المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : باحث إسباني : "زفرة العربي الأخيرة" مجرد كذبة و أسطورة لتلميع صورة.



هشام زليم
27/11/2008, 12:29 AM
بسم الله الرحمان الرحيم. و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.



انتشرت في الكتب المهتمة بتاريخ الأندلس قصة (زفرة العربي الأخيرة) و التي تزعم أن ملك غرناطة المسلم أبو عبد الله (رحمه الله) لمّا سلّم مفاتيح آخر دولة إسلامية للملكين الكاثوليكيين سنة 1492م ثمّ همّ مغادرا تلك المدينة رفقة عائلته و حاشيته , صعد ربوة تطلّ على غرناطة و حمرائها ثم زفر زفرة ألم و تحسّر على ضياع ملكه و انقراض دولة الإسلام بالأندلس على يديه. و حسب نفس القصة فإن أمّه لمّا رأته في هذه الحالة خاطبته بكلمات قاسية و قالت تلك الجملة الشهيرة التي انتشرت انتشارا واسعا و أصبحت ملاصقة لصورة أبي عبد الله في الأذهان: ( ابك كالنساء ملكا لم تدافع عنه كالرجال).



لكن ما صحّة هذه القصة المنسوبة لأبي عبد الله (رحمه الله)؟ و ما الظروف التي شابت انتقال أبي عبد الله إلى المغرب؟ و ما هي المعاملة التي تلقّاها هناك؟ و متى توفي؟ و أين؟ و كيف؟ و ما هي الأكاذيب التي لفقها المؤرخون الأسبان لتشويه سيرة أبي عبد الله (رحمه الله)؟ هذا ما أجاب عنه الباحث الإسباني ليوناردو بيلينا Leonardo Villena في حوار أجراه معه رفائيل بيلتشيز Rafael Vilchez في مقال بعنوان (كذبة لتلميع الصورة) (Un bulo para poder lucirse) على موقع Ideal.es.

و أدناه تعريبي لهذا المقال من الإسبانية.








المقال :





(قدّم ليوناردو بيلينا Leonardo Villena مؤخرا كتابه (الزفرة الأخيرة للملك أبي عبد الله) El ultimo suspiro del rey Boabdil . يتألف الكتاب من 190 صفحة, و تمّ طبعه بلوكرين Lecrin بمطبعة دوكلينيا Duclinea. في هذا الكتاب يؤكد المؤلف على أن (زفرة أبي عبد الله الأخيرة) ليست سوى اختراع من طرف الأسقف أنطونيو كيفارا Antonio Guevara للحصول على مصداقية لدى الإمبراطور شارل الخامس.



الأستاذ و الكاتب ليوناردو بيلينا بيّن أن سيرة أبي عبد الله و جزءا من عائلته أغلبها مملوء بالتحريفات المتعمدة. فليس هناك شك في أن فاطمة هي زوجة أبي الحسن (1) و أنهما كانا أبوين, لكن ليس أكثر. و هكذا فقصة (زفرة العربي الأخيرة) خاطئة لأن أبا عبدالله لم يمر عبر الطريق القديم بين غرناطة و متريل (و هو الذي نسبت إليه القصة). فحسب الكاتب: ( أبو عبد الله توقّف مرّة واحدة لمشاهدة غرناطة من بعض المرتفعات الجبلية للبدول Pedul من باب المنار, لأنه من هنا أخذ يتفكر في طريق البشرات Alpujjara).



و أبرز بيلينا أن أباعبدالله لم يبكي عندما غادر غرناطة و لم تقل له أمّه : (ابك كالمرأة ملكا لم تعرف الدفاع عنه كالرجل). هذا كله اختراع و أكذوبة للمؤرخ أنطونيو دي غيفارا, أسقف قادش و موندونييدو Mondonedo, و ذلك في صيف 1526, حيث أراد تلميع صورته في أعين الإمبراطور شارل الخامس الذي كان في غرناطة لقضاء عطلة شهر العسل بعد زواجه من إزابيلا البرتغالية).



و حسب بيلينا : (هناك مؤرّخ آخر كلفوينتي القنطرة Lafuente Alcantara سقط في أخطاء عندما أكّد أن وفاة أبوعبد الله كانت سنة 1513م في معركة واد العبيد Guadal Hewit أو معركة واد الأسود سنة 1536م. وقد أعطى هذا و غيره من المؤرخين أرقاما تقديرية للقوات التي شاركت مع كل طرف من المتحاربين. إحدى هذه المعارك حدثت في منطقة قريبة من إقليمي هسكورة و تادلة (2) , حيث يندمج واد العبيد بواد أم الربيع , و قد بيّن التاريخ أنه لم يمت في هذه المعركة, لأنه لو اعتمدنا على روايات تاريخية محترمة كروايات المسلمين فإن أبا عبد الله مات بمنزله و حوله أبناءه سنة م1533 عن عمر يناهز السبعين سنة).



