المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في عشر قصص قصيرة جداً للقاص السوري نضال الشوفي



مسلك ميمون
24/11/2008, 10:22 PM
قراءة في عشر قصص قصيرة جدا للقاص السوري نضال الشوفي




http://www.arabswata.org/forums/imgcache/1702.imgcache
الأستاذ القاص نضال الشوفي



إن القراءة القصصية لعمل واحد منفرد لا تعطي صورة واضحة عن عمل و جهد المبدع . و لكن قراءة مجموعة من الإبداعات تكوّن و تفرز فكرة جيدة عن المبدع و إبداعه . فالقاص نضال الشوفي لفت انتباهي بكثرة انتاجه و تنوعه . و رغبته في أن يكسب عمليته الابداعية رونقها الخاص . و ذلك واضح في قصصه القصيرة و القصيرة جداً . لهذا ارتأيت أن أقرأ له عشر قصص قصيرة . دون أن أعمد إلى معيار في الاختيار فكانت القصص على التوالي : [ همزة وصل ، يقظة ، عاشق ، أنت ملاك ، عش النورس ، الغريب ، ما تبقى ، ارتبك ، مساكنة ، اعتراف بالآخر ]




(1)


همزة وصل
نفذ الرصاص فجأة من البندقية
فوقف الصياد والطريدة وجها لوجه
كلاهما خائف من الآخر

قصة قصيرة جداً . تترجم مدى الإحساس الذي ينتاب القوي و قد فقد مصدر قوته ( الرصاص ) و أصبح كالضعيف ضعيفا . الصياد و الطريدة ، كلاهما أعزل خائف من بطش الآخر . و هكذا يتضح التصور التالي : وجود القوة بجانب طرف ما معناه التفوق و الجرءة و البطش . أما الخوف فلا يكون إلا من نصيب الضعيف . بينما حين تزاح أسباب القوة ، يصبح الخوف يجتاح الجميع . ذاك ما تشير إليه القصة .
إذاً نحن أمام ومضة تأملية . في بضع كلمات ، وظفت توظيفاً فنيا دقيقاً. لتفصح عن همزة وصل تناقضية تضادية contrepoint بين الصياد و الطريدة : القوة / الضعف تستحيل إلى همزة وصل متكافئة بين الطرفين : الخوف/ الخوف
هفوة:
نفذ بالذال المعجمة لا تعني نفد بالدال . و المراد في القصة : الدال .
لأنّ نفذ بمعنى : اخترق الشيء .
أما نفد بمعنى : فرغ ، و انقطع ، و فني .


(2)

[COLOR=#0000FF]يقظــــة

دفن الأحفاد جدهم الطاعن، ومضوا كل إلى شأنه.
وفي ظلمة القبر، فتح العجوز عينين ذاهلتين ، مد يديه نحو سماء واطئة سوداء، فعجزت ذراعاه الواهنتان تحت أحمال التراب، أمعن النظر ما استطاع، فتهللت صورة بكره المرحوم تضيء سقف التابوت، فاستشعر شوقا جارفا للقياه، وأسلم نفسه للانتظار والسكون.

( يقظة ) قصة قصيرة جداً. ليست في مستوى القصة الأولى تتطرق لتيمة غيبية تبدأ بالدفن وتنتهي بالانتظار و السكون داخل القبر . و تتلخص في عبارتي التصدير و الخاتمة : ( دفن الأحفاد جدهم الطاعن، ومضوا كل إلى شأنه. ) ف (أسلم نفسه للانتظار والسكون.) فالقصة بذلك تعتمد السرد récit لا الإحالة و التأويل . و القصة القصيرة جداً حين تعمد إلى السرد كأساس . و تفتقر إلى لغة التلميح و التكثيف تسقط في نسقية الإخبار و المباشرة... لأنّ السرد ميزة كلّ السّرديات . بينما هو في القصة القصيرة جداً يتشكل و يتماهى في لغة خاصة جداً . هي أقرب إلى ( لفلاش باك ) أو لغة السينما في لقطاتها الذكية ، أو في تهويمات لغة الحلم الغرائبية . و هذا ما لا نجده في هذه القصة .


