المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شيىء من القلب/4



عيشونة محمود
17/12/2008, 12:13 PM
تهب النسائم ويعم الزغب البحري وجه الماء، فتتراقص كرات الضوء كأنها فلك سابح، أمسك يدك فتهمس في أذني { أريدها هنا.. وترفعين أصابع يدي إلى مؤخرة رأسك،خلف أذنك اليسرى حيث تتدلى شعارات كأنها حرير الذرى لحظة اكتمالها، وتغطي دنيا ما خفي من تيه، وأمام بلاهة الرغبة تُردفين أريدك أن تدغدغ هذا التوق الجارف، امنحني أن أعيش لحظة حياة، أيها الفلك السابح الغامض ..أحبك .. } لحظة وتغمظين فوق دفئ صدري، تلجه أنفاسك شرهة الأنوثة.. أموت؟..
أو هكذا كان يترآى لي ذلك الإحساس بالموت، كلما رفعتنا رعشة اللقاء وكأننا نطير ملء الفضاء ، فتبدو الحياة جميلة حالمة ومسالمة ترى؟... هل أفرطنا في أسفارنا تلك فكانت أمنية الحياة التي لا تتكرر أبدا.. أبـدا..؟ا

يا لقطارات البلورية أسألك بالله { هل خلفك تتأهب المدن والأرياف ، القرى والمد اشر، لتذوب في الحدث الجلل..ا؟}
هكذا الحال في السجن وأنا أسأل شبح الحيطان وأحاول عبثا رسم صورة في مخيلتي، لنزلاء هاتك البقعة القصية العميقة في الأرض، شديدة العتمة واللازاجة.. و مئات الأظافر التي حفرت في الحيطان يومياتها، لتشيد أحلام أصحابها البسيطة، تنثال علي.. وتعبث بسكينة روحي ، فيزحف صداع المدن والآم المفجعين ، الذين يجوعون باستمرار ومواظبة، ويحفرون في رأسي.. وخز /الـحـقـر ة /

ولأن النسيان رحمة أحيانا، أغمض عيني وأحاول تجاهل ما أرى وأعيش ، فيقبع الواقع فوق صدري مرا ثقيلا.. وحائلا بيني ووطنا ننشده ونشتهيه، فتحضرني المقولة تلك لرجل حكيم هده الوعي وسط قوم يجهلون فكتب يقول ..(( أنا أُغمض عيني لأعيش ولأقتل أيضا وفي هذا أجدني الأقوى.. أوفيد الشاعر))
في السجن حيث اللاشيء، عدا ماض عشته، ولحظة أنت فيها، ورسائل كثيرة لم ترسل، لتدْفِن أسرارها تلك الأخاديد المتوجعة، محفورة بكثير من اللهفة.. وموزعة في قلق وفوضى عبر حيطان الزنزانة الحياة، حيث بقايا أظافر أصحابها لم تزل شاهد مأساة..؟
كنت أرى.. وأحاول عبثا، تجاهل عذابات الأصابع وهي تكسِر أظافرها في ذلك السمك والصلابة، بعدما أدرك أصحابها أن الحياة ، مجرد غانية على قارعة الحلم تنتظر رزقها بفرح يائس وذكريات عجاف..؟؟ بينما خارج الأسوار... كان الوقت يباع للقنص وكان المترفون من إمارات الخرافة
يتربصون خلف أحلامنا، يعبثون وتارة يساومون، وحين الشدة يهربون كل البحر والصحراء..؟ ناسين أو متناسين.. أننا نعرف كل شيء وأكثر من ذلك نعلم خائنة أعينهم وحقدهم الدفين.. ؟؟ !!
تمر المشاهد فأحدق بروية، وأطيل لم الوقت يطول،حتى تهزمني أتعابي، وأغرق رويدا في غيبوبة الإعياء..
في السجن لاشيء يهزمك، عدا تهمة السجن وحقيقة براءتك التي تؤلم.. !!
وأنت في السجن بتهمة انتمائك لوطن ،محكوم عليك أن تحن باستمرار إلى أمن مفتقد ، وحرية أسيرة وحبيبة مغتالة.. محكوم عليك ، أن تحسب لقدر لحظاتك الباقية، كيف تكيفها وحرية زنزانة الوقت ووحشة الحنين، وأنين الصمت المحيل على تخيل النهايات، الأكثر إيلاما للروح والذات؟.. شيء واحد لا يمكنك فعله وأنت في السجن،أن تكتفي بالطأطأة والعتمة ومراوغة المستحيل!.. ولأن العتمة في الزنزانة فرض عين تنمو للوقت أمانيه ،فهو يجتر خراب ضيقه باستمرار، ويحيلك إلى بثور أسئلة صمتك، وغلالة إبهامك الغريب..؟؟