المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عيد على الطريقة الإعتقالية



الأسير باسم الخندقجي
11/12/2008, 04:45 PM
عيد على الطريقة الإعتقالية


يوم العيد...
بالرغم من طقوسه الدينية والاحتفالية والاجتماعية إلا انه في النهاية بالنسبة للأسير الفلسطيني يوم عادي يحدد إطاره العام إدارة السجن .
العيد في هذا الأخير يختلف كثيراً لدرجة أن بعض الأسرى يعتبرونه مناسبة لإحياء واسترجاع الكثير من الذكريات الجميلة ولكن بأسلوب حزين يخلف ورائه غصة مؤلمة في روح الأسير الفلسطيني ...

إذ أن طقوس إحيائه في السجن تقتصر فقط على أداء صلاة العيد في الساحة (الغورة) ومن ثم تبادل التهاني وزيارة الاخوة الأسرى لبعضهم البعض داخل غرفهم لمدة ثلاث أو أربع ساعات مقسمة على فترتين صباحية ومسائية .. وتعتبر " زيارات الغرف"- وهذا اسمها المعروف ما بين الأسرى – نوع من تعزيز العلاقات الاجتماعية فيما بينهم .. وإضفاء جزء من خصوصية العيد وطقوسه في الخارج من خلال عبارة ( كل عام وانتم بخير ) ...

هذه هي حياة الأسير الفلسطيني داخل واقع غربته فهو يحاول دائما المحافظة على مناسبات وأجواء وطقوس لها نكهتها الخاصة وأحياناً نكهتها الطفولية مثل العيد ... وغالبا من ينجح الأسير في تكوين حيز روحي ووجداني يتلاءم ومناسبة مثل العيد وذلك من اجل أن يبقى على قيد إرادته وتحديه لواقع مظلم يسعى دائما لانتزاع الكثير من المعاني والعواطف الصادقة والنبيلة التي تحيا بتفاؤل وامل داخل قلبه ..

مجرد بعض سويعات يسرق من خلالها الأسير طقوس عيده حتى ولو كانت تلك الطقوس مشوهة بعض الشيء نتيجة لتواجدها ما بين الأسلاك الشائكة ولكنها في النهاية طقوس نشأ وترعرع عليها في مجتمع تعيش به عائلة تنتظره ..

ومن هنا .. عيد ما وراء القضبان إذ تمت مقارنته بعيد ما وراء الجدار فان المقارنة حتماً ستفقد صوابها حين تكتشف ذلك الاختلاف الأناني الموحش الذي نتج عنها .. اختلاف لا يشي بعناق دافئ حنون لوالدين ينتظران مجيء الحرية ... ولا يشي أيضا بقبلة على جبين طفل صغير وتعيده .. ولا حتى ( بمعمول العيد ) .

اختلاف يثير قوة الأمل والتحدي .. فمهما كان الحال الذي جاء به العيد ... ومهما كان الواقع الذي يعيشه الإنسان مأساويا إلا أن الأسير الفلسطيني يدرك جيدا أن العيد له منطق واحد فقط هو منطق الفرح الذي يزيد غمامة القضبان السوداء ويحطم اشد سجون الإنسانية ظلما وظلاماً .....