميسر, فانتهوا عن ذلك.[التفسير الميسر].

فلماذا لا تكون المرجعية موحدة كما قال الله عز و جل:
يقول الحق جل و علا:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, استجيبوا لأوامر الله تعالى ولا تعصوه, واستجيبوا للرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق, وأطيعوا ولاة أمركم في غير معصية الله, فإن اختلفتم في شيء بينكم, فأرجعوا الحكم فيه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, إن كنتم تؤمنون حق الإيمان بالله تعالى وبيوم الحساب. ذلك الردُّ إلى الكتاب والسنة خير لكم من التنازع والقول بالرأي، وأحسن عاقبة ومآلا.[التفسير الميسر]

فالله عز و جل عليم بخلقه باعتبار هذا المخلوق المسمى إنسان أكثر مخلوقاته جدلا. {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً }الكهف54
ولقد وضَّحنا ونوَّعنا في هذا القرآن للناس أنواعًا كثيرة من الأمثال؛ ليتعظوا بها ويؤمنوا. وكان الإنسان أكثر المخلوقات خصومة وجدلا.[التفسير الميسر].

فالاختلاف معلوم بين عامة الناس و الحكم ففيه راجع لثلاث مصادر إلى أن يأتي اليوم الذي يحكم فيه الله جل و علا فيما اختلفوا فيه:
1- كتاب الله جل و علا
2- سنة رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم
3- و "أولي الأمر منكم" أي العلماء الذين يفقهون كلام الله عز و جل و تعتبرهم العامة و الخاصة "المرجعية". و لكن إذا اختلفت المرجعية فيما بينها، و هو الشيء الواقع الآن بين العديد من المرجعيات سنة كانت أم شيعة؟ أليس الأجدر بأن يكون الرجوع ليس للمرجعية بل لقول الله عز و جل و لسنة نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم؟
لأن المرجع الذي هو بشر مثلي و مثلك، قد يصيب و قد يخطأ ، بخلاف كلام الله عز و جل: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }فصلت42. " أو قول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم " {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى }النجم3. {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }النجم4. "
فالله عز و جل قد حدد المرجعية في حالة اختلاف عامة البشر و كذلك حددها عندما تختلف خاصته، ففي حديث لسيد الخلق و المرسلين، روى أبو داود والترمذى من حديث أبى الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول…. وإن العلماء ورثة الأنبياء." قد حدد لنا المرجع، إذا اختلفت عامة البشر. أما إذا اختلفت خاصتهم ، و هم العلماء، فعلى العلماء أن يحتكموا لقول الله عز و جل و لسنة نبيه صلى الله عليه و سلم.

فإذا كان المرجع الأصلي لكل المراجع هو كتاب الله جل و علا و قول الرسول عليه الصلاة و السلام من حديث ثابت و سنة صحيحة، فلماذا نختلف؟
لماذا يسب بعضنا بعضا؟
و الله جل و علا أثنى على صحابته و على أزواجه أمهات المؤمنين من فوق سبع سماوات؟
أين المنطق في تحكيم عقولكم و قلوبكم؟ أغلب عليه الهوى و أظله عدو الله و عدو الإنسانية " {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة169
إنما يأمركم الشيطان بكل ذنب قبيح يسوءُكم, وبكل معصية بالغة القبح, وبأن تفتروا على الله الكذب من تحريم الحلال وغيره بدون علم.[التفسير الميسر].

فالقول كما جاء في مداخلة الأخ الفاضل طارق موقدي :

الفطرة السليمة تأبى الاختلاف، و سنة الله في خلقه هي التعددية في اللون و اللسان ، فهل الغاية هي ائتلاف بين الفطرة و التعددية أم تطاحن بين الفرق و المذاهب تحت شعار الاختلاف في الرأي هو من حق العقل البشري حتى يمارس الحرية و الاختيار مع ما يناسب و يتناسب مع طبيعته البشرية؟

فالتعددية التي تقرها سنة الله في خلقه تنطلق من أية {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ }الروم22
ومن دلائل القدرة الربانية: خَلْقُ السموات وارتفاعها بغير عمد, وخَلْقُ الأرض مع اتساعها وامتدادها, واختلافُ لغاتكم وتباينُ ألوانكم, إن في هذا لَعبرة لكل ذي علم وبصيرة.

