المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة رائعة الأديب والعالم الإنكليزي ، (أج. جي. ويلز) رواية كِبس



قحطان فؤاد الخطيب
03/10/2006, 01:23 PM
ترجمة الوجيز المقرر في المدارس الإعدادية بالعراق
من رائعة الأديب والعالم الإنكليزي ، (أج. جي. ويلز)
رواية كبس (KIPPS)
ترجمة : قحطـــــان فؤاد الخطيب
juror_qahtan1@yahoo.com

كان (أج. جي. ويلز) أبن صاحب دكان صغير . وقد واجه صراعاً حاداً قبل أن يخط لنفسه بداية حقيقية في الحياة . وبعد تلقيه تعليماً أولياً ، تم تدريبه أولاً عند تاجر ألبسة ، ومن ثم لدى صيدلي .

وفي 1880 عمل كمعلم تلاميذ في لندن ، الى أن فاز بمنحة تعليمية لدراسة العلوم في لندن . وفي 1890 حصل على درجته العلمية ، وأصبح مدرس مادة العلوم . وبنفس الوقت شرع بكتابة المقالات والقصص ، هاجراً التعليم بالكامل في 1893 ليصبح كاتباً متفرغاً .

وكُتب ويلز الأولى هي : ماكنة الوقت (1895) ، اللامنظور (1897) ، الحروب العالمية (1898) . والرجال الأوائل على القمر هي بصورة رئيسة قصص حول اقتراحات عجيبة ومغامرات غريبة .

ثم ، وبعد أن أثبت وجوداً لأول مرة بقصصه العلمية ، بدأ يكتب الروايات مثل : كبس (1905) والسيد بولي (1910) . وكلتاهما مبنيتان على خبراته الأولى كمتدرب وطالب . وهما تلمحان بشكل مدهش الى روح ومكان كتابتهما . فبالإضافة الى الفكاهة والحيوية اللتين تتمتعان بهما ، فهناك هواجس عميقة وراءهما للمشكلات والعوز التي رآها ولز في انكلترا ذلك الزمان .

الفصل الأول : شباب كبس

· تربى آرثر كبس من قبل عمه وعمته . ولم يستطع فهم السبب لماذا لم يملك أبا أو أما مثل الأطفال الصغار الآخرين . لقد امتلك ذكريات غير أكيدة عن أمه عندما كان طفلا صغيرا . لقد جلبته أمه إلى عمه ، العم كبس ، وتركته هناك . وقد عاش عمه وعمته في (نيو رومني) واحتفظا بدكان صغيرة والتي كانت جزءا من منزلهما . وباعا أشياء مختلفة مثل الكتب والصور ، الأكواب والمواعين ، الخيم وبدلات السباحة بالإضافة إلى بضعة دمى . ولم يملكا أطفالا ، ولهذا كانا سعيدين بقبول الشاب كبس . لقد كان العم كبس والسيدة كبس شكوكين بالناس . ولم يزورا احدا ولا استقبلا أي زوار . وكانا يطلبان من كبس دائماً عدم الاختلاط مع الاطفال الاخرين في القرية . وهكذا لم يملك كبس أي أصدقاء . ولكن فيما بعد تصادق مع (سد بورنيك) . كان (سد) ابن صاحب الدكان المجاور . ولم يحب العم كبس جيرانه (بورنيك) . وغالبا ما حدثت بينهما مشادات كلامية عالية بسبب امور تافهة . وبالرغم من ذلك ، اصبح ارثر كبس وسد بورنيك صديقين حميمين .

· تم ارسال كبس الى مدرسة داخلية في مدينة اخرى . ولم تكن حياة كبس في المدرسة الداخلية سارة . لكنه بالتاكيد امتلك بعض الذكريات الجيدة حول العطل والسفرات . وعندما بلغ الرابعة عشر من العمر ترك المدرسة وعاد للبيت . لقد انتهت المدرسة , وكان عمه وعمته يخططان لارساله الى فوكستن . وسيتعلم هناك كي يصبح بائعا في دكان قماش كبير .

· في الصباح التالي ، وبعد عودته للبيت نهض كبس مبكرا ثم خرج . وجلس على البوابة في اعلى الطريق الضيق الطويل المؤدي الى البحر . وبدأ يصفر الى سد بورنيك . لقد سمع صفرة مألوفة قادمة من منزل بورنيك . ثم ظهرت شقيقة سد ، وانتاب كبس شعور غريب عندما راها . لقد كانت ان اكبر سنا قليلا واطول قليلا منه . وكانت ذا شعر بني وعينين زرقاوين . وقالت " سد لايستطيع المجيء . لقد طلب منه ابي تنظيف كل الصناديق ." سأل كبس " لماذا ؟ " اجابته " لا اعرف . فأبي عصبي المزاج هذا للصباح . " قال " اوه . " وكان هناك توقف . ونظر كبس اليها باهتمام . قالت بعد توقف " لقد تركت المدرسة . " اجابها " نعم . " ثم قالت " وكذلك سد . " وكان هناك توقف اطول اخر . وقد وضعت آن يديها على أعلى البوابة . وبدأت تقفز للأعلى والاسفل . ثم قالت بعد وقت " هل تستطيع الركض ؟ " قال كبس " بالطبع . " ثم سألته
" هل تسمح لي أسبقك للأمام ؟ " سأل " الى اين ؟ " واشرت آن نحو شجرة . وذهبت الى بعد بضع ياردات امامه ثم استأنفا الركض . وقد وصلا الى الشجرة سوية . لقد كانا مسرورين ومقطوعي النفس . ثم قالت آن " نحن متساويان . " اجابها كبس " لكنني فزت . " قالت آن " كلا لم تفز . قال كبس " إذن ، لنركض مرة اخرى . " وعادا الى البوابة . وكان سد واقفا هناك . وقال كبس الى آن " لا بأس من ركضك . "

· بعد ذلك التقى كبس وآن عدة مرات . وكان كبس يفكر دائما بها . وشعر بانه وقع في حبها . وفي احد الايام قرر كبس ان يفاتحها بحبه حيث قال " آن ، انني احبك واتمنى ان تكوني صديقتي ..... اقول يا آن ، هل ستكونين صديقتي ؟ " فكرت آن لبرهة ثم قالت
" اذا تحب ذلك يا ارتي . " قالت ذلك بخفة دم . اما كبس فقد كان فرحانا جدا . واخيرا حصل على صديقة .

· ولم يعد كبس وآن الى الموضوع لعدة ايام . ثم راودته فكرة . لقد قرر كبس تقسيم قطعة النقود فئة ست بنسات الى نصفين . وسوف يحتفظ بنصف بينما آن ستحتفظ بالنصف الاخر . كانت تلك علامة على حبهما . واخبر كبس آن بالفكرة قائلا " عندما نفترق ، أنت تنظرين الى نصف قطعة النقود وانا انظر الى النصف الاخر . عندها سيفكر احدنا بالاخر . قالت آن وهي تبدو وكأن الفكرة راقت لها . قال كبس " فقط لا استطيع كسرها . لقد ناقشا تلك الصعوبة لبعض الوقت . ثم قالت آن " دعني احتفظ بها . ان ابي يملك مبردا . سوف استعمله لكي اقطعها الى نصفين . "

· مضت بضعة ايام لم يرى فيها كبس آن . وهو سوف يرحل قريبا الى فوكستن . لقد رُزمت حقيبته . لقد كان شديد اللهفة لرؤية آن قبل رحيله . لكن آن لم تكن هناك . وأخيرا وصلت حافلة فوكستن حيث صعد اليها كبس . اما عمته فقد وقفت هناك كي تودعه . وقام عمه بمساعدته في حمل الحقيبة . وما ان كانت الحافلة على وشك الحركة حتى سمع كبس صوتا يناديه . لقد كان صوت آن . وحينما راها بدأ قلبه يخفق سريعا جدا . ونظر الى وجهها ، وتلاقت عيناهما ثم تلامست يداهما . ولم يملك كبس كلمة يقولها . واخيرا قالت آن " ارتي ، لقد كسرتها هذا الصباح . " في هذا الوقت كانت الحافلة تتحرك . وقف كبس ملوحا بقبعته الجديدة لها صارخا " الوداع يا آن ! لاتنسيني بينما انا بعيد ! وبقي واقفا حتى استدارت الحافلة حول المنعطف حيث لم يعد يراها . ونظر الى يده حيث استقر نصف قطعة الست بنسات .

