المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حدوتة جدتي سحر



معتصم الحارث الضوّي
20/12/2006, 01:41 AM
حدوتة جدتي سحر

أتعتقدين يا جدتي بأن الفول هو السبب في تخلف شعوب وادي النيل ؟ و هل للطعمية دور في ضياع الضفة ؟ و ما هي علاقة الشطة بالتخلف ؟ و ما ارتباط الكشري بداء النوم ؟ و المكدوس بالمصران العصبي ؟ و المقلوبة مع معركة الكرامة ؟ و هل الكبة هي المحرك الرئيسي لمذبحة صبرا و شاتيلا ؟ و هل سببت الباجة عاصفة الصحراء و إذا شئت أم المعارك ؟ و كيف كان الكسكسي السبب في مشكلة الصحراء المغربية ؟
كان رأي جدتي سحر أن هذه الأسئلة الطلسمية تنبع من الخزعبلات التي ملأ بها أصدقائي من المثقافتية رأسي . و النتيجة أنني أزداد سخفاً و ثقل دم منذ ميلادي ، تلك النائبة التي حدثت في ليلة منحوسة نام ديكها .. و صام خفاشها .. و سكت ضفدعها .. ترقباً لكارثة وشيكة .
لقد كان ميلادي بالفعل خير فاتحة على العرب حيث أعقبته بيومين النكسة !! ... كان أبي أكثر الناس حيرة في ذلك الوقت .. لا يدري أيفرح لطفله البكر .. أم يحزن لضياع القدس !!
سرحت جدتي بعيداً و زمّت شفتيها النافرتين أصلاً ، بالمناسبة كانت أرى جدتي ربة الحسن و الجمال في صغري . و مّدت بوزها أقربُ الى الدقة في وصف فمها الذي يجمع بين رقة شفتي الغوريلا و صف أسنان التمساح !!!
و لعملية المد البوزي طقوس و لوازم ، حيث تبدأ العملية البشعة بأن تحني جدتي رأسها الى الخلف ، و من ثم تدفع برقبتها إلى الأمام في حركة أشبه بنهوض الجمل من مبركه و تمد بوزها البراطيشي اللامتناهي في تكشيرة تحمل كل القرف و الاشمئزاز و أعراض الغثيان التي قد يحملها عمدة قرية أضطر إلى العمل كعامل مجاري بعد العز و الخدم و الحشم !!
كان سبب ضيق جدتي واضحاً إذ أنني قطعت عليها قيلولتها التي تقتنصها بعد أن تسرف على نفسها في وجبة إفطار انتحارية هيراكيرية . و لها في شرب الشاي عقب ذلك كيفٌ و مزاجٌ عجيبان حيث ترتشف رشفات هوفرية مستعينة بمشافرها الأخطبوطية . كانت هذه الرشفات المستهجنة أول قطرة في غيث العداء الأيدلوجي الأزلي بينها وبين أمي التي كانت نسمة رقيقة و لكأنها أوروبية سقطت بالباراشوت خطأ في قريتنا القريبة من المدينة عدة كيلومترات النائية عن الحضـارة بضعة قرون . ثم يحلو لجدتي سحر النوم الخنشوري الصرصوري الذي تزأر فيه ، أقصد تشخر فيه كثور مذبوح في ليلة مولد أحد أقطاب الصوفية .
استيقظت جدتي بصعوبة و بعد أن أبصرت سحنتي الكالحة لعنت أبي و جدي و سنسفيل اليوم الذي ُخلق فيه بقية أهلي .... ثم همست في صوت فحيحي مسموم :
عايز ايه يا بن الكلب ؟
سؤال لطالما داعب أسماعي .. و شنّف آذاني .. بموسيقى رومانسية حالمة .
لم تمنعني تلك المعالم الوحشية و الاستقبال الهصور من إعادة سؤالي عليها ، فنظرت إليّ جدتي سحر طويلاً كما ينظر عالم الحشرات إلى خنفس يرفض التعاون لإجراء التجربة . ثم قالت في صوت ممطوط مهدود : ألهذا أيقظتني ؟
ثم صاحت في حدة معهودة : بس يا ولد يا كلب .. ملعون أبوك على أبو الكسكسي على أم المعارك .. مصحيني من النوم عشان الكلام الفارغ ده !
و لكنها اعتدلت فجأة في قعدتها فأصبحت كزكيبة شعير سقطت من لوري ترحيل . و لمعت عيناها .. الشيء الجميل الوحيد الذي لم يذبل في جدتي هو عيناها اللامعتان دوماً بذكاء فطري و ألمعية أصيلة .. و بدأت حديثها :
بدء الكلام بالصلاة على النبي الهمام و صحبه الكرام . يحكى أنه في قديم الزمان و سالف العصر و الأوان و قبل أن يعرف الناس السوتيه و الستيك و السكلوبانيه .. كان العرب يأكلون حشاش الأرض و ورق الشجر و يصنعون العصيد بمزيج من الدقيق غير المنخول المخلوط من زيتٍ نافد بخبزِ شعيرٍ كأنه الطوب الآجر .. و غاية أماني أحدهم أن يموت كصاحبنا الذي أكل حملاً مشوياً سميناً .. و شرب ماء بارداً كثيراً .. و استلقى في الشمس .. فمات شبعان ملئان دفآن ! ثم فتح العرب البلاد و خالطوا أصنافاً و أشكالاً من العباد فأكلوا الفالوذج و اللوزينج بماء الورد و الريحان .. و من فقر مدقع صاروا الى جواري و أموال .. ثم تغير الناس بموت الضمير و البال .. فتحولت القصور إلى أطلال .. و الحضارة إلى بصارة .. وصار السادة مخصيين وديعين .. و الشريفات جواري محظيات في الحرملك .. و أصبح الملوك هم سلالة المملوك .. فرفعوا السافل .. و زينوا الذابل .. و قسموا الموت .. و سرقوا القوت .. فشارك الناسُ البغالَ الفول .. و تحولوا من بني آدم إلى عجول .

