المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بقايا الامبراطوريات والمثلث الملتهب



كفاح محمود كريم
28/11/2008, 01:24 PM
بقايا الإمبراطوريات والمثلث الملتهب!


في أواخر عام 1979 م كان زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر يتحدث عن أزمة الشرق الأوسط في برنامج تلفزيوني أمريكي مشيرا إلى مناطق مؤهلة للالتهاب الشديد غير مراكز السخونة المعروفة آنذاك بين العرب وإسرائيل أو بين تركيا واليونان أو حتى بين الهند والباكستان بعيدا إلى حد ما من الشرق الأوسط، وحينما طلب منه محاوره أن يحدد تلك المناطق قال له اذهب إلى الخارطة وضع إصبعك في مركز التقاء بقايا ثلاث إمبراطوريات حكمت مساحات واسعة من كوكبنا الأرضي وكان لها سيطرة وسطوة في حينها!؟
فقادني الفضول حينذاك بينما كان يتحدث إلى أطلس مدرسي كان على طرف المكتبة حينها، فذهبت إلى حيث التقاء تلك الإمبراطوريات وبقاياها اليوم في مثلث يعرف الآن بالمثلث العراقي التركي الإيراني الساخن حد الاتقاد.
بسقوط إمبراطورية آل عثمان انتهت حقبة الإمبراطوريات الكلاسيكية لكي تبدأ حقبة أخرى من دول القبائل والعشائر وتحديدا بعد معاهدة سايكس بيكو ومن ثم لوزان التي أرست خارطة تلك الدول إلى يومنا هذا على أنقاض معاهدة سيفر وعلى حساب الكورد والأرمن والفلسطينيون وغيرهم ممن قامت على أشلائهم هذه الدول وبقايا إمبراطورياتها!
واليوم وبعد ما يقارب من قرن من الزمان على انهيار تلك الإمبراطوريات وما جرى خلاله من حروب ومآسي راح ضحيتها الملايين من البشر في هذه المنطقة الملتهبة لحد يومنا هذا بسبب إصرارها على إعادة الحياة لتلك المنظومة الإمبراطورية المتوفاة؟
وخلال عشرات السنين من الصراع المستميت وترليونات من الأموال وملايين من الضحايا والمعاقين والعديد من الحروب من اجل الحصول على المفاتيح السرية للإمبراطوريات الحديثة، وهي خفايا وخبايا الأسلحة النووية التي تعتقد هذه البقايا إن امتلاكها سيعيد إليها ما فقدته وسيمنحها صفة العضوية في النادي النووي ومهمة ( اخصاء ) الآخرين من حولها، لم تتقدم أنملة واحدة هذه الدول بالاتجاه الصحيح بل على العكس تقهقرت إلى الوراء وهي تظن إنها إنما حققت انتصارات باهرة كانتصارات قادسية صدام والأنفال وأم المعارك والحواسم هنا في هذا الجزء من البقايا الإمبراطورية وما يقابلها من الطرف الآخر إلى الشرق في إيران التي انتهجت طرقا قدسية للوصول إلى النادي النووي على حساب تقهقر عشرات الملايين من البشر الذين ما زالوا يُستخدمون كفئران تجارب لدى هذه الأنظمة النووية جدا، وما يجري في آسيا الصغرى التي أصبحت تسمى بعد تقزيم الإمبراطورية العثمانية بدولة تركيا الحالمة بعضوية النادي الأوربي الذي سينقلها إلى مستوى أكثر تحضرا كما تعتقد، يدلل على فشل اتجاهاتها القمعية مع مكوناتها وأعراقها وبالذات ما يحصل بالقرب من المثلث الملتهب؟.
حقا إنه المثلث الملتهب تحت سياط أنظمة تعيش أحلام يقظتها على عذابات الشعوب وحقوق الإنسان في العيش بحرية واستقلال وسلام بعد أن فشلت وهي في أوج عظمتها من أن تحافظ على بقائها وديمومتها.، فهل سيكون هذا المثلث مفتاح هدايتها أو ربما تشرذمها وانهيارها!؟