(3)

عاشـــــق

مشيت بصمت قرب امرأة، لا وقع لخطاها، كنت أنبش في رأسي كلمات رقيقة تصلح للاعتذار، وتعيد للوجه الجميل بشاشته،
عندما وجدت ما يقال، استوقفت الغريبة عند منعطف، فوجدت نفسي بعيدا عن البيت وتائها. حينها أدركت كم أنا عاشق

( عاشق ) رغم أنها كفكرة تبدو طريفة . إلا أنها كتبت على عجل . فلم تنقح التنقيح الذي يجعل منها قصة متكاملة و مؤثرة . رغم بعض التلميح و عدم التّصريح بأنّ السّارد ( البطل ) أساء التّصرف مع المرأة ، و أراد أن يصلح الأمر ، فأمضى وقتا يبحث عن كلمات الاعتذار . و ما يدل على ذلك نجده في هذه العبارة : (كلمات رقيقة تصلح للاعتذار، وتعيد للوجه الجميل بشاشته. ) إلا أنّ ما يلفت الانتباه هو النّسق اللّغوي و التّركيبي combinatoire:
1 ـ (كنت أنبش في رأسي كلمات رقيقة تصلح للاعتذار )
و هذا كلام لا يستقيم تركيبا و معنى . فلابد من إضافة مصدر و حرف جر فنقول :
ـ (كنت أنبش في رأسي ( بحثاً عن ) كلمات رقيقة تصلح للاعتذار )
2ـ ( فوجدت نفسي بعيدا عن البيت وتائها. )
عبارة ثقيلة نطقاً و سماعاً . فمع بعض التقديم تصبح كالتالي :
ـ ( فوجدت نفسي تائهاً ، بعيداً عن البيت )

(4)

أنت ملاك
قالت امرأة، تنام في سريره منذ أيام:
ـ أنا أكره الرجال جميعاً، وأولهم زوجي.
فصاح متسائلاً: ـ وأنا؟
أجابت: ـ أنت لست رجلاً، أنت ملاك، ثم توسدت صدر الملاك. ونامت ملء جفنيها .

( أنت ملاك ) قصّة قصيرة جداً . تترجم رغبات النفس و نزواتها . و دعوتها إلى اقتراف المحرم : ( أنا أكره الرجال جميعاً، وأولهم زوجي.) كما توحي بالمعاناة الشخصية التي تبلورت كرهاً عاما ً لكل الرجال . بما في ذلك الزوج ، الذي لربما كان السبب .
و يأتي السؤال الماكر : ( و أنا ؟ ) فتجيب من تنام في سريره منذ أيام : ( أنت لست رجلا ، أنت ملاك .. ) هكذا تجد النزوة الحرام مسوغها . و هي في ذلك تبحث عن البديل. و لا يهم كونه مخالفا للعادات و الأعراف ، و الشرائع و القاوانين .. إنها النزوة العمياء، المترتبة عن ردّ فعل أهوج ... يوهم بالطمأنينة ( توسدت صدر الملاك. ونامت ملء جفنيها .) و لكنها طمأنينة كاذبة مزيفة .
قصّة قصيرة جداً ، معبرة و دالة .... و مع بعض التّعديل في تركيبها تكون مؤثرة أكثر . مثلا :
[ فتساءل بمكر : و أنا .؟
فأجابت : أنت لست رجلا ، أنت ملاك .
ثم توسدت صدره ، و تلاشت في وهم وخيال ...]

