المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرأة في حياتي وكتاباتي



ياسين حداد
18/12/2008, 11:55 PM
المرأة في حياتي وكتاباتي


إن الحديث عن المرأة يشبه الحديث عن إناء صيني قديم عمره ألاف السنين, إناء يحمل في زواياه وفي كل تلك النقوش المحفورة بمهارة على طينه , حقبا زمنية قديمة توالت عليه ,وما صموده لحد الآن أمام العوامل الطبيعية والبشرية سوى دليل على أنه أصبح أقوى أقوياء الأرض, ورغم سهولة تكسيره إلا أن قيمته التاريخية والعلمية والأدبية والفنية أعطته قوة قل نظيرها , وكل من حاول إحداث الضرر به لابد ان يفكر قبل فعلته هذه ألاف المرات .
هكذا هي المرأة في حياتي , تاريخ يمشي على الأرض, ونعمة من نعم الله على البشرية ,نعمة منا من يقدر قيمتها ومنا من لا يبالي بها .
المرأة وردة نادرة كلما سقيتها من مياه حبك وحنانك .أغرقتك في بحور عطرها.

المرأة قصة قديمة بدأت في قراءتها مند أن تعلمت الأبجدية , وإندمجت في أحداثها مند بدأت كتابة الشعر, وأصبحت البطل الرئيسي فيها مند أن عرفت أن وجودي مرتبط بوجودها في حياتي .

ولحد الأن فصول هذه القصة المشوقة لم تنتهي بعد, لكن يمكنني أن أقول بعد تجربة بسيطة في السفر فوق أقاليمها ... أنني بهده الرحلة أكون أو لا أكون.

ربما قد كتب غيري الكثير عن هذا الملاك الصغير ,عن هذا النجم الذي لا يريد منذ ألاف السنين الإنطفاء,عن هذه القطة الوديعة جداً ,والتي إذا ما إستفزيتها قد تطال وجهك مخالبها .لقد كتب غيري عن المرأة الكثير منهم من وهبها حياته من أجل إكتشاف خلجانها وأغوارها, وإكتشاف حقول النفط ومناجم الذهب والزمرد في باطن أرضها .منهم من قضى نحبه دون أن يطال شيأ ومنهم من لا يزال ينتظر دوره, منهم من أنتحر بعد فقدانه الأمل ,
ربما وأنا أكتب الأن هذه الكلمات قد أبحث دون أن أدري عن طريقة خاصة بي أنتحر بها, من يدري.

كل يوم يمضي بي تأخد المرأة حيزاً أكبر في حياتي .حين إقتحمت علي ذات يوم غرفتي وأغرتني ... عرفت أنني أصبحت في اليوم الموالي أبا لمولودة جديدة إسمها القصيدة, لقد حدث هذا منذ سنوات , فتخيلوا معي كم أصبح عدد أبنائي الأن.

كل لحظة تمضي بي, أزداد يقينا فيها أنني ما كنت أعيش حياتي قبل أن يزين هذا المولود الجميل عالمي. القصيدة وحدها من لفتت إنتباهي أن الحياة يمكن أن تعاش بطريقة أفضل , وأن المرأة لكي تفهمها, لابد أن تلاحظ أنفعالاتها حين تخاطب القصيدة مشاعرها .

إن مراقبة المرأة وهي تحاول التعبير عن ذاتها , يشبه متابعة شريط سينمائي مثير , إن فاتك مشهد واحد فيه ستختلط عليك باقي المشاهد,وستضيع متعة المشاهدة وتتبع الأحداث , ولن تملك من خيار حينها سوى إعادة مشاهدة الشريط من جديد .وأنا لا أخفيكم أنني أحاول جاهدا أن لا أضيع أي مشهد لأنني ببساطة منذ أن دخلت قاعة السينما وأنا أحس أنني بطل الفيلم, وإعادة مشاهدة فصول مثلتها سيكون برأي قمة الملل .

المرأة ومن خلال ما فهمته لحد الأن من حواري معها, أنها مخلوق وجد على الأرض من أجل إسعاد الرجل, لكن للأسف الشديدالرجل لا يريد أن يفهم أن سعادته لايمكن تتحقق بدون سعادة المرأة ,بدون إحساسها الإيجابي في دورها في الحياة والمجتمع.
المرأة مهما أدعت الدكتاتورية , فهي لا يمكن أن تنزع عنها وشم الخجل المرسوم في خديها ,وحتى إن هي مسكت السكين بيدها اليمنى , ومسكت البندقية بيدها اليسرى ,فإن كل كلمات الغضب التي قد تكون على مرمى شفاهها , يمكن أن تذوب في أي لحظة إن هي وجدت الصدر الحنون الذي يحتضنها , والقلب الدافئ الذي يسمع أحزانها ,واليد الرحيمة التي تطبطب عليها.
أكرر... المرأة خجولة بطبعها, لكن الرجل يفهم أن هذا الخجل نوع من أنواع الضعف, وسكوت المرأة يعتبره دليلا واضحا على رجولته المطلقة,وفحولته التي تسير المرأة حسب مشيئته .

المرأة كانت ولا تزال تعاني من هذا الحاكم الدكتاتوري والذي تعيش تحت سلطته منذ قرون.وستظل معاناتها الى الأبد ما لم تنزع عنها ثوب الخجل . مادامت مطالبتها بأبسط حقوقها يعتبر تمردا على سلطة القبيلة

.ومع ذلك , فإن لا أحد ينكر أن المرأة اليوم ليست هي المرأة بالأمس. لكن رغم كل شيء فإن تمردها الملاحظ على واقعها لايزال بعيدا عن رؤيتي الحقيقية لها, رأيتها تعيش حياتها بنفسها , وتقرر بكل إستقلالية مصيرها, تحب بكل حرية وترفض وتوافق بكل حرية أيضا .

المرأة في حياتي مند أن ولدت وإلى أن أحببت,من أجمل القصص التي يمكن أن يقرأها الأنسان, عندما ولدت رضعت من ثديها , و نمت ساعات بين ذراعيها , وعندما أحببت أخاطت لي قميصا صيفيا من خصال شعرها,وأهدتني منديلا أبيضا عليه أثار شفاهها.وما بين هاتين الفترتين ,كانت المرأة تحلق في سمائي كفراش البراري , بكل ما لها من أنوثة طاغية . كنت أستمتع بمشاهدة ألوانها الزاهية, وبحركاتها البهلوانية عندما كانت تتنقل بين وريقات الأزهار , كنت أشاهدها فقط دون أن أفكر بمطاردتها ,أو حتى إمساكها , لكنني حين قررت الإمساك بواحدة وقعت في غرامها ....وعشقتها

.الحياة بنظري لا يمكن أن تكون جميلة بدون إمرأة حنون تزين عالمك ,كقهوة الصباح لاطعم لها إن كانت باردة او بدون قطعة سكر, الحياة بنظري لا تكون جميلة بدون إمرأة يشع من مقلتيها بريق الأمل ,بدون إبتسامة , بدون شفاه أتعبها الشوق الى ليلة رومنسية يكون الرجل والمرأة فيهما الأبطال الحقيقين لرواية واقعية اسمها الحب...

مقدمة من كتاب أقوم بتاليفه
ياسن حداد