تناقض





و أكّد بيلينا كذلك أن : ( نفسه لافوينتي القنطرة , بإتباعه للمؤرخ توريس Torresصاحب كتاب (تاريخ الشرفاء), أكّد أن سلطان فاس خلال هذه الفترة لازال من بني مرين, بينما الحقيقة أن الوطاسيين أزاحوا المرينيين من السلطنة سنة 1472م. بالإضافة إلى ذلك, عدم صحة ما قاله المؤرخ لويس دي مارمول كارباخال Luis de marmol carvajal في كتابه المسمى (تاريخ الثورة و عقاب المورسكيين) الذي اعتبر فيه أن سلطان فاس اعتقل أبو عبد الله فأعماه و كبّله بالأغلال حتى يسرق ثروته ,ثم تركه يتسول في الشوارع).



و ختم ليوناردو بيلينا قائلا : ( و أقول أن هذا غير صحيح – مؤكّدا – لأنه في معركة واد الأسود , سنة 1536م , غلب الإخوة الشرفاء الوطاسيين. لكنهم لم يحتلوا المدينة الإمبراطورية فاس إلا سنة 1554م , و واضح أنه خلال هذا التاريخ كان أبوعبد الله مدفونا بجانب والدته).





تمّ التعريب و لله الحمد.





الهوامش





(1)اختلف المؤرخون الأسبان في اسم أم أبي عبد الله هل عائشة أم فاطمة. و الكاتب يعتبر اسم والدة أبي عبد الله فاطمة.

(2)مناطق بالمغرب.





مصدر المقال بالأسبانية:

http://www.ideal.es/granada/prensa/2..._20070302.html



عرّبه و كتبه أبوتاشفين هشام بن محمد المغربي غفر الله له و لوالديه و لجميع المسلمين و المسلمات.

عبدالقادربوميدونة
27/11/2008, 01:41 AM
شكرا للأستاذ هشام أبوتاشفين على إيراده هذه المعلومات الهامة بالنسبة للمؤرخين والباحثين في شؤون التاريخ .. وكذا على جهده المبذول في ترجمة الحوار إلى اللغة العربية .. لكن المسألة ليست في البحث عن الحقيقة في كون أبي عبدالله رحمه الله زفرزفرة أخيرة وتحسروأنبته أمه أم لم تؤنبه .. تلك الأمورالتي لا قيمة لها لدى العرب والمسلمين في الوقت الحالي - رأيي الخاص- ..تلك تهم من يستطيع الاعتباروأخذ الدرس تحسبا لإعادة الكرة ..فهم الذين ينبغي أن يبحثوا عن كل صغيرة وكبيرة للإطلاع على أسباب نصرهم الناتج أصلا عن أسباب ضعف المسلمين جميعا آنذاك ..أما من انهزم فإني أرى أن العكس هوالصحيح لا ينبغي اليوم نبحث عن أسباب الهزيمة بل ينبغي البحث عن أسباب النصرالأول الذي دخل به المسلمون الأندلس .. فتاريخ العرب والمسلمين كله تقريبا هزائم متلاحقة فهل استفدنا من عبره ونكساته ؟ ذلك الأمريهمهم هم أما نحن فما يهمنا بالدرجة الأولى هو كيفية استعادة الحقوق غيرالمعترف بها - مادية ومعنوية- التي نتجت عن عدم تطبيق بنود معاهدات ضاع على إثرها شعب بكامله وتشتت وتفرق عبرالمعمورة في عملية تصفية جسدية لم يشهد التاريخ مثيلا لها على أساس ديني .. كيف يمكن ترجمة تلك المعاهدة ونشرها عبرالعالم للضغط على المسؤولين الإسبان الحاليين للسماح للمهجرين بالعودة إلى أراضيهم وضيعاتهم وأحوازهم وأملاكم.. منهم العرب والإسبان المسلمين والبربروالزنوج.. عبدالله زفر أم لم يزفر.. لا يهم.. ها نحن اليوم نزفرليل نهار من المحيط إلى الخليج..ما زالت حملتهم مستمرة في أكثر من بقعة وبلد عربي .. فكيف ندعهم يلهوننا عن زفرات عدم تطبيق بنود المعاهدة ؟ وشكرا لك .

