البشــير رويني
09/12/2008, 04:12 PM
الأمير عبد القادر يعود من فرنسا
***
كتب / البشير رويني
سعدت ُ منذ مدة بالدعوة لحضور أمسية مخصصة لحياة ومآثر الأمير عبد القادر الجزائري نظمها بعض المثقفين العرب والفرنسيين هنا في العاصمة الفرنسية. وكانت المفاجأة أن الحضور على الاقل كان أكثر مما هو منتظر.
وكانت المفاجأة الثانية ان يعود الأمير على الساحة حين انتظمت في الايام الاخيرة وفي إطار جمعية الحوار المسيحي الاسلامي ندوة عن الصوفية في الاسلام وعن مآثر الأمير،وكان عنوانها التجربة الروحية و أثرها في الحوار الإسلامي المسيحي (1) وكانت المفاجأة أن أغلب المتدخلين مسيحيون فرنسيون مهتمون بالعالم العربي وبحياة وشخصية الامير ، والمفاجأة الثانية أن اللقاء احتضنته الجامعة الكاثوليكية في ليون.
ولمن يعرف قصة الكاثوليكية مع الجزائر إبان الاستعمار الفرنسي يعرف ما معنى ما عملته الكنيسة في القرن الماضي في شمال افريقيا . غير ان العجيب ان يعود الأمير وبهذه القوة على مسرح الاحداث، وفي أرض اعدائه لا في أرض قومه كما قال أحدهم.
مؤخرًا قرأتُ أن الاب كريستيان دولورم أصدر كتابا عن حياة ومذكرات الامير عبد القادر في مدينة ليون الفرنسية, وهو لعمري موضوع جدير بالاهتمام ، خاصة أنه يتعلق بحياة الامير ، واحد من أهم شخصيات تاريخنا، وفي فرنسا عدوّته الأولى يومها، وبقلم واحد من أهم رجالات الكنيسة الفرنسية و أحد مهندسي الحوار المسيحي الاسلامي هنا في فرنسا.
وفي لقائي أخيرا بـالأب كريستيان كانت الجلسة مطولة استطعتُ فيها أن اقترب أكثر من فكر وروح هذا الرجل، لاسجل له إعجابي بكتابه عن شخصية الامير، وبكتابه الاول منذ سنوات عن المهاجرين في فرنسا، وكتابه المشترك مع المثقف العربي رشيد بن الزين.
و أن يكتب رشيد بن الزين صاحب ( المفكرين الجدد في الاسلام) عن (من أجل حوار حقيقي بين المسيحيين و المسلمين) ، وأن يوقع الكتابَ الابُ كريسيتيان دولورم ، فهذا معناه الاول والابسط أن هناك امكانية التقاء مثقفين مسلمين وغير مسلمين ، عربًا و أجانب، مادامت هناك فرصة للحوار وللاستماع للآخر. وهذه – شهادة للتاريخ- إحدى ميزات الأب دولورم.
في كتابه مؤخرا عن الامير يسجل الرجل اعجابه بهذه الشخصية الجزائرية العربية المسلمة، وهو بالمناسبة ليس أول و لا آخر من يفعل ذلك. فالامير عبد القادر الذي قاد أول الثورات الكبرى الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي ولمدة أكثر من 15سنة ، أدهش بقوته وشجاعته، وحنكته ، ولكن أيضا بعلمه و أدبه، وأكثر وأكثر بتجربته الروحية العميقة هؤلاء الفرنسيين.
ومعلوم أيضا أن الامير عند القاء القبض عليه1847جيئ به الى فرنسا أسيرًا سجينًا حتي1852، وفي السجن أعجِبَ به مستعمروه وسجانوه، وكان نابوليون الثالث ، حاكم فرنسا يومها، يزوره في سجنه ويعترف بإعجابه به. ,ثم أصدر قراره باطلاق سراحه والسماح له بالهجرة الى سوريا٠ وأثناء رحيله نزل في مدينة ليون الفرنسية في 12ديسمبر بدعوة من كاردينال المدينة حينها ليحضر حفل افتتاح اكبر كنيسة فيهاويستقبله الناس هنا بالتقدير و الإعجاب. ثم كانت الدهشة أن الامير ذاته هو من يتوسط خلال وجوده في الشام في الصراع الذي دار يومها بين المسيحيين والمسلمين ، والذي كاد ينتهي بمجازر خطيرة لولا حكمة الامير، واللتي انتهت بتلقيه التهاني والجوائز من كل زعماء حكومات العالم الغربي يومها.
ولتمام الدهشة ، قررت مدينة ليون الجميلة في عيد أضوائها (8ديسمبر) أن تنشئ جائزة ثقافية باسم الامير عبد القادر الجزائري للفكر والثقافة ، وسينالها هذه السنة المفكر الجزائري الفرنسي الشهير محمد أركون على مجموع أعماله وإسهاماته في حقل الفكر الاسلامي والاسلاميات.
كما تم رسميا اختيار إحدى الساحات في قلب المدينة لتسميتها باسم الامير عبد القادر، علما أنه ليس الاسم العربي الاول لشوارع هذه المدينة العتيقة الجديدة ، بل يأتي بعد اسماء بئر حاكم، الباشاغا علي، شارع الجزائر، شارع قسنطينة...
..
وكملاحظة شخصية جدا: هناك بعض الاسماء العظيمة في تاريخنا هي محل إعجاب الغربيين أيضا (ابن رشد، ابن سينا، الغزالي؛ ابو معشر، ..الأمير عبدالقادر..)، فهل فكـّرنا يوما ان تكون هي ذاتها بوابة عبورنا الجديد الى الغرب؟!