(5)

عش النورس
يضيق الشارع النتن على خطاي كلما استكمل ابتلاعي. على حافتيه تحتك ضلوعي فتعريني شيئا فشيئا من ثوبي النظيف، وجلدي الأبيض الناعم، فتكف العيون عن ملاحقتي، والأطفال عن إغرائي بأسعار بخسة ثمن علكة، أو سكاكر من نوع رديء.
عند المنعطف الثالث أو الرابع أحس بالضياع، فيكون دليلي أول شخص يمر بي. أشكره، ثم أقرع بابا يطل منه صديقي الذي أقصده، يستقبلني بذراعين محلقتين تحطان على كتفي وظهري. بعد العناق، أجوب المكان كله بخطى قليلة. ألتفت إلى صديقي قائلا:
ـ بيتك أضيق من زنزانة.
فيجيبني بهدوئه المعتاد:
ـ بيتي سجن فسيح لجميع الكلمات المحرمة ...
الآن قد مضى علينا ساعة أو أكثر. أنا مندهش تماما من جرأتي المفاجئة...
( عش النورس ) كتابة سوريالية . قد تعني شيئا في ذهن القاص . و لكنها لا تحمل شيئا بعينه إلى القاريء . بل لا تسمح بالتأويل الفني . فهي ليست بالقصة القصيرة جدا . إلا إذا حذفنا منها الكثير و استبقينا فقط :
( التفت إلى صديقي قائلا:
ـ بيتك أضيق من زنزانة.
فأجابني بهدوئه المعتاد:
ـ بيتي سجن فسيح لجميع الكلمات المحرمة ...)
لاحظ معي ، بقليل من الكلمات ، و من النّص نفسه انبثقت قصة قصيرة جداً . و لك أن تتيه في عملية التأويل كما تشاء و بخاصة فيما يتعلق ب [ بيتي سجن فسيح لجميع الكلمات المحرمة ]

(6)

الغريب

قريبا من البحر، عاش إعرابي حياة رتيبة هادئة، يصطاد ويزرع من حوله الأرض، هانئا لا يؤرق حاضره شيء. حتى رأى ذات يوم غريبا يرسو عند نهايات الموج، يجوس المكان بثقة كأنما يعرفه منذ أمد، يطيل من حوله التفرس دون أن يسأل عن شيء، ثم يتقدم من شجرة سامقة قرب باب العربي، يستل سكينا ويشرع بنزع اللحاء ، ثم يحفر عميقا على الجذع العريض رموزا وحروفا غريبة الشكل، حين ينتهي، يعيد مديته إلى مكانها، ويعود كما جاء إلى البحر. يتسمر العربي متوجسا من غريب جريء الخطى، جاء فقط ليعود أدراجه مخلفا ذاك الأثر. يتعقبه العربي بنظرات ذاهلة حتى يغيب، ثم يمضي في أعقابه، يمحو نقش أقدامه على الرمل، ويعود إلى الجذع الثخين يتأمل فيه خطوطا مبهمة تأجج في رأسه وساوس الشك. يطيل التأمل فلا يفقه شيئا، فينطلق لداخل بيته ويعود حاملا فأسه، وينهمك بقطع الشجرة، يضرب ويضرب على الجذع الهائل أياما متوالية، وعلى مر الزمن، يصير العربي حطابا، يستنطق فأسه أشجار البستان عن أثر الغريب، حتى تغدو الأرض من حوله خواء، ونهاية الدرب فيها متاهة.

