المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لعيون عبلة



د. محمد اسحق الريفي
06/12/2008, 09:07 PM
لعيون عبلة

الشاعر المصري : مصطفى الجزار

كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترَه = فعيونُ عبلةَ أصبحَتْ مُستعمَرَه
لا ترجُ بسمةَ ثغرِها يوماً، فقدْ = سقطَت من العِقدِ الثمينِ الجوهرَه
قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ.. ليصفَحوا = واخفِضْ جَنَاحَ 'الخِزْيِ'.. وارجُ المعذرَه
ولْتبتلع أبياتَ فخرِكَ صامتاً = فالشعرُ في عصرِ القنابلِ ثرثرَه
والسيفُ في وجهِ البنادقِ عاجزٌ = فقدَ الهُويّةَ والقُوى والسيطرَه
فاجمعْ مَفاخِرَكَ القديمةَ كلَّها = واجعلْ لها مِن قاعِ صدرِكَ مَقبرَه
وابعثْ لعبلةَ في العراقِ تأسُّفاً = وابعثْ لها في القدسِ قبلَ الغرغرَه
اكتبْ لها ما كنتَ تكتبُه لها = تحتَ الظلالِ، وفي الليالي المقمِرَه
'يا دارَ عبلةَ' بالعراقِ 'تكلّمي' = هل أصبحَتْ جنّاتُ بابلَ مُقفِرَه؟
هل نَهْرُ عبلةَ تُستباحُ مِياهُهُ = وكلابُ أمريكا تُدنِّس كوثرَه؟
يا فارسَ البيداءِ.. صِرتَ فريسةً = عبداً ذليلاً أهوجاً* ما أحقرَه!!
متطرِّفاً.. متخلِّفاً.. ومخالِفاً = نَسَبوا لكَ الإرهابَ.. صِرتَ مُعسكَرَه
عَبْسٌ.. تخلّت عنكَ.. هذا دأبُهم = حُمُرٌ -لَعمرُكَ- كلُّها مستنفِرَه
في الجاهليةِ.. كنتَ وحدكَ قادراً = أن تهزِمَ الجيشَ العظيمَ وتأسِرَه
لن تستطيعَ الآنَ وحدكَ قهرَهُ = فالزحفُ موجٌ.. والقنابلُ ممطرَه
وحصانُكَ العَرَبيُّ ضاعَ صهيلُهُ = بينَ الدويِّ.. وبينَ صرخةِ مُجبَرَه
'هلاّ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالِكٍ' = كيفَ الصمودُ؟! وأينَ أينَ المقدِرَه؟!
هذا الحصانُ يرى المَدافعَ حولَهُ = متأهِّباتٍ.. والقذائفَ مُشهَرَه
'لو كانَ يدري ما المحاورةُ اشتكى' = ولَصاحَ في وجهِ القطيعِ وحذَّرَه
يا ويحَ عبسٍ.. أسلَمُوا أعداءَهم = مفتاحَ خيمتِهم، ومَدُّوا القنطرَه
فأتى العدوُّ مُسلَّحاً بشقاقِهم = ونفاقِهم، وأقام فيهم منبرَه
ذاقوا وَبَالَ ركوعِهم وخُنوعِهم = فالعيشُ مُرٌّ.. والهزائمُ مُنكَرَه
هذِي يدُ الأوطانِ تجزي أهلَها = مَن يقترفْ في حقّها شرّاً.. يَرَه
ضاعت عُبَيلةُ.. والنياقُ... ودارُها = لم يبقَ شيءٌ بَعدَها كي نخسرَه
فدَعوا ضميرَ العُربِ يرقد ساكناً = في قبرِهِ.. وادْعوا لهُ.. بالمغفرَه
عَجَزَ الكلامُ عن الكلامِ.. وريشتي = لم تُبقِ دمعاً أو دماً في المِحبرَه
وعيونُ عبلةَ لا تزالُ دموعُها = تترقَّبُ الجِسْرَ البعيدَ لتعبره

____
*كتبت "أهوجاً" بدلا من "أسوداً" اجتهادا مني!

منى حسن محمد الحاج
06/12/2008, 09:37 PM
قراءة سريعه لهذه القصيدة الباذخة الجمال الرائعة التصوير..
أستاذنا العزيز: د.الريفي.. حياك الله
أهنئك على حسن الإختيار وروعته يا أستاذنا..
قصيدة نشعر من خلالها أن الشعر العربي مازال له فرسانه الأشاوس في الميدان..
لي عودة لأقرأها بتمعن..
خالص مودتي وشكري..

د. محمد اسحق الريفي
06/12/2008, 11:11 PM
بوركت وبورك مرورك العطر أختي المكرمة المهندسة الأديبة منى حسن محمد الحاج،

لقد أحببت هذه القصيدة لأنها تتحدث عن واقعنا المزري بصدق ووضوع ودون تكلف، ولأنها تحرض شعوبنا على النهوض واليقظة من الغفلة، فجزاك الله خيرا أنت والشاعر مصطفى الجزار.

تحياتي وتقديري
وكل عام وأنتم بخير