الفصل الثاني : دكان قماش السيد شالفورد

· كانت دكان قماش فوكستن كبيرة جدا . وكان مالكها هو السيد شالفورد . وكان صغير البنية وذا لحية الا ان شعره كان قليلا فوق راسه . وكان كبس خجولا وخائفا عندما التقى به . " انتبه يا كبس . نتوقع ان تعمل بجد ، افهمت ؟ يجب ان تدرس اهتماماتنا كما يجب ان تتبع قواعدنا . اجاب كبس بصوت منخفض ، " نعم يا سيدي . " ثم اخذ السيد شالفورد كبس الى الدكان . وصرخ السيد شالفورد باحد المساعدين : (كارشوت ، اعتن بهذا الفتى . ولاحظه فيما اذا يعمل بجد .) ثم عاد الى كبس وقال بنفس الصوت الآمر (يجب ان تقوم بكل ما يرغب به السيد كارشوت .) ثم ترك كبس هناك واستأنف المشي .

· لقد اعتبر السيد شالفورد نفسه رجل اعمال عملي . وفي الحقيقة فقد كان جاهلا وغير متعلم حتى ان لغته الانكليزية لم تكن جيدة . لقد كان مولعا بالقاء الكلمات ومدح نفسه . وقد احب المشي واصدار الاوامر . وعلق بطاقات صغيرة في جميع انحاء البناية حيث تضمنت جميعها اوامر صارمة للعمال . وغالبا ماكانت مضحكة . ولكي يصبح كبس بائعا في دكان قماش ، ويجب عليه قضاء سبعة سفرات في التدريب . وقد استغل السيد شالفورد جهود كبس ولكن اعطاه قليلا جدا بالمقابل . وقد قدم السيد شالفورد الى كبس وجبات طعام رديئة جدا اشتملت على : الخبز ، مسحوق الشاي ، البطاطس ، وبالاضافة لذلك اعطاه اجرا اسبوعيا تكون من بضعة شلنات فقط . وجعله يقتسم غرفة مع ثمانية رجال شبان اخرين . ونام كبس في سرير بارد ، ووجب عليه استعمال معطفه وعدد من الجرائد لكي يحافظ على الدفء .

· ومقابل كل هذه الوسائل للراحة وجب على كبس ان يعمل بجد . وفي الساعة السادسة والنصف وجب عليه النزول لكي يفتح النوافذ وينظف الصناديق . وفي الثامنة والنصف تناول افطارا بسيط تكون من خبز وقهوة . ثم ذهب الى دكان القماش ليحمل الصناديق والبضائع . ووجب عليه حمل الطرود البريدية والفواتير الخاصة بالدكان . كما وجب عليه تلبية اية مساعدة ضرورية مطلوبة منه . وعندما وصلت البضاعة الجديدة وجب على كبس تأشير الاسعار . وقد اخذ المحبرة ودار حول الحانوت فاذا السيد كارشوت يناديه ليجلب شيئا ما . اذا ترك المحبرة على الارض فسوف يسكبها السيد كارشوت ، واذا اخذها معه عندها سيكون السيد شالفورد بحاجة لها .

قال السيد شالفورد بغضب ( انت تؤلم اسناني . انت لا تملك نظاما اكثر من قطعة بطاطس واحدة رديئة . وفي اوقات كتلك كان كبس يشعر بكراهية قوية نحو شالفورد وزملائه . وشعر كبس بان النظام بكامله غير عادل وغبي . وفي احد الايام سمع كبس احد البائعين كبار السن يقول : ( عندما تصبح كبير السن بحيث لا تستطيع العمل فسوف يطردونك من العمل وستكون شحاذا حتى تموت . قال كبس : ( الا يستطيع العمال الكبار في السن امتلاك دكاكين خاصة بهم ؟ ) ( ياله من حلم . كيف يستطيعون امتلاك الدكاكين الخاصة بهم ؟ انهم لايملكون أي راسمال . ) كان ذلك كافيا لزيادة كراهية كبس لكل النظام .

· وفي السابعة والنصف مساء وجب على كبس وضع الستائر على البضائع والطاولات في الدكان . ثم وجب عليه كنس الدكان كما وجب عليه ايضا الانتظار حتى يغادر اخر زبون الدكان . ولم تكن هناك ساعات محدودة للعمل في دكان شالفورد . وفي التاسعة مساء تناول كبس عشاءه المتكون من خبز وجبن ثم ذهب الى غرفته متعبا جدا . وقد كانت ساقاه تؤلمانه وقدماه متقرحتين ولهذا يذهب مباشرة الى سريره واحيانا بقي كبس مستيقظا في سريره بينما كان الاخرون نياما . ثم فكر بمستقبله التعيس وتذكر ما اخبره البائع الكبير السن . وهكذا سوف تستمر حياته حتى مماته . لاتغير و لا حرية . وفي خضم هذه الافكار الحزينة لاحت صورة ان حيث بعثت الدفء في قلبه .

· وعندما ذهب كبس الى بيته في اول عيد ميلاد السيد المسيح قرر آن يرى آن . وذهب الى البوابة وصفر . لكنه لم يكن هناك جواب . وقال العم كبس “ لا فائدة من الصفير فإنهم ليسوا هناك .” وقال كبس بحزن “ ماذا ؟ ليسوا هناك ؟ “ ثم اجابه العم كبس “ كلا ، فآن آن ذهبت لتعمل كخادمة لعائلة غنية . “ وسأل كبس بلهفة “ وسد ؟ “ “ سد ذهب ايضا وهو يعمل الآن في محل دراجات في لندن . “ وقضى كبس عطل اعياد الميلاد مع عمه وعمته الا آنه شعر بالوحدة والحزن . وعندما انتهت العطلة ، عاد كبس الى
فوكستن ، الى محل بيع الأقمشة ، للعمل والمعاناة

الفصل الثالث : كبس يلتحق بالصفوف المسائية
· خلال سبع سنين من التدريب ، لم يكن كبس سعيدا ولا مقتنعا . وقد شعر بان الحياة كانت تسير خطأ . لقد كان هناك شيء مفقود . وقلما امتلك الوقت ليقرأ او يمتع نفسه . لقد شعر بانه كان جاهلا مما جعله قلقا . وهكذا قرر ان يفعل شيئا يبعث على البهجة . لقد اشترى عدة كتب وحاول ان يقرأ الا انه وجد صعوبة كبيرة فيها مما أعطاه شعورا بعدم الراحة . ثم قرر ان يرى السيد جيستر كوت من اتحاد شباب فوكستن . وقد طلب منه النصيحة . وقد كان السيد كوت رجلا غنيا مهتما بالعمل الاجتماعي . وتكلم مع كبس عن المساعدة الذاتية والتعليم الذاتي . لكن مشكلة كبس كانت : كيف يستطيع تعليم نفسه حيث امتلك وقت فراغ محدود جدا .

· وعندما انتهى التدريب ، عمل كبس كبائع في دكان قماش السيد شالفورد . وقد اعطى السيد شالفورد الى كبس عشرين باونا في العام . والان امتلك كبس وقت فراغ اكثر من السابق . وذات يوم قرأ كبس في جريدة حول صفوف تعنى بالعلوم المحلية والفن . وقد كانت صفوفا مسائية . لقد كان كبس مولعا بحفر الخشب . وهكذا التحق بذلك الصف . لقد كانت المعلمة آنسة جميلة الهندام وشابة وتدعى الانسة هيلين وشنغهام وكانت تكبره عاما واحدا ، وكان وجهها نحيفا وجميلا .وكانت عيناها رماديتين داكنتين . اما شعرها فكان اسودا . لقد درست في جامعة لندن . وقد احاطها كبس باحترام واعجاب عظيمين كما اعجب بسلوكها وطريقة تعليمها في الصف . اما الصف فكان صغيرا جدا . واحتوى على اربع سيدات وثلاثة رجال . واحيانا كان السيد جيستر كوت يحضر . واحيانا كان شقيق الانسة وشنغهام ياتي ليأخذها للبيت في نهاية وقت المحاضرة .