( الغريب ) مشروع قصة قصيرة . و لا يمكن اعتبارها قصة قصيرة جداً . اللّهم إذا خضعت لبعض التّهذيب و التّشذيب . لأنّ فيها الكثير من التفاصيل التي كان من الضّروري الاستغناء عنها . و حبذا لو فعل القاص ذلك . و تجنب السرد المباشر récit direct بل أذهب أبعد من هذا . فألاحظ أنّ القاص في البداية ، لم يكن يعلم شيئا عن الذي يريده من هذه المحاولة . لأنّ الفكرة في النص لا تتضح حتّى النّهاية . بمعنى أنّ كلّ ما جاء قبلها مجرد كلام متهافت ، و وصف من أجل الوصف ، لا علاقة له مباشرة بالفكرة . أي أن اهتمام القاص الكلي ، كان منصبا على التعبير اللّفظي verbale و أرى أنه حين يعشق القاص ألفاظه و يتماهى معها ...يصبح أسلوبه القصصي مسكونا و متخما باللفظية الزائدة verbalisme
و المحاولة من الممكن أن تكون هكذا :
( رأى أعرابي ذات يوم غريبا يرسو عند نهايات الموج . يتقدم من شجرة سامقة قرب بابه ، يستل سكينا و يحفر رموزا .
ثم يعود كما جاء إلى البحر . يطيل الأعرابي التأمل فلا يفقه شيئا، يحمل فأسه، وينهمك في قطع الشجرة . وعلى مر الزمن، يصير الأعرابي حطابا )
لك الآن أن تنظر مساحة التأمل التي أصبحت أمامك . و كثرة الأسئلة التي ستنهال عليك . و مجموع الملاحظات التي قد تثار لديك ..... !!
في غير هذا، استوقفتني بعض الملاحظات:
ـ إذ وجدتك مرة تنعت البطل ب ( الأعرابي ) و مرة ب (العربي ) و شتان بين اللفظتين .
أمّا فيما يتعلق بمعاني حروف الجر :
ـ جاء في النص : ( تقدم من شجرة ) تقدم نحو شجرة
ـ كما جاء أيضا : ( يشرع بنزع اللحاء ) يشرع في نزع اللحاء
ـ كما جاء أيضا : ( فينطلق لداخل بيته ) فينطلق إلى داخل بيته
ـ كما جاء أيضا : ( ينهمك بقطع الشجرة ) ينهمك في قطع الشجرة )
و هذا يدخل قي معاني حروف الجر . ذاك أن لكلّ حرف معنى أو معان كثيرة .

(7)

ما تبقى
عتمة المغيب تفكك البيت أجزاء: ( منضدة، لوحة حائط، ستائر، ضوء مدفئة، بريق كأس من زجاج رقيق، وأريكة فارغة ... ) آخر ما يضج في فضاء المكان، سقط ديوان شعر تملص ببطء منزلقا من بين يديه. آخر ما يحدث خلف الجدران السميكة، انفكاك روح، هامت تحت المطر عن جسد بارد ثقيل، لكنها في حمّى البحث عن مخرج، لم تكسر زجاج النافذة، لم تسلم صفحات الكتاب لعبث الريح.
( ما تبقى ) محاولة منغلقة .
قد تعني أي شيئ ، و قد لا تعني شيئا بالضبط . اللّهم ذاك الذي يرغب القاص في إيصاله دون أن يفلح في ذلك . لأنّ التّعبير الفنّي له ضوابط أهمها أن يكون مقروءاً يساعد على الفهم . أو يكون مقروءاً يساعد على التّأويل . و نحن هنا أمام نص تضطرب قراءته و لا يسمح بفهم أو تأويل . لنتأمل التّعبير التالي :
( آخر ما يضج في فضاء المكان، سقط ديوان شعر تملص ببطء منزلقا من بين يديه. آخر ما يحدث خلف الجدران السميكة، انفكاك روح، هامت تحت المطر عن جسد بارد ثقيل )
كلام في حاجة إلى ربط و نسقية أسلوبية لكي تخرجه من هذا التفكك و اللا معنى ، الذي لا يخدم النّص ، و لا دلالته . لهذا يبقى النّص في حاجة إلى صياغة جديدة ، و تنقيح تام . لتتضح معالمه الفنية .

(8)

ارتباك
لأنه كان يرتعش من البرد كأوراق الشجر، سقط مفتاح البيت من يده فوق التراب المعشب.
لأنه خشي أن يخونه عود الثقاب الأخير لديه، انكسر تحت إصبعه، وانقذفت شعلته إلى وجهة ما.
لأنه يرتعب من الكلاب الضالة المنفلتة في العتمة على هواها، وجد نفسه وحيدا مكورا داخل زنزانة، وقضى الليل خائفا من بزوغ النهار.
( ارتبك ) هذه المحاولة مجرد خاطرة فنية . و أسلوبها بين واضح ( لأنه ..... ) و لا يمكن اعتبارها قصة قصيرة جداً . لانعدام مواصفات القصة .