ليس للحدوتة بقية .. فقد رفعت جدتي سحر عقيرتها بالبكاء لانقطاع التيار الكهربائي و رفضت إكمال الحدوتة .. فالمعذرة

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
22/12/2006, 08:46 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضل معتصم الحارث
قلما يقف القارىء امام ادب يعلم بداية انه ساخر لكن يجده مليئا بالغمز واللمز انا لااتكلم الا عن الادب في الوقت الحاضر ..الذى لابد ان ينقلب من الادب الساخر الى ادب المساخر
ان ما كتبت ادب رفيع وان كان فيه بعض اللسعات هنا او هناك ..فهذا واقعنا
واسمحلى ان اخاطب جدتك الكريمة:
ان كان اعتراضك ياجدة ان البشر في عصرنا صاروا عجول لانهم شاركوا البغال اكل الفول
ما رايك بموضوع الحمير .....منذ القدم ونحن نسمع ان الشعير طعام الحمير لكنها بعد ومجبة الشعير تشرب الماء..اما على ايدي البشر فنحن نجد انهم عصروا الشعير وشربوه..يعنى ياجدة خلاصة طعام الحمير ركزوه وخمروه وشربوه..وهم في السطلان اخرجوا فرمان حللوه
تحية

عبلة محمد زقزوق
22/12/2006, 09:30 AM
تحية موقرة لكل جداتنا اخي القاص الساخر / معتصم الحارث
وبعد
لقد كان لقلمك الساخر اللاذع نصيب من لدع الجدة بقارظ اللفظ والتشبيه وهذا ما اعتبه عليك اخي الكريم
أما مافي مجتمعنا من سقطات فجاءت في صورة ساخرة ممتعة وكما قال أخينا الفاضل / د- صلاح الدين لجدتنا سحر الموقورة الفاضلة لقد أصبح الشعير والذي هو غذاء الحمير مشروبنا الشافي والعافي فقمنا بتركيزه وتخميره وشربه..وها نحن في السطلان فاخرجنا فرمان حللناه .
تقديري لمدادكم وفكركم ولجميع جداتنا ...
تحياتي