· وبمرور الوقت ازداد احترام واعجاب كبس بالانسة وشنغهام . وفي الصف كانت تتكلم معه وترشده وتنصحه . وقد اصغى كبس لها ونفذ اوامرها . اما خارج الصف فكان يفكر بها حيث كانت صورتها امام عينيه اينما ذهب . وذات يوم لم تستطع الانسة فتح احد الشبابيك ، فاسرع كبس لمساعدتها قائلا : “ دعيني ..... “ . الا انه لم يستطع فتحه ايضا . ثم قالت “ اوه ، من فضلك لا تزعج نفسك “ . ثم قال بصوت واطئ “ لا يوجد ازعاج “ . ولم يتمكن من فتح الشباك . ثم دفعه بقوة شديدة . عند ذلك انكسر الزجاج وجرح رسغه . قال كبس للانسة وشنغهام “ انا اسف جدا ولم اعتقد بان زجاج النافذة سينكسر هكذا . “ وقال احد الطلبة “ لقد جرحت رسغك يا كبس “ ونظر كبس الى الارض فاذا بخط طويل من الدم يتدفق من يده . ثم قالت المعلمة هيلين وشنغهام “ اتمنى انني لا اؤذيك يا كبس “ قال كبس “ كلا . “ وقالت “ انني متاكدة بانه جرح بليغ . “

· كان كبس يفكر دائما بالمعلمة هيلين وشنغهام . وقد عرف بانه احبها . الا انه لم يتجاسر على اخبارها . لقد احترمها كثيرا جدا لدرجة انه لم يستطيع التكلم عن هذا الحب . والان لم يعد كبس يفكر بآن بونك ، انه لم يرها منذ اعوام ، وعرف بانها كانت في منطقة اشفد . هذا كل ما كان . وفي بعض الاحيان اعتقد بانه لايتذكر حتى وجهها بصورة جيدة .

· وعندما انتهى الدرس الاخير في شهر ايار ، صافح الطلاب معلمتهم الانسة وشغنهام ثم غادروا . وكان كبس اخر من غادر . لقد وقف مع الانسة وشنغهام ثم نظرت اليه بفضول عندما مدت يدها حيث قالت : “ طيب يا كبس ، مع السلامة . “ واخذ يدها ثم مسكها . وعند ذلك قال “ سوف افعل أي شيء . “ ثم توقف . ولم يمتلك الشجاعة ليضيف عبارة “ سوف افعل أي شيء لاجلك . “ ثم صافح يدها وقال : “ مع السلامة . “ كان هناك توقف قليل ثم قالت “ اتمنى لك عطلة سعيدة . “ وقال “ سوف اعود للصف العام القادم على كل حال . “ ثم التفت ليخرج ، اذا بها تجيبه : “ اتمنى لك العودة . “ ثم استدار كبس نحوها قائلا : “ صحيح ؟ اجابته “ اتمنى عودتكم جميعا . “ وقال “ سافعل ذلك على كل حال . وتأكدي من ذلك . ثم نظر احدهما الى الآخر ثانية . قالت “ مع السلامة “ . ثم رفع كبس يده وغادر .

قحطان فؤاد الخطيب
03/10/2006, 01:26 PM
الفصل الرابع : كبس يلتقي بجيتالو

· في إحدى الأمسيات كان كبس راجعا للبيت . وكان يفكر بالآنسة وشنغهام . وفجأة سمع صراخا عاليا وراءه فإذا بشيء ما صدمه في ظهره وسقط على الأرض . وأحس بيد تساعده ليقف . ورأى رجلا يحمل دراجة حيث قال ( لم تصب بأذى ، أليس كذلك ؟ ) قال كبس ( هل أنت الذي صدمني ؟ ) أجاب الرجل ( كما تعلم السبب هو مقود الدراجة ، انه واطيء جدا . ) ونظر كبس إلى نفسه قائلاً ( هاهو سروالي كله ممزق . اعتقد أن ساقي تضرر . كان الواجب أن تكون حذراً . ونظر الغريب إلى سروال كبس ثم قال ( أنا آسف . اللوم يقع علي . من فضلك تفضل إلى داري وخيطه . أنا أعيش قرب هذا المكان . واسمي هو هاري جيتالو .

· كان جيتالو رجلا كبير الحجم وذا شعر احمر وعينين قهوائيتين . وربما كان عشرة سنين اكبر من كبس . قال جيتالو عندما وصلا منزله ( من الأفضل لنا أن ندع الطين يجف قبل أن ننظفه . ) ثم قال ( اجلس يا كبس . لا ... لا تجلس على ذلك الكرسي . هناك قصاصات ورق من مسرحيتي . أنا كاتب مسرحيات . وتلك مسرحيتي الجديدة . ) ثم جلسا حيث تكلم جيتالو بغبطة عن حياته والمسرح ومسرحيته . ( إنها ملهاة واعرف بأنها جيدة . إلا أن المشكلة التي أعاني منها هي أنني لم تعطى لي فرصة . ) ثم استرسل بالكلام وكبس يصغي إليه بانتباه . وأخيرا دقت الساعة معلنة العاشرة وقفز كبس من كرسـيه وقال : ( يجب أن اذهب . فانا أعيش في غرفة فوق دكان الأقمشـة . ويقفلونها في السـاعة 30 /10 مساء . ) فقال جيتالو ( أنت لا تستطيع الخروج للشارع هكذا . يوجد تمزق في سروالك عند الساق سوف أخيطه لك .

· لقد أخاط جيتالو التمزق ثم خرجا . وعندما وصلا ، وجدا بان دكان القماش مغلوق . فسأل كبس بقلق ( وماذا سأفعل ؟ ) قال جيتالو ( ابق خارجا ) ثم أضاف ( أستطيع استظافتك هذه الليلة . دعنا نرجع إلى منزلي ، أليس كذلك ؟ ) ثم رجعا حيث بدأ جيتالو الكلام عن مسرحيته ثانيا وقرأ بعض المشاهد لكبس . فقال كبس فجأة ( انتبه ، أي كبس تعني ؟ ) أجابه جيتالو فجأة ( انه شخصية في المسرحية . ) ( انتبه ، ليس من حقك وضع اسمي في مسرحيتك . ولا يجب أن تفعل أشياء كهذه . ) هذا ما قاله كبس . ثم بدأ جيتالو يشرح بأنه وجد اسم كبس في جريدة . والجريدة موضوعة في مكان ما هنا ثم قال ( دعنا نبحث عنها وبدأ البحث عنها لكنه لم يستطع إيجادها .)

· نام كبس تلك الليلة على الأريكة في بيت جيتالو . وفي الصباح شعر بالتشنج وعدم الراحة . ثم نهض ونظف ملابسه وذهب إلى دكان القماش.وكان كبس يفكر بالسيد شالفد طول الطريق إلى الدكان وكان متأكداً بان السيد شالفد سيغضب عليه . وهكذا بدأ يفكر بالأعذار الممكنة . وعندما وصل كبس ناداه السيد شالفد . ( أنت لم ترجع إلى الدكان الليلة الماضية . وقد وصلت متأخراً هذا الصباح . لا اسمح بذلك . لقد خرقت قواعدنا . أنت مطرود . تستطيع البقاء هنا حتى نهاية الأسبوع ثم تغادر .

· وقد شعر كبس بالحزن . وكان كل ما يملك هو خمسة شلنات . وكان عليه أن يبحث عن عمل آخر . لكن ذلك لم يكن سهلاً . فإذا لم يجد عملا وجب عليه الذهاب إلى بيت عمه وعمته . وماذا سيقولان ؟ فقرر عدم الكتابة لهما آنذاك . هذا أسوأ ما في النظام . هذا ما قاله احد البائعين . ثم أضاف بائع آخر ( انك تخدمهم لسنين ثم يطردونك بدون سبب عملي مطلقاً . ) وحاول بائعون آخرون تشيجعهُ .

· وفي اليوم التالي زارت هيلين وشنغهام وأمها دكان القماش . وأرادتا شراء بعض الأشرطة . ولم يرغب كبس أن تراه هيلين . ولهذا ركض واختفى في المخزن لكنه قرر أن يراها . وخرج وذهب إليها . وعندما رأته هيلين ابتسمت وقالت بصوت واضح ( صباح الخير يا كبس كيف حالك ؟ ) أجابها ( بصحة جيدة . وأنت كيف حالك ؟ ) ( صحتي جيدة ، شكرا . إنني اشتري الأشرطة . اعتقد بأنك فرحة لكونك في عطلة الآن . ) قالها كبس . ( أوه ، إنني في عطلة ، وهي تعطيني الوقت للمطالعة والقيام بأعمال كهذه . ) قالتها بابتسامة . ثم كان هناك توقف . وأراد كبس أن يخبرها بأنه كان مغادرا دكان القماش . وربما سيغادر فوكستن . وربما لن يراها ثانية . لكنه لم يملك الكلمات التي يقولها . ومضت بعض الثواني ولا أحد قال شيئا . وأخيرا قالت الآنسة وشنغهام ( طيب ، مع السلامة يا سيد كبس . ) ثم غادرت بصحبة أمها دكان القماش . واوصلهما كبس إلى الباب لكن عينيه تابعتهما بحزن وهما تهبطان نحو الشارع .