(9)

مساكنه
حين كانت تساكن قلبه امرأة، كان يستوطن عقله الخوف من الأيام .
وعندما تبدد مدخر العمر بهفوة، ألقى بنفسه في مضطرب الزحام، بحثا عن أول امرأة تتلقف نظراته، وترضى مساكنة فقره بقية العمر.
( مساكنة ) قصة قصيرة جداً و لكنها معبرة و هادفة . جاءت خالية من الحشو . تحمل معنى جليلا ( المساكنة ) ما أحوجنا إليها في زمن بات أقبح ما يميزه ، و يصبغه ، التنافر و التباعد ، و الشّقاق و الفراق ... و قد تكون هذه القصة و قصة ( أنت ملاك ) من أحسن ما قرأت في هذه الباقة من الأقاصيص .




(10)

اعتراف بالآخر

( دينكو ) وأنا، نظل نركض حتى يهدنا التعب، ( دينكو) هذا كلب أبيض ضخم الجثة، لكنه وادع طيب القلب.
نقعي، أنا وهو، فوق إسمنت المسطبة، متراخيا أمد أطرافي، ويمد لسانه الطويل، أمسد فوق ظهره مخاطياً: " أتعبتك المرة يا صديقي " ، أقول كلاما كثيرا فلا يمتعض، ولا يبدو مباليا، لأننا ببساطة متفقان، أن أملأ النهار ثرثرة، فلا يعترض، وأن يملأ الليل نباحاً، فلا أتذمر


(اعتراف بالآخر )ربما العنوان يبدو غير مناسب . لأنّ القصّة لا تحمل اعترافاً . و إ نّما تلمّح إلى روح التّقبل و الاتفاق و لقد جاء في النص : ( لأننا ببساطة متفقان ) و الاتفاق يتضمن خصلة التقبل . أمّا الاعتراف فشيء آخر . لا أظن القصة تقصده .
و لكن الأجمل لو تخلصت المحاولة من نتوءاتها لتصبح هكذا مثلا :
( أنا و كلبي ( دينكو ) ، نظل نركض حتى يهدنا التّعب . أقول كلاما كثيرا فلا يمتعض، ولا يبدو مباليا. أملأ النهار ثرثرة، فلا يعترض. و يملأ الليل نباحاً، فلا أتذمر. لأننا ببساطة متفقان)
لا حظ في قليل من الكلام وصل الخطاب المراد . و ترك القاريء يتأمل في المفارقة العجيبة التي جاءت نتيجة التفاهم و الاتفاق و حسن التقبل .

خلاصــــــــــــــــة :

هذه عشر قصص قصيرة جداً فيها ما استجاب لفن القص . و منها ما هو مجرد خاطرة . و منها ما جاء مضطربا في حاجة إلى عناية و صياغة جديدة . و منها ما هو في حاجة ماسة إلى التهذيب ليكون قصة قصيرة جداً. لأن هذا الفن ـ و كما أسلفنا ـ لا يطيق بلاغة الوصف المسهب . أو التفاصيل الدقيقة ، أو التعابير المكررة ، أو الجمل المفسرة،أو الكلمات الزائدة ....
و أرى ـ من خلال هذه الباقة ـ أن القاص نضال الشوفي . يتمتع بملكة في الحكي ، و قدرة على السّرد ... لربما إذا وظفها في القصّة القصيرة و القصّة و حتى الرواية لكان ذلك أفضل . لأنّ لديه رغبة في الانطلاق بعيداً ، و التعبير أكثر و أكثر ... أقصد أنه يملك نفساً طويلا . لهذا حين يحاول تقليص هذا النّفس في بضعة أسطر ـ حجم القصة القصيرة جداً ـ يكون كمن يريد أن يحشر دجاجة وسط قنينة ، فلا الدجاجة تدخل القنينة و لا القنينة تتسع لها . و مع ذلك يسعدني هذا النشاط المتزايد في الكتابة ، و هذا التنوع الخصب في الابداع القصصي ... الذي نقرؤه بشغف للقاص نضال الشوفي . فقد أبان عن قدرة في التنوع من حيث المواضيع و آليات التعبير فأرجو أن أقرأ له المزيد ...