معتصم الحارث الضوّي
24/12/2006, 12:25 AM
الدكتور صلاح الدين و الأستاذة عبلة المحترمين
شكرا جزيلا للتعقيب .. و لكن أسمحا لي بمخالفة رأيكما بعض الشيء .. تتضمن القصة إشارات قد يتم تفسيرها بأنها تنقص من شأن الجدات .. و لكن الجدة المذكورة هي تأطير لانطباعات شخصية عن صور نمطية نجدها فعليا في مجتمعاتنا العربية .. أعني بذلك الجدة التي طال عمرها و أصبح الجميع يفر رعبا من لسانها السليط .. ذلك اللسان المتميز بالإفراط في استخدام الأساليب الجارحة .. أو حتى النابية من حين لآخر .. و المعضلة هي أن المجتمع يتقبل تصرفات كبار السن و يحيطها بهالة من القدسية الكاذبة .. أما إذا صدرت تلك الكلمات / الأفعال عن شاب أو شابة .. فإن الجميع يرعد و يزبد و يثور .. مهددا بالويل و الثبور و عظائم الأمور ..

فائق تحياتي و تقديري

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
24/12/2006, 11:01 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضل معتصم الحارث
من هذا المنطلق خاطبت الجدة
لقد فهمت قصدك ووعيت حديث الجدة
ونحن لا نغضب من لذع الكبار الذين ارى فيهم فهما عميقا لكل مايجرى بلا انفعال غير مبرر
ان حديث الجدةعميق
تحية

Eman
24/12/2006, 11:20 PM
قصة جميلة عن جدة عجيبة.. تحياتي للجدة

NAJJAR
19/06/2007, 12:41 PM
أموت واعرف مين هييا جدتك دى علشان أمارس هواية الفتنة ولو مرة. ويا ويلك م اللى هايحصل لك يا صمصم.
بس عندى على الجملة
وصار السادة مخصيين وديعين .. و الشريفات جواري محظيات في الحرملك .. و أصبح الملوك هم سلالة المملوك .. فرفعوا السافل .. و زينوا الذابل .. و قسموا الموت .. و سرقوا القوت .. فشارك الناسُ البغالَ الفول .. و تحولوا من بني آدم إلى عجول .
ملحـــــــــــــــــــــــــــــوظة صغيرة
وهى أن الملوك بتوع اليومين دول مش سلالة ملوك
يا ريت
ولكن ولاد ...
واللا بلاش نشيل ذنوب
كفاية الذنوب اللى انت شيلتها وانت بتتكلم عن الجدة
آه اللى يدينى الإيميل تبعها
صحيح
هييا برده عندها إيميل؟
Nothing in person

NAJJAR
19/06/2007, 12:44 PM
وكل ده واسمها ســـــــــــــــــــــــــــــــــحـــر ؟
يا مفترى
امال لو كان اسمها تفيدة كنت عملت ايه ؟
انا جدتى اسمها محضية (الحمد لله انها بالضاد).

إيمان عبد العظيم
19/06/2007, 01:17 PM
الأخ معتصم ، أضحك الله سنّك و أدام نعمة الصحة و العافية

على الجدة الشابة سحر ، صحيح الناس الكبيرة لما بتتكلم نصف

الكلام عايز مقص الرقيب و النصف التاني من العيار الثقيل !!

لقد كان ميلادي بالفعل خير فاتحة على العرب حيث أعقبته بيومين النكسة !! ... كان أبي أكثر الناس حيرة في ذلك الوقت .. لا يدري أيفرح لطفله البكر .. أم يحزن لضياع القدس !!

من فضلك أنا زيّك أتولدت في أخر 66 يعني قبل 7 شهور من النكسة !!

أيه ذنبنا في ضياع القدس أو سيناء !!!

غير أننا جينا الدنيا في وقت مش و لابـُد!!

سمير الشناوي
19/06/2007, 01:55 PM
جدتك سحر -- !!!!
دي بتفكرني بصعيدي اسمه " تامر" ودلعه"سمسم"---
اديبنا الساخر صاحب الاسماء " الكلاسي" -- فاكر احمد نجم والشيخ امام "خلينا نموت باللحمة و عيشوا نتوا بالفول"

اوجعتنا واضحكتنا
مع خالص تقديري
سمير الشناوي

معتصم الحارث الضوّي
19/06/2007, 03:50 PM
الأخت الكريمة إيمان
نقلت تحياتك إلى الجدة عبر الزاجلتروني .