الفصل الخامس : الثروة

· في اليوم التالي دخل جيتالو دكان القماش ، حيث كان يبحث عن كبس ، الذي حاول تجنبه . لقد عانى الأمرين منه . وبسببه فقد كبس عمله . إلا انه وقبل أن يفلت رآه جيتالو الذي قال بابتسامة ” مرحبا ، يا كبس . “ أجابه كبس ، ” مرحبا ، جيتالو .“ سأل جيتالو وقد وضع يده على ذراع كبس . ” واحد وعشرون .“ قالها كبس بدهشة . ” ولماذا ؟ “ ” اسمك الأول هو آرثر . اسم أمك مارغريت كبس . “ قالها جيتالو ضاحكا . ثم أخرج قصاصة من جريدة . قال كبس بحيرة قليلة ، ” هذا صحيح . “ ” ولكن ، لم كل هذه الضجة ؟ “ قلت ذات مرة بأنني حصلت على أسماء شخصياتي من الصحف . تتذكر ذلك ، أليس كذلك ؟ حسنا . لقد حصلت على اسم كبس من جريدة . أردت أن أريك هذه الجريدة ، لكنني لم أجدها . واليوم ها قد وجدتها . قال كبس وهو لا يزال محتارا ” صحيح ؟ “ لقد اطلع جيتالو كبس على قصاصة الجريدة : ” هذه جريدة يوم الجمعة الماضي “ قال ضاحكا بانشراح . اقرأ هنا .” لقد عرفت بأنك هو المطلوب . “ استخرج كبس الجريدة ثم قرأ ، ” المحاميات ، وتسن وبين يرغبان في السماع من آرثر كبس ، ابن مارغرين سوزان كبس . المولود في ايست اكرنستيد . العمر واحد وعشرون . “ نظر كبس إلى جيتالو الذي كان لا يزال يضحك قائلاً ” أنا لا افهم .“ قال جيتالو وهو يبدو منشرحا جدا . ” الموضوع بسيط جدا . كل ما عليك عمله هو الكتابة إلى المحاميان وتسن وبين . “ لكن كبس لم يرد . لقد رأى شالفت قادما في ذلك الطريق . قال كبس بسرعة ، ” عفواً . “ ثم اختفى في الدكان . وفي المساء كتب كبس رسالة إلى المحاميين . انه لم يعرف سبب طلبه من قبلهما . واعتقد جيتالو بأن في المسألة نقودا . لكن احد البائعين اعتقد بأن من المحتمل أن تكون هناك ديونا يجب عليه دفعها .

· وبعد بضعة أيام استلم كبس رسالة من المحاميين ، وتسن وبين . لقد طلبا منه أن يزورهما . وذهب كبس إلى هناك . قال السيد بين ، ” اجلس ، يا سيد كبس . لدي شيء مهم جداً كي أخبرك عنه “ جلس كبس ، حيث كان لا زال غير متأكد من ماهية المسألة . إلا انه أمل أن لا تكون هناك عليه ديون يتعين تسديدها . سأل السيد بين ، ” هل تعرف جدك ؟ “ جاء السؤال كمفاجأة لكبس حيث قال ، ” كلا . “ قال السيد بين ، ” اعتقد أن من الأفضل أن أخبرك القصة بكاملها . إن جدك كان رجلاً ثرياً . وكان ضد زواج أبيك وأمك ، لأن أباك كان فقيراً . وهكذا لم يساعدهما . لقد ذهب أبوك إلى استراليا لكي يحسن عمله ومات هناك . “ توقف السيد بين ونظر بإمعان نحو كبس . حيث قال ، ” أنت تشبه بالضبط أمك . “ لقد تبعت أمك أباك إلى استراليا حيث ماتت هناك أيضا . لقد عرفت كل ذلك ، أليس كذلك ؟ قال كبس ، ” كلا . عمي وعمتي لم يتكلما لي حولها . “ قال السيد بين ، ” حسنا لقد شعر جدك بالذنب على الرغم من انه لم يظهر ذلك طول حياته . لقد مات الشهر الماضي . وقبل وفاته كتب وصية تاركاً لك ستة وعشرون ألف باون من منزل كبير جداً في ليزفيفوكستن . “

· عاد كبس إلى الدكان والتقى بأحد البائعين حيث قال ، ” إنني أقول ، ماذا تعتقدون حدث ؟ “ قال احد البائعين ، ” ماذا ؟ “ ” أحزر . “ ” لقد تسللت من الدكان لأن السيد شالفد موجود في لندن . “ ” وأكثر من ذلك . “ ” ماذا ؟ “ ” لقد تركت لي ثروة ! “ ” ابتعد “ ” حقاً . لقد تركت لي ثروة : ستة وعشرون ألف باون . “ قال كبس ثم دخل الدكان . لقد وقف البائع وفمه مفتوح على مصراعيه . انتشرت الأخبار بسرعة . وكان كل شخص فرحاً ومغتبطاً . كان هناك ثمة حركة في الدكان على الرغم من نظام شالفد الصارم . لقد أراد كل شخص رؤية كبس ومصافحته .

· في ذلك اليوم حزم كبس أمتعته . وفي اليوم التالي قفل عائدا بالحافلة إلى نيورمني . لقد اندهش العم كبس لدى رؤية ابن أخيه عائداً حيث قال ، ” مرحباً ، آرتي . ما الذي جلبك هنا ؟ “ ” لدي أخبار “ ” أخشى أن لا تكون طردت ، أليس كذلك ؟ لماذا جلبت حقيبتك معك ؟ لا بد أن يكون ثمة خطأ ما .“ قال عمه وهو يبدو قلقاً . قال كبس ، ” الموضوع على ما يرام . سوف أخبرك بعد دقيقة .“ ودخلا المنزل حيث ظهرت السيدة كبس . ثم قالت ، ” آرتي ، يا لها من مفاجأة ما الذي جلبك للبيت ؟“ قال كبس ، ” مرحباً يا عمتي .“ ثم جلس وجلس عمه وعمته وانتظرا شرحه . قال كبس ضاحكاً ، ” لقد حصلت على ثروة ، ستة وعشرون ألف باون .“ قالت السيدة كبس ، ” انه مخمور .“ ” نعم .“ لم يصدقه العم والعمة . واعتقدا بان شخصاً ما قد خدعه . ” لقد تخليت عن عملي في دكان الأقمشة . وأنا آسف لا أعمل مطلقاً . لدي المال الكافي .“ نظر العم كبس إلى ابن أخيه بإمعان . وان فكرة كون ابن أخيه عاطلاً لم تفرحه . وأخيرا قال ” كيف ستدير شؤونك المالية ؟“ قال كبس ، ” السيد بين سيقوم بذلك . انه محام جيد ويعرف عمله .“ ومرة أخرى لم تعجب العم كبس هذه الفكرة . وفي تلك الليلة ذهب كل شخص إلى السرير سعيداً . وأمضى كبس الليلة بكاملها يفكر بهيلين وشنغهام .

