المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صهيلُ الوقتِ ..



أد. مصطفى الشليح
19/11/2008, 10:41 PM
.
.





صهيلُ الوقتِ ..






صهلتْ خيولُ الوقتِ خوفا أولا = منذ التفافِ الغيم حرفا بسملا
صهلتْ بها آياتُها فتدثرتْ = بسؤالها رؤيا .. وسالتْ مسبلا
عطفتْ على كلماتها فتأولتْ = كلماتها .. ما الغيبُ كانَ تأولا
ورفَتْ معاطفها بكلِّ سرابها = وتذكرتْ أنَّ السرابَ تمثلا
.=.
كانتْ تحفُّ بليلةٍ مأسورةٍ = سحرا همى ما البابليُّ تحولا
كانتْ تخفُّ إلى اندلاق حبابها = كالنور رفرفَ .. فالأثيرُ تململا
للشمسُ كأسٌ .. والسَّماءُ دنانُها = والكأسُ شمسٌ .. والفضاءُ تأملا
.=.
كانتْ تشفُّ لتقطفَ الغيمَ الذي = تركَ الحروفَ على المدى وتسللا
كانتْ على وهمٍ يُرتِّلُ صمتَه = وأنا هناك .. فكيفَ قامَ ورتَّلا ؟
كيفَ الفراشةُ أقبلتْ ببيانها = لتطوفَ بي .. وبيانُها ما أقبلا ؟
ألقتْ على الكلماتِ كلَّ كنايةٍ = تعطو إلى معنى رأى فاسترسلا
ورأى على العرباتِ ريحَ غوايةٍ = فهوى ومالَ من الرؤى وتأولا
.=.
ريحٌ .. كأنَّ جماحَها عمُري أنا = تأتي على قدرٍ .. فعمْري للبلى
آتي إليَّ .. لأستقلَّ صباحَها = وجناحُها خرقٌ .. أقلَّ وأرقلا
آتي إليَّ .. لأستميلَ جراحَها = ولأستدلَّ عليَّ .. حتى أرحلا
.=.
هيَ رحلةٌ .. واللانهائيُّ احتمى = باللانهائيِّ الذي ضمَّ الفلا
ضمَّ الطلولَ إلى يدي فأضاعَها = ويدي طلولُ غدي .. ولي أنْ أسألا ..
ولقدْ لممتُ غبارَها فاسَّاقطتْ = لمعٌ شواردُ .. ثمَّ عادتْ قسطلا
لمعٌ تُرتِّبُ لي خرائط ذاتِها = منْ حيثُما وجعٌ .. يُرتِّبُ مدخلا
.=.
وجعٌ .. وللعتباتِ حُرُّ ندائها = يكسو المدى بجعا يُخبِّرُ منزلا
كانتْ بُحيرتُه تحارُ إذا نأى = وتغارُ من رملٍ .. يُصوِِّبُ ما انجلى
كانتْ تجاعيدُ البُحيرةِ موسما = لحكايةٍ .. ما كانَ .. كانَ توغَّلا
أخذَ انصرافَ الماء عنْ آياته = أخذَ اعتكافَ البئر حينَ تأوَّلا
أخذَ اقترافَ الأين منْ لوحاتِه = وحذا التفافَ اللون كيفَ تسللا
أخذَ الموانئَ منْ موانئِها فلا = بحرٌ سوى أصدافه ما أقبلا
أخذَ البُحيرةَ كلها ورمى بها = ذاتا إلى ذاتٍ .. وكانَ تحوَّلا
.=.
نامتْ أساطيرٌ على مرآته = فتجاذبتْها العينُ .. لغوا أولا
فرأى سُرى الأشباح في كاساته = ورأى حَبابَ الضوء أمردَ أعزلا
فكأنه خافَ السُّرى، وكأنه = طافَ الذُّرى سرًّا .. وسَيْرًا أشعلا
وكأنَّ خفا للمتاهةِ .. واقفا = يذرو الوقوفَ على المتاهةِ معزلا
حتى إذا انتبذتْ خطاهُ خطوَها = وتعوَّذتْ بالسُّورتيْن وما تلا
خفقَ الفضاءُ وحلَّقتْ ذَراتُه = ترقى الكلامَ إلى الكلام تبتَّلا
كقصيدةٍ ما قالها شُعراؤها = منذُ امرئ القيس الذي خبرَ البلى
منذُ المُعلقةِ التي أستارُها = أنهارُها .. يشتارُها وجعُ الملا
منذُ المُطوَّقةِ الحمى .. آثارُها = أسفارُها لمْ تبرحَنَّ إلى الفلا
منذُ المُرقرقةِ اللمى .. أقمارُها = شردتْ بليل الحُبِّ دَلَّ وذللا
منذُ التفاتِ البرق يفتقٌ شوقَه = إنْ أجْملَ الذكرى ولوَّحَ فصَّلا
منذُ انتباهِ الغيم يَرتقُ أفقه = ليرقَّ .. بالرؤيا .. إذا ما أسبلا
منذ اكتناهِ النجم ما قالَ الهوى = برسالةٍ مختومةٍ لنْ ترسلا
.=.
والوالهُون التائهُون صَبابةً = جُوديُّها ما كانَ .. إلا أعذلا
لما استوى لغةً تكحَّلَ طرفُها = بالإثمدِ الولهان .. كانَ تكحَّلا
وإذا غوى نظرتْ عيونٌ للسِّوى = وتلعثمتْ قولا أغنَّ وأجملا
وإذا روى خطرتْ شؤونٌ كالجَوى = بإشارةٍ .. هيهاتَ أن تسترسلا
وإذا طوى نثرتْ شجونٌ ما استوى = لغةً على الطرقاتِ حتى تصهلا
.=.
اللهَ .. يا روحي ويا بوحي .. فما = أذنَ النوى لحَمامةٍ أنْ تهدلا
يترجلُ الشعراءُ بين قصيدةٍ = وقصيدةٍ .. يتداولون المنهلا
لكنكَ الآنَ .. امِّحاءٌ للسِّوى = ولكَ القصيدُ .. أكانَ أنْ تترجَّلا ؟
سحبتْ يَمينُكَ مِنْ يَمينِكَ آيةً = فالقِ العصاةَ إذا استبقْتَ لتزجلا
لكَ وحدكَ انفلقتْ بلاميةٍ غوتْ = كلُّ البحور فكيفَ وحدُكَ بسملا ؟
لكَ أنتَ خوفُكَ ثمَّ حتفُكَ .. ما ترى ؟ = أنىَّ طوافُكَ .. وانخطافكَ جلجلا ؟
كيفَ انصرافُكَ عنْ مدائنَ للسُّدى ؟ = فيمَ التحافُكَ خِرقةً قيدَ البلى ؟
لكَ وحدكَ اغتبقتْ قوافيكَ التي .. = والليلُ يغزلُ للقوافي جدولا
.=.
ماءٌ على شفة الغمام فراشةً = رائيةً .. مرئيةً .. لنْ تأفُلا
فأقمْ خيامَكَ في كلامِكَ دهشةً = صهلتْ .. فقمْ يا أنتَ حتى .. تذهلا ..

عمر طرافي البوسعادي
23/11/2008, 11:12 AM
أيهذا الجمال الذي يشع من هذا القصيد الساطع
شاعرنا القدير د مصطفى شليح القصيدة على حد كبير من الروعة والادهاش
دمت بهذا الألق مشكاة مبدعة تنير دروب السائرين .