عائشة خرموش
27/11/2008, 01:57 PM
الاخ :هشام ابو تاشفين.
شكرا على المعلومة التاريخية-فانا احب التاريخ كثيرا-
لكن ما لفت انتباهي في هذا كله,هو اهتمام الغرب بالتاريخ و لو لم يكن تاريخهم الخاص.
اما نحن و التاريخ فخطان متوازيان ,لا يلتقيان....
وهذا ما نلمسه في الانسان العربي الذي لو سالته عن تاريخ بلاده لارتبك!!!
في المقابل نجد اسرائيل ذات التاريخ المشوه تهتم بالتاريخ اهتماما لو وزع على الامة الاسلامية و العربية لكفتها!!
***و في الاخير اشكرك كثيرا على تذكيرنا بتاريخ اجدادنا ,الذين ولو هزموا في نهاية المطاف ,الا انهم يوما ما كانوا قادة للعالم!!!!وليس مثلنا نحن اليوم??!!!.
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

جمال الأحمر
01/12/2008, 01:01 AM
أخي الأستاذ الفاضل، والمترجم البارع؛ أبو تاشفين هشام بن محمد المغربي
السلام عليكم

1- أشكر لكم مجهودكم هذا الطيب في ترجمة ما ينفع أمتنا من الأسبانية إلى العربية...

2- وأشكرك أيضا على اهتمامك المتواصل بالموضوعات الأندلسية، التي تتفضل بترجمتها، واعيا بقيمتها، مع حذرك الدائم في اختيار كلماتها...وهذه ميزة أكاديمية نادرة...

3- وأود أن أعقب شيئا على كلام المؤرخ الذي أفدتنا بآرائه؛ إن أدلته معدومة فضلا عن أن تكون قاطعة...مع أن الرأي المخالف له لا يمك أدلة قاطعة أيضا...

4- لقد تحول موضوع أبي عبد الله 12 (رحمه الله) إلى أسطورة، عبر الزمان...والكتابات التاريخية التي تحدثت عنه، تضاربت تضاربا كبيرا، إلى حد التناقض المطلق، ليس بين الأسبان والمسلمين وحدهم، بل بين الأسبان من جهة، وبين المسلمين من جهة أخرى...ولو اتبعنا معها منهج علماء الحديث لصنفنا معظمها في دائرة التواريخ الموضوعة (المكذوبة)....

5- لقد تفضلت بفضح الأعمال الهمجية الكاثوليكية التي طمست كثيرا من معالم الأندلس...

6- وإن الذين طمسوا هذه المعالم هم أنفسهم الذين كتبوا تاريخا كاذبا عن الأندلس...وقد تفضلت ببيان ذلك في بعض كتاباتك السابقة، حتى يعلم القارئ الكريم...

7- وقد زادت الهيئات والوكالات السياحية الأسبانية، والمرشدون السياحيون كثيرا من الأكاذيب إلى أكاذيب الكاثوليك، حتى يأكلوا أموال السياح باسم الحضارة الإسلامية دون أن يستفيد المسلمون شيئا من معلومات نافعة لقضية العودة...

8- والغريب هو أن كثيرا من الوكالات السياحية العربية صارت تنقل هذه الأكاذيب، وتشوه صورة الأندلس، وتقطع علينا طريق العودة...

9- ومن العجائب التي رأيتها مؤخرا، أن أحد المنتديات العربية في الشابكة، فتح صفحة لتجميع مقال عن حياة أبي عبد الله 12 ابن الأحمر، على طريقة حاطب الليل، ثم بدأ أصحابه في سب أبي عبد الله، بل منهم من شتمه بأقذع الشتائم،، ومنهم من لعنه عدة مرات، حتى كادت الصفحة أن تتحول إلى صفحة متخصصة في لعن أبي عبد الله الأصغر...ونسوا أن للعن ضوابط...ونسوا أن الاتهام الناس يحتاج إلى أدلة علمية كافية...وقد يتحول الملعون في التواريخ إلى بطل تترحم عليه الأمة...وأن حقيقة الحال لا يعلمها إلا الله، فالمؤرخون لا يعلمون الغيب...وأن أبا عبد الله 12، إن ثبتت عليه هذه التهم، فسيكون قد آذى أولاً جده الصحابي الجليل سعد بن عبادة سيد الخزرج، وآذى أهله من بني الأحمر الأطهار، وآذى قومه من الخزرج، وآذى ذرية الأنصار، قبل أن يؤذي بقية المسلمين...وعلينا أن نسأل بعد ذلك: هل يتحمل أبو عبد الله وحده هذه الجريمة إن ثبتت...؟!

10- كتب المسلمون والعرب طيلة 5 قرون كاملة عن تاريخ الأندلس، فلم يزيدوا في حال الأندلسيين سوى الشماتة...فهل من كتابة إيجابية مغايرة؟؟؟!!!

11- إني أدعو جمعيات المؤرخين، وجامعات العرب، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الدول الإسلامية، ورابطة العالم الإسلامي، إلى عقد مؤتمرات علمية بشأن أبي عبد الله 12. إن وراء هذا الرجل كل أسرار القضية الأندلسية بكل أبعادها...

تحية أندلسية خالصة، من أخيك...(أبو ياسر)