الفصل السادس : كوت يساعد كبس

· وبعد أسبوع التقى كبس بالسيد جيستر كوت في مكتبة فوكستن . لقد كان كبس يرتدي بدلة جديدة وقبعة جديدة ، كما حمل عصا ذات قبضة فضية . وكان يبدو مختلفا تماما لكنه كان يبدو نفسه من الداخل . لقد سمع كوت عن ثروة كبس ، حيث قال له ” ماذا تفعل الآن ؟ “ أجابه كبس ” القي نظرة فقط .“ ثم قال كوت ” سمعت عن ثروتك . تهانينا .“ أجاب كبس وهو يصافح كوت ” شكراً .“ لقد شعر كبس بقليل من الحرج ثم قال ” لقد أحدثت الثروة تغيرا عظيما . “ قال كوت ” انه لأمر خارق للعادة ، أليس كذلك ؟ هل ستبقى في فوكستن ؟ “ أجابه كبس ” في الوقت الحاضر ، نعم . إنني ، كما تعلم املك دارا وأنا باق فيه . هل ترغب في إلقاء نظرة عليه ؟ أجابه كوت ” بكل سرور .“ ثم خرجا ماشيين إلى دار كبس . وطرق كبس على الباب ثم فتحته الخادمة . لقد دخلا كلاهما . قال كبس ” دعنا نجلس في غرفة المطالعة . إنها ادفأ هناك . ثم صعدا للطابق العلوي .“

· لقد قام السيد كوت بمعظم الكلام فقد تكلم عن شقيقته الرسامة كما تكلم عن الناس المهمين الذين عرفهم . وكان كبس يصغي إليه برهبة وإعجاب . وبالنسبة إلى كبس فان كوت كان ذكيا ومتعلما . فقد عرف الكثيرين من الناس الأغنياء والمهمين فيما عرف كبس لا أحد منهم . لقد شعر كبس بان أجوبته كانت ركيكة . ولم يعرف ما يقول . لقد عرف كوت كل شيء بينما عرف كبس قليلاً جداً . لقد كان كبس مختلفا عن أصدقائه في دكان القماش . وهناك ، استطاع كبس الكلام بحرية معهم . وقرر إخبار كوت عن ذلك . قال كبس ” اشعر بالتخلف . وأود مواكبة الناس المتعلمين والمهمين ... الناس مثل الآنسة ( وشنغهام ) على سبيل المثال . لكنني لا أستطيع .“ توقف كبس ثم أضاف : ” اشعر وكأنني سمكة خارج الماء . عندما امتلكت النقود أولا ، اعتقدت بأنني ملكت كل شيء . والآن ، فإنني لست متأكدا .“ قال كوت ” أستطيع مساعدتك إن أردت .“ قال كبس ” لكنك مشغول جدا كي تساعدني .“ - ” لستُ مشغولا جدا لدرجة لا أساعدك يا عزيزي كبس .“ قال كبس ” انه لطف كبير منك .“ ومنذ تلك اللحظة أصبحا صديقين . حيث اخبر كوت كبس بأنه سوف يساعده ويرشده . وسوف يكون مسؤولا عنه . وسوف يعرفه على الناس الأغنياء والمهمين . وسوف يخبره عن أخطائه كما سينصحه حول القيام بالأشياء الصحيحة .

· وفي الصباح التالي زار جيتالو كبس . قال كبس ناهضا ” مرحباً .“ قال جيتالو ” عساك غير مشغول .“ قال كبس ” مجرد مطالعة قليلة .“ وتجول جيتالو حول الغرفة لفترة من الوقت ملقيا النظرات على الأشياء أثناء كلامه . ثم قال ” لقد غيرتك تلك المسرحية بشكل عظيم .“ تساءل كبس قائلاً ” أية مسرحية ؟ “ - ” المسرحية الكوميدية التي تكلمنا عنها الليلة التي التقينا فيها .“ قال كبس ” أوه ، نعم . أتذكر .“ سأل جيتالو ” طيب . هل تشتري نصف الحصة منها ؟ إنني بحاجة للنقود . ثم أضاف يقول ... سوف لن تخسر . إذا تنجح المسرحية . سوف تحصل على حصتك العادلة .“ ثم بدأ جيتالو الكلام عن المسرحية . وقد وافق كبس على شراء نصف الحصة . لقد مدح جيتالو كبس بإطراء وبشكل جهوري . واستمر يتكلم ثم يتكلم .

· دعا كوت كبس لتناول الشاي . ووصل كبس بيت كوت . وهناك التقى بشقيقة كوت التي كانت مسنة وقالت : ” لقد ذهب جيستر إلى مدرسة الفن – وسوف يعود قريبا . لقد تكلمت مع كبس حول الفن والرسم وكان كبس مرتبكا قليلاً ، حيث لن يعرف الكثير عن الرسم . وأخيرا دخل كوت . وذهب الرجلان إلى غرفة مطالعة كوت ، حيث رأى كبس كتبا كثيرة على الرفوف .“ ونظر إليهم برهبة ووقار عظيمين . قال كوت ” المطالعة ضرورية . إنها تصقل الدماغ “ أجاب كبس ” إنني اغلب الأحيان أردت المطالعة .“ قال كوت ” تستطيع الحصول على الكثير من الكتب .“ واستمرت المحادثة حول الكتب حتى تم استدعاءهما لتناول الشاي . لقد نزلا وكان كبس يخشى تناول الطعام والشراب مع ناس كهؤلاء . ولشدة دهشته وجد الآنسة هيلين وشنغهام هناك . لقد وقفت هيلين عندما رأته ومدت يدها . قالت ” لقد سمعت عن ثروتك بعد ظهر هذا اليوم تفصيليا .“ قال كبس ” يا له من شيء غريب . أنا نفسي أكاد لا اصدق .“

· في البداية كان كبس مرتبكا . لقد مسك قطعة من الخبز إلا أن نصفها وقع على الأرض . ولكن فيما بعد ، كان كبس فرحا . لقد نظر إلى هيلين بينما كانت تتحدث عن الموسيقى – ونظرت إليه وابتسمت . سألت هيلين كبس ” هل سوف تأتي إلى الحفلة الموسيقية ؟ “ تردد ثم قال ” إذا تواجدت في فوكستن ، سوف آتي إليها .“ قالت ” أنا متأكدة بأنك سوف تحب موسيقى واغنر وأكثر .“ قال ” أنا لا اعرف الكثير عن الموسيقى . ولكن إذا تحبيها ، فإنني بالتأكيد أحبها أيضا .“ وفيما بعد نظرت إليه بإمعان ثم قالت : ” يجب أن تأتي لترانا .“ أجاب كبس ” أوه ، نعم .“ لقد كان مرتبكا نوعا ما إلا انه كان سعيدا . وعندما وقف كبس لكي يغادر ، كررت هيلين دعوتها . لقد أعار كوت ثلاثة كتب إلى كبس . وقد طلب منه قراءتهم خلال الأيام القليلة التالية .

· وفي البيت فكر كبس بهيلين . وتساءل ماذا كانت فكرتها عنه . ونظر إلى نفسه في المرآة . كانت بدلته مناسبة . ولحسن الحظ لم تلحظ هيلين قبعته . لقد كانت حافتها مطوية بشكل خاطئ . لكنه لم يعرف اتجاه طي الحافة . وقرر الاستفسار من الحانوت حيث اشتراها منه عن ذلك . ثم مشى كبس إلى الطاولة حيث كان هناك كتابان مطروحين . الأول كان بعنوان ( السلوك والقواعد في المجتمع الجيد ) أما الآخر فكان بعنوان ( فن المحادثة ) . والتقط كبس الكتاب الثاني وبدأ يقرأ .

الفصل السابع : الخطوبة

· قام كبس بزيارة عائلة ولشنغهام . وكان مرتبكا منذ البداية . لقد حدث كل شيء بشكل مختلف عما جاء في كتاب ( السلوك والقواعد ) فبدلا من أن تفتح الخادمة الباب قامت الآنسة ولشنغهام بنفسها بفتحه قائلة : ” أنا جد مسرورة لمجيئك .“ أجاب ” اعتقدت بأنني سوف أقوم بالزيارة .“ ثم قادت الطريق إلى غرفة الجلوس . وقالت : ” أمي خارجة لكنها عائدة قريبا . إنني لم اذهب معها لأنه كان يجب علي كتابة شيء ما .“ قال كبس : ” آمل ألا أكون قد أوقفتك عن الكتابة .“ والآن لا أصبح مرتبكا جدا . أجابت بسرعة : ” أوه ، كلا . لقد انتهيت قبل مجيئك .“ ولم يعرف ماذا يقول . وأضافت تقول : ” أمي في لندن . وهكذا امتلك وقت فراغ . أنا عادة أطالع أو اكتب أثناء وقت فراغي .“ قال كبس : ” لقد التقيت بشقيقك ، أليس كذلك ؟“ قالت : ” لقد جاء إلى الصف مرة أو مرتين . من المحتمل جدا انك قابلتهُ ... “ ثم أضافت تقول : ” انه يؤدي الامتحان النهائي في القانون الآن . وسوف يصبح محاميا . انه أكثر حظا مني .“ قال كبس : ” أنت معلمة . ولديك صفوفك .“ أجابته : ” ذلك لا يقنعني . اعتقد بأنني سيدة طموحة .“

· ثم وصلت السيدة ولشنغهام التي صافحت كبس . وقالت إلى ابنتها : ” هيلين ، اذهبي واعدي الشاي للسيد كبس .“ وعقب كبس قائلاً : ” إنني أقول ، لا تزعجي نفسك بسببي .“ واختفت هيلين في المطبخ . ثم سألت السيدة ولشنغهام كبس : ” هل كنت احد طلبة هيلين في صف حفر الخشب ؟“ أجاب كبس : ” نعم ، ذلك هو سبب سروري ... “ ولم يستطع إيجاد الكلمات لإكمال الجملة . وقد بدأت السيدة ولشنغهام بالإطراء على ابنتها قائلة : ” كل شخص يقول بأنها معلمة جيدة .“ واستمرت قائلة : ” اعتقد بان هيلين تستطيع القيام بأي شيء بشكل متقن جدا . لقد أخبرتني حول صفها ، كما أخبرتني عن جرح يدك .“ تعجب كبس وقال : ” أوه ، ليس ذلك .“ قالت : ” أوه نعم ، وكذلك عن شجاعتك . لقد قالت بأنك كنت تبدو وكأنك غير حاس به .“ واحمر وجه كبس وقرر قضاء وقت أكثر في قراءة كتاب ( فن المحادثة ) مستقبلاً .