تقديري لمرورك الكريم

معتصم الحارث الضوّي
19/06/2007, 03:52 PM
أستاذي الفاضل النجار
إليك يا سيدي البريد الإلكتروني الخاصة بجدتي : فول و طعمية @ قرف . كوم

بالمناسبة ، سحر هو اسمها الحركي ، أما اسمها الحقيقي فهو " حالمة بعالم سعيد " .
أشرقت كلماتي بمرورك الكريم

معتصم الحارث الضوّي
19/06/2007, 03:57 PM
الأخت الفاضلة إيمان عبد العظيم
حباك الله بالصحة و العافية و راحة البال يا سيدتي . أتعملين ما مشكلة جدتي ؟ منذ صغرها و هي " تتعاطى " حبوب الصراحة . بالمناسبة يمكن الحصول على أي كميات من هذه الحبوب من دكّان أرض النفاق بشارع يوسف السباعي .
لقد جئنا في الزمن الصحيح ، و على الطرف المعتدي أن يخرج من زماننا ليصفى لنا .

ُدمتِ مبدعة

معتصم الحارث الضوّي
19/06/2007, 04:00 PM
أخي الغالي سمير
شرّفت يا سمير باشا
يا بتاع الترجمة غيت
عملوا لك قيمة و سيما
سلاطين واتا و البيت

أذهب الله عنك الأوجاع ، و أدام عليك نعمة راحة البال يا قادر يا كريم

تقديري و مودتي

الدكتور ياسر منجي
13/08/2007, 10:01 AM
حدوتة جدتي سحر

تلك النائبة التي حدثت في ليلة منحوسة نام ديكها .. و صام خفاشها .. و سكت ضفدعها .. ترقباً لكارثة وشيكة .

و لعملية المد البوزي طقوس و لوازم ، حيث تبدأ العملية البشعة بأن تحني جدتي رأسها الى الخلف ، و من ثم تدفع برقبتها إلى الأمام في حركة أشبه بنهوض الجمل من مبركه و تمد بوزها البراطيشي اللامتناهي في تكشيرة تحمل كل القرف و الاشمئزاز و أعراض الغثيان التي قد يحملها عمدة قرية أضطر إلى العمل كعامل مجاري بعد العز و الخدم و الحشم !!

ثم يحلو لجدتي سحر النوم الخنشوري الصرصوري الذي تزأر فيه ، أقصد تشخر فيه كثور مذبوح في ليلة مولد أحد أقطاب الصوفية .

فنظرت إليّ جدتي سحر طويلاً كما ينظر عالم الحشرات إلى خنفس يرفض التعاون لإجراء التجربة . ثم قالت في صوت ممطوط مهدود : ألهذا أيقظتني ؟

و لكنها اعتدلت فجأة في قعدتها فأصبحت كزكيبة شعير سقطت من لوري ترحيل .
أخي المبدع المتجدد، الأستاذ/ معتصم الحارث الضوي
حقيقة تنجح دوما نجاحا كاسحا في مباغتتنا بما لم نكن نتوقعه منك من أفانين القول و ضروب الفن اللغوي؛ فها أنت ذا تنجلي و تتجلى قاصا من العيارالثقيل، و لا أخالني مبالغا إن قلت أن هذه القصة الرائعة تعلو إلى مصاف الفرائد الخليقة بالتداول كنماذج قياسية لفن القصة السياسية الرمزية المتشحة بطابع السخرية و المبالغة.
و كنت قد سمحت لنفسي أن أجتزئ بعض الصور التي دبجها يراعك الأصيل كما يظهر في الاقتباس عاليه؛ و ذلك لأنني أرى - من وجهة نظري - أنها من أبدع ما قرأت من صور و تشبيهات قصصية جمعت فيها أشتاتا من متناقضات كنا نحسب أنها لا تأتلف سويا فإذا بها تتضفر لتصوغ معاني و قوالب تضرب في صميم كبد المعنى.
نتمنى عليك أن تتحفنا دوما بالمزيد.
خالص احترامي

معتصم الحارث الضوّي
19/08/2007, 02:34 PM
أخي المفضال د. ياسر منجي
أتشرفُ يا سيدي الكريم بمرورك على سطوري هذه ، و أشكرُ غوصك إلى أعماقها محللاً لبنية النص و تراكيبه اللغوية ، و أغبطُ نفسي بمدحك للأساليب الفنية المستخدمة .

دام ألقك المتوهّج أيها المعطاء