د مسلك ميمون

شوقي بن حاج
24/11/2008, 10:33 PM
الأستاذ / مسلك ميمون

أبدعت أستاذنا نقديا لقد منحتنا

رؤى وقراءات لغوية وتقنية بالغة

لنصوص المبدع / نضال الشوفي

في انتظار بقية المبدعين وأنا من بينهم

تقبل الورد كله

باسين بلعباس
24/11/2008, 11:36 PM
من طبيعتي أن أقرأ ما يكتب الدكتور مسلك ميمون للتعلم..
وأذهب حيث أجد بصمته..وأقرأ بوعي..
ولما كانت له وقفة مع قصص قصيرة جدا..للقاص نضال الشوفي ..
أحببت كالعادة الاطلاع على هذه الدراسة الجميلة..
فوجدت هذه الرؤى التي يحتاجها كل كاتب ، و(ممارس)لهذا الفن المستجد..
وكم كان محظوظا الأستاذ نضال الشوفي بهذه الالتفاتة الكريمة من هذا القلم المبدع..
نتمنى أن تتوسع الى بقية الكتاب الآخرين ليشملهم الدكتور مسلك ميمون ،
بقراءات وتوجيهات ، الكل في حاجة إليها..
لك الشكر والتقدير

محمد فائق البرغوثي
25/11/2008, 01:38 AM
قراءة واعية ومتأنية تبحث في المكنون للقاص الجميل نضال الشوفي ،

لو أخذنا آخر قصتين للكاتب وهما : همزة وصل ، وإعتراف بالآخر ، لوجدنا نضوجا ملحوظا في تقنية كتابة الـ ق ق ج ، وهذا ما يشير إلى أن الكتابات القديمة السابقة قد أثمرت و آتت أكلها ولم تذهب سدى والدليل هذه القصص الأخيرة ،،



أعتقد أن الطابع المميز لهذه القصص أنها خرجت النمط التقليدي للقصص القصيرة جدا من حيث اعتمادها على المفارقة البحتة المكشوفة في تجاور الأضداد وانعكاس أفعالها،، وأعتقد أن الجانب السردي كان مقبولا نوعا ما ، كان بمثابة متنفس وفسحة أراحتنا من عبء الاختزال والتكثيف ، خاصة وأن القصص في معظمها كانت أشبة بتصوير مشاهد حياتية معبرة تحمل فلسفة وتأمل فيها بوح شفيف وهمسات دافئة ولم تعتمد على المفارقة التي تضطره الى الاختزال الاقتصاد المبرر ...

كما أوافقك الرأي أستاذي على أن الكاتب يتمتع بملكة السرد ويملك نفسا طويلا ،، ربما هذه القصص هي باكورة لرواية في المستقبل القريب البعيد ،،

لا أدري ، القصة السابعة التي تحمل عنوان ( ما تبقى ) ورغم الملاحظات التي عليها من عدم الترابط اللغوي في ايصال الفكرة ، لكنها مع قليل من التركيز بدت واضحة ومفهومة :
( آخر ما يضج في فضاء المكان، سقط ديوان شعر تملص ببطء منزلقا من بين يديه. آخر ما يحدث خلف الجدران السميكة، انفكاك روح، هامت تحت المطر عن جسد بارد ثقيل )

وبعد التعديل:

(آخر ما يضج في فضاء المكان سقوط ديوان شعر تملص ببطئ منزلقا من بين يدية )، هذه العبارة واضحة ، لكن ْ كان هناك خطأ طباعي في كلمة سقط ، والصحيح سقوط ،
( آخر ما يحدث خلف الجدران السميكة ، انفكاك روح ٍ عن جسد ثقيل بارد ، هائمة تحت المطر ) ، أظن أن العبارة بهذا التعديل البسيط قد أصبحت واضحة ، أخـّر الكاتب عبارة ( عن جسد ثقيل ) الذي انفك عن روحه فبدت هذه العبارة وكأنها دخيلة لا صلة لها بالمعنى ، والسطر الأخير من القصة يطرح الفكرة بشكل جلي لا داعي لتوضيحه .