· وفي غضون شهرين لم يذهب كبس إلى نيو رومني . لقد بقي في فولكستن مما أعطاه الفرصة لرؤية عائلة ولشنغهام . لقد تصادق مع شقيق هيلين الذي أصبح الآن محاميا . وحتى أن كبس طلب منه إدارة شؤونه بدلا من السيد بين . لقد كان شقيق هيلين رجلا غريبا حيث امتلك اراءا قانونية غريبة أيضا لما هو صح أو خطأ .

· ونظم كبس وكوت سفرة كبيرة جدا إلى قلعة قديمة . وقد دعيا أفراد أسرة ولشنغهام وعدة أصدقاء آخرين . ولم يعرف كبس معظمهم . وفي البداية اجروا مسابقة في الزوارق ثم ذهبوا إلى الحقول المجاورة . وقد سار كبس و هيلين سوية وهما يتحدثان عن مسائل مختلفة . وفجأة ظهر ثور صغير الذي تقدم نحو هيلين وكبس . وقد شعرت هيلين بالخوف لكن كبس بقي هادئا . وفي ذلك اليوم كان مستعدا لملاقاة اسد . وقد دفع هيلين جانبا حيث قامت بتسلق السياج والقفز خارج الحقول . ودنا الثور من كبس لكن الأخير تمكن من تجنبه . وبهدوء تراجع للخلف إلى أن وصل السياج ثم تبعها .

· وفيما بعد ذهب كبس و هيلين لكي يتسلقا سلم القلعة . وكانت السيدة ولشنغهام متعبة جدا لدرجة لم تستطع التسلق . أما ابنها وكوت فقد بقيا معها . وعندما وصل كبس و هيلين القمة ، نظرا إلى الحقول أسفلهما . قال كبس :”عندما رأى منظرا وأشياء مثل ... تلك الأشياء الجميلة اشعر ... اشعر ... بالغباء .“ قالت : ” لا يجب عليك الكلام هكذا . “ قالت ذلك وهي تنظر بفضول إليه : ” أنت تحط من قدر نفسك كثيراً .“ لقد حيرته كلماتها . ثم قال وأضاف يقول : ” أتعنين انك لا تحطين من قدري ؟ “ أومأت برأسها . قال : ” ولكن – على سبيل المثال – انك لا تعتقدين بأنني أساويك ؟ “ ” لم لا ؟ “ سألته . قال : ” أوه ! ولكن في الحقيقة ... “ لم يكمل جملته . وجلس يفكر . ثم قال في النهاية : ” آنسة ولشنغهام ، هل تستطيعين مساعدتي ؟ اعني هل تحبينني ؟ أجابته : ” اعتقد بأنك الأكثر كرما والأكثر تواضعا بين الرجال . ”واستدارت برأسها ولوحت لشخص ما في الأسفل ثم قالت : ” أمي تنادينا . من الأفضل لنا النزول . “ وانتقلا إلى السلم . ثم قال :” ولكن ... هل تستطيعين إخباري ؟ “ أجابته : ” ماذا ؟ “ قال : ” هل تحبينني ؟ “ أجابته : ” نعم ولكن عدني أن لا تحط من قدرك . “ أجابها : ” أوه ، أعدك ، أعدك ... هل تعنين ... توقف وقلبه بدأ يخفق بسرعة . ونظرت إليه بإمعان وقالت : إنني أقيمك بشكل عال . “ تساءل بدهشة : ” تقيمينني ؟ “ وضحكت بصوت عال . ثم قال كبس : ” هل تتزوجينني ؟ “ أجابته وهي لا تزال تضحك ” نعم“ .

· قرر كبس طلب يد هيلين من السيدة ولشنغهام . ففي إحدى الأمسيات قام بزيارة السيدة ولشنغهام . وكان مرتبكا منذ البداية . وجلس صامتا لبرهة ثم تكلم أخيرا عن هيلين . ثم قالت : ” اعرف . اعرف كل شيء . انه يوم عظيم في حياة الأم . “ وبدأت تطري على ابنتها . وفي تلك اللحظة دخلت هيلين . وكان الاثنان خجولين . قالت السيدة ولشنغهام وهي تترك الغرفة : ” أنا متأكدة من أنكما أنتما الاثنان لديكما الكثير لتقولانه لأحدكما الآخر . “ ثم قال كبس : ” لقد اشتريت لكي محبسا اليوم . “ ثم ساد صمت بعده قال كبس : ” أنا قلما أستطيع تصديق ذلك . وأخيرا نحن مخطوبان . “ ولم يكن كبس يبدو سعيدا . لقد كان قلقا . وقالت هيلين : ” هناك بعض الأشياء التي أود التحدث معك بصددها . ” نعم“ أجابها وكان يشعر بعدم الراحة . قالت : ” اعتقد بأنك يجب أن تغير تلفظك . “ أجابها : ” طيب ، سوف اطلب من ممثل إعطائي بعض الدروس . وكلي أمل بأنني سوف أتعلم “ قالت : ” جيد . وهناك مسألة الملابس . “ وأصبح وجه كبس محمرا . قالت : ” لا يجب أن ترتدي أكثر من اللازم . إنها تجعلك تبدو وكأنك دكان . ويجب أن تتعود على كونك على راحتك عندما تكون مع الناس . وأخيرا قال كبس : ” سوف أحاول . سوف ابذل قصارى جهدي لكي أحاول . “

الفصل الثامن / كبس وسد بونيك

· قرر كبس إخبار عمه وعمته حول خطوبته لهيلين . واستأجر سيارة أجرة لفترة ما بعد الظهر كلها . وعندما وصل إلى نيو رومني استقبله عمه وعمته بحرارة . وتحدثوا عن السيارات ثم تحدثوا عن الانتقال إلى بيت جديد . واعتقد كبس بأنه وجب على عمه وعمته الانتقال إلى بيت جديد أفضل . واستمرت المناقشة فترة طويلة . وقرر كبس الخروج لفترة من الوقت . وسوف يخبرهما عن هيلين عندما يعود . وسار على امتداد الطريق الضيق المؤدي إلى البحر ، إذ كان المكان الذي عليه تسابق مع آن بونك ذات مرة . لقد وقف فوق سياج يراقب ويفكر . وعادت اله الذكريات القديمة . آن ! كيف تبدو الآن ؟ لقد امتلأ قلبه بالمشاعر الدافئة .