فالاختلاف الطبيعي هو في اللون و اللسان و ليس في الفكر ، و لا يعني قولي أن الفكر يجب أن يكون على شكل واحد أو هو نسخة طبق الأصل، فالإفريقي الأصل أصبح رئيسا لأمريكا لأنه تربى بطريقة أمريكية ، و لو عاش و تربى عند الهندوس لآمن بتناسخ الأرواح كعقيدة...فهذا يعني أن البيئة هي من يشكل و يؤسس فضاء الاختلاف الجوهري . و بالتالي فالأصل هو الفطرة. و معنى الهدف من الاختلاف و الغاية من التعدد هو التسابق و التنافس لإرضاء الله عز و جل، و ليس التطاحن ،و يتجلى ذلك في قول الله عز و جل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13
يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من أب واحد هو آدم, وأُم واحدة هي حواء، فلا تفاضل بينكم في النسب, وجعلناكم بالتناسل شعوبًا وقبائل متعددة؛ ليعرف بعضكم بعضًا, إن أكرمكم عند الله أشدكم اتقاءً له. إن الله عليم بالمتقين, خبير بهم.

فالتقوى هي معيار لتحقيق أرقى التعارف بين البشر...و التعارف لا يكون من أجل الاختلاف بل من أجل الوصول إلى الائتلاف، و الائتلاف هذا لا يتحقق إلا بالتقوى...فحين خاطب الله عز و جل أمة الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110
أنتم - يا أمة محمد - خير الأمم وأنفع الناس للناس, تأمرون بالمعروف, وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهون عن المنكر, وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وتصدقون بالله تصديقًا جازمًا يؤيده العمل. ولو آمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به من عند الله كما آمنتم, لكان خيرا لهم في الدنيا والآخرة, منهم المؤمنون المصدقون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم العاملون بها, وهم قليل, وأكثرهم الخارجون عن دين الله وطاعته.[التفسير الميسر].

فهل أمة آخر الأنبياء و المرسلين عليهم جميعا صلوات الله و سلامه هي السنة لوحدها دون الشيعة؟ أم هي الشيعة دون الستة؟

أم هما معا توحدهم كلمة التوحيد...فهلا أدركتم ما فاتكم من اختلاف على شيء ليس لديكم فيه يقين قطعي، بل كل التأويلات هي ظنية ، و اليقين القطعي الدلالة لا يعلمه إلا الله جل و علا… فلا تكونوا كالذين اختلفوا من بعد ا جاءهم العلم…يقول الحق جل و علا: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ }آل عمران19
إن الدين الذي ارتضاه الله لخلقه وأرسل به رسله, ولا يَقْبَل غيره هو الإسلام, وهو الانقياد لله وحده بالطاعة والاستسلام له بالعبودية, واتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى خُتموا بمحمد صلى الله عليه وسلم, الذي لا يقبل الله مِن أحد بعد بعثته دينًا سوى الإسلام الذي أُرسل به. وما وقع الخلاف بين أهل الكتاب من اليهود والنصارى, فتفرقوا شيعًا وأحزابًا إلا من بعد ما قامت الحجة عليهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب; بغيًا وحسدًا طلبًا للدنيا. ومن يجحد آيات الله المنزلة وآياته الدالة على ربوبيته وألوهيته, فإن الله سريع الحساب, وسيجزيهم بما كانوا يعملون.[التفسير الميسر]. فهذه الآية تخاطب اليهود و النصارى و تسميهم بأهل الكتاب، أو ليس المسلمون كذلك بأهل و أصحاب الكتاب؟ ألم يتفرقوا بينهم فرق و طوائف…و لكن هي حرف استدراك…فهل نستدرك ما ضاع…يقول الرسول الكريم " وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - :(لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله)) [رواه البخاري ومسلم].



و الحمد لله قد بدت بشائر العلم تظهر و بدأ العقل و الفكر الإسلامي يستيقظ من غفلته و من غفوته و بدأ الخير يزرع حباته في قلوب و عقول المؤمنين…

أقول قولي و أستغفر الله جل و علا لي و لكم و لجميع المسلمين ...

و للحديث بقية إن شاء الله ذلك