على كل حال أنا أحلم و أتمنى..
***
كتب / البشير رويني
سعدت ُ منذ مدة بالدعوة لحضور أمسية مخصصة لحياة ومآثر الأمير عبد القادر الجزائري نظمها بعض المثقفين العرب والفرنسيين هنا في العاصمة الفرنسية. وكانت المفاجأة أن الحضور على الاقل كان أكثر مما هو منتظر.
وكانت المفاجأة الثانية ان يعود الأمير على الساحة حين انتظمت في الايام الاخيرة وفي إطار جمعية الحوار المسيحي الاسلامي ندوة عن الصوفية في الاسلام وعن مآثر الأمير،وكان عنوانها التجربة الروحية و أثرها في الحوار الإسلامي المسيحي (1) وكانت المفاجأة أن أغلب المتدخلين مسيحيون فرنسيون مهتمون بالعالم العربي وبحياة وشخصية الامير ، والمفاجأة الثانية أن اللقاء احتضنته الجامعة الكاثوليكية في ليون.
ولمن يعرف قصة الكاثوليكية مع الجزائر إبان الاستعمار الفرنسي يعرف ما معنى ما عملته الكنيسة في القرن الماضي في شمال افريقيا . غير ان العجيب ان يعود الأمير وبهذه القوة على مسرح الاحداث، وفي أرض اعدائه لا في أرض قومه كما قال أحدهم.
مؤخرًا قرأتُ أن الاب كريستيان دولورم أصدر كتابا عن حياة ومذكرات الامير عبد القادر في مدينة ليون الفرنسية, وهو لعمري موضوع جدير بالاهتمام ، خاصة أنه يتعلق بحياة الامير ، واحد من أهم شخصيات تاريخنا، وفي فرنسا عدوّته الأولى يومها، وبقلم واحد من أهم رجالات الكنيسة الفرنسية و أحد مهندسي الحوار المسيحي الاسلامي هنا في فرنسا.
وفي لقائي أخيرا بـالأب كريستيان كانت الجلسة مطولة استطعتُ فيها أن اقترب أكثر من فكر وروح هذا الرجل، لاسجل له إعجابي بكتابه عن شخصية الامير، وبكتابه الاول منذ سنوات عن المهاجرين في فرنسا، وكتابه المشترك مع المثقف العربي رشيد بن الزين.
و أن يكتب رشيد بن الزين صاحب ( المفكرين الجدد في الاسلام) عن (من أجل حوار حقيقي بين المسيحيين و المسلمين) ، وأن يوقع الكتابَ الابُ كريسيتيان دولورم ، فهذا معناه الاول والابسط أن هناك امكانية التقاء مثقفين مسلمين وغير مسلمين ، عربًا و أجانب، مادامت هناك فرصة للحوار وللاستماع للآخر. وهذه – شهادة للتاريخ- إحدى ميزات الأب دولورم.
في كتابه مؤخرا عن الامير يسجل الرجل اعجابه بهذه الشخصية الجزائرية العربية المسلمة، وهو بالمناسبة ليس أول و لا آخر من يفعل ذلك. فالامير عبد القادر الذي قاد أول الثورات الكبرى الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي ولمدة أكثر من 15سنة ، أدهش بقوته وشجاعته، وحنكته ، ولكن أيضا بعلمه و أدبه، وأكثر وأكثر بتجربته الروحية العميقة هؤلاء الفرنسيين.
ومعلوم أيضا أن الامير عند القاء القبض عليه1847جيئ به الى فرنسا أسيرًا سجينًا حتي1852، وفي السجن أعجِبَ به مستعمروه وسجانوه، وكان نابوليون الثالث ، حاكم فرنسا يومها، يزوره في سجنه ويعترف بإعجابه به. ,ثم أصدر قراره باطلاق سراحه والسماح له بالهجرة الى سوريا٠ وأثناء رحيله نزل في مدينة ليون الفرنسية في 12ديسمبر بدعوة من كاردينال المدينة حينها ليحضر حفل افتتاح اكبر كنيسة فيهاويستقبله الناس هنا بالتقدير و الإعجاب. ثم كانت الدهشة أن الامير ذاته هو من يتوسط خلال وجوده في الشام في الصراع الذي دار يومها بين المسيحيين والمسلمين ، والذي كاد ينتهي بمجازر خطيرة لولا حكمة الامير، واللتي انتهت بتلقيه التهاني والجوائز من كل زعماء حكومات العالم الغربي يومها.
ولتمام الدهشة ، قررت مدينة ليون الجميلة في عيد أضوائها (8ديسمبر) أن تنشئ جائزة ثقافية باسم الامير عبد القادر الجزائري للفكر والثقافة ، وسينالها هذه السنة المفكر الجزائري الفرنسي الشهير محمد أركون على مجموع أعماله وإسهاماته في حقل الفكر الاسلامي والاسلاميات.
كما تم رسميا اختيار إحدى الساحات في قلب المدينة لتسميتها باسم الامير عبد القادر، علما أنه ليس الاسم العربي الاول لشوارع هذه المدينة العتيقة الجديدة ، بل يأتي بعد اسماء بئر حاكم، الباشاغا علي، شارع الجزائر، شارع قسنطينة...
..
وكملاحظة شخصية جدا: هناك بعض الاسماء العظيمة في تاريخنا هي محل إعجاب الغربيين أيضا (ابن رشد، ابن سينا، الغزالي؛ ابو معشر، ..الأمير عبدالقادر..)، فهل فكـّرنا يوما ان تكون هي ذاتها بوابة عبورنا الجديد الى الغرب؟!
على كل حال أنا أحلم و أتمنى..