· وفجأة سمع صوتا وراءه يقول ” آرتي كبس !“ والتفت كبس فإذا به يرى سيد بونك . وقد تصافحا . قال سيد مبتسما ” لقد مضى وقت طويل ، يا آرتي ، منذ رأيتك آخر مرة “ ” أنت لم تتغير“ أجاب كبس وعلى صوته نبرة سعيدة ” لكنك تغيرت . إذ لديك شارب “ . سأل سد ” أظن انك في عطلة “ أجاب كبس ” نعم إلى حد ما . اخبرني عنك يا سد “ . أجابه ” اعمل في محل دراجات في لندن حيث إنني ميكانيكي واصنع الدراجات “ . وساد صمت ثم قال سد ” دعنا نلقي نظرة على المكان القديم لفترة . إنني آتي هنا من حين لآخر وأبقى مع والدي ، أتحدث وأتناول الشاي . أظن انك غير متزوج يا كبس ؟ “ . بدأ كبس يتكلم قائلاً ” إنني ... “ إلا أن سد قاطعه قائلاً ” إنني متزوج قبل عامين ولدي طفل “ . قال كبس ” لقد تمت خطوبتي أول أمس “ . قال سد ” آه ، ذلك بديع . فمن هي السيدة المحظوظة ؟“ قال ” إنها ابنة محامي في فوكستن . إنهم ناس لطفاء وأغنياء جداً “ . صرخ سد قائلا ” ماذا ؟ هل صحيح ذلك ؟ “ لقد كان كبس متأكدا الآن بان سد لم يعرف عن ثروته . فعمه وعمته لم يخبرا أحدا عن ذلك ” – كما ترى يا سد خالفني الحظ وجاءتني بعض النقود “ . قال سد وهو ينظر إلى ملابس كبس الجديدة ” كم المبلغ ؟ “ قال كبس ” حوالي ستة وعشرون ألف باون .“

· تراجع سد للوراء بدهشة قائلا ” أنت محظوظة .“ وتصافح الاثنان . وقد شعر سد بالغيرة نوعا ما لكنه حاول إخفاءها . وأضاف يقول ” انه حظ حقيقي . ولمن الأفضل إنها لك وليست لي . فلو كانت لي ، يا رجل ، لما استطعت الاحتفاظ بها .“ قال كبس ” ولكن لم لا ؟ “ قال سد ” أنا اشتراكي ولا اقبل الثروة لأنها بالنسبة لي هي عمل مسروق من الفقراء إن الموضوع كله أحمق . انظر إلى نفسك . أنت غني . و أنت من الناحية العلمية لا تفعل شيئا بل تقبض المبالغ الكبيرة كل عام . وتتكاثر الثروة كل عام . انه ظلم . فهناك آلاف العمال الذين يعملون بجد لكنهم يعاملون برداءة مقابل أجور واطئة جدا . من سيحترم القوانين والتقاليد إذا كانت الأمور حمقاء بهذا الشكل ؟ “ ثم نظر سد إلى كبس وقال ” الآن أنت غني ، انك سوف لن تتكلم مع ميكانيكي فقير مثلي .“ قال كبس ” بالطبع سوف أتكلم معك .“ قال سد ” سوف تكون كبيرا جدا . فأنت قبل الآن بدأت تشعر بالكبر .“ سأله ” ماذا تقصد ؟ “ أجاب سد ” اقصد ... أن تكون تلك السيدة التي تروم الزواج منها هي أيضا ثرية ، أليس كذلك ؟ إن الرجال الأغنياء دائما يتزوجون النساء الغنيات ، أليس كذلك ؟ “

· لقد حاول كبس تغير المحادثة حيث سأل سد عن آن . وأجابه ” إنها خادمة في اشفد . وأنا لا أحب عملها . حيث إنني لا افهم لماذا يجب على شقيقتي العمل كخادمة لدى عائلة غنية . كلا ، حتى ولو ملكوا ستة وعشرين ألف باون . إنني أتساءل ماذا ستفعل بكل هذه النقود ؟“ قالها بتفكير . وأضاف يقول ” لو جاءتني ثروة فسوف أنفقها على تحسين أحوال العمال أو ربما سوف اصدر جريدة اشتراكية .“ وساد هناك توقف ثم قال كبس ” يجب علي العودة إلى سيارة الأجرة .“ سأل سد ” ماذا ؟ استأجرت سيارة أجرة ؟ كم أجرتها ؟ “ أجاب كبس ” خمسة باونات .“ علق سد بازدراء ” خمسة باونات تمكن العائلة من البقاء بضعة أيام .“ ودخل كبس سيارة الأجرة . ولوح العم والعمة بيديهما أثناء مغادرته .

· في البيت ، جلس كبس يفكر بزيارته إلى نيو رومني . انه لم يخبر عمه وعمته عن الخطوبة . انه فكر بكلمات سد بونيك . انه لم يرغب في التخلي عن أصدقائه لأنه أصبح ثريا . وفكر بجيتالو و أصدقائه في دكان القماش . انه لم يرهم منذ وقت طويل . وربما كان سد على صواب . الثروة سوف تجعله يخسر أصدقائه القدامى . لقد شعر بالحزن والتعاسة . لقد فكر بهيلين . وقبل الخطوبة كانت هيلين كالحلم ، شيء ليس بإمكانه لمسه أو الحصول عليه . لقد نظر إليها دائما باحترام عظيم وخوف . أما الآن ، فالموقف متغير . لقد كان هناك تغير في مشاعره نحوها . فهو لا يزال معجبا بها ويخشاها إلا انه لم يعد يحبها .

الفصل التاسع / كبس وآن

· اعتقدت هيلين الآن بان لها الحق قي تعليم كبس . وهي مطلقا لم تحب أصدقاءه خصوصا جيتالو . وقد طلبت من كبس إلا يلتقي بجيتالو مرة أخرى . حيث قالت ” إن الشخص لا يستطيع معرفة كل فرد .“ أجابها كبس قائلاً ” بالطبع“ ولم يجرؤ على قول ( لا ) لها . ثم قال ” لكن جيتالو ساعدني في الحصول على نقودي . لا أحب التخلي عنه مرة واحدة .“ قالت بعد توقف ” سوف تعيش في لندن ... قريباً .“ كان أول اقتراح تقوم به حول مستقبل حياتهما بعد الزواج . ” سيكون لدينا شقة فاخرة في لندن وهناك ستكون لدينا شلتنا من الأصدقاء .“

· بدأت الآنسة كوت ( شقيقة كوت ) بتعليم كبس قيمة الفن . كما أخذته السيدة ولشنغهام إلى بعض معارض الفن أما الشاب ولشنغهام ( شقيق هيلين فقد بدأ أيضاً يعلم كبس . فقد اخبره عن عناوين مجلات المسرح الجيدة وأسماء السيكار الخاصة . علمه كيف يجلس في مطعم من الدرجة الأولى وماذا يطلب . لكن الشخص الذي علمه كثيرا هو كوت . حيث أعطاه الكتب كي يقرأها واخبره كيف يرتدي ملابس الصباح والمساء . وحتى انه اقترح عليه تغير اسمه . وقال ” عندما تنتقل إلى لندن ، غيّر اسمك إلى كايبس أو كايب . يجب أن يتناسب اسمك مع وضعك الجديد .“ أما كبس فقد كره كل هذا . وكان يبدو أن الكل بدأوا يعلمونه . لقد ضاق ضرعاً وأصبح غير سعيد ، إضافة إلى انه فقد الثقة بنفسه .

· ذهب كبس إلى نيو رومني مرة أخرى لكي يخبر عمه وعمته حول الخطوبة . وكان طوتا الطريق يفكر بحياته الجديدة . لقد كان الحصول على النقود أمرا بديعا لكن حياته الجديدة بدأت تعود عليه بالألم البالغ . لقد امتلك حياة أكثر حرية وأكثر ثقة بالنفس . لقد فقد كل ذلك في حياته الجديدة في فوكستن . وفي نيو رومني ، وبينما كان يسير نحو بيت عمه ، التقى صدفة ﺒـ ( آن بونك ) حيث صرخ قائلاً ” آن“ لقد تغيرت آن بشكل عظيم . فقد كانت الآن سيدة شابة جميلة ذا عينين زرقاوين وشعر متدل . وشعّ وجهها بالسرور عندما رأت كبس حيث قالت ” انك ارتي كبس . هل أنت في عطلة ؟“ وكان من الواضح أن سد لم يخبرها عن ثروته . لقد قرر كبس عدم إخبارها أيضا وخشي أنها سوف تتغير كما تغير أخوها . وقال ” نعم ، لدي بضعة أيام .“ أجابته آن ” وكذلك أنا .“ وسألها ” هل أنت عائدة للمنزل الآن ؟“ أجابته ” نعم .“ قال ” هل تمانعين فيما إذا نسير سوية ؟“ أجابت ” أبدا .“ ثم سارا جنبا إلى جنب ثم قال ” لقد مضى وقت طويل منذ رأيتك ، يا آن . إنها حوالي سبع أو ثمان سنوات .“ لقد تكلما براحة احدهما إلى الآخر . وسألت آن ” هل تتذكر نصف قطعة الست بنسات التي قطعناها سوية ؟“ أجاب ” نعم .“ قالت ” إنني لا زلت محتفظة به ، وماذا عن نصفك ، يا آرتي ؟“ قال كبس ” بالطبع .“ وابتسمت معه آن حيث قالت ” لم أتوقع احتفاظك به . هل لا زلت في دكان القماش ؟“ أجابها ” إنني أعيش في فوكستن .“ ثم وصلا بيت عائلة بونك . ثم سألته” هل تأتي غالبا إلى نيو رومني ؟“ أجابها ” بعض الأحيان .“ وكان هناك صمت . ومدّت آن يدها آنذاك قائلة ” لقد سررت لرؤياك .“ قال ” آن .“ ثم توقف . أجابته آن ” نعم .“ لقد نظر احدهما للآخر ثم قال ” إنني جدا مسرور لرؤيتك . وأعادني لقائك إلى الأيام الغابرة .“ وساد صمت آخر . لقد أراد كبس الحديث معها لفترة أطول كما أراد التنزه معها . غير انه اعتقد بان ليس من الحكمة القيام بذلك . وأخيرا قال” طيب ، يجب أن أغادر .“ والتفت نحو بيت عمه . وعندما نظر إلى الوراء ، كانت آن لا تزال عند البوابة فقد لوح بيده لها .