الاختصار الذي أجرتيه على قصة ( الاعتراف بالآخر) أوصل الفكرة بايجاز لكنه أفقدها سحرها المتمثل في سردها الشفيف ولغتا الهامسة .. وما تضفيه بعض التفاصيل من اكتمال الفكرة وتعميقها .



أستاذي الفاضل أثمن جهدك وتعبك على هذه القراءة الواعية ،، واشكرك عليها


مودتي ،،

نضال الشوفي
27/11/2008, 07:51 PM
الأستاذ الكريم مسلك ميمون
أنا سعيد بالتعرف عليك
إن القصص القصيرة جدا، التي نشرتها في موقع واتا، هي باكورة كتاباتي في هذا المجال. لذلك أشكر موقع واتا الذي أعطاني فسحة لاختبار الذات والتجريب، وأشكرك أنت جزيل الشكر على هذه الملحوظات القيمة، التي كنت أنتظر أن أحظى بها، قبل أن أبتعد في العوم، فالثناء الدائم، أو المجاني لشخص ما يجعله برأيي يراوح في مكانه، إن لم يضر به.
أنا بطبيعتي صريح ، وأحب الصراحة البناءة، خاصة إذا جاءت على لسان شخص مثلك، يتمتع بالمهنية، والمصداقية، والموضوعية في تقديم النصح، لذلك أرجو التوضيح إن كانت كلماتك الأخيرة هي دعوة لي، كي أترك الكتابة في القصة القصيرة جدا إلى مجال آخر، أم ماذا؟
وبالنسبة للأخطاء اللغوية أقول: إن كل ما كتبته قمت مسبقا بعرضه على صديق لي، من خريجي جامعة دمشق، قسم اللغة العربية، وهذه هي النتيجة. فما العمل؟ ... الاحتلال الإسرائيلي لا يعنيه أن يعلمنا لغتنا، ودمشق عاصمة الثقافة العربية تعلمنا ما تعلمناه.
أنا شخصيا أختزن ما أعرفه من قراءاتي، من موسيقى اللغة التي ترن في رأسي، جربت التعلم ،لكني على ما يبدو فشلت، لأن بعض الأشياء لا يتعلمها الإنسان بمفرده، خاصة إذا لم يكن يبدي لها الكثير من الميل.
أستاذ مسلك ميمون
لك جزيل الشكر
دمت

مسلك ميمون
25/12/2008, 11:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
نضال الشوفي السلام عليك .
سرني ردك الموضوعي ، و سرتني كثيرا صراحتك . و لقد كنت موضوعيا ـ حقاً ـ مع نفسك . و هذا يبشر بكل خير . لأن المبدع حين يقبل على النقد الذي يخص إبداعه ، بدون عقد أو خلفيات ... يكون يسعى فعلا نحو الإبداع الحقيقي .

أّما ما قلته في النهاية أأكده مرة أخرى :إنك تملك قدرة على السّرد بإسهاب . و هذا مجال القصة و الرواية . و لو حاولت في هذا المجال فإنك ستعطي ـ إن شاء الله ـ العطاء الأوفى . و هذا لا يعني ألا تكتب القصة القصيرة جداً، هذا الفن الصّعب . و لكن أن تعتمد الكتابة التلغرافية الفنية . كما فعلت في قصتي ( أنت ملاك ) و مساكنة ) و بالتوفيق إن شاء الله .

د مسلك ميمون