· لقد نسي كبس إخبار عمه وعمته حول خطوبته لهيلين حيث كان شارد الذهن طول الوقت . ثم عاد إلى فوكستن . وفي الدار حاول المطالعة ، إلا انه لم يستطع . وكان غارقا في التفكير . ثم نهض وفتح علبة صغيرة واستخرج نصف قطعة الست بنسات . لقد احتفظ به هناك طيلة كل تلك السنين . وفيما بعد ، تذكر بأنه لم يخبر الشخصين المسنين ( عمه وعمته ) حول خطوبته . ” سوف ينبغي عليّ الذهاب إلى نيو رومني مرة أخرى كي اخبرهما .“ هذا ما ساوره من التفكير . وخلال الأيام القليلة التالية وجد كبس نفسه غارقا بالتفكير ﺒـ ( آن ) - آن المتألقة ، الجميلة المرحبة . وعادت إلى مخيلته الأحلام العذبة ... الأحلام التي اعتقد بأنها راحت . وتذكر كيفية عودته إلى نيو رومني بمناسبة عطل أعياد الميلاد وانه لم يجدها ، وكم شعر بالوحدة آنذاك ، وكم عدد السنين التي مضت منذ ذلك التاريخ !

· وبعد بضعة أيام ذهب كبس مرة أخرى إلى نيو رومني . والتقى ﺒ آن في الشارع الرئيسي حيث أوقفها سائلا فيما إذا كان بإمكانهما المشي . قالت ” لا أمانع يا ارتي . لقد كنت فقط ذاهبة للتنزه بنفسي“ . لقد تكلما عن سد لفترة ثم تكلما عن نفسيهما حيث أعرب لها كبس عن عدم نسيانه لها . أما آن فقد قالت ” ولا أنا نسيتك ، أيضا .“ وكان ذلك الجواب سببا في سعادة كبس وفرحه . إلا انه لم يخبرها حول الثروة كما لم يخبرها عن هيلين حيث كان يخشى فقدانها إذا عرفت ذلك .

· وفيما بعد من ذلك اليوم ، بدأ كبس يفكر بمشكلته . لقد عرف بأنه أحب آن لكنه كان مخطوبا على هيلين . فقد كانت آن و هيلين على طرفي نقيض . فهيلين كانت غنية . وقد أعجب بها ، احترمها وخاف منها . إلا انه بدأ يكرهها . لقد كانت دائما تعلق على تلفظه ، ملابسه وتصرفاته . لقد جعلته يفقد الثقة بنفسه . فقد كان غير سعيد معها . أما آن فكانت مختلفة . لقد كانت رقيقة وجميلة . وكان في عينيها نظرة حنان ودفء ، إضافة إلى احترامها له والإصغاء إليه . لقد كان أكثر سعادة مع آن أكثر منه مع هيلين . وتذكر كبس أن المسنين ( عمه وعمته ) لا زالا غير عارفين عن خطوبته إلى هيلين . لقد كتب رسالة صغيرة إلى عمه و أرسلها إليه مبكرا في الصباح التالي . وبعد أربعة أيام ، نهض كبي متأخرا بعد استراحة ليلية رديئة . وبعد الفطور التفت نحو رسائله . وقد جاءت إحدى تلك الرسائل من عمه . لقد كان عمه وعمته قادمين في ذلك اليوم لرؤية هيلين إلا أن كبس كان غير مستعد لتقديمها إليها . قال بعجز والرسالة في يده ” ماذا سوف افعل ؟“ ثم أضاف يقول ” فانا لا استطيع حتى مواجهتها . لقد فات الأوان لإيقافهما من المجيء .“ ثم نهض بسرعة ، وبعد مضي عشرين دقيقة ، نزل حاملا كيسا ثقيلا ثم نادى على سيارة أجرة قائلاً :” أريد الالتحاق بالقطار التالي إلى لندن .“

ايمان حمد
04/07/2008, 10:49 PM
اكتشاف ومرور اولى ولى عوده

القصة شائقة و قد قمت برفعا ونقلها للترجمة الادبية والشعر

وساتابع قراءتها غدا لانها طويلة تحتاج تركيز

شكرا دكتورنا العزيز .. كل يوم اكتشف اشياء جديدة فى واتا

الان عرفت من كان يترجم للطلاب كتبهم المقررة :good:

لازلت تقوم باعمال جليلة حتى تبهرنا فى كل المرات !

موداتى واحترامى

أيمن السيد ابراهيم
05/07/2008, 04:29 AM
ما اروع ما صنعت وابهي ما قدمت استاذنا الجليل
بورك لنا فيك
رجاء النص الانجليزي حتي يتسني لنا (تلامذتك) ان ننتفع بهذه الترجمة القديره
تحيه خالصة
http://img53.imageshack.us/img53/3360/display6mf2me7.gif

قحطان فؤاد الخطيب
05/07/2008, 11:24 PM
سيدتي العزيزة وزميلتي الفاضلة إيمان حمد المحترمة
تحية المحبة والاحترام
وبعد

يحلو جدا الحديث إلى إيمان ، ومع إيمان ، وعن إيمان .
فقد حباها الله خواصا أنثوية مميزة قل مثيلها في سواها من
بنات جنسها .

ففي عفوية التعبير تبرز إيمان حواء من الطراز الأول ،
فيما تؤهلها مشاركاتها الرصينة لتبوء أرفع المناصب
في جامعة القلوب العربية ، الجمعية الدولية للمترجمين
واللغويين العرب .

في جعبتي ، سيدتي ، كلام كثير كثير يطال طموحاتك
العريضة في شد المتصفحين إلى الشاشة الذهبية للجمعية .

دمت أختا عزيزة لا تغيب عن الأذهان .

مع أسمى اعتباري .
قحطــــــــان الخطيب / العراق

قحطان فؤاد الخطيب
05/07/2008, 11:41 PM
أخي الوفي أيمن السيد إبراهيم المحترم
تحية طيبة
وبعد
أسرني بيانك البليغ ، وفتنني عمق معانيك ، مما جعلني أحس ، وكأنني لا حول لي ولا قوة ، أمام هذا السيل الجارف من المحبة والوفاء .

أما النص الانكليزي لوجيز رواية ((كبس)) فهو ليس تحت اليد الآن بسبب الانقطاع المزمن للتيار الكهربائي . وما دمت متلهفا لقراءة النص ، ابحث عنه في الانترنيت كأصل أو مختصر .

مع أسمى اعتباري .
قحطــــــــان الخطيب / العراق

منى حسن محمد الحاج
26/10/2008, 09:15 PM
أستاذنا العزيز: د. قحطان فؤاد الخطيب....... حياك الله وبياك
تحياتي لك وللعراق الأبية...
مجهود رائع يستحق التقدير وقصة مشوقة يا أستاذنا العزيز..
يا حبذا لو أوردت لنا النص الأصلي باللغة الإنجليزية حتى نستفيد من علمكم ويستفيد منه المترجمين الجدد..
وجودكم بواتا في حد ذاته مبعث سرور وفخر لنا..
خالص تحياتي وتقديري

محمد ياس داوود
01/12/2008, 12:16 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذنا الجليل قحطان فؤاد الخطيب حفظك الله
نشكر لك كل جهودك بأثرائنا بكتاباتك القيمة وجزاك الله خير الجزاء وأطال الله في عمرك
المحامي
محمد ياس داوود